قصيرة فانتازيا وخيال انا و العفاريت ((منتديات العنتيل)) (1 مشاهد)

M

Mazen El-5dewy

عنتيل زائر
غير متصل
اضطررت الليلة لإنهاء عيادتي في تمام الساعة العاشرة بسبب انقطاع الكهرباء المفاجئ وعدم عودته رغم مرور أكثر من ساعة ثم توجهت لشقتي على بعد شارعين من مكان العيادة، كنت أتحسس موضع قدمي نظراً للظلام الدامس الذي غلف أروقة الحي يبدو أن فكرة المولدات الكهربائية لا تروق لأحد هنا.
دلفت من بوابة العمارة وروحت أراقب خطوات صعودي السلم على ضوء هاتفي لأصل الطابق السادس وأنا ألهث وأرتجف بسبب ذلك القط الأسود الذي رحب بي بحفاوة بالغة في الطابق الخامس حيث أطلق صرخة تصدعت على أثرها أضلعي فقط لأني قد داعبت ذيله بحذائي دون قصد.

أدرت المفتاح في باب شقتي لأدخل بسرعة ثم أغلقت الباب خلفي وتأكدت من إخراج لسان القفل عن آخره كي لا يجد هذا القط الغاضب ثغرة ينفذ من خلالها.
كان الظلام يغلف الشقة تمامآ فتعجبت من عدم إضاءة زوجتي لأي من الكشافات أو حتى تكلف نفسها عناء إشعال شمعة تبدد قليلاً من تلك العتمة المخيفة، ناديت عليها عدة مرات فلم تجب رغم أني كنت أسمع الكثير من الجلبة والركض بأحد الحجرات يبدو أنه صغيري (يحيى) يلعب مع والدته.

بدأت أفتح الغرف الواحدة تلو الأخرى وأنا أنادي عليهما دون جدوى ثم لمحت شبح (يحيى) يركض بالصالة فحاولت الإمساك به لكنه قفز بحركة بهلاونية لا أدري كيف لطفل لم يتجاوز الثلاثة أعوام أن يفعلها ثم اختفى بأحد الغرف، تركته وتوجهت نحو الحمام القابع في آخر الطرقة لتفزعني زوجتي التي ظهرت فجأه من العدم فقلت لها وأنا ألتقط أنفاسي أين كنتِ لقد أرعبتني لكنها لم تجب عليَّ بل انتزعت مني ميدالية المفاتيح وتركتني ربما هي غاضبة لأني لم أرد على اتصالاتها الكثيرة اليوم بسبب انشغالي.

دخلت الحمام وأغلقت الباب خلفي ثم قررت أن أرسل لها رسالة كي أصالحها لكني تفاجأت برسالة منها منذ ساعتين تخبرني أن والدتها قد تعبت فجأة لذا فقد غادرت الشقة وستبيت الليلة عندها هي و يحيى لتعلو بعدها أصوات الجلبة واصطكاك الأثاث ببعضه ثم وجدت أحدهم يدير بعنف مقبض الباب من الخارج ?

تملكني الفزع وتجمدت الدماء بعروقي فتصلبت بموضعي لا أدري كيفية التصرف إلى أن هتف الطارق بالخارج:

متخفش يا محمد افتح أنا سلمى مراتك.

لأتنفس الصعداء بعدها وأنا ابتلع أنفاسي بصعوبة في إنهاك شديد من هول الصدمة، وقلت لنفسي:

يبدو أنني كنت أتوهم كل ما حدث لابد وأني أحتاج للراحة بشدة، ثم هممت لأفتح الباب وبالفعل أمسكت بالمقبض لأديره قبل أن يستوقفني صوت خشن آتياً من خلفي محذراً:

إوعى تفتحلها هتأذيك؛ دي عفريتة بتقلد صوت مراتك، خليك هنا ءأمن ليك.

وجدت جسدي يترنح فجأة غير مستوعبا لما ضرب أذني منذ قليل وتسمرت مجدداً بموضعي وأصابعي تقبض على مقبض الباب بقوة تريد هرسه، لم أدرِ وقتها أي قرار أتخذه بل أي حدس أتبعه...

هل أجعل المقبض يدور وأخرج لأتأكد من زوجتي التي تحادثني أم أدور أنا عوضا عنه لأرى ذلك الكائن الذي يجلس خلفي.

كانت الظلمة حالكة رغم أني أذكر إضائتي لمصباح الهاتف إلى أن اكتشفت أني أقف مغمض العينين، وأصبحت الحيرة الآن هل أفتح جفنيَّ لأستكشف ما يدور خلفهما أم أبقى على حالي فالعمى قد يكون نعمة أحيانا.

استجمعت قواي وقررت أن أخرج للنور مجددا لأجد إضاءة الحمام مرتعشة وترسم أشباحا قبيحة على حوائطه لكن ما أن تفحصت الأمر وجدت أن يدي هي من ترتجف وهي ممسكة بالهاتف لأتفاجأ بمن يجذبني من ملابسي للخلف بقوة حتى كدت أن أسقط على ظهري.

تشبثت بمقبض الباب بكل ما أوتيت من قوة ثم أتتني فكرة أن ألتفت مرة واحدة مصوبا نور الهاتف نحو ذلك الكائن فإن كان عفريتا فسوف يحترق في الحال هكذا سمعت في طفولتي.
وبالفعل نفذت مخططي لكن للأسف لم أجد خلفي شيئاً لأحرقه.

ارتجفت أوصالي أكثر وأكثر مع ازدياد الطرق المتواصل على باب الحمام، فكرت أن أقرأ بعض آيات القرآن لكني تذكرت أنه لا يجوز وأنا في هذا الموضع.

فكرت أيضاً أن أتكوَّم وأنام في البانيو حتى ينجدني أحدهم أو تعود الكهرباء أو حتى أنتظر الصباح لكن كيف أغفو هنا والخلاء هو بيت الجان ومنامهم وقد يستغلوا نومي ويقتلوني.

أيقنت أكثر من غباء تلك الفكرة عندما سمعت نفس الصوت السابق آتياً من سقف الحمام هذه المرة صارخا:

"عاملي فيها ناصح وراس شمهورش العظيم لتشوف ليلة سودا على دماغك" ?

ما أن انتهي من جملته حتى وجدتني أقفز من مكاني وأفتح الباب مهرولا للخارج غير مكترث لذلك الجسم الرخوي الذي تعثرت به لأسقط أرضاً، حدقت به فلم أجد سوى عينين حمراوين معلقتين في الفراغ ويتطاير منها شرز كهربائي.

فتشت عن هاتفي الذي غادر يدي أثناء سقوطي ولم يكن العثور عليه صعبا فهو مصدر الإضاءة الوحيد وسط تلك العتمة الموحشة، لمحته في ركن بآخر الطرقة فركضت نحوه لكني تعثرت مرة أخرى لتدوي صرخة تشبه صرخة القط الأسود على سلم العمارة لأجده بالفعل هو ذات القط يقفز فوقي فاغرا فاه ومكشرا عن أنياب يسيل منها لعابا مختلطا بدم ذو رائحة كريهة جدا.

دفعته بعيدا عني وأمسكت بالهاتف أبحث عن باب الشقة كي اندفع نحوه لكني لم أجده مطلقا وكأنه قد اختفى.

أنهكني التعب والإعياء وبدأت أشعر بدوار وثقل في رأسي فاستندت على أحد الحوائط لألتقط أنفاسي قبل أن تفزعني أصوات متداخلة كأنها حيوانات تتشاجر لم أستجمع منها سوى جملة واحدة:
"هتروح مننا فين ده احنا هنتسلى عليك الليلة دي"

زاد الرعب بداخلي أكثر وأكثر خاصة بعدما سمعت صوت ابني (يحيي) يبكي وزوجتي تستنجد بي.

كان الصوت بعيدا ومكتوما وكأن أحدهم يحاول منعهما من الاستغاثة، فوجدت نفسي مجبرا على كتمان خوفي والثبات وبدأت بالصراخ:
"أنا مش خايف منكم" ... ثم شرعت بتلاوة آية الكرسي بصوت عال فاطمئن قلبي قليلاً.

رحت أفتح الغرف بحثا عن زوجتي وابني إلى أن وجدتهما متكومين بأركان إحدى الغرف فاندفعت أحضن زوجتي وأطمئنها:
"لا تخافي أنا معك"... ورفعت يدي أربت على رأسها لأتفاجأ برأسها تنفصل عن جسدها وتقف وحيدة في الهواء وهي تطلق قهقهات مخيفة قبل أن تصرخ بوجهي وتخرج لي لسانها.

أبعدت بقايا جسدها عن جسدي وهرولت نحو (يحيي) الذي التقطه بخفة ثم اندفعت خارج الغرفة لكني تفاجأت بجسده يسقط مني قطعة تلو الأخرى، بدأ بساقيه اللذين سقطا مني أولا ثم تبعته بقايا جسده وعندما وصلت لباب الشقة لم أجد بين ذراعي سوى رأسه التي تتوسطها عين واحدة حمراء كجمرة مستعرة.

لحسن حظي وجدت مفتاح الشقة ما زال بجيب بنطالي لا أدري كيف وصل هنا فآخر ما أتذكره في تلك الليلة السوداء أن شبح زوجتي قد انتزعه مني، على أية حال فتحت الباب والتهمت درجات سلم العمارة في نهم لأتفاجئ وأنا على الدرج الأخير بعودة الكهرباء للحي مجددا.

صادفت (عم زكي) بواب العمارة عند مدخلها فانتبه لشحوب لوني والخضة التي تعتريني وقبل أن ينبس ببنت شفة وجدتني أمسك بمزمار رقبته أحاول إفراغه من الهواء وأنا أصرخ:
"قولي يا ابن ال.... ايه اللي حصلي فوق ده؟"

لا أدري ما دفعني لذلك الفعل وما علاقة عم زكي بما حدث أصلاً.
لكني وجدته يحاول جاهدا الإفلات مني وهو يقول بصوت متحشرج:
"سيبني بس يا ضكتور وأنا هقولك كل حاجة"

تركته يلتقط أنفاسه ليقول بعدها:
"من حوالي سنتين كان ساكن في شقتك مهندس ومراته وابنه وكانوا طيبين كده وفي حالهم زي حالاتك لحد ما صحينا في يوم لقيناهم التلاته مدبوحين وغارقانين في دمهم مع إن مكنش ليهم علاقة بحد نهائي ولا كان حد بيزورهم وتحقيقات النيابة موصلتش لحاجة لكن بيني وبينك كان ساكن في الشقة اللي فوقهم راجل مشيه بطال وظني إن ليه علاقة بموضوع قتلهم ده".

تأملت وجه عم زكي مليا قبل أن أسأله:
"مشيه بطال إزاي يعني؟"

فرد بعد أن تمتم ببضع كلمات:
"كان اللهم احفظنا " مخاوي" بيحضر جن وعفاريت وكان عنده قط أسود يزغرلك الزغرة يقطعك الخلف كأنه عارف انت بتفكر في إيه وكان فيه ناس بتجيله عشان يعملها أعوذ ب**** أعمال وربط وحاجات أستغفر **** العظيم".

قاطعته مستفهما:
" طب وايه علاقة الدجل ده كله بموت المهندس وعيلته؟"

فرد قائلا:
"منا جايلك في الكلام أهو؛ قبل مقتل البشمهندش ابتدت عربيات فخمة وناس باين عليهم أغنية أوي يطلعوا شقة صاحبنا المخاوي ده وعرفت بعد كده أنه ابتدى يشتغل في فك الرصد بتاع مقابر الفراعنة وطبعا أنت أكيد عارف إن لازم يتقدم قرابين عشان الجن يسيب المقبرة ويرضى أنه يفتحها وتخميني بقى أن الجن المرة دي طلب راس عيلة البشمهندس"

قاطعته مجدداً:
" وإنت عايزني أصدق الهبل ده؟"

فأردف في حزم:
" صدقني يا ضكتور و**** زمبؤلك كده، أصل الحتة بتاعتنا دي عايمة على بحر أثار والجمالية معروفة إنها مليانة عفاريت بسبب الأثار دي، طب تعرف إن الأرض اللي تحت جامع قُتس وجامع السلطان قلقون وبيبص ( يقصد قظز وقلاوون وبيبرس)غرقانة بالأثار؟ دول جم في مرة يفتحوا مقبرة في الشارع اللي ورانا بس حرس الجن اللي عليها كسروا اللوادر كلها؟ فقامت الناس المهمة دي جابت اسطوانة أكسجين عشان يفتحوا باب الكنز عافية راحت النار مولعة فيهم وملقناش ليهم جثث لحد دلوقتي".

انتشلني من تخاريف عم زكي رنة الهاتف فوجدتها زوجتي وقبل أن تتفوه بكلمة واحدة قلت لها:

" خليكي عندك أنا جاي أطمن على حماتي?
 
S

SALEM

عنتيل زائر
غير متصل
مرعبة
 

الميلفاوية الذين يشاهدون هذا الموضوع

مواضيع متشابهه

أعلى أسفل