ج
جدو سامى 🕊️ 𓁈
عنتيل زائر
غير متصل
قصيدة أبى وقصائد أخرى لنزار قبانى
أبي
أمات أبوك؟
ضلالٌ! أنا لا يموت أبي
ففي البيت منه
روائح ربٍ.. وذكرى ***
هنا ركنه.. تلك أشياؤه
تفتق عن ألف غصنٍ صبي
جريدته. تبغه. متكاه
كأن أبي – بعد – لم يذهب
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله.. بعد لم يشرب
ونظارتاه.. أيسلو الزجاج
عيوناً أشف من المغرب؟
بقاياه، في الحجرات الفساح
بقايا النور على الملعب
أجول الزوايا عليه، فحيث
أمر .. أمر على معشب
أشد يديه.. أميل عليه
أصلي على صدره المتعب
أبي.. لم يزل بيننا، والحديث
حديث الكؤوس على المشرب
يسامرنا.. فالدوالي الحبالى
توالد من ثغره الطيب
أبي خبراً كان من جنةٍ
ومعنى من الأرحب الأرحب
وعينا أبي.. ملجأٌ للنجوم
فهل يذكر الشرق عيني أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كرومٌ، وذاكرة الكوكب
أبي يا أبي .. إن تاريخ طيبٍ
وراءك يمشي، فلا تعتب
على اسمك نمضي، فمن طيبٍ
شهي المجاني، إلى أطيب
حملتك في صحو عيني.. حتى
تهيأ للناس أني أبي..
أشيلك حتى بنبرة صوتي
فكيف ذهبت.. ولا زلت بي؟
إذا فلة الدار أعطت لدينا
ففي البيت ألف فمٍ مذهب
فتحنا لتموز أبوابنا
ففي الصيف لا بد يأتي أبي
خمس رسائل إلى أمي
صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..
وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءته
وتسألُ عن جريدتهِ
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه
لتنثرَ فوقَ كفّيه
دنانيراً منَ الذهب
سلامات
سلامات
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تختي
إلى كتبي
إلى *****ِ حارتنا
وحيطانٍ ملأناها
بفوضى من كتابتنا
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا
وينقرنا
برفقٍ من أصابعنا
مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأموي
قد زُرعت بداخلنا
كأنَّ مشاتلَ التفاح
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا
أتى أيلولُ يا أماه
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواه
وأينَ رحابُ منزلنا الكبير
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشير
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشق
يا شعراً
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلا
من ضفائره صلبناهُ
جثونا عند ركبته
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناه
أنا والفصول
لم يكن الربيع صديقي
في يومٍ من الأيام
ولا تحمست
لطبقات الطلاء الحمر، والأزرق
التي يضعها على وجهه
ولا للأشجار التي تقلد
راقصات الـ (فولي بيرجير)
الخريف وحده
هو الذي يشبهني
أُمّي
في أيام الصيف
أذهب إلى حديقة النباتات في جنيف لأزور أمي
فهي تعمل بستانية لدى الحكومة السويسرية
وتقبض عشرة فرنكات
عن كل وردةٍ شامية تزرعها لهم
==
الإستجواب
من ديوان الأعمال السياسية
ـ 1 ـ
من قتل الإمام ؟
المخبرون يملأون غرفتي
من قتل الإمام ؟
أحذية الجنود فوق رقبتي
من قتل الإمام ؟
من طعن الدرويش صاحب الطريقة
و مزق الجبة .. و الكشكول .. و المسبحة الأنيقة
يا سادتي :
لا تقلعوا أظافري .. بحثا عن الحقيقة
في جثة القتيل .. دوما .. تسكن الحقيقة .
ـ 2 ـ
من قتل الإمام ؟
عساكر بكامل السلاح يدخلون ..
عساكر بكامل السلاح يخرجون ..
محاضر ..
آلات تسجيل ..
مصورون ..
يا سادتي ..
ما النفع من إفادتي ؟
ما دمتم ـ إن قلت أو ما قلت ـ
سوف تكتبون
ما تنفع استغاثتي ؟
ما دمتم ـ إن قلت أو ما قلت ـ
سوف تضربون
ما دمتم ... منذ حكمتم بلدي
عني تفكرون ..
ـ 3 ـ
لست شيوعيا ـ كما قيل لكم ـ
يا سادتي الكرام
و لا يمينيا كما قيل لكم ـ
يا سادتي الكرام ..
مسقط رأسي في دمشق الشام
هل واحد من بينكم ؟
يعرف أين الشام ؟
هل واحد من بينكم ؟
أدمن سكنى الشام ؟
رواه ماء الشام
كواه عشق الشام
تأكدوا يا سادتي ..
لن تجدوا ..
في أسواق الورود وردة كالشام
و في دكاكين الحُلي جميعها
لؤلؤة كالشام
لن تجدوا حزينة العينين .. مثل الشام
ـ 4 ـ
لست عميلا قذرا
ـ كما يقول مخبروكم ـ سادتي الكرام
و لا سرقت قمحة
و لا قتلت نملة
و لا دخلت مركز بوليس .. يوما ..
سادتي الكرام
يعرفني في حارتي الصغير و الكبير
يعرفني الأطفال و الأشجار و الحمام
و أنبياء **** يعرفونني
عليهم الصلاة و السلام
الصلوات الخمس لا أقطعها
يا سادتي الكرام
و خطبة الجمعة لا تفوتني
يا سادتي الكرام
و غير ثديي زوجتي لا أعرف الحرام
من ربع قرن و أنا
أمارس الركوع و السجود
أمارس القيام و القعود
أمارس التشخيص خلف حضرة الإمام
يقول : ( اللهم امحق دولة اليهود )
أقول : ( اللهم امحق دولة اليهود )
يقول : ( اللهم شتت شملهم )
أقول : ( اللهم شتت شملهم )
يقول : ( اللهم اقطع نسلهم )
أقول : ( اللهم اقطع نسلهم )
يقول : ( اعزق حرثهم و زرعهم )
أقول : ( اعزق حرثهم و زرعهم )
و هكذا يا سادتي الكرام
قضيت عشرين سنة ..
أعيش في حضيرة الأغنام
أعلف كالأغنام
أنام كالأغنام
أبول كالأغنام
أدور كالحبة في مسبحة الإمام
أعيد كالببغاء ،
كل ما يقول حضرة الإمام
لا عقل لي ..
لا رأس ..
لا أقدام ..
أستنشق الزكام من لحيته
و السل من العظام
قضيت عشرين سنة
مكوما ..
كرزمة القش على السجادة الحمراء
أُجلد كل جمعة بخطبة غراء
أبتلع البيان ، و البديع ،
و القصائد العصماء
أبتلع الهراء ..
عشرين عاما ..
و أنا يا سادتي
أسكن في طاحونة
ما طحنت ـ قط ـ سوى الهواء ..
ـ 5 ـ
يا سادتي !
بخنجري هذا الذي ترونه
طعنته ..
في صدره و الرقبة
طعنته ..
في عقله المنخور مثل الخشبة
طعنته باسم أنا
و اسم الملايين من الأغنام
يا سادتي
أعرف أن تهمتي
عقابها الإعدام
لكنني
قتلت إذا قتلته
كل الصراصير التي تنشد في الظلام
و المسترخين على أرصفة الأحلام
قتلتُ إذا قتلته
كل الطفيليات في حديقة الإسلام
كل الذين يطلبون الرزق ..
من دُكَّانَةِ الإسلام
قتلت إذا قتلته
يا سادتي الكرام
كل الذين منذ ألف عام
يزنون بالكلام ..
==
أشهد أن لا امرأة إلا أنت
من ديوان أشهد أن لا امرأة إلا أنت
أشهد أن لا امرأة ..
أتقنت اللعبة إلا أنت ..
واحتملت حماقتي عشرة أعوام كما احتملت ..
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت ..
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال ..
إلا أنت
* * *
أشهد أن لا امرأة
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك , إلا أنت ..
والعقل والجنون .. إلا أنت
والملل السريع .. والتعلق السريع .. إلا أنت
أشهد أن لا امرأة ..
قد أخذت من اهتمامي نصف ما أخذت
واستعمرتني مثلما فعلت ..
وحررتني مثلما فعلت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
تعاملت معي كطفل عمره شهران .. إلا أنت ..
وقدمت لي لبن العصفور , والأزهار , والألعاب .. إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ..
كانت معي كريمة كالبحر ..
راقية كالشعر ..
ودللتني مثلما فعلت ..
وأفسدتني مثلما فعلت ..
أشهد أن لا امرأة ..
قد جعلت طفولتي تمتد للخمسين .. إلا أنت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
تقدر أن تقول إنها النساء .. إلا أنت ..
وإن في سرتها مركز هذا الكون ..
أشهد أن لا امرأة ..
تتبعها الأشجار عندما تسير .. إلا أنت ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي .. إلا أنت ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي .. إلا أنت
أشهد أن لا امرأة ..
إختصرت بكلمتين قصة الأنوثة ..
وحرضت رجولتي عليّ .. إلا أنت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
توقف الزمان عند نهدها الأيمن .. إلا أنت ..
وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر .. إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ..
قد غيرت شرائع العالم .. إلا أنت ..
وغيرت خريطة الحلال والحرام ..
إلا أنت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
تجتاحني في لحظات العشق , كالزلزال
تحرقني .. تغرقني ..
تشعلني .. تطفئني ..
تكسرني نصفين كالهلال ..
أشهد أن لا امرأة ..
تحتل نفسي أطول احتلال ..
وأجمل احتلال
تزرعني ..
ورداً دمشقياً .. ونعناعاً .. وبرتقال ..
* * *
يا امرأة ..
أترك تحت شعرها أسئلتي ..
ولم تجب يوماً على سؤال ..
يا امرأة ..
هي اللغات كلها ..
لكنها ..
تلمس بالذهن .. ولا تقال ..
* * *
أيتها البحرية العينين .. والشمعية اليدين .. والرائعة الحضور
أيتها البيضاء كالفضة .. والملساء كالبللور ..
أشهد أن لا امرأة ..
على محيط خصرها تجتمع العصور
وألف ألف كوكب يدور ..
أشهد أن لا امرأة .. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربى أول الذكور ..
وآخر الذكور
* * *
أيتها اللماحة , الشفافة , العادلة , الجميلة ..
أيتها الشهية , البهية , الدائمة الطفولة
أشهد أن لا امرأة ..
تحررت من حكم أهل الكهف .. إلا أنت ..
وكسرت أصنامهم .. وبددت أوهامهم ..
وأسقطت سلطة أهل الكهف .. إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ..
استقبلت بصدرها خناجر القبيلة ..
واعتبرت حبي لها .. خلاصة الفضيلة ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
جاءت تماماً مثلما انتظرت ..
وجاء طول شعرها , أطول مما شئت أو حلمت ..
وجاء شكل نهدها .. مطابقاً لكل ما خططت أو رسمت ..
أشهد أن لا امرأة ..
تخرج لي من سحب الدخان , إن دخنت ..
تطير كالحمامة البيضاء في فكري , إذا فكرت
يا امرأة كتبت عنها كتباً بحالها
لكنها .. برغم شعري كله ..
قد بقيت أجمل من جميع ما كتبت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
مارست الحب معها بمنتهى الحضارة
وأخرجتني من غبار العالم الثالث .. إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ..
قبلك .. حلت عقدي
وثقفت لي جسدي ..
وحاورته مثلما تحاور القيثارة ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
تمكنت أن ترفع الحب إلى مرتبة الصلاة ..
إلا أنت ..
إلا أنت ..
إلا أنت ..
==
أبو جهل.. يشتري(فليت ستريت)
من ديوان الكبريت في يدي ودويلاتكم من ورق
1
هل اختفت من لندنٍ؟
باصاتها الجميلة الحمراء
وصارت النوق التي جئنا بها من يثرب
واسطة الركوب
في عاصمة الضباب؟
2
تسرب البدو إلى
قصر بكنغهام،
وناموا في سرير الملكة
والإنجليز لملموا تاريخهم..
وانصرفوا..
واحترفوا الوقوف – مثلما كنا-
على الأطلال..
3
ها هم بنو تغلب..
في (سوهو)
وفي (فيكتوريا)..
يشمرون ذيل دشداشاتهم
ويرقصون الجاز..
4
هل أصبحت إنجلترا؟
تصحو على ثرثرة البدو..
وسمفونية النعال؟؟
5
هل أصبحت إنجلترا؟
تمشي على الرصيف، بالخف.. وبالعقال؟
وتكتب الخطب من اليمين للشمال..
سبحانه مغير الأحوال!!
6
عنترة.. يبحث طول الليل، عن رومية
بيضاء كالزبدة..
أو مليسة الفخذين.. كالهلال
يأكلها كبيضةٍ مسلوقةٍ
من غير ملح – في مدى دقيقةٍ-
ويرفع السروال!!
7
لم يبق في الباركات..
لا بط، ولا زهر، ولا أعشاب
قد سرح الماعز في أرجائها
وفرت الطيور من سمائها
وانتصر الذباب..
8
ها هم بنو عبس.. على مداخل المترو
يعبون كؤوس البيرة المبردة..
وينهشون قطعة..
من نهد كل سيدة
9
هل سقط الكبار من كتابنا
في بورصة الريال؟
هل أصبحت إنجلترا عاصمة الخلافة؟
وأصبح البترول يمشي ملكًا..
في شارع الصحافة؟؟
10
جرائد..
جرائد..
جرائد..
تنتظر الزبون في ناصية الشارع،
كالبغايا..
جرائد، جاءت إلى لندن،
كي تمارس الحرية..
تحولت – على يد النفط -
إلى سبايا…
11
جئنا لأوروبا
لكي نشرب من منابع الحضارة
جئنا.. لكي نبحث عن نافذة بحرية
من بعدما سدوا علينا عنق المحارة
جئنا.. لكي نكتب حرياتنا
من بعد أن ضاقت على أجسادنا العبارة
لكننا.. حين امتلكنا صحفاً،
تحولت نصوصنا
إلى بيان صادر عن غرفة التجارة..
12
جئنا لأوروبا
لكي نستنشق الهواء
جئنا ..
لكي نعرف ما ألوانها السماء ؟
جئنا..
هروبًا من سياط القهر، والقمع،
ومن أذى داحس والغبراء..
لكننا.. لم نتأمل زهرة جميلة
ولم نشاهد مرة، حمامة بيضاء
وظلت الصحراء في داخلنا..
وظلت الصحراء..
13
من كل صوب.. يهجم الجراد
ويأكل الشعر الذي نكتبه..
ويشرب المداد
من كل صوب.. يهجم (الإيدز) على تاريخنا
ويحصد الأرواح، والأجساد
من كل صوب.. يطلقون نفطهم علينا
ويقتلون أجمل الجياد..
فكاتب مدجن..
وكاتب مستأجر..
وكاتب يباع في المزاد
هل صار زيت الكاز في بلادنا مقدسًا؟
وصار للبترول في تاريخنا، نقاد؟؟
14
للواحد الأوحد.. في عليائه
تزدان كل الأغلفة
وتكتب المدائح المزيفة..
ويزحف الفكر الوصولي على جبينه
ليلثم العباءة المشرفه..
هل هذه صحافة
أم مكتب للصيرفه؟؟
15
كل كلام عندهم، محرم
كل كتاب عندهم، مصلوب
فكيف يستوعب ما نكتبه؟
من يقرأ الحروف بالمقلوب!
16
على الذي يريد أن يفوز
في رئاسة التحرير..
عليه.. أن يبوس
في الصباح، والمساء
ركبة الأمير..
عليه.. أن يمشي على أربعة
كي يركب الأمير!!
17
لا يبحث الحاكم في بلادنا
عن مبدع..
وإنما يبحث عن أجير…
18
يعطي طويل العمر.. للصحافة المرتزقة
مجموعة من الظروف المغلقة..
وبعدها..
ينفجر النباح.. والشتائم المنسقة..
19
ما لليساريين من كتابنا؟
قد تركوا (لينين) خلف ظهرهم
وقرروا…
أن يركبوا الجمال!!
20
جئنا لأوروبا..
لكي ننعم في حرية التعبير
ونغسل الغبار عن أجسادنا
ونزرع الأشجار في حدائق الضمير
فكيف أصبحنا، مع الأيام،
طباخين.. في مضافة الإسكندر الكبير؟.؟
21
كل العصافير التي
كانت تشق زرقة السماء
في بيروت..
وتملأ الأشجار، والبيادر..
قد أحرق البترول كبرياءها
وريشها الجميل
والحناجر..
فهي على سقوف لندنٍ..
تموت..
22
يستعملون الكاتب الكبير.. في أغراضهم
كربطة الحذاء..
وعندما يستنزفون حبره..
وفكره..
يرمونه، في الريح، كالأشلاء…
23
هذا له زاوية يومية..
هذا له عمود
والفارق الوحيد، فيما بينهم
طريقة الركوع..
والسجود..
24
لا ترفع الصوت.. فأنت آمن
ولا تناقش أبدًا مسدسًا..
أو حاكمًا فردًا..
فأنت آمن..
وكن بلا لون، ولا طعم، ولا رائحة..
وكن بلا رأي..
ولا قضية كبرى..
فأنت آمن
واكتب عن الطقس،
وعن حبوب منع الحمل –إن شئت-
فأنت آمن..
هذا هو القانون في مزرعة الدواجن..
25
كيف ترى، نؤسس الكتابة؟
في مثل هذا الزمن الصغير.
والرمل في عيوننا
والشمس من قصدير
والكاتب الخارج عن طاعتهم
يذبح كالبعير..
26
أيا طويل العمر:
يا من تشتري النساء بالأرطال..
وتشتري الأقلام بالأرطال..
لسنا نريد أي شيء منك..
فانكح جواريك كما تريد..
واذبح رعاياك كما تريد..
وحاصر الأمة بالنار.. وبالحديد..
لا أحد..
يريد منك ملكك السعيد..
لا أحد يريد أن يسرق منك جبة الخلافه..
فاشرب نبيذ النفط عن آخره..
واترك لنا الثقافه..
==
الحب لايقف على الضوء الأحمر
من ديوان الحب لايقف على الضوء الأحمر
-1-
لا تفكر أبـدا .. فالضوء أحمر ..
لا تكلم أحدا .. فالضوء أحمر
لا تجادل في نصوص الفـقهِ ..
أو في النحو ..
أو في الصرف ..
أو في الشعر ..
أو في النثر ..
إن العقل ملعونٌ ، ومكروهٌ ، ومنكر...
-2-
لا تغادر ..
ُقـنَّـكَ المختوم بالشمع .. فإن الضوءَ أحمر
لا تحب امرأة .. أو فأرة ..
إن الضوء أحمر ..
لا تـضاجع حائطا .. أو حجرا .. أو مقعـدا .. إن ضوء الجنس أحمر ..
ابق سِـرّيا ..
ولا تكشف قراراتك حتى لذبابه ..
ابق اُميّـا ..
ولا تـدخـُـل شريكا في الزنى أو في الكتابه ..
فالزنى في عصرنا ..
أهون من جرم الكتابه..
-3-
لا تفكر بعصافير الوطن ..
وبأشجار .. وأنهار .. وأخبار الوطن ..
لا تفكر بالذين اغتصبوا شمس الوطن ..
إن سيف القمع يأتيك صباحا في عناوين الجريده ..
وتفاعيل القصيده ..
وبقايا قهوتِـك
لا تنم بين ذراعي زوجتك ...
إن زُوّارك عند الـفـجر موجودون تحت الكـَـنَـبَـه..
-4-
لا تطالع كتبا في النقد أو في الفلسفه
إن زوارك عند الفجر ..
مزروعون مثل السوس في كل رفـوف المكتبه ..
ابق في برميلك المملوءِ نملاً .. وبعوضا .. وقمامه..
ابق من رجليك مشنوقا إلى يوم القيامه ..
ابق من صوتك مشنوقا إلى يوم القيامه ..
ابق من عقلك .. مشنوقا إلى يوم القيامه ..
ابق في البرميل .. حتى لا ترى وجه هذي الأمةِ المغتصبَـه ..
-5-
أنتَ لو حاولت أن تذهب للسلطان ..
أو زوجتهِ ..
أو صِـهرهِ ..
أو كلبهِ المسؤول عن أمن البلاد ..
والذي يأكل أسماكا .. وتفاحا .. وأطفالا ..
كما يأكل من لحم العباد ..
لوجدت الضوءَ أحمر ..
-6-
أنتَ لو حاولت أن تقرأ يوما
نشرة الطقس .. وأسماء الوفيات .. وأخبار الجرائم ..
لوجدت الضوء أحمر ..
أنت لو حاولت أن تسأل عن سعر دواء الربو ..
أو أحذية الأطفال ..
أو سعر الطماطم ..
لوجدت الضوء أحمر ..
أنت لو حاولت أن تقرأ يوما صفحة الأبراج ..
كي تعرف ما حظك قبل النفط ..
أو حظك بعد النفط ..
أو تعرف ما رقمك ما بين طوابير البهائم ..
لوجدت الضوء أحمر ..
-7-
أنت لو حاولت ..
أن تبحث عن بيتٍ من الكرتون يأويكَ .. أو سيدةٍ ـ من بقايا الحرب ـ ترضى أن تــُـسلـّـيكَ..
وعن نهدين معطوبين ..
أو ثلاجةٍ مستعمله ..
لوجدت الضوء أحمر ..
أنت لو حاولت ..
أن تسأل أستاذك في الصف .. لماذا؟
يتسلى عرب اليوم بأخبار الهزائم ؟
ولماذا عرب اليوم زجاجٌ فوق بعضٍ يتكسر ؟
لوجدت الضوء أحمر ..
-8-
لا تسافـر بجواز عربي ..
لا تسافـر مرة أخرى لأوروبا
فـأوروبا ـ كما تعلم ـ ضاقـت بجميع السفهاء ..
أيها المنبوذُ ..
والمشبوه ..
والمطرود من كل الخرائط
أيها الديك الطعين الكبرياء ..
أيها المقتول من غير قـتال ..
أيها المـذبوحُ من غير دماء ..
لا تسافر لبلاد **** ..
إن **** لا يرضى لقاء الجبناء..
-9-
لا تسافر بجواز عربي ..
وانـتظر كالجرذ في كل المطارات ،
فإن الضوء أحمر ..
لا تقل باللغة الفصحى ..
أنا مروان ُ..
أو عدنان ..
أو سحبان
للبائعة الشقراءِ في ( هارودز )
إن الإسم لا يعني لها شيئا ..
وتاريخك ـ يا مولاي ـ تـــاريخ مزوّر ..
-10-
لا تفاخر بـبطولاتك في ( الليدو)
فسوزان ُ..
وجانين ..
وكوليت ..
وآلاف الفرنسيات .. لم يقرأن يوما قصة الزير وعنتر ..
يا صديقي :
أنت تبدو مضحكا في ليل باريس ..
فـَـعُـد فورا إلى الفندق ..
إن الضوء أحمر ..
-11-
لا تسافـر ..
بجواز عربي بين أحياء العرب !!
فهم من أجل قرشٍ يقتلونك ..
وهم ـ حين يجوعون مساءً ـ يأكلونك لا تكن ضيفا على حاتم طيّ
فهو كذاب ٌ..
ونصاب ..
فلا تخدعك آلاف الجواري ..
وصناديق الذهب ..
-12 -
يا صديقي :
لا تـَــسِر وحدك ليلا
بين أنياب العرب ..
أنت في بيتك محدود الإقامه ..
أنت في قومك مجهول النسب ..
يا صديقي :
رحم **** العرب !!.
==
إلى صاحبة السمو .. حبيبتي سابقاً
من ديوان أشعار خارجة على القانون
.. وتزوجت أخيرا ..
بئر نفط ..
وتصالحت مع الحظ أخيرا ..
كانت السحبة – يا سيدتي – رابحة
ومن الصندوق أخرجت أميرا ..
عربي الوجه .. إلا أنه ..
ترك السيف يتيماً .. وأتى
يفتح الدنيا شفاهاً .. وخصورا
فاستريحي الآن .. من عبء الهوى
طالما كنت تريدين أميرا ..
تتسلين به وقتاً قصيرا ..
يتسلى بك – يا سيدتي – وقتاً قصيرا
ويمد الأرض ، من تحتك ، ورداً وحريرا
فاشربي نفطاً .. وسبحان الذي
جعل البترول مسكاً وعبيرا ..
.. وتزوجت أخيراً ملكاً ..
من ملوك الخلفاء الراشدين
وملكت الدين والدنيا معاً ..
فاسجدي شكراً لرب العالمين
رازق الطير على أشكالها ..
مسقط الغيث ، ملاذ التائهين
باعث الأموات من أكفانهم
باريء المرضى ، وكافي المعدمين
واهب النفط لمن يختارهم
من بنيه الصالحين ..
.. كانت السحبة يا سيدتي رابحة
- مثلما قدرت – والصيد ثمين
وأنا غير حزين ..
لا تظني أبداً .. أني حزين
فأنا أعلم ، يا سيدتي ، علم اليقين
ما تسرين .. وماذا تعلنين
وأنا يا سيدتي
أكثر الخيل التي كنت عليها تلعبين ..
وأنا أعرف يا سيدتي
كيف خططت سنيناً ملكاً ..
من ملوك الخلفاء الراشدين ..
لم يفاجئني الخبر ..
حين طالعت الجريده ..
ورأيت الشمع ، والأطفال ، والثوب الموشى بالذهب
ورأيت الرجل المسحوب بالقرعة ..
معروضاً كبرواز الخشب ..
لم يحركني الخبر ..
حين شاهدتك في كل الصور
تتثنين كطاووس .. شمالاً ويميناً
وتذوبين حياء وخفر
وتشدين على كف النبي المنتظر ..
لم يساورني العجب
فهواياتك كانت دائماً ..
جمع فرسان الخشب ..
.. وتأملت شعوري ..
وأنا أقرر أخبار زفافك
كيف لم أحزن .. ولم أفرح ..
ولا طرت سرورا ..
كيف لم أعبأ .. ولم أبرق ..
ولم أرسل زهورا ..
كيف في ثانية مات شعوري ..
فالتي أشعلت في معبدها قنديل عمري
لم تعد تعني قليلاً أو كثيرا ..
كيف ألقيت على الأرض الجريده ؟
ونسيت العرس أضواء ، ورقصاً ، وكؤؤوسا
وتأملت التصاوير أمامي ..
غير أني لم أجد فيها العروسا ..
.. وتسليت كثيرا ..
حين أبصرتك يا سيدتي ،
تقطعين الكعكة الكبرى ..
وتمشين كما تمشي اللعب
وتمضين أمام الناس براوز الخشب
وتشيدين بأنساب قريش
وفتوحات العرب ..
وتعجبت لنفسي ..
لم أكن أشعر في أي أسى
لم أكن أشعر في أي غضب ..
فانا عرفت يا سيدتي
أن أحلامك أن تلتقطي ..
بدوياً عاشقاً ..
يرهن التاريخ عند امرأة ..
ويبيع **** في جلسة جنس وطرب ..
*
ألف مبروك .. أيا سيدتي
وأدام **** بترول العرب ..
==
خبز وحشيش وقمر
من ديوان أحلى قصائدي الأعمال السياسية
عندما يُولدُ في الشرقِ القَمرْ
فالسطوحُ البيضُ تغفو...
تحتَ أكداسِ الزَّهرْ
يتركُ الناسُ الحوانيتَ.. ويمضونَ زُمرْ
لملاقاةِ القمرْ..
يحملونَ الخبزَ، والحاكي، إلى رأسِ الجبالْ
ومعدَّاتِ الخدرْ..
ويبيعونَ، ويشرونَ.. خيالْ
وصُورْ..
ويموتونَ إذا عاشَ القمرْ
ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ
ببلادي..
ببلادِ الأنبياْ..
وبلادِ البسطاءْ..
ماضغي التبغِ، وتجَّارِ الخدرْ
ما الذي يفعلهُ فينا القمرْ؟
فنضيعُ الكبرياءْ
ونعيشُ لنستجدي السماءْ
ما الذي عندَ السماءْ
لكُسالى ضعفاءْ
يستحيلونَ إلى موتى..
إذا عاشَ القمرْ..
ويهزّونَ قبور الأولياءْ
علّها..
ترزقُهم رزّاً وأطفالاً..
قبورُ الأولياءْ..
ويمدّونَ السجاجيدَ الأنيقاتِ الطُررْ
يتسلّونَ بأفيونٍ..
نسمّيهِ قدرْ..
وقضاءْ..
في بلادي..
في بلادِ البسطاءْ..
أيُّ ضعفٍ وانحلالْ
يتولانا إذا الضوءُ تدفّقْ
فالسجاجيدُ، وآلاف السلالْ
وقداحُ الشاي.. والأطفال.. تحتلُّ التلالْ
في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويعيشونَ على الضوءِ الذي لا يبصرونْ
في بلادي..
حيثُ يحيا الناسُ من دونِ عيونْ
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويصلّونَ، ويزنونَ، ويحيونَ اتّكالْ
منذُ أن كانوا.. يعيشونَ اتّكالْ
وينادونَ الهلالْ:
" يا هلالْ..
أيها النبعُ الذي يمطرُ ماسْ
وحشيشاً.. ونُعاسْ
أيها الربُّ الرخاميُّ المعلّقْ
أيها الشيءُ الذي ليسَ يُصدَّقْ
دُمتَ للشرقِ.. لنا
عنقودَ ماسْ
للملايينِ التي قد عُطِّلت فيها الحواس "
في ليالي الشرقِ لمّا
يبلغُ البدرُ تمامهْ..
يتعرّى الشرقُ من كلِّ كرامهْ
ونضالِ..
فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالِ..
والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ..
وفي يومِ القيامهْ..
الملايينُ التي لا تلتقي بالخبزِ.. إلا في الخيالِ
والتي تسكنُ في الليلِ بيوتاً من سعالِ..
أبداً.. ما عرفتْ شكلَ الدواءْ..
تتردّى..
جُثثاً تحتَ الضياءْ..
في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويموتونَ بكاءْ
كلّما طالعهم وجهُ الهلالِ
ويزيدونَ بكاءْ
كلّما حرّكهم عودٌ ذليلٌ.. و"ليالي"..
ذلكَ الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..
"ليالي".. وغناءْ
في بلادي..
في بلادِ البُسطاءْ..
حيثُ نجترُّ التواشيحَ الطويلهْ..
ذلكَ السلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..
التواشيحُ الطويلهْ
شرقُنا المجترُّ.. تاريخاً.. وأحلاماً كسولهْ
وخُرافاتٍ خوالي..
شرقُنا، الباحثُ عن كلِّ بطولهْ
في (أبي زيدِ الهلالي)..
==
من قتل مدرس التاريخ
من ديوان خمسون عاما في مديح النساء هوامش على الهوامش
ـ 1 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و لوننا المفضل السواد
نفوسنا سواد
عقولنا سواد
داخلنا سواد
حتى البياض عندنا
يميل إلى السواد ...
ـ 2 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و كل ما يحدث في حياتنا
مسلسل استبداد
الوطن استبداد
و الهجرة استبداد
و الصحف الرسمية استبداد
و الشرطة السرية استبداد
و الزوجة استبداد
و عشقنا لامرأة جميلة جدا
هو استبداد ! !
ـ 3 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و كل *** عندنا تجري على ثيابه
دماء كربلاء ..
و الفكرفي بلادنا
أرخص من حذاء ...
و غاية الدنيا لدينا :
الجنس ... و النساء ! !
ـ 4 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و نحن من يوم تخاصمنا
على النسوان في غرناطة ..
تفككت أمتنا ..
و هرهرت دولتنا
و طارت بلادنا ! !
ـ 5 ـ
الشجر الأطول في بلادي
شجر الأحفاد !ّ! ..
ـ 6 ـ
يدهشني
بأن كل وردة في وطني
تلبس في زفافها
ملابس الحداد ..
ـ 7 ـ
ليس لدينا أمة خالدة
أو دولة واحدة
و إنما أفراد ...
ـ 8 ـ
هل هذه جرائد تقرؤها ؟
أم أنها جنازة
و دعوة للحزن و الحداد
ـ 9 ـ
نصوصنا منقولة
أصواتنا ..
تخرج من حناجر الأجداد ..
ـ 10 ـ
أكره ( ألف ليلة ) ..
و أكره النوم كمجدوب
على دراع شهرزاد ...
ـ 11 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
أطفالنا ما شاهدوا في عمرهم
قوس قزح ...
ـ 12 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و نحن من يوم خرجنا من فلسطين
و من ذاكرة الليمون ، و الخوخ ،
تحولنا إلى رماد ...
ـ 13 ـ
و نحن من يوم تركنا بحر بيروت
تركنا خلفنا
أثداء أمهاتنا
وورد ذكرياتنا
وبيت حرياتنا
كما تركنا خلفنا ،
شهادة الميلاد ...
ـ 14 ـ
لقد أكلنا بعضنا بعضا
فهل تعذرنا الأسماك و الجراد ؟ ...
ـ 15 ـ
حتى ثياب **** في بلادنا
تباع بالمزاد ! ! ...
ـ 16 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
ما طار طير عندنا إلا انذبح ..
و لا *** جاءنا
إلا بأيدينا انذبح ..
و لا أتانا مصلح .. أو مبدع ..
أو كاتب .. أو شاعر ..
إلا على وسادة الشعر .. انذبح !!
ـ 17 ـ
محرم في وطني
تنقل الهواء ..
محرم تنقل الكحلة
في أعين النساء ..
محرم تنقل القيدة ..
محرم .. محرم ..
تنقل الأفعال .. و الأسماء
ـ 18 ـ
يَرْتَعِبُ الحكام
في العلم الثالث ، من صوت العصافير
و من ضَوْعِ الأزاهير
و من زرقة الحمام ..
و يدخلون البحر للسجن إذا أسرف في الكلام
صعب على الحكام في عالمنا الثالث
أن يصالحوا الفكر ..
و أن يصادقوا الأقلام ..
هل يستطيع الذئب أن يصادق الأغنام ؟؟
ـ 19 ـ
في سالف الزمان .. كنا
أمراء الشعر ، و البيان ، و البديع ، و الخطابة
و أصبحت مهمتنا الآن ..
بأن نفترس الكتابة !!
ـ 20 ـ
أول قصر من قصور العلم و الثقافة
أسسه الخليفة المأمون
و جاء حكام إلى بلادنا ، من بعده
تخصصوا في مهنة القتل ..
و في هندسة السجون !!
ـ 21 ـ
في زمن الطفولة
قرأت آلاف الأقاصيص
عن النخوة .. و النجدة .. و العزة
و الإباء .. و الفداء .. و السخاء .. و الشجاعة
ثم اكتشفت عندما دخلت في الكهولة
بأن نصف ما قرأته في حصة التاريخ ،
ما كان سوى إشاعة ...
==
من يوميات كلب مثقف
من ديوان قصائد مغضوب عليها
مولاي .... مولاي
لا أريد منك ياقوتاً.. ولا ذهب
ولا أريد منك أن تلبسني
الديباج والقصب
كل الذي أرجوه أن تسمعني
لأنني أنقل في قصائدي إليك
جميع أصوات العرب
جميع لعنات العرب..
*
إن كنت –يا مولاي-
لا تحب الشعر والصداح
فقل لسيافك أن يمنحني
حرية النباح...
*
يا سيدي
لاشك أنك قادر أن تقطع الأعناق
وتقطع الأرزاق
لكن.. لماذا أنت ضد العشق والعشاق؟
والحبر والأوراق؟
*
لديك كل ما تطلبه
الجند والسجون والمشانق
والبرق والرعود والصواعق
وعندك الميزان والحساب
وعندك الثواب والعقاب
أما أنا فمهنتي أن أزرع الزنابق
وأطلق الحمام
وأنت من طبعك يا سيدنا
أن تطلق النار على الحمام
*
يا سيدي.. يا سيدي
قل لي لماذا أنت ضد الزرع والأعشاب
قل لماذا أنت ضد البحر والأمطار والسحاب
يا أيها الحامل -عن جدارة- الدولة في الإرهاب
قل لي لماذا تكره الكتاب
قل لي لماذا تخشى على ملكك
من قواعد الإملاء والإعراب
قل لي لماذا أنت يا سيدنا تخاف من
ثقافة الكلاب؟
==
هجم النفط مثل ذئب علينا
من ديوان قصائد مغضوب عليها
من بحارِ النزيفِ.. جاءَ إليكم
حاملاً قلبهُ على كفَّيهِ
ساحباً خنجرَ الفضيحةِ والشعرِ،
ونارُ التغييرِ في عينيهِ
نازعاً معطفَ العروبةِ عنهُ
قاتلاً، في ضميرهِ، أبويهِ
كافراً بالنصوصِ، لا تسألوهُ
كيفَ ماتَ التاريخُ في مقلتيهِ
كسَرتهُ بيروتُ مثلَ إناءٍ
فأتى ماشياً على جفنيهِ
أينَ يمضي؟ كلُّ الخرائطِ ضاعت
أين يأوي؟ لا سقفَ يأوي إليهِ
ليسَ في الحيِّ كلِّهِ قُرشيٌّ
غسلَ **** من قريشٍ يديهِ
هجمَ النفطُ مثل ذئبٍ علينا
فارتمينا قتلى على نعليهِ
وقطعنا صلاتنا.. واقتنعنا
أنَّ مجدَ الغنيِّ في خصيتيهِ
أمريكا تجرّبُ السوطَ فينا
وتشدُّ الكبيرَ من أذنيهِ
وتبيعُ الأعرابَ أفلامَ فيديو
وتبيعُ الكولا إلى سيبويهِ
أمريكا ربٌّ.. وألفُ جبانٍ
بيننا، راكعٌ على ركبتيهِ
من خرابِ الخرابِ.. جاءَ إليكم
حاملاً موتهُ على كتفيهِ
أيُّ شعرٍ تُرى، تريدونَ منهُ
والمساميرُ، بعدُ، في معصميهِ؟
يا بلاداً بلا شعوبٍ.. أفيقي
واسحبي المستبدَّ من رجليهِ
يا بلاداً تستعذبُ القمعَ.. حتّى
صارَ عقلُ الإنسانِ في قدميهِ
كيفَ يا سادتي، يغنّي المغنّي
بعدما خيّطوا لهُ شفتيهِ؟
هل إذا ماتَ شاعرٌ عربيٌّ
يجدُ اليومَ من يصلّي عليهِ؟...
من شظايا بيروتَ.. جاءَ إليكم
والسكاكينُ مزّقت رئتيهِ
رافعاً رايةَ العدالةِ والحبّ..
وسيفُ الجلادِ يومي إليهِ
قد تساوت كلُّ المشانقِ طولاً
وتساوى شكلُ السجونِ لديهِ
لا يبوسُ اليدين شعري.. وأحرى
بالسلاطينِ، أن يبوسوا يديهِ
==
حجة سخيفة
أحمد مطر
بيني وبين قاتلي حكاية طريفة ،
فقبل أن يطعنني حلفني بالكعبة الشريفة ،
أن أطعن السيف أنا بجثتي، فهو عجوز طاعن وكفه ضعيفة ،
حلفني أن أحبس الدماء عن ثيابه النظيفة ،
فهو عجوز مؤمن سوف يصلي بعدما يفرغ من تأدية الوظيفة،
شكوته لحضرة الخليفة ،
فرد شكواي لأن حجتي سخيفة
أبي
أمات أبوك؟
ضلالٌ! أنا لا يموت أبي
ففي البيت منه
روائح ربٍ.. وذكرى ***
هنا ركنه.. تلك أشياؤه
تفتق عن ألف غصنٍ صبي
جريدته. تبغه. متكاه
كأن أبي – بعد – لم يذهب
وصحن الرماد.. وفنجانه
على حاله.. بعد لم يشرب
ونظارتاه.. أيسلو الزجاج
عيوناً أشف من المغرب؟
بقاياه، في الحجرات الفساح
بقايا النور على الملعب
أجول الزوايا عليه، فحيث
أمر .. أمر على معشب
أشد يديه.. أميل عليه
أصلي على صدره المتعب
أبي.. لم يزل بيننا، والحديث
حديث الكؤوس على المشرب
يسامرنا.. فالدوالي الحبالى
توالد من ثغره الطيب
أبي خبراً كان من جنةٍ
ومعنى من الأرحب الأرحب
وعينا أبي.. ملجأٌ للنجوم
فهل يذكر الشرق عيني أبي؟
بذاكرة الصيف من والدي
كرومٌ، وذاكرة الكوكب
أبي يا أبي .. إن تاريخ طيبٍ
وراءك يمشي، فلا تعتب
على اسمك نمضي، فمن طيبٍ
شهي المجاني، إلى أطيب
حملتك في صحو عيني.. حتى
تهيأ للناس أني أبي..
أشيلك حتى بنبرة صوتي
فكيف ذهبت.. ولا زلت بي؟
إذا فلة الدار أعطت لدينا
ففي البيت ألف فمٍ مذهب
فتحنا لتموز أبوابنا
ففي الصيف لا بد يأتي أبي
خمس رسائل إلى أمي
صباحُ الخيرِ يا حلوه..
صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه
مضى عامانِ يا أمّي
على الولدِ الذي أبحر
برحلتهِ الخرافيّه
وخبّأَ في حقائبهِ
صباحَ بلادهِ الأخضر
وأنجمَها، وأنهُرها، وكلَّ شقيقها الأحمر
وخبّأ في ملابسهِ
طرابيناً منَ النعناعِ والزعتر
وليلكةً دمشقية..
أنا وحدي..
دخانُ سجائري يضجر
ومنّي مقعدي يضجر
وأحزاني عصافيرٌ..
تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا..
عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ
عرفتُ حضارةَ التعبِ..
وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العالمَ الأصفر
ولم أعثر..
على امرأةٍ تمشّطُ شعريَ الأشقر
وتحملُ في حقيبتها..
إليَّ عرائسَ السكّر
وتكسوني إذا أعرى
وتنشُلني إذا أعثَر
أيا أمي..
أيا أمي..
أنا الولدُ الذي أبحر
ولا زالت بخاطرهِ
تعيشُ عروسةُ السكّر
فكيفَ.. فكيفَ يا أمي
غدوتُ أباً..
ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ
ما أخبارها الفلّة؟
بها أوصيكِ يا أمّاهُ..
تلكَ الطفلةُ الطفله
فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي..
يدلّلها كطفلتهِ
ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ
ويسقيها..
ويطعمها..
ويغمرها برحمتهِ..
وماتَ أبي
ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحثُ عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ
وتسألُ عن عباءته
وتسألُ عن جريدتهِ
وتسألُ –حينَ يأتي الصيفُ-
عن فيروزِ عينيه
لتنثرَ فوقَ كفّيه
دنانيراً منَ الذهب
سلامات
سلامات
إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة
إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تختي
إلى كتبي
إلى *****ِ حارتنا
وحيطانٍ ملأناها
بفوضى من كتابتنا
إلى قططٍ كسولاتٍ
تنامُ على مشارقنا
وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي
ووجهُ دمشقَ،
عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا
يعضُّ على ستائرنا
وينقرنا
برفقٍ من أصابعنا
مضى عامانِ يا أمي
وليلُ دمشقَ
فلُّ دمشقَ
دورُ دمشقَ
تسكنُ في خواطرنا
مآذنها.. تضيءُ على مراكبنا
كأنَّ مآذنَ الأموي
قد زُرعت بداخلنا
كأنَّ مشاتلَ التفاح
تعبقُ في ضمائرنا
كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ
جاءت كلّها معنا
أتى أيلولُ يا أماه
وجاء الحزنُ يحملُ لي هداياهُ
ويتركُ عندَ نافذتي
مدامعهُ وشكواهُ
أتى أيلولُ.. أينَ دمشقُ؟
أينَ أبي وعيناهُ
وأينَ حريرُ نظرتهِ؟
وأينَ عبيرُ قهوتهِ؟
سقى الرحمنُ مثواه
وأينَ رحابُ منزلنا الكبير
وأين نُعماه؟
وأينَ مدارجُ الشمشير
تضحكُ في زواياهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟
أجرجرُ ذيلَ قطّتهِ
وآكلُ من عريشتهِ
وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشق
يا شعراً
على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ
ويا طفلاً جميلا
من ضفائره صلبناهُ
جثونا عند ركبته
وذبنا في محبّتهِ
إلى أن في محبتنا قتلناه
أنا والفصول
لم يكن الربيع صديقي
في يومٍ من الأيام
ولا تحمست
لطبقات الطلاء الحمر، والأزرق
التي يضعها على وجهه
ولا للأشجار التي تقلد
راقصات الـ (فولي بيرجير)
الخريف وحده
هو الذي يشبهني
أُمّي
في أيام الصيف
أذهب إلى حديقة النباتات في جنيف لأزور أمي
فهي تعمل بستانية لدى الحكومة السويسرية
وتقبض عشرة فرنكات
عن كل وردةٍ شامية تزرعها لهم
==
الإستجواب
من ديوان الأعمال السياسية
ـ 1 ـ
من قتل الإمام ؟
المخبرون يملأون غرفتي
من قتل الإمام ؟
أحذية الجنود فوق رقبتي
من قتل الإمام ؟
من طعن الدرويش صاحب الطريقة
و مزق الجبة .. و الكشكول .. و المسبحة الأنيقة
يا سادتي :
لا تقلعوا أظافري .. بحثا عن الحقيقة
في جثة القتيل .. دوما .. تسكن الحقيقة .
ـ 2 ـ
من قتل الإمام ؟
عساكر بكامل السلاح يدخلون ..
عساكر بكامل السلاح يخرجون ..
محاضر ..
آلات تسجيل ..
مصورون ..
يا سادتي ..
ما النفع من إفادتي ؟
ما دمتم ـ إن قلت أو ما قلت ـ
سوف تكتبون
ما تنفع استغاثتي ؟
ما دمتم ـ إن قلت أو ما قلت ـ
سوف تضربون
ما دمتم ... منذ حكمتم بلدي
عني تفكرون ..
ـ 3 ـ
لست شيوعيا ـ كما قيل لكم ـ
يا سادتي الكرام
و لا يمينيا كما قيل لكم ـ
يا سادتي الكرام ..
مسقط رأسي في دمشق الشام
هل واحد من بينكم ؟
يعرف أين الشام ؟
هل واحد من بينكم ؟
أدمن سكنى الشام ؟
رواه ماء الشام
كواه عشق الشام
تأكدوا يا سادتي ..
لن تجدوا ..
في أسواق الورود وردة كالشام
و في دكاكين الحُلي جميعها
لؤلؤة كالشام
لن تجدوا حزينة العينين .. مثل الشام
ـ 4 ـ
لست عميلا قذرا
ـ كما يقول مخبروكم ـ سادتي الكرام
و لا سرقت قمحة
و لا قتلت نملة
و لا دخلت مركز بوليس .. يوما ..
سادتي الكرام
يعرفني في حارتي الصغير و الكبير
يعرفني الأطفال و الأشجار و الحمام
و أنبياء **** يعرفونني
عليهم الصلاة و السلام
الصلوات الخمس لا أقطعها
يا سادتي الكرام
و خطبة الجمعة لا تفوتني
يا سادتي الكرام
و غير ثديي زوجتي لا أعرف الحرام
من ربع قرن و أنا
أمارس الركوع و السجود
أمارس القيام و القعود
أمارس التشخيص خلف حضرة الإمام
يقول : ( اللهم امحق دولة اليهود )
أقول : ( اللهم امحق دولة اليهود )
يقول : ( اللهم شتت شملهم )
أقول : ( اللهم شتت شملهم )
يقول : ( اللهم اقطع نسلهم )
أقول : ( اللهم اقطع نسلهم )
يقول : ( اعزق حرثهم و زرعهم )
أقول : ( اعزق حرثهم و زرعهم )
و هكذا يا سادتي الكرام
قضيت عشرين سنة ..
أعيش في حضيرة الأغنام
أعلف كالأغنام
أنام كالأغنام
أبول كالأغنام
أدور كالحبة في مسبحة الإمام
أعيد كالببغاء ،
كل ما يقول حضرة الإمام
لا عقل لي ..
لا رأس ..
لا أقدام ..
أستنشق الزكام من لحيته
و السل من العظام
قضيت عشرين سنة
مكوما ..
كرزمة القش على السجادة الحمراء
أُجلد كل جمعة بخطبة غراء
أبتلع البيان ، و البديع ،
و القصائد العصماء
أبتلع الهراء ..
عشرين عاما ..
و أنا يا سادتي
أسكن في طاحونة
ما طحنت ـ قط ـ سوى الهواء ..
ـ 5 ـ
يا سادتي !
بخنجري هذا الذي ترونه
طعنته ..
في صدره و الرقبة
طعنته ..
في عقله المنخور مثل الخشبة
طعنته باسم أنا
و اسم الملايين من الأغنام
يا سادتي
أعرف أن تهمتي
عقابها الإعدام
لكنني
قتلت إذا قتلته
كل الصراصير التي تنشد في الظلام
و المسترخين على أرصفة الأحلام
قتلتُ إذا قتلته
كل الطفيليات في حديقة الإسلام
كل الذين يطلبون الرزق ..
من دُكَّانَةِ الإسلام
قتلت إذا قتلته
يا سادتي الكرام
كل الذين منذ ألف عام
يزنون بالكلام ..
==
أشهد أن لا امرأة إلا أنت
من ديوان أشهد أن لا امرأة إلا أنت
أشهد أن لا امرأة ..
أتقنت اللعبة إلا أنت ..
واحتملت حماقتي عشرة أعوام كما احتملت ..
واصطبرت على جنوني مثلما صبرت ..
وقلمت أظافري
ورتبت دفاتري
وأدخلتني روضة الأطفال ..
إلا أنت
* * *
أشهد أن لا امرأة
تشبهني كصورة زيتية
في الفكر والسلوك , إلا أنت ..
والعقل والجنون .. إلا أنت
والملل السريع .. والتعلق السريع .. إلا أنت
أشهد أن لا امرأة ..
قد أخذت من اهتمامي نصف ما أخذت
واستعمرتني مثلما فعلت ..
وحررتني مثلما فعلت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
تعاملت معي كطفل عمره شهران .. إلا أنت ..
وقدمت لي لبن العصفور , والأزهار , والألعاب .. إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ..
كانت معي كريمة كالبحر ..
راقية كالشعر ..
ودللتني مثلما فعلت ..
وأفسدتني مثلما فعلت ..
أشهد أن لا امرأة ..
قد جعلت طفولتي تمتد للخمسين .. إلا أنت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
تقدر أن تقول إنها النساء .. إلا أنت ..
وإن في سرتها مركز هذا الكون ..
أشهد أن لا امرأة ..
تتبعها الأشجار عندما تسير .. إلا أنت ..
ويشرب الحمام من مياه جسمها الثلجي .. إلا أنت ..
وتأكل الخراف من حشيش إبطها الصيفي .. إلا أنت
أشهد أن لا امرأة ..
إختصرت بكلمتين قصة الأنوثة ..
وحرضت رجولتي عليّ .. إلا أنت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
توقف الزمان عند نهدها الأيمن .. إلا أنت ..
وقامت الثورات من سفوح نهدها الأيسر .. إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ..
قد غيرت شرائع العالم .. إلا أنت ..
وغيرت خريطة الحلال والحرام ..
إلا أنت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
تجتاحني في لحظات العشق , كالزلزال
تحرقني .. تغرقني ..
تشعلني .. تطفئني ..
تكسرني نصفين كالهلال ..
أشهد أن لا امرأة ..
تحتل نفسي أطول احتلال ..
وأجمل احتلال
تزرعني ..
ورداً دمشقياً .. ونعناعاً .. وبرتقال ..
* * *
يا امرأة ..
أترك تحت شعرها أسئلتي ..
ولم تجب يوماً على سؤال ..
يا امرأة ..
هي اللغات كلها ..
لكنها ..
تلمس بالذهن .. ولا تقال ..
* * *
أيتها البحرية العينين .. والشمعية اليدين .. والرائعة الحضور
أيتها البيضاء كالفضة .. والملساء كالبللور ..
أشهد أن لا امرأة ..
على محيط خصرها تجتمع العصور
وألف ألف كوكب يدور ..
أشهد أن لا امرأة .. غيرك يا حبيبتي
على ذراعيها تربى أول الذكور ..
وآخر الذكور
* * *
أيتها اللماحة , الشفافة , العادلة , الجميلة ..
أيتها الشهية , البهية , الدائمة الطفولة
أشهد أن لا امرأة ..
تحررت من حكم أهل الكهف .. إلا أنت ..
وكسرت أصنامهم .. وبددت أوهامهم ..
وأسقطت سلطة أهل الكهف .. إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ..
استقبلت بصدرها خناجر القبيلة ..
واعتبرت حبي لها .. خلاصة الفضيلة ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
جاءت تماماً مثلما انتظرت ..
وجاء طول شعرها , أطول مما شئت أو حلمت ..
وجاء شكل نهدها .. مطابقاً لكل ما خططت أو رسمت ..
أشهد أن لا امرأة ..
تخرج لي من سحب الدخان , إن دخنت ..
تطير كالحمامة البيضاء في فكري , إذا فكرت
يا امرأة كتبت عنها كتباً بحالها
لكنها .. برغم شعري كله ..
قد بقيت أجمل من جميع ما كتبت ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
مارست الحب معها بمنتهى الحضارة
وأخرجتني من غبار العالم الثالث .. إلا أنت ..
أشهد أن لا امرأة ..
قبلك .. حلت عقدي
وثقفت لي جسدي ..
وحاورته مثلما تحاور القيثارة ..
* * *
أشهد أن لا امرأة ..
تمكنت أن ترفع الحب إلى مرتبة الصلاة ..
إلا أنت ..
إلا أنت ..
إلا أنت ..
==
أبو جهل.. يشتري(فليت ستريت)
من ديوان الكبريت في يدي ودويلاتكم من ورق
1
هل اختفت من لندنٍ؟
باصاتها الجميلة الحمراء
وصارت النوق التي جئنا بها من يثرب
واسطة الركوب
في عاصمة الضباب؟
2
تسرب البدو إلى
قصر بكنغهام،
وناموا في سرير الملكة
والإنجليز لملموا تاريخهم..
وانصرفوا..
واحترفوا الوقوف – مثلما كنا-
على الأطلال..
3
ها هم بنو تغلب..
في (سوهو)
وفي (فيكتوريا)..
يشمرون ذيل دشداشاتهم
ويرقصون الجاز..
4
هل أصبحت إنجلترا؟
تصحو على ثرثرة البدو..
وسمفونية النعال؟؟
5
هل أصبحت إنجلترا؟
تمشي على الرصيف، بالخف.. وبالعقال؟
وتكتب الخطب من اليمين للشمال..
سبحانه مغير الأحوال!!
6
عنترة.. يبحث طول الليل، عن رومية
بيضاء كالزبدة..
أو مليسة الفخذين.. كالهلال
يأكلها كبيضةٍ مسلوقةٍ
من غير ملح – في مدى دقيقةٍ-
ويرفع السروال!!
7
لم يبق في الباركات..
لا بط، ولا زهر، ولا أعشاب
قد سرح الماعز في أرجائها
وفرت الطيور من سمائها
وانتصر الذباب..
8
ها هم بنو عبس.. على مداخل المترو
يعبون كؤوس البيرة المبردة..
وينهشون قطعة..
من نهد كل سيدة
9
هل سقط الكبار من كتابنا
في بورصة الريال؟
هل أصبحت إنجلترا عاصمة الخلافة؟
وأصبح البترول يمشي ملكًا..
في شارع الصحافة؟؟
10
جرائد..
جرائد..
جرائد..
تنتظر الزبون في ناصية الشارع،
كالبغايا..
جرائد، جاءت إلى لندن،
كي تمارس الحرية..
تحولت – على يد النفط -
إلى سبايا…
11
جئنا لأوروبا
لكي نشرب من منابع الحضارة
جئنا.. لكي نبحث عن نافذة بحرية
من بعدما سدوا علينا عنق المحارة
جئنا.. لكي نكتب حرياتنا
من بعد أن ضاقت على أجسادنا العبارة
لكننا.. حين امتلكنا صحفاً،
تحولت نصوصنا
إلى بيان صادر عن غرفة التجارة..
12
جئنا لأوروبا
لكي نستنشق الهواء
جئنا ..
لكي نعرف ما ألوانها السماء ؟
جئنا..
هروبًا من سياط القهر، والقمع،
ومن أذى داحس والغبراء..
لكننا.. لم نتأمل زهرة جميلة
ولم نشاهد مرة، حمامة بيضاء
وظلت الصحراء في داخلنا..
وظلت الصحراء..
13
من كل صوب.. يهجم الجراد
ويأكل الشعر الذي نكتبه..
ويشرب المداد
من كل صوب.. يهجم (الإيدز) على تاريخنا
ويحصد الأرواح، والأجساد
من كل صوب.. يطلقون نفطهم علينا
ويقتلون أجمل الجياد..
فكاتب مدجن..
وكاتب مستأجر..
وكاتب يباع في المزاد
هل صار زيت الكاز في بلادنا مقدسًا؟
وصار للبترول في تاريخنا، نقاد؟؟
14
للواحد الأوحد.. في عليائه
تزدان كل الأغلفة
وتكتب المدائح المزيفة..
ويزحف الفكر الوصولي على جبينه
ليلثم العباءة المشرفه..
هل هذه صحافة
أم مكتب للصيرفه؟؟
15
كل كلام عندهم، محرم
كل كتاب عندهم، مصلوب
فكيف يستوعب ما نكتبه؟
من يقرأ الحروف بالمقلوب!
16
على الذي يريد أن يفوز
في رئاسة التحرير..
عليه.. أن يبوس
في الصباح، والمساء
ركبة الأمير..
عليه.. أن يمشي على أربعة
كي يركب الأمير!!
17
لا يبحث الحاكم في بلادنا
عن مبدع..
وإنما يبحث عن أجير…
18
يعطي طويل العمر.. للصحافة المرتزقة
مجموعة من الظروف المغلقة..
وبعدها..
ينفجر النباح.. والشتائم المنسقة..
19
ما لليساريين من كتابنا؟
قد تركوا (لينين) خلف ظهرهم
وقرروا…
أن يركبوا الجمال!!
20
جئنا لأوروبا..
لكي ننعم في حرية التعبير
ونغسل الغبار عن أجسادنا
ونزرع الأشجار في حدائق الضمير
فكيف أصبحنا، مع الأيام،
طباخين.. في مضافة الإسكندر الكبير؟.؟
21
كل العصافير التي
كانت تشق زرقة السماء
في بيروت..
وتملأ الأشجار، والبيادر..
قد أحرق البترول كبرياءها
وريشها الجميل
والحناجر..
فهي على سقوف لندنٍ..
تموت..
22
يستعملون الكاتب الكبير.. في أغراضهم
كربطة الحذاء..
وعندما يستنزفون حبره..
وفكره..
يرمونه، في الريح، كالأشلاء…
23
هذا له زاوية يومية..
هذا له عمود
والفارق الوحيد، فيما بينهم
طريقة الركوع..
والسجود..
24
لا ترفع الصوت.. فأنت آمن
ولا تناقش أبدًا مسدسًا..
أو حاكمًا فردًا..
فأنت آمن..
وكن بلا لون، ولا طعم، ولا رائحة..
وكن بلا رأي..
ولا قضية كبرى..
فأنت آمن
واكتب عن الطقس،
وعن حبوب منع الحمل –إن شئت-
فأنت آمن..
هذا هو القانون في مزرعة الدواجن..
25
كيف ترى، نؤسس الكتابة؟
في مثل هذا الزمن الصغير.
والرمل في عيوننا
والشمس من قصدير
والكاتب الخارج عن طاعتهم
يذبح كالبعير..
26
أيا طويل العمر:
يا من تشتري النساء بالأرطال..
وتشتري الأقلام بالأرطال..
لسنا نريد أي شيء منك..
فانكح جواريك كما تريد..
واذبح رعاياك كما تريد..
وحاصر الأمة بالنار.. وبالحديد..
لا أحد..
يريد منك ملكك السعيد..
لا أحد يريد أن يسرق منك جبة الخلافه..
فاشرب نبيذ النفط عن آخره..
واترك لنا الثقافه..
==
الحب لايقف على الضوء الأحمر
من ديوان الحب لايقف على الضوء الأحمر
-1-
لا تفكر أبـدا .. فالضوء أحمر ..
لا تكلم أحدا .. فالضوء أحمر
لا تجادل في نصوص الفـقهِ ..
أو في النحو ..
أو في الصرف ..
أو في الشعر ..
أو في النثر ..
إن العقل ملعونٌ ، ومكروهٌ ، ومنكر...
-2-
لا تغادر ..
ُقـنَّـكَ المختوم بالشمع .. فإن الضوءَ أحمر
لا تحب امرأة .. أو فأرة ..
إن الضوء أحمر ..
لا تـضاجع حائطا .. أو حجرا .. أو مقعـدا .. إن ضوء الجنس أحمر ..
ابق سِـرّيا ..
ولا تكشف قراراتك حتى لذبابه ..
ابق اُميّـا ..
ولا تـدخـُـل شريكا في الزنى أو في الكتابه ..
فالزنى في عصرنا ..
أهون من جرم الكتابه..
-3-
لا تفكر بعصافير الوطن ..
وبأشجار .. وأنهار .. وأخبار الوطن ..
لا تفكر بالذين اغتصبوا شمس الوطن ..
إن سيف القمع يأتيك صباحا في عناوين الجريده ..
وتفاعيل القصيده ..
وبقايا قهوتِـك
لا تنم بين ذراعي زوجتك ...
إن زُوّارك عند الـفـجر موجودون تحت الكـَـنَـبَـه..
-4-
لا تطالع كتبا في النقد أو في الفلسفه
إن زوارك عند الفجر ..
مزروعون مثل السوس في كل رفـوف المكتبه ..
ابق في برميلك المملوءِ نملاً .. وبعوضا .. وقمامه..
ابق من رجليك مشنوقا إلى يوم القيامه ..
ابق من صوتك مشنوقا إلى يوم القيامه ..
ابق من عقلك .. مشنوقا إلى يوم القيامه ..
ابق في البرميل .. حتى لا ترى وجه هذي الأمةِ المغتصبَـه ..
-5-
أنتَ لو حاولت أن تذهب للسلطان ..
أو زوجتهِ ..
أو صِـهرهِ ..
أو كلبهِ المسؤول عن أمن البلاد ..
والذي يأكل أسماكا .. وتفاحا .. وأطفالا ..
كما يأكل من لحم العباد ..
لوجدت الضوءَ أحمر ..
-6-
أنتَ لو حاولت أن تقرأ يوما
نشرة الطقس .. وأسماء الوفيات .. وأخبار الجرائم ..
لوجدت الضوء أحمر ..
أنت لو حاولت أن تسأل عن سعر دواء الربو ..
أو أحذية الأطفال ..
أو سعر الطماطم ..
لوجدت الضوء أحمر ..
أنت لو حاولت أن تقرأ يوما صفحة الأبراج ..
كي تعرف ما حظك قبل النفط ..
أو حظك بعد النفط ..
أو تعرف ما رقمك ما بين طوابير البهائم ..
لوجدت الضوء أحمر ..
-7-
أنت لو حاولت ..
أن تبحث عن بيتٍ من الكرتون يأويكَ .. أو سيدةٍ ـ من بقايا الحرب ـ ترضى أن تــُـسلـّـيكَ..
وعن نهدين معطوبين ..
أو ثلاجةٍ مستعمله ..
لوجدت الضوء أحمر ..
أنت لو حاولت ..
أن تسأل أستاذك في الصف .. لماذا؟
يتسلى عرب اليوم بأخبار الهزائم ؟
ولماذا عرب اليوم زجاجٌ فوق بعضٍ يتكسر ؟
لوجدت الضوء أحمر ..
-8-
لا تسافـر بجواز عربي ..
لا تسافـر مرة أخرى لأوروبا
فـأوروبا ـ كما تعلم ـ ضاقـت بجميع السفهاء ..
أيها المنبوذُ ..
والمشبوه ..
والمطرود من كل الخرائط
أيها الديك الطعين الكبرياء ..
أيها المقتول من غير قـتال ..
أيها المـذبوحُ من غير دماء ..
لا تسافر لبلاد **** ..
إن **** لا يرضى لقاء الجبناء..
-9-
لا تسافر بجواز عربي ..
وانـتظر كالجرذ في كل المطارات ،
فإن الضوء أحمر ..
لا تقل باللغة الفصحى ..
أنا مروان ُ..
أو عدنان ..
أو سحبان
للبائعة الشقراءِ في ( هارودز )
إن الإسم لا يعني لها شيئا ..
وتاريخك ـ يا مولاي ـ تـــاريخ مزوّر ..
-10-
لا تفاخر بـبطولاتك في ( الليدو)
فسوزان ُ..
وجانين ..
وكوليت ..
وآلاف الفرنسيات .. لم يقرأن يوما قصة الزير وعنتر ..
يا صديقي :
أنت تبدو مضحكا في ليل باريس ..
فـَـعُـد فورا إلى الفندق ..
إن الضوء أحمر ..
-11-
لا تسافـر ..
بجواز عربي بين أحياء العرب !!
فهم من أجل قرشٍ يقتلونك ..
وهم ـ حين يجوعون مساءً ـ يأكلونك لا تكن ضيفا على حاتم طيّ
فهو كذاب ٌ..
ونصاب ..
فلا تخدعك آلاف الجواري ..
وصناديق الذهب ..
-12 -
يا صديقي :
لا تـَــسِر وحدك ليلا
بين أنياب العرب ..
أنت في بيتك محدود الإقامه ..
أنت في قومك مجهول النسب ..
يا صديقي :
رحم **** العرب !!.
==
إلى صاحبة السمو .. حبيبتي سابقاً
من ديوان أشعار خارجة على القانون
.. وتزوجت أخيرا ..
بئر نفط ..
وتصالحت مع الحظ أخيرا ..
كانت السحبة – يا سيدتي – رابحة
ومن الصندوق أخرجت أميرا ..
عربي الوجه .. إلا أنه ..
ترك السيف يتيماً .. وأتى
يفتح الدنيا شفاهاً .. وخصورا
فاستريحي الآن .. من عبء الهوى
طالما كنت تريدين أميرا ..
تتسلين به وقتاً قصيرا ..
يتسلى بك – يا سيدتي – وقتاً قصيرا
ويمد الأرض ، من تحتك ، ورداً وحريرا
فاشربي نفطاً .. وسبحان الذي
جعل البترول مسكاً وعبيرا ..
.. وتزوجت أخيراً ملكاً ..
من ملوك الخلفاء الراشدين
وملكت الدين والدنيا معاً ..
فاسجدي شكراً لرب العالمين
رازق الطير على أشكالها ..
مسقط الغيث ، ملاذ التائهين
باعث الأموات من أكفانهم
باريء المرضى ، وكافي المعدمين
واهب النفط لمن يختارهم
من بنيه الصالحين ..
.. كانت السحبة يا سيدتي رابحة
- مثلما قدرت – والصيد ثمين
وأنا غير حزين ..
لا تظني أبداً .. أني حزين
فأنا أعلم ، يا سيدتي ، علم اليقين
ما تسرين .. وماذا تعلنين
وأنا يا سيدتي
أكثر الخيل التي كنت عليها تلعبين ..
وأنا أعرف يا سيدتي
كيف خططت سنيناً ملكاً ..
من ملوك الخلفاء الراشدين ..
لم يفاجئني الخبر ..
حين طالعت الجريده ..
ورأيت الشمع ، والأطفال ، والثوب الموشى بالذهب
ورأيت الرجل المسحوب بالقرعة ..
معروضاً كبرواز الخشب ..
لم يحركني الخبر ..
حين شاهدتك في كل الصور
تتثنين كطاووس .. شمالاً ويميناً
وتذوبين حياء وخفر
وتشدين على كف النبي المنتظر ..
لم يساورني العجب
فهواياتك كانت دائماً ..
جمع فرسان الخشب ..
.. وتأملت شعوري ..
وأنا أقرر أخبار زفافك
كيف لم أحزن .. ولم أفرح ..
ولا طرت سرورا ..
كيف لم أعبأ .. ولم أبرق ..
ولم أرسل زهورا ..
كيف في ثانية مات شعوري ..
فالتي أشعلت في معبدها قنديل عمري
لم تعد تعني قليلاً أو كثيرا ..
كيف ألقيت على الأرض الجريده ؟
ونسيت العرس أضواء ، ورقصاً ، وكؤؤوسا
وتأملت التصاوير أمامي ..
غير أني لم أجد فيها العروسا ..
.. وتسليت كثيرا ..
حين أبصرتك يا سيدتي ،
تقطعين الكعكة الكبرى ..
وتمشين كما تمشي اللعب
وتمضين أمام الناس براوز الخشب
وتشيدين بأنساب قريش
وفتوحات العرب ..
وتعجبت لنفسي ..
لم أكن أشعر في أي أسى
لم أكن أشعر في أي غضب ..
فانا عرفت يا سيدتي
أن أحلامك أن تلتقطي ..
بدوياً عاشقاً ..
يرهن التاريخ عند امرأة ..
ويبيع **** في جلسة جنس وطرب ..
*
ألف مبروك .. أيا سيدتي
وأدام **** بترول العرب ..
==
خبز وحشيش وقمر
من ديوان أحلى قصائدي الأعمال السياسية
عندما يُولدُ في الشرقِ القَمرْ
فالسطوحُ البيضُ تغفو...
تحتَ أكداسِ الزَّهرْ
يتركُ الناسُ الحوانيتَ.. ويمضونَ زُمرْ
لملاقاةِ القمرْ..
يحملونَ الخبزَ، والحاكي، إلى رأسِ الجبالْ
ومعدَّاتِ الخدرْ..
ويبيعونَ، ويشرونَ.. خيالْ
وصُورْ..
ويموتونَ إذا عاشَ القمرْ
ما الذي يفعلهُ قرصُ ضياءْ
ببلادي..
ببلادِ الأنبياْ..
وبلادِ البسطاءْ..
ماضغي التبغِ، وتجَّارِ الخدرْ
ما الذي يفعلهُ فينا القمرْ؟
فنضيعُ الكبرياءْ
ونعيشُ لنستجدي السماءْ
ما الذي عندَ السماءْ
لكُسالى ضعفاءْ
يستحيلونَ إلى موتى..
إذا عاشَ القمرْ..
ويهزّونَ قبور الأولياءْ
علّها..
ترزقُهم رزّاً وأطفالاً..
قبورُ الأولياءْ..
ويمدّونَ السجاجيدَ الأنيقاتِ الطُررْ
يتسلّونَ بأفيونٍ..
نسمّيهِ قدرْ..
وقضاءْ..
في بلادي..
في بلادِ البسطاءْ..
أيُّ ضعفٍ وانحلالْ
يتولانا إذا الضوءُ تدفّقْ
فالسجاجيدُ، وآلاف السلالْ
وقداحُ الشاي.. والأطفال.. تحتلُّ التلالْ
في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويعيشونَ على الضوءِ الذي لا يبصرونْ
في بلادي..
حيثُ يحيا الناسُ من دونِ عيونْ
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويصلّونَ، ويزنونَ، ويحيونَ اتّكالْ
منذُ أن كانوا.. يعيشونَ اتّكالْ
وينادونَ الهلالْ:
" يا هلالْ..
أيها النبعُ الذي يمطرُ ماسْ
وحشيشاً.. ونُعاسْ
أيها الربُّ الرخاميُّ المعلّقْ
أيها الشيءُ الذي ليسَ يُصدَّقْ
دُمتَ للشرقِ.. لنا
عنقودَ ماسْ
للملايينِ التي قد عُطِّلت فيها الحواس "
في ليالي الشرقِ لمّا
يبلغُ البدرُ تمامهْ..
يتعرّى الشرقُ من كلِّ كرامهْ
ونضالِ..
فالملايينُ التي تركضُ من غيرِ نعالِ..
والتي تؤمنُ في أربعِ زوجاتٍ..
وفي يومِ القيامهْ..
الملايينُ التي لا تلتقي بالخبزِ.. إلا في الخيالِ
والتي تسكنُ في الليلِ بيوتاً من سعالِ..
أبداً.. ما عرفتْ شكلَ الدواءْ..
تتردّى..
جُثثاً تحتَ الضياءْ..
في بلادي..
حيثُ يبكي الساذجونْ
ويموتونَ بكاءْ
كلّما طالعهم وجهُ الهلالِ
ويزيدونَ بكاءْ
كلّما حرّكهم عودٌ ذليلٌ.. و"ليالي"..
ذلكَ الموتُ الذي ندعوهُ في الشرقِ..
"ليالي".. وغناءْ
في بلادي..
في بلادِ البُسطاءْ..
حيثُ نجترُّ التواشيحَ الطويلهْ..
ذلكَ السلُّ الذي يفتكُ بالشرقِ..
التواشيحُ الطويلهْ
شرقُنا المجترُّ.. تاريخاً.. وأحلاماً كسولهْ
وخُرافاتٍ خوالي..
شرقُنا، الباحثُ عن كلِّ بطولهْ
في (أبي زيدِ الهلالي)..
==
من قتل مدرس التاريخ
من ديوان خمسون عاما في مديح النساء هوامش على الهوامش
ـ 1 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و لوننا المفضل السواد
نفوسنا سواد
عقولنا سواد
داخلنا سواد
حتى البياض عندنا
يميل إلى السواد ...
ـ 2 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و كل ما يحدث في حياتنا
مسلسل استبداد
الوطن استبداد
و الهجرة استبداد
و الصحف الرسمية استبداد
و الشرطة السرية استبداد
و الزوجة استبداد
و عشقنا لامرأة جميلة جدا
هو استبداد ! !
ـ 3 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و كل *** عندنا تجري على ثيابه
دماء كربلاء ..
و الفكرفي بلادنا
أرخص من حذاء ...
و غاية الدنيا لدينا :
الجنس ... و النساء ! !
ـ 4 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و نحن من يوم تخاصمنا
على النسوان في غرناطة ..
تفككت أمتنا ..
و هرهرت دولتنا
و طارت بلادنا ! !
ـ 5 ـ
الشجر الأطول في بلادي
شجر الأحفاد !ّ! ..
ـ 6 ـ
يدهشني
بأن كل وردة في وطني
تلبس في زفافها
ملابس الحداد ..
ـ 7 ـ
ليس لدينا أمة خالدة
أو دولة واحدة
و إنما أفراد ...
ـ 8 ـ
هل هذه جرائد تقرؤها ؟
أم أنها جنازة
و دعوة للحزن و الحداد
ـ 9 ـ
نصوصنا منقولة
أصواتنا ..
تخرج من حناجر الأجداد ..
ـ 10 ـ
أكره ( ألف ليلة ) ..
و أكره النوم كمجدوب
على دراع شهرزاد ...
ـ 11 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
أطفالنا ما شاهدوا في عمرهم
قوس قزح ...
ـ 12 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
و نحن من يوم خرجنا من فلسطين
و من ذاكرة الليمون ، و الخوخ ،
تحولنا إلى رماد ...
ـ 13 ـ
و نحن من يوم تركنا بحر بيروت
تركنا خلفنا
أثداء أمهاتنا
وورد ذكرياتنا
وبيت حرياتنا
كما تركنا خلفنا ،
شهادة الميلاد ...
ـ 14 ـ
لقد أكلنا بعضنا بعضا
فهل تعذرنا الأسماك و الجراد ؟ ...
ـ 15 ـ
حتى ثياب **** في بلادنا
تباع بالمزاد ! ! ...
ـ 16 ـ
من أين يأتينا الفرح ؟
ما طار طير عندنا إلا انذبح ..
و لا *** جاءنا
إلا بأيدينا انذبح ..
و لا أتانا مصلح .. أو مبدع ..
أو كاتب .. أو شاعر ..
إلا على وسادة الشعر .. انذبح !!
ـ 17 ـ
محرم في وطني
تنقل الهواء ..
محرم تنقل الكحلة
في أعين النساء ..
محرم تنقل القيدة ..
محرم .. محرم ..
تنقل الأفعال .. و الأسماء
ـ 18 ـ
يَرْتَعِبُ الحكام
في العلم الثالث ، من صوت العصافير
و من ضَوْعِ الأزاهير
و من زرقة الحمام ..
و يدخلون البحر للسجن إذا أسرف في الكلام
صعب على الحكام في عالمنا الثالث
أن يصالحوا الفكر ..
و أن يصادقوا الأقلام ..
هل يستطيع الذئب أن يصادق الأغنام ؟؟
ـ 19 ـ
في سالف الزمان .. كنا
أمراء الشعر ، و البيان ، و البديع ، و الخطابة
و أصبحت مهمتنا الآن ..
بأن نفترس الكتابة !!
ـ 20 ـ
أول قصر من قصور العلم و الثقافة
أسسه الخليفة المأمون
و جاء حكام إلى بلادنا ، من بعده
تخصصوا في مهنة القتل ..
و في هندسة السجون !!
ـ 21 ـ
في زمن الطفولة
قرأت آلاف الأقاصيص
عن النخوة .. و النجدة .. و العزة
و الإباء .. و الفداء .. و السخاء .. و الشجاعة
ثم اكتشفت عندما دخلت في الكهولة
بأن نصف ما قرأته في حصة التاريخ ،
ما كان سوى إشاعة ...
==
من يوميات كلب مثقف
من ديوان قصائد مغضوب عليها
مولاي .... مولاي
لا أريد منك ياقوتاً.. ولا ذهب
ولا أريد منك أن تلبسني
الديباج والقصب
كل الذي أرجوه أن تسمعني
لأنني أنقل في قصائدي إليك
جميع أصوات العرب
جميع لعنات العرب..
*
إن كنت –يا مولاي-
لا تحب الشعر والصداح
فقل لسيافك أن يمنحني
حرية النباح...
*
يا سيدي
لاشك أنك قادر أن تقطع الأعناق
وتقطع الأرزاق
لكن.. لماذا أنت ضد العشق والعشاق؟
والحبر والأوراق؟
*
لديك كل ما تطلبه
الجند والسجون والمشانق
والبرق والرعود والصواعق
وعندك الميزان والحساب
وعندك الثواب والعقاب
أما أنا فمهنتي أن أزرع الزنابق
وأطلق الحمام
وأنت من طبعك يا سيدنا
أن تطلق النار على الحمام
*
يا سيدي.. يا سيدي
قل لي لماذا أنت ضد الزرع والأعشاب
قل لماذا أنت ضد البحر والأمطار والسحاب
يا أيها الحامل -عن جدارة- الدولة في الإرهاب
قل لي لماذا تكره الكتاب
قل لي لماذا تخشى على ملكك
من قواعد الإملاء والإعراب
قل لي لماذا أنت يا سيدنا تخاف من
ثقافة الكلاب؟
==
هجم النفط مثل ذئب علينا
من ديوان قصائد مغضوب عليها
من بحارِ النزيفِ.. جاءَ إليكم
حاملاً قلبهُ على كفَّيهِ
ساحباً خنجرَ الفضيحةِ والشعرِ،
ونارُ التغييرِ في عينيهِ
نازعاً معطفَ العروبةِ عنهُ
قاتلاً، في ضميرهِ، أبويهِ
كافراً بالنصوصِ، لا تسألوهُ
كيفَ ماتَ التاريخُ في مقلتيهِ
كسَرتهُ بيروتُ مثلَ إناءٍ
فأتى ماشياً على جفنيهِ
أينَ يمضي؟ كلُّ الخرائطِ ضاعت
أين يأوي؟ لا سقفَ يأوي إليهِ
ليسَ في الحيِّ كلِّهِ قُرشيٌّ
غسلَ **** من قريشٍ يديهِ
هجمَ النفطُ مثل ذئبٍ علينا
فارتمينا قتلى على نعليهِ
وقطعنا صلاتنا.. واقتنعنا
أنَّ مجدَ الغنيِّ في خصيتيهِ
أمريكا تجرّبُ السوطَ فينا
وتشدُّ الكبيرَ من أذنيهِ
وتبيعُ الأعرابَ أفلامَ فيديو
وتبيعُ الكولا إلى سيبويهِ
أمريكا ربٌّ.. وألفُ جبانٍ
بيننا، راكعٌ على ركبتيهِ
من خرابِ الخرابِ.. جاءَ إليكم
حاملاً موتهُ على كتفيهِ
أيُّ شعرٍ تُرى، تريدونَ منهُ
والمساميرُ، بعدُ، في معصميهِ؟
يا بلاداً بلا شعوبٍ.. أفيقي
واسحبي المستبدَّ من رجليهِ
يا بلاداً تستعذبُ القمعَ.. حتّى
صارَ عقلُ الإنسانِ في قدميهِ
كيفَ يا سادتي، يغنّي المغنّي
بعدما خيّطوا لهُ شفتيهِ؟
هل إذا ماتَ شاعرٌ عربيٌّ
يجدُ اليومَ من يصلّي عليهِ؟...
من شظايا بيروتَ.. جاءَ إليكم
والسكاكينُ مزّقت رئتيهِ
رافعاً رايةَ العدالةِ والحبّ..
وسيفُ الجلادِ يومي إليهِ
قد تساوت كلُّ المشانقِ طولاً
وتساوى شكلُ السجونِ لديهِ
لا يبوسُ اليدين شعري.. وأحرى
بالسلاطينِ، أن يبوسوا يديهِ
==
حجة سخيفة
أحمد مطر
بيني وبين قاتلي حكاية طريفة ،
فقبل أن يطعنني حلفني بالكعبة الشريفة ،
أن أطعن السيف أنا بجثتي، فهو عجوز طاعن وكفه ضعيفة ،
حلفني أن أحبس الدماء عن ثيابه النظيفة ،
فهو عجوز مؤمن سوف يصلي بعدما يفرغ من تأدية الوظيفة،
شكوته لحضرة الخليفة ،
فرد شكواي لأن حجتي سخيفة