م
مازن صقر
عنتيل زائر
غير متصل
كانت #عشتار متزوجة ولها ابنتان وتعيش عيشة رغدة
حتى اتاها زوجها في يوم ما وقال لو علمتي ان اصلي من الجن هل تعيشين معي؟
قالت ماهذا التخريف
قال تخيلي واجيبيني
قالت طبعا لا
قال لما؟
قال لا آمن على نفسي منك
قال أولاتحبيني؟
قالت بلى أعشقك بجنون لكن لا استطيع ان احب شيئا اخافه علاوة على ذلك جنسان مختلفان يستحيل ان يتفقا
قال وابنتينا مامصيرهما في قلبك؟
قالت اخاف منهما ايضا
قال قد حملتيهما تسعة في بطنك!
قالت وإن
وباتا تلك الليلة متظاهرين إلا ان زوجها لم ينم أصلاً
حتى افاقت وجدت البيت خاويا من زوجها وابنتيها
ووجدت رسالة من زوجها يقول فيها:
اني قد حاولت ان امهد لك مرارا بحقيقتي ولكن لم اجد في قلبك صمودا
هل تذكرين حين كنت صغيرة في بيت ابوك كنت دائما تمشطين شعرك وتتمرجحين عند شجرة التفاح في حديقتكم وكنت انا مشغوفا بالتفاح كثيرا اذ كنت اتسلل من ارضنا عبر هذه الشجرة وتعودت عليك حتى عشقتك وجلست حينا من الدهر اراقبك تكبرين وتزدادين جمالا وازداد بك عشقا الا ان اصبحت فتاة في سن الزواج فاعلمت اهلي بعشقي لك ورغبتي في الزواج منك وقوبلت برفض شديد لاسيما ان ابي هو سيد قبيلتنا ومن غير المعهود ان يتزوج الجن بالإنس إذ اننا ننظر لجنسكم نظرة دون
إلا أنني اصررت على طلبي متحديا عاداتنا وتقاليدنا وأبي الذي قرر أن انفى من ارضنا ان لم اعد عن قراري ولكنني تحديت قومي جميعهم ونفيت عن ارض الجن وتزوجت بك ياقلبي وكانت حياتنا سعيدة الا ان جائني مرسول من قومي يطلبونني فيه إذ انه نشبت حرب عظيمة ضروس بين قبيلتنا وقبيلة مجاورة وقتل جدي وأبي وأعمامي وأخوتي ولم يبقى غيري لسوء حظي وحظهم أيضا
ولا مفر من الرفض يجب أن أعود للدفاع عن أرض أجدادي
فلم يكن مجال ان ارفض وخفت ان اودعك ابنتينا فترميهما او تقتليهما لو بان شيء من جنسهما الجني بعد ان اكدت لي موقفك مرارا من استحالة العيش معي وابنتي
والحق يقال انني لم استطع مصارحتك بحقيقتي ولكن حاولت التلميح لك كثيرا وفي كل مرة تصديني
فآثرت الهرب بهما
علنا نلتقي ان انتصرنا في الحرب او نلتقي في حياة أخرى
سامحيني
ووصيتي لك بحق عشرتنا وحبنا الطاهر أن لاتخلعي خاتم زواجنا من أصبعك أستحلفك بكل ماهو غال ومقدس في حياتك
زوجك المحب
جن جنونها لما قرأت رسالته
ووجدت البيت خاويا من ابنتيها
وتساقطت دموع اللوعة فوق خديها
لم تفكر في ابنتيها
ولا في ان زوجها من الجن
اذ تتساوى الاجناس امام الحب العظيم
كل ماكان يشغل بالها هو خوفها ان يصيب عائلتها مكروه حتى وان كانوا من الجن
صحيح ان الانسان لايستطيع تقدير الاشياء حق قدرها الا حين يفقدها
واخذت تنظر لخاتمها بحرارة وتحس بدفئ في اصبعها وقلبها فتعلم أن حبيبها بخير
لا خير في جنس أنت لست هموا
لم يعد بعدك لي لا إنس ولا جان
قد ضعت بعدك ياحبيبي أنني
في بلدة الانسان مسجون وسجان
ومرت الايام والليالي وهي لا علم لها بمصير عائلتها وهذا ماكان مضنيها اذ كيف تستعلم عنهم
حاولت مرار ان تذهب لمشعوذين يدعون الاتصال بالجن ولكن لافائدة اذ اكتشفت انهم مجرد محتالين
الا ان جاء يوم دخلت الحمام تغتسل وخلعت خاتمها
وحين خروجها نسيت الخاتم في الحمام
وخلدت للنوم اذ كانت متعبة من قراءتها لكتب الجن طوال اليوم
حلمت بحلم غريب
ابنتاها يبكون وهم ينظرون اليها والى ابيهم الذي كان يحارب غولا اسود ضخم ينفر النيران من انفه في كل مكان
صرخ بها زوجها لماذا خلعتي الخاتم ارجوك ارتديه ولاتخلعيه مرة اخرى
افاقت من نومها مفزوعة ممسكتا باصبعها فانتبهت ان الخاتم غيرموجود
فنهضت مسرعة للحمام ولبست الخاتم وهي مرهقة جدا من هذا الحلم المخيف وفي نفس الوقت تفكر لماذا لم احلم بهم الا حين خلعت خاتمي واخذت تحملق في فصه البلوري الاحمر امام المرآة لوهلة الا انهم سمعت صوتا خارج المنزل فاقتربت من نافذة الحمام لتفاجئ بمعركة بين نسر احمر وكلب اسود وفوق غصن شجرة التفاح وقفة حمامتان بدا انهما يراقبان المعركة وكان الكلب ضخما جدا الا ان النسر كان سريعا
لم تستوعب ما تراه عيناها وسط الذهول والهلع الشديدين اخذت تتذكر الكابوس الذي حلمت به لتوها الذي بدا يتلاشا شيئا فشيئا
يتبع...
الجز الثاني
بدا الحلم يتلاشا شيئاً فشيئاً ليتجسد في الواقع الذي أمامها
ماذا يجري أيعقل!!
إنه ذاك النسر زوجي يتصارع مع هذا الكلب وابنتاي هما الحمامتان لابد أنه زوجي فمالذي سيأتي بنسرٍ في هذه الانحاء وفي هذا الوقت لقد صدق الحلم بل لم يكن حلماً يا إلهي
تجمدت مكانها من الخوف وأخذت رجلاها بالارتجاف الشديد وتحشرج حلقها حتى لم تعد قادرة على النطق وبدت أطرافها بالتنمل
حاولت التحرك ولكنها كانت متجمدة تهم بأن ترجع للخلف ولكن جسمها كأنه التصق بالأرض
حاولت الصراخ ولكن لم يخرج من فمها غير هواءٍ بارد
كانت المعركة ضاريةً جداً
أخذ النسر يطير عالياً ويهوي على الكلب بمخالبه الحادة في حين كان الكلب يحاول إمساك النسر ولكنه كان يصده بجناحيه القويين إلى أن فطن الكلب لوجود الحمامتين فانطلق باتجاههما مسرعاً
أصيبت عشتار بذعر شديد حين رأت الكلب يتجه لابنتيها فانبثقت طاقة كامنةٌ بداخلها سرت في جميع أنحاء جسمها ولو لم يتحرك جسمها لمشت روحها تاركةً ذاك الجسم المتحنط انطلقت لاشعورياً خارج المنزل تحمل رجلاها غريزة الأم
قفز الكلب باتجاه الحمامتين وكاد ان يحكم قبضتيه عليهما إلا أن النسر هب عليه مسرعاً واصطدم به وهوى الاثنان يتدحرجان على الأرض
أومأ النسر للحمامتين بالهرب وسرعان ماطارتا مبتعدتين في هذا اللحظة كان الكلب جاثياً فوق النسر الذي أخذ منقاره الحاد يخترق صدر الكلب بقوة
حاول الكلب تفادي الضربات وفي نفس الوقت إحكام قبضتيه على النسر إلا أن النسر استطاع الإفلات ولكن كان هذا من سوء حظه
لأن الكلب قبض على رقبة النسر بفكيه الحادين وطرحه أرضاً مرةً أخرى
وانقلبت موازين المعركة لصالح الكلب المتوحش
أخذ يهز النسر هزاً شديداً من رقبته وكان واضحا أن قوى النسر بدأت تخور وأوشك على الهلاك إذ لم يعد يتحرك أبداً
فجأةً وإذا بحجر صغير مترردد هوى على رأس الكلب
تلته صرخةٌ من عشتار: يكفي اتركه يكفي
أفلت الكلب النسر من فكيه وقفز على عشتار وطرحها أرضاً
ماكان من عشتار إلا أن تسمرت أرضاً والكلب فوقها وهي تنظر في عينيه بهلع شديد
هم الكلب بأن ينهشها لكن حدث شيء عجيب
حين نظر الكلب لعيني عشتار تسمر مكانه هو الآخر.. لحظات حتى هدأ الكلب وابتعد عدة خطوات ملتقطاً أنفاسه وقال: ماتكوني أيتها الإنسية .. عيناك سحرٌ رهيب أصابني بارتعاش لاعجب بأن أمير الجن وقع في حبك وأجزم بأنك ساحرة خطيرة
قال هذه الكلمات وولى هارباً
لم تستوعب عشتار ماحدث أيعقل أنها استطاعت إخافة جني!!
نهضت مسرعة باتجاه النسر الذي كان فاقداً للوعي وينزف دماً
“حبيبي جلجامش أرجوك تماسك لاتمت” ودموع عيناها سالت فوق خديها
وضعت رأسها على صدر النسر تتحسس نبض قلبه وكان هنالك نبضٌ لكن ضعيف
” يا إلهي ماذا يحدث لي”
شقت خرقةً من ثوبها ولفت بها رقبته لإيقاف النزيف وهي تبكي وتفكر مالعمل إذ إن ظل الحال على ماهو سيموت لامحالة لأن الجرح عميق جداً
أخذت تفكر بسرعة لدرجة أنها لم تعد قادرة على كبح جماح عقلها
هل آخذه للمستشفى.. ماذا علي أن افعل..
تذكرت..
لقد قرأت في إحدى كتب الجن أن الجني إذا أصيب بجرحٍ في عالم الإنس لايلتأم جرحه إلا إذا عاد لهيئته الطبيعيه وحتى يعود لهيئته الطبيعية لابد له أن يعود لأرض الجن
إن صدق ماقرأت كيف يعود وهو فاقد الوعي وإن ظل هكذا سيموت لامحالة
حملته ووقفت تهم أن تدخل به المنزل تارةً وتارةً أخرى تهم أن تخرج به وهي تحضنه باكيةً : تماسك ياحبيبي أرجوك يا إلهي مالعمل
توقفت في منتصف الحديقة وكأن فكرةً قد لمعت في عقلها
تذكرت رسالته الأخيرة حين فارقها حين كتب
“كنتِ دائما تمشطين شعرك وتتمرجحين عند شجرة التفاح في حديقتكم وكنت انا مشغوفا بالتفاح كثيرا اذ كنت اتسلل من ارضنا عبر هذه الشجرة”
أنزلته على أرض الحديقة واتجهت باتجاه الشجرة كيف كان يتسلل ياترى
هل من الممكن أن يوجد طريق من هذه الشجرة يؤدي لأرض الجن
أخذت تدور حول الشجرة وتبحث في أرجاء المكان إلى أن انتبهت لجحر صغير اسفل الشجرة
ركضت إلى الجهة الأخرى من الحديقة وجاءت بمعول وأخذت تحفر وتحفر وكانت المفاجأة أن نضح ممر سري تحت الأرض لاتعلم إلى أين يؤدي
“ماذا أفعل إنه من الجنون أن ادخل هذا الممر المخيف ومايخيف أكثر أنه يؤدي لأرض الجن ولكن هل أترك زوجي يموت وهو الذي ضحا بنفسه لإنقاذي
هل أترك حبيبي عشيقي نور عيني أبو ابنتاي لابد أن اضحي مهما كانت النتائج كما ضحا هو”
بسرعة حملته واتجهت للنفق ولكنه عادت مرة أخرى لسبب ما حملت كيساً كان ملقاً على أرض الحديقة لجمع أوراق الشجر المتساقطة وانقضت على خلية النحل التي كان معلقة فوق الشجرة لاتدري لماذا ولكنها قد تكون وسيلة دفاع لوتعرضت لهجوم ما
مشت داخل النفق وهي تدعوا وتتمنى أن يكون في عينيها سحر ما .. كما قال ذلك الوحش
لأنه قد يكون الشيء الوحيد الذي سيخرجها على قيد الحياة
مع أن النفق كان تحت الأرض ولاتوجد إضاءة أونار إلا أن الممر كان مضيئا بنور أحمر خافت لاتعلم أين مصدره
مشت مايقارب النصف ساعة حتى تشققت قدميها وأعياها التعب إذ كان النسر ثقيلا
إلا أن وصلت لنهاية النفق
وجدت باباً خشبياً كبيراً تنام تحته أفعى عملاقة
تجمدت مكانها مخافة إيقاظها
” يا إلهي ماذا أفعل وأنا محصورةٌ في هذا القبر”
أيقنت انه لابد من استخدام خلية النحل ولو ان استخدامها عد مبكراً جداً
بسرعه أدخلت يدها في الكيس ورمت الخلية بقوة على الأفعى واختبأت خلف صخرةٍ كبيرة حاضنتاً زوجها وهي تبكي بصمت
هاج النحل علئ الأفعى بشراسة محاولاً لدغها ولكن دون فائدة إذ كان جلدها متيناً ولدغات النحل لاتؤثر فيه علاوة علئ ذلك كان الأفعى تتدحرج بسرعة لكن لحسن الحظ أصيبت الأفعى أخيراً في عينيها وأخذت تضرب نفسها في جدار الكهف
المكان يهتز
عشتار تهتز
قلبها يهتز
لكن زوجها دافئ
أخيراً اختبأت الافعى في جحرها
خرجت عشتار بسرعة وفتحت الباب
لم تخف من تنتبه لها الأفعى
لم تهمها لدغات النحل
كل ماكانت تريده هو أن تنجح الخطة ولابد لها من أن تنجح
خرجت أخيراً بنشوة انتصار وخوف مستقبل
لتجد نفسها امام شاطئ بحري ساكن وبارد مع ان الجو كان صيفاً
اخذت تمشي بقلق وخطواتٍ بطيئة الى ان وصلت للشاطئ
وجدت جسراً صغير طوله خمسة امتار تقريبا مربوط به ثلاثة قوارب صغيرة
قارب بني وقاربان احمران
ورجل عجوز بثوبٍ مهترئ جالسٌ على الجسر يصطاد السمك
قال العجوز دون أن يلتفت: اشم رائحة امرأة
نظرت عشتار اليه بخوف وقالت: أين نحن ياعم
العجوز ببرود: بل قولي أين أنا ، فأنا اعرف مكاني اما انت فلا
احتارت عشتار ماذا تقول ولكنها احست بالإطمئنان قليلاً
العجوز: هل انت ذاهبةٌ لأرض الجن
عاد الخوف لعشتار مرةً أخرى وقالت متوجسةً: كيف عرفت!!!
العجوز: هه لا أحد يأتي هنا .. إلا إذا كان ذاهباً هناك
حتى تصلي هناك عليك ان تستقلي إحدى هذه القوارب ولكن حذارٍ يجب عليك الاختيار بحكمة
عشتار: ألا تخاف على نفسك من هذا المكان إذ يبدو أنه مهجور وقد يأتي جنٌ في أي لحظة
العجوز: لايهمني من يأتي طالما أنه سيدفع أجرة القارب
عشتار: لكني لا أحمل مالاً
العجوز: لا أتقاضى بالمال بل بالمقايضة
عشتار: ليس عندي ما أقايضه
العجوز: أشم رائحة عسل ويبدو انه لذيذ
لحسن حظ عشتار ان الكيس لازال بحوزتها نظرت بداخله واذا به قليلٌ من العسل
عشتار: قليلٌ من العسل هو كل ما أملك
العجوز: لابأس به
اعطنيه واختاري لك قاربا بحذر
عشتار: إن كنت سأحتار بين الاحمران سأختار البني
العجوز: فتاة حكيمة جدفي بالقارب الى ان تصلي للضباب وعندها لا حاجة للتجذيف فالضياع سيأخذك الى أرض الجن
عشتار برجفة: ألن تقلني الى هناك فأنا لا أجيد التجديف
العجوز: هه تطلبين الكثير مقابل لعقة عسل
اذهبي قبل ان تذوب حلاوته من فمي
ادركت عشتار انه لافائدة من أضاعت الوقت
وقالت: الى اي جهة علي ان اجدف
العجوز: لاتوجد جهات هنا فقط جدفي
نزلت دمعةٌ من عيني عشتار ولكنها استجمعت قواها ووضعت النسر في القارب وهمت تحاول دفع القارب لعرض البحر ولكن دون جدوى إذ كان ثقيلاً على جسدها الناعم
نزلت دمعةٌ أخرى
قالت: هلا تساعدني أرجوك
العجوز: آه ماذا جاء بك الى هنا
كادت ان تشرح له بحماس إلا أنه قاطعها: لا أريد أن اعرف اصعدي
صعدت عشتار القارب بخضوع ونهض الرجل العجوز ورفع ثوبه مخرجاً رجله
وكانت المفاجأة!!!
رجل حمار!!!
انتفضت عشتار بنسرها لنهاية القارب
ضحك العجوز وضرب قعر القارب برجله فثقبه ثم دفعه لعرض البحر وهو يضحك
كان هذا هو “الشق” وهو فصيلة من الجن
نصف انسان ونصف حيوان يتعرض للمسافر ان كان وحده
أصيبت عشتار بانهيار شديد وأحست ببرودة شديدة في جسمها
وسرعان ماستوعبت ان الماء بدأ يتسلل داخل القارب ببطء
استجمعت قواها ماسحةً دموع عينيها وامسكت بالمجداف الذي من حسن الحظ كان مقعراً كالمعول فكانت تارةً تخرج الماء من القارب وتارةً أخرى تقوم بالتجديف
ظلت مايقارب ساعةً كاملة على هذا المنوال لاتكفأ عن العمل كآلة
إلى أن أحاط بها الضباب أخيراً
وأحست أن القارب غدا يسبح لوحده
استندت بظهر القارب بعد عناءٍ شديد تلتقط أنفاسها وهي ممسكةً المجداف تخرج الماء ببطء وحضنت النسر لصدرها
ثم أخذت تبكي
أين أنا ماذا جنيت على نفسي
جن
كهف
أفعى
بحر وضباب
مجهول في لامكان
ونسرٌ لا أعلم إن كان زوجي حقاً
حضنته وأحست بدفئه وتذكرت تلك الليالي التي كانت تضع رأس زوجها على صدرها
إنه ذات الدفء
ياحبيبي تمسك بالحياة جيداً لاتتركني
فأنت املي الوحيد في الحياة
وانا لن اتركك إما أن نحيا جميعا أونموت جميعا
زاد الضباب حتى لم تعد ترى أي شيء
وزادت البرودة
وأحست بالنعاس
فانسل المجداف من يدها شيئاً فشيئاً واحتضنت زوجه متمسكتاً بدفئه جيداً
ووصل مستوى الماء مايقارب ثلث
القارب
وغدت تغفو من التعب والخوف والحزن
وإذا بضربةٍ شديدةٍ في
ظهر القارب
أفزعتها هلعاً وكادت أن تقلب القارب
أخذا القارب يتأرجح تأرجحاً شديداً
امسكت بالنسر وتوسطت القارب وهي ترتجف ذعراً باكية
يتبع.
الجز الثالث
بعد ان حسمت عشتار أمرها للذهاب بالنسر الجريح لأرض الجن لإنقاذ حياته، دخلت في نفق سري تحت شجرة تفاح قديمة في منزلها أدت بها إلى شاطئ مجهول وكان الوقت فجراً التقت فيه بجني عجوز يسمى الشق قام بإعارتها قارباً مقابل لعقةٍ من العسل ونصحها بالتجديف حتى تصل لضبابٍ سيأخذها لغايتها المنشودة
بعد تعب شديد زاد الضباب ملتفاً حولها حتى لم تعد ترى أي شيء وزادت البرودة وأحست بالنعاس فانسل المجداف من يدها شيئاً فشيئاً واحتضنت زوجه متمسكتاً بدفئه جيداً ووصل مستوى الماء مايقارب ثلث القارب وغدت تغفو من التعب والخوف والحزن وإذا بضربةٍ شديدةٍ في ظهر القارب أفزعتها هلعاً وكادت أن تقلب القارب أخذا القارب يتأرجح تأرجحاً شديداً امسكت بالنسر وتوسطت القارب وهي ترتجف ذعراً باكية
احتضنت زوجها بشدة وهي تدعو ان تتجاوز هذه المحنة سكن القارب أخيراً وسكن روعها أيضا وقالت مطمئنتاً نفسها قد تكون صخرةً ضربة ظهر القارب اذ انني لااستطيع تخمين عمق هذا البحر أطلت برأسها من حافة القارب محاولةً قياس العمق وإذا بضربةٍ اخرى اقوى من الاولى انفلت النسر من يديها و سقطت خارج القارب في عمق البحر
سكن كل شيء والتف البرد بجسمها من كل جانب أغمضت عينيها مستسلمة لاتريد ان ترى هذا المجهول أخذت تنزل في الاعماق يداها ممدودة ورجلاها ملتفتان واحدة حول الاخرى لقد يئست من المحاولة لكن فجأة ظهر زوجها في مخيلتها قائلاً عشتار.. لاتستسلمي لقد اقتربتي من الوصول ساعديني
تذكرت زوجها الذي كان ملقاً في قعر القارب ففتحت عيناها و إذا بمخلوقٍ مفزع كان واقفا امام وجهها بسكون
أصيبت بفزع شديد ولاشعورياً ارتدت للخلف ضاربتاً اياها برجلها التي اصابت حلقه
أخذت تسبح للاعلى بسرعة لا أصعب من الموت غرقاً في البحر خوفاً
كانت كلما اقتربت من السطح تزيد سرعتها تسبح وتسبح ودموع عيناها الدافئة تمتزج ببرودة الماء فتضفي قشعريرةً حول عينيها مع اختلاط ملوحة الماء بملوحة دمعها فجأةً وإذا بيدٌ أمسكت برجلها تسحبها للاعماق لم ترد النظر لتلك اليد فقط أخذت تعفر في عمق البحر وهي تهز رأسها بالنفي باكية ووجهت رفسةً الى شيءٍ بدا انه رأس افلتتها تلك اليد اخيرا واخذت تعلو سباحة بسرعة فقد اوشك نفسها ان ينقطع وكانت على يقين انه ان امسك بها مرةً اخرى ستكون النهاية
وصلت للسطح أخيراً آخذةً نفساً لم تأخذ مثله في حياتها كانت بقرب حافة القارب الذي كان مستوى الماء قد وصل فيه فوق النصف وخرج ذلك الوحش قرب الحافة الاخرى
كان هذا هو “الدلهاب” فصيلة من الجن تسكن البحر صورته إنسان بدون ملامح فقط وجه اخضر بدون عينين ولا انف له فم كبير واسنانٌ كأسنان قرش جلده كصخر البحر يتعرض للمراكب ويقذف أهلها في البحر
حين رأته يسبح مقترباً اليها فزعة وقفزة ممسكتاً بطرف القارب الى ان استقرت في بطن القارب أخيرا والقت بنفسها جانب نسرها
ياللهول أخيرا عدت للقارب الحمد*** رفعت نسرها بسرعة عن الماء الحمد*** مازال ينبض وجسمه دافئ
احتضنته لصدرها وامسكت بالمجداف وعادت تخرج الماء بسرعة إذ لايوجد وقت للتنفس
كما أن الدلهاب عاد يضرب القارب ايضاً محاولاً رميها مرة اخرى مماساعد في اخراج الماء من القارب سريعاً اخيراً عاد مستوى الماء في القارب تحت الثلث ولكنه مازال يتأرجح
أدركت أنه لولا ثقل الماء الموجود في قعر القارب لكان انقلب بسهولةٍ من اول مرة لقد فهمت الآن فقط لما قام ذلك الجني “الشق” بثقب القارب تذكرته بامتنان لتوها فهمت مقصده من ثقب القارب اذ كانت حانقةٍ عليه من قبل كان يعلم ان الدلهاب سيهاجمها لاشك ألهذا خيرها بين القوارب الثلاثة ياترى، ماذا كان سيحدث لو اختارت أحد القاربين الأحمران هل اللون الأحمر سيجذب جناً آخرين أم هل يصعب خرق القارب ذو اللون الأحمر؟ لا أدري كل ماعرفه انه ساعدني نوعاً ما
استعاد القارب توازنه أخيراً وعم السكون من جديد إلا انها كانت تحس ان الدلهاب لن يستسلم بسهولة وانه لاشك يريد مفاجأتها ليلقيها مرةً اخرى
كانت تترقب بحذرٍ شديد لدرجة انها نسيت ان تبكي لامكان للبكاء هاهنا يجب ان اتشجع لم اصل هنا حتى اكون فريسةً لهذا الجني الاعمى ان كان يريد القتال ساقاتله حتى اخر رمق لن اغلق عيني بعد الآن ولن أيأس إن كنت سأموت فإني سأموت بشرف الدفاع عن زوجي وعائلتي
لكن ترى اين ذهب هل استسلم؟ اتمنى ان يكون قد قطع الأمل من قلب القارب سأحافظ على مستوى الماء فوق الثلث لا أكثر ولا أقل
كان شكها في محله إذ أن الدلهاب قد يأس من محاولة قلب القارب نظراً لصغر حجمه لكنه هذه المرة قفز جالساً القرفصاء على حافة القارب بسكون
“يا إلهي لقد صعد على القارب ماذا علي أن افعل”
نزل الدلهاب على اربع واتجه اليها بسرعة ارجعت يداها للخلف وهوت بالمجداف على رأسه تريد ضربه به الا انه التقمه بفمه وقام بنهش المجداف وتهشيمه
وقفز فوقها حتى سقط النسر تحت قدميها
طوق الدلهاب رقبة عشتار بكلتا يديه وغمر رأسها في قعر القارب يخنقها داخل الماء وهي تنتفض تحته بضعف كان فوق الماء اقوى من تحته اخذت ترفس برجليها كانت تظن انها ترفس الدلهاب ولكنها كانت ترفس النسر ومع الرفس المتواصل انفكت الخرقة التي كانت قد لفت بها جرحه فسالت قطرةٌ من الدم في ماء القارب وفجأةً حدث شيء غريب انتشرت قطرة الدم في ماء القارب سريعاً وماهي الا لحظات واذا بالدلهاب قد افلت رقبة عشتار واخذ ينتفض وهو يصرخ صرخةً مفزعةً حتى تيبس مكانه
اخذت عشتار تلتقط انفاسها باكيةً وهي تنظر لهذا الوحش المرعب وهو متحنطٌ فاتحاً فمه بحزن
رفسته برجلها ملقيتاً به خارج القارب واخذ جسمه يطفو ويتبخر حتى ذاب على سطح البحركالزبد
امسكت زوجها بشدة وهي تبكي بحرقة كالأطفال وخبأت رأسها في صدره
لم تكن هناك كلمات تعبر بها ن امتنانها علاوة على ذلك لم يكن باستطاعته سماعها لكن ماكان منها الا ان رفعت رأسها وشكرت ****
أخيراً بدأ الضباب بالانقشاع تدريجياً وكأن الشمس قد بدت تشرق الى أن اختفى الضباب تماما وتوقف القارب نظرت الى المجداف المهشم والماء الذي كان قد غمر القارب تماماً فحملت النسر فوق رقبتها واخذت تحاول اخراج الماء بكلتا يديها ولكن دون جدوى
الى أن بدأ القارب ينغمر في البحر ولكنها لم تغرق
كانت واقفةً والماء يصل ذقنها
“الحمد*** يبدو انني اقتربت من الشاطئ في الوقت المناسب”
رفعت النسر بكلتا يديها واخذت تمشي شيئاً فشيئاً كان ينخفض مستوى الماء وهي تزيد من سرعتها فرحة
الى ان وصلت لليابسة اخيراً
ارتمت على الارض تقبلها وتحضنها وتحمد **** وتشكره
ظنت انها وصلت لغايتها المنشودة ولكنها حين نظرت حولها متفحصةً المكان لم تجد سوى صحراء شاسعة قاحلة
استجمعت قواها واحتضنت النسر ونهضت تمشي كانت تعرج قليلاً مع ألمٍ في كتفها الأيمن ووجعٍ بظهرها لكن كل هذا لم يثنيها فلقد قطعت الجزء الأصعب كما كانت تظن
كلما أشرقت الشمس أكثر أحست بحرارةٍ أكثر وهي لاتكفأ تمشي وتمشي ولم تكن تكترث بحرارة الشمس لكنها كانت عطشى لم تحس بالعطش إلا حين وجدت نفسها في هذه الصحراء حتى تنسى العطش والتعب اخذت تفكر ببنتيها وما مصيرهما هل عادتا لارض الجن بسلام ام لا ونزلت دمعةٌ من عينيها
في هذه الاثناء كان عيقم ملك قبيلة الجن المعادية لقبيلة جلجامش في قصره جالسٌ على عرشه مجتمعاً بوزراءه حين دخل عليهم طنطل (الجني الذي تشكل بكلب وتعارك مع جلجامش وهو ابن عيقم وهو قائد الجيش)
عيقل: لقد ارسلتك لتأتيني بزوجة جلجامش الإنسية وكانت المهمة جداً سهلة إذ هي خلعت الخاتم الذي يحرسها فماذا حدث
طنطل: كدت أن أظفر بها ولكن تدخل جلجامش وتعاركنا
عيقم: وماذا كانت نتيجة المعركة هل قتلته؟
طنطل: لا ولكني تغلبت عليه وكدت ان اخطف عشتار ولكن حدث ماهو ليس بالحسبان، إن هذه المرأة ساحرة
أجاب أحد الوزراء: لم يسجل اسمها في سجل السحرة قط
طنطل: لا اعلم ماحل بي حين نظرت عينيها اصبت بقشعريرة وخارت جميع قواي حتى خلت اني اموت
ضحك رئيس الوزراء وكان اسمه سامد ذو لحية بيضاء كثيفة وهو من اذكى الجن يتصف بالذكاء والحكمة والمعرفة وقال: انه سحر العشق
عيقم: ماذا!!! هل عشقت تلك الإنسية انت ايضا ان هذا لإفك عظيم
طنطل: لا لم اعشقها ولكن حين نظرت عيناها.. وسكت طنطل قاطباً
عيقم: ماخبر هذه البنت ياسامد؟
سامد: انها مشيئة القدر، سوء اعمالنا ارتد علينا
عيقم: ماتقصد؟
سامد: حدث قبل اربعين سنة قصة في عالم الإنس تخص هذه الفتاة بل بالاصح تخص امها جمال العين كان لأمها ليس لها، حين كانت **** لم يولد في زمانهم مثلها وكان لهم جارةٌ ابنتها بها حول وكانت تحسد هذه البنت فقامت بعمل سحر لها وذهبت بنظرها مستعينةً بماردةٍ عظيمة
عيقم: تباً لكيد النساء وحسدهن.. وماذا بعد؟؟
سامد: كبرت هذه الفتاة العمياء وتزوجت ورزقت بعشتار وفي الليلة التي ولدت فيها عشتار ماتت امها، بعد زمن بسيط تابت تلك الماردة وكانت تهم بإعادة بصر ام عشتار فحين وجدتها قضت نحبها احست بالذنب فوضعت سحر عيني الام في ابنتها لكنها ظلت تأنب نفسها فوهبت قوتها في عينين هذه الفتاة فامتزج جمال عيني امها بقوة الماردة في عيني عشتار واصبحت بحسب الظاهر ما ان تلقي بصرها على جني حتى تسلب قلبه وعقله
عيقم: لهذا إذن عشقها جلجامش
سامد: وطنطلٌ ايضا بحسب الظاهر
طنطل: لم اعشقها قلت لك ان قواي قد خارت فقط لسبب لا اعلمه
عيقم: وهل سحر عينيها نافذ على الجن فقط؟
سامد: إن لم يخب ظني فسحرها نافذ على رجال الجن فقط دون النساء
عيقم: لماذا لم تخبرني بهذا من قبل
سامد: كنت أظن ان هذه الفتنة عونٌ لنا وليس علينا لكن في الوقت الذي ذهب طنطل لخطفها كنت في جزيرة السلاحف ابطل سحر الخاتم الذي كان يحرسها ولكني لم استطع ايضا فالخاتم يستمد قوته من قوة جلجامش نفسه ولإبطال سحره لابد من قتل جلجامش، وهو من عشقه لها يفديها بحياته
عيقم: وماذا عن ابنتيها النصف جنيتان هل ورثتا عن امهما سحر عينيها
سامد: لا اعتقد بحسب جواسيسنا في مملكة جلجامش لم يظهر عليهما حتى الآن سوى بعض قوى الجن ولكن هذه القوى مع ضعفها تزداد مع الزمن شيئاً فشيئاً
عيقم: مالعمل الآن وقد اقتربنا من النصر تظهر لنا هذه الفتاة من اللامكان لتسلب قلب وريث عرشي لابد من قتلها
طنطل: إن سمح لي مولاي أن اثبت له اني كفؤ بورث عرشه وآتي له برأسها
عيقم: وهل تأمن على نفسك من سحر عينيها لو رأيتها مرةً اخرى لا أظن
طنطل: إن لم استطع كبح جماح قلبي فلا استحق ان اخلفك في مملكتك انا لست جلجامش لن اعشق إنسية يا أبي اعطني الفرصة لأثبت لك وللجميع ما أقول
عيقم: هل تعي ما أنت مقبل عليه حتى تستطيع قتل هذه الفتاة لابد من قتل جلجامش لتبطل سحر الخاتم ولقتل جلجامش لابد من هزم جيشه
طنطل: لن اعدم الوسيلة فقط اعطني الفرصة
عيقم: لك هذا ولكن حذار إن عشقتها لن احرمك من العرش فقط بل سأنفيك من مملكتي للابد
طنطل: حسنا
رد مع اقتباس
#8
قديم 24-02-18, 08:02 PM
الصورة الرمزية قطر الندئ
قطر الندئ قطر الندئ غير متواجد حالياً
مشرفة منتدى اسرة حواء ومشاركة بمسابقة الرد الأول والتراس عالم الازياء ومشارك في puzzle star وراوي القلوب وكنز سراديب الحكايات
قصة الإنسية التي تزوجت جني
خارت جميع قوى عشتار من المشي تحت شمس الصحراء المحرقة وكان الظمأ قد أحرق جوفها لكن وسط هذا الحر الشديد لاحظت أن جرح النسر قد بدأ يلتأم شيئاً فشيئاً وهذا ما اعطاها املاً في الاستمرار الا انها غدت تمشي بمعدل خطوة في الثانية من شدة التعب
توقفت فجأة تنظر يمنةً ويسرة ماتدري عما تبحث فقط لتلتقط انفاسها وحين اعادت نظرها للأمام لاحظت شيئاً من بعيد بدا وكأنه شجرة
“إن كانت توجد شجرة حقاً فلابد من وجود الماء”
وجود خيال شجرةٍ من بعيد اعطاها قليلاً من الأمل فغدت تشد الخطى
” ما أظنها إلا سراباً ولكن ليس لدي أمل غير هذا السراب سأتبعه أما أن أصل للماء أو أن أكون تقدمت لمبتغاي”
كلما كانت تمشي كانت الشجرة تكبر والمسافة بين خطوات رجلاها تكبر وسرعتها تزيد
أخيراً وصلت للشجرة وأخذت تبكي من الفرح من غير دموع حين وجدت بئراً بجانب تلك الشجرة
” الشكر لك **** أرجو أن يكون به ماء”
اقتربت من البئر وسحبت الحبل المعلق به إلى ان اخرجت دلواً مليئاً بماء عذب
” يالله الشكر لك”
كادت ان تشرب ولكنها تذكرت حبيبها
” لابد انه عطشان مثلي ترى هل يستطيع ان يشرب؟”
قربت الماء من منقاره لكنه لم يشرب فقامت بفتح منقاره قليلاً ولكنه لم يشرب ايضاً فما كان منها إلا ان وضعت قليلاً من الماء لتبل لسانه به عل هذه القطرات تصل جوفه
كررت هذه العملية عدت مرات إلى أن اطمأنت انها ادخلت قليلاً من الماء في جوفه ثم جلست مستندة على الشجرة واخذت تشرب بنهمٍ شديد
كان الماء بارداً جداً لدرجة انها شربت الدلو كاملاً من حلاوته
” الحمد*** ما ألذ هذا الماء، مسكينٌ من مات عطشاناً في حر صحراء”
بعد ان استعادت نشاطها وحيويتها همت بالنهوض لملأ الدلو مرةً اخرى لتحمله معها في مسيرتها وحين كانت تسحبه سمعت صرخةً مفزعة من شدة الفزع سقط الدلو من يدها في البئر
نظرت وراءها باتجاه الصوت لتجد أن الشجرة قد بدأت تتحول لعجوز شمطاء مخيفة ذات شعر طويلٍ جداً كان المنظر جداً مفزع
ارتعدت فرائصها واصيبت برجفةٍ شديدة ولكنها اسرعت لحمل نسرها وانطلقت هاربة
سمعت صوتاً من ورائها وهي تركض
“كيف تجرأين”
“كيف تجرأين”
أخذت تركض وهي ترتعد خوفاً ولكن دون جدوى فقد أحاط بها شعر ابيض يابس كأنه كان يركض معها التف حول رجليها وأسقطها أرضا حتى انفلت النسر من يديها وسحبها ذاك الشعر الى ان اعادها لتلك العجوز
كانت تلك هي “السعلاة” فصيلةٌ من الجن تسكن القفار والصحاري على هيئة امرأة عجوز ذات شعر ابيض طويل يابس وفمٍ دون أسنان فقط نابان طويلان وعينان مخيفتان كعينا أفعى تقتل الانسان خنقا وتأكله
طوقت يداها ورجلاها وبطنها ورقبتها وعشتار ترتجف خوفاً وقد أيقنت أنه لاسبيل للفرار أو القتال هذه المرة
صرخت السعلاة: كيف تجرأين
تشربين من مائي دونما استئذان
تسرقين دلوي
وتهربين دون اعتذار
قد جنيتي على نفسك ايتها الإنسية الحقيرة
ورفعتها عاليا ورطمت بها الارض بشدة
اصيبت عشتار بدوار في رأسها مع ألمٍ شديد ونهضت بصعوبة وهي تترنح
فطوقتها السعلاة مرةً اخرى ورفعتها مقربةً إياها
عشتار وهي ترتعد: أرجوك سامحيني قد كنت عطشى وكدت أموت ولم أعلم أن هذا البئر يخص أحداً
السعلاة: ستموتين الآن ولكن علي أن اتأكد ان موتك سيكون مصحوباً بألمٍ شديد هذا جزاء من يتجرأ على مائي
عشتار: الرحمة أرجوك لم أكن أعلم أن هذا ماؤك سامحيني أرجوك أنا آسفة
السعلاة: لااااااا
لاينفع الندم الآن ستدفعين حياتك ثمناً لحماقتك وجرأتك
وأخذت تخنقها
السعلاة: إن كان مائي قد روى عطشك فجسمك النحيل سيسكن جوعي
واخذتها تخنقها بشدة حتى كادت عشتار ان تموت
عشتار: أرجوك اتركيني أعيش أنا أمٌ لطفلتان ولدي زوجٌ مريض
ضحكت السعلاة ضحكاً شديداً وقالت: هل تظنين أني سأرثي لحالك .. يالك من غبية
عشتار: أرجوك ان كان هناك ما استطيع عمله للتكفير عن خطأي فأنا مستعدة ولكن لاتقتليني أرجوك
السعلاة: ليس لديك شيء يمكن أن استفيد منه سوى ان تكوني وجبة غدائي هه
عشتار: سأطعمك إن تركتيني أعيش متى ماحضرتي لعالم الإنس سأعطيك كل مالذ وطاب كل يوم سأكون لك خادمة
السعلاة: لا أريد طعامك أو خدمتك لكن إن كنت تريدين الحياة سأتركك تعيشين بشرط واحد
أنزلتها على الأرض أخيراً
أخذت عشتار تلتقط أنفاسها واضعةً يديها على حلقها من الألم وأحست بقليل من الأمل
عشتار: أشكرك أيتها المرأة الطيبة سمي شرطك وسأنفذه مهما كلفني الأمر
السعلاة: هل انت متأكدة؟؟
عشتار: نعم بالطبع سمي ماشئت فقط اتركيني اعيش
السعلاة: لا أظن أنك ستوافقين على شرطي من الافضل ان آكلك
عشتار: لا لا أرجوك لقد وافقت على شرطك قبل ان اسمعه فقط سمي ماشئت
السعلاة: هل هذا وعد؟؟
عشتار: نعم أعدك أن أنفذ ماتطلبيني أرجوك أخبريني بشرطك
السعلاة: حسناً مادمتي قد قطعتي وعداً سأعلمك بطلبي ومبتغاي لكن أحذرك إن اخلفتي بهذا الوعد لن يستطيع أحدٌ من الإنس أوالجن مساعدتك سنلتزم بالاتفاق نحن الاثنتان ولن تتجرأ إحدانا على النكث به
احتارت عشتار ولكن بحسب الظاهر لايوجد لديها خيارٌ آخر عدا الموافقة فأي شيء سوى الموت
عشتار: حسناً أعدك
السعلاة: جميل جداً
طلبي وشرطي ومبتغاي أن أشاركك في زوجك
انصعقت عشتار من طلب هذه الجنية
إلا أن السعلاة اردفت: في كل شهر عند اكتمال القمر اتلبسك واشاركك زوجك ليلةً واحدةً فقط
انتم معشر نساء البشر دائماً تقولون أن الموت أهون لديكن من أن تتشاركين زوجك مع أحدهم فهل تفضلين المشاركة أو الموت الآن قرري وتذكري أنك وافقت وعاهدتيني ولن يستطيع أحدٌ من الإنس أو الجن التدخل في هذا الاتفاق ومساعدتك .. ماتقولين؟؟
اخذت عشتار تفكر بحرقة واخذت تحدث نفسها
” لا أريد أن يشاركني أحدٌ في زوجي ويستحيل أن أشارك هذه الجنية الشمطاء ولكن مالعمل ليس هناك حيلة أما أن أوافق أو أموت”
ونزلت دمعةُ حرقةٍ من عينيها ما إنه لابتزازٌ صعب
السعلاة: تبا لك أيتها الإنسية هل توافقي أو تموتي هيا بسرعة
حين سمعت عشتار هذه الكلمات لمعت فكرةٌ في عقلها إن نجحت ستكون قد نجت بحياتها وتخلصت من هذه العجوز للأبد
عشتار: حسناً.. أوافق على أن أشاركك في زوجي ” الإنسي” للأبد مرةً في كل شهر تتلبسيني وهذا بيني وبينك لن يعلم أحدٌ به
ولايحق لإحدانا الإخلال بهذا الشرط
السعلاة بفرح شديد: كرري ماقلتي ثلاث مرات
كررت عشتار ماقالت ثلاث مرات ونظرت للسعلاة التي كانت فرحةً جداً بانتصارها
السعلاة: حسناً لقد تم الأمر، لقد شاركتك في زوجك الإنسي للأبد اذهبي الآن وحين اكتمال القمر من كل شهر سأجدك أينما كنت
عشتار: حسناً ياشريكتي الوداع الآن لكن هل يمكنني استعارة قليلاً من الماء لأروي عطشي
السعلاة: خذي هذه القارورة ستعينك في سفرك
عشتار: أشكرك
السعلاة: اغربي عن وجهي الآن وتذكري موعدنا عند اكتمال القمر اتلبسك واشاركك في زوجك
مشت عشتار وهي تهم الخطا بسرور ونصف ابتسامة ونشوة انتصار، لم يخطر ببالها أن تخدع جني من قبل وصلت للنسر وحملته على عنقها واكملت مسيرها حتى ابتعدت واختفت عن السعلاة
في هذه الأثناء دخل كبير الوزراء سامد على الملك عيقم الذي كان جالساً وحده بعد الاجتماع
عيقم: مايشغل بالك؟
سامد: مايشغل بالك
عيقم: هل تعتقد أنه يستطيع مجابهة تلك العينين مرةً أخرى؟
سامد: عندي اقتراح إن سمح لي مولاي
عيقم: تفضل ياصديقي
سامد: إنه ابنك وولي عهدك وقائد جيشك اعتقد أنه من المخاطرة وضعه في اختبار كهذا
عيقم: أنت تعرف طنطل عنيد جداً ولن يتنازل عن مطلبه سيقحم نفسه في اختبارٍ هو مهلكه
سامد: لهذا جئتك يامولاي. ماذا لو جعلنا إحدى الجنيات تتشكل على صورة عشتار ونجعله يقتلها بهذا نكون قد عززنا ثقته بنفسه وأنه أثبت كفاءته والأهم من ذلك نوهمه أنه تغلب على عشقها ونحن بدورنا نقوم بقتل عشتار
عيقم: كيف ستقتلها والخاتم
سامد: في الوقت الذي سنشن في هجمتنا سأضع جائزةً لمن يأتيني برأسها له نصف ما أملك وسأرسل لها أكثر من جني لتحتد المنافسة فحين تخور قوى جلجامش في المعركة عندها نعطيهم الإشارة بالهجوم على عشتار وقتلها وبهذا نقوم بتشيت قوة جلجامش واضعافه أكثر ليتسنى لنا التغلب عليه بسهولة، يقتلوها دون أن ينظروا في عينيها و علينا أن نعد العدة لهذه المعركة يجب أن تكون قاضية
عيقم: يالك من صديق وفي أتهب نصف ثروتك فداء لي
سامد: أهب حياتي فداء لك مولاي
عيقم: لكن ماذا لو فشلت الخطة سيكون تأثيرها سلبي على طنطل لاشك، أعني فيما لو قام طنطل بقتل عشتار المزيفة وفشلت خطتك في قتل عشتار الحقيقية واكتشف طنطل أنها ماتزال على قيد الحياة
سامد: لاضير في ذلك، إذ أنه يعتقدها ساحرة
عيقم: الحق ماتقول
بعد عناءٍ طويل في حر الصحراء وصلت عشتار أخيراً لوادٍ به عدة شجيرات لكن لايوجد ماء هنا إذ كانت الأشجار يابسة وسكونٌ غريب يحف بالوادي
أخذت تمشي بحذرٍ وخوفٍ وترقب المجهول إذ أنها أيقنت أنه لابد من وجود تحدٍ جديد هذه المرة
أخذت تبكي من الخوف وتقول” متى سأصل أرض الجن المزعومة لقد خارت قواي وعقلي لم يعد بإمكانه الصمود أمام جنيٍ آخر
ياترى هل أنا على الطريق الصحيح وهل توجد أرضٌ للجن أصلاً”
فجأة سمعت صوت رفرفةٍ تبعه صوتٌ يستنجد
“ساعدوني النجدة أنقذوني من هذا الشرير”
أخذت تبحث عن الصوت ولكن لم تجد شيئاً
هذا ماكان ينقصها إنقاذ أحدٍ ما
هي نفسها تحتاج من ينقذها
ظنت انها تهيآت أو قد تكون خدعةً ما فأخذت تشد الخطى إلى أصبح الصوت أقوى من ذي قبل
“اتركني ايها المتوحش”
نظرت تحت شجرةٍ قريبة وكانت المفاجأة
وطواطٌ صغير يعض على جناح فراشةٍ وهي تستغيث
كادت عشتار ان تهرب عنهم بعيداً لكنها أشفقت على الفراشة وتذكرت ماحل بها
” إن هذه الفراشة تمر بنفس مامررت به مذ دخلت هذه الأرض المرعبة لابد أن أنقذها من براثن هذا الوطواط الشرير”
فحملت حجراً صغيراً وألقته بجانب الوطواط محاولةً إخافته
“اتركها ايها الشرير”
بسرعة ترك الوطواط الفراشة التي ولت هاربةً بسرعة أما الوطواط كان فقد اعتلى الشجرة بسرعة واختبأ وراء غصن صغير مخبأً رأسه فقط أما جسمه فكان واضحاً جلياً
وقفت عشتار أمام هذا المشهد لاتدري ماتفعل
ثم همت بالانصراف
ما إن مشت قليلاً حتى سمعت الوطواط يناديها
“هاي أنت”
التفتت له مرةً أخرى فخبأ رأسه بسرعة
قالت عشتار بحذر: ماذا تريد؟
نظر إليها الوطواط باستغراب هذه المرة وقال: هل تستطين رؤيتي
عشتار بقلق: نعم
الوطواط باستغراب: وتسطيعين سماعي أيضاً إن هذا لعجب عجاب
أحست عشتار بالطمأنينة لسبب ما بدا أن هذا الوطواط به ظرافة استشعرتها من صوته المضحك
اقتربت عشتار قليلاً وقالت: وفيم العجب ايها الجني الصغير
الوطواط: إن كان بإمكانك رؤيتي وسماع صوتي فأنت لست بجنية
عشتار: أنا من بني البشر
الوطواط: البشر!!
يعني انت من الإنس وليس من الجن وماذا تفعلين هنا
عشتار: إنها قصة طويلة أيها الجني الصغير
الوطواط: أنا لست صغيراً ولست جنياً أيضاً
أنا استطيع إخافة أكبر جني في الدنيا
ضحكت عشتار
الوطواط: ألا تصدقينني أنتم بنو البشر تستخفون بكل ماهو أصغر منكم وتخافون من كل ماهو أكبر منكم
عشتار: آسفة أيها الوطواط الجميل ولكني لم اضحك منذ زمن
الوطواط: أنا لست جميلاً أنا أكره الجمال
عشتار: ما أنت إذاً لقد أثرت فضولي
الوطواط: أنا كابوس جني مخولٌ بإيحاء الأحلام المزعجة والمخيفة في نفوس الجن وهم نيام وتلك الفراشة هي الحلم الجميل لقد كنا نتنافس حتى نصل لجنيٍ نائم لكنك أفزعتني وجعلتي الفراشة تهرب وتظفر بذلك الجني سحقاً
عشتار: وهل تحلم الجن؟
الوطواط: بوجودنا نعم نحن نبث الأحلام في عقولهم النائمة نتغذى على حزنهم وفزعهم ودموعهم والفراش يتغذى على فرحهم وسعادتهم وضحكهم
عشتار: ياللعجب
الوطواط: العجب إني لأول مرة أعرف أن بإمكان بنو البشر رؤيتنا فالجن لايستطيعون رؤيتنا
الأحلام لاترى بل تُحس حتى أنتم بنو البشر حين تنامون تحسون بالأحلام لكن لاتستطيعون رؤيتها
قالت عشتار بمكر: ولكني حين أنام أشاهد أحلامي
الوطواط: كيف تشاهدينها وعيناك مغلقةٌ أيتها الماكرة
ضحكت عشتار وقالت: أنت ظريف جداً ما رأيك أن تصحبني
الوطواط: لا استطيع فأنا جائع سأبحث لي عن جني أفزعه بكابوسٍ حتى أشبع
عشتار: ماذا لو بكيت أمامك أو أُصبت بحزن هل تشبع؟
الوطواط: امممم لم اتغذى على حزنٍ إنسي من قبل لكن لاضير من التجربة فأنت جميلةٌ جداً وكلما زاد الجمال كان حزنه ألذ وأفضل
عشتار: ههه
ههه أنت ظريف جداً أرجوك اصحبني وسأشبعك حزناً فقصتي قادرةٌ لاشك على إشباع كابوس جني
الوطواط: حسناً ولكن بشرط
عشتار: ماهو؟
الوطواط: أن تسميني الكابوس المرعب العظيم
عشتار: هههههه لا سأدعوك كابوس فقط مارأيك
الوطواط: حسناً
الجز الرابع
الإنسية التي تزوجت جني
مشت عشتار حاملةً نسرها ومعها صديقها الجديد ” كابوس” وهو وطواط مخول ببث الأحلام المزعجة والمخيفة في عقول الجن حين تنام
أخيراً أصبح لديها من يؤنس وحدتها حتى وإن كان كابوساً أخذت تقص عليه قصتها وهو يتلذذ بمايسمع إلى أن انتهت من سرد قصتها كاملة
كابوس: آه لقد اصبت بتخمة، قصتك حزينةٌ جداً أشكرك
عشتار: إن كنت تهوى الحزن لاتتركني فالحزن وأنا رفيقان منذ زمن
كابوس: حسناً ياصديقتي لن اتركك لقد اتضح لي ان بنو البشر يحزنون على اشياء تافهة وسهلة الهضم
عشتار بغضب: هل تسمي مامررت به من كل الاهوال والمخاطر تافهاً
كابوس: بالنسبة لهذا العالم أنت تخافين من أشياء عادية وطبيعية لكن بالنسبة لك فهي مخيفة ومفزعة وهذا مايجعلنا أصدقاء فكلما كان الخوف من شيءٍ عادي وسهل كان ألذ وأسهل أن يؤكل
عشتار: حسناً بحسب مقاييسك ماهو أصعب موقفٍ في قصتي
كابوس: اممم.. فقدك لزوجك وابنتاك
نكست عشتار رأسها باتجاه النسر بحزن وقالت: صدقت
ضحك كابوس وقال: كم إحزانك سهل ياعشتار ستوفرين علي عناء الصيد
عشتار: زوجي المسكين علي أن آخذه لأرض الجن بأسرع وقتٍ ممكن
كابوس: تقصدين أن عليك أخذه لقلعة جلجامش فأنت في أرض الجن أصلاً
عشتار: لكني لا أرى جناً في الأرجاء أين بيوتهم أين ضيعهم هل هم مختبئون أم ماذا؟
كابوس: كل الجن تسكن مع قبائلها وكل قبيلة تسكن قلعةً كبيرة محاطة بأسوار طويلة وعليها حراس من أشد الجن قوة يدعون بالعفاريت الحارسة، فقط الصيادون والجنود والتجار من تجديهم خارجاً والجن المنفيون طبعاً
عشتار: وأين تقع قلعة جلجامش هل هي قريبة من هنا؟
كابوس: المشكلة ليست في البعد أو القرب
عشتار: أين المشكلة إذاً؟
كابوس: كيف ستدخلين القلعة هي المشكلة الوصول لقلعة الجن شيء ودخولها شيء آخر
عشتار: ألاترى جلجامش معي حين يراه الحراس سيدخلونني لاشك
كابوس: لا أعتقد انها فكرة صائبة أنك تخاطرين بحياتك وحياته أيضاً
عشتار: هل لديك خيار آخر
كابوس: ها.. لا
عشتار: إذاً خذني إلى هناك أرجوك لقد تأخرت بما فيه الكفاية
مشت عشتار حاملةً جلجامش الذي بدا انه تحسن كثيراً يرافقها كابوس إلى أن وصلوا لجسر طويل معلقٌ في الهواء
نظرت عشتار للجسر الذي كان يخترق الضباب لكنها لم تستطع أن ترى نهايته
كابوس: نهاية هذا الجسر تؤدي لقلعة جلجامش
عشتار: وهل عبوره آمن
ضحك كابوس بخبث قائلاً: وهلا لديك خيارٌ آخر؟؟
عشتار: اتمنى فقط أن لا أقابل أي جني
مشت عشتار تشد الخطا آملةً الوصول في أقرب وقتٍ ممكن
كان عيقم جالساً على عرشه يفكر ويخطط للمعركة المقبلة وإذا بسامد يدخل عليه فجأةً وقد بدا على ملامحه القلق
سامد: مولاي هنالك أمر جلل
عيقم: ماذا حدث؟؟
سامد: بعد أن أخبرنا طنطل أن جلجامش مصاب والخاتم الذي تلبسه عشتار لاجدوى منه خطرت في بالي فكرةٌ لاستغلال ضعف جلجامش وخطف عشتار فأرسلت الغراب الأسود لعالم الإنس ليتنكر لعشتار بصورة جلجامش ويخطفها لكنه بحث عنها في عالم الإنس ولم يجدها هناك وحين كان عائداً مر بالسعلاة وأخبرته أن إنسية مرت بها تحمل نسراً
نهض عيقم من كرسيه وقال: إن هذا مستحيل .. لايصدق!! كيف جرأت هذه المرأة أن تدخل أرض الجن ولماذا لم ينتبه لها جواسيسنا ولماذا تحمل نسراً
سامد: جواسيسنا متمركزون داخل قلعة جلجامش و أقرب الظن يامولاي أن هذا النسر هو جلجامش نفسه كان قد تحول عند قتاله مع طنطل لنسر وهو جريحٌ و فاقدٌ الوعي منذ المعركة
عيقم: وهي تأخذه لأرض الجن حتى يتعافى ويستعيد قواه إما أن تكون هذه الفتاة مجنونة أو ساحرةٌ عظيمة
سامد: إنها فرصتنا يامولاي إن استطعنا القبض عليها فتكنا بها وبجلجامش وانتصرنا على قبيلته دون إزهاق روحٍ واحدة لاسيما أن جلجامش فاقدٌ للوعي إنها فرصة لاتعوض إن قتلنا آخر قائد لهم ستستسلم قبيلتهم بأكملها لنا
عيقم: بسرعة أرسل أقوى فرساننا ليأتوني بها ولكن ماذا لو حل بهم كما حل بطنطل
سامد: لاعليك يامولاي لقد تدبرت هذا الأمر أرسلت لها ثلاثمئة جني وأمرتهم ان يقتلوها دون ان ينظروا لعينيها ووضعت جائزة نصف ما أملك لمن يقتلها ويقتل جلجامش معها سحر الكنز لاشك أقوى من سحر هذه الإنسية
عيقم: أحسنت لكن ماذا عن طنطل؟
سامد: لم انسه ايضا أرسلت الغراب الأسود لأرض الإنس مرةً أخرى وأمرته أن يتشكل بصورة عشتار هذه المرة وينام في سريرها وسأذهب بطنطل حالاً ليقتله ظناً منه أنه عشتار
عيقم: أخشى أن يكتشف الخدعة ياسامد
سامد:لهذا سأذهب معه بنفسي لاتخف
عيقم: حسناً اذهب حالاً
بدت أسوار القلعة تتضح لعشتار التي أحست أنها اقتربت من مبتغاها أخيراً
” أخيراً سأصل مبتغاي أخيراً سيتعافى زوجي أخيراً سأقابل ابنتاي لقد افتقدتهما كثيراً لك الحمد يا إلهي”
كان في نهاية الجسر قلعة لها سورٌ عظيم وبها بابٌ كبير جداً على جانبي الباب يقف حارسان ضخمان كبيران جداً بدا انهما قويان ومخيفان كانا يقفان بثقة لدرجة توحي انه مامن احد باستطاعته اقتحام هذا الباب لكن كل هذا لم يثني عشتار عن التقدم فإن نجحت خطتها لن تخاف من أي جني فزوجها أمير الجن
فجأةً أحست بالجسر يهتز اهتزازاً عنيفاً وصوت دوي مخيف كأنه قطار قادم نظرت أمامها كنا الحارسان واقفان من بعيد كأنهما تمثالان لايتحركا نظرت ورائها لم ترى غير الضباب
عشتار: ماهذا الصوت ياكابوس
كابوس: لا أعلم لكن انتظري سألقي نظرة
ارتفع كابوس عالياً جداً ليرى ماسبب هذا الاهتزاز ثم هبط بسرعة كابوس: عشتااااااار اهربي كثير من الجن يركضون ورائك ويبدو انهم غاضبون جداً وهم من القبيلة المعادية لقبيلة جلجامش
ما إن سمعت عشتار كلام كابوس حتى ارتعدت فرائصها واخذت تركض بسرعة رهيبة
لقد احست بخطورة الامر الآن، ان استطاعوا الإمساك بها لن تكون حياتها في خطر فقط بل جلجامش وقبيلته بأكملها فيما لو قتل جلجامش
ازداد الاهتزاز وبدا قوياً جداً حتى بدأت تسمع صوت عدو أقدامٍ وحوافر
احست بهلع شديد
ودوى في السماء صوت بوقٍ كان مصدره إحدى الحراس الذي كان يراقب في إحدى الأبراج لسور القلعة
أخيراً تحرك أحد الحارسين الواقفين بالباب ببطء كان صوت خطواته أقوى من صوت الاهتزاز المريع الذي خلفها
أحست بالأمل مازالت المسافة بعيدة ولكن لاشك أن صرخت سيسمع صوتها
صرخت عشتار وهي تركض: ساعدني ايها الجني العملاق انني احمل جلجامش اميركم
لكن بدا ان الحارس العملاق لم يكن يسمعها مشى إلى أن وصل لحافة الجسر وطوق طرف الجسر بكلتا يديه ونفضه نفضةً قويةً جداً جعلت الجسر وكأنه موجةٌ عملاقة رمت بكل من كان فوق الجسر
هوت عشتار وأفلتت جلجامش من يدها أغمضت عشتار عينيها وقالت: إنها النهاية لقد فعلت كل مابوسعي سامحني ياحبيبي
أما الجن الذين سقطوا معها فخرجت لهم أجنحة وكانوا يتسابقون للإمساك بعشتار ويتعاركون فيما بينهم
قبض عليها جني وطار بها عالياً لكن جني آخر طار فوقه بسرعة و ضربه بمطرقةٍ فوق رأسه جعلته يفلت عشتار وأخذت تهوي من جديد والجن جميعهم خلفها
كان صوتهم كأنهم قطيع ذئاب أحاط بأرنبٍ صغير يتعاركون فيما بينهم لنهشه من كل جانب
فجأةً اختفت جميع الأصوات وهي مازالت تهوي وتسقط مازالت مغمضةً عينيها ولاتسمع سوى صوت حفيف الرياح قبض عليها جني بدا انها كبير جداً وتوقف في الهواء عم سكون غامض وهي معلقة في السماء
“لماذا توقف ماذا يحدث ياترى”
فتحت عشتار عينيها بخوف
“أنه جلجامش.. أنه جلجامش .. يالله أفاق جلجامش أخيراً أفاق حبيبي نور عيني منقذ حياتي أنه يحتضنني إنه ينقذني لا أصدق الشكر لك **** الشكر لك **** الشكر لك ****” الصقت رأسها بصدره واخذت تبكي بشدة
فرحة عشتار برؤيتها جلجامش انستها رهبة الموقف والجن التي تحيط بهم من كل جانب في الهواء
أخذت تنظر لجلجامش الذي كان ينظر للجن والشرار يتطاير من عينيه لم ترى زوجها مخيفاً بهذا القدر من قبل لكن هذا غضب تحتاجه الآن لاشك
نظر جلجامش لعينيها اللتان كانتا مليئتان بالدموع و ضع يده على جبينها وقال: ارتاحي ياحبيبتي لقد عانيتي الكثير الآن جاء دوري
ما إن وضع يده على جبينها حتى احست بالدفء والامان وسط الجن المتوحشون من حولهم لكن لم يهمها كل ذلك فمن كان في حضنها طول تلك المسافة المرعبة أضحت في حضنه الآن أخذت تغلق عينيها شيئاً فشيئاً حتى غابت عن الوعي
نظر جلجامش مرةً أخرى للجن من حوله كانت الجن ترتعد وكأنه كان محيطٌ بالجن وليست الجن محيطةً به
اتجه الجني ذو المطرقة مسرعاً باتجاه جلجامش وهوى بالمطرقة يريد ضرب رأس جلجامش
إلا أن جلجامش أمسك بالمطرقة وبقوة انتزعها من يد ذلك الجني ورماها من يده ثم لطم الجني على وجه لطمةً فقأت عينه ورمته بعيداً
هجمت عليه الجن هجمةً واحدة فمد يده للخلف باتجاه القلعة وبسرعة انبثق شيءٌ قادم من القلعه باتجاه جلجامش بسرعةٍ رهيبة إلى ان سقط في يده
كان هذا هو سيفه الذي توارثه عن اجداده جيلاً بعد جيل وهو سيف بلوري تخاله ثلجياً ويحيط به رعدٌ أزرق مخيف هذا السيف أقوى سلاح في قبيلتهم يسمى بالسيف الصاعق
ما أن سقط السيف في يد جلجامش حتى انتفضت الجن وارتعدت واخذت تهرب من كل جهة
إلى ان اختفوا جميعهم من وجه جلجامش ولم يبقى سوى جني واحد
كان هذا هو الأجهش وهو جني أبيض وشعره طويل وأبيض أيضاً خطير وقوي سمي بالأجهش لأنه يعذب عدوه ويجعله يجهش بالبكاء قبل قتله وقيل أنه سمي بذلك لأنه حين ماتت عشيقته أخذ يجهش بالبكاء سنيناً طويلة لم يهزم قط وكان من صعاليك الجن ومرتزقتها لاقبيلة له وسلاحه عبارة عن سيف طويل جداً ومرن مربوطٌ به خيط ليصبح كسنارة عرف عنه أنه سلاحٌ قوي وفتاك
جلجامش: أيها الأجهش ماذا جاء بك إلى هنا أنت لست من قبيلة عيقم
ضحك الأجهش وقال: وضعت جائزةٌ مغرية على رأس هذه الإنسية وقد أتيت لخطفها ونيل هذه الجائزة
أدرك جلجامش أن هذا المرتزق لن ينثني عن نيته ولابد من قتله
نزل جلجامش لباب القلعة ووضع عشتار على الأرض لكن الأجهش تبعه أصبح الاثنان متقابلان وسكنت الريح
في نفس الوقت وصل سامد وطنطل لعالم الإنس ودخلا بيت عشتار إلى أن وصلوا لغرفتها فوجدوها نائمةً على سريرها( عشتار المزيفة)
همس سامد: هيا ياطنطل اقتلها اطعنها بهذا الرمح اثبت لابيك انك لم تتأثر بسحر هذه الإنسية وأنك كفؤ أن ترث عرشه
امسك طنطل بالرمح واتجه الى ان وقف فوق رأسها نظر إليها وقال في نفسه ” إنها نائمة ياله من وجه جميل لقد سحرتني فعلاً بجمال عينيها كم اتمنى لو اراهما ولو لآخر مرة”
سامد: هيا ياطنطل اطعنها
أخذت يدا طنطل ترتجف وهي ترفع الرمح ثم سقط الرمح من يده
بسرعة بادر سامد للرمح قبل ان يستفيق الغراب الأسود وتنكشف الخطة طعنه طعنةً اخترقت صدره
طنطل: لااااالما فعلت ذلك ياسامد لماذا ياسامد كنت أريد رؤية عيناها فقط لمرةٍ واحدة
سامد: كان على احدنا فعل ذلك
أشاح طنطل بوجهه عن سامد ودمعةٌ قد سالت على خده وحرقةٌ في قلبه
خرج الاثنان من بيت عشتار متجهين لعالم الجن كان طنطل يرتعش من كثرة الحزن ووجهه اصفر ومحطمٌ جداً أراد سامد أن يخفف عنه بقليل من الكلمات ولكنه آثر احترام هذه اللحظة الحزينة فلاتوجد فعلياً كلمات تخفف على العاشق موت معشوقته خصوصا إن قتلت برمحه
حين اقتربا من قصر عيقم كان طنطل مايزال على حالٍ يرثى لها
قال سامد مشجعاً: لن يعلم أحدٌ بما حدث سأقول للملك أنك أنت من قتلها لاتخف سيبقى ماحدث سرٌ بيننا يامولاي
أشاح طنطل بوجهه عن سامد واعطاه ظهره مبتعداً واختلا بنفسه في جناحه الخاص
كان السكون مسيطراً حين التقى الجبلان جلجامش والأجهش في وقت غير هذا كان سهلاً على جلجامش التغلب على جنيٍ مثل الأجهش ولكن جراحه مازالت لم تلتئم تماماً وهذا ماكان الاثنان يراهنا عليه في هذه المعركة
أمر جلجامش الحارسان بحماية عشتار وانطلق لمجابهة الأجهش
رفع جلجامش السيف للسماء فتجمعت حوله السحب وأخذت تبرق وترعد مجمعةً الرعد في السيف وكأن السيف يسحب الرعد من السحب ويستمد طاقته منها
أما الأجهش فأخذ يلوح بسيفه في الهواء بشكل دائري حتى تكونت زوبعة عظيمة
أطلق جلجامش الصاعقة الرعدية باتجاه الأجهش فما كان من الأجهش إلا وأن القى بزوبعته تجاه جلجامش هو الآخر
اصطدمت الزوبعة بالصاعقة والتحمتا حتى غدت زوبعةً رعدية
انتهز جلجامش الفرصة و ارتفع عالياً وهوى بسيفه متجهاً للأجهش من فوق الزوبعة الرعدية
رغم قوة جلجامش الجبارة كان يفتقد لخبرة الأجهش في القتال
رمى الأجهش بسنارته على الزوبعة وسحبها ملقياً إياه باتجاه عشتار
ارتد جلجامش مسرعاً باتجاه عشتار إلا أن الأجهش القى بسنارته التي تعلقت على رقبة جلجامش مكان جرحه القديم وأخذ يسحبه بقوة وهو يضحك
اقتربت الزوبعة من عشتار كثيراً فاستسلم جلجامش واصبح سهلاً على الاجهش سحبه بسرعة الى ان أصبحا قريبين من بعضهما البعض بسرعة اطلق جلجامش رعدةً من سيفه باتجاه الزوبعة واصبحت الزوبعة متصلةً بسيفه فقام بسحبها بقوة
إلى أن سقطت عليه وعلى الاجهش صعق الاثنان من الرعد بقوة وسط الدوران الهائل داخل الزوبعة حتى انفلتت السنارة من رقبة جلجامش فصرخ صرخةً عنيفة واتجه مسرعاً للاسفل بكل ما أوتي من قوة وضرب قعر الزوبعة بسيفه فبددها واختفت هي والأجهش
سقط جلجامش على الأرض ونهض بسرعة وجسمه مليء بالبرق وهو يلهث ممسكاً بسيفه ينظر يمنة ويسرة يبحث عن الأجهش
اختفت الزوبعة واختفى معها الأجهش
جلجامش: لنا لقاءٌ آخر أيها الأجهش
هدأ جلجامش أخيراً فاتجه مسرعاً لعشتار أخذ القارورة التي كانت مربوطةً في خصرها وبل وجهها بقليل من الماء
أفاقت عشتار وأخذت تنظر لجلجامش
جلجامش: كم اشتقت لهذه العينين ..آه لقد ذهبت كل آلامي نجحتي ياحبيبتي أخيراً أنت في بر الأمان ياشجاعتي الجميلة
عشتار: الحمد*** لقد اشتقت لك ولابنتاي أين ابنتاي قلبي متفطر عليهما
جلجامش: هما بخيرٍ لاتقلقي ستريهما
عشتار: لن أعود لعالم الإنس إلا بكم جميعاً
جلجامش: لكني لا استطيع العودة الآن وأنت أيضاً خطرٌ عليك العودة
عشتار: سأبقى معك سنواجه الأعداء معاً
جلجامش: لكني أخاف عليكِ من مشاهدة الجن داخل القلعه
عشتار: هه لقد تعود قلبي انت لاتدري بالصعاب وبالجن الذين قابلتهم
جلجامش: انك لم ترى شيئاً فالجن بيض وسود وصفر وشقر وعلى صورة الخيول والبغال والسباع ولها خراطيم وأذناب وحوافر وقرون ومنهم من يمشي على أربع ومنهم من له رأسان ومنهم من رأسه أسد وجسمه فيل ومنهم من نصفه كلب والنصف الآخر قط وله خرطوم وقرد أظافره كالمنجل والحيايي والxxxxب أشكال مرعبة لاطاقة لبنو البشر برؤيتها
أخذت عشتار تفكر ثم قامت بفك الخرقة التي لفت بها جرح جلجامش من رقبته وربطت بها عينيها
عشتار: ستكون أنت عيني يانور عيني
ضحك جلجامش وقال: ياللعجب بالامس كنت ترفضين مجرد فكرة أني من الجن والآن تأتين لعالم الجن معصوبة العينين
عشتار: نار الفراق ياحبيبي أحرقت فؤ
ادي
جلجامش: تعالي ندخل القصر لترتاحي وتري ابنتيكي وتقر عينيكي بعدها تقصي علي كل مامررت به
حملها وفتحت أبواب القلعة الكبيرة أخيراً
الجز الخامس
دخل جلجامش القلعة حاملاً عشتار حين أغلق باب القلعة أحست عشتار بقشعريرة في جسمها وكأنها تتذكر مامرت به
جلجامش: لاعليك ياحبيبتي أنتِ في بر الأمان الآن
وضعت عشتار رأسها على صدره وهي معصوبة العينين واكتفت بالصمت
بعد أن أدخل جلجامش عشتار للقصر قفزت ابنتاها على امهما وابيهما فرحتان
احتضنت عشتار ابنتاها تقبلهما بعد ان قامت بإزالة الخرقة من عينيها لتراهما وهي تبكي أخيراً التم شمل العائلة
ذهبت مع ابنتاها لمخدع ابيهما في جناح القصر وادخلاها حماماً دافئاً ينبع ماؤه من شلالٍ عذب
ثم اخرجاها من الحمام والبساها ثوباً ابيض حريري وجلست على سريرٍ كبير مريح جداً احتضنت إحدى ابنتيها وانشغلت الأخرى بتمشيط شعر أمها وجلجامش ينظر لهم بسرور
اخذت عشتار تقص مامرت به عليهم وهي تأكل من صحن فاكهة كبير دخولها للحفرة التي تحت الشجرة مجابهتها للأفعى لقائها بالشق قتالها الدلهاب خداعها للسعلاة وأخيراً رفيق دربها كابوس
نهض جلجامش واحتضن عشتار: مسكينةٌ ياحبيبتي لقد مررتي بصعابٍ كثيرة حتى غدوت تهذين
نظرت له عشتار باستغراب: ماتقصد ياحبيبي
جلجامش: اعني مامررت به كله اعرفه ماعدا هذا الوطواط المسمى كابوس اخاله من مخيلتك لابد انك اصبت بهلوسةٍ من هول ما رأيتي اذ لاوجود لمثل ماتقولين في عالم الجن
اعترضت عشتار بشدة: لا انه صديقي انتم الجن ليس باستطاعتكم رؤيته لكني استطيع انه مخولٌ ببث الكوابيس حين تنام الجن والفراشة تبث الاحلام الجميلة
جلجامش: ويوجد فراشٌ أيضاً لاعليك ياحبيبتي لابد ان عقلك مازال مصدوماً من منظر الجن
احست عشتار بحزنٍ وحرقة: هل تظنني جننت
جلجامش: لا ياحبيبتي لاتسيئي فهمي فبنو البشر لاطاقة لهم برؤية الجن منهم من يجن ومنهم من يموت ايضا واعتقد ماحدث لك ان عقلك من هول ما رأيتي كردة فعل اخترع شيئاً تخيلياً ليتسنى له الاستمرار ان هذا شيء طبيعي فقط نامي وارتاحي انت في مأمنٍ الآن وسنتحدث عن كابوسك لاحقاً
نهض جلجامش
عشتار: أين ستذهب لاتتركني
جلجامش: علي ان اجتمع بوزرائي للنظر في حربنا مع قبيلة عيقم نامي وارتاحي مع ابنتاكي لاتخافي لايستطيع أحدٌ دخول هذه الغرفة سواي وابنتاي عليها حراسٌ شداد
خرج جلجامش واخذت عشتار نفساً عميقا واسندت رأسها محتضنتاً ابنتيها وحين نظرت للأعلى وجدت كابوس متعلقاً على شمعدانٍ كبير
عشتار: أين ذهبت ياصديقي
كابوس: بعد ان ولجت لمخيلت جلجامش وايقظته بكابوس افاقه لنجدتك استنفذت طاقتي واحتجت ان آخذ قسطاً من الراحة
ضحكت عشتار: كنت انت من افاقه اذاً وهو لايصدق بوجودك
كابوس:لايؤمن أحدٌ بالكوابيس حين تتحقق الأحلام
عشتار: صدقت.. شكراً لك ياكابوس لقد انقذت حياتي
كابوس: كم هو جميل منظرك انت وابنتاكي تمنيت لو كنت فراشةً لبثثت لكم بحلم جميل
عشتار: لا حاجة لذلك لقد تحقق حلمي أخيراً لايوجد أحلى من ما أنا فيه الآن تعال ونم معنا
اقترب كابوس واضعاً رأسه بين ابنتيها ونام الجميع بسلام
وصل جلجامش لقاعةٍ كبيرة يجتمع فيها كبراء الجن من قبيلته ووزراءه وجلس على عرشه
بادره كبير وزراءه أزمل: لقد انشغل بالنا عليك يامولاي اكان لابد ان تأتي بهذه الإنسية لديارنا
جلجامش: بل هي من أتى بي لولاها لكنت مت وخسرتم أميركم
أزمل: لكن جميع جن مملكتك يستنكرون وجودها هنا يامولاي خصوصاً في هذا الوضع الصعب الذي نمر به علاوة على ذلك أشيع في البلاد أنها ساحرة تسحر كل جني تنظر إليه وانك منسحرٌ بها ومنشغلٌ عن رعيتك
جلجامش: لاتشغلوا بالكم في أمرٍ هو خاصٌ بي المهم أني عدت بسلام دعونا نتناقش أحوال الجيش والمعركة ماتقول يا ياحين
كان ياحين هو صديق جلجامش المقرب منذ الطفولة وقائد جيشه وأوفى من بحاشيته يتميز بالقوة والذكاء وقلة الكلام
ياحين: وضعنا صعبٌ جداً يامولاي بحسب آخر الاحصاءات بعد آخر معركة لانملك سوى مائةٌ وعشرون ألفاً من الجند يقابلها مئتان وعشرة آلاف من جيش عيقم إن حدثت معركةٌ أخرى قد تكون عواقبها وخيمة لابد لنا من حيلةٍ ما
أزمل: اعذرني يامولاي بقول هذا ولكننا وصلنا لمرحلة فاصلة إما أن نخسر الجيش أو نستسلم
أنكس جلجامش رأسه ثم قال: أتدري ماعاقبة الاستسلام يا أزمل سيستولون على كنزنا و سيتعبدون قبيلتنا ويستنزفون طاقات أرضنا ومواردها صحيح أنهم يفوقوننا عدداً ولكننا نفوقهم قوة وخبرة
أزمل: بعد أن اختفيت يامولاي اجتمعنا كلنا وأرتأينا الاستسلام المشروط إذ خفنا أن لاتعود ويكون قد فات الآوان
صرخ جلجامش: لكني لم أغب سوى يومٍ واحد تخليتم فيه عني ونويتم الاستسلام
ياحين: تكلم عن نفسك ياأزمل فلم يصل المجلس لقرار نهائي
أزمل: دخولنا معركةٌ أخرى هو ضرب من الجنون
جلجامش: أن كنت تنوي الاستسلام فاستسلم انت وعائلتك أما أنا سأقاتل لآخر رمقٍ في حياتي
أزمل: روحي لك الفداء يامولاي لكن من واجبي أن أنورك بالعواقب لا أكثر
جلجامش: اعلم انهم يفوقوننا جنداً وعدة لذلك لابد لنا من حيلةٍ ما كما قال ياحين نكسب بها هذه المعركة إذ أنها ستكون الأخيرة لاشك
في نفس الوقت
دخل سامد على عيقم وأخبره بإخفاقهم بالقبض على عشتار وماحدث بينه وبين طنطل في أرض الإنس
سامد: كدنا نظفر بها لكن للأسف أفاق جلجامش
عيقم: لقد طال صبري واستماعي لخططك الفاشلة واحدةً تلو الأخرى اقرعوا طبول الحرب سنهجم عليهم في الصباح الباكر
سامد: لكن يامولاي ..
عيقم: علينا مباغتتهم بسرعة فجيشنا مستعد
سامد: لقد أمرت جواسيسنا بإشاعة أمر عشتار انها ساحرة في ارض جلجامش واضحت الشغل الشاغل لهم لكن مايقلقني هو طنطل يامولاي
عيقم: امازال منطوياً بحزنه
سامد: نعم يامولاي
عيقم: لاتخف عليه فهو من صلبي سيتغلب لاشك على عشق تلك الإنسية لكني أريدك أن تحول حزنه لحقدٍ وغضب نستفيد منه في المعركة
سامد: أصبت يامولاي سأعمل على ذلك حالاً
عيقم: و سأحضر المعركة بنفسي هذه المرة إذ اني اخاف من عدم اتزان طنطل لكني سأدعه يقود الجيش عله يستعيد رباطة جأشه اذهب وأخبره
سامد: إذا لماذا ستحضر المعركة إن كان طنطل هو من سيقودها يامولاي
عيقم: سأقتل عشتار بنفسي بعد أن عجز الجميع على فعل ذلك لم يقف شيء في وجه الرمح الأسود أبداً
سامد: حسنا يامولاي وسآمر جواسيسنا بالاستسلام حين يحمي وطيس المعركة حتى نهبط من عزيمة جيش جلجامس
عيقم: حسنا تفعل
ذهب سامد لطنطل وأخبره مادار بينه وبين عيقم وانشغل الاثنان بالاعداد للمعركة
كانت عشتار تغط في نوم عميق حين سمعت قرع طبول قوي أفاقت هي وبناتها من نومهم واحتضنت بناتها خائفة
سرعان ما دخل عليهم جلجامش
عشتار: ماذا يجري يا جلجامش
جلجامش: إنها طبول الحرب ياحبيبتي إنهم اسرع مما توقعت
عشتار: ماذا سيحدث
جلجامش: الحرب هو ماسيحدث
عشتار بقلق: وهل نحن مستعدون؟؟
نظر إليها جلجامش بحب وضحك قائلا: نحن.. اتقولين نحن.. أرى انك تأقلمت واندمجت في عالمنا، نحن مستعدون ولكنهم يفوقننا جيشاً وعدة
عشتار: سنفوز بإذن ****
نام جلجامش وعشتار مع ابنتيهما إلا ان عشتار لم يغمض لها جفن اصلا كانت تفكر فيما سيحدث وتهش كابوس عن زوجها وابنتيها كلما اقترب منهم
كابوس: أرجوك ياعشتار انني جائع جدا
عشتار: ابحث لك عن جني آخر خارجاً لاتقترب من عائلتي اني احذرك
فتح جلجامش عينه ونظر لعشتار باستغراب اراد ان يتحدث ولكنه التزم الصمت خوفا على مشاعرها ولكنه كان قلقا من زوجته التي تكلم نفسها منتصف الليل هم بأن يحتضنها لكنها كانت محاطةً بابنتيها من كل جانب ابتسمت في وجهه وامسكت بيده ونام الاثنان
بعد بزوغ الشمس اجتمع الجيشان في وادي بين القلعتين يسمى بوادي الرماد اراد جلجامش ابقاء عائلته في القصر لكنه خاف من الجواسيس الذي يعلم بوجودهم في كل مكان من قلعته فأحضر عائلته وأجلسهم في مؤخرة الجيش مع وزراءه وكبراء القبيلة وهي معصوبة العينين مخافة ان ترى الجن او يروها يحرسها جني أزرق عملاق بشكل حصان من اقوى واسرع الجن امره بالهرب بعشتار وابنتيها لأقصى بقاع الارض ان هو قتل في المعركة وذهب هو في مقدمة الجيش على يمينه الأزمل وعلى يساره ياحين
في المقابل اجتمع جيش عيقم بقيادة طنطل على يمينه مُرة وهو جني بهيئة رجل ورأس أسدٍ أمرد ضخم وعلى يساره القعقاع أمير الدخان يعتبران من أشرس المقاتلين وأقواهم وهم ابناء اعمام طنطل وفي مؤخرة الجيش كان عيقم واخوته وسامد وبقية الوزراء والحاشية الملكية
خطب طنطل في الجمع يحذرهم ويخوفهم ينصحهم بالاستسلام حتى يأمنوا على ارواحهم ان هم دخلوا تحت ملك عيقم
ثم خطب جلجامش بالقوم مذكراً إياهم بأمجاد قبيلته وحسن مجاورتهم فيما مضى ومقبحاً اعتداءهم عليهم من دون وجه حق سوى الطمع في كنوز جدوده وخيرات قبيلته
جلست عشتار حاضنتاً ابنتيها بقلق وابنتاها يخبرانها ما يجري من حولها اذ كانت معصوبة العينين
بعد الانتهاء من الخطب برز جنيٌ من جيش طنطل يدعى نميم نصفه حصان ونصفه إنسان وله رمحٌ قصير به ثلاثة رؤوس وسلسلة طويلة جداً بها منجل حاد
برز إليه ياحين قائد جيش جلجامش بدون سلاح وقف ياحين في منتصف الميدان ببرود أعصاب وهيبة تليق به
كان الجميع واثقاً من فوز ياحين لكن بروزه من غير سلاح هو ما أخاف جيشه وأقلقهم لاسيما أن نميم يعتبر من الجن الأقوياء الذين لايستهان بهم
صرخ نميم: يالك من أحمقٍ متعجرف أتظن أنك تستطيع التغلب علي وأنت أعزل
قال ياحين بثقة وبرودة أعصاب: لست نداً لي ولاكفؤً لأقاتلك بسيف
أثارت كلمات ياحين غضب عدوه فانطلق نميم بسرعة متجهاً نحوه وهو يلوح بسلسلته في الجو بقوة وياحين واقفٌ مكانه لايتحرك
رمى نميم بسلسلته على ياحين التي سرعان مالتفت حوله وقام بسحبه تجاه رمحه
وصل الرمح لمقدمة أنف ياحين وهو معلق في الهواء
بسرعةٍ رهيبة انتفض ياحين مكسراً السلسلة التي كانت تقيده وامسك بالرمح الذي كان متجها اليه وسحبه باتجاهه ساحباً معه نميم ولكمه في جبهته لكمةً كسرت جمجمته وسقط صريعاً
تعالت صرخات جيش جلجامش فرحاً وهلهلة
فطن القعقاع لخطة ياحين
القعقاع: طنطل أنه يريد تهبيط عزيمة جيشنا لعلمه أننا نفوقهم عدداً يريد ان يبين انهم يفوقوننا قوة ألا ترى كيف يستهين بنا
طنطل: أرسل له الغول جير بدون سلاح أيضاً
خرج الغول جير بسرعة يركض اتجاه ياحين كان جير غول صخري ضخم برأس ثور وله قرنان كبيران يغنيانه عن حمل اي سلاح
وصل لياحين منقضاً يريد أن ينطحه لكن ياحين استطاع في اللحظة الأخيرة امساك قرنيه واحكام قبضته عليهما ورفعه قاذفاً به للجهة الأخرى قالباً إياه على ظهره راطماً به الأرض ثم نهض بسرعة وهو مازال ممسكاً بالقرنين والتف حول رأسه ودق عنقه
مرةً أخرى تعالت الهتافات والتهليل من جيش جلجامش
نظر طنطل وهو غضبان لمُرة الأسد الأمرد وقال: اذهب واجهز عليه
خرج الأسد الأمرد مُرة بفأسهِ الكبير متجهاً نحو ياحين
هذا مالم يحسب حسابه ياحين فمجابهة جني مثل مرة بدون سلاح هو انتحار
اخذ ياحين يحدث نفسه “ماذا علي أن افعل إن عدت لآتي بسلاحٍ قد يظن جنودي أني اهرب وحتى رمح نميم اضحى بعيداً لابد من مجابهته دون سلاح ان تغلبت عليه سترتفع معنويات جيشنا كثيراً لامجال للهزيمة هاهنا”
اقترب مُرة من ياحين فما كان من ياحين إلا ان جلس متربعاً فهاج الجيشان اللذان كانا يتفرجان إذ مافعله ياحين يعد استهزاءً كبيراً بخصمه
هاج مُرة واخذ يزأر وهو مسرعٌ نحو ياحين إلى أن وصل فوق رأسه وياحين ساكن مكانه ينظر لهذا الأسد الغاضب كان فرق الحجم بينهما كبيراً جداً لصالح مُرة
رفع مُرة فأسه وهوى به فوق رأس ياحين
اخذ ياحين يتشقلب ويراوغ حول مُرة وكانت المفاجأة مالم ينتبه له مُرة أن ياحين كان ممسكاً بسلسلة نميم التي كانت ملقاةً تحت رجله ولفها حول مُرة ثم عاد للوراء وسحب بكل ما أتوي من قوة فارتبطت السلسلة برجلا مُرة وسقط أرضاً
قفز عليه ياحين بسرعة وربط السلسلة حول رقبته وأخذ يخنقه
أمسك مُرة هو الآخر رقبة ياحين بكلتا يديه واخذ كل واحد يخنق الآخر
وسط سباق الوقت من هو الأقوى من يستطيع الصمود أكثر سيتمكن من البقاء حياً
كان الاثنان ممددان أرضاً يخنقان بعضهما والكل ينظر من بعيد بأعصابٍ كالجمر بين من يهتف ومن يشجع ومن يترقب بسكون
إلى أن سكن الاثنان فترةً بسيطة ثم أخذ احدهما يتحرك ببطء
إنه مرةٌ تعالت هتافات جيش طنطل وأصيب جلجامش وجيشه بخيبة أمل وقف مُرة متثاقلاً وهو يحمل فأسه وهوى به على ياحين لكن بسرعة البرق نهض ياحين وعيناه جاحظتان وغرز المنجل الذي كان مربوطاً في السلسلة في قلب مُرة
جثا مُرة على ركبتيه فانتزع ياحين الفأس من يده وفصل رأس مُرة عن جسده
اهتزت الأرض من صراخ الجيشان واستل طنطل سيفه الناري بغضب وانطلق نحو ياحين
مأن تحرك طنطل حتى انطلق جيشه بأكمله وراءه
كانت هذه الإشارة بانتهاء المبارزات وابتداء المعركة فانطلق جلجامش بجيشه أيضاً
من سيصل لياحين ليقطعه إرباً ومن سيحميه
كان الجميع يركض ماعدا القعقاع الذي استل سهماً ارجوانياً و
أطلقه باتجاه ياحين
وقع السهم في رقبته ثم غطاه جيش جلجامش كموجةٍ سرعان ماصطدمت بجيش طنطل كاصطدام الموج بصخر الشاطئ
الجز السادس
بعد أن التحم الجيشان في المعركة سقط
ياحين الذي كان له دور كبير في تثبيط معنويات العدو ورفع معنويات جيشه وق!@تل قائد ميمنة جيش طنطل الأسد الأمرد مُرة
لحسن حظه كان السهم الذي أطلقه عليه القعقاع لم يصب مق@تلا مع أن القعقاع معروف بدقة التصويب
أخذه اثنان من الجنود لمؤخرة الجيش مع الحاشية الملكية ووضع أرضًا ممددًا ليرتاح وكان قريبًا من عشتار
مع ان عشتار كانت معصوبة العينين إلا انها كانت تسمع مايجري حولها من الحاشية الملكية الذين يتحدثون فيما بينهم
عشتار: أحسنت ياياحين
أقصر ياحين طرف عينيه لاخوفا بل تأدبا وقال: بل أحسنت يامولاتي فأنت من أحضر لنا جلجامش سالمًا من عالم الإنس لعالم الجن إن هذا لعمل بطولي وشجاع
كان ياحين هو أول من دعا عشتار بمولاتي حتى أثار استغراب من حوله ينبههم بأنها زوجة أميرهم
سرعان ما علا صوت ضربات السيوف وحمي وطيس المعركة إذ كان الجيشان مشحونان مايكفي بعد الاستعراض الذي بذله ياحين
كان جلجامش منقضًا عليهم كالباشق يفت@ك ويبطش بكل من يقابل بسيفه الصاعق
كذلك هو طنطل الذي اخذ يمزق في الجن ويقطعهم إربًا بسيفه الناري بغضبٍ شديد حتى غدا الجن يهربون منه
فجأةً واذا بكرة كبيرةٍ من اللهب ضربت طنطل وقذفت به بعيدًا
كان ذلك هو وحيد قرنٍ ضخم جدًا جدًا مربوط به منجنيقان عن يمينٍ وشمال(المنجنيق هي آلة حربية تستخدم لقذف الحجارة والسهام وكل مايمكن قذفه بواسطة ذراع فيه كفة يتحرر تحت ضغط فتل الحبال) وفوق ظهره اربعة من الجن بذخيرتهم يشدون المنجنيق ويضعون به الكرات ويشعلونها ثم يقذفون بها
اخذ وحيد القرن يركض بسرعةٍ جبارة ويصول ويجول داخل جيش العدو قاذفًا كل من يقابله بقرنه الفتاك ومن فوقه من الجن يقذفون بكرات اللهب أيضًا بواسطة المنجنيقان كان وحيد القرن هجوما جيدا لخلخلة صفوف جيش العدو
فجأةً وإذا بيدٍ كبيرة من يسار وحيد القرن امسكت به من الخلف من قرنه وهو يركض حتى اعوجت رقبته وانقلب بعد ان قام بعرقلته صاحب تلك اليد
كان ذلك هو طنطل عاد يرد الضربة التي وجهها له وحيد القرن
اصبح وحيد القرن منقلبًا على ظهره والجن الاربعه محصورون تحته يحاولون الخروج وهو يحرك رجليه محاولًا النهوض مرةً اخرى ولكن طنطل طعنه بسيفه الناري في بطنه وبقر بطنه واشتعل وحيد القرن نارًا من حرارة سيف طنطل حتى غدت امعاؤه كأنها حِممٌ بركانية احرقت من كان تحته من الجن
في نفس الوقت كان هنالك جني من جيش طنطل بشكل اخطبوط كبير له ثمانية عشر ذراعا مدببة بمخالب سامة وطويلة تسعةٌ أذرع بها سيوف وتسعةٌ بها رماح وله ثمانية أرجل كأرجل العنكبوت
دخل هذا الجني الرهيب في نصف جيش جلجامش واخذ يفتك بالجن ويحاصرهم بأذرعته يقذف بجني ويعصر آخر وحينا يبتلع وحينا يقاتل بسيوفه ورماحه
استنجد الجند بجلجامش لمجابهة هذا المسخ فشد عليه جلجامش مسرعًا
امتدت ذراع من أذرع الاخطبوط مسرعة تحمل رمحًا تجاه جلجامش تريد ضربه لكنه كان أسرع من تلك الذراع فضربها بسيفه وقطعها
لكن المفاجأة كانت حين سقطت تلك الذراع تحولت لأفعى عمياء تجري خلف جلجامش اما المكان الذي قطعت منه خرج منه ذراعان
اخذ جلجامش يحارب هذا الوحش الرهيب كلما قطع ذراعًا تحولت لأفعى وخرج مكانها ذراعان واصبحت الأفاعي حوله تلتف على جنده وتعصرهم
كان هذا الاخطبوط من اقوى اسلحة جيش عيقم اذ ارسله مرة من المرات للإفناء قبيلة كاملة نظرا لضخامته وكبر حجمه وقوته والسم الذي يسري من مخالب أذرعته واستحالة قت@له
اخيرا استطاع جلجامش الامساك باحد أذرع الاخطبوط وسحبه بشدة واخذ يدور به لكن لسوء الحظ لم ينتبه للمخالب السامة في تلك الذراع التي انغرست في كفيه وامتد السم في يديه واصيب بشلل فيهما
شلت يدا جلجامش واحاط به الاخطبوط من كل جانب فما كان من جلجامش الا ان طار عاليا لكن الاخطبوبط ضربه على رأسه ضربة بذراعه رطمت به الارض أصيب جلجامش بدوار شديد ليس من قوة ارتطامه بالارض لكن من السم الذي انتشر في جسده
اخيرا اطبق الاخطبوط على جلجامش بفمه الكبير وابتلعه
صرخت احدى ابنتا جلجامش: أبيييييييي واويلتاه ابتلع الاخطبوط ابي
واخذت الاخرى تصرخ وتبكي
احتضنت عشتار ابنتيها وصرخت بهلع شديد: ياحين افعل شيئا ارجوك
اراد ياحين النهوض لكن يبدو انه هو الآخر كان مسموما من ذلك السهم الذي رماه به القعقاع
امسكت عشتار بكلتا ابنتيها
والدمع كان قد انهمر من عينيها
من تحت تلك العصبة
ما أن رأى ياحين تلك الدموع تلمع فوق وجنتيها الحمراوتان حتى أصيب بقشعريرة في جسمه كله وحرارة في وجهه وأسر في نفسه “يالها من جميلة أو أنها قد تكون ساحرة فعلا كما اشيع عنها إن كان هذا فقط مافعله بي دمع عينيها فكيف ان رأيت عينيها حقًا”
أحس ياحين بتأنيب الضمير إذ كان ينظر لزوجة أميره وصديقه وهو قد يكون ميتًا
“لابد انها ساحرة”
أشار ياحين لأحد الغيلان وامره ان يذهب لنجدة جلجامش بسرعة
وصل ذلك الغول بسرعة للاخطبوط لكن الاخطبوط وكأنه أصيب بنوبة غضب إذ أطبق بجميع أذرعه على ذلك الغول ورفعه عاليا مقطعا أجزاء جسمه كل جزء في ذراع
أصبح الاخطبوط كالمجنون يهجم على جيش جلجامش واخذ جيش طنطل يصرخون بهم أن يستسلموا اذ انهم يحاربون دون قائد الآن
أصيب الجيش بخيبة أمل لكن فجأة وقف الاخطبوط مهتزا مرةً يرفع رأسه عاليًا ومرةً أخرى ينكسه للأسفل
أخيرًا انفجرت جبهته التي خرج منها جلجامش مليئا بدماء ذلك الاخطبوط وسقط جاثيا وغرز سيفه المرتعد في الارض وخلفه الاخطبوط خار شيئا فشيئا كانهيار شجرة مقطوعة
كان لحسن حظ جلجامش مضاد للسم يسري في دماء ذلك الاخطبوط حتى لايقتله سمه مما أعاد لجلجامش عافيته واخذ يغرز سيفه الرعدي في قلوب ذلك الاخطبوط إذ كان له ثلاثة قلوب ثم ضرب جبهته من الداخل فخرقها وخرج
استعاد الجيش رباطة جأشه وحيويته وانقضوا على جيش طنطل حتى عاد للمعركة وطيسها
ياحين: لقد استطاع جلجامش التغلب على الاخطبوط العملاق
عشتاربسرور: أعلم ذلك إذ لم يبرد دفئ الخاتم في اصبعي
مع ان الجن عموما تنظر للانس نظرةً دونية لكن لسبب ما أحس ياحين بأن هذه الإنسية شيء عظيم وجميل أخذ يغبط جلجامش عليها
كان كل من في المعركة منشغلا بخصم له والقتال محتد جدًا ماعدا القعقاع الذي كان يمشي بهدوء وهيبة وكأن لايراه احد وما ان يمر بأحد جنود جلجامش حتى ارداه قتيلا بطعنة من خنجر مسموم واكمل سيره للأمام حتى أصبح قريبا من جلجامش الذي كان يتنفس الصعداء بعد معركته الشاقة من بعيد استل سهما أراد ان يباغته بضربة غادرة إلا أن طنطل كان قد وصل إليه وقاطعه
طنطل: أرخي سهمك ياقعقاع لاتق@تل الأمراء هكذا
قعقاع: عذرا يامولاي لكن الفرصة مواتية
طنطل: لابد من المجابهة
القعقاع: اذا ساجابهه واقتله من اجلك
طنطل: دعه لي ياقعقاع لامزيد من المخاطرة
قعقاع: إن يعطني مولاي فرصة لقتل جلجامش
طنطل: لا ياقعقاع قد سفك مايكفي من دماء الجيش سأحسم الأمر الآن اذهب للطرف الآخر وحاول السيطرة على الجيش
ذهب القعقاع منصاعا لاوامر طنطل بمضض وتقدم طنطل لمجابهة جلجامش
أخيرا التقا الجبلان
جلجامش مقابل طنطل
جلجامش: لم يعد هنالك مايقال ياطنطل سوى حسم الحسام
طنطل: يقال ان سيفك هو اقوى سيف في ارض الجن لكن من يقول ذلك لم يجرب سيفي
جلجامش: هل تظن أن النار تستطيع مجابهة الرعد
تقدم طنطل موجها ضربة بسيفه لجلجامش وهو يقول: قوة سيف الجني تنبع من قلبه
وبدأت مقارعة السيوف والرعد والنيران يتطايران كالشرار في كل مكان
جلجامش: هه لهذا إذا دعي سيفي بأقوى سيوف الجن فالقلب قوي والسيف كذلك
في نفس الوقت أحست عشتار بالقلق
عشتار: ماذا يحدث يا ياحين أحس بسكون مريب
ياحين: إن جلجامش يواجه طنطل الآن إنها المعركة الفيصل لهذه الحرب
ماإن سمعت عشتار هذه الكلمات حتى وقفت مخبئتًا ابنتيها خلفها وهي ترتجف وتدعو أن يسلم زوجها
التف الجيشان حول طنطل وجلجامش لكن في نفس الوقت لم يتوقف القتال بل اشتد قتالها
لكن دوي مقارعة السيفان كان مسيطرا وله هيبة مخيفة
في مؤخرة جيش طنطل كان عيقم وسامد يرقبان بانتباه وحذر شديد
سامد: ماتظن يامولاي
عيقم: سيتغلب عليه ولدي لاشك إنه ولدي لقد قضيت عمري كله أعده وأدربه لهذه المعركة هذه المعركة هي قدره
سامد: عذرا يامولاي لكن إن خسر طنطل علينا برباطة الجأش وتنفيذ ماتفقنا عليه
عيقم مقاطعا: لن يهزم ولدي لابد له ان يفوز ويجب أن يفوز
إنك لاتفهم ياسامد من دون طنطل لافائدة من الفوز في هذه المعركة أنا الآن أشاهدني أقاتل لا أشاهده
ماتراه أمامك هو أنا
ماتراه أمامك هو إنجازي
ألم ترى كيف صرع وحيد القرن الذي يعد أقوى سلاح هجوم لديهم
طرحه أرضا بيد واحدة
سامد بقلق: ماذا فعلت يامولاي.. أين خاتمك الأسود؟؟
عيقم بفخر: أعطيته لطنطل
سامد: لكن هذا الخاتم به قوة أسلافك جميعا
عيقم: وقد حان ووقت استخدامه أما تراني واثقا من فوز ابني لاطاقة لجلجامش أن يواجه هذه القوة ولاتنسى أن عشتار تلبس خاتمه لاشك
لهذا نحن نتفوق عليهم
لم يكن بعلم عيقم أن حب جلجامش لعشتار أعطاه إرادة حديدية توازي القوة المكتسبة من لبس أي خاتم فهي وحيدة في هذا العالم لابد له من حمايتها هي وابنتاها في عالم مليء بالوحوش
كانت ضربات سيف طنطل وقعها أقوى بكثير لاشك لكن جلجامش كان في حالة سلام مع نفسه وثقة إما الفوز في المعركة بكل شيء أو لاشيء
فوزه على طنطل يعني انتصار الجيش وحفظ حياة قبيلته وحياته وحياة عائلته أما الخسارة فتعني مoت الجميع وسط ضعف جيشه وكثرة الخونة من حوله الفوز في هذا القتال هو الأمل الوحيد
كانت المعركة رهيبةً جدًا
أخذ طنطل يضرب بسيفه الناري سيف جلجامش ضربا متكررا وجلجامش يرجع للوراء
كان طنطل يحاول اثبات قوته
أما جلجامش كان يتحين الفرصة
الجز السابع
فجأة تشقلب جلجامش للخلف وعاد للأمام بسرعة موجها لكمة لعين طنطل لكن طنطل في نفس الوقت وجه ضربة لفك جلجامش بمقبض سيفه حتى سال الدم من فم جلجامش
أطلق جلجامش رعدةً من سيفه
فماكان من طنطل إلا أن اخذ بتدوير سيفه كمروحة لهبية غدت كدرع صد الموجة الرعدية بسهولة
ثم بدوره اطلق كتلًا نارية باتجاه جلجامش الذي كان يضربها بسيفه ويبددها
غرز جلجامش سيفه في الارض مولدة صاعقة رعدية فانتفض طنطل من الصعقة وسقط ارضا فقفز عليه جلجامش يريد ان يطعنه لكن طنطل ضرب الارض بسيفه هو الآخر فانبثقت النيران من الارض باتجاه جلجامش وارتد ساقطا على الارض
غضب الاثنان واسرعا لبعضهما وعادت مقارعة السيوف من جديد
طنطل: لقد حالفك الحظ في عالم الإنس لكن هذه المرة لن تخرج حيا
جلجامش: في المرة الماضية استخدمت أسلوبا دنيئا ضدي حين احسست انك ستخسر ان هجمت على ابنتاي لتشتت تركيزي هذا يدل على دنائتك
طنطل: هه من له حيلة فليحتال انت ضعيف لديك اشياء تخسرها أما أنا فلا
جلجامش: زوجتي وابنتاي بعيدون عنك هذه المرة لن يشتت شيء تركيزي عن ضرب عنقك اي شيء
صعق طنطل حين سمع جلجامش يقول “زوجتي”
“ترى ماقصده بزوجته وابنتاها بعيدون، أيعقل أن زوجته عشتار ماتزال على قيد الحياة”
ابتعد طنطل قليلا واخذ ينظر لمؤخرة جيش جلجامش بتمعن
وكاد ان يخرج قلبه من مكانه حين رأى عشتار هناك معصوبة العينين تهز رأسها هزا خفيفا كمن يريد معرفة مايجري حوله وشعرها الأسود هادئ فوق خديها
” الآن فقط اعترف لنفسي أني احببت هذه الإنسية بل عشقتها ياله من وجه جميل ياإلهي ماأجملها أخال روحي تخرج من هذا الجسد وتركض إليها الحمد*** لم تمت كم تمنيت لو كنا في زمان ومكان غير مانحن فيه إنها الحر..”
وإذا بسيف جلجامش يهوي فوق رأس طنطل الذي انتبه في اللحظة الأخيرة وابتعد ولكن أصيبت أرنبة أنفه وسال الدم منها
ابتعد طنطل مجددا واضعا يده على انفه ينظر تارة لعشتار وتارة لجلجامش
عيقم بقلق: ماذا يجري ياسامد ماذا دهاه إنه يبدو مشتتا
سامد: لقد انقلبت موازين المعركة لصالح جلجامش
أصبح طنطل يدافع فقط ولايهاجم وهو يتراجع للخلف
عيقم بغضب: إنه ينظر لعشتار
سامد: أين؟؟
عيقم: ألاتراه ينظر تارة لجلجامش وتارة ينظر لمؤخرة جيشهم إنها هناك
ياله من غبي
سامد: الوضع خطير جدا يامولاي يعجز عقلي عن التفكير في حل
عيقم: اعطني الرمح الأسود
سامد: لكن يامولاي..
عيقم بغضب: قلت اعطني الرمح الأسود
لم يرى سامد مولاه غاضبًا لهذا الحد من قبل والشرار يتطاير من عينيه فأعطاه الرمح وهو يرتجف
تناول عيقم رمحه الأسود وطار عاليا جدا وصرخ في السماء صرخة سمعها كل من كان على أرض المعركة: أتضحي بملكك من أجل إنسية أيها الأحمق خذذذذذذ اعشقها الآن
رمى عيقم بالرمح الأسود كان هذا الرمح يسمى أيضا بعين الظلام واكمن سر قوته أنه حين ينطلق يحجب ضوء الشمس في ظلام دامس لكي لايراه العدو ولو كانت في عز الظهيرة لم يرمى هذا السهم من قبل إلا وقتل
عم الظلام الدامس في أرض المعركة
ظن جلجامش أن عيقم كان يحدثه وبسرعة ضرب الأرض بسيفه فتكونت عليه كرة رعدية تحميه من هذا الرمح
لكن طنطل فطن أن المقصود ليس جلجامش بهذه الكلمات علاوة على ذلك فطن أن الرمح متجه لعشتار لامحالة
طار عقله وكاد أن تطير روحه أيضا فانطلق بسرعة البرق تجاه عشتار كان الظلام الدامس مخيما ولم يكن باستطاعة أحد رؤية أي شيء
إلى أن انغرس الرمح وانقشع الظلمة شيئا فشيئا كشروق الشمس
صرخ سامد: ياإلهي
كان الرمح مغروسا في صدر طنطل وهو ملقا تحت رجلي عشتار
كأن عيقم أصيب بشلل من هول ما رأى واخذ ينظر يداه وهي ترتجف
خاف ياحين من طنطل أن يفعل شيئا بعشتار فأخذ يزحف تجاهه بسيفه
طنطل: عشتار إنه أنا طنطل.. سامحيني.. أرجوك.. ضحيت بالملك وحياتي أيضا لحمايتك ولتمني علي بنظرة من عينيك حتى أموت بسلام أرجوك
انتبه جلجامش لما يحدث من وراءه فطار مسرعة تجاه عشتار
نزعت عشتار العصبة التي كانت مطوقةً عينيها تنظر بحزن لهذا الجني المسكين وسالت دمعة من عينيها
اقتربت يد طنطل من وجهها
ولكنها أشاحت خوفًا
طنطل: لاتخافي أرجوك
وضع طنطل يده على خدها ومسح تلك الدمعة: أنت جميلة جدا ياعشتار
فكت عشتار قربة الماء من خصرها: خذ اشرب قليلًا من الماء
لكنه ابتسم وفاضت روحه
وصل جلجامش يريد طعن طنطل لكن عشتار أشارت له بالنفي
عشتار: لقد م١ت
جلجامش: هل أنتي بخير
عشتار: لا أعلم
واخذت العصبة تريد ربطها مرة أخرى وقبل أن تربطها التقت عيناها بعينا ياحين
فانتفض هو الآخر وربطت هي عينيها
لم يبصر ياحين طول حياته أجمل من هذه الفتاة وعينيها الؤلؤيتين فبكا يرتجف مكانه حسرة وندمًا محدثا نفسه” ماذا تفكر ياياحين أتخون صديقك وأميرك وهو في أمس الحاجة لك لقد اقترفت ذنبا عظيم”
واخذت نار اللوعة تكوي قلبه
أحس جيش طنطل بالهزيمة بعد مoت قائدهم برمح أبيه الذي كان يرتجف من هول الصد@مة
صرخ سامد: مولاي أما الآن وإلا فلا
لكن عيقم ظل مسمرًا عيناه في يديه
أخذ سامد يهز عيقم قائلًا: لاتضيع موته لقد م١ت وانتهى الأمر
وقام سامد بسحب عيقم وتبعهما جميع الحاشية الملكية وكبراء قومهم من الجن
كان هجومهم له هيبة عظيمة كانقضاض قطيع من الذئاب على نعاج جريحة
بسرعةٍ استعاد جيش عيقم حماستهم حين رأو ملكهم يهجم بجميع وزراءه أما جواسيس مملكة جلجامش فقاموا برمي أسلحتهم إذ كانت تلك هي الإشارة المرتقبة حتى ظن بقية جيش جلجامش أنهم هزموا فرموا بأسلحتهم أيضًا علاوة على ذلك فقد كثر فيهم القتلى والجرحى وسيطر جيش عيقم على كل شيء
انتهت المعركة
وصل عيقم ومن معه لجلجامش وحاشيته
قام عيقم بحضن ابنه ثم انتزع منه الخاتم والرمح وأمر أثنان من الجن لأخذه وتحنيطه
سامد: إن تستسلموا تسلموا هذه فرصتكم الأخيرة
بادر أزمل بسرعة ودهاء: نستسلم بشرط
وكأنه كان مجهزًا جملته سلفًا
سامد: ماشرطكم
أزمل: أن لاتقتلوا أميرنا
نظر جلجامش لأزمل بغضب وأخذ يجول ببصره بين حاشيته الذين بدا عليهم الخضوع والاستسلام وارتضاء هذا الشرط مخافة المoت
أخيرًا نطق عيقم: لك هذا ولكن عليه أن يسلم سيفه ويسجن في بطن السلحفاه هو وهذه الإنسية أربعين يوما ماتقول ياجلجامش؟؟
عم الضجيج في جيش جلجامش
“استسلم ياجلجامش”
“انتهت الحرب ولاطاقة لنا بأخرى”
“أربعون يومًا فقط”
“احقن دمائنا”
أحس جلجامش بالهزيمة وخيبة أمل في قومه الذين استسلموا لهذا الملك الجائر لكنه أسر في نفسه أنهم سيندمون حين لاينفع الندم
جلجامش: ومامصير ابنتاي
عيقم: نرسلهم لقلعة الجنيات السبع شأنهم شأن جميع ضحيا الحروب من أشراف الجن يظلون تحت حمايتهم ورعايتهم حتى تخرج
أخذ جلجامش يفكر محتارًا وكأن لديه خيار آخر
سامد: هيا ياجلجامش سلم سيفك فعرض مولاي سخي جدًا إذ قبل على إبقائك حيا أنت وزوجك
أخيرًا سلم جلجامش سيفه وكاد أن تخرج روحه معه إذ كيف يقاوم وهو محاصر من جميع الجهات قوم عيقم وقومه ايضًا
أخذ عيقم السيف ورفعه للسماء وتعالت صرخات جيشه مهلهلةً بالنصر
عيقم: من الآن فقدت شرعيتك كأمير وسيتم تنصيبي ملكًا على قبيلتكم بعد ثلاثة أيام كما جرت العادات والتقاليد، سامد
سامد: أمرك مولاي
عيقم: صفدوا جلجامش وعشتار بالسلاسل والشباك واذهب به مع ثلاثة آلاف جني لجزيرة السلاحف واسجنهم في بطن سلحفاة أربعون يوما وأيضًا ارسل من يذهب بابنتي جلجامش لقلعة الجنيات السبع، أين القعقاع
قام سامد بتنفيذ أومر عيقم واقتاد جلجامش وعشتار بعد أن قام بتصفيدهم حولهم ثلاثة آ لاف جني
قدم القعقاع مسرعًا يلبي أمر ملكه
القعقاع: أمرك مولاي
نظر عيقم للقعقاع بحزن وقال: أتعلم أن طنطل قد م١ت وأنت ابن عمه الوحيد المتبقي على قيد الحياة ولاولد لي
القعقاع: أعلم يامولاي
عيقم: أتعلم أنك ولي عهدي الآن وقائد جيشي هل أنت مستعد لتحمل هذه المسؤلية
كاد وجه القعقاع يتشقق من الفرحة ولكنه تمالك نفسه: أنا تحت تصرفك يامولاي وروحي فداء لك
عيقم: حسنًا اذهب وافتك بكل من تبقى من حلفاء جلجامش المخلصين الذين قد يشكلون خطرًا عينا بحجة أنهم كانوا جواسيسًا
القعقاع: أمرك مولاي
بسرعة ذهب القعقاع وأمر جنوده بجمع ماتبقى من حلفاء جلجامش المخلصين وأولهم ياحين
رجع إليه جني قائلا: أيها القعقاع بحثنا عن ياحين ولم نجده
القعقاع: لايمكنه الهرب والسم يسري في جسده ابحثوا عنه جيدا إنه ليس ببعيد أريد أن انظر في عينيه واخنقه بيدي قبل أن يقتله السم أريد أنتقم
منه
بحث جميع الجن عن ياحين لكنهم لم يجدوه إلى أن استسلم القعقاع لثقته أن ياحين ميت من ذلك السم لامحالة لكن مالم يعلمه القعقاع أن ياحين زحف دون أن ينتبه له أحد واختبأ في جوف الاخطبوط الذي قتله جلجامش واخذ السم يخرج من جسده شيئا فشيئًا بفضل مضاد السم الموجود في دم الاخطبوط وظل مختبئًا مخافة أن يقضب عليه وهو يراقب مايحدث حوله من أول خي،ـانة للعهد الذي قطعه عيقم على جلجامش بعد تسليم سيفه وهو يفكر في حل لهذه المصيبة
أخيرًا جمع أعوان جلجامش ماعدا ياحين واقتيدوا جميعا للسجن في قلعة عيقم حتى يقتلوا بعد ثلاثة أيام عند تتويج عيقم ملكًا على قبيلتهم
الجزء الثامن
كان مايشغل بال عشتار وهي مكبلة ومعصوبة العينين هو ابنتاها مامصيرهما أما جلجامش فقد كان محطمًا تمامًا لقد خسر سيفه أقوى سيفٍ في أرض الجن الذي كان فخر قبيلته وأسلافه خسر ملكه وقبيلته واصبحوا تحت حكم ملك جائر سيستعبدهم ويستغل ثرواتهم أيما استغلال
وصلوا جميعًا لسلحفاة كبيرة كان يحيط بها عدد من الجن قاموا بربط رقبتها بسلسلة كبيرة وشدها للأعلى حتى لاتستطيع دخول قوقعتها ثم أمر سامد بحل وثاق كل من جلجامش وعشتار وادخالهما لقوقعة السلحفاة
امسك جلجامش بيد عشتار ودخلا لقوقعة السلحفاة ثم أمر سامد بفك السلسلة المحيطة برقبة السلحفاة فماكان منها إلا دخلت داخل قوقعتها مغلقةً هذا السجن الغريب وباتت في سبات عميق
سامد: أخيرًا ارتاح قلبي هيا بنا نعود لديارنا
رحل سامد والجن الذين كانوا معه
كانت عشتار ماتزال ممسكةً بيد جلجامش بقوة
جلجامش بحزن: عشتار تستطيعين نزع عصبة عينيك فلاحاجة لها الآن لايوجد أحدٌ هنا
كانت هذه أول كلمات تسمعها عشتار من جلجامش بعد المعركة كانت تتوقع منه طمأنتها على ابنتيها أو سؤاله عن احوالها على الأقل
لكنه قال هذه الكلمات وعاد في صمته الكئيب مرةً أخرى
اغرورقت عينا عشتار بالدموع ما إن نزعت تلك العصبة لتفاجئ بظلامٍ دامس لم يكن باستطاعتها حتى رؤية يدها
كان المكان مظلمًا جدًا وضيق وحار والرطبة تكاد تكون قاتلة أحست بصعوبة في التنفس وكأنها داخل قبر ثم اخذت تجهش بالبكاء مع سرعة في وتيرة التنفس أملًا أن يواسيها حبيبها أو يحتضنها على الأقل لكن كان حال جلجامش أسوأ من حالها
أخيرًا هدأ روعها بعد ان قطعت الرجاء من مواساة حبيبها لها ثم امسكت كلتا يداه
عشتار: هل ستكون ابنتاي بخير
جلجامش: لاتخافي عليهما إنهما في مكانٍ آمن
عشتار: ماذا عنا نحن الاثنان هل سنظل أربعين يومًا هكذا أكاد اختنق وانا دخلت للتو كيف ساصبر أربعين يوم لا استطيع التحمل لا استطيع
لم يجب جلجامش على سؤالها لكنها أحست أنه يبكي
لأول مرة يبكي زوجها أمامها حاولت وضع يدها على عينه لكنه أشاح بوجهه عنها فاحتضنته قائلةً: مادمت معي ياحبيبي سنتغلب على هذا السجن معًا ونخرج ونقاتل عيقم ونستعيد ملكك لابد من وجود مخرج ما
وضع جلجامش يده فوق رأسه ومسح على جبينها قائلًا: أربعون يومًا خارج قوقعة السلحفاة تعني أربعون سنةً داخلها
أصيبت عشتار بانهيار جراء ماسمعت وكأن عقلها رفض ان يسمع جملة جلجامش الأخيرة
عشتار: ماذا.. ماذا تقول
جلجامش: حين يقترف أحدٌ من الجن جرمًا يقتضي سجنه يسجن داخل قوقعة السلحفاة التي تدخل في سبات عميق مإن يدخل أحد قوقعتها
وداخل قوقعة السلحفاة يسير الزمن ببطء شديد فكل يومٍ يمر خارج القوقعة يعادل سنةً داخلها
صرخت عشتار باكية: أسنظل أربعين سنةً في هذا القبر المظلم أهذا ماتحاول قوله
صمت جلجامش واكتفا بحضنها فما كان منها إلا أن سقطت أرضًا تبكي هول مصيبتها
جلس جلجامش بجانبها وهي تمسح صدرها بيدها باكية وتتنفس بسرعة
عشتار: سأموت ساختنق لا استطيع التنفس لااستطيع المكوث هنا أربعين سنة افعل شيئًا أرجوك أرجوك ياحبيبي أرجوك
احتضنها وهي تضرب بيدها على صدره باكية
اخذت تبكي وتبكي وهي تتنفس بسرعة تكاد تختنق حتى خاف عليها جلجامش من ان تموت فعلًا
امسك جلجامش بعشتار من كتفيها وهزها صارخًا: حبيبتي هدأي من روعك اخاف ان تختنقين من بكائك الدموع لن تحل شيئًا الآن عليك بالصبر
عشتار: كيف سأصبر أربعون سنةً افعل شيئًا ارجوك انت قوي جدًا وتستطيع ضرب هذه السحفاة وقتلها كما فعلت بذلك الاخطبوط ارجوك ياحبيبي حاول اثق بك
جلجامش: لاسبيل للخروج منذ الأزل سُجنت عفاريت ومردة من أقوى الجن لم يستطيعوا الخروج من قوقعة السلحفاة فمحاولة ضربها من الداخل مستحيلة
هدأت عشتار وكأنها اخذت تتأقلم وتتكيف قليلًا: ماذا لو حاول أحدٌ أخراج رأسها من الخارج هل هذا مستحيل أيضًا
جلجامش: اخراجها من الخارج سهل جدًا لكن المشكلة تكمن في أن هذه الجزيرة مليئة بآلاف السلاحف النائمة حتى وإن كان أحدٌ باستطاعته مساعدتنا لن يكون بإمكانه التعرف على السلحفاة التي نحن بداخلها فالسلاحف جميعها تتشابه علاوة على ذلك حين يوضع أحد داخل سلحفاة يتم بعثرة السلاحف جميعًا حتى سامد وجنده لايستطيعون معرفة أي سلحفاة نوجد فيها الآن
عشتار بيأس: إذن لن نخرج من هنا لماذا سجن الجن هكذا؟
جلجامش: أربعون سنةً هي لاشيء مقارنةً بأعمار الجن التي تصل لمئات السنين ليس كبني البشر
عشتار بحسرة وهي تضرب على رأسها: وهذه هي المصيبة سأشيخ في ظلام
زهرة شبابي سأقضيها في قبر إن هذا لظلم شديد
وضعت عشتار رأسها على صدر جلجامش وهي تبكي بصمت
جلجامش: سامحيني ياحبيبتي أنا السبب
فجأة سمعت صوت رفرفرة مألوف
نظرت للأعلى وصرخت بفرح: كابوووووووس
كان الظلام حالكًا لكن لسبب ما استطاعت رؤية صديقها الواطواط كابوس الذي كان يحلق فوق رأسها
جلجامش: آه عدنا لكابوسك هذا ماكان ينقصنا
عشتار: حبيبي لقد أخبرتك من قبل أنك لاتستطيع رؤيته لقد كان هو من أفاقك حين سقطت من الجسر وكان له الفضل في إنقاذ حياتي
لم يشأ جلجامش أن يجادلها فإن كان هذيانها بهذا الكابوس سيؤنسها لاضير منه
عشتار: أين ذهبت ياكابوس وتركت صديقتك
كابوس: حين التم شملك بعائلتك عم الفرح والسرور في قلبك فذهبت أبحث الحزن في مكان آخر لكن الآن حين عاد لك حزنك عدت معه
عشتار: لقد جئت في وقتك ياصديقي نحتاج مساعدتك
كابوس: إن كان هنالك حزنٌ في المساعدة لامشكلة
عشتار: أنت تعلم انني مسجونةٌ في قوقعة هذه السلحفاة ولا استطيع أن أخرج إلا إن استفاقت هل تستطيع افزاعها بكابوسٍ ما
كابوس: امممم لا أعلم فاختلاف وتيرة الزمن داخل القوقعة وخارجها قد يؤثر على قدراتي
عشتار: أليس المكان والزمان يعلقان في الأحلام ويصبحان عاطلان عن العمل
كابوس: لاضير من المحاولة لكن هنالك مشكلتان
عشتار: ماهما؟
كابوس: المشكلة الأولى أن هذه سلحفاة وليست جني
عشتار: حاول ياصديقي قد تنجح لن تخسر شيئًا أنت أملي الوحيد
كابوس: لاتقلقي سأحاول لكن المشكلة الثانية هي المعضلة
عشتار: وماهي؟
كابوس: حين تخاف السلحفاة فإنها تختبئ في قوقعتها وسلحفاتكم مختبئةٌ سلفًا ونهاية الحلم هي مايحدد بدايته
عشتار: ماذا تقصد
كابوس: أعني ماهو الحلم المفزع الذي استطيع بثه في مخيلة السلحفاة من شأنه أن يجعلها تخرج من قوقعتها بدل أن تختبئ فيها
أحست عشتار بالحيرة
عشتار: جلجامش ماهو الشيء الذي يخيف السلحفاة ويجعلها تخرج من قوقعتها بدل أن تختبئ فيها
جلجامش: لماذا هذا السؤال
عشتار: فقط فكر صديقي كابوس سيساعدنا لنهرب من هذا السجن
جلجامش: حبيبتي إنك كمن يبني قصرًا في الرمال لاوجود لهذا الوطواط إنه من وحي مخيلتك والديل على ذلك أنه يظهر حين تحسين بالحزن والخوف فتهذين به إنه كابوسك وليس كابوس جن
عشتار: أرجوك ياحبيبي ثق بي سأخرجك من هنا
جلجامش: آه لا أدري ما أقول يبدو أنه لافائدة من محاولة إقناعك.. حسنًا فقط لأثبت لك أنه لاوجود لهذا الكابوس لنفرض أن السلحفاة حلمت أنها فوق حافة جبل وأن هذه الحافة توشك على الانهيار لابد لها من أن تخرج من قوقعتها لتهرب لمكانٍ آمن
عشتار بفرح: صحيح إنها فكرةٌ ممتازة مارأيك ياكابوس
كابوس: سأحاول انتظري
ذهب كابوس وساد الهدوء من جديد لكن بأمل وليس بحزن
انتظرت عشتار كثيرًا ولكن دون جدوى
جلجامش:حبيبتي هل اقتنعتي الآن أضغاث أحلام أو غير ذلك لاتقلقي ياحبيبتي أنا معك ولن أتركك أبدًا حتى إن شختي هنا لن يكون باستطاعتي رؤيتك فالظلام حالك جدا
عشتار: لن أشيخ هنا انتظر وسترى
مضا وقت طويل ولم يحدث أي شيء
كادت عشتار أن تشك في عقلها ولكن فجأةً حدثت هزة في أرجاء المكان وفتح ذلك السجن
نهض جلجامش مذهولًا
عشتار بفرح عظيم: هيا لنخرج بسرعة هيا ألم أقل لك سأخرجك من هنا
خرج الاثنان أخيرًا من السلحفاة ووقفا أمامها
اخذت عشتار نفسًا عميقًا تستنشق الهواء المنعش البارد
عشتار: آااااه ماأجمل الحياة ألم أقل لك سأخرجك هل صدقت بوجود كابوس الآن
لكن صوتًا من خلفها فاجأها
“أمسكت بك”
“لقد اكتمل القمر”
أدارت عشتار وجهها لتنظر من كان ممسكًا بها وكانت المفاجأة
السعلاة..
قالت عشتار في نفسها ” لقد نسيت أن القمر قد اكتمل الليلة لهذا كان مد البحر عاليا جدا حين وصلنا للجزيرة”
بسرعة وقف جلجامش بين السعلاة وعشتار
جلجامش: ماذا تريدين أيتها السعلاة
السعلاة: بيني وبين هذه الإنسية عهد وقد حان آوانه فقد اكتمل القمر الليلة هل كنت تعتقدين إن بإمكانك الاختباء عني ههه من يشرب مائي استطيع تحديد موقعه ولو كان تحت سابع أرض
عشتار: وكيف ذلك!
السعلاة: أطراف شعري تصبح كجذور الشجر وتقتفي أثر مائي الذي يسري في جسمك فأجدك أينما كنتي لهذا بحثت عنك في عالم الإنس لم أجدك فعدت لعالم الجن استشعر مائي ومن حسن حظي ان القربة ماتزال بحوزتك مما أتاح لي العثور عليك بسرعة كبيرة
لم تكن تعلم السعلاة أن هذا كان من حسن حظ عشتار وجلجامش لاحظها هي بادرها جلجامش: وكيف استطعتي اخراج السلحفاة من قوقعتها
السعلاة: كان ذلك سهلا جدًا وضعت أمامها عدوها اللدود وطعامها المفضل قنديل البحر أتيت به من بحر القناديل وركبت فوق قوقعتها واخذت أطرق قليلًا وانتظر قليلًا بشكل متكرر حتى استفاقت فشمت رائحته واخرجت رأسها لتقتله وتأكله فربطتها بحبل وربطت الحبل في ذيلها
جلجامش: أتدرين أنك اقترفتي أمرًا محظورًا بإيقاظ هذه السلحفاة
السعلاة: لايهمني قلت لك بيني وبين هذه الإنسية عهد أن لايتدخل بيننا لإنسٌ ولاجان
أحست عشتار بالقلق فقد بدا على السعلاة أنها تتكلم بثقةٍ كبيرة ممايدل على استعدادها لمواجهة جلجامش وما أقلقها أكثر أن زوجها يتعامل مع السعلاة بحذر إذ أنه لايملك سيفه ولاشك أنه يخاف عليها فكل مرة يدخل في معركةٍ وهي بجانبه يستغل العدو نقطة ضعفه
صرخت السعلاة: أين زوجك
أراد جلجامش أن يتكلم لكن عشتار قاطعته بسرعة: إنه داخل السلحفاة
نظر جلجامش لعشتار مستغربًا مما أثار ريبة
السعلاة
عشتار: جلجامش اذهب للمدخل واصرخ بأعلى صوتك “يازوج عشتار”
فطن جلجامش أن عشتار لديها خطةٌ ما فذهب لمدخل قوقعة السلحفاة وصرخ: يازوج عشتار
فارتد عليه صدى صوته ” عشتار عشتار عشتار”
صرخ مرةً أخرى: يازوج عشتار
وأيضًا ارتد عليه صدى صوته ” عشتار عشتار”
قالت عشتار بغضب: ياله من زوج جبان لايريد الخروج من قوقعة السلحفاة جلجامش يناديه وهو يناديني ياله من زوج عنيد
السعلاة بغضب: هيا اخرجي زوجك لقد تأخرنا لاتراوغي
عشتار: لقد حاولنا معه مرارًا ولكنه خائف من الخروج ربما لو دخلتي له وقمتي بإخافته سيخرج هاربًا
السعلاة بحذر: حسنًا سأدخل لأخيفه ولكن حذارٍ ان هربتي سأقت@لك هذه المرة
عشتار: لاجدوى من الهرب ستستطيعين تحديد مكاني بسهولةٍ وسرعة
أحست السعلاة بالاطمئنان وقالت: حسنًا انتظري هنا
دخلت السعلاة لقوقعة السلحفاة أخيرًا
صرخت عشتار: جلجامش بسرعة اقطع الحبل الذي يطوق رقبة السلحفاة
قفز جلجامش بسرعةٍ رهيبة فوق السلحفاة وقطع الحبل
بدأت السلحفاة تدخل قوقعتها بسرعة
صرخت السعلاة من الداخل: لااااا.. لا لقد خدعتني أيتها الماكرة سأنتقم منكِ
واختبأت السلحفاة في قوقعتها مغلقةً على السعلاة
نظرت عشتار للسلحفاة بنشوة نصر وبرودة أعصاب وقالت: أراك بعد أربعين سنة ياعجوز النحس
جلجامش: بل أربعون يوما فهي ستمكث أربعون سنةً بالداخل تعادل أربعون يوما بالخارج عليك أن تحذري حين تخرج إن ظفرت بك ستخنقك حتى المoت
عشتار: لايهم سأكون بانتظارها وسأتغلب عليها دومًا وستحميني منها ياحبيبي
جلجامش:لن تستطيع لمس شعرة من رأسك ياحلوتي لاتخافي لكن لم أكن أعلم أنك ماكرة لهذه الدرجة
ضحكت عشتار: هذا جزاء من يفكر مشاركتي زوجي
ماذا سنفعل الآن هل نذهب لنطمئن على ابنتانا
جلجامش: لا فهم بمأمن لاشك ولانستطيع أن نذهب هناك حتى لايكتشف أحد أننا هربنا من السجن
عشتار: إذن أين سنذهب
جلجامش: سنذهب للجبل الأزرق هنالك مغارة سرية كنت قد أعددتها أنا ورجالي المخلصين لمثل هذه الحالات الطارئة من تمكن من الهرب ستجدينه هناك كم امتنى أن يكون ياحين نجا بحياته واستطاع الوصول إليها
عشتار: حسنا طر بي ياحبيبي بسرعة أريد أن يداعب نسيم الرياح البارد وجنتاي ورقبتي أريد أن يتخلل شعري هواء منعش بعد الاختناق الذي عشته داخل تلك السلحفاة
جلجامش: سيكون من الخطر أن نطير في الجو يجب أن تعلمي أننا في خطر شديد إن علم أحد بهروبي سيضع عيقم جائزة كبيرة على رأسي لاشك، ناهيك عن أعدائي من هنا وهناك علاوة على ذلك لاأملك سيفي لذلك من الحكمة أن نتخفى حتى نصل للمغارة ونتشاور مع أعواني ماهي الخطوة التالية
عشتار: وماذا تنوي أن تفعل أقصد ماهي خطتك
جلجامش: يجب أن استعيد ملكي قبل تتويج عيقم ملكًا على قبيلتي واخسرها للأبد
تلثم كل من عشتار وجلجامش بملابسهما وهما بالابتعاد عن السلحفاة لكن عشتار عادت وقامت بفك كيس جلدي كان يطوق قربة الماء التي بحوزتها وضعت فيه قنديل البحر التي كانت السعلاة احضرته للسلحفاة وربطت الكيس في خصرها واخذت الحبل أيضًا
جلجامش: ماذا ستفعلين بهذه القنديل والحبل!
الجزء التاسع
عشتار: لا أدري ولكني تعلمت أن كل شيء له فائدة في أرض الجن
قالت هذه الكلمات وهي تهز قربة الماء فضحك جلجامش ومشا الاثنان إلى أن وصلا لشاطئ البحر وهناك وجدت جسرًا طوله خمسة أمتارتقريبًا مربوطٌ به قاربان أزرق وأخضر ورجل عجوز يصطاد السمك
همست عشتار: إنه الشق كيف جاء إلى هنا
جلجامش: مايميز الشق أن باستطاعته التواجد في عدة أماكن بنفس الوقت
اقتربت عشتار من الشق الذي كان سارحًا في البحر
قالت عشتار بتحاذق: أشم رائحة شق
ضحك الشق بصمت وقال دون أن يلتفت: ههه وأنا اشم رائحة قنديل بحر لايتواجد قناديل هنا
عشتار: أمازلت تحاول الصيد
الشق: وأما زلت على قيد الحياة إيتها الصغيرة
جلجامش: نقصد الضفة يا شق
الشق: اختر لك قاربًا ولكن بحذر
جلجامش: ماذا تريد ثمنًا لهذا القارب الأزرق
الشق: اممم ماذا تريد ثمنًا لهذا القارب الأزرق
عشتار: مارأيك في هذا القنديل يوفرعليك عناء الصيد
الشق: الصبر هو مايميز صيد البحر فأنا اصطاد لتعلم الصبر لا كي آكل
قامت عشتار بعرض الحبل عليه وقربة الماء أيضًا لكنه لم يوافق
عشتار: غريب في المرة الماضية أعرتني قاربًا مقابل لعقة عسل والآن لاشيء يعجبك
الشق: لعقة العسل كانت كل ماتملكين في المرة الماضية لهذا قبلت بها عليك أن تفهمي ذلك فأنا لم أجلس انتظر هنا بقواربي لاقايضهم بهذه الاشياء التافهة
كان يطوق خصر جلجامش حزام جلدي مرصع بأحجار كريمة
نزع جلجامش الحزام قائلًا: مارأيك بهذا الحزام
الشق: هذا مايسمى مقايضة حظا موفقًا
صعدت عشتار القارب وأخذ جلجامش يدفعه بعيدًا عن الشاطئ
عشتار مودعةً الشق: لا أظن أننا بحاجة لثقب القارب هذه المرة
ضحك الشق وقال: هذه المرة تحتاجون حظًا كبير هه
أخذ جلجامش يجذف حتى اختفت الجزيرة عن أنظارهم
ثم فجأة ارتطم شيء بالقارب كاد أن يقلبه
صرخت عشتار: إنه الدلهاب
جلجامش: هدئي من روعك إن هذا شيء طبيعي أعطني القنديل والحبل
توسطت عشتار القارب واعطت زوجها الكيس الجلدي الذي يحتوي القنديل والحبل
ذهب جلجامش لحافة القارب ينظر داخل الماء
فجأةً قفز عليه دلهاب من الماء يريد عضه لكن جلجامش أمسكه من رقبت بسرعة وادخل رأس الدلهاب داخل الكيس وربطه فسال القنديل كالهلام على وجه الدلهاب الذي أخذ يعفر من حرارة الهلام اللاسع ثم قام جلجامش بربط الحبال بيدي الدلهاب حتى كبلهما وغدا الحبل كأنه سرج والقى بالدلهاب في البحر مرةً أخرى
أخذ الدلهاب يسبح برجليه بسرعة يظن أنه يهرب من حرارة هلام قنديل البحر وكان جلجامش يوجهه بالحبل تارة ويرفعه للسطح تارة حتى أصبح القارب يسير سريعًا
جلجامش: صدقتي لقد استفدنا من هذا القنديل هه
عشتار: لقد تكرر كل ماررت به لكن الفرق أنني أحس بالأمان الآن.. أحبك
جلجامش: حبك يامعشوقتي هو أملي ثقي بي لن تمري بمثل ماررت به حين كان مغما علي سأحميك لاتخافي لكن اعلمي أنه عند اي شاطئ يوجد الشق وفي أي بحر يوجد الدلهاب هما شيء **** به
عشتار: هل بقي علينا الكثير حتى نصل للشاطئ
جلجامش: بمساعدة الدلهاب سنصل قريبا جدا
عشتار: مسكين هذا الدلهاب ماذا ستفعل به حين نصل للشاطئ
جلجامش: سأشنقه على جذع شجرة
عشتار: لا إنه مسكين دعه يعيش فقط إرمه في البحر بسلام فلن تجني من قتله شيئا
جلجامش: حسنا إنه يوم حظك يادلهاب فقد شفعت لك الأميرة
فجأة وكأن شيئا انقض على الدلهاب وقضمه بالعا إياه واختفى بسرعة
عشتار بهلع: ماكان ذلك
صمت جلجامش وكان ينظر داخل سطح البحر جيدًا
ثم بسرعة قبض على عشتار وقفز بها خارج القارب وخرج وحش بسرعة من البحر وقضم القارب وهشمه
كان ذلك هو فيل البحر رأسه رأس فيل له خرطوم طويل وجسمه جسم حية كبيرة وفكه كفك قرش كبير مرعب
غطس جلجامش داخل البحر ومعه عشتار الذي كان قلبها ينبض بسرعة رهيبة من شدة الفزع من هول منظر هذا الوحش وبشاعته
كان فيل البحر يبحث هنا وهناك وكان جلجامش ساكنًا جدًا إلى أن أشاح فيل البحر بوجه للجهة الأخرى يريد الابتعاد لكن لم يعد بإمكان عشتار أن تصمد أكثر من ذلك داخل ماء البحر فأخذت تحرك رأسها
انتبه لهما فيل البحر وانقض تجاههما بسرعة فاتحًا فمه الكبير
كاد فيل البحر أن ينهشهما لكن جلجامش وضع قدميه على فكي فيل البحر بقوة وفيل البحر يدفعهما بقوة وسرعة وفمه يسحب كل شيء
انفلتت عشتار من جلجامش وكادت أن تدخل فم الفيل لكن جلجامش في اللحظة الأخيرة استطاع الامساك بها واخرجها من داخل فم الفيل الذي لم يكن باستطاعته اغلاق فمه نظرا لأن جلجامش يضغط على فكي الفيل بكلتا رجليه
وضع جلجامش عشتار على رقبته مرة أخرى كان فيل البحر قد وصل لسطح الماء وقفز بهما في الجو عاليا جدا لدرجة أن عشتار استطاعت التنفس وهي معلقة برقبة جلجامش الذي بدوره واضعا قدميه على فكي هذا الوحش وهم معلقون في الهواء وضوء القمر منعكس عليهم ثم بسرعة وهم معلقون في الهواء أدار جلجامش عشتار وراء ظهره وأخذ يوجه عدة لكمات قوية لوجه الفيل خوفا أن ينقلب بهم ويغطس عليهم مرة أخرى
كانت لكمات جلجامش جدا قوية لدرجة أن عشتار كانت تهتز وكأنها ***
أخيرا وجه الفيل ضربة بخرطومه لجلجامش قذفت به بعيدا هو وعشتار
سقط جلجامش وعشتار في البحر مرة أخرى وبسرعة صعد جلجامش للسطح ووضع عشتار على ماتبقى من القارب المهشم
جلجامش: انتظري هنا
وغطس مرةً أخرى
كانت عشتار ترتجف من الخوف والبرد والفزع وتحتها في الاعماق كانت تحس بتخبطات ولكمات قوية والموج من شدة المعركة داخل البحر كان شديدا يأرجح القارب في كل الاتجاهات
عشتار: يا إلهي احرسنا يا إلهي ارجع زوجي سالما
إلى أن هدأ الموج أخيرًا وسكن كل شيء أخذت عشتار تترقب وتنظر ماذا حدث
وكانت المفاجأة أن طفا ذلك الوحش ميتًا نظرت إليه جيدا بخوف كان رأسه مشدود للخلف وفمه مفتوح بشكل مخيف وخرطومه مربوط حول عنقه
لقد خنقه بخرطومه
خرج جلجامش من داخل البحر بهيبة وغضب يلتقط أنفاسه
احتضنت عشتار جلجامش وهي تبكي بفرح قائلة: إنك قوي جدًا
بعد تغلب جلجامش على فيل البحر ووصولهم لليابسة اخذوا يشدون الخطا إلى ان وصلوا للجبل الازرق آملًا بأن يجد في المغارة السرية أحدًا من أعوانه
كان جلجامش حاملًا عشتار ويتسلق الجبل برشاقة وبكل سهولة وكلما ارتفع زادت البرودة مع اقتراب بزوغ الفجر
إلى أن وصل لمنتصف الجبل ووقف مكانه لايتحرك وسط جحور كثيرة
كان هنالك جمجمة جدي كبير بقرون كبيرة ملتصقة بصخور الجبل
وكان نسيم الرياح باردًا وقويًا
نظرت عشتار للأسفل وأحست أنها ستطير
جرح جلجامش ابهامه بحافة قرن الجدي اليمنى وسال دمٌ قليل على ذلك القرن إلى أن وصل لعين الجدي ودخلها
ماهي إلا لحظات وإذا برأس الجدي أخذ يدور ببطء كعقرب ساعة
دار نصف دورة وتوقف
نظر جلجامش للقرن الذي جرح به اصبعه كان يشير لجحر قريب
ذهب جلجامش تجاه ذلك الجحر ودخله
كانت تلك هي مغارتهم المنشودة
أخيرًا أنزل عشتار على الأرض وأخذ الاثنان يمشيان في دهليزٍ مظلم
عشتار وهي ممسكةٌ بيد جلجامش: هل تظن أنه يوجد أحدٌ هنا
جلجامش: اتمنى ذلك
وصل الاثنان للمغارة أخيرًا التي كانت للأسف خاوية
عشتار: ماذا سنفعل الآن
أخذ جلجامش يجول بنظره في أرجاء المكان وإذا بحجرةٍ صغيرة قد سقطت من الأعلى تبعها جني رهيب شاهرًا سيفه يهوي به على جلجامش
دفع جلجامش عشتار بيده للخلف وقفز هو لجهةٍ أخرى متفاديًا ذلك الهجوم المفاجئ
سقطت عشتار أرضًا وهي تصرخ: ياحيييين
نهض ياحين برشاقة
واتجه بسرعة نحو جلجامش يريد ضربه بالسيف ولكن جلجامش اخذ يدور حول ياحين
إلى أن توقف ياحين ورمى بسيفه محتضنًا جلجامش: حمدًا *** على سلامتكم يامولاي كيف تمكنتم من الهرب
جلجامش: تلك قصة طويلة ياصديقي كيف حال قومي
قاطعتهم عشتار: هل يخبرني أحدٌ ماقد حدث توًا
ياحين: كان لابد لي أن أتأكد من أنه جلجامش فعلًا وليس جنيًا آخر متشكلًا بهيئته
وحين أخذ جلجامش يدور حولي من الجهة اليمنى عرفت أنه هو
عشتار باستغراب: كيف ذلك
جلجامش: أصيب ياحين في معركة سابقة بضربةٍ في عينه اليمنى وفقد بصره منها وكنت أنا الوحيد الذي يعلم بأنه يبصر من عينه اليسرى فقط وكنت أدور حوله من جهة اليمين لأقترب منه وانتزع سيفه لكنه عرفني أيضًا
أحست عشتار بالطمأنينة بعد أن أكد لها ياحين أن ابنتاها بخير في قلعة الجنيات السبع وجلس الجميع يقصون مامروا به على بعضهم
إلى أن قال ياحين: الوضع خطيرٌ جدًا يامولاي عيقم امر بسجن أعوانك المخلصين جميعهم حتى يقتلوا يوم تتويجه بحجة أنهم كانوا جواسيس
جلجامش بغضب: ياله من حقير
ياحين: ونزع أسلحة قبيلتنا كلها وقام بنقل كنز أجدادك لقصره
جلجامش: هذا ماكنت اتوقعه وماذا أيضًا
ياحين: فرض على جميع سكان القلعه بتسليم نصف املاكهم يوم تتويجه ومن يرفض سيقتل مع الجواسيس والخونة
عشتار بيأس: مالعمل الآن
جلجامش: أملنا الوحيد الآن أن أصل لعيقم يوم التتويج واتحداه أمام الملأ فقد جرت العادة حين يتم تتويج ملكٍ جديد أن يتحدى مملوكيه ليفرض سيطرته عليهم ويثبت لهم أنه الأقوى ليكون كفؤً بحكمهم وحين اتحداه لايحق لأحدٍ أن يتدخل في النزال سوانا
عشتار: لهذا قام بسلب أسلحتهم إذًا
جلجامش: حتى وإن كانت أسلحتهم بحوزتهم لن يجرأ أحدٌ بمجابهة قوة عيقم العظيمة لكنه حذرٌ جدًا
ياحين: عذرًا يامولاي لكن هذا انتحار فظيع فعيقم الآن يملك عين الظلام والسيف الصاعق معًا
أقوى سلاحين في أرض الجن كيف ستتغلب عليه وأنت أعزل لاتملك سلاحا
جلجامش: لاخيار لدي ياياحين لكني كنت افكر أن اذهب ليارخ فقد يكون باستطاعته مساعدتي
عشتار: من هو يارخ
أجاب ياحين وهو مطأطأ رأسه مخافة أن تلتقي عينه بعين عشتار: يارخ هو عفريت كبير وحداد يصنع الأسلحة السحرية للجن
قد توارث هذه الحرفة عن أجداده
لكن هل سيكون بمقدوره صنع سلاحٍ في وقتٍ قصير علاوة على ذلك هل سيكون بمقدوره صنع سلاح أقوى من السيف الصاعق وعين الظلام وهما مجتمعين لا أظن ذلك يامولاي
جلجامش: لا خيار أمامي سأجابه عيقم واتحداه حتى ولو كنت أعزلًا
عشتار: أليس السيف الصاعق هو سيفك أصلًا وحين تقترب منه يكون باستطاعتك جذبه إليك كما فعلت عند الجسر من قبل
جلجامش بحرقة: بعد أن سلمته لعيقم أصبح ملكه، هو من يستطيع جذبه الآن لا أنا، فعلت ذلك مضطرًا لحقن دماء قبيلتي لكن يبدو أن ذلك كان خطأً فادحًا
ياحين: لم يكن أمامك خيار فقد تخلا عنك الجيش والفضل يعود لأزمل
جلجامش: ياله من خائن لقد خطط لفعلته مسبقا أنا متأكد لقد رأيت ذلك في عينيه،الغبي يظن أن عيقم سيثق به ويعطيه منصبا مرموقا أو ملكا ذلك الخائن سأخنقه بيدي حين اقبض عليه لكن الآن علينا الذهاب ليارخ لنرى ماسيفعل
ياحين: هيا بنا لاوقت نضيعه
حمل جلجامش عشتار وقفز من المغارة هو وياحين وعشتار مغمضة عينيها إلى أن سقطا على أقدامهما التي لم تنحني من قوة ارتطامهم بالأرض لكن الأرض تحت أرجلهم اهتزت اهتزازًا عنيفًا وارتفعت شظايا الحجارة فوق رؤسهم
وصل جلجامش لنهر كان ينبع من الجبل الأزرق ورفس شجرة عملاقة أطاحها في النهر وصعد فوقها هو وياحين ومعهم عشتار
جلست عشتار مدليةً قدميها في ماء النهر البارد بسكون
فجأةً قفزة سمكة كبيرة من النهر فوقهم وعادت داخل الماء نظرت عشتار بتركيز ثم صرخت: إنها حورية البحر ماأجملها كنت أقرأ عنها في الروايات والقصص الأسطورية لكن كيف تعيش في النهر هل هذه حورية النهر
ضحك جلجامش وقال: لاوجود لشيء اسمه حورية بحر أو نهر إنها جنية النهر
عشتار بإستغراب: لكن كل تلك القصص!!
جلجامش: كم أنتم غريبون يابنو البشر حين ترون جني نصفه رجل ونصفه حمار تخافون منه لكن حين تكون امرأة نصفها سمكة تسمونهاحورية مع العلم أن من نصفه حمار لايقتل أحدًا بطبعه إلا إذا اضطر لذلك على عكس جنية النهر تغوي من يذهب للنهر وحده وتراوده عن نفسه مادة يدها له وما أن يمسك بيدها حتى تسحبه للأعماق وتغرقه خنقا
تعالت ضحكات في أرجاء المكان نظرت عشتار حولها لترى كثير من الجنيات يسبحن حول الشجره ويلعبن ويتضاحكن
عشتار: اعتقد أنها سميت حورية لأنها جميلة أما من نصفه حمار ونصفه رجل فهو بشع ومخيف
جلجامش: لابد لها أن تكون جميلة وفاتنة حتى يتسنى لها أن تفتن الرجال وتغرقهم في النهر لكن جمالها فقط فوق سطح الماء أما تحته فهي بشعة كالسعلاة لكن حتى وإن كانت جميلة جدا فجمالها لايرقى لجمالك ياحلوتي فأنت حورية إنسية
تورد خدا عشتار خجلا لم تعلم هل لأنها لم تسمع كلمات ناعمة من زوجها منذ فترة أم لوجود ياحين في مؤخرة الشجرة لكن لم تدري لم تذكرت ابنتاها فأخذت تبكي
عشتار: ترى ما حال ابنتاي الآن
جلجامش: لاتقلقي هما بحال أفضل من حالنا لاشك في قلعة الجنيات السبع لايستطيع أحد إيذائهما
عشتار: وماتكون هذه القلعة ومن هؤلاء الجنيات
جلجامش: منذ قديم الزمان حدثت حرب عظيمة بين سبعة من أقوى قادة الجن ودامت الحرب بينهم سنين طويلة حتى لم يبقى من أولادهم أحد وم١ت عدد عظيم من الجن فما كان من زوجات هؤلاء القلادة إلا أن اعتزلوا أزواجهم في قلعة كبيرة جعلوها ملجأً لضحايا الحروب من أشراف الجن ولهم قوةٌ كبيرة في السحر
أخيرا وصل بهم جريان الماء لوادي الغربان
اتجه الثلاثة ليارخ العفريت صانع الأسلحة
ووصلوا إليه حيث كان منهمكًا بالحدادة في كوخٍ تحف به حمم بركانية من كل جانب
واخذوا يشرحون له المشكلة لعل باستطاعته صنع مايحتاجونه
كان يارخ عفريتًا ضخمًا جدًا عريض المنكبين له شعر كثيف يغطي كل وجهه ولديه غراب أسود مخيف قابعٌ على كتفه
يارخ: امممم لي من العمر ستمائة سنة لم استطع صنع سيفٍ يضاهي قوة السيف الصاعق لقد خسرت شيئًا عظيمًا بإضاعته،
هذا السيف صنعه جد جدي
جلجامش: ضحيت به حقنا لدماء قبيلتي لكن مايبدو الآن أن الأمور قد انقلبت ولابد لي من مجابهة سيفي ولن يثنيني عن ماعزمت أي شيء
يارخ: إعداد سيفٍ في هذا الوقت القصير ليس مستحيلًا بالنسبة لي إن توفرت لي المعدات اللازمة
جلجامش: وماهي تلك المعدات
نظر يارخ لجلجامش بعمق حتى بدت عيناه الحمراوتان جاحظتين وسط شعر وجهه الكثيف وقال: أنت تعلم كل العلم أن امتلاك سيف بمثل هذه القوة ليس سهلًا
إما أن تتوارثه عن أسلافك وهذا ماكان لديك وأضعته
وإما أن تأتي بمعدات لصنع سلاح قد تموت وأنت تحضرها
لامتلاك سلاحك الخاص عليك أن تتحدى نفسك أولًا
هل باستطاعتك خوض هذا التحدي العظيم
جلجامش: أن أموت وأنا أحاول الدفاع عن أرض أجدادي خير لي من العيش في حسرة الفشل والخذلان والعار
يارخ: حسنًا.. لدي فكرة لسلاح عظيم كنت أدخرها منذ زمن طويل تحتاج لقوة عظيمة لتتحقق ويصنع هذا السلاح
إن صنعت هذا السلاح سيكون أقوى سلاحٍ في أرض الجن سلاح تستطيع إفناء جيش كامل به سلاح قوي يحتاج لجنيٍ قوي وشجاع حتى يستطيع السيطرة عليه ولست أنت فقط من سيتحدى نفسه في جلب مايلزم لصنع هذا السلاح بل أنا أيضًا سأتحدى نفسي وجميع أسلافي إن صنعته لكنها مجرد فكرةٍ خيالية لاوجود للضمانات
جلجامش بثقة: قل لي ماتحتاجه
يارخ: أولًا لهزم السيف الصاعق علينا إحضار كميةٍ من المطاط اضعها في هذا السلاح لتعمل على عزل الصعقات الرعدية وصدها وفي نفس الوقت تعطي السيف مرونة وقابلية للتمدد وهذا المطاط تجده في شجرة المطاط العجوز السامة” هيڤيا ” إن استطعت إقناعها بإعطائك قليلًا من المطاط تكون قد نجحت في تحقيق المستلزم الأول
ياحين: وكيف سنقنعها بذلك وأنت تعلم أن من يقترب منها يموت بسمها
جلجامش: سنتدبر الأمر لاعليك ماذا أيضًا يا يارخ
يارخ: ثانيًا أحتاج قطعةً من حجر المغناطيس الموجود فوق فوهة بركان الجن الحمر
ياحين: إن هذا مستحيل وخطر ليس علينا فقط بل على أرض الجن كلها فحجر المغناطيس السحري المعلق على فوهة البركان هو الذي يجعل البركان خامدًا بأن يعمل عملية تنافر للحمم البركانية المعدنية ويجعلها تقبع في قعر الأرض إن تحرك هاج البركان وانفجر علاوةً على ذلك يحف به ويحرسه ستة من المردة الحمر العمالقة أقوى جن في هذه الدنيا سيوفهم الثقيلة يجذبها حجر المغناطيس ومن ثقلها لاتصل إليه فهي معلقةٌ في الهواء تدور حول البركان إن تحرك حجر المغناطيس سقطت سيوفهم عليهم وانتبهوا إن الحجر قد سرق فينتفضوا ويقتلوا سارقه ويفنوا قبيلته أيضًا حتى وإن كان السيف الصاعق بحوزتك ياجلجامش لن تستطيع الحصول على حجر المغناطيس ناهيك عن خطر تحريكه من مكانه أصلًا إن هذا ليس انتحارًا فقط بل جنون
إن انفجر هذا البركان سيشكل خطرًا على ارض الجن
يارخ: إن كنت تريد أقوى سلاحٍ في أرض الجن عليك أن تصل مالم يصل له أي جني عليك أن تتعدى الجنون والخوف
إما أن تفعل ذلك أو خذ ابنتاك واهرب بهما لعالم الإنس مع هذه الإنسية لتعيش بسلام
كان العرق يتصبب من جبهة جلجامش ووجهه أحمر لكنه سيطر على نفسه وقال: حسنًا.. سنخوض هذه المجازفة لامحالة
يارخ: بقي شيءٌ واحد وهو الأخطر والأهم لكن يبدو أن لاطاقة لكم به
ياحين بتعجب: أيوجد ماهو أخطر من حجر المغناطيس
جلجامش: ماهو يا يارخ
الجزء العاشر ونهاية السلسلة الأولة
يارخ: بعد البركان يوجد جبل جليدي
ياحين: جبل الذئاب!!
يارخ: نعم تقول الاساطير انه يوجد به ذئب ضخم أحمر له نابان طويلان وعينٌ واحدة هو ملك الذئاب واقواها اجلب لي عينه وناباه مع المغناطيس والمطاط وسأصنع لك سيفًا يجعلك أقوى جني في هذه الدنيا
اخذ جلجامش يرتجف وقال: مستحيل إن ماتقوله مستحيل حتى لو استطعت قتله وصنعت لي سيفًا من نابيه وعينه كيف سأجرأ على حمل سيفٍ كهذا لا استطيع
قالت عشتار: سنتغلب عليه ياحبيبي لاتخف أنا معك
جلجامش: أنتِ لاتعلمين بعلاقة الجن بالذئاب
في الذئب صفتان:
أولا: أنه إذا وقع عين الذئب على جني فإن الذئب لا يحول عنه بصره بل يثبت نظره عليه بشكل تام ولو فصل بينهما وادي لدار الذئب حوله من جهة ألا يجعل هذا الجني الذي رصده بنظره يغيب عن عينه لحظة واحدة بسبب وادٍ أو شجرة أو عازل بينهما بل يجتنب كل مانع عن الرؤية
و السر في ذلك أن الأرواح الجنية يقيدها النظر.. فلا تستطيع الإنصراف ما دام النظر متعلقا بها … إذا النظر يقيدنا
ثانيا: أرواح الجن.. تكون هناك خاصية في موطيء قدمها على الأرض..
فلو كان متشكلا في صورة ما.. ووقع في نفسك أنه جني.. تضعي قدمك مكان موضع قدمه على أثر خطوته.. فإنه يتسمر في مكانه ولا يعدوه.. والذئب يطلب ذلك في عدوه وراء الجني … وإلا فالجني أسرع منه بيقين.. اإلا أنه يسمره في مكانه من هذين الطريقين ويقتله ثم يقوم بأكله
لم يقابل أحدٌ من الجن ذئبًا إلا وقتله ذلك الذئب مهما كانت قوته
عشتار: لن نعدم الوسيلة ياحبيبي لابد أن ندافع عن ملكنا لابد أن نجد حيلةً ما أنا معك ياحبيبي
نظر جلجامش لعشتار والثقة تملأ عينيها
جلجامش: حسنًا
ياحين: حسنًا ماذا؟؟
جلجامش: ألم تسمع ماقالته الأميرة سنجلب مايحتاجه يارخ ليصنع السيف
نظر ياحين في عين جلجامش وقال بخوف: إن كان هذا مايأمر به الأمير والأميرة فحياتي لكما الفداء
جلجامش: أنت صديقٌ مخلص
بعد اجتماع جلجامش وعشتار بياحين وذهابهم للعفريت يارخ صانع الأسلحة
عله يصنع لجلجامش سلاحًا يستطيع به مجابهة عيقم طلب منهم يارخ جلب قطعة من مغناطيس البركان ومطاط من الشجرة السامة هيڤيا وعين ونابا أمير الذئاب
خرج الثلاثة من كوخ يارخ ووقف كل من ياحين وعشتار ينظران لجلجامش
ياحين: ماهي وجهتنا الأولى
عشتار: شجرة المطاط طبعًا فهي ستكون الأسهل باعتقادي
ياحين: أوافقك الرأي يامولاتي
جلجامش: لا سنذهب لجبل الجليد لمجابهة أمير الذئاب علينا البدء بأصعب تحدٍ أما أن نتعداه بسلام أو تكون النهاية
ياحين بخوف: كيف سنجابه هذا الوحش
نظر جلجامش لجبل الجليد الذي كان واضحًا من بعيد خلف البركان الخامد تملؤه الكآبة والسكون وقال: سنفطن لحيلة ما هيا بنا أولًا علينا أن ندور خلف البركان
أخذ الثلاثة يشدون الخطا مرورًا بحرارة البركان إلى أن وصلوا لمكان لابارد ولاحار
ياحين: هنا تمتزج حرارة البركان ببرودة الجليد هنا حدود أرض الجن التي لايجب لأي جني تعديها فجبل الجليد مليء بالذئاب
جلجامش: لهذا علينا أن نتسلق الأشجار ونقفز من شجرةٍ لأخرى وأن لاننظر للأسفل ستكون عشتار هي دليلنا انقلبت الموازين الآن ياحبيبتي أنا من سيغمض عينيه الآن وأنت تكوني دليلي ونور عيني
عشتار: لكن على ماذا سأبحث
جلجامش: في هذا المكان نحن نتساوى فلا علم لي بهذه الأرض لم يدخلها أحدٌ منا من قبل فقط علينا إيجاد أمير الذئاب والتغلب عليه
حمل جلجامش عشتار وتسلق هو وياحين شجرةً كبيرة وأخذا يقفزان من شجرةٍ لأخرى دون أن ينظرا للأسفل فقط كانت عشتار تقودهم للمجهول
دار الثلاثة حول الجبل لثلاثة ساعات من شجرةٍ لأخرى دون أن يجدوا شيئًا فقط جحورٌ صغيرة يستحيل أن يقطنها أمير الذئاب الضخم
نظر ياحين لجلجامش وقال: بقي أن نتسلق الجبل الآن
جلجامش: هو المكان الذي سنجد فيه ضالتنا لامحالة لكن علينا تسلقه من الخلف لأنه عمودي حتى لانلتقي بأي ذئب ويبغاتنا ونحاصر في مأزق
ياحين: هي الطريقة الأسلم لاشك
تسلق الثلاثة الجبل بسرعة إلى أن وصلوا لقمته كانت عشتار ترتجف من شدة البرد وحفيف الرياح الشديد جعل أسنانها تضرب ببعضعها
احتضن جلجامش عشتار بحزن وقال: سامحيني ياحبيبتي جئت بك مكانًا باردًا قد تلقين فيه حتفك
عشتار: لا أدفأ من المoت في حضنك
قاطعهما ياحين بشجاعة: لن نموت هنا هو مجرد حيوان بائس أن تغلبنا على خوفنا تغلبنا عليه
خلع جلجامش رداءه ولفه حول عشتار جيدًا
وخلع ياحين رداءه ودفعه لعشتار لكنها رفضت بشدة فدفعه لجلجامش: خذ يامولاي صعبٌ علـي رؤيتك دون رداء
جلجامش: سنحتاج أشعال رداءك بالنار
عشتار: لما
جلجامش: نحن نخاف من الذئب هو الحيوان الذي يخافه الإنس والجن لكنه يخاف من النار فنظرنا له سيشتتنا ونظره للنار سيشتته
عشتار: فكرة ممتازة وأيضًا للذئب عدو يكرهه ألا وهو الكلب إن تشكل أحدكما بكلب استطعنا تشتيته اكثر
جلجامش: لانستطيع فعل ذلك فإن تشكل أحدنا الآن بأي هيئة لن يستطيع الرجوع لشكله الطبيعي إلا إذا عدنا لقلعتنا بأرض الجن وهذا مستحيل في الوقت الحالي
ياحين: إن اضطررت لذلك سأفعلها
وصل الثلاثة أخيرًا لقمة الجبل ووقفوا أمام كهف كبير بخوف
همست عشتار: أتظنه هنا
جلجامش: هو المكان الوحيد الذي يجب أن يكون فيه
عشتار: هل هو نائم بالداخل
جلجامش: اتمنى ذلك فالذئاب تنام النهار وتصطاد في الليل بطبيعتها
ياحين: لا أظن مولاي سيجازف بدخول الكهف إن دخلنا لن نخرج أبدًا فلا علم لنا بعدد الذئاب بالداخل
جلجامش: مالعمل إذن
ياحين: نتسلق فتحة الكهف ونشعل كرة من النار ونلقي بها للداخل إن خرج ذئب واحد جابهناه أما إن خرج أكثر من ذئب هربنا
عشتار: عندي فكرة.. أنت تقول أن الذئب حين ينظر لأي جني يسمره مكانه إذن ليس من الحكمة أن نكون مجتمعين في مكانٍ واحد
جلجامش: الحق ماتقولين
عشتار: ياحين قف فوق فتحة الكهف بكرة النار واعط جلجامش سيفك وأنا سأقف عند حافة الجبل بعصى طويلة بها شعلة من النار أيضًا أما جلجامش فعليه أن يتدلى من حافة الجبل كي لايراه الذئب
حين تلقي بكرة اللهب داخل الكهف اختبأ سيخرج الذئب ولن يجد سواي وسيتجه لي
حين يقترب مني وقبل أن ينقض علـي بسرعة عليك أن تباغته وتدفعه لإسقاطه
ما إن تدفعه سأقفز أنا أيضًا من الجبل
حين يسقط بسرعة يقفز جلجامش متصديًا له ويغرز السيف في صدره وتقفز أنت ورائي وتمسك بي
جلجامش: أخاف عليك إن لم تنجح الخطة
عشتار: ستنجح إن كان توقيتنا متقنًا
جلجامش: وهل ستمتلكين القوة للوقوف أمام هذا الوحش علاوةً على ذلك هل تمتلكين القوة لإلقاء نفسك من سفح الجبل
عشتار: لابد لي من ذلك فأنا زوجة جني لاتستهن بي ياجلجامش فعند مجابهة الذئب أنا أشجع منكما أنتم الاثنين
ياحين: فكرة مولاتي هي الحل الوحيد يامولاي
جلجامش بقلق:فعلًا لااظن أن هناك خطة أفضل لكن عليك الحذر ياياحين فحياة الأميرة في عنقك
اتخذ الجميع اماكنهم تنفيذًا لخطة عشتار
حتى اتاها زوجها في يوم ما وقال لو علمتي ان اصلي من الجن هل تعيشين معي؟
قالت ماهذا التخريف
قال تخيلي واجيبيني
قالت طبعا لا
قال لما؟
قال لا آمن على نفسي منك
قال أولاتحبيني؟
قالت بلى أعشقك بجنون لكن لا استطيع ان احب شيئا اخافه علاوة على ذلك جنسان مختلفان يستحيل ان يتفقا
قال وابنتينا مامصيرهما في قلبك؟
قالت اخاف منهما ايضا
قال قد حملتيهما تسعة في بطنك!
قالت وإن
وباتا تلك الليلة متظاهرين إلا ان زوجها لم ينم أصلاً
حتى افاقت وجدت البيت خاويا من زوجها وابنتيها
ووجدت رسالة من زوجها يقول فيها:
اني قد حاولت ان امهد لك مرارا بحقيقتي ولكن لم اجد في قلبك صمودا
هل تذكرين حين كنت صغيرة في بيت ابوك كنت دائما تمشطين شعرك وتتمرجحين عند شجرة التفاح في حديقتكم وكنت انا مشغوفا بالتفاح كثيرا اذ كنت اتسلل من ارضنا عبر هذه الشجرة وتعودت عليك حتى عشقتك وجلست حينا من الدهر اراقبك تكبرين وتزدادين جمالا وازداد بك عشقا الا ان اصبحت فتاة في سن الزواج فاعلمت اهلي بعشقي لك ورغبتي في الزواج منك وقوبلت برفض شديد لاسيما ان ابي هو سيد قبيلتنا ومن غير المعهود ان يتزوج الجن بالإنس إذ اننا ننظر لجنسكم نظرة دون
إلا أنني اصررت على طلبي متحديا عاداتنا وتقاليدنا وأبي الذي قرر أن انفى من ارضنا ان لم اعد عن قراري ولكنني تحديت قومي جميعهم ونفيت عن ارض الجن وتزوجت بك ياقلبي وكانت حياتنا سعيدة الا ان جائني مرسول من قومي يطلبونني فيه إذ انه نشبت حرب عظيمة ضروس بين قبيلتنا وقبيلة مجاورة وقتل جدي وأبي وأعمامي وأخوتي ولم يبقى غيري لسوء حظي وحظهم أيضا
ولا مفر من الرفض يجب أن أعود للدفاع عن أرض أجدادي
فلم يكن مجال ان ارفض وخفت ان اودعك ابنتينا فترميهما او تقتليهما لو بان شيء من جنسهما الجني بعد ان اكدت لي موقفك مرارا من استحالة العيش معي وابنتي
والحق يقال انني لم استطع مصارحتك بحقيقتي ولكن حاولت التلميح لك كثيرا وفي كل مرة تصديني
فآثرت الهرب بهما
علنا نلتقي ان انتصرنا في الحرب او نلتقي في حياة أخرى
سامحيني
ووصيتي لك بحق عشرتنا وحبنا الطاهر أن لاتخلعي خاتم زواجنا من أصبعك أستحلفك بكل ماهو غال ومقدس في حياتك
زوجك المحب
جن جنونها لما قرأت رسالته
ووجدت البيت خاويا من ابنتيها
وتساقطت دموع اللوعة فوق خديها
لم تفكر في ابنتيها
ولا في ان زوجها من الجن
اذ تتساوى الاجناس امام الحب العظيم
كل ماكان يشغل بالها هو خوفها ان يصيب عائلتها مكروه حتى وان كانوا من الجن
صحيح ان الانسان لايستطيع تقدير الاشياء حق قدرها الا حين يفقدها
واخذت تنظر لخاتمها بحرارة وتحس بدفئ في اصبعها وقلبها فتعلم أن حبيبها بخير
لا خير في جنس أنت لست هموا
لم يعد بعدك لي لا إنس ولا جان
قد ضعت بعدك ياحبيبي أنني
في بلدة الانسان مسجون وسجان
ومرت الايام والليالي وهي لا علم لها بمصير عائلتها وهذا ماكان مضنيها اذ كيف تستعلم عنهم
حاولت مرار ان تذهب لمشعوذين يدعون الاتصال بالجن ولكن لافائدة اذ اكتشفت انهم مجرد محتالين
الا ان جاء يوم دخلت الحمام تغتسل وخلعت خاتمها
وحين خروجها نسيت الخاتم في الحمام
وخلدت للنوم اذ كانت متعبة من قراءتها لكتب الجن طوال اليوم
حلمت بحلم غريب
ابنتاها يبكون وهم ينظرون اليها والى ابيهم الذي كان يحارب غولا اسود ضخم ينفر النيران من انفه في كل مكان
صرخ بها زوجها لماذا خلعتي الخاتم ارجوك ارتديه ولاتخلعيه مرة اخرى
افاقت من نومها مفزوعة ممسكتا باصبعها فانتبهت ان الخاتم غيرموجود
فنهضت مسرعة للحمام ولبست الخاتم وهي مرهقة جدا من هذا الحلم المخيف وفي نفس الوقت تفكر لماذا لم احلم بهم الا حين خلعت خاتمي واخذت تحملق في فصه البلوري الاحمر امام المرآة لوهلة الا انهم سمعت صوتا خارج المنزل فاقتربت من نافذة الحمام لتفاجئ بمعركة بين نسر احمر وكلب اسود وفوق غصن شجرة التفاح وقفة حمامتان بدا انهما يراقبان المعركة وكان الكلب ضخما جدا الا ان النسر كان سريعا
لم تستوعب ما تراه عيناها وسط الذهول والهلع الشديدين اخذت تتذكر الكابوس الذي حلمت به لتوها الذي بدا يتلاشا شيئا فشيئا
يتبع...
الجز الثاني
بدا الحلم يتلاشا شيئاً فشيئاً ليتجسد في الواقع الذي أمامها
ماذا يجري أيعقل!!
إنه ذاك النسر زوجي يتصارع مع هذا الكلب وابنتاي هما الحمامتان لابد أنه زوجي فمالذي سيأتي بنسرٍ في هذه الانحاء وفي هذا الوقت لقد صدق الحلم بل لم يكن حلماً يا إلهي
تجمدت مكانها من الخوف وأخذت رجلاها بالارتجاف الشديد وتحشرج حلقها حتى لم تعد قادرة على النطق وبدت أطرافها بالتنمل
حاولت التحرك ولكنها كانت متجمدة تهم بأن ترجع للخلف ولكن جسمها كأنه التصق بالأرض
حاولت الصراخ ولكن لم يخرج من فمها غير هواءٍ بارد
كانت المعركة ضاريةً جداً
أخذ النسر يطير عالياً ويهوي على الكلب بمخالبه الحادة في حين كان الكلب يحاول إمساك النسر ولكنه كان يصده بجناحيه القويين إلى أن فطن الكلب لوجود الحمامتين فانطلق باتجاههما مسرعاً
أصيبت عشتار بذعر شديد حين رأت الكلب يتجه لابنتيها فانبثقت طاقة كامنةٌ بداخلها سرت في جميع أنحاء جسمها ولو لم يتحرك جسمها لمشت روحها تاركةً ذاك الجسم المتحنط انطلقت لاشعورياً خارج المنزل تحمل رجلاها غريزة الأم
قفز الكلب باتجاه الحمامتين وكاد ان يحكم قبضتيه عليهما إلا أن النسر هب عليه مسرعاً واصطدم به وهوى الاثنان يتدحرجان على الأرض
أومأ النسر للحمامتين بالهرب وسرعان ماطارتا مبتعدتين في هذا اللحظة كان الكلب جاثياً فوق النسر الذي أخذ منقاره الحاد يخترق صدر الكلب بقوة
حاول الكلب تفادي الضربات وفي نفس الوقت إحكام قبضتيه على النسر إلا أن النسر استطاع الإفلات ولكن كان هذا من سوء حظه
لأن الكلب قبض على رقبة النسر بفكيه الحادين وطرحه أرضاً مرةً أخرى
وانقلبت موازين المعركة لصالح الكلب المتوحش
أخذ يهز النسر هزاً شديداً من رقبته وكان واضحا أن قوى النسر بدأت تخور وأوشك على الهلاك إذ لم يعد يتحرك أبداً
فجأةً وإذا بحجر صغير مترردد هوى على رأس الكلب
تلته صرخةٌ من عشتار: يكفي اتركه يكفي
أفلت الكلب النسر من فكيه وقفز على عشتار وطرحها أرضاً
ماكان من عشتار إلا أن تسمرت أرضاً والكلب فوقها وهي تنظر في عينيه بهلع شديد
هم الكلب بأن ينهشها لكن حدث شيء عجيب
حين نظر الكلب لعيني عشتار تسمر مكانه هو الآخر.. لحظات حتى هدأ الكلب وابتعد عدة خطوات ملتقطاً أنفاسه وقال: ماتكوني أيتها الإنسية .. عيناك سحرٌ رهيب أصابني بارتعاش لاعجب بأن أمير الجن وقع في حبك وأجزم بأنك ساحرة خطيرة
قال هذه الكلمات وولى هارباً
لم تستوعب عشتار ماحدث أيعقل أنها استطاعت إخافة جني!!
نهضت مسرعة باتجاه النسر الذي كان فاقداً للوعي وينزف دماً
“حبيبي جلجامش أرجوك تماسك لاتمت” ودموع عيناها سالت فوق خديها
وضعت رأسها على صدر النسر تتحسس نبض قلبه وكان هنالك نبضٌ لكن ضعيف
” يا إلهي ماذا يحدث لي”
شقت خرقةً من ثوبها ولفت بها رقبته لإيقاف النزيف وهي تبكي وتفكر مالعمل إذ إن ظل الحال على ماهو سيموت لامحالة لأن الجرح عميق جداً
أخذت تفكر بسرعة لدرجة أنها لم تعد قادرة على كبح جماح عقلها
هل آخذه للمستشفى.. ماذا علي أن افعل..
تذكرت..
لقد قرأت في إحدى كتب الجن أن الجني إذا أصيب بجرحٍ في عالم الإنس لايلتأم جرحه إلا إذا عاد لهيئته الطبيعيه وحتى يعود لهيئته الطبيعية لابد له أن يعود لأرض الجن
إن صدق ماقرأت كيف يعود وهو فاقد الوعي وإن ظل هكذا سيموت لامحالة
حملته ووقفت تهم أن تدخل به المنزل تارةً وتارةً أخرى تهم أن تخرج به وهي تحضنه باكيةً : تماسك ياحبيبي أرجوك يا إلهي مالعمل
توقفت في منتصف الحديقة وكأن فكرةً قد لمعت في عقلها
تذكرت رسالته الأخيرة حين فارقها حين كتب
“كنتِ دائما تمشطين شعرك وتتمرجحين عند شجرة التفاح في حديقتكم وكنت انا مشغوفا بالتفاح كثيرا اذ كنت اتسلل من ارضنا عبر هذه الشجرة”
أنزلته على أرض الحديقة واتجهت باتجاه الشجرة كيف كان يتسلل ياترى
هل من الممكن أن يوجد طريق من هذه الشجرة يؤدي لأرض الجن
أخذت تدور حول الشجرة وتبحث في أرجاء المكان إلى أن انتبهت لجحر صغير اسفل الشجرة
ركضت إلى الجهة الأخرى من الحديقة وجاءت بمعول وأخذت تحفر وتحفر وكانت المفاجأة أن نضح ممر سري تحت الأرض لاتعلم إلى أين يؤدي
“ماذا أفعل إنه من الجنون أن ادخل هذا الممر المخيف ومايخيف أكثر أنه يؤدي لأرض الجن ولكن هل أترك زوجي يموت وهو الذي ضحا بنفسه لإنقاذي
هل أترك حبيبي عشيقي نور عيني أبو ابنتاي لابد أن اضحي مهما كانت النتائج كما ضحا هو”
بسرعة حملته واتجهت للنفق ولكنه عادت مرة أخرى لسبب ما حملت كيساً كان ملقاً على أرض الحديقة لجمع أوراق الشجر المتساقطة وانقضت على خلية النحل التي كان معلقة فوق الشجرة لاتدري لماذا ولكنها قد تكون وسيلة دفاع لوتعرضت لهجوم ما
مشت داخل النفق وهي تدعوا وتتمنى أن يكون في عينيها سحر ما .. كما قال ذلك الوحش
لأنه قد يكون الشيء الوحيد الذي سيخرجها على قيد الحياة
مع أن النفق كان تحت الأرض ولاتوجد إضاءة أونار إلا أن الممر كان مضيئا بنور أحمر خافت لاتعلم أين مصدره
مشت مايقارب النصف ساعة حتى تشققت قدميها وأعياها التعب إذ كان النسر ثقيلا
إلا أن وصلت لنهاية النفق
وجدت باباً خشبياً كبيراً تنام تحته أفعى عملاقة
تجمدت مكانها مخافة إيقاظها
” يا إلهي ماذا أفعل وأنا محصورةٌ في هذا القبر”
أيقنت انه لابد من استخدام خلية النحل ولو ان استخدامها عد مبكراً جداً
بسرعه أدخلت يدها في الكيس ورمت الخلية بقوة على الأفعى واختبأت خلف صخرةٍ كبيرة حاضنتاً زوجها وهي تبكي بصمت
هاج النحل علئ الأفعى بشراسة محاولاً لدغها ولكن دون فائدة إذ كان جلدها متيناً ولدغات النحل لاتؤثر فيه علاوة علئ ذلك كان الأفعى تتدحرج بسرعة لكن لحسن الحظ أصيبت الأفعى أخيراً في عينيها وأخذت تضرب نفسها في جدار الكهف
المكان يهتز
عشتار تهتز
قلبها يهتز
لكن زوجها دافئ
أخيراً اختبأت الافعى في جحرها
خرجت عشتار بسرعة وفتحت الباب
لم تخف من تنتبه لها الأفعى
لم تهمها لدغات النحل
كل ماكانت تريده هو أن تنجح الخطة ولابد لها من أن تنجح
خرجت أخيراً بنشوة انتصار وخوف مستقبل
لتجد نفسها امام شاطئ بحري ساكن وبارد مع ان الجو كان صيفاً
اخذت تمشي بقلق وخطواتٍ بطيئة الى ان وصلت للشاطئ
وجدت جسراً صغير طوله خمسة امتار تقريبا مربوط به ثلاثة قوارب صغيرة
قارب بني وقاربان احمران
ورجل عجوز بثوبٍ مهترئ جالسٌ على الجسر يصطاد السمك
قال العجوز دون أن يلتفت: اشم رائحة امرأة
نظرت عشتار اليه بخوف وقالت: أين نحن ياعم
العجوز ببرود: بل قولي أين أنا ، فأنا اعرف مكاني اما انت فلا
احتارت عشتار ماذا تقول ولكنها احست بالإطمئنان قليلاً
العجوز: هل انت ذاهبةٌ لأرض الجن
عاد الخوف لعشتار مرةً أخرى وقالت متوجسةً: كيف عرفت!!!
العجوز: هه لا أحد يأتي هنا .. إلا إذا كان ذاهباً هناك
حتى تصلي هناك عليك ان تستقلي إحدى هذه القوارب ولكن حذارٍ يجب عليك الاختيار بحكمة
عشتار: ألا تخاف على نفسك من هذا المكان إذ يبدو أنه مهجور وقد يأتي جنٌ في أي لحظة
العجوز: لايهمني من يأتي طالما أنه سيدفع أجرة القارب
عشتار: لكني لا أحمل مالاً
العجوز: لا أتقاضى بالمال بل بالمقايضة
عشتار: ليس عندي ما أقايضه
العجوز: أشم رائحة عسل ويبدو انه لذيذ
لحسن حظ عشتار ان الكيس لازال بحوزتها نظرت بداخله واذا به قليلٌ من العسل
عشتار: قليلٌ من العسل هو كل ما أملك
العجوز: لابأس به
اعطنيه واختاري لك قاربا بحذر
عشتار: إن كنت سأحتار بين الاحمران سأختار البني
العجوز: فتاة حكيمة جدفي بالقارب الى ان تصلي للضباب وعندها لا حاجة للتجذيف فالضياع سيأخذك الى أرض الجن
عشتار برجفة: ألن تقلني الى هناك فأنا لا أجيد التجديف
العجوز: هه تطلبين الكثير مقابل لعقة عسل
اذهبي قبل ان تذوب حلاوته من فمي
ادركت عشتار انه لافائدة من أضاعت الوقت
وقالت: الى اي جهة علي ان اجدف
العجوز: لاتوجد جهات هنا فقط جدفي
نزلت دمعةٌ من عيني عشتار ولكنها استجمعت قواها ووضعت النسر في القارب وهمت تحاول دفع القارب لعرض البحر ولكن دون جدوى إذ كان ثقيلاً على جسدها الناعم
نزلت دمعةٌ أخرى
قالت: هلا تساعدني أرجوك
العجوز: آه ماذا جاء بك الى هنا
كادت ان تشرح له بحماس إلا أنه قاطعها: لا أريد أن اعرف اصعدي
صعدت عشتار القارب بخضوع ونهض الرجل العجوز ورفع ثوبه مخرجاً رجله
وكانت المفاجأة!!!
رجل حمار!!!
انتفضت عشتار بنسرها لنهاية القارب
ضحك العجوز وضرب قعر القارب برجله فثقبه ثم دفعه لعرض البحر وهو يضحك
كان هذا هو “الشق” وهو فصيلة من الجن
نصف انسان ونصف حيوان يتعرض للمسافر ان كان وحده
أصيبت عشتار بانهيار شديد وأحست ببرودة شديدة في جسمها
وسرعان ماستوعبت ان الماء بدأ يتسلل داخل القارب ببطء
استجمعت قواها ماسحةً دموع عينيها وامسكت بالمجداف الذي من حسن الحظ كان مقعراً كالمعول فكانت تارةً تخرج الماء من القارب وتارةً أخرى تقوم بالتجديف
ظلت مايقارب ساعةً كاملة على هذا المنوال لاتكفأ عن العمل كآلة
إلى أن أحاط بها الضباب أخيراً
وأحست أن القارب غدا يسبح لوحده
استندت بظهر القارب بعد عناءٍ شديد تلتقط أنفاسها وهي ممسكةً المجداف تخرج الماء ببطء وحضنت النسر لصدرها
ثم أخذت تبكي
أين أنا ماذا جنيت على نفسي
جن
كهف
أفعى
بحر وضباب
مجهول في لامكان
ونسرٌ لا أعلم إن كان زوجي حقاً
حضنته وأحست بدفئه وتذكرت تلك الليالي التي كانت تضع رأس زوجها على صدرها
إنه ذات الدفء
ياحبيبي تمسك بالحياة جيداً لاتتركني
فأنت املي الوحيد في الحياة
وانا لن اتركك إما أن نحيا جميعا أونموت جميعا
زاد الضباب حتى لم تعد ترى أي شيء
وزادت البرودة
وأحست بالنعاس
فانسل المجداف من يدها شيئاً فشيئاً واحتضنت زوجه متمسكتاً بدفئه جيداً
ووصل مستوى الماء مايقارب ثلث
القارب
وغدت تغفو من التعب والخوف والحزن
وإذا بضربةٍ شديدةٍ في
ظهر القارب
أفزعتها هلعاً وكادت أن تقلب القارب
أخذا القارب يتأرجح تأرجحاً شديداً
امسكت بالنسر وتوسطت القارب وهي ترتجف ذعراً باكية
يتبع.
الجز الثالث
بعد ان حسمت عشتار أمرها للذهاب بالنسر الجريح لأرض الجن لإنقاذ حياته، دخلت في نفق سري تحت شجرة تفاح قديمة في منزلها أدت بها إلى شاطئ مجهول وكان الوقت فجراً التقت فيه بجني عجوز يسمى الشق قام بإعارتها قارباً مقابل لعقةٍ من العسل ونصحها بالتجديف حتى تصل لضبابٍ سيأخذها لغايتها المنشودة
بعد تعب شديد زاد الضباب ملتفاً حولها حتى لم تعد ترى أي شيء وزادت البرودة وأحست بالنعاس فانسل المجداف من يدها شيئاً فشيئاً واحتضنت زوجه متمسكتاً بدفئه جيداً ووصل مستوى الماء مايقارب ثلث القارب وغدت تغفو من التعب والخوف والحزن وإذا بضربةٍ شديدةٍ في ظهر القارب أفزعتها هلعاً وكادت أن تقلب القارب أخذا القارب يتأرجح تأرجحاً شديداً امسكت بالنسر وتوسطت القارب وهي ترتجف ذعراً باكية
احتضنت زوجها بشدة وهي تدعو ان تتجاوز هذه المحنة سكن القارب أخيراً وسكن روعها أيضا وقالت مطمئنتاً نفسها قد تكون صخرةً ضربة ظهر القارب اذ انني لااستطيع تخمين عمق هذا البحر أطلت برأسها من حافة القارب محاولةً قياس العمق وإذا بضربةٍ اخرى اقوى من الاولى انفلت النسر من يديها و سقطت خارج القارب في عمق البحر
سكن كل شيء والتف البرد بجسمها من كل جانب أغمضت عينيها مستسلمة لاتريد ان ترى هذا المجهول أخذت تنزل في الاعماق يداها ممدودة ورجلاها ملتفتان واحدة حول الاخرى لقد يئست من المحاولة لكن فجأة ظهر زوجها في مخيلتها قائلاً عشتار.. لاتستسلمي لقد اقتربتي من الوصول ساعديني
تذكرت زوجها الذي كان ملقاً في قعر القارب ففتحت عيناها و إذا بمخلوقٍ مفزع كان واقفا امام وجهها بسكون
أصيبت بفزع شديد ولاشعورياً ارتدت للخلف ضاربتاً اياها برجلها التي اصابت حلقه
أخذت تسبح للاعلى بسرعة لا أصعب من الموت غرقاً في البحر خوفاً
كانت كلما اقتربت من السطح تزيد سرعتها تسبح وتسبح ودموع عيناها الدافئة تمتزج ببرودة الماء فتضفي قشعريرةً حول عينيها مع اختلاط ملوحة الماء بملوحة دمعها فجأةً وإذا بيدٌ أمسكت برجلها تسحبها للاعماق لم ترد النظر لتلك اليد فقط أخذت تعفر في عمق البحر وهي تهز رأسها بالنفي باكية ووجهت رفسةً الى شيءٍ بدا انه رأس افلتتها تلك اليد اخيرا واخذت تعلو سباحة بسرعة فقد اوشك نفسها ان ينقطع وكانت على يقين انه ان امسك بها مرةً اخرى ستكون النهاية
وصلت للسطح أخيراً آخذةً نفساً لم تأخذ مثله في حياتها كانت بقرب حافة القارب الذي كان مستوى الماء قد وصل فيه فوق النصف وخرج ذلك الوحش قرب الحافة الاخرى
كان هذا هو “الدلهاب” فصيلة من الجن تسكن البحر صورته إنسان بدون ملامح فقط وجه اخضر بدون عينين ولا انف له فم كبير واسنانٌ كأسنان قرش جلده كصخر البحر يتعرض للمراكب ويقذف أهلها في البحر
حين رأته يسبح مقترباً اليها فزعة وقفزة ممسكتاً بطرف القارب الى ان استقرت في بطن القارب أخيرا والقت بنفسها جانب نسرها
ياللهول أخيرا عدت للقارب الحمد*** رفعت نسرها بسرعة عن الماء الحمد*** مازال ينبض وجسمه دافئ
احتضنته لصدرها وامسكت بالمجداف وعادت تخرج الماء بسرعة إذ لايوجد وقت للتنفس
كما أن الدلهاب عاد يضرب القارب ايضاً محاولاً رميها مرة اخرى مماساعد في اخراج الماء من القارب سريعاً اخيراً عاد مستوى الماء في القارب تحت الثلث ولكنه مازال يتأرجح
أدركت أنه لولا ثقل الماء الموجود في قعر القارب لكان انقلب بسهولةٍ من اول مرة لقد فهمت الآن فقط لما قام ذلك الجني “الشق” بثقب القارب تذكرته بامتنان لتوها فهمت مقصده من ثقب القارب اذ كانت حانقةٍ عليه من قبل كان يعلم ان الدلهاب سيهاجمها لاشك ألهذا خيرها بين القوارب الثلاثة ياترى، ماذا كان سيحدث لو اختارت أحد القاربين الأحمران هل اللون الأحمر سيجذب جناً آخرين أم هل يصعب خرق القارب ذو اللون الأحمر؟ لا أدري كل ماعرفه انه ساعدني نوعاً ما
استعاد القارب توازنه أخيراً وعم السكون من جديد إلا انها كانت تحس ان الدلهاب لن يستسلم بسهولة وانه لاشك يريد مفاجأتها ليلقيها مرةً اخرى
كانت تترقب بحذرٍ شديد لدرجة انها نسيت ان تبكي لامكان للبكاء هاهنا يجب ان اتشجع لم اصل هنا حتى اكون فريسةً لهذا الجني الاعمى ان كان يريد القتال ساقاتله حتى اخر رمق لن اغلق عيني بعد الآن ولن أيأس إن كنت سأموت فإني سأموت بشرف الدفاع عن زوجي وعائلتي
لكن ترى اين ذهب هل استسلم؟ اتمنى ان يكون قد قطع الأمل من قلب القارب سأحافظ على مستوى الماء فوق الثلث لا أكثر ولا أقل
كان شكها في محله إذ أن الدلهاب قد يأس من محاولة قلب القارب نظراً لصغر حجمه لكنه هذه المرة قفز جالساً القرفصاء على حافة القارب بسكون
“يا إلهي لقد صعد على القارب ماذا علي أن افعل”
نزل الدلهاب على اربع واتجه اليها بسرعة ارجعت يداها للخلف وهوت بالمجداف على رأسه تريد ضربه به الا انه التقمه بفمه وقام بنهش المجداف وتهشيمه
وقفز فوقها حتى سقط النسر تحت قدميها
طوق الدلهاب رقبة عشتار بكلتا يديه وغمر رأسها في قعر القارب يخنقها داخل الماء وهي تنتفض تحته بضعف كان فوق الماء اقوى من تحته اخذت ترفس برجليها كانت تظن انها ترفس الدلهاب ولكنها كانت ترفس النسر ومع الرفس المتواصل انفكت الخرقة التي كانت قد لفت بها جرحه فسالت قطرةٌ من الدم في ماء القارب وفجأةً حدث شيء غريب انتشرت قطرة الدم في ماء القارب سريعاً وماهي الا لحظات واذا بالدلهاب قد افلت رقبة عشتار واخذ ينتفض وهو يصرخ صرخةً مفزعةً حتى تيبس مكانه
اخذت عشتار تلتقط انفاسها باكيةً وهي تنظر لهذا الوحش المرعب وهو متحنطٌ فاتحاً فمه بحزن
رفسته برجلها ملقيتاً به خارج القارب واخذ جسمه يطفو ويتبخر حتى ذاب على سطح البحركالزبد
امسكت زوجها بشدة وهي تبكي بحرقة كالأطفال وخبأت رأسها في صدره
لم تكن هناك كلمات تعبر بها ن امتنانها علاوة على ذلك لم يكن باستطاعته سماعها لكن ماكان منها الا ان رفعت رأسها وشكرت ****
أخيراً بدأ الضباب بالانقشاع تدريجياً وكأن الشمس قد بدت تشرق الى أن اختفى الضباب تماما وتوقف القارب نظرت الى المجداف المهشم والماء الذي كان قد غمر القارب تماماً فحملت النسر فوق رقبتها واخذت تحاول اخراج الماء بكلتا يديها ولكن دون جدوى
الى أن بدأ القارب ينغمر في البحر ولكنها لم تغرق
كانت واقفةً والماء يصل ذقنها
“الحمد*** يبدو انني اقتربت من الشاطئ في الوقت المناسب”
رفعت النسر بكلتا يديها واخذت تمشي شيئاً فشيئاً كان ينخفض مستوى الماء وهي تزيد من سرعتها فرحة
الى ان وصلت لليابسة اخيراً
ارتمت على الارض تقبلها وتحضنها وتحمد **** وتشكره
ظنت انها وصلت لغايتها المنشودة ولكنها حين نظرت حولها متفحصةً المكان لم تجد سوى صحراء شاسعة قاحلة
استجمعت قواها واحتضنت النسر ونهضت تمشي كانت تعرج قليلاً مع ألمٍ في كتفها الأيمن ووجعٍ بظهرها لكن كل هذا لم يثنيها فلقد قطعت الجزء الأصعب كما كانت تظن
كلما أشرقت الشمس أكثر أحست بحرارةٍ أكثر وهي لاتكفأ تمشي وتمشي ولم تكن تكترث بحرارة الشمس لكنها كانت عطشى لم تحس بالعطش إلا حين وجدت نفسها في هذه الصحراء حتى تنسى العطش والتعب اخذت تفكر ببنتيها وما مصيرهما هل عادتا لارض الجن بسلام ام لا ونزلت دمعةٌ من عينيها
في هذه الاثناء كان عيقم ملك قبيلة الجن المعادية لقبيلة جلجامش في قصره جالسٌ على عرشه مجتمعاً بوزراءه حين دخل عليهم طنطل (الجني الذي تشكل بكلب وتعارك مع جلجامش وهو ابن عيقم وهو قائد الجيش)
عيقل: لقد ارسلتك لتأتيني بزوجة جلجامش الإنسية وكانت المهمة جداً سهلة إذ هي خلعت الخاتم الذي يحرسها فماذا حدث
طنطل: كدت أن أظفر بها ولكن تدخل جلجامش وتعاركنا
عيقم: وماذا كانت نتيجة المعركة هل قتلته؟
طنطل: لا ولكني تغلبت عليه وكدت ان اخطف عشتار ولكن حدث ماهو ليس بالحسبان، إن هذه المرأة ساحرة
أجاب أحد الوزراء: لم يسجل اسمها في سجل السحرة قط
طنطل: لا اعلم ماحل بي حين نظرت عينيها اصبت بقشعريرة وخارت جميع قواي حتى خلت اني اموت
ضحك رئيس الوزراء وكان اسمه سامد ذو لحية بيضاء كثيفة وهو من اذكى الجن يتصف بالذكاء والحكمة والمعرفة وقال: انه سحر العشق
عيقم: ماذا!!! هل عشقت تلك الإنسية انت ايضا ان هذا لإفك عظيم
طنطل: لا لم اعشقها ولكن حين نظرت عيناها.. وسكت طنطل قاطباً
عيقم: ماخبر هذه البنت ياسامد؟
سامد: انها مشيئة القدر، سوء اعمالنا ارتد علينا
عيقم: ماتقصد؟
سامد: حدث قبل اربعين سنة قصة في عالم الإنس تخص هذه الفتاة بل بالاصح تخص امها جمال العين كان لأمها ليس لها، حين كانت **** لم يولد في زمانهم مثلها وكان لهم جارةٌ ابنتها بها حول وكانت تحسد هذه البنت فقامت بعمل سحر لها وذهبت بنظرها مستعينةً بماردةٍ عظيمة
عيقم: تباً لكيد النساء وحسدهن.. وماذا بعد؟؟
سامد: كبرت هذه الفتاة العمياء وتزوجت ورزقت بعشتار وفي الليلة التي ولدت فيها عشتار ماتت امها، بعد زمن بسيط تابت تلك الماردة وكانت تهم بإعادة بصر ام عشتار فحين وجدتها قضت نحبها احست بالذنب فوضعت سحر عيني الام في ابنتها لكنها ظلت تأنب نفسها فوهبت قوتها في عينين هذه الفتاة فامتزج جمال عيني امها بقوة الماردة في عيني عشتار واصبحت بحسب الظاهر ما ان تلقي بصرها على جني حتى تسلب قلبه وعقله
عيقم: لهذا إذن عشقها جلجامش
سامد: وطنطلٌ ايضا بحسب الظاهر
طنطل: لم اعشقها قلت لك ان قواي قد خارت فقط لسبب لا اعلمه
عيقم: وهل سحر عينيها نافذ على الجن فقط؟
سامد: إن لم يخب ظني فسحرها نافذ على رجال الجن فقط دون النساء
عيقم: لماذا لم تخبرني بهذا من قبل
سامد: كنت أظن ان هذه الفتنة عونٌ لنا وليس علينا لكن في الوقت الذي ذهب طنطل لخطفها كنت في جزيرة السلاحف ابطل سحر الخاتم الذي كان يحرسها ولكني لم استطع ايضا فالخاتم يستمد قوته من قوة جلجامش نفسه ولإبطال سحره لابد من قتل جلجامش، وهو من عشقه لها يفديها بحياته
عيقم: وماذا عن ابنتيها النصف جنيتان هل ورثتا عن امهما سحر عينيها
سامد: لا اعتقد بحسب جواسيسنا في مملكة جلجامش لم يظهر عليهما حتى الآن سوى بعض قوى الجن ولكن هذه القوى مع ضعفها تزداد مع الزمن شيئاً فشيئاً
عيقم: مالعمل الآن وقد اقتربنا من النصر تظهر لنا هذه الفتاة من اللامكان لتسلب قلب وريث عرشي لابد من قتلها
طنطل: إن سمح لي مولاي أن اثبت له اني كفؤ بورث عرشه وآتي له برأسها
عيقم: وهل تأمن على نفسك من سحر عينيها لو رأيتها مرةً اخرى لا أظن
طنطل: إن لم استطع كبح جماح قلبي فلا استحق ان اخلفك في مملكتك انا لست جلجامش لن اعشق إنسية يا أبي اعطني الفرصة لأثبت لك وللجميع ما أقول
عيقم: هل تعي ما أنت مقبل عليه حتى تستطيع قتل هذه الفتاة لابد من قتل جلجامش لتبطل سحر الخاتم ولقتل جلجامش لابد من هزم جيشه
طنطل: لن اعدم الوسيلة فقط اعطني الفرصة
عيقم: لك هذا ولكن حذار إن عشقتها لن احرمك من العرش فقط بل سأنفيك من مملكتي للابد
طنطل: حسنا
رد مع اقتباس
#8
قديم 24-02-18, 08:02 PM
الصورة الرمزية قطر الندئ
قطر الندئ قطر الندئ غير متواجد حالياً
مشرفة منتدى اسرة حواء ومشاركة بمسابقة الرد الأول والتراس عالم الازياء ومشارك في puzzle star وراوي القلوب وكنز سراديب الحكايات
قصة الإنسية التي تزوجت جني
خارت جميع قوى عشتار من المشي تحت شمس الصحراء المحرقة وكان الظمأ قد أحرق جوفها لكن وسط هذا الحر الشديد لاحظت أن جرح النسر قد بدأ يلتأم شيئاً فشيئاً وهذا ما اعطاها املاً في الاستمرار الا انها غدت تمشي بمعدل خطوة في الثانية من شدة التعب
توقفت فجأة تنظر يمنةً ويسرة ماتدري عما تبحث فقط لتلتقط انفاسها وحين اعادت نظرها للأمام لاحظت شيئاً من بعيد بدا وكأنه شجرة
“إن كانت توجد شجرة حقاً فلابد من وجود الماء”
وجود خيال شجرةٍ من بعيد اعطاها قليلاً من الأمل فغدت تشد الخطى
” ما أظنها إلا سراباً ولكن ليس لدي أمل غير هذا السراب سأتبعه أما أن أصل للماء أو أن أكون تقدمت لمبتغاي”
كلما كانت تمشي كانت الشجرة تكبر والمسافة بين خطوات رجلاها تكبر وسرعتها تزيد
أخيراً وصلت للشجرة وأخذت تبكي من الفرح من غير دموع حين وجدت بئراً بجانب تلك الشجرة
” الشكر لك **** أرجو أن يكون به ماء”
اقتربت من البئر وسحبت الحبل المعلق به إلى ان اخرجت دلواً مليئاً بماء عذب
” يالله الشكر لك”
كادت ان تشرب ولكنها تذكرت حبيبها
” لابد انه عطشان مثلي ترى هل يستطيع ان يشرب؟”
قربت الماء من منقاره لكنه لم يشرب فقامت بفتح منقاره قليلاً ولكنه لم يشرب ايضاً فما كان منها إلا ان وضعت قليلاً من الماء لتبل لسانه به عل هذه القطرات تصل جوفه
كررت هذه العملية عدت مرات إلى أن اطمأنت انها ادخلت قليلاً من الماء في جوفه ثم جلست مستندة على الشجرة واخذت تشرب بنهمٍ شديد
كان الماء بارداً جداً لدرجة انها شربت الدلو كاملاً من حلاوته
” الحمد*** ما ألذ هذا الماء، مسكينٌ من مات عطشاناً في حر صحراء”
بعد ان استعادت نشاطها وحيويتها همت بالنهوض لملأ الدلو مرةً اخرى لتحمله معها في مسيرتها وحين كانت تسحبه سمعت صرخةً مفزعة من شدة الفزع سقط الدلو من يدها في البئر
نظرت وراءها باتجاه الصوت لتجد أن الشجرة قد بدأت تتحول لعجوز شمطاء مخيفة ذات شعر طويلٍ جداً كان المنظر جداً مفزع
ارتعدت فرائصها واصيبت برجفةٍ شديدة ولكنها اسرعت لحمل نسرها وانطلقت هاربة
سمعت صوتاً من ورائها وهي تركض
“كيف تجرأين”
“كيف تجرأين”
أخذت تركض وهي ترتعد خوفاً ولكن دون جدوى فقد أحاط بها شعر ابيض يابس كأنه كان يركض معها التف حول رجليها وأسقطها أرضا حتى انفلت النسر من يديها وسحبها ذاك الشعر الى ان اعادها لتلك العجوز
كانت تلك هي “السعلاة” فصيلةٌ من الجن تسكن القفار والصحاري على هيئة امرأة عجوز ذات شعر ابيض طويل يابس وفمٍ دون أسنان فقط نابان طويلان وعينان مخيفتان كعينا أفعى تقتل الانسان خنقا وتأكله
طوقت يداها ورجلاها وبطنها ورقبتها وعشتار ترتجف خوفاً وقد أيقنت أنه لاسبيل للفرار أو القتال هذه المرة
صرخت السعلاة: كيف تجرأين
تشربين من مائي دونما استئذان
تسرقين دلوي
وتهربين دون اعتذار
قد جنيتي على نفسك ايتها الإنسية الحقيرة
ورفعتها عاليا ورطمت بها الارض بشدة
اصيبت عشتار بدوار في رأسها مع ألمٍ شديد ونهضت بصعوبة وهي تترنح
فطوقتها السعلاة مرةً اخرى ورفعتها مقربةً إياها
عشتار وهي ترتعد: أرجوك سامحيني قد كنت عطشى وكدت أموت ولم أعلم أن هذا البئر يخص أحداً
السعلاة: ستموتين الآن ولكن علي أن اتأكد ان موتك سيكون مصحوباً بألمٍ شديد هذا جزاء من يتجرأ على مائي
عشتار: الرحمة أرجوك لم أكن أعلم أن هذا ماؤك سامحيني أرجوك أنا آسفة
السعلاة: لااااااا
لاينفع الندم الآن ستدفعين حياتك ثمناً لحماقتك وجرأتك
وأخذت تخنقها
السعلاة: إن كان مائي قد روى عطشك فجسمك النحيل سيسكن جوعي
واخذتها تخنقها بشدة حتى كادت عشتار ان تموت
عشتار: أرجوك اتركيني أعيش أنا أمٌ لطفلتان ولدي زوجٌ مريض
ضحكت السعلاة ضحكاً شديداً وقالت: هل تظنين أني سأرثي لحالك .. يالك من غبية
عشتار: أرجوك ان كان هناك ما استطيع عمله للتكفير عن خطأي فأنا مستعدة ولكن لاتقتليني أرجوك
السعلاة: ليس لديك شيء يمكن أن استفيد منه سوى ان تكوني وجبة غدائي هه
عشتار: سأطعمك إن تركتيني أعيش متى ماحضرتي لعالم الإنس سأعطيك كل مالذ وطاب كل يوم سأكون لك خادمة
السعلاة: لا أريد طعامك أو خدمتك لكن إن كنت تريدين الحياة سأتركك تعيشين بشرط واحد
أنزلتها على الأرض أخيراً
أخذت عشتار تلتقط أنفاسها واضعةً يديها على حلقها من الألم وأحست بقليل من الأمل
عشتار: أشكرك أيتها المرأة الطيبة سمي شرطك وسأنفذه مهما كلفني الأمر
السعلاة: هل انت متأكدة؟؟
عشتار: نعم بالطبع سمي ماشئت فقط اتركيني اعيش
السعلاة: لا أظن أنك ستوافقين على شرطي من الافضل ان آكلك
عشتار: لا لا أرجوك لقد وافقت على شرطك قبل ان اسمعه فقط سمي ماشئت
السعلاة: هل هذا وعد؟؟
عشتار: نعم أعدك أن أنفذ ماتطلبيني أرجوك أخبريني بشرطك
السعلاة: حسناً مادمتي قد قطعتي وعداً سأعلمك بطلبي ومبتغاي لكن أحذرك إن اخلفتي بهذا الوعد لن يستطيع أحدٌ من الإنس أوالجن مساعدتك سنلتزم بالاتفاق نحن الاثنتان ولن تتجرأ إحدانا على النكث به
احتارت عشتار ولكن بحسب الظاهر لايوجد لديها خيارٌ آخر عدا الموافقة فأي شيء سوى الموت
عشتار: حسناً أعدك
السعلاة: جميل جداً
طلبي وشرطي ومبتغاي أن أشاركك في زوجك
انصعقت عشتار من طلب هذه الجنية
إلا أن السعلاة اردفت: في كل شهر عند اكتمال القمر اتلبسك واشاركك زوجك ليلةً واحدةً فقط
انتم معشر نساء البشر دائماً تقولون أن الموت أهون لديكن من أن تتشاركين زوجك مع أحدهم فهل تفضلين المشاركة أو الموت الآن قرري وتذكري أنك وافقت وعاهدتيني ولن يستطيع أحدٌ من الإنس أو الجن التدخل في هذا الاتفاق ومساعدتك .. ماتقولين؟؟
اخذت عشتار تفكر بحرقة واخذت تحدث نفسها
” لا أريد أن يشاركني أحدٌ في زوجي ويستحيل أن أشارك هذه الجنية الشمطاء ولكن مالعمل ليس هناك حيلة أما أن أوافق أو أموت”
ونزلت دمعةُ حرقةٍ من عينيها ما إنه لابتزازٌ صعب
السعلاة: تبا لك أيتها الإنسية هل توافقي أو تموتي هيا بسرعة
حين سمعت عشتار هذه الكلمات لمعت فكرةٌ في عقلها إن نجحت ستكون قد نجت بحياتها وتخلصت من هذه العجوز للأبد
عشتار: حسناً.. أوافق على أن أشاركك في زوجي ” الإنسي” للأبد مرةً في كل شهر تتلبسيني وهذا بيني وبينك لن يعلم أحدٌ به
ولايحق لإحدانا الإخلال بهذا الشرط
السعلاة بفرح شديد: كرري ماقلتي ثلاث مرات
كررت عشتار ماقالت ثلاث مرات ونظرت للسعلاة التي كانت فرحةً جداً بانتصارها
السعلاة: حسناً لقد تم الأمر، لقد شاركتك في زوجك الإنسي للأبد اذهبي الآن وحين اكتمال القمر من كل شهر سأجدك أينما كنت
عشتار: حسناً ياشريكتي الوداع الآن لكن هل يمكنني استعارة قليلاً من الماء لأروي عطشي
السعلاة: خذي هذه القارورة ستعينك في سفرك
عشتار: أشكرك
السعلاة: اغربي عن وجهي الآن وتذكري موعدنا عند اكتمال القمر اتلبسك واشاركك في زوجك
مشت عشتار وهي تهم الخطا بسرور ونصف ابتسامة ونشوة انتصار، لم يخطر ببالها أن تخدع جني من قبل وصلت للنسر وحملته على عنقها واكملت مسيرها حتى ابتعدت واختفت عن السعلاة
في هذه الأثناء دخل كبير الوزراء سامد على الملك عيقم الذي كان جالساً وحده بعد الاجتماع
عيقم: مايشغل بالك؟
سامد: مايشغل بالك
عيقم: هل تعتقد أنه يستطيع مجابهة تلك العينين مرةً أخرى؟
سامد: عندي اقتراح إن سمح لي مولاي
عيقم: تفضل ياصديقي
سامد: إنه ابنك وولي عهدك وقائد جيشك اعتقد أنه من المخاطرة وضعه في اختبار كهذا
عيقم: أنت تعرف طنطل عنيد جداً ولن يتنازل عن مطلبه سيقحم نفسه في اختبارٍ هو مهلكه
سامد: لهذا جئتك يامولاي. ماذا لو جعلنا إحدى الجنيات تتشكل على صورة عشتار ونجعله يقتلها بهذا نكون قد عززنا ثقته بنفسه وأنه أثبت كفاءته والأهم من ذلك نوهمه أنه تغلب على عشقها ونحن بدورنا نقوم بقتل عشتار
عيقم: كيف ستقتلها والخاتم
سامد: في الوقت الذي سنشن في هجمتنا سأضع جائزةً لمن يأتيني برأسها له نصف ما أملك وسأرسل لها أكثر من جني لتحتد المنافسة فحين تخور قوى جلجامش في المعركة عندها نعطيهم الإشارة بالهجوم على عشتار وقتلها وبهذا نقوم بتشيت قوة جلجامش واضعافه أكثر ليتسنى لنا التغلب عليه بسهولة، يقتلوها دون أن ينظروا في عينيها و علينا أن نعد العدة لهذه المعركة يجب أن تكون قاضية
عيقم: يالك من صديق وفي أتهب نصف ثروتك فداء لي
سامد: أهب حياتي فداء لك مولاي
عيقم: لكن ماذا لو فشلت الخطة سيكون تأثيرها سلبي على طنطل لاشك، أعني فيما لو قام طنطل بقتل عشتار المزيفة وفشلت خطتك في قتل عشتار الحقيقية واكتشف طنطل أنها ماتزال على قيد الحياة
سامد: لاضير في ذلك، إذ أنه يعتقدها ساحرة
عيقم: الحق ماتقول
بعد عناءٍ طويل في حر الصحراء وصلت عشتار أخيراً لوادٍ به عدة شجيرات لكن لايوجد ماء هنا إذ كانت الأشجار يابسة وسكونٌ غريب يحف بالوادي
أخذت تمشي بحذرٍ وخوفٍ وترقب المجهول إذ أنها أيقنت أنه لابد من وجود تحدٍ جديد هذه المرة
أخذت تبكي من الخوف وتقول” متى سأصل أرض الجن المزعومة لقد خارت قواي وعقلي لم يعد بإمكانه الصمود أمام جنيٍ آخر
ياترى هل أنا على الطريق الصحيح وهل توجد أرضٌ للجن أصلاً”
فجأة سمعت صوت رفرفةٍ تبعه صوتٌ يستنجد
“ساعدوني النجدة أنقذوني من هذا الشرير”
أخذت تبحث عن الصوت ولكن لم تجد شيئاً
هذا ماكان ينقصها إنقاذ أحدٍ ما
هي نفسها تحتاج من ينقذها
ظنت انها تهيآت أو قد تكون خدعةً ما فأخذت تشد الخطى إلى أصبح الصوت أقوى من ذي قبل
“اتركني ايها المتوحش”
نظرت تحت شجرةٍ قريبة وكانت المفاجأة
وطواطٌ صغير يعض على جناح فراشةٍ وهي تستغيث
كادت عشتار ان تهرب عنهم بعيداً لكنها أشفقت على الفراشة وتذكرت ماحل بها
” إن هذه الفراشة تمر بنفس مامررت به مذ دخلت هذه الأرض المرعبة لابد أن أنقذها من براثن هذا الوطواط الشرير”
فحملت حجراً صغيراً وألقته بجانب الوطواط محاولةً إخافته
“اتركها ايها الشرير”
بسرعة ترك الوطواط الفراشة التي ولت هاربةً بسرعة أما الوطواط كان فقد اعتلى الشجرة بسرعة واختبأ وراء غصن صغير مخبأً رأسه فقط أما جسمه فكان واضحاً جلياً
وقفت عشتار أمام هذا المشهد لاتدري ماتفعل
ثم همت بالانصراف
ما إن مشت قليلاً حتى سمعت الوطواط يناديها
“هاي أنت”
التفتت له مرةً أخرى فخبأ رأسه بسرعة
قالت عشتار بحذر: ماذا تريد؟
نظر إليها الوطواط باستغراب هذه المرة وقال: هل تستطين رؤيتي
عشتار بقلق: نعم
الوطواط باستغراب: وتسطيعين سماعي أيضاً إن هذا لعجب عجاب
أحست عشتار بالطمأنينة لسبب ما بدا أن هذا الوطواط به ظرافة استشعرتها من صوته المضحك
اقتربت عشتار قليلاً وقالت: وفيم العجب ايها الجني الصغير
الوطواط: إن كان بإمكانك رؤيتي وسماع صوتي فأنت لست بجنية
عشتار: أنا من بني البشر
الوطواط: البشر!!
يعني انت من الإنس وليس من الجن وماذا تفعلين هنا
عشتار: إنها قصة طويلة أيها الجني الصغير
الوطواط: أنا لست صغيراً ولست جنياً أيضاً
أنا استطيع إخافة أكبر جني في الدنيا
ضحكت عشتار
الوطواط: ألا تصدقينني أنتم بنو البشر تستخفون بكل ماهو أصغر منكم وتخافون من كل ماهو أكبر منكم
عشتار: آسفة أيها الوطواط الجميل ولكني لم اضحك منذ زمن
الوطواط: أنا لست جميلاً أنا أكره الجمال
عشتار: ما أنت إذاً لقد أثرت فضولي
الوطواط: أنا كابوس جني مخولٌ بإيحاء الأحلام المزعجة والمخيفة في نفوس الجن وهم نيام وتلك الفراشة هي الحلم الجميل لقد كنا نتنافس حتى نصل لجنيٍ نائم لكنك أفزعتني وجعلتي الفراشة تهرب وتظفر بذلك الجني سحقاً
عشتار: وهل تحلم الجن؟
الوطواط: بوجودنا نعم نحن نبث الأحلام في عقولهم النائمة نتغذى على حزنهم وفزعهم ودموعهم والفراش يتغذى على فرحهم وسعادتهم وضحكهم
عشتار: ياللعجب
الوطواط: العجب إني لأول مرة أعرف أن بإمكان بنو البشر رؤيتنا فالجن لايستطيعون رؤيتنا
الأحلام لاترى بل تُحس حتى أنتم بنو البشر حين تنامون تحسون بالأحلام لكن لاتستطيعون رؤيتها
قالت عشتار بمكر: ولكني حين أنام أشاهد أحلامي
الوطواط: كيف تشاهدينها وعيناك مغلقةٌ أيتها الماكرة
ضحكت عشتار وقالت: أنت ظريف جداً ما رأيك أن تصحبني
الوطواط: لا استطيع فأنا جائع سأبحث لي عن جني أفزعه بكابوسٍ حتى أشبع
عشتار: ماذا لو بكيت أمامك أو أُصبت بحزن هل تشبع؟
الوطواط: امممم لم اتغذى على حزنٍ إنسي من قبل لكن لاضير من التجربة فأنت جميلةٌ جداً وكلما زاد الجمال كان حزنه ألذ وأفضل
عشتار: ههه
ههه أنت ظريف جداً أرجوك اصحبني وسأشبعك حزناً فقصتي قادرةٌ لاشك على إشباع كابوس جني
الوطواط: حسناً ولكن بشرط
عشتار: ماهو؟
الوطواط: أن تسميني الكابوس المرعب العظيم
عشتار: هههههه لا سأدعوك كابوس فقط مارأيك
الوطواط: حسناً
الجز الرابع
الإنسية التي تزوجت جني
مشت عشتار حاملةً نسرها ومعها صديقها الجديد ” كابوس” وهو وطواط مخول ببث الأحلام المزعجة والمخيفة في عقول الجن حين تنام
أخيراً أصبح لديها من يؤنس وحدتها حتى وإن كان كابوساً أخذت تقص عليه قصتها وهو يتلذذ بمايسمع إلى أن انتهت من سرد قصتها كاملة
كابوس: آه لقد اصبت بتخمة، قصتك حزينةٌ جداً أشكرك
عشتار: إن كنت تهوى الحزن لاتتركني فالحزن وأنا رفيقان منذ زمن
كابوس: حسناً ياصديقتي لن اتركك لقد اتضح لي ان بنو البشر يحزنون على اشياء تافهة وسهلة الهضم
عشتار بغضب: هل تسمي مامررت به من كل الاهوال والمخاطر تافهاً
كابوس: بالنسبة لهذا العالم أنت تخافين من أشياء عادية وطبيعية لكن بالنسبة لك فهي مخيفة ومفزعة وهذا مايجعلنا أصدقاء فكلما كان الخوف من شيءٍ عادي وسهل كان ألذ وأسهل أن يؤكل
عشتار: حسناً بحسب مقاييسك ماهو أصعب موقفٍ في قصتي
كابوس: اممم.. فقدك لزوجك وابنتاك
نكست عشتار رأسها باتجاه النسر بحزن وقالت: صدقت
ضحك كابوس وقال: كم إحزانك سهل ياعشتار ستوفرين علي عناء الصيد
عشتار: زوجي المسكين علي أن آخذه لأرض الجن بأسرع وقتٍ ممكن
كابوس: تقصدين أن عليك أخذه لقلعة جلجامش فأنت في أرض الجن أصلاً
عشتار: لكني لا أرى جناً في الأرجاء أين بيوتهم أين ضيعهم هل هم مختبئون أم ماذا؟
كابوس: كل الجن تسكن مع قبائلها وكل قبيلة تسكن قلعةً كبيرة محاطة بأسوار طويلة وعليها حراس من أشد الجن قوة يدعون بالعفاريت الحارسة، فقط الصيادون والجنود والتجار من تجديهم خارجاً والجن المنفيون طبعاً
عشتار: وأين تقع قلعة جلجامش هل هي قريبة من هنا؟
كابوس: المشكلة ليست في البعد أو القرب
عشتار: أين المشكلة إذاً؟
كابوس: كيف ستدخلين القلعة هي المشكلة الوصول لقلعة الجن شيء ودخولها شيء آخر
عشتار: ألاترى جلجامش معي حين يراه الحراس سيدخلونني لاشك
كابوس: لا أعتقد انها فكرة صائبة أنك تخاطرين بحياتك وحياته أيضاً
عشتار: هل لديك خيار آخر
كابوس: ها.. لا
عشتار: إذاً خذني إلى هناك أرجوك لقد تأخرت بما فيه الكفاية
مشت عشتار حاملةً جلجامش الذي بدا انه تحسن كثيراً يرافقها كابوس إلى أن وصلوا لجسر طويل معلقٌ في الهواء
نظرت عشتار للجسر الذي كان يخترق الضباب لكنها لم تستطع أن ترى نهايته
كابوس: نهاية هذا الجسر تؤدي لقلعة جلجامش
عشتار: وهل عبوره آمن
ضحك كابوس بخبث قائلاً: وهلا لديك خيارٌ آخر؟؟
عشتار: اتمنى فقط أن لا أقابل أي جني
مشت عشتار تشد الخطا آملةً الوصول في أقرب وقتٍ ممكن
كان عيقم جالساً على عرشه يفكر ويخطط للمعركة المقبلة وإذا بسامد يدخل عليه فجأةً وقد بدا على ملامحه القلق
سامد: مولاي هنالك أمر جلل
عيقم: ماذا حدث؟؟
سامد: بعد أن أخبرنا طنطل أن جلجامش مصاب والخاتم الذي تلبسه عشتار لاجدوى منه خطرت في بالي فكرةٌ لاستغلال ضعف جلجامش وخطف عشتار فأرسلت الغراب الأسود لعالم الإنس ليتنكر لعشتار بصورة جلجامش ويخطفها لكنه بحث عنها في عالم الإنس ولم يجدها هناك وحين كان عائداً مر بالسعلاة وأخبرته أن إنسية مرت بها تحمل نسراً
نهض عيقم من كرسيه وقال: إن هذا مستحيل .. لايصدق!! كيف جرأت هذه المرأة أن تدخل أرض الجن ولماذا لم ينتبه لها جواسيسنا ولماذا تحمل نسراً
سامد: جواسيسنا متمركزون داخل قلعة جلجامش و أقرب الظن يامولاي أن هذا النسر هو جلجامش نفسه كان قد تحول عند قتاله مع طنطل لنسر وهو جريحٌ و فاقدٌ الوعي منذ المعركة
عيقم: وهي تأخذه لأرض الجن حتى يتعافى ويستعيد قواه إما أن تكون هذه الفتاة مجنونة أو ساحرةٌ عظيمة
سامد: إنها فرصتنا يامولاي إن استطعنا القبض عليها فتكنا بها وبجلجامش وانتصرنا على قبيلته دون إزهاق روحٍ واحدة لاسيما أن جلجامش فاقدٌ للوعي إنها فرصة لاتعوض إن قتلنا آخر قائد لهم ستستسلم قبيلتهم بأكملها لنا
عيقم: بسرعة أرسل أقوى فرساننا ليأتوني بها ولكن ماذا لو حل بهم كما حل بطنطل
سامد: لاعليك يامولاي لقد تدبرت هذا الأمر أرسلت لها ثلاثمئة جني وأمرتهم ان يقتلوها دون ان ينظروا لعينيها ووضعت جائزة نصف ما أملك لمن يقتلها ويقتل جلجامش معها سحر الكنز لاشك أقوى من سحر هذه الإنسية
عيقم: أحسنت لكن ماذا عن طنطل؟
سامد: لم انسه ايضا أرسلت الغراب الأسود لأرض الإنس مرةً أخرى وأمرته أن يتشكل بصورة عشتار هذه المرة وينام في سريرها وسأذهب بطنطل حالاً ليقتله ظناً منه أنه عشتار
عيقم: أخشى أن يكتشف الخدعة ياسامد
سامد:لهذا سأذهب معه بنفسي لاتخف
عيقم: حسناً اذهب حالاً
بدت أسوار القلعة تتضح لعشتار التي أحست أنها اقتربت من مبتغاها أخيراً
” أخيراً سأصل مبتغاي أخيراً سيتعافى زوجي أخيراً سأقابل ابنتاي لقد افتقدتهما كثيراً لك الحمد يا إلهي”
كان في نهاية الجسر قلعة لها سورٌ عظيم وبها بابٌ كبير جداً على جانبي الباب يقف حارسان ضخمان كبيران جداً بدا انهما قويان ومخيفان كانا يقفان بثقة لدرجة توحي انه مامن احد باستطاعته اقتحام هذا الباب لكن كل هذا لم يثني عشتار عن التقدم فإن نجحت خطتها لن تخاف من أي جني فزوجها أمير الجن
فجأةً أحست بالجسر يهتز اهتزازاً عنيفاً وصوت دوي مخيف كأنه قطار قادم نظرت أمامها كنا الحارسان واقفان من بعيد كأنهما تمثالان لايتحركا نظرت ورائها لم ترى غير الضباب
عشتار: ماهذا الصوت ياكابوس
كابوس: لا أعلم لكن انتظري سألقي نظرة
ارتفع كابوس عالياً جداً ليرى ماسبب هذا الاهتزاز ثم هبط بسرعة كابوس: عشتااااااار اهربي كثير من الجن يركضون ورائك ويبدو انهم غاضبون جداً وهم من القبيلة المعادية لقبيلة جلجامش
ما إن سمعت عشتار كلام كابوس حتى ارتعدت فرائصها واخذت تركض بسرعة رهيبة
لقد احست بخطورة الامر الآن، ان استطاعوا الإمساك بها لن تكون حياتها في خطر فقط بل جلجامش وقبيلته بأكملها فيما لو قتل جلجامش
ازداد الاهتزاز وبدا قوياً جداً حتى بدأت تسمع صوت عدو أقدامٍ وحوافر
احست بهلع شديد
ودوى في السماء صوت بوقٍ كان مصدره إحدى الحراس الذي كان يراقب في إحدى الأبراج لسور القلعة
أخيراً تحرك أحد الحارسين الواقفين بالباب ببطء كان صوت خطواته أقوى من صوت الاهتزاز المريع الذي خلفها
أحست بالأمل مازالت المسافة بعيدة ولكن لاشك أن صرخت سيسمع صوتها
صرخت عشتار وهي تركض: ساعدني ايها الجني العملاق انني احمل جلجامش اميركم
لكن بدا ان الحارس العملاق لم يكن يسمعها مشى إلى أن وصل لحافة الجسر وطوق طرف الجسر بكلتا يديه ونفضه نفضةً قويةً جداً جعلت الجسر وكأنه موجةٌ عملاقة رمت بكل من كان فوق الجسر
هوت عشتار وأفلتت جلجامش من يدها أغمضت عشتار عينيها وقالت: إنها النهاية لقد فعلت كل مابوسعي سامحني ياحبيبي
أما الجن الذين سقطوا معها فخرجت لهم أجنحة وكانوا يتسابقون للإمساك بعشتار ويتعاركون فيما بينهم
قبض عليها جني وطار بها عالياً لكن جني آخر طار فوقه بسرعة و ضربه بمطرقةٍ فوق رأسه جعلته يفلت عشتار وأخذت تهوي من جديد والجن جميعهم خلفها
كان صوتهم كأنهم قطيع ذئاب أحاط بأرنبٍ صغير يتعاركون فيما بينهم لنهشه من كل جانب
فجأةً اختفت جميع الأصوات وهي مازالت تهوي وتسقط مازالت مغمضةً عينيها ولاتسمع سوى صوت حفيف الرياح قبض عليها جني بدا انها كبير جداً وتوقف في الهواء عم سكون غامض وهي معلقة في السماء
“لماذا توقف ماذا يحدث ياترى”
فتحت عشتار عينيها بخوف
“أنه جلجامش.. أنه جلجامش .. يالله أفاق جلجامش أخيراً أفاق حبيبي نور عيني منقذ حياتي أنه يحتضنني إنه ينقذني لا أصدق الشكر لك **** الشكر لك **** الشكر لك ****” الصقت رأسها بصدره واخذت تبكي بشدة
فرحة عشتار برؤيتها جلجامش انستها رهبة الموقف والجن التي تحيط بهم من كل جانب في الهواء
أخذت تنظر لجلجامش الذي كان ينظر للجن والشرار يتطاير من عينيه لم ترى زوجها مخيفاً بهذا القدر من قبل لكن هذا غضب تحتاجه الآن لاشك
نظر جلجامش لعينيها اللتان كانتا مليئتان بالدموع و ضع يده على جبينها وقال: ارتاحي ياحبيبتي لقد عانيتي الكثير الآن جاء دوري
ما إن وضع يده على جبينها حتى احست بالدفء والامان وسط الجن المتوحشون من حولهم لكن لم يهمها كل ذلك فمن كان في حضنها طول تلك المسافة المرعبة أضحت في حضنه الآن أخذت تغلق عينيها شيئاً فشيئاً حتى غابت عن الوعي
نظر جلجامش مرةً أخرى للجن من حوله كانت الجن ترتعد وكأنه كان محيطٌ بالجن وليست الجن محيطةً به
اتجه الجني ذو المطرقة مسرعاً باتجاه جلجامش وهوى بالمطرقة يريد ضرب رأس جلجامش
إلا أن جلجامش أمسك بالمطرقة وبقوة انتزعها من يد ذلك الجني ورماها من يده ثم لطم الجني على وجه لطمةً فقأت عينه ورمته بعيداً
هجمت عليه الجن هجمةً واحدة فمد يده للخلف باتجاه القلعة وبسرعة انبثق شيءٌ قادم من القلعه باتجاه جلجامش بسرعةٍ رهيبة إلى ان سقط في يده
كان هذا هو سيفه الذي توارثه عن اجداده جيلاً بعد جيل وهو سيف بلوري تخاله ثلجياً ويحيط به رعدٌ أزرق مخيف هذا السيف أقوى سلاح في قبيلتهم يسمى بالسيف الصاعق
ما أن سقط السيف في يد جلجامش حتى انتفضت الجن وارتعدت واخذت تهرب من كل جهة
إلى ان اختفوا جميعهم من وجه جلجامش ولم يبقى سوى جني واحد
كان هذا هو الأجهش وهو جني أبيض وشعره طويل وأبيض أيضاً خطير وقوي سمي بالأجهش لأنه يعذب عدوه ويجعله يجهش بالبكاء قبل قتله وقيل أنه سمي بذلك لأنه حين ماتت عشيقته أخذ يجهش بالبكاء سنيناً طويلة لم يهزم قط وكان من صعاليك الجن ومرتزقتها لاقبيلة له وسلاحه عبارة عن سيف طويل جداً ومرن مربوطٌ به خيط ليصبح كسنارة عرف عنه أنه سلاحٌ قوي وفتاك
جلجامش: أيها الأجهش ماذا جاء بك إلى هنا أنت لست من قبيلة عيقم
ضحك الأجهش وقال: وضعت جائزةٌ مغرية على رأس هذه الإنسية وقد أتيت لخطفها ونيل هذه الجائزة
أدرك جلجامش أن هذا المرتزق لن ينثني عن نيته ولابد من قتله
نزل جلجامش لباب القلعة ووضع عشتار على الأرض لكن الأجهش تبعه أصبح الاثنان متقابلان وسكنت الريح
في نفس الوقت وصل سامد وطنطل لعالم الإنس ودخلا بيت عشتار إلى أن وصلوا لغرفتها فوجدوها نائمةً على سريرها( عشتار المزيفة)
همس سامد: هيا ياطنطل اقتلها اطعنها بهذا الرمح اثبت لابيك انك لم تتأثر بسحر هذه الإنسية وأنك كفؤ أن ترث عرشه
امسك طنطل بالرمح واتجه الى ان وقف فوق رأسها نظر إليها وقال في نفسه ” إنها نائمة ياله من وجه جميل لقد سحرتني فعلاً بجمال عينيها كم اتمنى لو اراهما ولو لآخر مرة”
سامد: هيا ياطنطل اطعنها
أخذت يدا طنطل ترتجف وهي ترفع الرمح ثم سقط الرمح من يده
بسرعة بادر سامد للرمح قبل ان يستفيق الغراب الأسود وتنكشف الخطة طعنه طعنةً اخترقت صدره
طنطل: لااااالما فعلت ذلك ياسامد لماذا ياسامد كنت أريد رؤية عيناها فقط لمرةٍ واحدة
سامد: كان على احدنا فعل ذلك
أشاح طنطل بوجهه عن سامد ودمعةٌ قد سالت على خده وحرقةٌ في قلبه
خرج الاثنان من بيت عشتار متجهين لعالم الجن كان طنطل يرتعش من كثرة الحزن ووجهه اصفر ومحطمٌ جداً أراد سامد أن يخفف عنه بقليل من الكلمات ولكنه آثر احترام هذه اللحظة الحزينة فلاتوجد فعلياً كلمات تخفف على العاشق موت معشوقته خصوصا إن قتلت برمحه
حين اقتربا من قصر عيقم كان طنطل مايزال على حالٍ يرثى لها
قال سامد مشجعاً: لن يعلم أحدٌ بما حدث سأقول للملك أنك أنت من قتلها لاتخف سيبقى ماحدث سرٌ بيننا يامولاي
أشاح طنطل بوجهه عن سامد واعطاه ظهره مبتعداً واختلا بنفسه في جناحه الخاص
كان السكون مسيطراً حين التقى الجبلان جلجامش والأجهش في وقت غير هذا كان سهلاً على جلجامش التغلب على جنيٍ مثل الأجهش ولكن جراحه مازالت لم تلتئم تماماً وهذا ماكان الاثنان يراهنا عليه في هذه المعركة
أمر جلجامش الحارسان بحماية عشتار وانطلق لمجابهة الأجهش
رفع جلجامش السيف للسماء فتجمعت حوله السحب وأخذت تبرق وترعد مجمعةً الرعد في السيف وكأن السيف يسحب الرعد من السحب ويستمد طاقته منها
أما الأجهش فأخذ يلوح بسيفه في الهواء بشكل دائري حتى تكونت زوبعة عظيمة
أطلق جلجامش الصاعقة الرعدية باتجاه الأجهش فما كان من الأجهش إلا وأن القى بزوبعته تجاه جلجامش هو الآخر
اصطدمت الزوبعة بالصاعقة والتحمتا حتى غدت زوبعةً رعدية
انتهز جلجامش الفرصة و ارتفع عالياً وهوى بسيفه متجهاً للأجهش من فوق الزوبعة الرعدية
رغم قوة جلجامش الجبارة كان يفتقد لخبرة الأجهش في القتال
رمى الأجهش بسنارته على الزوبعة وسحبها ملقياً إياه باتجاه عشتار
ارتد جلجامش مسرعاً باتجاه عشتار إلا أن الأجهش القى بسنارته التي تعلقت على رقبة جلجامش مكان جرحه القديم وأخذ يسحبه بقوة وهو يضحك
اقتربت الزوبعة من عشتار كثيراً فاستسلم جلجامش واصبح سهلاً على الاجهش سحبه بسرعة الى ان أصبحا قريبين من بعضهما البعض بسرعة اطلق جلجامش رعدةً من سيفه باتجاه الزوبعة واصبحت الزوبعة متصلةً بسيفه فقام بسحبها بقوة
إلى أن سقطت عليه وعلى الاجهش صعق الاثنان من الرعد بقوة وسط الدوران الهائل داخل الزوبعة حتى انفلتت السنارة من رقبة جلجامش فصرخ صرخةً عنيفة واتجه مسرعاً للاسفل بكل ما أوتي من قوة وضرب قعر الزوبعة بسيفه فبددها واختفت هي والأجهش
سقط جلجامش على الأرض ونهض بسرعة وجسمه مليء بالبرق وهو يلهث ممسكاً بسيفه ينظر يمنة ويسرة يبحث عن الأجهش
اختفت الزوبعة واختفى معها الأجهش
جلجامش: لنا لقاءٌ آخر أيها الأجهش
هدأ جلجامش أخيراً فاتجه مسرعاً لعشتار أخذ القارورة التي كانت مربوطةً في خصرها وبل وجهها بقليل من الماء
أفاقت عشتار وأخذت تنظر لجلجامش
جلجامش: كم اشتقت لهذه العينين ..آه لقد ذهبت كل آلامي نجحتي ياحبيبتي أخيراً أنت في بر الأمان ياشجاعتي الجميلة
عشتار: الحمد*** لقد اشتقت لك ولابنتاي أين ابنتاي قلبي متفطر عليهما
جلجامش: هما بخيرٍ لاتقلقي ستريهما
عشتار: لن أعود لعالم الإنس إلا بكم جميعاً
جلجامش: لكني لا استطيع العودة الآن وأنت أيضاً خطرٌ عليك العودة
عشتار: سأبقى معك سنواجه الأعداء معاً
جلجامش: لكني أخاف عليكِ من مشاهدة الجن داخل القلعه
عشتار: هه لقد تعود قلبي انت لاتدري بالصعاب وبالجن الذين قابلتهم
جلجامش: انك لم ترى شيئاً فالجن بيض وسود وصفر وشقر وعلى صورة الخيول والبغال والسباع ولها خراطيم وأذناب وحوافر وقرون ومنهم من يمشي على أربع ومنهم من له رأسان ومنهم من رأسه أسد وجسمه فيل ومنهم من نصفه كلب والنصف الآخر قط وله خرطوم وقرد أظافره كالمنجل والحيايي والxxxxب أشكال مرعبة لاطاقة لبنو البشر برؤيتها
أخذت عشتار تفكر ثم قامت بفك الخرقة التي لفت بها جرح جلجامش من رقبته وربطت بها عينيها
عشتار: ستكون أنت عيني يانور عيني
ضحك جلجامش وقال: ياللعجب بالامس كنت ترفضين مجرد فكرة أني من الجن والآن تأتين لعالم الجن معصوبة العينين
عشتار: نار الفراق ياحبيبي أحرقت فؤ
ادي
جلجامش: تعالي ندخل القصر لترتاحي وتري ابنتيكي وتقر عينيكي بعدها تقصي علي كل مامررت به
حملها وفتحت أبواب القلعة الكبيرة أخيراً
الجز الخامس
دخل جلجامش القلعة حاملاً عشتار حين أغلق باب القلعة أحست عشتار بقشعريرة في جسمها وكأنها تتذكر مامرت به
جلجامش: لاعليك ياحبيبتي أنتِ في بر الأمان الآن
وضعت عشتار رأسها على صدره وهي معصوبة العينين واكتفت بالصمت
بعد أن أدخل جلجامش عشتار للقصر قفزت ابنتاها على امهما وابيهما فرحتان
احتضنت عشتار ابنتاها تقبلهما بعد ان قامت بإزالة الخرقة من عينيها لتراهما وهي تبكي أخيراً التم شمل العائلة
ذهبت مع ابنتاها لمخدع ابيهما في جناح القصر وادخلاها حماماً دافئاً ينبع ماؤه من شلالٍ عذب
ثم اخرجاها من الحمام والبساها ثوباً ابيض حريري وجلست على سريرٍ كبير مريح جداً احتضنت إحدى ابنتيها وانشغلت الأخرى بتمشيط شعر أمها وجلجامش ينظر لهم بسرور
اخذت عشتار تقص مامرت به عليهم وهي تأكل من صحن فاكهة كبير دخولها للحفرة التي تحت الشجرة مجابهتها للأفعى لقائها بالشق قتالها الدلهاب خداعها للسعلاة وأخيراً رفيق دربها كابوس
نهض جلجامش واحتضن عشتار: مسكينةٌ ياحبيبتي لقد مررتي بصعابٍ كثيرة حتى غدوت تهذين
نظرت له عشتار باستغراب: ماتقصد ياحبيبي
جلجامش: اعني مامررت به كله اعرفه ماعدا هذا الوطواط المسمى كابوس اخاله من مخيلتك لابد انك اصبت بهلوسةٍ من هول ما رأيتي اذ لاوجود لمثل ماتقولين في عالم الجن
اعترضت عشتار بشدة: لا انه صديقي انتم الجن ليس باستطاعتكم رؤيته لكني استطيع انه مخولٌ ببث الكوابيس حين تنام الجن والفراشة تبث الاحلام الجميلة
جلجامش: ويوجد فراشٌ أيضاً لاعليك ياحبيبتي لابد ان عقلك مازال مصدوماً من منظر الجن
احست عشتار بحزنٍ وحرقة: هل تظنني جننت
جلجامش: لا ياحبيبتي لاتسيئي فهمي فبنو البشر لاطاقة لهم برؤية الجن منهم من يجن ومنهم من يموت ايضا واعتقد ماحدث لك ان عقلك من هول ما رأيتي كردة فعل اخترع شيئاً تخيلياً ليتسنى له الاستمرار ان هذا شيء طبيعي فقط نامي وارتاحي انت في مأمنٍ الآن وسنتحدث عن كابوسك لاحقاً
نهض جلجامش
عشتار: أين ستذهب لاتتركني
جلجامش: علي ان اجتمع بوزرائي للنظر في حربنا مع قبيلة عيقم نامي وارتاحي مع ابنتاكي لاتخافي لايستطيع أحدٌ دخول هذه الغرفة سواي وابنتاي عليها حراسٌ شداد
خرج جلجامش واخذت عشتار نفساً عميقا واسندت رأسها محتضنتاً ابنتيها وحين نظرت للأعلى وجدت كابوس متعلقاً على شمعدانٍ كبير
عشتار: أين ذهبت ياصديقي
كابوس: بعد ان ولجت لمخيلت جلجامش وايقظته بكابوس افاقه لنجدتك استنفذت طاقتي واحتجت ان آخذ قسطاً من الراحة
ضحكت عشتار: كنت انت من افاقه اذاً وهو لايصدق بوجودك
كابوس:لايؤمن أحدٌ بالكوابيس حين تتحقق الأحلام
عشتار: صدقت.. شكراً لك ياكابوس لقد انقذت حياتي
كابوس: كم هو جميل منظرك انت وابنتاكي تمنيت لو كنت فراشةً لبثثت لكم بحلم جميل
عشتار: لا حاجة لذلك لقد تحقق حلمي أخيراً لايوجد أحلى من ما أنا فيه الآن تعال ونم معنا
اقترب كابوس واضعاً رأسه بين ابنتيها ونام الجميع بسلام
وصل جلجامش لقاعةٍ كبيرة يجتمع فيها كبراء الجن من قبيلته ووزراءه وجلس على عرشه
بادره كبير وزراءه أزمل: لقد انشغل بالنا عليك يامولاي اكان لابد ان تأتي بهذه الإنسية لديارنا
جلجامش: بل هي من أتى بي لولاها لكنت مت وخسرتم أميركم
أزمل: لكن جميع جن مملكتك يستنكرون وجودها هنا يامولاي خصوصاً في هذا الوضع الصعب الذي نمر به علاوة على ذلك أشيع في البلاد أنها ساحرة تسحر كل جني تنظر إليه وانك منسحرٌ بها ومنشغلٌ عن رعيتك
جلجامش: لاتشغلوا بالكم في أمرٍ هو خاصٌ بي المهم أني عدت بسلام دعونا نتناقش أحوال الجيش والمعركة ماتقول يا ياحين
كان ياحين هو صديق جلجامش المقرب منذ الطفولة وقائد جيشه وأوفى من بحاشيته يتميز بالقوة والذكاء وقلة الكلام
ياحين: وضعنا صعبٌ جداً يامولاي بحسب آخر الاحصاءات بعد آخر معركة لانملك سوى مائةٌ وعشرون ألفاً من الجند يقابلها مئتان وعشرة آلاف من جيش عيقم إن حدثت معركةٌ أخرى قد تكون عواقبها وخيمة لابد لنا من حيلةٍ ما
أزمل: اعذرني يامولاي بقول هذا ولكننا وصلنا لمرحلة فاصلة إما أن نخسر الجيش أو نستسلم
أنكس جلجامش رأسه ثم قال: أتدري ماعاقبة الاستسلام يا أزمل سيستولون على كنزنا و سيتعبدون قبيلتنا ويستنزفون طاقات أرضنا ومواردها صحيح أنهم يفوقوننا عدداً ولكننا نفوقهم قوة وخبرة
أزمل: بعد أن اختفيت يامولاي اجتمعنا كلنا وأرتأينا الاستسلام المشروط إذ خفنا أن لاتعود ويكون قد فات الآوان
صرخ جلجامش: لكني لم أغب سوى يومٍ واحد تخليتم فيه عني ونويتم الاستسلام
ياحين: تكلم عن نفسك ياأزمل فلم يصل المجلس لقرار نهائي
أزمل: دخولنا معركةٌ أخرى هو ضرب من الجنون
جلجامش: أن كنت تنوي الاستسلام فاستسلم انت وعائلتك أما أنا سأقاتل لآخر رمقٍ في حياتي
أزمل: روحي لك الفداء يامولاي لكن من واجبي أن أنورك بالعواقب لا أكثر
جلجامش: اعلم انهم يفوقوننا جنداً وعدة لذلك لابد لنا من حيلةٍ ما كما قال ياحين نكسب بها هذه المعركة إذ أنها ستكون الأخيرة لاشك
في نفس الوقت
دخل سامد على عيقم وأخبره بإخفاقهم بالقبض على عشتار وماحدث بينه وبين طنطل في أرض الإنس
سامد: كدنا نظفر بها لكن للأسف أفاق جلجامش
عيقم: لقد طال صبري واستماعي لخططك الفاشلة واحدةً تلو الأخرى اقرعوا طبول الحرب سنهجم عليهم في الصباح الباكر
سامد: لكن يامولاي ..
عيقم: علينا مباغتتهم بسرعة فجيشنا مستعد
سامد: لقد أمرت جواسيسنا بإشاعة أمر عشتار انها ساحرة في ارض جلجامش واضحت الشغل الشاغل لهم لكن مايقلقني هو طنطل يامولاي
عيقم: امازال منطوياً بحزنه
سامد: نعم يامولاي
عيقم: لاتخف عليه فهو من صلبي سيتغلب لاشك على عشق تلك الإنسية لكني أريدك أن تحول حزنه لحقدٍ وغضب نستفيد منه في المعركة
سامد: أصبت يامولاي سأعمل على ذلك حالاً
عيقم: و سأحضر المعركة بنفسي هذه المرة إذ اني اخاف من عدم اتزان طنطل لكني سأدعه يقود الجيش عله يستعيد رباطة جأشه اذهب وأخبره
سامد: إذا لماذا ستحضر المعركة إن كان طنطل هو من سيقودها يامولاي
عيقم: سأقتل عشتار بنفسي بعد أن عجز الجميع على فعل ذلك لم يقف شيء في وجه الرمح الأسود أبداً
سامد: حسنا يامولاي وسآمر جواسيسنا بالاستسلام حين يحمي وطيس المعركة حتى نهبط من عزيمة جيش جلجامس
عيقم: حسنا تفعل
ذهب سامد لطنطل وأخبره مادار بينه وبين عيقم وانشغل الاثنان بالاعداد للمعركة
كانت عشتار تغط في نوم عميق حين سمعت قرع طبول قوي أفاقت هي وبناتها من نومهم واحتضنت بناتها خائفة
سرعان ما دخل عليهم جلجامش
عشتار: ماذا يجري يا جلجامش
جلجامش: إنها طبول الحرب ياحبيبتي إنهم اسرع مما توقعت
عشتار: ماذا سيحدث
جلجامش: الحرب هو ماسيحدث
عشتار بقلق: وهل نحن مستعدون؟؟
نظر إليها جلجامش بحب وضحك قائلا: نحن.. اتقولين نحن.. أرى انك تأقلمت واندمجت في عالمنا، نحن مستعدون ولكنهم يفوقننا جيشاً وعدة
عشتار: سنفوز بإذن ****
نام جلجامش وعشتار مع ابنتيهما إلا ان عشتار لم يغمض لها جفن اصلا كانت تفكر فيما سيحدث وتهش كابوس عن زوجها وابنتيها كلما اقترب منهم
كابوس: أرجوك ياعشتار انني جائع جدا
عشتار: ابحث لك عن جني آخر خارجاً لاتقترب من عائلتي اني احذرك
فتح جلجامش عينه ونظر لعشتار باستغراب اراد ان يتحدث ولكنه التزم الصمت خوفا على مشاعرها ولكنه كان قلقا من زوجته التي تكلم نفسها منتصف الليل هم بأن يحتضنها لكنها كانت محاطةً بابنتيها من كل جانب ابتسمت في وجهه وامسكت بيده ونام الاثنان
بعد بزوغ الشمس اجتمع الجيشان في وادي بين القلعتين يسمى بوادي الرماد اراد جلجامش ابقاء عائلته في القصر لكنه خاف من الجواسيس الذي يعلم بوجودهم في كل مكان من قلعته فأحضر عائلته وأجلسهم في مؤخرة الجيش مع وزراءه وكبراء القبيلة وهي معصوبة العينين مخافة ان ترى الجن او يروها يحرسها جني أزرق عملاق بشكل حصان من اقوى واسرع الجن امره بالهرب بعشتار وابنتيها لأقصى بقاع الارض ان هو قتل في المعركة وذهب هو في مقدمة الجيش على يمينه الأزمل وعلى يساره ياحين
في المقابل اجتمع جيش عيقم بقيادة طنطل على يمينه مُرة وهو جني بهيئة رجل ورأس أسدٍ أمرد ضخم وعلى يساره القعقاع أمير الدخان يعتبران من أشرس المقاتلين وأقواهم وهم ابناء اعمام طنطل وفي مؤخرة الجيش كان عيقم واخوته وسامد وبقية الوزراء والحاشية الملكية
خطب طنطل في الجمع يحذرهم ويخوفهم ينصحهم بالاستسلام حتى يأمنوا على ارواحهم ان هم دخلوا تحت ملك عيقم
ثم خطب جلجامش بالقوم مذكراً إياهم بأمجاد قبيلته وحسن مجاورتهم فيما مضى ومقبحاً اعتداءهم عليهم من دون وجه حق سوى الطمع في كنوز جدوده وخيرات قبيلته
جلست عشتار حاضنتاً ابنتيها بقلق وابنتاها يخبرانها ما يجري من حولها اذ كانت معصوبة العينين
بعد الانتهاء من الخطب برز جنيٌ من جيش طنطل يدعى نميم نصفه حصان ونصفه إنسان وله رمحٌ قصير به ثلاثة رؤوس وسلسلة طويلة جداً بها منجل حاد
برز إليه ياحين قائد جيش جلجامش بدون سلاح وقف ياحين في منتصف الميدان ببرود أعصاب وهيبة تليق به
كان الجميع واثقاً من فوز ياحين لكن بروزه من غير سلاح هو ما أخاف جيشه وأقلقهم لاسيما أن نميم يعتبر من الجن الأقوياء الذين لايستهان بهم
صرخ نميم: يالك من أحمقٍ متعجرف أتظن أنك تستطيع التغلب علي وأنت أعزل
قال ياحين بثقة وبرودة أعصاب: لست نداً لي ولاكفؤً لأقاتلك بسيف
أثارت كلمات ياحين غضب عدوه فانطلق نميم بسرعة متجهاً نحوه وهو يلوح بسلسلته في الجو بقوة وياحين واقفٌ مكانه لايتحرك
رمى نميم بسلسلته على ياحين التي سرعان مالتفت حوله وقام بسحبه تجاه رمحه
وصل الرمح لمقدمة أنف ياحين وهو معلق في الهواء
بسرعةٍ رهيبة انتفض ياحين مكسراً السلسلة التي كانت تقيده وامسك بالرمح الذي كان متجها اليه وسحبه باتجاهه ساحباً معه نميم ولكمه في جبهته لكمةً كسرت جمجمته وسقط صريعاً
تعالت صرخات جيش جلجامش فرحاً وهلهلة
فطن القعقاع لخطة ياحين
القعقاع: طنطل أنه يريد تهبيط عزيمة جيشنا لعلمه أننا نفوقهم عدداً يريد ان يبين انهم يفوقوننا قوة ألا ترى كيف يستهين بنا
طنطل: أرسل له الغول جير بدون سلاح أيضاً
خرج الغول جير بسرعة يركض اتجاه ياحين كان جير غول صخري ضخم برأس ثور وله قرنان كبيران يغنيانه عن حمل اي سلاح
وصل لياحين منقضاً يريد أن ينطحه لكن ياحين استطاع في اللحظة الأخيرة امساك قرنيه واحكام قبضته عليهما ورفعه قاذفاً به للجهة الأخرى قالباً إياه على ظهره راطماً به الأرض ثم نهض بسرعة وهو مازال ممسكاً بالقرنين والتف حول رأسه ودق عنقه
مرةً أخرى تعالت الهتافات والتهليل من جيش جلجامش
نظر طنطل وهو غضبان لمُرة الأسد الأمرد وقال: اذهب واجهز عليه
خرج الأسد الأمرد مُرة بفأسهِ الكبير متجهاً نحو ياحين
هذا مالم يحسب حسابه ياحين فمجابهة جني مثل مرة بدون سلاح هو انتحار
اخذ ياحين يحدث نفسه “ماذا علي أن افعل إن عدت لآتي بسلاحٍ قد يظن جنودي أني اهرب وحتى رمح نميم اضحى بعيداً لابد من مجابهته دون سلاح ان تغلبت عليه سترتفع معنويات جيشنا كثيراً لامجال للهزيمة هاهنا”
اقترب مُرة من ياحين فما كان من ياحين إلا ان جلس متربعاً فهاج الجيشان اللذان كانا يتفرجان إذ مافعله ياحين يعد استهزاءً كبيراً بخصمه
هاج مُرة واخذ يزأر وهو مسرعٌ نحو ياحين إلى أن وصل فوق رأسه وياحين ساكن مكانه ينظر لهذا الأسد الغاضب كان فرق الحجم بينهما كبيراً جداً لصالح مُرة
رفع مُرة فأسه وهوى به فوق رأس ياحين
اخذ ياحين يتشقلب ويراوغ حول مُرة وكانت المفاجأة مالم ينتبه له مُرة أن ياحين كان ممسكاً بسلسلة نميم التي كانت ملقاةً تحت رجله ولفها حول مُرة ثم عاد للوراء وسحب بكل ما أتوي من قوة فارتبطت السلسلة برجلا مُرة وسقط أرضاً
قفز عليه ياحين بسرعة وربط السلسلة حول رقبته وأخذ يخنقه
أمسك مُرة هو الآخر رقبة ياحين بكلتا يديه واخذ كل واحد يخنق الآخر
وسط سباق الوقت من هو الأقوى من يستطيع الصمود أكثر سيتمكن من البقاء حياً
كان الاثنان ممددان أرضاً يخنقان بعضهما والكل ينظر من بعيد بأعصابٍ كالجمر بين من يهتف ومن يشجع ومن يترقب بسكون
إلى أن سكن الاثنان فترةً بسيطة ثم أخذ احدهما يتحرك ببطء
إنه مرةٌ تعالت هتافات جيش طنطل وأصيب جلجامش وجيشه بخيبة أمل وقف مُرة متثاقلاً وهو يحمل فأسه وهوى به على ياحين لكن بسرعة البرق نهض ياحين وعيناه جاحظتان وغرز المنجل الذي كان مربوطاً في السلسلة في قلب مُرة
جثا مُرة على ركبتيه فانتزع ياحين الفأس من يده وفصل رأس مُرة عن جسده
اهتزت الأرض من صراخ الجيشان واستل طنطل سيفه الناري بغضب وانطلق نحو ياحين
مأن تحرك طنطل حتى انطلق جيشه بأكمله وراءه
كانت هذه الإشارة بانتهاء المبارزات وابتداء المعركة فانطلق جلجامش بجيشه أيضاً
من سيصل لياحين ليقطعه إرباً ومن سيحميه
كان الجميع يركض ماعدا القعقاع الذي استل سهماً ارجوانياً و
أطلقه باتجاه ياحين
وقع السهم في رقبته ثم غطاه جيش جلجامش كموجةٍ سرعان ماصطدمت بجيش طنطل كاصطدام الموج بصخر الشاطئ
الجز السادس
بعد أن التحم الجيشان في المعركة سقط
ياحين الذي كان له دور كبير في تثبيط معنويات العدو ورفع معنويات جيشه وق!@تل قائد ميمنة جيش طنطل الأسد الأمرد مُرة
لحسن حظه كان السهم الذي أطلقه عليه القعقاع لم يصب مق@تلا مع أن القعقاع معروف بدقة التصويب
أخذه اثنان من الجنود لمؤخرة الجيش مع الحاشية الملكية ووضع أرضًا ممددًا ليرتاح وكان قريبًا من عشتار
مع ان عشتار كانت معصوبة العينين إلا انها كانت تسمع مايجري حولها من الحاشية الملكية الذين يتحدثون فيما بينهم
عشتار: أحسنت ياياحين
أقصر ياحين طرف عينيه لاخوفا بل تأدبا وقال: بل أحسنت يامولاتي فأنت من أحضر لنا جلجامش سالمًا من عالم الإنس لعالم الجن إن هذا لعمل بطولي وشجاع
كان ياحين هو أول من دعا عشتار بمولاتي حتى أثار استغراب من حوله ينبههم بأنها زوجة أميرهم
سرعان ما علا صوت ضربات السيوف وحمي وطيس المعركة إذ كان الجيشان مشحونان مايكفي بعد الاستعراض الذي بذله ياحين
كان جلجامش منقضًا عليهم كالباشق يفت@ك ويبطش بكل من يقابل بسيفه الصاعق
كذلك هو طنطل الذي اخذ يمزق في الجن ويقطعهم إربًا بسيفه الناري بغضبٍ شديد حتى غدا الجن يهربون منه
فجأةً واذا بكرة كبيرةٍ من اللهب ضربت طنطل وقذفت به بعيدًا
كان ذلك هو وحيد قرنٍ ضخم جدًا جدًا مربوط به منجنيقان عن يمينٍ وشمال(المنجنيق هي آلة حربية تستخدم لقذف الحجارة والسهام وكل مايمكن قذفه بواسطة ذراع فيه كفة يتحرر تحت ضغط فتل الحبال) وفوق ظهره اربعة من الجن بذخيرتهم يشدون المنجنيق ويضعون به الكرات ويشعلونها ثم يقذفون بها
اخذ وحيد القرن يركض بسرعةٍ جبارة ويصول ويجول داخل جيش العدو قاذفًا كل من يقابله بقرنه الفتاك ومن فوقه من الجن يقذفون بكرات اللهب أيضًا بواسطة المنجنيقان كان وحيد القرن هجوما جيدا لخلخلة صفوف جيش العدو
فجأةً وإذا بيدٍ كبيرة من يسار وحيد القرن امسكت به من الخلف من قرنه وهو يركض حتى اعوجت رقبته وانقلب بعد ان قام بعرقلته صاحب تلك اليد
كان ذلك هو طنطل عاد يرد الضربة التي وجهها له وحيد القرن
اصبح وحيد القرن منقلبًا على ظهره والجن الاربعه محصورون تحته يحاولون الخروج وهو يحرك رجليه محاولًا النهوض مرةً اخرى ولكن طنطل طعنه بسيفه الناري في بطنه وبقر بطنه واشتعل وحيد القرن نارًا من حرارة سيف طنطل حتى غدت امعاؤه كأنها حِممٌ بركانية احرقت من كان تحته من الجن
في نفس الوقت كان هنالك جني من جيش طنطل بشكل اخطبوط كبير له ثمانية عشر ذراعا مدببة بمخالب سامة وطويلة تسعةٌ أذرع بها سيوف وتسعةٌ بها رماح وله ثمانية أرجل كأرجل العنكبوت
دخل هذا الجني الرهيب في نصف جيش جلجامش واخذ يفتك بالجن ويحاصرهم بأذرعته يقذف بجني ويعصر آخر وحينا يبتلع وحينا يقاتل بسيوفه ورماحه
استنجد الجند بجلجامش لمجابهة هذا المسخ فشد عليه جلجامش مسرعًا
امتدت ذراع من أذرع الاخطبوط مسرعة تحمل رمحًا تجاه جلجامش تريد ضربه لكنه كان أسرع من تلك الذراع فضربها بسيفه وقطعها
لكن المفاجأة كانت حين سقطت تلك الذراع تحولت لأفعى عمياء تجري خلف جلجامش اما المكان الذي قطعت منه خرج منه ذراعان
اخذ جلجامش يحارب هذا الوحش الرهيب كلما قطع ذراعًا تحولت لأفعى وخرج مكانها ذراعان واصبحت الأفاعي حوله تلتف على جنده وتعصرهم
كان هذا الاخطبوط من اقوى اسلحة جيش عيقم اذ ارسله مرة من المرات للإفناء قبيلة كاملة نظرا لضخامته وكبر حجمه وقوته والسم الذي يسري من مخالب أذرعته واستحالة قت@له
اخيرا استطاع جلجامش الامساك باحد أذرع الاخطبوط وسحبه بشدة واخذ يدور به لكن لسوء الحظ لم ينتبه للمخالب السامة في تلك الذراع التي انغرست في كفيه وامتد السم في يديه واصيب بشلل فيهما
شلت يدا جلجامش واحاط به الاخطبوط من كل جانب فما كان من جلجامش الا ان طار عاليا لكن الاخطبوبط ضربه على رأسه ضربة بذراعه رطمت به الارض أصيب جلجامش بدوار شديد ليس من قوة ارتطامه بالارض لكن من السم الذي انتشر في جسده
اخيرا اطبق الاخطبوط على جلجامش بفمه الكبير وابتلعه
صرخت احدى ابنتا جلجامش: أبيييييييي واويلتاه ابتلع الاخطبوط ابي
واخذت الاخرى تصرخ وتبكي
احتضنت عشتار ابنتيها وصرخت بهلع شديد: ياحين افعل شيئا ارجوك
اراد ياحين النهوض لكن يبدو انه هو الآخر كان مسموما من ذلك السهم الذي رماه به القعقاع
امسكت عشتار بكلتا ابنتيها
والدمع كان قد انهمر من عينيها
من تحت تلك العصبة
ما أن رأى ياحين تلك الدموع تلمع فوق وجنتيها الحمراوتان حتى أصيب بقشعريرة في جسمه كله وحرارة في وجهه وأسر في نفسه “يالها من جميلة أو أنها قد تكون ساحرة فعلا كما اشيع عنها إن كان هذا فقط مافعله بي دمع عينيها فكيف ان رأيت عينيها حقًا”
أحس ياحين بتأنيب الضمير إذ كان ينظر لزوجة أميره وصديقه وهو قد يكون ميتًا
“لابد انها ساحرة”
أشار ياحين لأحد الغيلان وامره ان يذهب لنجدة جلجامش بسرعة
وصل ذلك الغول بسرعة للاخطبوط لكن الاخطبوط وكأنه أصيب بنوبة غضب إذ أطبق بجميع أذرعه على ذلك الغول ورفعه عاليا مقطعا أجزاء جسمه كل جزء في ذراع
أصبح الاخطبوط كالمجنون يهجم على جيش جلجامش واخذ جيش طنطل يصرخون بهم أن يستسلموا اذ انهم يحاربون دون قائد الآن
أصيب الجيش بخيبة أمل لكن فجأة وقف الاخطبوط مهتزا مرةً يرفع رأسه عاليًا ومرةً أخرى ينكسه للأسفل
أخيرًا انفجرت جبهته التي خرج منها جلجامش مليئا بدماء ذلك الاخطبوط وسقط جاثيا وغرز سيفه المرتعد في الارض وخلفه الاخطبوط خار شيئا فشيئا كانهيار شجرة مقطوعة
كان لحسن حظ جلجامش مضاد للسم يسري في دماء ذلك الاخطبوط حتى لايقتله سمه مما أعاد لجلجامش عافيته واخذ يغرز سيفه الرعدي في قلوب ذلك الاخطبوط إذ كان له ثلاثة قلوب ثم ضرب جبهته من الداخل فخرقها وخرج
استعاد الجيش رباطة جأشه وحيويته وانقضوا على جيش طنطل حتى عاد للمعركة وطيسها
ياحين: لقد استطاع جلجامش التغلب على الاخطبوط العملاق
عشتاربسرور: أعلم ذلك إذ لم يبرد دفئ الخاتم في اصبعي
مع ان الجن عموما تنظر للانس نظرةً دونية لكن لسبب ما أحس ياحين بأن هذه الإنسية شيء عظيم وجميل أخذ يغبط جلجامش عليها
كان كل من في المعركة منشغلا بخصم له والقتال محتد جدًا ماعدا القعقاع الذي كان يمشي بهدوء وهيبة وكأن لايراه احد وما ان يمر بأحد جنود جلجامش حتى ارداه قتيلا بطعنة من خنجر مسموم واكمل سيره للأمام حتى أصبح قريبا من جلجامش الذي كان يتنفس الصعداء بعد معركته الشاقة من بعيد استل سهما أراد ان يباغته بضربة غادرة إلا أن طنطل كان قد وصل إليه وقاطعه
طنطل: أرخي سهمك ياقعقاع لاتق@تل الأمراء هكذا
قعقاع: عذرا يامولاي لكن الفرصة مواتية
طنطل: لابد من المجابهة
القعقاع: اذا ساجابهه واقتله من اجلك
طنطل: دعه لي ياقعقاع لامزيد من المخاطرة
قعقاع: إن يعطني مولاي فرصة لقتل جلجامش
طنطل: لا ياقعقاع قد سفك مايكفي من دماء الجيش سأحسم الأمر الآن اذهب للطرف الآخر وحاول السيطرة على الجيش
ذهب القعقاع منصاعا لاوامر طنطل بمضض وتقدم طنطل لمجابهة جلجامش
أخيرا التقا الجبلان
جلجامش مقابل طنطل
جلجامش: لم يعد هنالك مايقال ياطنطل سوى حسم الحسام
طنطل: يقال ان سيفك هو اقوى سيف في ارض الجن لكن من يقول ذلك لم يجرب سيفي
جلجامش: هل تظن أن النار تستطيع مجابهة الرعد
تقدم طنطل موجها ضربة بسيفه لجلجامش وهو يقول: قوة سيف الجني تنبع من قلبه
وبدأت مقارعة السيوف والرعد والنيران يتطايران كالشرار في كل مكان
جلجامش: هه لهذا إذا دعي سيفي بأقوى سيوف الجن فالقلب قوي والسيف كذلك
في نفس الوقت أحست عشتار بالقلق
عشتار: ماذا يحدث يا ياحين أحس بسكون مريب
ياحين: إن جلجامش يواجه طنطل الآن إنها المعركة الفيصل لهذه الحرب
ماإن سمعت عشتار هذه الكلمات حتى وقفت مخبئتًا ابنتيها خلفها وهي ترتجف وتدعو أن يسلم زوجها
التف الجيشان حول طنطل وجلجامش لكن في نفس الوقت لم يتوقف القتال بل اشتد قتالها
لكن دوي مقارعة السيفان كان مسيطرا وله هيبة مخيفة
في مؤخرة جيش طنطل كان عيقم وسامد يرقبان بانتباه وحذر شديد
سامد: ماتظن يامولاي
عيقم: سيتغلب عليه ولدي لاشك إنه ولدي لقد قضيت عمري كله أعده وأدربه لهذه المعركة هذه المعركة هي قدره
سامد: عذرا يامولاي لكن إن خسر طنطل علينا برباطة الجأش وتنفيذ ماتفقنا عليه
عيقم مقاطعا: لن يهزم ولدي لابد له ان يفوز ويجب أن يفوز
إنك لاتفهم ياسامد من دون طنطل لافائدة من الفوز في هذه المعركة أنا الآن أشاهدني أقاتل لا أشاهده
ماتراه أمامك هو أنا
ماتراه أمامك هو إنجازي
ألم ترى كيف صرع وحيد القرن الذي يعد أقوى سلاح هجوم لديهم
طرحه أرضا بيد واحدة
سامد بقلق: ماذا فعلت يامولاي.. أين خاتمك الأسود؟؟
عيقم بفخر: أعطيته لطنطل
سامد: لكن هذا الخاتم به قوة أسلافك جميعا
عيقم: وقد حان ووقت استخدامه أما تراني واثقا من فوز ابني لاطاقة لجلجامش أن يواجه هذه القوة ولاتنسى أن عشتار تلبس خاتمه لاشك
لهذا نحن نتفوق عليهم
لم يكن بعلم عيقم أن حب جلجامش لعشتار أعطاه إرادة حديدية توازي القوة المكتسبة من لبس أي خاتم فهي وحيدة في هذا العالم لابد له من حمايتها هي وابنتاها في عالم مليء بالوحوش
كانت ضربات سيف طنطل وقعها أقوى بكثير لاشك لكن جلجامش كان في حالة سلام مع نفسه وثقة إما الفوز في المعركة بكل شيء أو لاشيء
فوزه على طنطل يعني انتصار الجيش وحفظ حياة قبيلته وحياته وحياة عائلته أما الخسارة فتعني مoت الجميع وسط ضعف جيشه وكثرة الخونة من حوله الفوز في هذا القتال هو الأمل الوحيد
كانت المعركة رهيبةً جدًا
أخذ طنطل يضرب بسيفه الناري سيف جلجامش ضربا متكررا وجلجامش يرجع للوراء
كان طنطل يحاول اثبات قوته
أما جلجامش كان يتحين الفرصة
الجز السابع
فجأة تشقلب جلجامش للخلف وعاد للأمام بسرعة موجها لكمة لعين طنطل لكن طنطل في نفس الوقت وجه ضربة لفك جلجامش بمقبض سيفه حتى سال الدم من فم جلجامش
أطلق جلجامش رعدةً من سيفه
فماكان من طنطل إلا أن اخذ بتدوير سيفه كمروحة لهبية غدت كدرع صد الموجة الرعدية بسهولة
ثم بدوره اطلق كتلًا نارية باتجاه جلجامش الذي كان يضربها بسيفه ويبددها
غرز جلجامش سيفه في الارض مولدة صاعقة رعدية فانتفض طنطل من الصعقة وسقط ارضا فقفز عليه جلجامش يريد ان يطعنه لكن طنطل ضرب الارض بسيفه هو الآخر فانبثقت النيران من الارض باتجاه جلجامش وارتد ساقطا على الارض
غضب الاثنان واسرعا لبعضهما وعادت مقارعة السيوف من جديد
طنطل: لقد حالفك الحظ في عالم الإنس لكن هذه المرة لن تخرج حيا
جلجامش: في المرة الماضية استخدمت أسلوبا دنيئا ضدي حين احسست انك ستخسر ان هجمت على ابنتاي لتشتت تركيزي هذا يدل على دنائتك
طنطل: هه من له حيلة فليحتال انت ضعيف لديك اشياء تخسرها أما أنا فلا
جلجامش: زوجتي وابنتاي بعيدون عنك هذه المرة لن يشتت شيء تركيزي عن ضرب عنقك اي شيء
صعق طنطل حين سمع جلجامش يقول “زوجتي”
“ترى ماقصده بزوجته وابنتاها بعيدون، أيعقل أن زوجته عشتار ماتزال على قيد الحياة”
ابتعد طنطل قليلا واخذ ينظر لمؤخرة جيش جلجامش بتمعن
وكاد ان يخرج قلبه من مكانه حين رأى عشتار هناك معصوبة العينين تهز رأسها هزا خفيفا كمن يريد معرفة مايجري حوله وشعرها الأسود هادئ فوق خديها
” الآن فقط اعترف لنفسي أني احببت هذه الإنسية بل عشقتها ياله من وجه جميل ياإلهي ماأجملها أخال روحي تخرج من هذا الجسد وتركض إليها الحمد*** لم تمت كم تمنيت لو كنا في زمان ومكان غير مانحن فيه إنها الحر..”
وإذا بسيف جلجامش يهوي فوق رأس طنطل الذي انتبه في اللحظة الأخيرة وابتعد ولكن أصيبت أرنبة أنفه وسال الدم منها
ابتعد طنطل مجددا واضعا يده على انفه ينظر تارة لعشتار وتارة لجلجامش
عيقم بقلق: ماذا يجري ياسامد ماذا دهاه إنه يبدو مشتتا
سامد: لقد انقلبت موازين المعركة لصالح جلجامش
أصبح طنطل يدافع فقط ولايهاجم وهو يتراجع للخلف
عيقم بغضب: إنه ينظر لعشتار
سامد: أين؟؟
عيقم: ألاتراه ينظر تارة لجلجامش وتارة ينظر لمؤخرة جيشهم إنها هناك
ياله من غبي
سامد: الوضع خطير جدا يامولاي يعجز عقلي عن التفكير في حل
عيقم: اعطني الرمح الأسود
سامد: لكن يامولاي..
عيقم بغضب: قلت اعطني الرمح الأسود
لم يرى سامد مولاه غاضبًا لهذا الحد من قبل والشرار يتطاير من عينيه فأعطاه الرمح وهو يرتجف
تناول عيقم رمحه الأسود وطار عاليا جدا وصرخ في السماء صرخة سمعها كل من كان على أرض المعركة: أتضحي بملكك من أجل إنسية أيها الأحمق خذذذذذذ اعشقها الآن
رمى عيقم بالرمح الأسود كان هذا الرمح يسمى أيضا بعين الظلام واكمن سر قوته أنه حين ينطلق يحجب ضوء الشمس في ظلام دامس لكي لايراه العدو ولو كانت في عز الظهيرة لم يرمى هذا السهم من قبل إلا وقتل
عم الظلام الدامس في أرض المعركة
ظن جلجامش أن عيقم كان يحدثه وبسرعة ضرب الأرض بسيفه فتكونت عليه كرة رعدية تحميه من هذا الرمح
لكن طنطل فطن أن المقصود ليس جلجامش بهذه الكلمات علاوة على ذلك فطن أن الرمح متجه لعشتار لامحالة
طار عقله وكاد أن تطير روحه أيضا فانطلق بسرعة البرق تجاه عشتار كان الظلام الدامس مخيما ولم يكن باستطاعة أحد رؤية أي شيء
إلى أن انغرس الرمح وانقشع الظلمة شيئا فشيئا كشروق الشمس
صرخ سامد: ياإلهي
كان الرمح مغروسا في صدر طنطل وهو ملقا تحت رجلي عشتار
كأن عيقم أصيب بشلل من هول ما رأى واخذ ينظر يداه وهي ترتجف
خاف ياحين من طنطل أن يفعل شيئا بعشتار فأخذ يزحف تجاهه بسيفه
طنطل: عشتار إنه أنا طنطل.. سامحيني.. أرجوك.. ضحيت بالملك وحياتي أيضا لحمايتك ولتمني علي بنظرة من عينيك حتى أموت بسلام أرجوك
انتبه جلجامش لما يحدث من وراءه فطار مسرعة تجاه عشتار
نزعت عشتار العصبة التي كانت مطوقةً عينيها تنظر بحزن لهذا الجني المسكين وسالت دمعة من عينيها
اقتربت يد طنطل من وجهها
ولكنها أشاحت خوفًا
طنطل: لاتخافي أرجوك
وضع طنطل يده على خدها ومسح تلك الدمعة: أنت جميلة جدا ياعشتار
فكت عشتار قربة الماء من خصرها: خذ اشرب قليلًا من الماء
لكنه ابتسم وفاضت روحه
وصل جلجامش يريد طعن طنطل لكن عشتار أشارت له بالنفي
عشتار: لقد م١ت
جلجامش: هل أنتي بخير
عشتار: لا أعلم
واخذت العصبة تريد ربطها مرة أخرى وقبل أن تربطها التقت عيناها بعينا ياحين
فانتفض هو الآخر وربطت هي عينيها
لم يبصر ياحين طول حياته أجمل من هذه الفتاة وعينيها الؤلؤيتين فبكا يرتجف مكانه حسرة وندمًا محدثا نفسه” ماذا تفكر ياياحين أتخون صديقك وأميرك وهو في أمس الحاجة لك لقد اقترفت ذنبا عظيم”
واخذت نار اللوعة تكوي قلبه
أحس جيش طنطل بالهزيمة بعد مoت قائدهم برمح أبيه الذي كان يرتجف من هول الصد@مة
صرخ سامد: مولاي أما الآن وإلا فلا
لكن عيقم ظل مسمرًا عيناه في يديه
أخذ سامد يهز عيقم قائلًا: لاتضيع موته لقد م١ت وانتهى الأمر
وقام سامد بسحب عيقم وتبعهما جميع الحاشية الملكية وكبراء قومهم من الجن
كان هجومهم له هيبة عظيمة كانقضاض قطيع من الذئاب على نعاج جريحة
بسرعةٍ استعاد جيش عيقم حماستهم حين رأو ملكهم يهجم بجميع وزراءه أما جواسيس مملكة جلجامش فقاموا برمي أسلحتهم إذ كانت تلك هي الإشارة المرتقبة حتى ظن بقية جيش جلجامش أنهم هزموا فرموا بأسلحتهم أيضًا علاوة على ذلك فقد كثر فيهم القتلى والجرحى وسيطر جيش عيقم على كل شيء
انتهت المعركة
وصل عيقم ومن معه لجلجامش وحاشيته
قام عيقم بحضن ابنه ثم انتزع منه الخاتم والرمح وأمر أثنان من الجن لأخذه وتحنيطه
سامد: إن تستسلموا تسلموا هذه فرصتكم الأخيرة
بادر أزمل بسرعة ودهاء: نستسلم بشرط
وكأنه كان مجهزًا جملته سلفًا
سامد: ماشرطكم
أزمل: أن لاتقتلوا أميرنا
نظر جلجامش لأزمل بغضب وأخذ يجول ببصره بين حاشيته الذين بدا عليهم الخضوع والاستسلام وارتضاء هذا الشرط مخافة المoت
أخيرًا نطق عيقم: لك هذا ولكن عليه أن يسلم سيفه ويسجن في بطن السلحفاه هو وهذه الإنسية أربعين يوما ماتقول ياجلجامش؟؟
عم الضجيج في جيش جلجامش
“استسلم ياجلجامش”
“انتهت الحرب ولاطاقة لنا بأخرى”
“أربعون يومًا فقط”
“احقن دمائنا”
أحس جلجامش بالهزيمة وخيبة أمل في قومه الذين استسلموا لهذا الملك الجائر لكنه أسر في نفسه أنهم سيندمون حين لاينفع الندم
جلجامش: ومامصير ابنتاي
عيقم: نرسلهم لقلعة الجنيات السبع شأنهم شأن جميع ضحيا الحروب من أشراف الجن يظلون تحت حمايتهم ورعايتهم حتى تخرج
أخذ جلجامش يفكر محتارًا وكأن لديه خيار آخر
سامد: هيا ياجلجامش سلم سيفك فعرض مولاي سخي جدًا إذ قبل على إبقائك حيا أنت وزوجك
أخيرًا سلم جلجامش سيفه وكاد أن تخرج روحه معه إذ كيف يقاوم وهو محاصر من جميع الجهات قوم عيقم وقومه ايضًا
أخذ عيقم السيف ورفعه للسماء وتعالت صرخات جيشه مهلهلةً بالنصر
عيقم: من الآن فقدت شرعيتك كأمير وسيتم تنصيبي ملكًا على قبيلتكم بعد ثلاثة أيام كما جرت العادات والتقاليد، سامد
سامد: أمرك مولاي
عيقم: صفدوا جلجامش وعشتار بالسلاسل والشباك واذهب به مع ثلاثة آلاف جني لجزيرة السلاحف واسجنهم في بطن سلحفاة أربعون يوما وأيضًا ارسل من يذهب بابنتي جلجامش لقلعة الجنيات السبع، أين القعقاع
قام سامد بتنفيذ أومر عيقم واقتاد جلجامش وعشتار بعد أن قام بتصفيدهم حولهم ثلاثة آ لاف جني
قدم القعقاع مسرعًا يلبي أمر ملكه
القعقاع: أمرك مولاي
نظر عيقم للقعقاع بحزن وقال: أتعلم أن طنطل قد م١ت وأنت ابن عمه الوحيد المتبقي على قيد الحياة ولاولد لي
القعقاع: أعلم يامولاي
عيقم: أتعلم أنك ولي عهدي الآن وقائد جيشي هل أنت مستعد لتحمل هذه المسؤلية
كاد وجه القعقاع يتشقق من الفرحة ولكنه تمالك نفسه: أنا تحت تصرفك يامولاي وروحي فداء لك
عيقم: حسنًا اذهب وافتك بكل من تبقى من حلفاء جلجامش المخلصين الذين قد يشكلون خطرًا عينا بحجة أنهم كانوا جواسيسًا
القعقاع: أمرك مولاي
بسرعة ذهب القعقاع وأمر جنوده بجمع ماتبقى من حلفاء جلجامش المخلصين وأولهم ياحين
رجع إليه جني قائلا: أيها القعقاع بحثنا عن ياحين ولم نجده
القعقاع: لايمكنه الهرب والسم يسري في جسده ابحثوا عنه جيدا إنه ليس ببعيد أريد أن انظر في عينيه واخنقه بيدي قبل أن يقتله السم أريد أنتقم
منه
بحث جميع الجن عن ياحين لكنهم لم يجدوه إلى أن استسلم القعقاع لثقته أن ياحين ميت من ذلك السم لامحالة لكن مالم يعلمه القعقاع أن ياحين زحف دون أن ينتبه له أحد واختبأ في جوف الاخطبوط الذي قتله جلجامش واخذ السم يخرج من جسده شيئا فشيئًا بفضل مضاد السم الموجود في دم الاخطبوط وظل مختبئًا مخافة أن يقضب عليه وهو يراقب مايحدث حوله من أول خي،ـانة للعهد الذي قطعه عيقم على جلجامش بعد تسليم سيفه وهو يفكر في حل لهذه المصيبة
أخيرًا جمع أعوان جلجامش ماعدا ياحين واقتيدوا جميعا للسجن في قلعة عيقم حتى يقتلوا بعد ثلاثة أيام عند تتويج عيقم ملكًا على قبيلتهم
الجزء الثامن
كان مايشغل بال عشتار وهي مكبلة ومعصوبة العينين هو ابنتاها مامصيرهما أما جلجامش فقد كان محطمًا تمامًا لقد خسر سيفه أقوى سيفٍ في أرض الجن الذي كان فخر قبيلته وأسلافه خسر ملكه وقبيلته واصبحوا تحت حكم ملك جائر سيستعبدهم ويستغل ثرواتهم أيما استغلال
وصلوا جميعًا لسلحفاة كبيرة كان يحيط بها عدد من الجن قاموا بربط رقبتها بسلسلة كبيرة وشدها للأعلى حتى لاتستطيع دخول قوقعتها ثم أمر سامد بحل وثاق كل من جلجامش وعشتار وادخالهما لقوقعة السلحفاة
امسك جلجامش بيد عشتار ودخلا لقوقعة السلحفاة ثم أمر سامد بفك السلسلة المحيطة برقبة السلحفاة فماكان منها إلا دخلت داخل قوقعتها مغلقةً هذا السجن الغريب وباتت في سبات عميق
سامد: أخيرًا ارتاح قلبي هيا بنا نعود لديارنا
رحل سامد والجن الذين كانوا معه
كانت عشتار ماتزال ممسكةً بيد جلجامش بقوة
جلجامش بحزن: عشتار تستطيعين نزع عصبة عينيك فلاحاجة لها الآن لايوجد أحدٌ هنا
كانت هذه أول كلمات تسمعها عشتار من جلجامش بعد المعركة كانت تتوقع منه طمأنتها على ابنتيها أو سؤاله عن احوالها على الأقل
لكنه قال هذه الكلمات وعاد في صمته الكئيب مرةً أخرى
اغرورقت عينا عشتار بالدموع ما إن نزعت تلك العصبة لتفاجئ بظلامٍ دامس لم يكن باستطاعتها حتى رؤية يدها
كان المكان مظلمًا جدًا وضيق وحار والرطبة تكاد تكون قاتلة أحست بصعوبة في التنفس وكأنها داخل قبر ثم اخذت تجهش بالبكاء مع سرعة في وتيرة التنفس أملًا أن يواسيها حبيبها أو يحتضنها على الأقل لكن كان حال جلجامش أسوأ من حالها
أخيرًا هدأ روعها بعد ان قطعت الرجاء من مواساة حبيبها لها ثم امسكت كلتا يداه
عشتار: هل ستكون ابنتاي بخير
جلجامش: لاتخافي عليهما إنهما في مكانٍ آمن
عشتار: ماذا عنا نحن الاثنان هل سنظل أربعين يومًا هكذا أكاد اختنق وانا دخلت للتو كيف ساصبر أربعين يوم لا استطيع التحمل لا استطيع
لم يجب جلجامش على سؤالها لكنها أحست أنه يبكي
لأول مرة يبكي زوجها أمامها حاولت وضع يدها على عينه لكنه أشاح بوجهه عنها فاحتضنته قائلةً: مادمت معي ياحبيبي سنتغلب على هذا السجن معًا ونخرج ونقاتل عيقم ونستعيد ملكك لابد من وجود مخرج ما
وضع جلجامش يده فوق رأسه ومسح على جبينها قائلًا: أربعون يومًا خارج قوقعة السلحفاة تعني أربعون سنةً داخلها
أصيبت عشتار بانهيار جراء ماسمعت وكأن عقلها رفض ان يسمع جملة جلجامش الأخيرة
عشتار: ماذا.. ماذا تقول
جلجامش: حين يقترف أحدٌ من الجن جرمًا يقتضي سجنه يسجن داخل قوقعة السلحفاة التي تدخل في سبات عميق مإن يدخل أحد قوقعتها
وداخل قوقعة السلحفاة يسير الزمن ببطء شديد فكل يومٍ يمر خارج القوقعة يعادل سنةً داخلها
صرخت عشتار باكية: أسنظل أربعين سنةً في هذا القبر المظلم أهذا ماتحاول قوله
صمت جلجامش واكتفا بحضنها فما كان منها إلا أن سقطت أرضًا تبكي هول مصيبتها
جلس جلجامش بجانبها وهي تمسح صدرها بيدها باكية وتتنفس بسرعة
عشتار: سأموت ساختنق لا استطيع التنفس لااستطيع المكوث هنا أربعين سنة افعل شيئًا أرجوك أرجوك ياحبيبي أرجوك
احتضنها وهي تضرب بيدها على صدره باكية
اخذت تبكي وتبكي وهي تتنفس بسرعة تكاد تختنق حتى خاف عليها جلجامش من ان تموت فعلًا
امسك جلجامش بعشتار من كتفيها وهزها صارخًا: حبيبتي هدأي من روعك اخاف ان تختنقين من بكائك الدموع لن تحل شيئًا الآن عليك بالصبر
عشتار: كيف سأصبر أربعون سنةً افعل شيئًا ارجوك انت قوي جدًا وتستطيع ضرب هذه السحفاة وقتلها كما فعلت بذلك الاخطبوط ارجوك ياحبيبي حاول اثق بك
جلجامش: لاسبيل للخروج منذ الأزل سُجنت عفاريت ومردة من أقوى الجن لم يستطيعوا الخروج من قوقعة السلحفاة فمحاولة ضربها من الداخل مستحيلة
هدأت عشتار وكأنها اخذت تتأقلم وتتكيف قليلًا: ماذا لو حاول أحدٌ أخراج رأسها من الخارج هل هذا مستحيل أيضًا
جلجامش: اخراجها من الخارج سهل جدًا لكن المشكلة تكمن في أن هذه الجزيرة مليئة بآلاف السلاحف النائمة حتى وإن كان أحدٌ باستطاعته مساعدتنا لن يكون بإمكانه التعرف على السلحفاة التي نحن بداخلها فالسلاحف جميعها تتشابه علاوة على ذلك حين يوضع أحد داخل سلحفاة يتم بعثرة السلاحف جميعًا حتى سامد وجنده لايستطيعون معرفة أي سلحفاة نوجد فيها الآن
عشتار بيأس: إذن لن نخرج من هنا لماذا سجن الجن هكذا؟
جلجامش: أربعون سنةً هي لاشيء مقارنةً بأعمار الجن التي تصل لمئات السنين ليس كبني البشر
عشتار بحسرة وهي تضرب على رأسها: وهذه هي المصيبة سأشيخ في ظلام
زهرة شبابي سأقضيها في قبر إن هذا لظلم شديد
وضعت عشتار رأسها على صدر جلجامش وهي تبكي بصمت
جلجامش: سامحيني ياحبيبتي أنا السبب
فجأة سمعت صوت رفرفرة مألوف
نظرت للأعلى وصرخت بفرح: كابوووووووس
كان الظلام حالكًا لكن لسبب ما استطاعت رؤية صديقها الواطواط كابوس الذي كان يحلق فوق رأسها
جلجامش: آه عدنا لكابوسك هذا ماكان ينقصنا
عشتار: حبيبي لقد أخبرتك من قبل أنك لاتستطيع رؤيته لقد كان هو من أفاقك حين سقطت من الجسر وكان له الفضل في إنقاذ حياتي
لم يشأ جلجامش أن يجادلها فإن كان هذيانها بهذا الكابوس سيؤنسها لاضير منه
عشتار: أين ذهبت ياكابوس وتركت صديقتك
كابوس: حين التم شملك بعائلتك عم الفرح والسرور في قلبك فذهبت أبحث الحزن في مكان آخر لكن الآن حين عاد لك حزنك عدت معه
عشتار: لقد جئت في وقتك ياصديقي نحتاج مساعدتك
كابوس: إن كان هنالك حزنٌ في المساعدة لامشكلة
عشتار: أنت تعلم انني مسجونةٌ في قوقعة هذه السلحفاة ولا استطيع أن أخرج إلا إن استفاقت هل تستطيع افزاعها بكابوسٍ ما
كابوس: امممم لا أعلم فاختلاف وتيرة الزمن داخل القوقعة وخارجها قد يؤثر على قدراتي
عشتار: أليس المكان والزمان يعلقان في الأحلام ويصبحان عاطلان عن العمل
كابوس: لاضير من المحاولة لكن هنالك مشكلتان
عشتار: ماهما؟
كابوس: المشكلة الأولى أن هذه سلحفاة وليست جني
عشتار: حاول ياصديقي قد تنجح لن تخسر شيئًا أنت أملي الوحيد
كابوس: لاتقلقي سأحاول لكن المشكلة الثانية هي المعضلة
عشتار: وماهي؟
كابوس: حين تخاف السلحفاة فإنها تختبئ في قوقعتها وسلحفاتكم مختبئةٌ سلفًا ونهاية الحلم هي مايحدد بدايته
عشتار: ماذا تقصد
كابوس: أعني ماهو الحلم المفزع الذي استطيع بثه في مخيلة السلحفاة من شأنه أن يجعلها تخرج من قوقعتها بدل أن تختبئ فيها
أحست عشتار بالحيرة
عشتار: جلجامش ماهو الشيء الذي يخيف السلحفاة ويجعلها تخرج من قوقعتها بدل أن تختبئ فيها
جلجامش: لماذا هذا السؤال
عشتار: فقط فكر صديقي كابوس سيساعدنا لنهرب من هذا السجن
جلجامش: حبيبتي إنك كمن يبني قصرًا في الرمال لاوجود لهذا الوطواط إنه من وحي مخيلتك والديل على ذلك أنه يظهر حين تحسين بالحزن والخوف فتهذين به إنه كابوسك وليس كابوس جن
عشتار: أرجوك ياحبيبي ثق بي سأخرجك من هنا
جلجامش: آه لا أدري ما أقول يبدو أنه لافائدة من محاولة إقناعك.. حسنًا فقط لأثبت لك أنه لاوجود لهذا الكابوس لنفرض أن السلحفاة حلمت أنها فوق حافة جبل وأن هذه الحافة توشك على الانهيار لابد لها من أن تخرج من قوقعتها لتهرب لمكانٍ آمن
عشتار بفرح: صحيح إنها فكرةٌ ممتازة مارأيك ياكابوس
كابوس: سأحاول انتظري
ذهب كابوس وساد الهدوء من جديد لكن بأمل وليس بحزن
انتظرت عشتار كثيرًا ولكن دون جدوى
جلجامش:حبيبتي هل اقتنعتي الآن أضغاث أحلام أو غير ذلك لاتقلقي ياحبيبتي أنا معك ولن أتركك أبدًا حتى إن شختي هنا لن يكون باستطاعتي رؤيتك فالظلام حالك جدا
عشتار: لن أشيخ هنا انتظر وسترى
مضا وقت طويل ولم يحدث أي شيء
كادت عشتار أن تشك في عقلها ولكن فجأةً حدثت هزة في أرجاء المكان وفتح ذلك السجن
نهض جلجامش مذهولًا
عشتار بفرح عظيم: هيا لنخرج بسرعة هيا ألم أقل لك سأخرجك من هنا
خرج الاثنان أخيرًا من السلحفاة ووقفا أمامها
اخذت عشتار نفسًا عميقًا تستنشق الهواء المنعش البارد
عشتار: آااااه ماأجمل الحياة ألم أقل لك سأخرجك هل صدقت بوجود كابوس الآن
لكن صوتًا من خلفها فاجأها
“أمسكت بك”
“لقد اكتمل القمر”
أدارت عشتار وجهها لتنظر من كان ممسكًا بها وكانت المفاجأة
السعلاة..
قالت عشتار في نفسها ” لقد نسيت أن القمر قد اكتمل الليلة لهذا كان مد البحر عاليا جدا حين وصلنا للجزيرة”
بسرعة وقف جلجامش بين السعلاة وعشتار
جلجامش: ماذا تريدين أيتها السعلاة
السعلاة: بيني وبين هذه الإنسية عهد وقد حان آوانه فقد اكتمل القمر الليلة هل كنت تعتقدين إن بإمكانك الاختباء عني ههه من يشرب مائي استطيع تحديد موقعه ولو كان تحت سابع أرض
عشتار: وكيف ذلك!
السعلاة: أطراف شعري تصبح كجذور الشجر وتقتفي أثر مائي الذي يسري في جسمك فأجدك أينما كنتي لهذا بحثت عنك في عالم الإنس لم أجدك فعدت لعالم الجن استشعر مائي ومن حسن حظي ان القربة ماتزال بحوزتك مما أتاح لي العثور عليك بسرعة كبيرة
لم تكن تعلم السعلاة أن هذا كان من حسن حظ عشتار وجلجامش لاحظها هي بادرها جلجامش: وكيف استطعتي اخراج السلحفاة من قوقعتها
السعلاة: كان ذلك سهلا جدًا وضعت أمامها عدوها اللدود وطعامها المفضل قنديل البحر أتيت به من بحر القناديل وركبت فوق قوقعتها واخذت أطرق قليلًا وانتظر قليلًا بشكل متكرر حتى استفاقت فشمت رائحته واخرجت رأسها لتقتله وتأكله فربطتها بحبل وربطت الحبل في ذيلها
جلجامش: أتدرين أنك اقترفتي أمرًا محظورًا بإيقاظ هذه السلحفاة
السعلاة: لايهمني قلت لك بيني وبين هذه الإنسية عهد أن لايتدخل بيننا لإنسٌ ولاجان
أحست عشتار بالقلق فقد بدا على السعلاة أنها تتكلم بثقةٍ كبيرة ممايدل على استعدادها لمواجهة جلجامش وما أقلقها أكثر أن زوجها يتعامل مع السعلاة بحذر إذ أنه لايملك سيفه ولاشك أنه يخاف عليها فكل مرة يدخل في معركةٍ وهي بجانبه يستغل العدو نقطة ضعفه
صرخت السعلاة: أين زوجك
أراد جلجامش أن يتكلم لكن عشتار قاطعته بسرعة: إنه داخل السلحفاة
نظر جلجامش لعشتار مستغربًا مما أثار ريبة
السعلاة
عشتار: جلجامش اذهب للمدخل واصرخ بأعلى صوتك “يازوج عشتار”
فطن جلجامش أن عشتار لديها خطةٌ ما فذهب لمدخل قوقعة السلحفاة وصرخ: يازوج عشتار
فارتد عليه صدى صوته ” عشتار عشتار عشتار”
صرخ مرةً أخرى: يازوج عشتار
وأيضًا ارتد عليه صدى صوته ” عشتار عشتار”
قالت عشتار بغضب: ياله من زوج جبان لايريد الخروج من قوقعة السلحفاة جلجامش يناديه وهو يناديني ياله من زوج عنيد
السعلاة بغضب: هيا اخرجي زوجك لقد تأخرنا لاتراوغي
عشتار: لقد حاولنا معه مرارًا ولكنه خائف من الخروج ربما لو دخلتي له وقمتي بإخافته سيخرج هاربًا
السعلاة بحذر: حسنًا سأدخل لأخيفه ولكن حذارٍ ان هربتي سأقت@لك هذه المرة
عشتار: لاجدوى من الهرب ستستطيعين تحديد مكاني بسهولةٍ وسرعة
أحست السعلاة بالاطمئنان وقالت: حسنًا انتظري هنا
دخلت السعلاة لقوقعة السلحفاة أخيرًا
صرخت عشتار: جلجامش بسرعة اقطع الحبل الذي يطوق رقبة السلحفاة
قفز جلجامش بسرعةٍ رهيبة فوق السلحفاة وقطع الحبل
بدأت السلحفاة تدخل قوقعتها بسرعة
صرخت السعلاة من الداخل: لااااا.. لا لقد خدعتني أيتها الماكرة سأنتقم منكِ
واختبأت السلحفاة في قوقعتها مغلقةً على السعلاة
نظرت عشتار للسلحفاة بنشوة نصر وبرودة أعصاب وقالت: أراك بعد أربعين سنة ياعجوز النحس
جلجامش: بل أربعون يوما فهي ستمكث أربعون سنةً بالداخل تعادل أربعون يوما بالخارج عليك أن تحذري حين تخرج إن ظفرت بك ستخنقك حتى المoت
عشتار: لايهم سأكون بانتظارها وسأتغلب عليها دومًا وستحميني منها ياحبيبي
جلجامش:لن تستطيع لمس شعرة من رأسك ياحلوتي لاتخافي لكن لم أكن أعلم أنك ماكرة لهذه الدرجة
ضحكت عشتار: هذا جزاء من يفكر مشاركتي زوجي
ماذا سنفعل الآن هل نذهب لنطمئن على ابنتانا
جلجامش: لا فهم بمأمن لاشك ولانستطيع أن نذهب هناك حتى لايكتشف أحد أننا هربنا من السجن
عشتار: إذن أين سنذهب
جلجامش: سنذهب للجبل الأزرق هنالك مغارة سرية كنت قد أعددتها أنا ورجالي المخلصين لمثل هذه الحالات الطارئة من تمكن من الهرب ستجدينه هناك كم امتنى أن يكون ياحين نجا بحياته واستطاع الوصول إليها
عشتار: حسنا طر بي ياحبيبي بسرعة أريد أن يداعب نسيم الرياح البارد وجنتاي ورقبتي أريد أن يتخلل شعري هواء منعش بعد الاختناق الذي عشته داخل تلك السلحفاة
جلجامش: سيكون من الخطر أن نطير في الجو يجب أن تعلمي أننا في خطر شديد إن علم أحد بهروبي سيضع عيقم جائزة كبيرة على رأسي لاشك، ناهيك عن أعدائي من هنا وهناك علاوة على ذلك لاأملك سيفي لذلك من الحكمة أن نتخفى حتى نصل للمغارة ونتشاور مع أعواني ماهي الخطوة التالية
عشتار: وماذا تنوي أن تفعل أقصد ماهي خطتك
جلجامش: يجب أن استعيد ملكي قبل تتويج عيقم ملكًا على قبيلتي واخسرها للأبد
تلثم كل من عشتار وجلجامش بملابسهما وهما بالابتعاد عن السلحفاة لكن عشتار عادت وقامت بفك كيس جلدي كان يطوق قربة الماء التي بحوزتها وضعت فيه قنديل البحر التي كانت السعلاة احضرته للسلحفاة وربطت الكيس في خصرها واخذت الحبل أيضًا
جلجامش: ماذا ستفعلين بهذه القنديل والحبل!
الجزء التاسع
عشتار: لا أدري ولكني تعلمت أن كل شيء له فائدة في أرض الجن
قالت هذه الكلمات وهي تهز قربة الماء فضحك جلجامش ومشا الاثنان إلى أن وصلا لشاطئ البحر وهناك وجدت جسرًا طوله خمسة أمتارتقريبًا مربوطٌ به قاربان أزرق وأخضر ورجل عجوز يصطاد السمك
همست عشتار: إنه الشق كيف جاء إلى هنا
جلجامش: مايميز الشق أن باستطاعته التواجد في عدة أماكن بنفس الوقت
اقتربت عشتار من الشق الذي كان سارحًا في البحر
قالت عشتار بتحاذق: أشم رائحة شق
ضحك الشق بصمت وقال دون أن يلتفت: ههه وأنا اشم رائحة قنديل بحر لايتواجد قناديل هنا
عشتار: أمازلت تحاول الصيد
الشق: وأما زلت على قيد الحياة إيتها الصغيرة
جلجامش: نقصد الضفة يا شق
الشق: اختر لك قاربًا ولكن بحذر
جلجامش: ماذا تريد ثمنًا لهذا القارب الأزرق
الشق: اممم ماذا تريد ثمنًا لهذا القارب الأزرق
عشتار: مارأيك في هذا القنديل يوفرعليك عناء الصيد
الشق: الصبر هو مايميز صيد البحر فأنا اصطاد لتعلم الصبر لا كي آكل
قامت عشتار بعرض الحبل عليه وقربة الماء أيضًا لكنه لم يوافق
عشتار: غريب في المرة الماضية أعرتني قاربًا مقابل لعقة عسل والآن لاشيء يعجبك
الشق: لعقة العسل كانت كل ماتملكين في المرة الماضية لهذا قبلت بها عليك أن تفهمي ذلك فأنا لم أجلس انتظر هنا بقواربي لاقايضهم بهذه الاشياء التافهة
كان يطوق خصر جلجامش حزام جلدي مرصع بأحجار كريمة
نزع جلجامش الحزام قائلًا: مارأيك بهذا الحزام
الشق: هذا مايسمى مقايضة حظا موفقًا
صعدت عشتار القارب وأخذ جلجامش يدفعه بعيدًا عن الشاطئ
عشتار مودعةً الشق: لا أظن أننا بحاجة لثقب القارب هذه المرة
ضحك الشق وقال: هذه المرة تحتاجون حظًا كبير هه
أخذ جلجامش يجذف حتى اختفت الجزيرة عن أنظارهم
ثم فجأة ارتطم شيء بالقارب كاد أن يقلبه
صرخت عشتار: إنه الدلهاب
جلجامش: هدئي من روعك إن هذا شيء طبيعي أعطني القنديل والحبل
توسطت عشتار القارب واعطت زوجها الكيس الجلدي الذي يحتوي القنديل والحبل
ذهب جلجامش لحافة القارب ينظر داخل الماء
فجأةً قفز عليه دلهاب من الماء يريد عضه لكن جلجامش أمسكه من رقبت بسرعة وادخل رأس الدلهاب داخل الكيس وربطه فسال القنديل كالهلام على وجه الدلهاب الذي أخذ يعفر من حرارة الهلام اللاسع ثم قام جلجامش بربط الحبال بيدي الدلهاب حتى كبلهما وغدا الحبل كأنه سرج والقى بالدلهاب في البحر مرةً أخرى
أخذ الدلهاب يسبح برجليه بسرعة يظن أنه يهرب من حرارة هلام قنديل البحر وكان جلجامش يوجهه بالحبل تارة ويرفعه للسطح تارة حتى أصبح القارب يسير سريعًا
جلجامش: صدقتي لقد استفدنا من هذا القنديل هه
عشتار: لقد تكرر كل ماررت به لكن الفرق أنني أحس بالأمان الآن.. أحبك
جلجامش: حبك يامعشوقتي هو أملي ثقي بي لن تمري بمثل ماررت به حين كان مغما علي سأحميك لاتخافي لكن اعلمي أنه عند اي شاطئ يوجد الشق وفي أي بحر يوجد الدلهاب هما شيء **** به
عشتار: هل بقي علينا الكثير حتى نصل للشاطئ
جلجامش: بمساعدة الدلهاب سنصل قريبا جدا
عشتار: مسكين هذا الدلهاب ماذا ستفعل به حين نصل للشاطئ
جلجامش: سأشنقه على جذع شجرة
عشتار: لا إنه مسكين دعه يعيش فقط إرمه في البحر بسلام فلن تجني من قتله شيئا
جلجامش: حسنا إنه يوم حظك يادلهاب فقد شفعت لك الأميرة
فجأة وكأن شيئا انقض على الدلهاب وقضمه بالعا إياه واختفى بسرعة
عشتار بهلع: ماكان ذلك
صمت جلجامش وكان ينظر داخل سطح البحر جيدًا
ثم بسرعة قبض على عشتار وقفز بها خارج القارب وخرج وحش بسرعة من البحر وقضم القارب وهشمه
كان ذلك هو فيل البحر رأسه رأس فيل له خرطوم طويل وجسمه جسم حية كبيرة وفكه كفك قرش كبير مرعب
غطس جلجامش داخل البحر ومعه عشتار الذي كان قلبها ينبض بسرعة رهيبة من شدة الفزع من هول منظر هذا الوحش وبشاعته
كان فيل البحر يبحث هنا وهناك وكان جلجامش ساكنًا جدًا إلى أن أشاح فيل البحر بوجه للجهة الأخرى يريد الابتعاد لكن لم يعد بإمكان عشتار أن تصمد أكثر من ذلك داخل ماء البحر فأخذت تحرك رأسها
انتبه لهما فيل البحر وانقض تجاههما بسرعة فاتحًا فمه الكبير
كاد فيل البحر أن ينهشهما لكن جلجامش وضع قدميه على فكي فيل البحر بقوة وفيل البحر يدفعهما بقوة وسرعة وفمه يسحب كل شيء
انفلتت عشتار من جلجامش وكادت أن تدخل فم الفيل لكن جلجامش في اللحظة الأخيرة استطاع الامساك بها واخرجها من داخل فم الفيل الذي لم يكن باستطاعته اغلاق فمه نظرا لأن جلجامش يضغط على فكي الفيل بكلتا رجليه
وضع جلجامش عشتار على رقبته مرة أخرى كان فيل البحر قد وصل لسطح الماء وقفز بهما في الجو عاليا جدا لدرجة أن عشتار استطاعت التنفس وهي معلقة برقبة جلجامش الذي بدوره واضعا قدميه على فكي هذا الوحش وهم معلقون في الهواء وضوء القمر منعكس عليهم ثم بسرعة وهم معلقون في الهواء أدار جلجامش عشتار وراء ظهره وأخذ يوجه عدة لكمات قوية لوجه الفيل خوفا أن ينقلب بهم ويغطس عليهم مرة أخرى
كانت لكمات جلجامش جدا قوية لدرجة أن عشتار كانت تهتز وكأنها ***
أخيرا وجه الفيل ضربة بخرطومه لجلجامش قذفت به بعيدا هو وعشتار
سقط جلجامش وعشتار في البحر مرة أخرى وبسرعة صعد جلجامش للسطح ووضع عشتار على ماتبقى من القارب المهشم
جلجامش: انتظري هنا
وغطس مرةً أخرى
كانت عشتار ترتجف من الخوف والبرد والفزع وتحتها في الاعماق كانت تحس بتخبطات ولكمات قوية والموج من شدة المعركة داخل البحر كان شديدا يأرجح القارب في كل الاتجاهات
عشتار: يا إلهي احرسنا يا إلهي ارجع زوجي سالما
إلى أن هدأ الموج أخيرًا وسكن كل شيء أخذت عشتار تترقب وتنظر ماذا حدث
وكانت المفاجأة أن طفا ذلك الوحش ميتًا نظرت إليه جيدا بخوف كان رأسه مشدود للخلف وفمه مفتوح بشكل مخيف وخرطومه مربوط حول عنقه
لقد خنقه بخرطومه
خرج جلجامش من داخل البحر بهيبة وغضب يلتقط أنفاسه
احتضنت عشتار جلجامش وهي تبكي بفرح قائلة: إنك قوي جدًا
بعد تغلب جلجامش على فيل البحر ووصولهم لليابسة اخذوا يشدون الخطا إلى ان وصلوا للجبل الازرق آملًا بأن يجد في المغارة السرية أحدًا من أعوانه
كان جلجامش حاملًا عشتار ويتسلق الجبل برشاقة وبكل سهولة وكلما ارتفع زادت البرودة مع اقتراب بزوغ الفجر
إلى أن وصل لمنتصف الجبل ووقف مكانه لايتحرك وسط جحور كثيرة
كان هنالك جمجمة جدي كبير بقرون كبيرة ملتصقة بصخور الجبل
وكان نسيم الرياح باردًا وقويًا
نظرت عشتار للأسفل وأحست أنها ستطير
جرح جلجامش ابهامه بحافة قرن الجدي اليمنى وسال دمٌ قليل على ذلك القرن إلى أن وصل لعين الجدي ودخلها
ماهي إلا لحظات وإذا برأس الجدي أخذ يدور ببطء كعقرب ساعة
دار نصف دورة وتوقف
نظر جلجامش للقرن الذي جرح به اصبعه كان يشير لجحر قريب
ذهب جلجامش تجاه ذلك الجحر ودخله
كانت تلك هي مغارتهم المنشودة
أخيرًا أنزل عشتار على الأرض وأخذ الاثنان يمشيان في دهليزٍ مظلم
عشتار وهي ممسكةٌ بيد جلجامش: هل تظن أنه يوجد أحدٌ هنا
جلجامش: اتمنى ذلك
وصل الاثنان للمغارة أخيرًا التي كانت للأسف خاوية
عشتار: ماذا سنفعل الآن
أخذ جلجامش يجول بنظره في أرجاء المكان وإذا بحجرةٍ صغيرة قد سقطت من الأعلى تبعها جني رهيب شاهرًا سيفه يهوي به على جلجامش
دفع جلجامش عشتار بيده للخلف وقفز هو لجهةٍ أخرى متفاديًا ذلك الهجوم المفاجئ
سقطت عشتار أرضًا وهي تصرخ: ياحيييين
نهض ياحين برشاقة
واتجه بسرعة نحو جلجامش يريد ضربه بالسيف ولكن جلجامش اخذ يدور حول ياحين
إلى أن توقف ياحين ورمى بسيفه محتضنًا جلجامش: حمدًا *** على سلامتكم يامولاي كيف تمكنتم من الهرب
جلجامش: تلك قصة طويلة ياصديقي كيف حال قومي
قاطعتهم عشتار: هل يخبرني أحدٌ ماقد حدث توًا
ياحين: كان لابد لي أن أتأكد من أنه جلجامش فعلًا وليس جنيًا آخر متشكلًا بهيئته
وحين أخذ جلجامش يدور حولي من الجهة اليمنى عرفت أنه هو
عشتار باستغراب: كيف ذلك
جلجامش: أصيب ياحين في معركة سابقة بضربةٍ في عينه اليمنى وفقد بصره منها وكنت أنا الوحيد الذي يعلم بأنه يبصر من عينه اليسرى فقط وكنت أدور حوله من جهة اليمين لأقترب منه وانتزع سيفه لكنه عرفني أيضًا
أحست عشتار بالطمأنينة بعد أن أكد لها ياحين أن ابنتاها بخير في قلعة الجنيات السبع وجلس الجميع يقصون مامروا به على بعضهم
إلى أن قال ياحين: الوضع خطيرٌ جدًا يامولاي عيقم امر بسجن أعوانك المخلصين جميعهم حتى يقتلوا يوم تتويجه بحجة أنهم كانوا جواسيس
جلجامش بغضب: ياله من حقير
ياحين: ونزع أسلحة قبيلتنا كلها وقام بنقل كنز أجدادك لقصره
جلجامش: هذا ماكنت اتوقعه وماذا أيضًا
ياحين: فرض على جميع سكان القلعه بتسليم نصف املاكهم يوم تتويجه ومن يرفض سيقتل مع الجواسيس والخونة
عشتار بيأس: مالعمل الآن
جلجامش: أملنا الوحيد الآن أن أصل لعيقم يوم التتويج واتحداه أمام الملأ فقد جرت العادة حين يتم تتويج ملكٍ جديد أن يتحدى مملوكيه ليفرض سيطرته عليهم ويثبت لهم أنه الأقوى ليكون كفؤً بحكمهم وحين اتحداه لايحق لأحدٍ أن يتدخل في النزال سوانا
عشتار: لهذا قام بسلب أسلحتهم إذًا
جلجامش: حتى وإن كانت أسلحتهم بحوزتهم لن يجرأ أحدٌ بمجابهة قوة عيقم العظيمة لكنه حذرٌ جدًا
ياحين: عذرًا يامولاي لكن هذا انتحار فظيع فعيقم الآن يملك عين الظلام والسيف الصاعق معًا
أقوى سلاحين في أرض الجن كيف ستتغلب عليه وأنت أعزل لاتملك سلاحا
جلجامش: لاخيار لدي ياياحين لكني كنت افكر أن اذهب ليارخ فقد يكون باستطاعته مساعدتي
عشتار: من هو يارخ
أجاب ياحين وهو مطأطأ رأسه مخافة أن تلتقي عينه بعين عشتار: يارخ هو عفريت كبير وحداد يصنع الأسلحة السحرية للجن
قد توارث هذه الحرفة عن أجداده
لكن هل سيكون بمقدوره صنع سلاحٍ في وقتٍ قصير علاوة على ذلك هل سيكون بمقدوره صنع سلاح أقوى من السيف الصاعق وعين الظلام وهما مجتمعين لا أظن ذلك يامولاي
جلجامش: لا خيار أمامي سأجابه عيقم واتحداه حتى ولو كنت أعزلًا
عشتار: أليس السيف الصاعق هو سيفك أصلًا وحين تقترب منه يكون باستطاعتك جذبه إليك كما فعلت عند الجسر من قبل
جلجامش بحرقة: بعد أن سلمته لعيقم أصبح ملكه، هو من يستطيع جذبه الآن لا أنا، فعلت ذلك مضطرًا لحقن دماء قبيلتي لكن يبدو أن ذلك كان خطأً فادحًا
ياحين: لم يكن أمامك خيار فقد تخلا عنك الجيش والفضل يعود لأزمل
جلجامش: ياله من خائن لقد خطط لفعلته مسبقا أنا متأكد لقد رأيت ذلك في عينيه،الغبي يظن أن عيقم سيثق به ويعطيه منصبا مرموقا أو ملكا ذلك الخائن سأخنقه بيدي حين اقبض عليه لكن الآن علينا الذهاب ليارخ لنرى ماسيفعل
ياحين: هيا بنا لاوقت نضيعه
حمل جلجامش عشتار وقفز من المغارة هو وياحين وعشتار مغمضة عينيها إلى أن سقطا على أقدامهما التي لم تنحني من قوة ارتطامهم بالأرض لكن الأرض تحت أرجلهم اهتزت اهتزازًا عنيفًا وارتفعت شظايا الحجارة فوق رؤسهم
وصل جلجامش لنهر كان ينبع من الجبل الأزرق ورفس شجرة عملاقة أطاحها في النهر وصعد فوقها هو وياحين ومعهم عشتار
جلست عشتار مدليةً قدميها في ماء النهر البارد بسكون
فجأةً قفزة سمكة كبيرة من النهر فوقهم وعادت داخل الماء نظرت عشتار بتركيز ثم صرخت: إنها حورية البحر ماأجملها كنت أقرأ عنها في الروايات والقصص الأسطورية لكن كيف تعيش في النهر هل هذه حورية النهر
ضحك جلجامش وقال: لاوجود لشيء اسمه حورية بحر أو نهر إنها جنية النهر
عشتار بإستغراب: لكن كل تلك القصص!!
جلجامش: كم أنتم غريبون يابنو البشر حين ترون جني نصفه رجل ونصفه حمار تخافون منه لكن حين تكون امرأة نصفها سمكة تسمونهاحورية مع العلم أن من نصفه حمار لايقتل أحدًا بطبعه إلا إذا اضطر لذلك على عكس جنية النهر تغوي من يذهب للنهر وحده وتراوده عن نفسه مادة يدها له وما أن يمسك بيدها حتى تسحبه للأعماق وتغرقه خنقا
تعالت ضحكات في أرجاء المكان نظرت عشتار حولها لترى كثير من الجنيات يسبحن حول الشجره ويلعبن ويتضاحكن
عشتار: اعتقد أنها سميت حورية لأنها جميلة أما من نصفه حمار ونصفه رجل فهو بشع ومخيف
جلجامش: لابد لها أن تكون جميلة وفاتنة حتى يتسنى لها أن تفتن الرجال وتغرقهم في النهر لكن جمالها فقط فوق سطح الماء أما تحته فهي بشعة كالسعلاة لكن حتى وإن كانت جميلة جدا فجمالها لايرقى لجمالك ياحلوتي فأنت حورية إنسية
تورد خدا عشتار خجلا لم تعلم هل لأنها لم تسمع كلمات ناعمة من زوجها منذ فترة أم لوجود ياحين في مؤخرة الشجرة لكن لم تدري لم تذكرت ابنتاها فأخذت تبكي
عشتار: ترى ما حال ابنتاي الآن
جلجامش: لاتقلقي هما بحال أفضل من حالنا لاشك في قلعة الجنيات السبع لايستطيع أحد إيذائهما
عشتار: وماتكون هذه القلعة ومن هؤلاء الجنيات
جلجامش: منذ قديم الزمان حدثت حرب عظيمة بين سبعة من أقوى قادة الجن ودامت الحرب بينهم سنين طويلة حتى لم يبقى من أولادهم أحد وم١ت عدد عظيم من الجن فما كان من زوجات هؤلاء القلادة إلا أن اعتزلوا أزواجهم في قلعة كبيرة جعلوها ملجأً لضحايا الحروب من أشراف الجن ولهم قوةٌ كبيرة في السحر
أخيرا وصل بهم جريان الماء لوادي الغربان
اتجه الثلاثة ليارخ العفريت صانع الأسلحة
ووصلوا إليه حيث كان منهمكًا بالحدادة في كوخٍ تحف به حمم بركانية من كل جانب
واخذوا يشرحون له المشكلة لعل باستطاعته صنع مايحتاجونه
كان يارخ عفريتًا ضخمًا جدًا عريض المنكبين له شعر كثيف يغطي كل وجهه ولديه غراب أسود مخيف قابعٌ على كتفه
يارخ: امممم لي من العمر ستمائة سنة لم استطع صنع سيفٍ يضاهي قوة السيف الصاعق لقد خسرت شيئًا عظيمًا بإضاعته،
هذا السيف صنعه جد جدي
جلجامش: ضحيت به حقنا لدماء قبيلتي لكن مايبدو الآن أن الأمور قد انقلبت ولابد لي من مجابهة سيفي ولن يثنيني عن ماعزمت أي شيء
يارخ: إعداد سيفٍ في هذا الوقت القصير ليس مستحيلًا بالنسبة لي إن توفرت لي المعدات اللازمة
جلجامش: وماهي تلك المعدات
نظر يارخ لجلجامش بعمق حتى بدت عيناه الحمراوتان جاحظتين وسط شعر وجهه الكثيف وقال: أنت تعلم كل العلم أن امتلاك سيف بمثل هذه القوة ليس سهلًا
إما أن تتوارثه عن أسلافك وهذا ماكان لديك وأضعته
وإما أن تأتي بمعدات لصنع سلاح قد تموت وأنت تحضرها
لامتلاك سلاحك الخاص عليك أن تتحدى نفسك أولًا
هل باستطاعتك خوض هذا التحدي العظيم
جلجامش: أن أموت وأنا أحاول الدفاع عن أرض أجدادي خير لي من العيش في حسرة الفشل والخذلان والعار
يارخ: حسنًا.. لدي فكرة لسلاح عظيم كنت أدخرها منذ زمن طويل تحتاج لقوة عظيمة لتتحقق ويصنع هذا السلاح
إن صنعت هذا السلاح سيكون أقوى سلاحٍ في أرض الجن سلاح تستطيع إفناء جيش كامل به سلاح قوي يحتاج لجنيٍ قوي وشجاع حتى يستطيع السيطرة عليه ولست أنت فقط من سيتحدى نفسه في جلب مايلزم لصنع هذا السلاح بل أنا أيضًا سأتحدى نفسي وجميع أسلافي إن صنعته لكنها مجرد فكرةٍ خيالية لاوجود للضمانات
جلجامش بثقة: قل لي ماتحتاجه
يارخ: أولًا لهزم السيف الصاعق علينا إحضار كميةٍ من المطاط اضعها في هذا السلاح لتعمل على عزل الصعقات الرعدية وصدها وفي نفس الوقت تعطي السيف مرونة وقابلية للتمدد وهذا المطاط تجده في شجرة المطاط العجوز السامة” هيڤيا ” إن استطعت إقناعها بإعطائك قليلًا من المطاط تكون قد نجحت في تحقيق المستلزم الأول
ياحين: وكيف سنقنعها بذلك وأنت تعلم أن من يقترب منها يموت بسمها
جلجامش: سنتدبر الأمر لاعليك ماذا أيضًا يا يارخ
يارخ: ثانيًا أحتاج قطعةً من حجر المغناطيس الموجود فوق فوهة بركان الجن الحمر
ياحين: إن هذا مستحيل وخطر ليس علينا فقط بل على أرض الجن كلها فحجر المغناطيس السحري المعلق على فوهة البركان هو الذي يجعل البركان خامدًا بأن يعمل عملية تنافر للحمم البركانية المعدنية ويجعلها تقبع في قعر الأرض إن تحرك هاج البركان وانفجر علاوةً على ذلك يحف به ويحرسه ستة من المردة الحمر العمالقة أقوى جن في هذه الدنيا سيوفهم الثقيلة يجذبها حجر المغناطيس ومن ثقلها لاتصل إليه فهي معلقةٌ في الهواء تدور حول البركان إن تحرك حجر المغناطيس سقطت سيوفهم عليهم وانتبهوا إن الحجر قد سرق فينتفضوا ويقتلوا سارقه ويفنوا قبيلته أيضًا حتى وإن كان السيف الصاعق بحوزتك ياجلجامش لن تستطيع الحصول على حجر المغناطيس ناهيك عن خطر تحريكه من مكانه أصلًا إن هذا ليس انتحارًا فقط بل جنون
إن انفجر هذا البركان سيشكل خطرًا على ارض الجن
يارخ: إن كنت تريد أقوى سلاحٍ في أرض الجن عليك أن تصل مالم يصل له أي جني عليك أن تتعدى الجنون والخوف
إما أن تفعل ذلك أو خذ ابنتاك واهرب بهما لعالم الإنس مع هذه الإنسية لتعيش بسلام
كان العرق يتصبب من جبهة جلجامش ووجهه أحمر لكنه سيطر على نفسه وقال: حسنًا.. سنخوض هذه المجازفة لامحالة
يارخ: بقي شيءٌ واحد وهو الأخطر والأهم لكن يبدو أن لاطاقة لكم به
ياحين بتعجب: أيوجد ماهو أخطر من حجر المغناطيس
جلجامش: ماهو يا يارخ
الجزء العاشر ونهاية السلسلة الأولة
يارخ: بعد البركان يوجد جبل جليدي
ياحين: جبل الذئاب!!
يارخ: نعم تقول الاساطير انه يوجد به ذئب ضخم أحمر له نابان طويلان وعينٌ واحدة هو ملك الذئاب واقواها اجلب لي عينه وناباه مع المغناطيس والمطاط وسأصنع لك سيفًا يجعلك أقوى جني في هذه الدنيا
اخذ جلجامش يرتجف وقال: مستحيل إن ماتقوله مستحيل حتى لو استطعت قتله وصنعت لي سيفًا من نابيه وعينه كيف سأجرأ على حمل سيفٍ كهذا لا استطيع
قالت عشتار: سنتغلب عليه ياحبيبي لاتخف أنا معك
جلجامش: أنتِ لاتعلمين بعلاقة الجن بالذئاب
في الذئب صفتان:
أولا: أنه إذا وقع عين الذئب على جني فإن الذئب لا يحول عنه بصره بل يثبت نظره عليه بشكل تام ولو فصل بينهما وادي لدار الذئب حوله من جهة ألا يجعل هذا الجني الذي رصده بنظره يغيب عن عينه لحظة واحدة بسبب وادٍ أو شجرة أو عازل بينهما بل يجتنب كل مانع عن الرؤية
و السر في ذلك أن الأرواح الجنية يقيدها النظر.. فلا تستطيع الإنصراف ما دام النظر متعلقا بها … إذا النظر يقيدنا
ثانيا: أرواح الجن.. تكون هناك خاصية في موطيء قدمها على الأرض..
فلو كان متشكلا في صورة ما.. ووقع في نفسك أنه جني.. تضعي قدمك مكان موضع قدمه على أثر خطوته.. فإنه يتسمر في مكانه ولا يعدوه.. والذئب يطلب ذلك في عدوه وراء الجني … وإلا فالجني أسرع منه بيقين.. اإلا أنه يسمره في مكانه من هذين الطريقين ويقتله ثم يقوم بأكله
لم يقابل أحدٌ من الجن ذئبًا إلا وقتله ذلك الذئب مهما كانت قوته
عشتار: لن نعدم الوسيلة ياحبيبي لابد أن ندافع عن ملكنا لابد أن نجد حيلةً ما أنا معك ياحبيبي
نظر جلجامش لعشتار والثقة تملأ عينيها
جلجامش: حسنًا
ياحين: حسنًا ماذا؟؟
جلجامش: ألم تسمع ماقالته الأميرة سنجلب مايحتاجه يارخ ليصنع السيف
نظر ياحين في عين جلجامش وقال بخوف: إن كان هذا مايأمر به الأمير والأميرة فحياتي لكما الفداء
جلجامش: أنت صديقٌ مخلص
بعد اجتماع جلجامش وعشتار بياحين وذهابهم للعفريت يارخ صانع الأسلحة
عله يصنع لجلجامش سلاحًا يستطيع به مجابهة عيقم طلب منهم يارخ جلب قطعة من مغناطيس البركان ومطاط من الشجرة السامة هيڤيا وعين ونابا أمير الذئاب
خرج الثلاثة من كوخ يارخ ووقف كل من ياحين وعشتار ينظران لجلجامش
ياحين: ماهي وجهتنا الأولى
عشتار: شجرة المطاط طبعًا فهي ستكون الأسهل باعتقادي
ياحين: أوافقك الرأي يامولاتي
جلجامش: لا سنذهب لجبل الجليد لمجابهة أمير الذئاب علينا البدء بأصعب تحدٍ أما أن نتعداه بسلام أو تكون النهاية
ياحين بخوف: كيف سنجابه هذا الوحش
نظر جلجامش لجبل الجليد الذي كان واضحًا من بعيد خلف البركان الخامد تملؤه الكآبة والسكون وقال: سنفطن لحيلة ما هيا بنا أولًا علينا أن ندور خلف البركان
أخذ الثلاثة يشدون الخطا مرورًا بحرارة البركان إلى أن وصلوا لمكان لابارد ولاحار
ياحين: هنا تمتزج حرارة البركان ببرودة الجليد هنا حدود أرض الجن التي لايجب لأي جني تعديها فجبل الجليد مليء بالذئاب
جلجامش: لهذا علينا أن نتسلق الأشجار ونقفز من شجرةٍ لأخرى وأن لاننظر للأسفل ستكون عشتار هي دليلنا انقلبت الموازين الآن ياحبيبتي أنا من سيغمض عينيه الآن وأنت تكوني دليلي ونور عيني
عشتار: لكن على ماذا سأبحث
جلجامش: في هذا المكان نحن نتساوى فلا علم لي بهذه الأرض لم يدخلها أحدٌ منا من قبل فقط علينا إيجاد أمير الذئاب والتغلب عليه
حمل جلجامش عشتار وتسلق هو وياحين شجرةً كبيرة وأخذا يقفزان من شجرةٍ لأخرى دون أن ينظرا للأسفل فقط كانت عشتار تقودهم للمجهول
دار الثلاثة حول الجبل لثلاثة ساعات من شجرةٍ لأخرى دون أن يجدوا شيئًا فقط جحورٌ صغيرة يستحيل أن يقطنها أمير الذئاب الضخم
نظر ياحين لجلجامش وقال: بقي أن نتسلق الجبل الآن
جلجامش: هو المكان الذي سنجد فيه ضالتنا لامحالة لكن علينا تسلقه من الخلف لأنه عمودي حتى لانلتقي بأي ذئب ويبغاتنا ونحاصر في مأزق
ياحين: هي الطريقة الأسلم لاشك
تسلق الثلاثة الجبل بسرعة إلى أن وصلوا لقمته كانت عشتار ترتجف من شدة البرد وحفيف الرياح الشديد جعل أسنانها تضرب ببعضعها
احتضن جلجامش عشتار بحزن وقال: سامحيني ياحبيبتي جئت بك مكانًا باردًا قد تلقين فيه حتفك
عشتار: لا أدفأ من المoت في حضنك
قاطعهما ياحين بشجاعة: لن نموت هنا هو مجرد حيوان بائس أن تغلبنا على خوفنا تغلبنا عليه
خلع جلجامش رداءه ولفه حول عشتار جيدًا
وخلع ياحين رداءه ودفعه لعشتار لكنها رفضت بشدة فدفعه لجلجامش: خذ يامولاي صعبٌ علـي رؤيتك دون رداء
جلجامش: سنحتاج أشعال رداءك بالنار
عشتار: لما
جلجامش: نحن نخاف من الذئب هو الحيوان الذي يخافه الإنس والجن لكنه يخاف من النار فنظرنا له سيشتتنا ونظره للنار سيشتته
عشتار: فكرة ممتازة وأيضًا للذئب عدو يكرهه ألا وهو الكلب إن تشكل أحدكما بكلب استطعنا تشتيته اكثر
جلجامش: لانستطيع فعل ذلك فإن تشكل أحدنا الآن بأي هيئة لن يستطيع الرجوع لشكله الطبيعي إلا إذا عدنا لقلعتنا بأرض الجن وهذا مستحيل في الوقت الحالي
ياحين: إن اضطررت لذلك سأفعلها
وصل الثلاثة أخيرًا لقمة الجبل ووقفوا أمام كهف كبير بخوف
همست عشتار: أتظنه هنا
جلجامش: هو المكان الوحيد الذي يجب أن يكون فيه
عشتار: هل هو نائم بالداخل
جلجامش: اتمنى ذلك فالذئاب تنام النهار وتصطاد في الليل بطبيعتها
ياحين: لا أظن مولاي سيجازف بدخول الكهف إن دخلنا لن نخرج أبدًا فلا علم لنا بعدد الذئاب بالداخل
جلجامش: مالعمل إذن
ياحين: نتسلق فتحة الكهف ونشعل كرة من النار ونلقي بها للداخل إن خرج ذئب واحد جابهناه أما إن خرج أكثر من ذئب هربنا
عشتار: عندي فكرة.. أنت تقول أن الذئب حين ينظر لأي جني يسمره مكانه إذن ليس من الحكمة أن نكون مجتمعين في مكانٍ واحد
جلجامش: الحق ماتقولين
عشتار: ياحين قف فوق فتحة الكهف بكرة النار واعط جلجامش سيفك وأنا سأقف عند حافة الجبل بعصى طويلة بها شعلة من النار أيضًا أما جلجامش فعليه أن يتدلى من حافة الجبل كي لايراه الذئب
حين تلقي بكرة اللهب داخل الكهف اختبأ سيخرج الذئب ولن يجد سواي وسيتجه لي
حين يقترب مني وقبل أن ينقض علـي بسرعة عليك أن تباغته وتدفعه لإسقاطه
ما إن تدفعه سأقفز أنا أيضًا من الجبل
حين يسقط بسرعة يقفز جلجامش متصديًا له ويغرز السيف في صدره وتقفز أنت ورائي وتمسك بي
جلجامش: أخاف عليك إن لم تنجح الخطة
عشتار: ستنجح إن كان توقيتنا متقنًا
جلجامش: وهل ستمتلكين القوة للوقوف أمام هذا الوحش علاوةً على ذلك هل تمتلكين القوة لإلقاء نفسك من سفح الجبل
عشتار: لابد لي من ذلك فأنا زوجة جني لاتستهن بي ياجلجامش فعند مجابهة الذئب أنا أشجع منكما أنتم الاثنين
ياحين: فكرة مولاتي هي الحل الوحيد يامولاي
جلجامش بقلق:فعلًا لااظن أن هناك خطة أفضل لكن عليك الحذر ياياحين فحياة الأميرة في عنقك
اتخذ الجميع اماكنهم تنفيذًا لخطة عشتار