مكتملة أسير عينيها الجزء الرابع | السلسلة السادسة | حتى الجزء المئة وواحد وثلاثين والاخير - نهاية الرواية للكاتبة دينا جمال 10/10/2023 (1 مشاهد)

ا

ابيقور

عنتيل زائر
غير متصل
الفصل مئة وأحد عشر


�غمات الموسيقي تنبعث من هنا وهناك تلف حبالها الناعمة حول الجميع في حالة خاصة من السكر، علت نغمات أخري تفوق نغمات الموسيقي تعلو فوقها، تحجبها، نغمات السعادة، السعادة المشعة منهما فقط، سعادة خاصة من بين أفواههم أعينهم ضحكاتهم، تلفهما معا في قوقعة صافية لن تنكسر، لن يطرقها الحزن قريبا، يجلس جوارها علي « الكوشة » المخصصة لهما أشبه باريكة صغيرة بيضاء مزينة لا فواصل بينهما، احتضن كفيها بين كفيه، رفع يدها يقبلها بهيام عينيه لا تنزحان عن مقلتيها، في تلك اللحظات آخر ما يمكن أن يشغله هو حفل زفافه!، كيف يوجه انظاره لإضاءة نجوم خادعة والقمر أمامه يبتسم له، يأسر قلبه المكبل بقيود عشق خاصة، عشق لم يذقه احدا قبله ولن يفعل احدا بعده، فلا الحكايات تتشابه، ولا ليلي ستشعق بعد قيس احدا، رفع يدها يقبل باطنها للمرة التي لم يعد يحسبها، ليري وجهها بالكامل يصطبغ بحمرة وردية جميلة، تلتهما عينيه في فستان الزفاف الأبيض تبدو كأميرة هربت لتوها من حكاية سندريلا، سندريلا لم تحب الأمير بل أحبت ذلك الفقير اللقيط، تهدجت أنفاسه يشعر بقلبه علي وشك أن يخرج من مكانه حلمه بالسعادة تحقق اخيرا، وباتت هي بعد طول انتظار، زوجته!

تحرك لسانه يعبر ولو قليلا عن نيران قلبه المتأجحة بلهيب عشقها:
- اخيرا يا مايا، أنا مش قصدي نفسي حاسس اني بحلم حلم حلمته كتير أوي، حلم اخيرا اتحقق، بقيتي مراتي، هتفضلي معايا دايما مش هتبعدي عني تاني، هاخدك في حضني قدام الدنيا كلها، يعني لما اصحي كل اليوم الصبح هلاقيكي نايمة جنبي، ولما ارجع من الشغل هلاقيكي لسه موجودة، مايا انا بحبك، بحبك اوي، اوي يا مايا.

ملئت الدموع حدقتيها تنظر له قلبها يكاد ينفجر كلماته لا تعزف برقة بل تدق بعنف علي وتين قلبها تكاد تفجره، تريد أن تخبره أيضا انها تعشقه فوق عشق العاشقين عشقا، لم تجد ما اقول كلمات العالم اختفت جميعا من قاموسها الكبير الذي يحوي عدة لغات، عربية، إنجليزية، فرنسية ألمانية، ولم تجد كلمة واحدة تعبر عن عشقه في قلبها، فتركت لسانها جانبا واندفعت ترتمي بالروح والقلب قبل الجسد بين أحضانه ولم يتردد هو للحظة بل طوقها بذراعيه يزرعها داخل قلبه وصدره وهي في الأساس تسكن شطر روحه، لحظات طويلة سرقاها من الدنيا سعادة لا مثيل لها لهم هم فقط، لحظات طويلة مرت كلمح البصر قبل أن تبتعد عن أحضانه، مال يقبل رأسها يهمس لها بشغف عاشق:.

- نرقص
ابتسمت خجلة تومأ برأسها لمحة خاطفة قام يشبك أصابعه بكفها يجذبها بخفة لتتحرك معه إلى باحة صغيرة للرقص، لفت ذراعيها حول عنقه ليحاوطها بذراعيه يقربها منه حتى بات عجز الهواء عن العبور من بينهما، يتمايل معها علي ألحان قلبه قبل ألحان الموسيقي
- أنا بقول كفاية كدة ونروحهم قبل ما نتفضح.

غمغم بها خالد ضاحكا قبل أن يرفع يده يوكز اخيه بمرفقه في ذراعه التفت حمزة له، برزت علي شفتيه فقط ضحكة خافتة نظر لهما ليعاود النظر لأخيه رفع يده يسمح وجهه بكف يده يغمغم في عجب ساخر:
- طب أنا دلوقتي المفروض ابقي قلقان علي مين فيهم، ليزعل التاني بعد الجواز لما يجوا يشتكولي أنا المفروض اعمل ايه بقي.

ضحك خالد يحرك رأسه يآسا ترك حمزة يقف هناك ليتجول هو في الحديقة يبحث عنها، أين تلك القصيرة صاحبة الأعين الزرقاء التي تسلب لبه أينما كانت، رآها تجلس علي طاولة بعيدة قليلا تشاهد العروسين بابتسامة كبيرة، وقف ينظر لها يمر أمام عينيه شريط طويل من الذكريات السعيدة هي بطلتها جميعا ومن سيكون غيرها، رفع يده يتحسس شعره الذي امتزج بالشيب، الشيب بين ذراعيها هو الشباب السرمدي، تحرك متوجها إليها تخترز عينيه فستانها الأسود الأنيق حجابها الرمادي زرقة عينيه الكفيلة بجعل وجهها يضئ، اقترب أكثر واكثر إلى أن صار أمامها مباشرة انحني قليلا يمد يده لها، لترتسم علي شفتيها ابتسامة صغيرة دون كلام وضعت كفها في كفه ليجذبها برفق، يأخذها إلى ساحة الرقص يخفيها داخل جسده وهو يتمايل معها علي انغام الموسيقي، يده علي خصرها والاخري تمسك بكفها، ويدها علي كتفه والاخري تحتضن كفه، تنظر لمقلتيه دون كلام، فالصمت في تلك اللحظات هو خير كلام تقوله الأعين يعرفه القلب ولن ينطق به اللسان أبدا، لاحظت تبدلت ابتسامته هي تحفظه عن ظهر قلب، وتعرف تلك الابتسامة التي ظهرت علي شفتيه لتبتسم هي الاخري تسأله:.

- افتكرت ايه
ضحك يوجه انظاره إليها يقربها منه أكثر برزت ابتسامة عابثة علي شفتيه يغمغم مشاكسا:
- افتكرت فرحنا التاني. لما اصريتي نرقص في الجنينة الساعة 2 بليل.

ابتسمت وضحكت عيناها حين صدمت رأسها تلك الذكري، اصرت علي أن يرقصان في الحديقة الثانية بعد منتصف الليل لأنها تعرف أنه لن يرفض، لم تكن رقصة هادئة كهذه إطلاقا، بل كانت أشبه برقصات المجانين وهي تتقافز حوله تصيح فيه أن كطفلة بلهاء أن يرقص معها وهو يخبرها كرجل آلي أنه لا يجيد تلك الرقصات الغريبة، وأنه لا يجيد سوي رقصة « التحطيب » الشعبية القديمة التي تحدث في بلدهم...

عادت تنظر إليه ابتسمت تنظر له تلك النظرات الناعسة التي ينسي معها أن هناك عالم من الأساس أن الكون يتوقف عندها هي، إن نبضاته تدق فقط لها هي...

بالقرب منهم نظر حمزة لأخيه يبتسم خالد حين يري لينا يشعره بأن مجذوب رأي من لعنه ليسير خلفه أبد الدهر، أحيانا يظن أنها جنية قادمة من باطن الأرض ندهت أخيه بسحرها لتكبل قلبه للأبد بعشقها، نظر لبدور الجالسة علي المقعد جواره تهدهد سيلا الصغيرة، ليبتسم تلمع عينيه بعاصفة مشاعر من الحب والامتنان والاحتواء، رآها حين اختلست النظر لساحة الرقص، رأي في عينيها نظرة حزينة بها ألم قديم، ليتفهم الوضع، قام من مكانه يمد يده لها يحادثها مبتسما:.

- نرقص
اسبلت عينيها تنظر له مدهوشة ترقص لم تفعل منذ زفافها الأول تقريبا، كم مرة أرادت الرقص علي تلك النغمات الهادئة بين ذراعي زوجها السابق وكان رده العنيف القاسي، هو السخرية منها وابعادها بقسوة عنه، كم تكرهه لا تعرف حتى لما أحبته في يوم، ابتلعت لعابها تحرك رأسها نفيا تهمس متوترة:
- ها، ااا، أنا ما بعرفش ارقص، وبعدين خالد وسيلا.

ابتسم دون كلام ليميل يحمل سيلا الصغيرة من بين ذراعيها، حمل الصغير خالد علي ذراعه يبحث بعينيه عن هدفه ليجده يقف هناك جوار طاولة الطعام الكبيرة يتحدث مع طبق المقبلات في موضوع غاية الأهمية:
- ايوة يعني هما اتاخروا ليه، أنا مستنيهم من بدري، تفتكر مش هيجيوا.

وقف حمزة بالقرب منه ينظر له بأعين متسعة مدهوشة حسام جُن يتحدث مع اطباق الطعام، أراد أن يضرب كف فوق فوق آخر ولكن حمله للأطفال منعه، اقترب اكثر يرسم ابتسامة واسعة علي شفتيه يغمغم ساخرا:
- حوسو حبيب عمك، سيب يا حبيبي الطبق اللي أنت بتكلمه دا، وتعالا عايزك.

قطب حسام جبينه متعجبا عن أي طبق يتحدث، حسام كان يحدث زيدان من خلال سماعة الاذن الصغيرة، زيدان الذي فضل المكوث في غرفته بعض الوقت قبل أن ينزل للحفل، أغلق حسام الخط مع صديقه، يقترب من عمه وقف أمامه يردف مبتسما:
- خير يا عمي.

فكر حمزة للحظات عن حجة مقنعة يقولها لحسام قبل أن يعطيه الصغيرين، رسم ابتسامة كبيرة علي ثغره قبل أن يدفع سيلا الصغيرة بين أحضان حسام برفق، حملها الأخير سريعا ينظر لحمزة مدهوشا بينما اردف الأخير مبتسما:
- بص يا حوسو أنا عارف انك دكتور نسا واكيد بتحب الأطفال...
رفع حسام يده اليسري سريعا يقاطع عمه قبل أن يكمل لأن اليمني تحمل الصغيرة، رفع حاجبه الأيسر يردف مستهجنا:.

- مين قال إن دكتور النسا لازم يحب الأطفال، هل دا معناه أن دكتور السنان بيحب السنان ويمشي يلمها من تحت مخدات العيال ويعملهم سلسلة ولا دكتور السمنة بياكل الدهن ويسيب اللحمة، ولا دكتور البواسير بيحب ال
قاطعه حمزة سريعا قبل أن يكمل وصلته المقززة ليردف مشمئزا:
- بس بس يخربيت قرفك، أنا اللي غلطان
اقترب منه يدفع الصغير خالد الذي تعلق في عنق حسام ينظر له بشر طفولي، بينما اشهر حمزة سبابته امامه يردف:.

- خلي بالك من سيلا وخالد واوعي تزعلهم...
اقترب يربت علي رأس الصغير يحادثه مبتسما بحنو:
خالودة إلعب مع عمو حسام.

قالها ليبتسم الصغير في خبث يحرك رأسه بالإيجاب، بينما ابتلع حسام لعابه خائفا ينظر للصغير بجانب عينيه متوترا ، تركهم حمزة وغادر متوجها ناحية بدور الجالسة هناك تراقب ما يفعلون، اقترب حمزة منها ودون كلمة أخري جذبها من يدها يتجه بها ناحية الحديقة الخلفية بعيدا عن الجمع، توسعت عيني حسام مدهوشا رفع حاجبيه لأعلي يتابع ما يفعل حمزة بأعين مدهوشة، ليتمتم في ذهول:.

- نهار اسوح إنت مش كبرت يا عمي علي اللي أنت بتعمله دا
نظر حوله يبحث عن أبيه ليخبره بأفعال أخيه الغريبة ليجد أبيه يجلس علي طاولة بعيدة عن الحفل ملاصقا يهمس لها ببعض الكلمات العابثة فئ اذنيها والاخيرة تضحك خجلة حرك رأسه يتمتم ساخرا:
- وأنا هشتكي مين لمين، ما اسخن من سيدي الا ستي زي ما خالتي كانت بتقول.

علي صعيد آخر قريب وقفت سيارة رشيد بعد رحلة طويلة لهدفان الأول رؤية حفيده الأول، والثاني حضور الزفاف، نزل من السيارة لتنزل صبا من بعده، بعد أن أصرت شروق أن تمكث مع سهيلة في المشفي، تحركت صبا جوار أبيها تنظر للمكان بأعين واسعة تلمع، نظرات بريئة رقيقة، ما هي الا لحظة ووقفت سيارة مسرعة بالقرب منهم لتسمع صوت تعرفه يأتي
من داخل السيارة تصيح محتدة:.

- مش هترتاح غير لما نعمل حادثة في مرة بسواقتك المجنونة دي يا غيث...
صوت ضحكاته المميزة يصدح من الداخل غيث هنا!، لم تره منذ الحادثة الأخيرة منذ أشهر كانت تظن أنه سافر مرة أخري ولكنه هنا، تحرك رشيد والدها ناحية أخيه يعانقه لقاء بعد طول غياب نزلت ياسمين ومعها جوري الصغيرة تمسك بيدها اقتربت ياسمين منها تعانقها بود تردف بحنو:
- ازيك يا صبا عاملة ايه يا حبيبتي، عقبالك يا سوسو.

ابتسمت صبا في توتر تهمس بخفوت خجل عينيها تحاول اختلاس النظرات تبحث عنه. :
- الحمد *** شكرا يا طنط
اقتربت جوري من صبا تشد اكمام فستانها ابتسمت ابتسامة واسعة تغمغم بصراحة مطلقة:
- صبا صبا فستانك حلو اوي يا صبا، ماما أنا عايزة فستان زيه
ضحك الواقفون جميعا قبل أن يميل رشيد يمسك جوري يرفعها عن الأرض كشر قسمات وجهه بشكل مضحك يردف متوعدا:
- إنت يا بت بتعاكسي بنتي، يا شبر ونص أنتي.

قلبت جوري عينيها بملل كتفت ذراعيها أمام صدرها زمت شفتيها تغمغم بنزق:
اسمي جوري يا عمو رشيد، وطبيعي اكون قصيرة لأن أنا لسه صغيرة عندي 10 سنين، وما ينفعش تشيلني زي الكيس كدا لأن دي إهانة للمرأة
توسعت عيني رشيد في ذهول ينظر لفارس وياسمين مذهولا، بينما ضحك فارس يآسا يصطدم جبينه بكف يده يغمغم ضاحكا:.

- إنت لسه شوفت حاجة، الأستاذة جوري بتقرا في كتب غيث، وطول النهار بتسمعني محاضرات عن حقوق المرأة ومساواتها بالرجل، لدرجة انها حسستني اني فاتح مكتب بؤد فيه بنات.

كان الجميع يضحك يتحدثون عما تفعله تلك الصغيرة جوري، عداها هي، تقف بعيدا عنهم قليلا تفرك يديها متوترة عينيها تحاول اختلاس النظرات إليه لتنتفض في حرج حين التقت مقلتيها بعينيه للحظات رآها وهي تختلس النظرات إليه يال الفضيحة ماذا سيظن بها ، تحركت بصحبتهم للداخل، توجهوا جميعا إلى طاولة كبيرة يلتفون حولها تجلس جوار والدها عينيها تتوجه ناحية مايا وادهم تنظر لسعادتهم وهم يلتقطون الصور بابتسامة صغيرة، استأذنت من والدها لتتحرك ناحية طاولة المشروبات التقطت كأس عصير برتقال، وقفت جوار الطاولة تنظر للفراغ شاردة، منذ تلك الحادثة وهي تشعر بوخزة مؤلمة داخلها، وخزة تنخر كلما رأت زوج بصحبة زوجته او فتاة بصحبها خطيبها، باتت تشعر أن الجميع مخادعون او أنها الحمقاء الوحيدة في العالم اجفلت من شرودها المؤلم علي صوته بالقرب منها يسألها مبتسما:.

- ازيك يا صبا، أخبارك ايه وأخبار المذاكرة
التفتت يمينها لتراه يقف بالقرب منها، يرتدي « سويت شيرت » من اللون البني وسروال باللون الاسود، يبتسم يمسك في يده كوب عصير تفاح تقريبا، ابتسمت في توتر تومأ برأسها في لمحة سريعة تهمس بخفوت:
- الحمد ***
ابتسم يحرك رأسه إيجابا رفع كأسه يرتشف منه قليلا قبل أن ينزله يردف مبتسما:
- جوري عندها حق، حقيقي فستانك حلو أوي.

توسعت حدقتيها تنظر له للحظات في دهشة قبل أن تخفض رأسها أرضا وتغزو تلك الحمرة القاتمة وجهها هل يتغزل بها، أم هي فقط ملاحظة عابرة، ماذا تفعل لم تجد ما تقوله سوي أحرف مرتجفة نطقت بها كلمة واحدة:
- شكرا.

وكانت الكلمة الأخيرة الاخيرة لنهاية نقاش قصير، تتهرب هي بعينيها بعيدا بينما ينظر هو لها مبتسما، راقبها بعينيه وهي تعود للطاولة رآها حين التفتت تنظر له في لمحة خاطفة، ليبتسم يرتشف ما بقي من كأسه يغمغم مع نفسه:
- مستنيكي يا صبا
عاد لطاولتهم من جديد، جلس يعبث في هاتفه ليفاجئه سؤال عمه الذي قاله مباشرة دون اي مقدمات:
- وأنت بقي يا عم غيث ناوي تستقر هنا ولا هتسافر تاني.

أزاح الهاتف من أمام عينيه يضعه علي الطاولة ابتسم يحادث عمه بأدب:
- لاء بإذن **** هرجع لندن تاني بعد بكرة عشان هقدم ماجستير وحابب اخده من هنا وكمان جدي جاسم قاعد لوحده بقاله مدة طويلة وأنا لازم اسافرله
إذا سيسافر، متي ستراه مرة أخري ربما تلك هي المرة الآخرة التي يمكنها أن تراه فيها، لذلك التفتت برأسها له تبتسم فقط ابتسامة صغيرة وكأنها تودعه بها، اجفل الجميع علي صوت يرحب بهم بحفاوة:.

- يا اهلا يا اهلا وأنا أقول الفرح نور ليه.

اقترب خالد بصحبة لينا منهم بعد ترحيب حار من الطرفين جلسوا سويا يتحدثون وتتعالي ضحكاتهم علي تلك الذكريات القديمة خاصة ذكريات زفاف رشيد وما فعلوه ثلاثتهم في محل الحلاقة، في تلك اللحظات توقفت سيارة محمد في المراب الخاص بها، اوقف محمد السيارة التفت برأسه ينظر للوجين الساكنة جواره منذ أن استقلا السيارة ولم تنطق بحرف واحد عينيها شاردة تسبح في فراغ مؤلم فارغ يعذب قلبها يشتت روحها، رفع يده يضعها علي كتفها برفق التفتت له ليحادثها مبتسما:.

- يلا ننزل
حركت رأسها بالإيجاب فتحت الباب المجاور لها تخطو خارج السيارة تحولت عينيها في تلك اللحظة إلى برج مراقبة تبحث عن صغيرها في كل شبر من المكان لا اثر له أين هو، قلبها يطرق بعنف بحثا عنه تشعر بيد محمد يمسك بكف يدها يجذبها معه لداخل الحفل متوجها بها إلى طاولة خالد والبقية قام خالد يصافح صديقه يعانق لوجين، وفقط ابتسامة باردة خرجت من بين شفتي لينا قبل أن تترك الطاولة تتمتم بنبرة اعتذار فاترة:.

- عن اذنكوا هروح اشوف مايا
قامت دون أن تلقي نظرة واحدة حتى عليهم توجهت صوب كوشة العروسين، ليتنهد خالد يآسا، قبل أن يوجه انظاره للوجين الجالسة جواره لف ذراعه حول كتفيها يسألها مبتسما:
- عاملة ايه يا جوجو
ابتسمت ابتسامة شاحبة تحرك رأسها بالايجاب، دون كلام لينظر خالد لمحمد يسأله مبتسما:
- اومال رانيا وفراس فين
رانيا قاعدة مع والدي وفراس بيه عنده ماتش بلاي ستيشن.

نطقها محمد بامتعاض يكاد رأسه ينفجر من ذلك المراهق فراس، ليضحك خالد علي ضيقه
بالقرب منهم تحديدا علي طاولة منيرة ومراد وروحية، لوت منيرة شفتيها تنظر لأجواء الحفل بابتسامة ساخرة اقتربت من مراد تسأله حانقة:
- ايه يا مراد الفرح دا، كل واحد قاعد علي تربيزة لا حد بيرقص ولا حد بيزغرط، وبعدين ايه المزيكا اللي مشغلينها دي
ابتسم مراد حين نظر لشقيقه يلوح له ليعاود النظر لجدته اخفض صوته يتمتم ضاحكا:.

- هي دي أفراح الطبقة المخملية يا جدتي، لا اغاني شعبي ولا زغاريط ولا رقص وتشكيل موسيقي واللي عايز يرقص بيرقص سلو وصور وبوفية فاخر جداا وبس
امتعضت قسمات وجهه منيرة تغمغم حانقة:
- طب اقسم ب**** الأفراح اللي بتتعمل عندنا أحسن منها علي الأقل فيها روح كدة...
صمتت للحظات قبل أن تلكز مراد في ذراعه تحادثه ساخرة:
- وأنت يا اخويا ما تاخد مراتك وترقصوا سلوس مع بعض.

توسعت حدقتي روحية في ذهول اخفضت رأسها أرضا تحركها نفيا بعنف شديد، لتمتعض قسمات منيرة، تردد مراد للحظات كاد أن يمد يده لها ليجذبها معه لباحة الرقص ولكنه تردد في اللحظة الأخيرة عن ما كاد يفعل، لتزفر منيرة تتمتم بصوت خفيض ساخر:
- عيل موكوس طول عمرك.

بينما شردت عيني روحية تتخيل نفسها بين أحضان مراد! يتمايل معها كما فعل أدهم مع زوجته منذ قليل، الفكرة نفسها جعلت جسدها يرتجف قلقا، مراد وإن كانت معاملته تغيرت تماما، إلا أن الذكريات القديمة لا تُنسي بسهولة ابداا...
علي صعيد آخر تأفف حسام حانقا من اولائك الأطفال نظر حوله ليجد احدي الخادمات تخرج من المنزل هرول اليها يعطيها الطفلين يغمغم سريعا متلهفا:
- فتحية خلي بالك منهم أنا خلاص تعببببببت.

بصعوبة كبحت الخادمة ضحكاتها تحرك رأسها إيجابا وقف حسام يبحث عن صديقه أين زيدان مختفي منذ بداية الحفل تقريبا، اخرج هاتفه يود الاتصال به ليشعر بيد توضع علي كتفه التفت خلفه ليجد زيدان يقف خلفه عينيه ناعسة يبدو أنه كان نائما رفع حسام حاجبيه يتمتم مدهوشا:
- أنت فين يا عم بدور عليك من أول الفرح، إنت كنت نايم ولا ايه.

حرك زيدان رأسه بالإيجاب صعد لغرفته ليستريح قليلا قبل بداية الحفل لم يشعر بنفسه حين غط في نوم عميق رآها في حلم قصير ترتدي فستان زفاف أبيض تضحك له تهرول لاحضانه حلم سعيد لم يرد أن يستقيظ منه ابداا، توجه بصحبة حسام يجلسان علي مقعدين متجاورين جوار طاولة الطعام، التقط زيدان قطعة قريدس صغيرة يدسها في فمه، ليرتشف بعدها بعض العصير، نظر لحسام ليجد عينيه المعلقة بباب المنزل ابتسم يربت علي كتف صديقه:.

- ما تقلقش زمانهم جايين، خالي مأكد عليهم انهم يجيوا.

ابتسم متوترا قلبه يكاد ينفجر شوقا إليها وقد رآها فقط صباحا، اغمض عينيه متمنيا أن تمر اللحظات القادمة علي خير حين رأي لوجين والدة زيدان تتقدم ناحيتهم، اقتربت من الطاولة تقف أمامهم، زيدان يوجه انظاره للهاتف، هو يراها ويتظاهر أنه لا يفعل، امتلئت حدقتي لوجين بالدموع تنظر لولدها كم أرادت أن تحتضنه بقوة مرة واحد تضمه لأحضانها، لتهمس باسمه بنبرة خافتة حانية راجية:
- خالد!

لم يرد لم يرفع عينيه حتى وكأنها لم يسمعها من الأساس فقط يمسك هاتفه بيمناه واليسري يدق باصابعه علي سطح الطاولة مدت هي يدها بلحظة مفاجاءة تمسك كف يده، لتشعا بحركتها فتيل من نار غضب، رفع وجهه لها يرميها بنظرات قاسية، نزع يده من يدها بعنف ينظر لها مشمئزا، هب واقفا يشهر سبابته امام وجهها يهمس لها بنبرة غاضبة حادة عنيفة:
- اياكي، اياكي تفكري تلمسيني لولا اننا في فرح ووسط ناس كان ردي هيبقي مختلف تماما.

تركها وغادر دون كلمة أخري، وقفت هي تبكي ترتجف من شدة البكاء، قلبها يحترق من كلماته، للحظات شعر حسام بالشفقة عليها، كم أراد أن يقول شيئا ليهدئ من حدة بكائها ولكنه لم يجد، وفي تلك اللحظات تحديدا وقفت سيارة عمر في حديقة المنزل، فتحرك هو من مكانه سريعا ليكون في استقبالهم...
وقف أمام السيارة يفتح ذراعيه علي اتساعهما يغمغم في خبث:
- عمي حبيبي وجد عيالي شرفت يا غالي.

زفر عمر أنفاسه حانقا كم اراد أن يعود لسيارته يقودها بعنف يدهس بها ذلك السمج شبيه أبيه، شدد كف علي كف سارة ابنته يتجاوزه وكأنه فراغ لا قيمة له توجه بابنته إلى الحفل، لأن تالا متعبة واحتراما أيضا لمشاعر لينا زوجة خالد فضلت تالا عدم المجئ، سار عمر بابنته إلى أقرب طاولة ليجد حسام يقترب منهم يبتسم ابتسامة كبيرة يجذب مقعد فس يده وضعه جوار عمر ينظر له يغمغم مبتسما في ولة:.

- وحشتني يا عمي، إنت ما بتجيش ليه يا عمي، يا حبيبي يا عمي، ما تتجوزني بقي يا عمي
زفر عمر أنفاسه حانقا يغض علي شفتيه بغيظ مد يده يقبض علي نلابيب ملابس حسام يقربه منه يهمس له غاضبا:
- اسمع ياض يا ابن خالد إنت، لم نفسك بدل ما امسح بيك الحفلة كلها
ابتسم حسام في سماجة ينظر لعيني عمر متحديا ليميل عليه يهمس له جوار اذنه بنبرة جادة متوعدة:.

- ما هو بص بقي يا عمي، قسما ب**** لو ما جوزتني بنتك لهخليهالك تعيد سنة اولي سبع سنين، هي ما قالتلكش إن أنا الدكتور بتاعها، جوزهالي بقي وأنا هشرحلها مجانا، وهكشف علي مدام تالا مجانا، ما تجوزهالي بقي يا عم هو أنا هشحت منك
نظر عمر له باستخفاف ليدفعه بعيدا عنه نظر لابنته يسألها:
- هو صحيح الواد دا يبقي الدكتور اللي بيدرسلك.

حركت رأسها إيجابا تختلس النظرات ناحية حسام، نظرت لوالدها لتري تجهم وجهه ينظر لحسام حانقا بينما يبتسم الاخير في اصفرار يكاد يصيب ابيها بذبحة صدرية حادة.

أين هي، هل يهتم كثيرا يكذب أن قال إنه لا يفعل يريدها بكل ذرة في قلبه وروحه وجسده وينفر عقله منها بكل ذرة فيه خلياه الصلبة كالصخر، ولكن ذلك لا يمنع أن يبحث عنها يراها، يطمئن عليها، سعادة غريبة تدق قلبه حين علم أن نائل لم يمسسها، زوجته هو، لم تسمح لغيره بلمسها، لولا تلك الغصة العنيفة التي تؤجج قلبه، ظنا منه أنها أحبت ذلك الشيطان، فضلته عليه قبلت زواجه قلبه يحترق، أين هي وسحقا لقلبه الآن، بحث في الحديقة الخلفية فلم يجد سوي حمزة وهو يراقص بدور زوجته أو بمعني أصح يعلمها كيف ترقص والاخيرة تضحك بانطلاق، يبدو أن بدور سعيدة اخيرا بعد طول عذاب، تحرك بخفة حتى لا يروه لفت انتباهه باب غرفة التدريبات مفتوحة دفع بابها برفق تحرك داخلها يبحث عنها، ورآها تقف هناك كملاك حزين بفستانها بلون السكر خصلات شعرها المنسدلة تقف داخل حلبة الملاكمة التفتت له ما أن شعرت بوجوده وابتسمت بخفة، ابتسامة ذابت قلبه المذاب ابتلع لعابه يحاول امساك قلبه أن يفر إليها تسارعت أنفاسه سلبت لبه كما تفعل دائما حمحم يستعيد ثبات واهي يغمغم في هدوء جاف:.

- بتعملي ايه هنا، أنا قصدي يعني خالي بيدور عليكي
ابتسمت من جديد فتحت ذراعيها تشير إلى الحلبة لتعاود النظر إليه، دموع طفيف غزت مقلتيها حين ابتسمت تقول:
- فاكر لما جبتني هنا وقولتي برنسيسة عيلة السويسي لازم تتعلم تدافع عن نفسها، ساعتها أنا سكت، ما كنتش عارفة اقول إيه، أقولك أنا ضعيفة بخاف حتى من الناس، بخاف منك أنت نفسك، أنا عمري ما هقدر احمي نفسي ...

تقابلت أعينهم ليري تلك الطبقة الشفافة تغزو مقلتيها، يسيل منها القليل علي وجهها حين اردفت بانفعال تلك المرة:
- بعدت وطلقتني يوم ما قررت اسامحك، هربت يا زيدان وسيبتني، سيبته يلعب بيا، سيبته يجرني لشباكه، سيبته يموت ابننا
- ما ادتنيش اي فرصة يا لينا
غمغم بها بنبرة خافتة خالية من الحالية، يبعد عينيه عنها لتنزل هي من حلبة الملاكمة، امسكت بوجهه تدير وجهه إليه بعنف تصرخ بحرقة:.

- إنت السبب، كان كلامك كله تهديد ليا، شوية تبقي كويس وشوية تهددني، شوية بحبك وشوية هاخد ابني منك، شوية هطلقك وشوية هسيبك متعلقة، كنت حاسة اني لعبة بيتلعب بيها منكوا كلكوا، وجه هو اوهمني أنه الوحيد اللي واقف جنبي، الوحيد اللي هيفضل في ضهري الوحيد اللي هيساندني، بس ضحك عليا، زي ما انتوا ضحكتوا عليا...
- أنا ما ضحكتش عليا أنا كنت بحارب في حقي حبي فيكي كنتي عيزاني اسيبك تتجوزيه.

صاح بها منفعلا لتصرخ هي الاخري غاضبة:
- وفي الآخر عملت اييييه سبتني اتجوزه، في الآخر سيبتنئ فئ اكتر وقت محتجالك فيه، إنت الوحيد اللي كنت تقدر تمعنه أنه يلعب بمشاعري لو احتويتني طمنتني بس إنت كنت دايما بتهددني، كل الناس شيفاك مظلوم عشان ما كنتش في وعيك، طب أنا يا زيدان، أنا كنت في وعيي، أنا اللي اتذيت يا زيدان
ابتعدت خطوتين عنها ينظر لها يتنفس بعنف يصيح منفعلا:.

- وأنا حاولت بدل المرة ألف قولتلك كتير شوفي ايه يرضيكي وأنا مستعد اعمله مهما كان، كنتي بتجرحيني وتدوسي علي كرامتي وانتي بتقوليلي معاذ هيبقي آب لابننا وكلام كتير بشع، أنا حبيتك وحبيتك اوي كمان انما أنتي لاء يا لينا، أنا اللي طنت غلطان من الأول مش عشان حبيتك لازم انتي كمان تحبيني، ما سببناش لبعض غير الاذية والألم يا لينا الحكاية خلصت يا لينا، عن إذنك.

قالها ليأخذ طريقه لباب الغرفة حين كاد أن يغادر سمع صوتها يصيح من خلفه بحرقة:
- إنت لسه بتحبني يا زيدان قلبك عمره ما حب غيري
التفت لها برأسه يبتسم، ابتسامة بسيطة معذبة يغمغم ساخرا:
- اعمله ايه بقي مهزق
ومن ثم غادر لتجلس هي علي درجات سلم الحلبة تبتسم رغم دموعها مدت يدها تمسح دموعها تغمغم في اصرار:
- لسه الحكاية ما خلصتش يا زيدان.

في الخارج توجه زيدان يبحث عن صديقه ليجده يقف هناك جوار احدي السماعات الكبيرة، توجه يقف جواره ليلتقت حسام برأسه له يبتسم يتمتم ضاحكا:
- ابقي اتصل اطمن عليا بعد الفرح، بعد اللي هعمله دلوقتي
قطب زيدان جبنيه فئ عجب ماذا سيفعل صديقه الاحمق، تحرك حسام ناحية منظم الحفل يأخذ مكبر الصوت منه وقف في منتصف القاعة يغمغم مبتسما:
- مساء الخير يا جماعة ممكن معلش تسمعوني.

ساد الصمت حتى أن الموسيقي توقفت نظر حسام للحفل امامه تحديدا ناحية طاولة عمر وسارة التي تبرق كليلة وردية جميلة بفستانها الوردي اللامع تنهد يغمغم مبتهجا:.

- أنا آسف اني قاطعت الحفلة بس معلش في كلمتين محشورين في زوري هموت لو ما قولتهمش، أنا حسام خالد السويسي، دكتور نسا عندي 32 سنة، آه أنا مش صغير علي الحركات دي بس سامحوني، أنا عيشت عمري كله بشتغل بس، حياتي عبارة عن شغل ودراسات عليا وماستجير ودكتوراه وزمالة من جامعة مش فاكر اسمها ايه، نمط حياة روتيني قررت اني ما اغيروش ابدا، لحد ما وقعت في طريقي، علي فكرة اول مرة شوفتها فيها كانت في الفيلا دي بردوا، نجمة بتنور اي عتمة، نجمة أول ما قلبي شافها اتمرد عليا وعري نمط حياتنا وقالي هي دي حياتي، أنا عمري ما عرفت يعني ايه حب رغم اني عندئ 32 سنة، بس لما ابقي مش عايز اشوف غيرها فئ حياتي يبقي هو دا الحب، لما احس اني مسؤول عنها في كل لحظة يبقي هو دا الحب، لما وشها يبقي أول وش بشوفه وسط ألف شخص هيبقي هو دا الحب، سارة يا بنت عمي عمر، أنا بحبك قدام الناس دي كلها ووعد مني قدام **** قبلكوا كلكوا اني هشيلك جوا عينيا وفوق راسي، بس يقولي لابوكي يوافق.

انهي كلامه ينظر لوجوه الحاضرين المذهولة سمع صوت تصفيق نظر خلفه ليجد لينا زوجة ابيه تصفق له بحرارة ابتسم لها ليصفق له زيدان ويبدأ الحضور واحدا تلو الآخر يصفقون له، بينما هو عينيه هناك عند عمر ينظر له كم يتمني أن يوافق وقف عمر في تلك اللحظات يصيح عاليا:
- واد يا ابن خالد ياللي شبه أبوك إنت، اوعدني أنك هتحافظ علي البنت.

توسعت عيني حسام في ذهول تكاد الفرحة تقتل قلبه ليحرك رأسه إيجابا سريعا دون توقف ليضحك عمر يقول:
- أنا موافق يا سيدي..

الفصل مئة واثنا عشر

سعادة يكاد عقله ينفجر منها، أخيرا حصل على موافقة عمه، ستزوجها لو الأمر بيده لتزوجها في الحال، انتفضت ذرات جسده أجمع تصرخ من الفرحة بينما هرول هو ناحية عمر يعانقه بقوة يصرخ فرحا:
- موافق، بجد موافق، قول و**** العظيم أنك موافق
ضحك عمر يآسا ينظر لذلك الشاب الذي من المفترض أنه تجاوز الثلاثين، رفع يده يحاول إبعاده عنه يغمغم ضاحكا:
- يا سيدي موافق اغنيهالك، اوعي ياض بقي خنقتني.

ابتعد حسام عن عمر ينظر بأعين لامعة لسارة الجالسة هناك وجهها يكاد ينصهر من شدة خجلها، لما تخفض رأسها بتلك الطريقة لما تمعنه من رؤية ما يبقيه حيا يتنقس، تحركت قدميه ناحيتها مسلوب الإرادة ليشعر بيد تقبض على كتفه تمنعه من التقدم نظر خلفه ليجد عمر يقبض على تلابيب ملابسه، ينظر له باستهجان يتمتم ساخرا:.

- إنت رايح فين لمؤخذة، جو الأفلام الاجنبي و she said yes وتاخدها بالحضن وتلف بيها دا هناك عند ولاد العم سام، إنما هنا تجيب أبوك وتيجي تتقدم رسمي، فاهمني يا حوسو.

امتعضت قسمات وجه حسام غيظا فقط تصبح تلك الصغيرة زوجته ويقسم أنه سيذيق عمر مما يفعله به الآن، تحركت عينيه تلقائيا حين شعر بنظرات حارقة تحدق فيه نظر صوبها ليجد أبيه يرميه بنظرات قاتلة حادة متوعدة، رأي وعيد حاد في عيني أبيه كأنه يقول له انتظر إلى أن ينتهي الزفاف، وسأجعل من بقايا عظامك عصير فراولة، قاطع تلك اللحظات صوت منظم الحفل وهو يعلن عن رقصة الزفاف الختامية، بسرور اصطحب أدهم مايا إلى باحة الرقص هم في المنتصف، ابتسم عمر لحسام ابتسامة صفراء ليمسك بيد ابنته يتوجه بها ناحية ساحة الرقص، ومن بعدهم خالد ولينا، وحمزة وبدور، وفارس وياسمين، لتميل منيرة على ذراعي روحية تأخذ الفتاة منها لكزت مراد في ذراعه تحادثه حانقة:.

- قوم أرقص مع مراتك زي ما كل الرجالة دي بتعمل يلا إنتوا مش أقل منهم
حمحم ينظر لروحية قام من مكانه يمد كف يده لها توترت حدقتيها قبل أن تمد يدها بتردد ظاهر شعر هو به من ارتجاف كفها داخل كفه جذبها لتقوم برفق، يتحرك بصحبتها إلى ساحة الرقص وقف أمامه تخفض رأسها أرضا تتمتم بارتباك خافت:
- ااا، اانا ما بعرفش ارقص
ابتسم ببساطة رفع كتفيه لأعلي يغمغم:
- و**** ولا أنا، بصي احنا نعمل زي ما هما بيعملوا.

حين رفعت رأسها كان أول زوجين وقع عينيها عليهم أدهم ومعه مايا، مايا تلف ذراعيها حول عنق تنظر لعينيه ترتسم على ثغرها ابتسامة جميلة واسعة، بينما أدهم يلف ذراعيه حول خصرها يقربها منه يبتسم هو الآخر ابتسامة رائعة وكأن فاز بجائزة عظيمة بعد طول عذاب، انتفض جسدها حين شعرت بيد مراد تمسك كف يدها نظرت له سريعا لتراه يبتسم، ابتسامة جذابة، لحظة هل قالت توا عن ابتسامة مراد جذابة!، توسعت عينيها في دهشة حين شعرت به يلف ذراعيها حول عنقه، في اللحظة التالية تجمدت الدماء توقفت عن الجريان بين خلاياها.

اختفت أنفاسها، تضاربت دقات قلبها بعنف لا تعرف أهو خوف أم قلق أم شعور آخر جديد لم تعرفه قبلا، حين لف ذراعيه حول خصرها يقربها منه فقط خطوة واحدة ارتجفت ساقيها تحاول التناغم مع حركاته البطيئة الماهرة، المخادع يخبرها بأنه لا يستطيع الرقص وهو يتحرك مثل الجميع، ارتجف قلبها تشد قبضتها حول عنقه متوترة تشيح بوجهها بعيدا بينما كان يبتسم وهو ينظر إليها بالقرب منهم في تلك الساحة التي ليست بالصغيرة على الإطلاق، نغمات العشق بين زوجي العشق ابدا تعب القلم من وصفها ولم يقدر حتى عن التعبير عن جُزئ صغير للغاية جُزئ من الكترون واحد فقط يدور في حلقات العشق اللامتناهي هنا البداية ولا تبحث لهم عن نهاية ففي قاموس العشق لا الأحبار تكفي ولا الأوراق تُشبع ولا الكلمات وحدها تعبر عن فيضان يُغرق القلوب، يسلب العقول، يسحر الألباب، العاقل هنا هو المجذوب.

سحر خاص جمع زرقة السماء الصافية بصخور الأرض الصلبة منذ سنوات، وامطار السماء تروي الصخور بقطرات عشق لن يجف حتى مع كلمة النهاية...
جل ما فعلته انها اقتربت منه تضع رأسها على صدره ذراعيها حول عنقه تنهدت تهمس له حالمة:
- بحبك.

أحاط روحه جيدا بذراعيه يغرزها داخل اسوار قلب هي من أسست بنيانه، قلبه تشكل على عشقها، قلب لن يعرف غير قلبها مرسى له، بعد طول صراع يرسو بقاربه على شاطئ كالجنة، ينهل فيه من كل ألوان النعيم وابدأ لن يكتفي، ابتسم ينطق بكلمة واحدة، كلمة كقطرة لا تكفي ابدا للتعبير عن طوفان هائج يهمس لها:
- بعشقك.

ومن هنا لهنا من حب تأسس من الصغر لشعور آخر مختلف، علاقة أخري ربما الحب لم يعرف طريقه فيها وربما هو حب من نوع آخر، ان كان احتواء كل منهما للآخر في أوج وأقل حالاته ضعفا فهو حب، إن كانت الضحكات الصافية التي يرسمها كل طرف على وجه الآخر حب فهو حب، ان كان الأمان الذي يمنحها إليه، السعادة الاحتواء الحنان لها ولأطفالها حب فهو حب، حب من نوع آخر، حب راهن الجميع على جنون أصحابه ولكننا قلنا قبلا أن في قانون العشق العاقل هنا هو المجذوب، فمبالك بالمجنون لقب لم يُطلق سوي على فرد واحد في قاموسنا الامتناهي هو خالد فهو خالد الاسم والصفة والعشق!

التفت الحلقة لتذهب ناحية فارس وياسمينته تلك الوردة النضرة التي حافظ على رونقها رغم مرور سنوات، فالوردة لا تبذل بالعمر، الوردة تبذل بالإهمال، وهو ابدا لم يكن ليُهمل زهرته، كلماته حنانه عشقه لها، كانت قطرات الحياة التي حافظت على نضارة وردته سنوات طويلة يعشقها فيهم، مال برأسه يقبل قمة رأسها يهمس لها بعشق جارف:
- بحبك يا ياسمينة قلبي من اول يوم وقعت عيني عليكي وأنا عارف إن قلبي هيبقي ليكي.

ابتسمت بخفة تريح رأسها على صدره سنوات من العشق يعلوها الإحترام والتقدير، دائما ما يشعرها أنها لازالت تلك الشابة التي أحبها، الشابة التي جمعها به قصة عشق جديدة بعد نهاية مؤلمة لقصة قدمية تنهدت بحرارة تغمغم بولة:
- وأنا بعشقك يا فارس أحلامي.

هنا العشاق وهناك من حاولوا يوما أن يكونوا مثلهم، اختلست لينا النظر إلى ساحة الرقص تنظر للجميع تتخيل نفسها بينهم كانت يوما هي هناك نجمة الليلة بفستانها الأبيض تتمايل بين أحضانه بين جموع الناس، اختلست عينيها النظرات إليه لتجده يقف هناك يستند إلى احدي الطاولات ينظر لساحة الرقص بابتسامة باهتة لامبالية، شهقت فجاءة تبتعد بعينيها عنه حين شعرت بيد حسام تقبض على رسغ يدها يجذبها لساحة الرقص، نظرت له مدهوشة تتمتم حانقة:.

- إنت اتجننت يا حسام اوعي سيبني
ولكنه لم يهتم جذبها لساحة الرقص جوار عمر تقريبا نظرت لينا لسارة لتعاود النظر لحسام تبتسم ساخرة اقتربت برأسها منه تغمغم متهكمة:
- يا ابني أهمد بقي، أنت فاكر أن عمك عمر هيخيلك ترقص مع سارة دا في المشمش يا حوسو
نظر حسام لشقيقته حانقا ابتسم في سماجة قبل أن يلتف بها ويصبح هو بالقرب من عمر بدلا من لينا، رسم واسعة على شفتيه يحادث عمر ببراءة:.

- نبدل يا عمي، اصل لينا بتقولي رقصك وحش وعمي عمر رقصه أحسن منك ألف مرة ولا ايه يا لينا
نظر حسام للينا لترفع الاخيرة حاجبها الأيسر ساخرة تأوهت حين داس حسام على قدمها بحذائه لتغمغم سريعا:
- آه ايوة طبعا اكيد
ضحك عمر ساخرا ينظر لحسام نظرات تحدي ساخرة يتمتم متهكما:
- دا لما تشوف قفاك يا دكتور، عن اذنكوا
قالها ليبتعد بابنته عنهم، لتحتد عيني حسام ينتفس بعنف، كشر عن جبينه نظر لشقيقته يتمتم في غيظ:
- بومة.

توسعت عينيها مدهوشة كادت أن تمطره بوابل من السباب الا أنه قد تركها ورحل، ولكن لينا لم تكن لتترك ثأرها حملت طيات فستانها تتحرك في المكان تبحث عنه هنا وهناك تتوعد له برميه في المسبح ما أن تجده، لتشعر بأحدهم يربت على كتفها التفتت خلفها سريعا لتتوسع عينيها في دهشة نظرت للفاعل تتمتم مدهوشة:
- مروان!

ابتسم ذلك الشاب الذي يدعي مروان ساهر، ذلك الطبيب الذي رأته حين كانت في بيت آل زيدان، هو نفسه الفتي الذي قبلته قبل سنوات وهي ****، يقف امامها بحلة سوداء وقميص كمعظم الحضور، يحمل في يده علبة حلوي متوسطة الحجم بها قطع الشوكولاتة مد يده لها بها يغمغم مبتسما:
- اتفضلي دي عشانك، أنا كنت بتصل بوالدك من قريب عشان اسلم عليه، هو عزمني على الفرح واصر اني اجي بس واضح اني اتأخرت.

والدها، التفتت برأسها سريعا تنظر ناحية والدها ليشيح خالد برأسه بعيدا قبل أن تراه ابنته ولكنها قد فعلت ابتسمت في خبث، الآن فقط فهمت إلى ما يخطط والدها، حيلة قديمة عرفت من والدتها انها استخدمتها قبلا، ولكن لما لا، إن كان زيدان تلميذ والدها فالطبع ستنطلي عليه الحيلة، عاد تنظر لمروان تبتسم في رسمية مجاملة تغمغم:
- شكرا على الشوكولاتة...

اخذت منه العلبة، تضعها على الطاولة جوارها، جلست على أحد المقاعد ليجلس هو على المقعد أمامها، لحظات من الصمت عينيها تبحث عن زيدان تحاول أن تراه، بشكل لفت انتباه مروان ليسألها متعجبا:
- بتدوري على حد
ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها نفيا، ليقوم مروان من مكانه يمد يده لها يغمغم مبتسما:
- تحبي نرقص.

نظرت لوالدها لتراه يحدجها بنظرة قاتلة يحذرها من أن توافق، يبدو أن مروان يتصرف من تلقاء نفسه ليست تلك تعليمات والدها ابداا، ولكن بعض المغامرة سيكون اكثر من جيد، ابتسمت لمروان تضع كفها في كفه، قامت معه فقط خطوتين لتشعر بيد قاسية لم تكن يوما بتلك القسوة تقبض على ذراعها نظرت خلفها سريعا تنظر للفاعل لتجد زيدان يقف خلفها يحدجها بنظرة توازي الجمر.

اشتعالا رقص قلبها فرحا، رقص قلبها فرحا من نظراته المخيفة قبضته القاسية، زيدان يغار لم يحتمل وجود مروان جوارها، جذبها بقوة لتصبح خلفه يمسك برسغ يدها نظر لمروان ابتسم يتمتم:
- نورتنا يا دكتور، اكيد الفرح نور بوجودك، بس معلش احنا بنات عيلتنا ما بترقصش مع رجالة غريبة، صعايدة بقي
ابتسم مروان في هدوء يرفع كتفيه لأعلي يغمغم ببساطة:
- لا ابدا، ما حصلش حاجة، أنا هسلم على خالد باشا وامشي عن اذنكوا.

تحرك مروان ناحية خالد، في حين التفت زيدان للينا للحظات شعرت بقلبها يدق خوفا منه ألم تكن عينيه زرقاء لما تشعر بها اسود من الليل الحالك، لم يقبض على فكه، يشد على أسنانه بتلك الطريقة، نظر للأرض للحظات يحاول أن يهدي لتتوسع عينيها هي في هلع حين ظنته يود قتلها ودفنها هنا، شهقت مدهوشة حين شعرت به يجذبها لساحة الرقص وقف أمامها يمسك كفها فئ أحد كفيه يضع كفها الآخر على كتفه يتحرك معها ينظر لعينيها يتمتم حانقا:.

- ارقصي يا بنت خالي، بدل ما ترقصي مع راجل غريب، ما احنا مش بقرون قدامك، لو فاكرة اللي بتعمليه دا حرية وتحرر، تبقي غبية دا قمة قلة الأدب، لو فاكرة أنك كدا هتخليني اغير تبقي بتعيدي نفس غلطتك تاني...
وقفت تنظر له تتنفس بعنف كم أرادت أن تخدش وجهه باظافرها على ما قال، جذبت نفسها بعيدا عنه عادت خطوتين للخلف ابتسمت تتمتم ساخرة:.

- بتحاسبني وناسي نفسك، هي فين انجليكا صحيح مش شيفاها، مين قالك أن أنا عيزاك تغير، أنت بنفسك قولت الحكاية خلصت
أنهت كلامها لتحمل طيات فستانها تغادر إلى المنزل، بينما وقف زيدان ينظر في أثرها للحظات قبل أن يأخذ طريقه هو الآخر ويغادر، في تلك اللحظات كانن لوجين على وشك أن تستقل سيارة محمد ليعودا للمنزل، رأت زيدان يخرج من المنزل لتنزل هي من السيارة سريعا تقاطعه في منتصف الطريق تهتف باسمه بتلهف:.

- زيدان يا ابني اسمعني عشان خاطري
- ابعدددددي عني مش عايز اشوف وشك لآخر يوم في عمري، أنتي برة حياتي من زمان مالكيش مكان فيها دلوقتي
صاح بها بقسوة ليترك المكان ويغادر إلى سيارته وقفت لوجين تنظر مكان ما كان يقف تبكي بحرقة تضع يدها على قلبها ليأتي محمد إليها ربت على كتفها يطالعها بنظرات حزينة مشفقة ليأخذها إلى السيارة.

أخيرا انتهي الزفاف وقف الجميع يودع العروسين ترك أدهم سيارته لمراد، ليذهب بها هو والعائلة، أصر حمزة على أن يوصل العروسين إلى منزلهم، انطلقت سيارة حمزة وبدور والعروسين خلفها سيارة مراد وباقي أسرتهم، تحركت سيارة رشيد بصحبة سيارة فارس، إلى منزل الأخير، رحل الجميع ولم يبقي سوي خالد ولينا وحسام، التفت خالد لحسام يرميه بنظرة نارية مد يده ينزع طوقه الجلدي لفه حول يده ينظر لحسام متوعدا يصيح:.

- دا أنا هعلق أهلك على اللي عملته
توسعت عيني حسام في هلع لحظة اثنتين ثلاثة قبل أن يركض هلعا لداخل المنزل وخالد خلفه، ولينا تقف تضحك عليهم.

لم يكن يظن بأن الطريق من منزل خالد لمنزل أدهم سينتهي بتلك السرعة ولكن انتهي، وقفت السيارة امام عمارة سكنية في منطقة هادئة ليست بتلك الراقية للغاية ولكنه حي هادئ تزينه الأشجار، نزل حمزة من السيارة يفتح الباب المجاور لمايا نزلت ابنته الصغيرة التي صارت عروسا بين ليلة وضحاها اقترب منها يعانقها يقبل رأسها يغمغم:
- خلي بالك من نفسك يا حبيبتي، ولو احتجتيني في اي وقت كلميني على طول.

ابتسمت مايا تعانق والدها ليضمها حمزة إليه يشدد على عناقها للحظات تجسدت أمام عينيه ذكري قديمة وهو يحتضنها **** صغيرة كبرت لتصبح عروسا، اقتربت بدور منها تعانقها بحنان اموي، التفت أدهم ناحية حمزة اقتربت منه يعانقه دون كلام ادمعت عيني حمزة يربت على رأس ولده يغمغم راجيا:
- انتوا الاتنين غلاوتكوا واحدة في قلبي، بس أنا المرة دي هقولك خلي بالك من مراتك يا أدهم ما تزعلهاش ابدا يا إبني، ولو عشان خاطري أنا.

ابتعد أدهم عن حمزة يقبل كف يده يردف مبتسما:
- مايا جوا عينيا وفوق راسي ما تشلش هم ابدا يا بابا
انسابت الدموع من حدقتي حمزة يعانق الإثنين لفترة طويلة قبل أن يودعهم ظل يقف هناك ينظر لهم إلى أن اختفوا داخل المصعد ليلتفت لبدور التي ربتت على كتفه تبتسم له في رفق ليبتسم لها هو الآخر وقف للحظات قبل أن يأخذ طريقه عائدا إلى بيته، دون ابنته لأول مرة.

اخيرا وصل العروسين إلى عش عشقهما السعيد، على الرغم من أن مايا رأت عش الزوجية ما يزيد عن عشر مرات ولكنها رغم ذلك وقفت تنظر له منبهرة وكأنها تري منزلها للمرة الأولي، التفت حول نفسها في صالة المنزل تغمغم ضاحكة بسعادة:
- أنا مبسوطة اوي يا أدهم أنا أسعد إنسانة في الدنيا النهاردة
ضحك يراقب حركاتها العفوية، هو الآخر يود أن يصراخ بمدي سعادته لا يصدق أنه بعد طول.

صراع انغلق باب واحد عليهما معا اخيراا، اقترب منها يعتصرها بين أحضانه يغمغم بتلهف عاشق:
- مبسوطة، أنا لو فضلت ميت سنة اقولك اصرخ بفرحتي بيكي مش هيكفي.

ابتسمت، شقت شفتيها ابتسامة كبيرة، تركته يقف مكانه كالابله تحمل طيات فستانها الكبير تتحرك به في ارجاء المكان وهو يسير خلفها، تنظر لمحتويات الشقة بنظرات مدهوشة وكأنها تراها للمرة الأولي، التفتت تتوجه للمطبخ ليقاطع طريقها وقف امامها يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا:
- ايه يا مايا الانبهار المبالغ فيه دي، حبيبتي انتي اللي فارشة الشقة فوقي، احنا مش فيلم عربي، ما فيش كاميرا ماشية ورانا.

ضحكت رغما عنها، تنظر له تعبس بدلال، لينحني هو بجذعه يحملها بين ذراعيه يتوجه بها للداخل يحادثها مبتسما في عبث:
- عارفة القدماء المصريين كانوا بيكتبوا ايه على ضهر عربياتهم الحربية
قطبت جبينها تحرك رأسها نفيا ليغمزها هو بطرف عينيه يكمل عابثا:
- ما تيجي في التابوت ونجيب حتشبسوت، احنا نصلي وأنا هحكيلك حكاية حتشبسوت كلها
ضحكت لتندمج ضحكاته مع ضحكاتها قبل أن تختفي شيئا فشئ خلف الباب المغلق.

العكس تماما ما حدث هنا الطريق من منزل خالد للحارة لم يكن بذلك القصر، وقفت السيارة اخيرا أمام عمارتهم السكنية في حارتهم البسيطة، نزلت روحية ومن بعدها منيرة، التي اقتربت من روحية تأخذ الصغيرة من بين ذراعيها تغمغم ناعسة:
- أنا هاخد ملوكة تنام في حضني النهاردة، يلا تصبحوا على خير
اقتربت من مراد في طريقها تهمس له بصوت خفيض حتى لا تسمعهم روحية:.

- اتلحلح شوية، عايزة اشوف أخ ولا أخت لملوكة ولا أنت مالكش غير في الشمال غير موكوس كاتك الارف.

توسعت عيني مراد ينظر لجدته مدهوشا ماذا فعل هو الآن لتقول هذا، ابتسم يآسا يحرك رأسه، نظر لروحية كالعادة تشيح بعينها بعيدا عنه لا يعلم أهو نفور أم خجل، يتمني فقط الا يكون نفور، تقدمته للداخل تصعد وهو خلفها إلى أن وصلت إلى باب منزلهم، افسحت له المجال يفتح الباب، تقدمت لتدخل في نفس اللحظة التي تقدم هو فيها، ليصطدما ببعضهما عند الباب شحب وجه روحية حين اصطدم جسدها بجسد مراد تنظر له متوترة ليحمحم الأخير مرتبكا افسح لها المجال دخلت هي سريعا إلى المنزل، ليلحق بها مراد، توجهت لغرفتها لتسمع صوت مراد يأتي من خلفها يسألها:.

- مش جعانة
حركت رأسها نفيا يكفي ما حدث لليوم لم تكن ابدا قريبة منه بذلك القدر، دخلت إلى غرفتها سريعا تحتمي بها جلست على مقعد في غرفتها تتنفس بعنف، تضع يدها على قلبها يمر أمام عينيها كل ما حدث اليوم، وتلك المشاعر الجديدة الخاصة التي باتت تختبرها، ومع من مراد!، تنهدت حائرة ربما هي فقط تحتاج للنوم قامت تبدل ثيابها، في لحظة فتح مراد لباب الغرفة فجاءة يغمغم سريعا:
- روحية منيرة بتسألك.

انحبست الكلمات داخل فمه يشيح بوجهه بعيدا بينما صاحت هي فزعة تشدد من احتضان فستانها ليغمغم هو سريعا متلهفا:
- أنا آسف، أنا آسف، ما كنتش اعرف
أغلق الباب سريعا وقف ينظر لباب الغرفة يقطب جبينه متعجبا يحادث نفسه لما اعتذر أليست من في الداخل زوجته!

بدلت روحية ثيابها تجلس على فراشها تتنفس بعنف ذلك الوقح دخل غرفتها دون أن يدق الباب، ولكن الغريب في الأمر ما شعرت به لم يكن خوفا بل خجلا من مشاعر تصر بعنف على دق باب قلبها المغلق.

مرت عدة ايام على ذلك اليوم، في صباح أحد الأيام هو نفسه اليوم المتفق عليه ليذهب حسام لطلب يد سارة.

صباحا في الجامعة يجلس في مكتبه وابتسامة واسعة تغزو ثغره سيراها بعد قليل وسيراها الليلة، الليلة بداية جديدة لأولي خطوات حياتهما معا، يشعر بالسعادة تغمر كيانه، ينظر لوجوه المحاضرين على مكاتبهم بابتسامة كبيرة حتى ظن البعض منهم أنه أبله او يعاني حالة نفسية ما، أمسك هو كوب الشاي الخاص به يضعه على حافة سور الشرفة ينظر للخارج يبحث بعينيه عنها ربما يراها، دقيقة اثنتين ثلاثة إلى أن وقعت عينيه عليها اخيرااا، اخيرا رآها، ولكن مهلا من ذلك الشاب التي تقف معه ولما تبتسم له، صدقا خصلات شعرها الحريرة تتساقط على وجهها لتسرع بازاحتها، ذلك الأحمق لما تكاد الابتسامة تأكل وجهه، ذلك الشاب يعرفه، هو أحد الطلاب في دفعة سارة، رآه قبلا في المحاضرات، عن ماذا يتحدثان، ولما تبتسم للمرة المليون، كاد أن ينزل لأسفل ليهشم عظام ذلك الفتي، لينذكر أنه طبيب في الجامعة هنا وما سيفعله يعتبر جريمة، تنهد بقوة يحاول أن يهدي ترك الكوب مكانه يشاهد بدلا عنه ما سيحدث، ليحمل هو حقيبته، ينزل لأسفل، حيث يقفان رآهم أمامه مباشرة، لازالت تبتسم، تحركت ساقيه ناحيتها وقف بالقرب منهم يغمغم بابتسامة صفراء:.

- صباح الخير يا دكاترة ايه واقفين هنا ليه، المحاضرة هتبدأ بعد عشر دقايق
ابتسم الفتي ينظر لحسام يغمغم سريعا:
- ابدا يا دكتور هنلحق المحاضرة حالا يلا يا سارة
نظر حسام لسارة ساخرا خاصة مع كلمة الفتي، لتتوتر ابتسامتها تنظر للفتي تغمغم في ارتباك ظاهر:
- معلش روح أنت يا شهاب، أنا هكلم والدي قبل المحاضرة
حرك الفتي رأسه بالإيجاب يلوح لها ليتركهم ويغادر، التفت حسام لسارة ابتسم ابتسامة صفراء قاتمة يغمغم ساخرا:.

- لذيذ شهاب، بقالكوا الابتسامة هتاكل وشك خير كان بيقولك نكت، وبعدين شعرك السايح النايح، فين حجابك، انتي مش كبرتي بما فيه الكفاية عشان تمشي بشعرك كدة...
تبدلت نبرته الساخرة لاخري حادة متوعدة:
- أنا مش هسألك كنتوا بتتكلموا في إيه، بس اعتبريه أول وآخر تحذير على **** اشوفك واقفة مع ولد تاني، كلامي مفهوم يا سارة.

دون كلمة أخري تركها وغادر، وقفت هي ترتجف بعنف تنظر في اثره مصدومة، لما تغير بذلك الشكل ماذا فعلت هي خطاء، الفتي فقط كان يسألها عن محاضرة الأمس...
حسام متحكم تماما كعمها، تنهدت حائرة تتوجه ناحية غرفة المحاضرات بخطي ثقيلة، دخلت إلى الغرفة تجلس في اول مقعد فارغ رأته، لحظات ودخل حسام واجم الوجه مقطب الجبين وضح حقيبته على المكتب بحدة يغمغم بجفاء:.

- كله يشيل الكتي من قدامه أنا قايل من الاسبوع اللي فات أن فيه إمتحان، والمفروض تكونوا جاهزين.

توسعت عينيها في هلع الامتحان نسيت أمره تماما، حرفيا مذاكرتها لا تسمح لها بربع الدرجة، ابتلعت لعابها خائفة تدعو في قلبها أن يمر الأمر مرور الكرام، رفعت وجهها لحسام حين وضع الورقة امامها رأي في عينيها تلك النظرة الخائفة المرتعدة، ليشعر بوخزة عنيفة في قلبه حاول تجاهلها هو هنا المحاضر، الامتحان كان حقا صعب، حسام تعمد أن يأتي بكل كلمة شرحها حتى يعرف من منهم انتبه له، لا تعرف حتى بما أجابت، ما إن انتهي الوقت كانت اول من قام من مكانه يعطي وضعت الورقة على مكتب حسام دون أن تنظر إليه لتأخذ طريقها سريعا إلى الخارج بالكاد تحبس دموعها، توجهت إلى السيارة التي تنتظرها بالسائق ما أن دخلتها استندت برأسها إلى زجاج السيارة تترك لدموعها العنان، لما فعل ذلك فيما اخطئت هي، كانت تظن أن اليوم سيكون من أسعد أيام حياتها ولكن العكس تماما ما حدث، مسحت دموعها سريعا ما أن وقفت السيارة، نزلت منها صعدت إلى منزلها تدق الباب ليفتح لها عمر ابتسم ما أن رآها يغمغم مبتهجا:.

- اهلا بدكتورنا وعروستنا الحلوة، مالك يا حبيبتي انتي كويسة
ابتسمت ابتسامة شاحبة تحرك رأسها بالإيجاب، بالكاد خرج صوتها المرهق:
- ايوة تعبانة بس شوية، عن إذنك هدخل انام
دخلت إلى غرفتها مباشرة تصفع الباب عليها، ليقطب عمر جبنيه قلقا ما بها سارة، كاد أن يذهب إليها حين دق الباب من جديد توجه يفتحه لتتوسع عينيه فزعا حين رأي سارين تقف أمامه تحمل حقيبة ثيابها تبكي بلا توقف!

الفصل مئة وثلاثة عشر

توسعت عيني عمر في فزع حين رأي ابنته تقف أمام الباب تحمل حقيبة ثياب في يدها، تتساقط الدموع تغرق وجهها لحظات وظهر خلفها عثمان الذي توسعت عينيه في دهشة حين رآها تبكي، لما تبكي من الأساس، امسك عمر يد ابنته يجذبها لداخل المنزل ليندفع كالسهم ناحية عثمان يقبض على تلابيب ملابسه يصيح فيه:
- عملت ايه في البنت، جايبلها بشنطة هدومها معيطة، اكيد عملت فيها كارثة، و*** يا عثمان لو كنت اذيتها لهقتلك.

نظر عثمان لسارين مدهوشا ليعاود النظر لعمر، رفع يديه يزيح يدي عمر عن ملابسه ابتسم يتمتم في بساطة:
- اهدي يا عمي أنا عاذرك لما أب يشوف بنته واقفة معيطة قدام باب بيته يبقي اكيد حصل مصيبة، بس الموضوع فيه سوء تفاهم.

ضيق عمر مقلتيه ينظر لعثمان في شك نظرات حادة تحمل وعيد قاتل أن كان مس ابنته بسوء، التفت عمر يدخل للمنزل ليدخل خلفه عثمان يغلق باب المنزل، توجه عمر ناحية ابنته يجذب يدها ناحية غرفة والدتها، نظر لعثمان ابتسم باصفرار يتمتم:
- استناني هنا...

ضحك عثمان يآسا الآن فقط عرف مين أين ورثت سارين جنونها، ارتمي بجسده على اقرب مقعد ليجد أمامه كوب عصير وصحن به بعض التسالي وجهاز التحكم الخاص بالتلفاز يبدو أن عمه العزيز كان على وشك مشاهدة فيلم ما، ابتسم يلتقط جهاز التحكم يبحث بين القنوات إلى أن وجد قديم يحبه، وضع جهاز التحكم مكانه ليتلقط كوب العصير وصحن التسالي يضجع بظهره إلى الأريكة يشاهد التلفاز.

في الداخل، ارتمت سارين بين أحضان تالا تبكي لتشهق تالا مفزوعة من حالها حاوطتها بذراعيها تتمتم فزعة:
- في ايه يا سارين، حصل ايه يا حبيبتي، ما تفهمني يا عمر
رفع الأخير كتفيه لأعلي بمعني أنا لا أعلم، بينما ظلت سارين تحرك رأسها نفيا بعنف مرة بعد أخري، اقترب عمر من ابنته يمسح على رأسها برفق يسألها جزعا:
- مالك يا سارين في ايه يا بنتي.

وهي فقط تحرك رأسها بالنفي، نظرت تالا لعمر لتمد يدها ناحيته تربت على كتفه تهمس له بصوت خفيض قلق:
- عمر، معلش اخرج برة، يمكن مكسوفة تتكلم قدامك.

شحب وجه عمر قلقا، هل يمكن أن يكون ذلك الفتي فعل شئ سيئا لتلك الدرجة التي تجعل ابنته تخجل من الحديث أمامه، اشتعلت نيران غضبه ليخرج من الغرفة اندفع غاضبا ناحية الخارج ليجد عثمان في حاله تلك يضجع على الاريكة يأكل التسالي يشرب العصير، يضحك على ما يحدث في الفيلم أمامه، اندفع عمر ناحيته يصيح محتدا:
- يا برودك يا اخي قاعد تاكل فشار وتضحك، انطق ياض عملت ايه في البت مخليها مكسوفة تتكلم قدامي.

ابتسم عثمان في هدوء تام ليعتدل في جلسته يضع ما في يده على الطاولة امامه ابتسم يغمغم ساخرا:
- ما يمكن ما فيش اصلا حاجة تتحكي، أنا نفسي ما اعرفش بنتك بتعيط ليه
ارتمي عمر على المقعد المجاور للاريكة التي يجلس عليها عثمان يصيح فيه:
- وشنطة هدومها، ما تعرفش عنها حاجة بردوا جايبلي البت معيطة بشنطة هدومها وتقولي ما عملتلهاش حاجة، اومال مين اللي عمل أمي.

ابتسم عثمان ساخرا ليتحرك من مكانه ناحية باب المنزل حيث وضع حقيبة سارين الاخري التقط الحقيبتين ليعود لعمر، وضع الحقائب على الطاولة امامه ابتسم يتمتم متهكما:.

- الشنطة دي فيها الفستان اللي سارين هتحضر بيه قراية فتحة أختها النهاردة، قالتلي عايزة ابات مع سارة النهاردة يا عثمان قولت ماشي، خدي معاكي بيجامة واحدة لانها ليلة واحدة والصبح بدري هاجي اخدك، وقفنا بالعربية قدام البيت نزلت هي الأول، وقالتلي عثمان هات الشنطة التانية فيها الجزمة وشنطة الميكب بتاعتي وهدية جيباها لسارة، قولتها حاضر ركنت العربية وجبت الشنطة وطلعت لقتيها بتعيط ليه ما اعرفش!

لانت قسمات وجه عمر قليلا يعقد ما بين حاجبيه إن كان ما يقوله عثمان صحيحا إذا لما ذلك البكاء العنيف من ناحية سارين هو حقا لا يفهم، عاد ينظر لعثمان يسأله:
- انتوا كنتوا متخانقين قبل ما تيجوا
حرك عثمان رأسه نفيا، صمت للحظات لينتهد حائرا يعاود تحريك رأسه بالإيجاب نظر لعمر يردف:
- سارين عيزاني أسيب السباقات وركوب الخيل، خايفة ليحصلي اللي حصل قبل كدة
بس أنا رفضت وهي من ساعتها مقموصة.

في تلك اللحظات خرجت سارين مندفعة من غرفة والدتها نظرت لعثمان تصيح غاضبة:
- حقي أخاف عليك بعد اللي حصل، وبعدين إنت طلبت مني أخد حبوب منع الحمل وأنا وافقت، زي ما وافقت على طلبك انت كمان وافق على طلبي
ليصيح عثمان هو الآخر بالمقابل:
- لا يا سارين انتي موافقتيش أنك تاخدي حبوب منع الحمل، انتي عملتيها ديل، لو أنا وافقت اني اسيب السباقات انتي كمان هتوافقي تاخدي حبوب منع الحمل.

- بسسس أنت وهي احترموا وجودي على الأقل
صاح بها عمر غاضبا ليسود الصمت بعدها، عثمان ينظر لسارين نظرة حزينة معاتبة، بينما الأخيرة تنظر أرضا تبكي في صمت، جذب عمر يد ابنته يجلسها جوار عثمان على الاريكة جذب هو أحد المقاعد ليصبح بالقرب منهم جلس يستند بمرفقيه على فخذيه يسألهم محتدا:
- فهموني في ايه أنت وهي...

تنهد عثمان حانقا ينظر لسارين بجانب عينيه نظرة خاطفة سريعة معاتبة ألم يتفقا سويا الا يخبرا أحد بمشاكلهم، وانها ستبقي حبيسة باب منزلهم لن يعلم بها أحد سواهم، لما كل ذلك البكاء والانهيار الذي اضطره لأخبار عمر عن سبب خلافهم، زفر أنفاسه مرة أخري نظر لعمر يتمتم:
- زي ما قولت لحضرتك سارين مش عيزاني اشارك في سباقات بعد كدة
نظر عمر لسارين التي تنظر أرضا تفرك يديها متوترة ليعاود النظر لعثمان يسأله مباشرة:.

- وايه موضوع حبوب منع الحمل
صمت عثمان ينظر بعيدا، لحظات طويلة من الصمت جعلت عمر يوجه الحديث لابنته يغمغم بترفق:
- اتكلمي انتي يا سارين لو عثمان مش عايز يتكلم
رفعت وجهها لمحة خاطفة ناحية عثمان استطاعت أن تري ضيقه جيدا مما فعلت، نظرت ناحية والدها وقبل أن تنطقي بحرف بادر عثمان يقول بنزق:.

- الموضوع ما فيهوش كلام يا عمي، الحكاية وما فيها أن لسه سارين عندها أربع سنين جامعة، فكرة حملها دلوقتي هتبقي متعبة ليها هي، أنا مش هتعب في حاجة، مش أنا اللي هحمل ولا هولد ولا هرضع، عرضت عليها أنها تأخذ حبوب منع الحمل لحد ما تخلص كليتها وهي وافقت، بس بنتك عشان بغزالة، بعد ما وفقت قالتلي زي ما وافقت على كلامك أنت كمان تسيب سباقات الخيل، يا اما مش موافقة، مش فاهم ايه علاقة دا بدا اصلا.

زفر عثمان أنفاسه غاضبا، بينما نظر عمر لسارين يسألها بعينيه عن صحة ما يقول عثمان، دق هاتف عثمان في تلك الاثناء استأذن منه ليتوجه ناحية شرفة المنزل الكبيرة، ما إن دخلها نهض عمر من مكانه توجه ناحية سارين جلس جوارها على الأريكة، مد يده يربت على رأسها يسألها مبتسما:
- الكلام اللي قاله الواد دا صح.

اومأت الأخيرة برأسها بالإيجاب دون أن تعقب بحرف فقط تنظر لكفي يدها التي تفركهما بعنف، امسك عمر بذقنها يرفع وجهها إليه قليلا يتمتم مبتسما:.

- أنتي وسارة غلاتكوا عندي قد بعض بس انتي حتة زيادة شوية عشان بحسك شبهي اكتر، سارين أنا مع عثمان في موضع تأجيل الأطفال، هو عنده حق مش هو اللي هيتعب ولا هيحمل ولا كل الكلام دا، حتى لو فضل جنبك دايما، التعب الاكبر هيبقي عليكي بردوا، مش هتعرفي تركزي في كليتك، ومش معاكي ابدا يا سارين في حتة المساومة دي، موضوع الخلفة مالوش علاقة بالسبق، ليه فكرة Deal or no deal احنا مش في البورصة يا حبيبتي.

ارتسم على ثغرها ابتسامة صغيرة شاحبة، رفعت يدها تمسح ما سقط من دموع حائرة ارتجفت شفتاها تهمس بنبرة خافتة مرتبكة:
- أنا خايفة عليه، خايفة ليحصله زي ما حصل قبل كدة، ويمكن المرة الجاية بعد الشر عنه يبقي اسوء، من حقي أخاف عليه، حاولت كذا مرة اقوله وهو رافض تماما، قولت يمكن يوافق لو خيرته
مسح عمر على حجاب سارين برفق، احتضن وجهها بين كفيه يحادثها مترفقا:.

- حبيبتي كل حاجة في الدنيا دي نصيب وما حدش يقدر يمنع نصيبه ابداا، وبعدين مش هاوي هيقع تاني اللي حصله قبل كدة كان مكيدة وأهو تعلم منها، ما تعيشيش نفسك في قلق يا سارين، وبعدين عثمان هيبدا من الاسبوع الجاي شغل في الشركة، عايزة اقولك شهرين ومش هيبقي فيه حيل يركب حمار مش حصان، دا أنا بتنفتخ، إسألي ماما كانت بتفتح الباب اروح مرمي على الكنبة دي نايم من التعب
ضحكت سارين بخفة تنظر لوالدها لتتمتم في حرج:.

- ما هي ماما قالتلي نفس الكلام دا بالظبط
ضيق عمر عينيه ينظر لها مغتاظا ليمد يده يحاول امساك اذنيها من فوق حجابها يتمتم حانقا:
- ولما هي قالتلك نفس الكلام دا بتقوقي ليه يا قوقة، دا **** يكون في عونه عثمان و****
زمت سارين شفتيها غاضبة رفعت يدها تمسد اذنها برفق، حين مد عمر يده يمسك بها طرف حجابها يتمتم مبتسما:.

- المناحة اللي دخلتي بيها ما خلتيش الواحد يشوف القمر اللي بالحجاب، ايه الجمال دا، بركاتك يا شيخ عثمان.

ضحكت سارين تنظر للمراءة المقابلة لها تطالع صورتها بفخر، شعور لذيذ يدغدغ كيانها حين تنظر لصورتها الجديدة، مقاطع الفيديو التي حرص عثمان على أن تراها جميعا كان لها مفعول السحر في تغيير طريقة ثيابها، منظور رؤيتها للحياة من جديد، في تلك الاثناء خرج عثمان من الشرفة لم ينظر ناحية سارين حتى، توجه بانظاره ناحية عمر، يحادثه:
- طب استأذن أنا، هروح بقي وهاجي بكرة بإذن **** أخد سارين عن اذنكوا.

قام عمر من مكانه توجه ناحية عثمان وقف أمامه يغمغم ضاحكا:
- يا عم القفوش، أنت هتبات معانا النهاردة ودا قرار غير قابل للنقاش
حرك عثمان رأسه نفيا فتح فمه يريد أن يعترض ليبادر عمر قائلا في حدة:
- هتبات معانا يا عثمان، يا مش هرجعلك سارين قبل شهر، قولت ايه
جز عثمان على أسنانه في غيظ ينظر لعمر حانقا، تنهد رغما عنه يحرك رأسه بالإيجاب على مضض، ليضحك عمر يلف ذراعه حول كتفي عثمان يحادثه:.

- عارف يا عثمان أنا ما بطيقكش بس إنت طلعت عيل جدع، عشان كدة مش هستخسر فيك البيجامة الكحلي بتاعتي هديهالك تنام فيها
ابتسم عثمان ساخرا دون رد، لينظر عمر لابنته يغمغم متوسلا:
- سيرو حبيبة قلب بابا، ابوكي معدته نشفت من اكل الشارع وسارة ما بتعرفش تقلي بيضة، المطبخ عندك عيشي.

ابتسمت سارين تحاول اختلاس النظرات لعثمان، صحيح أنها لم تكن تفقه في الطهي سوي قلي بيضة واحدة، ولكن للضرورة أحكام في فترة مرض عثمان وضرورة تناوله للطعام الصحي، جعلت من فتاة لا تعرف في المطبخ سوي قلي بيضة، طاهية ماهرة تستطيع صنع حتى الطعام الصيني، قامت من مكانها تلتقط حقيبة ثيابها، تختلس النظرات لعثمان إلى أن وصلت إلى غرفتها هي وشقيقتها، دخلت إلى الغرفة لتري سارة تغط في نوم عميق ولكن العجيب في الأمر، لما تنام سارة بثيابها، سارة منظمة دائما ما كانت تسخر منها حين تفعل ذلك، تنهدت قلقة تنظر لقسمات وجه سارة المنقضبة وهي نائمة، بدلت ثيابها، لتتوجه ناحية المطبخ، فتحت البراد تخرج بعض احتياجتها منه، استقامت واقفة لتري عثمان يقف خلفها، رأت نظرة باردة باهتة للغاية في حدقتيه، مر من جوارها ناحية البراد التقط زجاجة مياه باردة، تحرك للخارج لتترك ما في يدها سريعا على طاولة المطبخ لحقت به وضعت يدها على ذراعها تهمس باسمه ظل واقفا مكانه دون أن يلتفت لها فقط غمغم بخواء:.

- نعم!

فتحت فمها لتعاود إغلاقه من جديد لا تعرف ما تقول، يبدو غاضبا، هل ما فعلته اغضبه، كسرت ذلك العهد الذي اتخذاه ليلة زفافهم، ولكنها كانت فقط خائفة تشعر بالحيرة، حين طال صمتها ابتسم هو ساخرا ليتحرك للخارج حيث يجلس عمر، ارتمي جواره يشاهدان ذلك الفيلم الذي كان يراه عثمان قبل قليل ياكلان التسالي، وقفت سارين عند باب المطبخ تنظر لهم تبتسم، عثمان كطفل يرضي ببساطة وهي تعرف جيدا كيف ستصالحه، ابتسمت لتأخذ طريقها عائدة للمطبخ تعد الغداء.

كانت آخر من نزل بعد ذهاب فارس وياسمين ومعهم جوري إلى المستشفي ليطمئنوا على صغير أخيها، تأخرت هي لسبب لا تتذكره، والدها ينتظرها في سيارته بالأسفل، نظرت بأعين شاردة وجه شاحب، عينين لم يذوقا للنوم طعما، رعشة بشعة تسري في جسدها كل حين وآخر، نزلت إلى أسفل تبحث عن سيارة والدها، السيارة تقف هناك ولكن والدها ليس فيها وقفت مكانها للحظات لا تعرف ما تفعل الا أنها سمعت صوته يأتي من خلفها مباشرة:.

- عربية عمي رشيد ما فيهاش بنزين، فراح مع ماما وبابا وقالولي استناكي اوصلك المستشفي.

غيث هنا للمرة الثانية، طوال تلك الأيام التي قضتها في بيت عمها لم تره ولو لمرة واحدة، عرفت مصادفة أنه يملك شقة صغيرة به ذهب إليها، التفتت له تنظر ناحيته غيث دائما صاحب ذوق مميز في الملابس يحب تلك الملابس التي تدعي « السويت شيرت » فهو يرتدي احداها الآن بلون زيتي غامق وسروال من الجينز الأبيض، ابتسمت مرتبكة ليتحرك هو فتح باب سيارته، تقدمت تجلس، أغلق الباب ليلتف حولها جلس خلف مقعد السائق، يضع حزام الأمان، قطبت جبينها في عجب، حتى والدها لا يضع حزام الأمان وهو يقود، ادار بالمفتاح محرك السيارة لينطلق إلى وجهته، الطريق صامت، هو يصب تركيزه الكامل على قيادته للسيارة، أما هي فتشرد في عالم آخر تتذكر يوم زفاف أدهم ومايا تحديدا في رقصة الزفاف النهائية، لم تره كان غائبا عن عينيها ولكنه ظهر من العدم فجاءة أمامها، وظهر وأماكن فتاة يبتسم لها يراقصها، هل هي ضحية جديدة من ضحاياه، في اللحظة التي ظهر فيها نظرت ناحية غيث هلعة قلبها ينتفض بعنف بين اضلاعها لتري في عينيه نظرة ثابتة كأنه يخبرها أن تهدئ، وهذا ما فعلت تماما تماسكت بأكبر قدر ممكن، تماسكت تشد على أعصابها بقوة حتى كادت تنقطع، لن يعلم والدها لن تكون السبب في نظرة ألم واحدة في عينيه ذلك فقط ما جعلها تتماسك...

انسابت دموعها وهي جالسة جواره في السيارة، لتري يده تمتد بمحرمة ورقية ناعمة أمام وجهها وصوته يغمغم في هدوء:
- برافو عليكي، حقيقي انبهرت من رد فعلك في الفرح، كنت خايف بصراحة لاعصابك تبوظ لما تشوفيه
مسحت ما سقط من دموعها بالمحرمة تنظر له خرج صوتها الهامس من بين شفتيها تسأله بنبرة متحشرجة:
- مين البنت اللي كان بيرقص معاها، ضحية جديدة بيضحك عليها.

حرك غيث رأسه بالنفي عينيه لا تحيد عن الطريق أمامه فقط غمغم بهدوء:
- مراته
توسعت عيني صبا في ذهول، صدمة جعلت جسدها يرتجف التفتت برأسها ناحية غيث تصيح فيه بحرقة:
- متجوز!، مستحيل الشيطان دا يكون متجوز، واكيد هي عارفة أنه شيطان واكيد هي زيه
مرة أخري عاد غيث يحرك رأسه نفيا يحكم قبضته على عجلة المقود، القيادة في مصر أصعب بكثير من الخارج يكفي تغير مكان عجلة القيادة تجعله في توتر دائم، تنهد يردف ساخرا:.

- صدقيني البنت دي حالها أغلب منك ألف مرة، اتجوزته غصب عنها لأنه كان عايز يعتدي عليها، ولانها غلبانة ومالهاش حد اضطرته تتجوزه عشان الفيضحة
توسعت حدقتيها فزعا كيف يمكن لشخص أن يكون بكل ذلك القدر من الشر والخبث، انفجرت الدموع من حدقتيها تصرخ بحرقة:
- وازاي، ازاي جاسر يخرجه من السجن، ليه شيطان زي دا موجود في الدنيا، ليه ما يموتش، عشان ما يأذنيش أنا وغيري وغيري.

توقفت سيارة غيث في احدي اشارات المرور المزدحمة، التفت غيث ناحية صبا، رفع كتفيه ابتسم يتمتم في هدوء:.

- احنا مش في يوتوبيا الفاضلة يا صبا، احنا في ميزان الخير والشر محسوبين فيه بين البشر وفي قلب كل واحد فينا، ما حدش فينا اتولد شرير شر مطلق، وما حدش فينا هيفضل برئ زي ما كان وهو ***، الظروف هي اللي بتشكل شخصية كل واحد، على الرغم من قذارة مراد بس هو معذور صدقيني من وهو *** ما عاشش حياة سوية ابدا، كفاية بس اني اقولك أن اهله رموه من وهو *** عنده خمس سنين..
- إنت بتبررله بتحاول تلاقيله مبررات على قرفه.

صاحت بها صبا غاضبة تتنفس بعنف، ليبتسم غيث فئ هدوء حرك رأسه نفيا يتمتم بنبرة هادئة واثقة:
- أنا مش ببررله يا صبا، الشيطان ما بيجربش الأنسان أنه يعمل معصية هو بنفسه اللي بيعمله، مراد ما اجبركيش أنك تقعي في شباكه، انتي بكامل إرادتك وقعتي يا صبا.

شعرت بألم بشع ينخر قلبها هل يشركها في الذنب الآن، هي الضحية هنا، نعم هي الضحية المغفلة التي سمحت لذئب برئ بأن يلعب بزمام مشاعرها، هي من سمحت، يعني هي المخطئة وضعت يديها على رأسها تحركها نفيا بعنف، هي المخطئة، هي لم تقصد، انهمرت دموعها ليسارع هو يردف سريعا:
- صبا اهدي يا صبا، أنا ما بتهمكيش أنك غلطانة، أنا عارف أنك طيبة وبريئة وساذجة عشان كدة هو ضحك عليكي...
- أرجوك وصلني عند بابا.

غمغمت بها صوت خفيض بائس حزين، تنهد ينظر لها نادما الأحمق ما كان يجب أن يقول ما قال، هو فقط لم يكن يقصد، ماذا حدث لك يا حضرة المحامي منذ متي وأنت لا تقصد ما تقول، أم كنت تقصد وفقط انخلع قلبك حين رأيت ما فعلت بها كلماتك المعاتبة الحادة، أدار محرك السيارة مع انطلاق الضوء الأخضر من اشارة المرور يكمل الطريق في صمت، بضع دقائق اخري وكان قد وصل إلى المستشفي، ما إن اوقف السيارة نزلت صبا منها سريعا تصفع الباب خلفها دخلت بخطي سريعة لداخل المستشفى ليتنهد هو حزينا ينهر نفسه بعنف، تحرك هو الآخر للداخل حيث غرفة سهيلة زوجة جاسر، ما إن دق باب الغرفة ودخل بصحبة صبا توسعت عينيه اندهاشا حين رأي سهيلة تبكي بلا توقف ترتمي بين أحضان شروق، الجميع ينظر ناحية سهيلة حزينا، توسعت عينيه قلقا هل يعقل أن الطفل قد مات!، خرج سؤاله من بين شفتيه دون حاجز:.

- هو في اي يا جماعة، خير حصل حاجة
تنهد جاسر يآسا يحرك رأسه، نظر ناحية سهيلة يتمتم:
- حسام قال أن الولد لازم يفضل في الحضانة شهر ودلوقتي سهيلة عاملة مناحة، عشان مش عايزة تسيب المستشفي وتبعد عن الولد.

ابتسم غيث ساخرا النساء وعاطفتهم الجياشة، استاذن وخرج من الغرفة يقف خارجا، في تلك اللحظات رأي لينا ابنه عم والده، تقترب بمئزرها الأبيض تتحرك بسرعة ناحية غرفة سهيلة، وقفت امامه ما أن اقتربت منه تحادثه مبتسمة:
- ازيك يا غيث عامل ايه يا حبيبي
ابتسم غيث في لباقة ساحرة ليمد يده يرفع كف يدها يقبله برسمية مخملية قديمة يغمغم متغزلا:
- زي القمر زيك، ايه الجمال دا برنسيس خارجة من حكاية الأميرة النائمة.

ضحكت بخفة تصطدمه على ذراعه برفق تردف ضاحكة:
- عارف لو خالك كان هنا كان علقك
ضحك غيث في هدوء دائما ضحكات ذلك الغيث هادئة استند بظهره إلى الحائط خلفه يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم في ثقة:
- ما فيش قانون في العالم يمنع أني اعترف بالجمال لما اشوفه، وأنتي في العصر اللي احنا فيه دا، المادة الخام للجمال، ايقونة لن تتكرر..
صمت للحظات ليكمل ضاحكا:.

- بس اوعي تقولي لخالي أن أنا قولتلك الكلام دا عشان ما فيش قانون في العالم هيمنعه أنه يعملني شاروما غيث لو عرف اني عاكستك
ضحكت لينا عاليا بعد حديث قصير مع غيث دقت الباب طلت برأسها إلى الداخل تتمتم مبتسمة:
- قالولي أن سهيلة بتعيط
قامت سهيلة من بين أحضان شروق تهرول ناحية لينا ارتمت بين أحضانها تعانقها بقوة
تصيح باكية:.

- طنط عشان خاطري مش هقدر أبعد عن ابني، انتي عارفة أنا اتحرمت من ماما بدري أوي، مش عايزة اسيب ابني مش هقدر
ادمعت عيني لينا في لحظة، هي دائما على وشك البكاء ابعدت سهيلة عنها قليلا امسكت بذراعيها بين كفيها تحادثها بحنو:.

- حبيبتي **** ما يحرمه منك ولا يحرمك منه، يا سهيلة أنا مستعدة اخلي الأوضة دي ليكي، بس هتعيشي شهر في المستشفى ليه يا بنتي، صدقيني أحمد كويس جداا هو بس لازم يفضل في الحضانة لحد ما نمو جسمه يكمل...
حركت سهيلة رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري وأخري تنهمر دموعها بلا توقف تغمغم بحرقة:
- ايوة، أنا ما عنديش مشكلة يوم اتنين شهر، بس افضل جنب ابني عشان خاطري يا طنط، وحياة لينا عندك وافقي.

تنهدت لينا متحسرة على حال سهيلة، فقدان سهيلة لوالدتها في عمر مبكر، جعل بداخلها ما يشبه خوف على طفلها الصغير من أن تفقده، حاولت لينا أن ترسم ابتسامة على شفتيها، تنهدت تحرك رأسها بالإيجاب تحادثه بحنو:
- حبيبتي الأوضة والمستشفي كلها تحت امرك، انا ما يرضنيش اكسر بخاطرك ابدا يا سهيلة
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي سهيلة تعانق لينا بقوة، ابتعدت عنها بعد لحظات تسمح دموعها بكفيها تحادثها ممتنة:.

- شكرا، شكرا اوي يا طنط
ابتسمت لينا في هدوء، في حين اقتربت سهيلة من جاسر تجذب كف يده تحادثه على عجل:
- يلا قوم نشوف أحمد ما شوفنهوش بقالنا ساعتين
نظر جاسر لسهيلة مشفقا، حقا مشفقا يتمني أن تمر الأيام سريعا ويخرج لهم الصغير سالما، سهيلة تكاد تجن فقط لتحمله، تحرك بصحبتها لخارج، وقفت لينا بين الجمع في الغرفة، تنظر لهم ليكن رشيد أول من تحدث بعقلانية:.

- ما ينفعش اللي أنتي عملتيه دا يا لينا، يعني ايه يعيشوا في المستشفى
نظرت لينا لرشيد تبتسم في هدوء تحادثه هي الاخري بتعقل:.

- رشيد أنت دكتور نسا وعارف حالة اي أم بعد الولادة بتبقي عاملة ازاي ولو في شك ولو واحد مية أن الطفل عنده اي مرض، سهيلة اتحرمت من مامتها وهي صغيرة، والدتها كان عندها سرطان، واتحجزت في المستشفى شهور، سهيلة كان عندها تسع سنين تقريبا وباباها كان بيرفض يأخذها معاه المستشفى عشان ما يفضلش في ذاكرتها صورة والدتها وهي تعبانة، بس للأسف والدة سهيلة ماتت، سهيلة بتترعب لما تعرف أن حد محجوز في المستشفى، ودا ابنها ما كانش ينفع ارفض يا رشيد.

حرك رشيد رأسه بالإيجاب الآن فقط فهم سر الحالة الغريبة التي اصابت زوجة ولده، مسكينة سهيلة حقا مسكينة، بعد نقاش قصير تقرر أن تبقي سهيلة في المستشفى بصحبة جاسر وقامت لينا بتوفيا فراش آخر في الغرفة، رشيد رفض تماما مكوث شروق في المشفي هي الاخري، وعليه تقرر عودة شروق وصبا ورشيد إلى أسيوط...

اخيرا انتهي اليوم الشاق في المشفي، خرجت لينا تستقل سيارتها، تستند برأسها إلى ظهر الأريكة الخلفية والسائق يقود متجها بها إلى المنزل، بعد فترة وجيزة وقفت السيارة، نزلت منها لتري سيارة حسام تقف هي الأخري في حديقة المنزل، نزل حسام منها توجه ناحية لينا يردف مباشرة:
- دكتورة لينا أنا محتاج اتكلم معاكي ضروري.

رفعت لينا حاجبيها في دهشة تحرك رأسها بالإيجاب، تحركت بصحبة حسام إلى احد المقاعد في الحديقة، جلست وجلس امامها رأت توتره الظاهر للغاية من حركة ساقه السريعة اظافره الذي يقضمها بين حين وآخر، لن تتحدث ستتركه يتحدث هو اولا، اخذ نفسا قويا يزفره بحدة ليغمغم فجاءة:
- أنا عملت حاجة غبية اوي وبصراحة مضايق من نفسي اووووي، هحكيلك يا دكتورة.

بدأ يقص عليها ما حدث صباح اليوم انهي كلامه ليخلل أصابعه في خصلات شعره اضطربت حدقتيه يغمغم نادما:
- أنا ما كانش قصدي ازعلها بالشكل دا أنا بس كنت، كنت يعني، بصراحة كنت غيران
ضحكت لينا تحرك رأسها نفيا تردف يآسة:.

- اكيد كنت غيران، ما هو العرق المجنون دا ما بينطرش غير لما بتكونوا غيرانين، سارة ما غلطتش يا حسام وأنت عارف كدة، وأنا قولتلك قبل كدة سارة حساسة طريقتك دي خوفتها منك، المهم هي عملت ايه في الامتحان
ارتسمت ابتسامة مطمئنة على شفتيه تنهد يردف بارتياح:
- الحمد *** حلت فيه كويس جداا، أنا من خوفي عليها من اللي حصلها لما شافت ورقة الإمتحان، خلتني قعدت صححت الامتحان في العربية، بنت اللذين وقعت قلبي...

تبدلت نظرات لينا باخري حزينة رفعت سبابتها أمام حسام تعاتبه بحدة:.

- اللي أنت عملته السبب ولو كانت حلت وحش في الامتحان كنت هتبقي إنت بردوا السبب يا حسام، في عرف عائلة السويسي المجنونة، ممنوع اي انثي تتكلم مع راجل غريب، بس سارة ما اجرمتش، سارة لسه في سنة اولي ولسه بتتعرف على الناس، لسه ما تعرفش حاجة، بدل ما تهددها، فهمها، كان هيحصل ايه لو قولتلها بكل هدوء سارة معلش أنا بتضايق لما بشوفك واقفة مع شاب، حسام أنت لو ما صالحتش سارة النهاردة واتحكمت في العرق الضارب بتاع العيلة المجنونة دي، أنا اللي هقفلك في الجوازة دي، عن إذنك هروح اعمل كيكة.

تركته وغادرت بإيباء لتتوسع عينيه في دهشة يضرب كفا فوق آخر يتمتم مندهشا:
- عندها حق و**** احنا عيلة مجانين، اومال فين الحج
نهض من مكانه يتحرك للداخل، يعلو بصوته يبحث عن والده:
- يا باااااباااا يا حج، أنت فين يا ابا الحج
- يا حيوان أنت بتنادي على بليلة أنا في المكتب.

سمع حسام ذلك الصوت الحاد الغاضب يأتي من غرفة مكتب والده لترتسم على شفتيه ابتسامة واسعة دخل إلى مكتب والده دق الباب بأدب جم فتح الباب، دخل إلى المكتب، ارتمي بجسده على المقعد المجاور لمكتب والده ابتسم يغمغم مبتهجا:
- مساء الفل يا سيد الكل
رفع خالد عينيه ينظر لحسام نظرة خاطفة مشمئزة يرفع حاجبه الأيسر ساخرا ليعاود النظر إلى الأوراق أمامه حمحم حسام يعاود الحديث من جديد:.

- بقولك يا حج أنا بفكر أخد حاجة مختلفة معانا واحنا رايحين نتقدم لسارة
رفع خالد وجه عن الاوراق ترك القلم من يده نظر لحسام يقطب ما بين حاجبيه يحادثه بجدية:
- حاجة مختلفة زي ايه يعني
ابتسم حسام في توسع يغمغم بزهو:
- ست فرخات.

غض خالد على شفتيه في غيظ ما كان يجب أن يأخذ كلام حسام على محمل الجد من البداية، القي القلم من يده بعنف لينحني يخلع حذائه، ففر حسام من أمامه راكضا سريعا يتبعه فردة حذاء طائرة وصوت خالد يصيح خلفه:
- امشي ياض يا ابن ال، من هنا، قصدك حاجة متخلفة شبهك يا متخلف، يا دكتور الحمير، دا أنا لو مخلف دكر بط كان نفعني عنك
دخلت لينا من باب غرفة المكتب تحمل فردة حذاء خالد وقفت بالقرب منه تضحك عاليا:.

- و**** العظيم احنا بيت مجانين
تحرك خالد من خلفه مكتبه اقترب منه وقف أمامها يلف ذراعه حول خصرها جذبها لترتطم بصدره تستند بكفيها على صدره لاعب حاجبيه عبثا يغمغم مشاكسا:
- اعتقد أن دي حاجة انتي عرفاها من زمان يا بسبوسة
ضحكت لينا برقة رفعت ذراعيها تلفهما حول عنقه تغمغم بدلال:
- من زمان اوي يا قلب البسبوسة.

خرجت تنهيدة حارة من بين شفتيه، في فقعة حالمة وردية تلفهما معا فقعة لم يكسرها سوي رائحة حريق!، توسعت عيني لينا فزعا تدفع خالد بعيدا عنه تصيح فزعة:
- الكيكة اتحرقت.

خرجت تهرول لخارج الغرفة إلى المطبخ مباشرة، فتحت باب الفرن ليغزو دخان اسود كثيف المكان وخرج من الفرن كعكعة سوداء متفحمة، نظرت لينا لعكعتها متحسرة، لتسمع صوت ضحكات عند باب المطبخ ابنتها وحسام شقيقها يقفان عند الباب يضحكان على تلك الكعكة المتفحمة اردفت لينا ضاحكة:
- ماما بيتهيئلي الكيكة لسه عايزة تستوي
ليكمل حسام ضاحكا:
- لا يا بنتي دي بالشوكولاتة، فرن الكتروني بيحط الشوكولاتة على الكيكة لوحده.

نظرت لينا لهما في غيظ، صدم حسام كفه بكف لينا يضحكان عاليا التفتا معا ليغادرا لتختفي الضحكات من فوق شفتي كل منهما شحب وجه حسام ينظر للينا، التي ابتسمت كطفلة بلهاء، قبض خالد على تلابيب ملابسهم يدفعهم لداخل المطبخ وقف أمامهم يعقد ذراعيه أمام صدره يغمغم بحدة قاطعة:
- بتتريقوا على مراتي، طب ايه رأيك يا حمار أنت والمعزة اللي معاك انكوا مش هتتحركوا من المطبخ غير لما تنسفوا الكيكة دي.

انهي كلامه لينزع طوقه الجلدي يمسكه بين كفيه يغمغم متوعدا:
- يلااا
انتفض حسام يركض بصحبة لينا إلى صينية الكعكة المتفحمة، تدمع أعينهم من طعمها المحترق المتفحم، بينما يقف خالد كالجلاد عازما على تلقينهم درسا لن ينسوه، فلا أحد ابدا يهين زوجته أي من كان.

حل الليل اخيرا خرج حسام من غرفته يتأنق بقميص رمادي وسروال اسود، انكمشت قسمات وجهه يضع يده على معدته يشعر بألم شديد جراء تناوله لتلك الكعكة المحترقة، لحظات وخرجت لينا من غرفتها تتأنف بسرواا أسود وقميص ازرق غامق طويل، هو يحب الازرق وهي تحبه هو، تضع يدها هي الاخري على معدتها من الألم، اقتربت من حسام تتاوه تحادثه حانقة:
- كان لازم نضحك يعني، بطني مش حاسة بيها
- ابوكي دا دراكولا.

غمغم بها حسام متألما يوم خطبته يذهب وهو يشعر بألم حاد في معدته ما تلك البشري الرائعة نزل بصحبة شقيقته لأسفل، ليجدا والديهم خالد في حلة أنيقة ولينا في فستان أنيق يجمع اللونين الاسود والفضي، غمغم خالد ساخرا ما أن رآهم:
- ساعة على ما البهوات ينزلوا يلا
- **** على المفتري
- حسبي **** ونعم الوكيل.

همسا بهما لينا وحسام وهما يسيران خلف والديها، استقل خالد ولينا الاريكة الخلفية، بينما حسام مقعد السائق ولينا جواره، في الطريق وقف حسام أمام محل شهير للمأكولات السريعة غاب لدقائق ليعود ومعه علبة كبيرة، وبعدها وقف أمام محل للازهار غاب لدقائق ومن ثم عاد ومعه باقة كبيرة، واخيرا عند محل الحلوي غاب لفترة طويلة ليعود ومعه عدة حقائب، حين دخل اردف خالد ساخرا:.

- لاء مش كفاية، روح هات عجل نخش بيه، وعجل ليه وأنت موجود
نظر حسام لوالده من خلال مرآه السيارة الإمامية ضيق عينيه يتمتم بغيظ:
- أنا مش هرد على حضرتك عشان أنا النهاردة عريس
ضحك خالد ساخرا اقترب بجسده من مقعد حسام يصفعه على رقبته من الخلف يغمغم متهكما:
- لا يا حبيب ابوك أنت مش هترد عليا عشان ما افركشلكش الجوازة، وشد شوية متأخرين.

تنهد حسام مغتاظا يتمتم مع نفسه حانقا أليس هو ذلك الطبيب المحترم والمحاضر الجامعي صاحب الشهادات العالية لما يُشعره والده دائما أنه مراهق في الثانوية، ومراهق طائش أيضا يتعاطي المخدرات
اخيرا وصلت وجهتهم إلى بيت عمر، نزل حسام اولا بتلهف ليشهق بعنف حين اسقط عامل ري الاشجار سطل الماء فوق رأسه ليبتل العريس من رأسه لاخمص قدميه!

الفصل مئة وأربعة عشر

لحظات طويلة الجمت الصدمة جميع الواقفين جحظت أعينهم ينظرون للعريس الغارق في المياة، يقف حسام كمن أصابته صاعقة عينيه شاخصة فمه متدلي في ذهول، المياة تقطر من أعلي رأسه إلى اخمص قدميه، قاطع تلك اللحظات صوت ضحكات خالد الذي صدح فجاءة، ينظر لولده وهو يغرق في المياة دمعت عينيه من الضحك، لتتعالي ضحكات لينا شقيقته وضعت يدها على فمها تحاول كتم ضحكاتها، في حين احمرت عيني حسام ينظر لهم شرزا، عضت لينا على شفتيها تكتم صوت ضحكاتها، من الجيد أن الشارع شبه فارغ في ذلك الوقت، والا كان شارك المارة في نوبة الضحك ويزداد موقف حسام سوءً، حمحمت تلكز خالد بمرفقها في ذراعه بحدة، تنظر لابنتها بحدة، توقفت لينا عن الضحك تضع يدها على فمها تكبح ضحكاتها، بينما ظل خالد يضحك اشار ناحية حسام يردف من بين ضحكاته:.

- العريس المبلول، **** يخربيتك عرتنا، شكلك فظيع
عاد يضحك من جديد لتشد لينا ذراعه ليقترب منها نزل برأسه قليلا ناحيتها لتهمس له متوعدة:
- عارف يا خالد لو ما بطلتش ضحك، هتنام في الاوضة التانية لوحدك شهر
توسعت عيني خالد قليلا ليحمحم بخشونة يحاول السيطرة على سيل ضحكاته، في حين اقتربت لينا من حسام ربتت على كتفه تحادثه مترفقة:.

- حسام ما حصلش حاجة دي حادثة وبتحصل كتير، ارجع بسرعة غير هدومك وتعالا، يلا يا ابني
حرك حسام رأسه بالإيجاب سريعا، اخرج باقة الأزهار وعلبة الحلوي يعطيهم للينا زوجة أبيه يحادثها:
- اتفضلي مش هتأخر.

ابتسمت لينا له تربت على ذراعه، ليبتسم لها ممتنا، نظر حسام لشقيقته شرزا يحرك كفه على رقبته كأنه سكين، استقل سريعا السيارة يلتف بها يعود من حيث أتي، وقفت لينا أمام زوجها وابنتها عقدت ما بين حاجبيها تحادثهم غاضبة:
- ما ينفعش بجد اللي انتوا عملتوه دا، خالد حسام مش صغير عشان تتريق عليه، وأنت يا أستاذة لينا، الموضوع مش مضحك تماما للضحك دا كله، لما نروح تعتذروا لحسام.

قالت ما قالت بحدة لتتقدمهم لأعلي نظر لخالد لابنته يرفع حاجبه الأيسر يتمتم ساخرا:
- أمك بتربينا
تحرك خالد خلف زوجته وخلفهم لينا، إلى منزل عمر، دقت لينا الباب لحظات ليفتح لهم عمر يبتسم، دخل الجميع إلى غرفة «الصالون» بصحبة عمر الذي يردف مبتسما:
- نورتوا و**** يا جماعة، اتفضلوا
جلست لينا جوار زوجها على أريكة صغيرة وابنتهم على مقعد بالقرب منهم، نظر عمر لشقيقه يتمتم مبتسما:.

- منور و**** يا كبير، ايه دا اومال حسام فين
ما إن نطق عمر تلك الجملة انفجر خالد في الضحك، حتى ادمعت عينيه ظل يضحك رغم نظرات لينا المحذرة له بأن يصمت، نظر لشقيقه يردف من بين ضحكاته العالية:
- حسام اتبل!
قالها لينفجر في الضحك من جديد، بينما جعد عمر ما بين حاجبيه ينظر لأخيه مستنكرا، لكزت لينا زوجها بمرفقها بعنف تنظر له حانقة، نظرت لعمر تبتسم تحاول إيجاد حجة مناسبة لذلك الموقف الذي هم فيه:.

- حسام يا عيني بعد ما وصلنا جاله تليفون مستعجل من المستشفي حالة ولادة خطيرة طلع يجري، بس زمانه جاي
- خطيرة بالجبنة
تشدق بها خالد ساخرا ليضحك مجددا حتى أدمعت عينيه، لتضعط لينا بحذائها على قدمه تنظر له متوعدة، بينما استمر هو في الضحك وكأن شيئا لم يكن، نظرت لينا لعمر تعتذر مبتسمة:
- معلش يا عمر أصل خالد دمه خفيف النهاردة، ممكن اشوف تالا وحشتني بقالي كتير ما شوفتهاش.

ابتسم عمر يحرك رأسه بالإيجاب سريعا، قام أمامها لتميل هي سريعا على إذن خالد تهمس له محتدة قبل أن تغادر بصحبة عمر:
- عارف يا خالد لو حد عرف باللي حصل تحت، هسيبك واسافر عند بابا، أصله وحشني أوي
صمت خالد في لحظات عن الضحك ينظر لها واجما، لتبتسم هي باصفرار، تربت على خده كأنه *** صغير مطيع، قامت بصحبة عمر للداخل ليميل خالد ناحية لينا يهمس لها محتدا:
- كانت بتخاف مني زمان دلوقتي بقت بتهددني بنت الارندلي...

وضعت لينا يدها على فمها من جديد تخفي ضحكاتها من غضب أبيها...
في حين تحركت لينا بصحبة عمر إلى غرفة تالا، وقف عمر امام باب الغرفة من الخارج يحادثها مبتسما:
- هروح اشوف أبو الخلد ابو دم خفيف واسيبكوا ترغو..
ضحكت لينا بخفة تحرك رأسها بالإيجاب، غادر عمر لترفع هي يدها تدق الباب إدارات المقبض تفتحه حين سمعت صوت تالا، اطلت برأسها أولا تنظر لتالا مبتسمة تردف بمرح:
- أنا جيت اشوف مامي تالا التعبانة.

ابتسمت تالا في شحوب ظاهر، دخلت لينا إلى الغرفة توصد الباب خلفها اقتربت من فراش تالا تعانقها برفق، ابعدتها عنه تنظر لها مبتسمة جلست جوارها على الفراش تحادثها:
- عاملة ايه يا تالا وحشاني، مبروك يا حبيبتي ألف مبروك يا قلبي، **** يتم حملك على خير وتقومي بالسلامة.

نظرت تالا للينا تبتسم حزينة، للحظات كستل الشفقة مقلتيها تنظر لها بأسي، لم تكن تريد أن تراها لينا، ليس لأي سبب كان فقط كي لا تجرح مشاعرها، بالطبع خلف ابتسامتها اللطيفة تلك قلب يعتصر من الألم، تحركت عيني لينا تنظر لبطن تالا المنتفخ قليلا، لترتسم ابتسامة حزينة على شفتيها تنهدت تخمد نيران قلبها التي اشتعلت فجاءة حين رفعت عينيها لتالا تحادثها مبتسمة:.

- أنا عارفة أنك مش عيزاني اشوفك عشان ما تجرحيش مشاعري، بس صدقيني أنا مبسوطة عشانك اوي، وبدعيلك من كل قلبي أنك تقومي بالسلامة، أنتي تستحقي تفرحي يا تالا بعد كل اللي حصل بينك انتي وعمر، ما تحبسيش نفسك يا تالا، أنا عارفة أنك تعبانة الفترة دي، بس بعد فترة بإذن **** هتبقي أحسن، أول ما الواد حسام يقولي انتي كويسة هتيجي البيت ونتغدي كلنا سوا.

ادمعت عيني تالا تنظر للينا قبل أن تبادر باحتضانها بقوة تهمس لها بصوت خفيض باكي حزين:
- انتي جميلة اوي يا لينا، بجد جميلة من جوا قبل برا، مش خالد بس اللي محظوظ أنك في حياته، كلنا محظوظين بوجودك في حياتنا.

ابعدت لينا تالا عنها تبتسم لها بعد حديث قصير خرجت لينا من الغرفة بعد أن ودعت تالا تغلق عليها الباب برفق وقفت أمام الباب المغلق لحظات صامتة قبل أن تهبط من مقلتيها دمعة حزينة بائسة رفعت يدها تمسحها سريعا، رأت سارين تخرج من غرفتها هي وشقيقتها تزفر حائرة تبدو متوترة، تنظر لباب الغرفة المغلقة، اقتربت لينا منها وضعت يدها على كتفها تسألها:
- مالك يا سارين في حاجة يا حبيبتي.

توترت حدقتي سارين للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب تنهدت حائرة تهمس متوترة:
- سارة يا طنط ما اعرفش مالها، كانت نايمة ومن ساعة ما صحيت وهي مش راضية تتكلم، ودلوقتي رافضة تلبس، ولما سألتها مالك فضلت تعيط، أنا مش عارفة اعمل ايه، هقول لبابا
حركت لينا رأسها نفيا سريعا ابتسمت تحادث سارين بتلهف:
- مالوش لزوم يا حبيبتي تقولي لبابا، أنا هدخل اتكلم معاها...

ابتسمت سارين للينا ممتنة، تحركت لينا لداخل غرفة سارة وسارين بينما تحركت سارين إلى المطبخ اصطدمت في طريقها بعثمان الذي خرج توا من أحدي غرف الضيوف، يرتدي قميص أسود اللوم ذلك القميص ملك والدها وسروال من الجينز الازرق القاتم، ملك والدها أيضا من الجيد أن ملابس والدها ناسبت عثمان، وقفت سارين أمامه تبتسم كقطة حالمة، بينما وقف هو يزيح اكمام قميصه للخلف، عثمان دائما يفعل تلك الحركة بالاكمام يزيحها للخلف بشكل مهندم للغاية، فتحت فمها مبتسمة تود أن تقول شيئا، ليتجاوزها هو وكأنها غير موجودة من الأساس توسعت عينيها في دهشة لم ينظر إليها حتى، تحرك وكأنها هواء شفاف او عائق طريق مزعج مر من جواره تفاده وغادر، التفتت تنظر له وهو يغادر متوجها إلى غرفة الصالون عقدت ذراعيه ابتسمت تتمتم:.

- بقي كدة يا عثعث عاملي زعلان وبتنطنشي ماشي صبرك عليا يا صياد
ابتسمت في خبث لتتوجه إلى المطبخ تعد المشروبات والحلوي للضيوف
في غرفة سارة، اقتربت لينا من سارة المسطحة على الفراش توليها ظهرها جلست جوارها تمسح بيدها على شعرها برفق تحادثها بحنو:
- سارة، أنا عارفة أنك صاحية يا حبيبتي، ممكن اتكلم معاكي.

قامت سارة تجلس على الفراش تنساب دموع عينيها بلا توقف، انكمشت قسمات وجه لينا تنظر لوجهها الشاحب عينيها المنتفخة حدقتيهت الحمراء، شفتيها المرتجفة، تلك الدموع التي لا تتوقف عن الهبوط رغم محاولتها العنيفة لمسحها، تحركت لينا لتصبح مقابلة لها، مدت يدها تمسح دموع عينيها تحادثها حزينة:
- ليه يا سارة اللي انتي عملاه دا، انتي كدة بتأذي نفسك يا بنتي، ما حدش ابدا يستاهل أنك تعملي في نفسك كدة.

اغمضت مقلتيها لتخرج من بين شفتيها شهقة بكاء خافتة، تنهمر دموعها من جديد، لا تعرف بما تجيب، فتحت عينيها حين سمعت لينا تحادثها:
- حسام حكالي على اللي حصل في الكلية، كان شكله يضحك اوي وهو بيقولي أنا كنت غيران ومش عارف أنا عملت كدة ازاي
صمتت لينا للحظات تراقب تعابير وجه سارة الباهتة التي لم تتغير، لتتنهد تأخذ نفسا قويا تحادثها بحزم:.

- أنتي حساسة أوي يا سارة بتفكريني بنفسي زمان، حبيبتي الحساسية والكيوت دي مشاعر حلوة، بس ما تنفعش مع رجالة عيلة السويسي، حسام حكالي على اللي عمله وأنا هددته أنا اللي هقفله في جوازه منك، كان لازم تقفي قدامه وتقوليله أنا ما عملتش حاجة غلط عشان تكلمني كدة، ايه اللي حصل انتي زعلتي وعيطتي ونكدتي على نفسك، وكان ممكن ما تحليش كويس في الامتحان...

انشفي يا سارة، حسام بيحبك انتي ما شوفتيش خناقته هو وخالد عشان خالد يوافق انه يجي يتقدملك، وصلت إن خالد ضربه بالقلم وحسام كان هيسيب البيت، كل دا كويس، بس عرق الغيرة اللي عند حسام أنا عرفاه ومجرباه، بدل ما تفضلي تعيطي وتنكدي على نفسك وتوصلي للحالة دي، قوليله أنا ما عملتش حاجة غلط، ثوري خدي حقك، أنتي اللي هتخسري صدقيني لو فضلتي تسكتي عن حقك كل مرة بالشكل دا.

توقفت دموع سارة عن الجريان وكأن البئر جف فجاءة تنظر للفراغ عينيها شاردة، سارة دائما هي الحساسة كثيرة البكاء هي الضحية التي كاد يستغلها ذئب بشري قبلا، والآن يفرض هيمنته الذكورية بكل عنفوان، عليها أن تتغير أن تصبح حتى مثل سارين او تدافع عن ذاتها كما تقول لينا زوجة عمها، تنهدت حائرة تحرك رأسها بالإيجاب لتتوسع ابتسامة لينا تحادثها بخبث:
- اسمعي بقي هتعملي ايه لما حسام يجي.

في الخارج، خالد وعمر وعثمان يتحدثون ولينا تعبث في هاتفها بملل، تحاول التواصل مع حسام ليسرع قليلا، خرجت سارين من المطبخ تحمل صينية كبيرة عليها المشروبات والحلوي وضعتها امامهم تردف مبتسمة:
- اتفضلوا
ربت خالد على وسادة الأريكة الخالية المجاورة له ينظر لها مبتسما، لتجلس سارين جواره لف خالد ذراعه حول كتفيها قبل قمة رأسها يغمغم مبتسما:.

- دا الجمال عدي الكلام، أنا أول مرة اشوف قمر لابس حجاب عشان يبقي قمرين
ضحكت سارين عاليا لترتسم ابتسامة صغيرة على شفتي عثمان، ضحكاتها حقا تسعده، عاد خالد يحادث سارين من جديد يتمتم مبتسما:
- قوليلي عاملة ايه في كليتك انتي دخلتي علاج طبيعي مش كدة
ابتسمت سارين تحرك رأسها إيجابا نظرت لعثمان نظرة خاطفة لتعاود النظر لعمها تردف:
- الحمد ***، الدراسة في الكلية سهلة
اقترب خالد من اذن سارين يهمس لها:.

- انتي متخانقة مع عثمان
نظرت له متفاجئة عينيها متسعة في دهشة كيف علم ليبتسم خالد ساخرا أخفض صوته يهمس لها متهكما:
- اصله عمال يبصلك من كحك لكحك وانتي عين معايا والعين التانية معاه، مين فيكوا اللي غلطان
- مش عارفة، همست بها سارين بصوت خفيض مرتبك للغاية اختلست النظرات لعثمان لتراه ينظر ناحيتها غاضبا، ابتسم خالد فئ مكر ينظر لعيني عثمان الغاضبة، ليعاود النظر لسارين يتمتم ساخرا:.

- مش عارفة بردوا يا بنت عمر، ماشي يا بريئة، هو الواد بيبصلنا كدة ليه أنا عمك على فكرة
ضحكت سارين رغما عنها عاليا ليزفر عثمان أنفاسه حانقا ليتمتم خالد ساخرا:
- خدي بالك هيطلع نار من مناخيره دلوقتي
وضعت سارين يدها على فمها تمنع ضحكاتها، في حين نظر خالد لعثمان يبتسم في اصفرار ابتسامة مستفزة واسعة، قامت سارين من جوار خالد حمحمت تتمتم سريعا:
- هقوم اجبلكوا عصير تاني.

نظر لينا لساعة الحائط تزفر حانقة لما تأخر شقيقها الأحمق كل ذلك الوقت، ما هي الا دقائق ودق جرس الباب قامت لينا سريعا تفتح الباب زفرت حانقة ما أن رأت حسام ابتسمت تتمتم ساخرة:
- حمد *** على السلامة ايه جاي من الصين، كل دا تأخير.

نظر حسام لها باستعلاء ليعدل من تلابيب حلته السوداء الكلاسيكة ذات القميص الابيض ورابطة العنق السوداء، ذلك الدبوس المميز عند اكمام سترة الحلة جعلت لينا تقطب ما بين حاجبيها تسارعت دقات قلبها تلك الحلة ليست لحسام، تلك الحلة تعرفها تتذكر شكل ذلك الدبوس جيدا، تلك حلة...
قبل أن تنطقها سمعت صوته يأتي من هناك يصعد الفاصل من درجات السلم يغمغم ساخرا:.

- يا عم خش اخرتنا بقالك ساعة بتنقي في البدل دا زمان الناس نامت.

حلة زيدان إذا، حسام ذهب لزيدان وها هما معا، دخل حسام أولا ليدخل هو من خلفه لما يجب أن يكن وسيما في كل مرة تراه فيها، لما يبدو هو عريس الليلة، على الرغم من انها نادرا ما تراه يرتدي « تيشرت » زيدان يفضل الملابس الرسمية، ولكنه اليوم يرتدي « تيشرت أبيض اللون اكمامه تصل للمنتصف، وسروال أسود من الجينز، وحذاء رياضي أبيض، هل كان يركض أم ماذا، ما إن دخل إلى المنزل مد يده يود مصافحتها يغمغم بابتسامة متكلفة:.

- ازيك يا لينا، اخبارك ايه
بعد آخر مواجهة بائسة بينهما يأتي اليوم يحادثها بتحفظ يخبرها أنها فقط إبنه خاله وإن ما حدث بالكامل صفح وطواها، مدت يدها تضعها داخل خفه تتمتم بخفوت:
- الحمد ***.

سحبت يدها من يده ليتحرك هو للداخل بينما وقفت هي تضع يدها على نابضها تشعر به سينفجر، ضربت الأرض بقدميها لما جاء، لما في كل مرة تراه فيها، تشعر بأنها تراه للمرة الأولي وكأنها لم تكن تحمل في *** منه يوما، ربما لأنها لم تعد تلك الفتاة الضعيفة البائسة، ربما لأنها منذ زمن طويل بدأت تشعر بالامان والحياة من جديد، ربما كان مقدر أن يحدث ذلك كله لتحي بعد خوف أمنا لن يضيع، تنهدت حائرة حانقة من ذاتها، لما تشعر في تلك اللحظات انها مراهقة حمقاء تحب ابن عمتها خلسة وتخشي أن يفضح أحدهم امرها، تنهدت حانقة لتتوجه للداخل سمع صوت ضحكاتهم جميعا يصدح في المكان، توجهت تجلس على مقعد بعيد عن الجميع تنظر لهم، حين نظر والدها لحسام يغمغم ساخرا:.

- ايه يا حوسو غيرت الكشف المستعجل، قصدي خلصت الكشف المستعجل
ليضيق حسام حدقتيه غاضبا ينظر لوالده حانقا، عابس الوجه، بينما يجلس هو يتابع ما يقولون يشارك في احاديثهم بكلمات قليلة، تنهدت تبتسم شاردة، قطبت جبينها فجاءة رفعت وجهها تنظر لزيدان ذلك.

« التيشرت » الذي يرتديه زيدان تعرفه، هي من اشترته له كيف نسيته، توسعت عينيها في دهشة ترمش باهدابها عدة مرات سريعة متتالية، في السواق القريب من القرية السياحية تتمشي بصحبته اعجبها، اشترته في خلسة منه وهو يتنقي لها أحدي فساتين السهرة، كانت تود إعطائه له هدية في يوم الحفل المشؤوم ولكنها لم تفعل، والآن هو يرتديه؟! توسعت عينيها في دهشة تنظر له مذهولة، لم تخرج من دهشتها الا على صوت والدها يحادث عمر أخيه برزانة معتادة في مثل تلك المواقف:.

- خلاص هزرنا وضحكنا بص يا عمر، أنت طبعا عارف احنا هنا ليه، أنا جاي اطلب منك أيد سارة بنتك لحسام، أنت قولت أنك موافق يوم فرح أدهم بس ناقص رد العروسة، هي فين سارة صحيح
- سارة اهي.

صاحت بها لينا بابتسامة واسعة تمسك يد سارة في يدها تجذبها برفق لداخل الغرفة التفت حسام برأسه سريعا ينظر ناحية باب الغرفة تسمرت عينيه ينظر لها مسحورا، تقافزت دقات قلبه على وشك تحطيم صدره، ها هي أمامه تقف هناك جوار زوجة أبيه، ترتدي فستان هادئ وردي اللون يخطف الأنفاس، تنظر لأسفل يشعر بها مرتبكة متوترة، تقبض كفها الآخر تشد عليه، لما تخفي وجهها عنه يريد أن يراها يعتذر لها، يخبرها بأنه أحمق نادم على ازعاجها بكلماته السامة الغبية، لما تشدد كفها على كف لينا بذلك الشكل، لحظات فقط وفهم، حين نظرت لينا لهم ابتسمت تردف بهدوء:.

- معلش يا خالد هقاطع كلامكوا بس سارة عايزة تتكلم مع حسام قبل ما تقول رأيها موافقة أو لاء
انقبض قلب حسام مع كلمة لينا الأخيرة، في حين قطب خالد جبينه ينظر لأخيه متعجبا، ليبادله عمر بنظرات متعجبة حقا لا يفهم ما يحدث، في حين هب حسام سريعا يغمغم متلهفا:
- آه طبعا طبعا
نظر خالد لحسام ساخرا، في حين نظرت لينا لعمر تحادثه مبتسمة:
- بعد إذنك طبعا يا عمر.

تردد عمر للحظات قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب، سيفهم كل شئ من سارة بعد أن تنتهي تلك الزيارة، ابتسمت لينا تشير لحسام ليتبعها، التقط حسام حقيبة كبيرة وعلبة مغلقة ليتحرك خلف لينا إلى الشرفة حين طاولة مستديرة جلست سارة على أحد جانبيها وحسام على المقعد الآخر امامها، نظرت لينا لسارة تشجعها بعينيها تبتسم لها في هدوء شدت على كفها، قبل أن تنظر لحسام تردف محتدة:.

- أنا واقفة برة يعني لو فكرت تزعلها هاجي ارميك من البلكونة
توسعت عيني حسام في دهشة ينظر لزوجة أبيه مصعوقا، متي أصبحت بتلك الشراسة، تلك القصيرة صاحبت اللسان الذي يفوقها طولا، خرجت لينا من الشرفة لينظر حسام سريعا ناحية سارة ما حدث كاملا لا يهم، الأهم الآن أنها يراها اخيرااا، أنه هنا ليتخذها زوجة وحبيبة، كسر الصمت يهمس لها بتلهف مشتاق:
- سارة، أنا.

رفعت وجهها له في تلك اللحظات رأي من خلال حدقتيها المضطربتين أنها تود قول شيئا ما، مترددة وربما خائفة منه بعد ما فعل، صمت ينتظر ما ستقول، زفرة طويلة خرجت من بين شفتيها تشد على أسنانها رفعت وجهها له تتذكر ما قالته لها لينا، حركت رأسها إيجابا كأنها تستعيد تلك الكلمات في عقلها من جديد، تجنبت النظر لعينيه تماما تغمغم في هدوء جاف:.

- بص يا حسام ولو سمحت ما تقاطعنيش، أنا ما عملتش اي حاجة غلط عشان تكلمني بالشكل دا وتقف تهددني، أنا ما روحتش وقفت مع شهاب وقولتلن كلمني لو سمحت، أنا كنت رايحة المحاضرة هو جه يسألني أن كنت سجلت محاضرة امبارح لأنه ما كنش موجود، قولتله اني هبعتها على تليجرام الدفعة، بس، لا واقفة بضحك ولا بهزر، ولا ينفع إنت تكلمني بالشكل دا، كان ممكن تقولي بمنتهي البساطة انك بتضايق، مش واقف تهددني وتكلمني وكأني عاملة جريمة، خليتني مش عارفة حتى أنا حليت إيه في الامتحان...

- ناقصة درجة، بعد ما اختارتي الإجابة الصح شخبطتي عليها واختارتي الغلط.

توسعت عينيها في دهشة تنظر له مذهولة لا تنكر شعورها بالسعادة مما قال، رغم ذلك حافظت على تعابيرها الهادئة الجامدة، في حين ارتسمت هو ابتسامة صغيرة على ثغره لينا زوجة من شجعتها لتقول تلك الكلمات كيف علم؟ من تلك الجملة التي قالتها سارة «ممكن تقولي بمنتهي البساطة انك بتضايق، » والتي قالتها لينا له قبلا بشكل مختلف قليلا، أعجبه غضب سارة، أعجبه توترها وهي تحاول اخباره كم هي غاضبة منه، محاولاتها أن تظهر شجاعة، ظل صامتا بعد أن قال ما قال يراقب تعابير وجهها، رائها كيف حاولت أن تبدو جامدة في تعابيرها اللطيفة حمحمت في حدة لا تليق بها تماما تردف بجمود:.

- شكرا، أنا عارفة اني حليت كويس، عشان كنت مذاكرة كويس، مش دا موضوعنا، أنا مش هسمحلك ابدا بالشكل دا تاني، أنا
- أنا آسف، أنا بحبك.

همس بهما بصوت خفيض شغوف رخيم، لتشخص حدقتيها في ذهول تندفع الدماء إلى وجنتيها، وتفر باقية الدماء من جسدها خجلا تاركة إياها جثة تتجمد من وقع جملتين فقط، اختفت أنفاسها تسارعت دقاتها، ضمت كفيها تفركهما بعنف حين سمعته تنظر أرضا جسدها شبه يرتجف، لينا لم تخبرها أنه سيقول تلك الكلمات التي تسلب القلب في لحظة، اغمضت عينيها حين سمعته يكمل ما يقول بنبرة هادئة رخيمة حنونة:.

- أنا آسف يا سارة، انتي عندك حق، ما كنش ينفع ازعقلك بالشكل دا، من غير ما اعرف الموضوع، أنا بس كنت غيران أوي، بس اوعدك أن دي اول واخر مرة هزعلك فيها، أنتي غالية عندي اوي يا سارة اغلي مما تتصوري.

في تلك اللحظة تحديدا تريد أن تبكي من الخجل، تركض إلى غرفتها تحتمي بها من دقات قلبها المتسارعة مشاعرها التي يغزف عليها انغاما تبعثرها، فتحت مقلتيها حين سمعته يطلب منها ذلك برفق، لتراه يحمل صندوق كبير من محل طعام شهير للغاية وضعه على الطاولة، ليمسك بحقيبة كبيرة من الورق يضعها جوار الصندوق على الطاولة يغمغم مبتسما:
- دول عشانك اعتبريهم هدية أو اعتذار، أنا مش عايزك تزعلي ابدا يا سارة.

رفعت عينيها لمقلتيه لحظة واحدة تنظر لعينيه اللامعة التي لم يحجب لمعانها زجاج نظارته الشفافة، ارتسمت ابتسامة كبيرة خجولة على شفتيها تنظر بعيدا
في اللحظة التالية دخل خالد إلى الشرفة فجاءة يغمغم ساخرا:
- اجيب مخدة من عند عمك عمر وامدد على الكنبة، لو ناوي نبات هنا قولي
نظر حسام لأبيه حانقا، في حين أحمر وجه سارة خجلا اشار خالد بيده لحسام لأن يخرج من الغرفة، اقترب هو من إبنه أخيه يحادثها مبتسما برفق:.

- سارة، حبيبتي، ما فيش اي حد في الدنيا يقدر يغصبك توافقي على حاجة انتي مش عاوزاها، لو مش موافقة يا حبيبتي...
- أنا موافقة
قاطعته سارة تهمس بها بصوت خفيض متوتر خجول، لتخرج ضحكة صغيرة من بين شفتي خالد، يربت على رأسها برفق، عاد لهم، يجلس مكانه من جديد يتمتم مبتسما:
- بما أن سارة موافقة نقرا الفاتحة.

جائت لينا في تلك الاثناء تمسك بيد سارة جلست جوارها على أحدي المقاعد القريبة منهم، نظر عمر لابنته يسألها بعينيه أن كانت حقا موافقة أم لاء، لتومأ سارة برأسها بخجل ابتسم عمر في حين رفع حسام يده سريعا ليضحك الجالسين على ما يفعل، بدأوا جميعا في قراءة الفاتحة إلى أن انتهوا ربت خالد على ساق يردف:
- نتفق بقي، بنت اخويا هتيجي معززة مكرمة بشنطة هدومها بس
حرك عمر رأسه نفيا سريعا يعترض بحدة على ما يقول أخيه:.

- لا يا خالد معلش، اخوك مش فقير الحمد ***، زي ما جهزت سارين ههجز سارة، والموضوع هيمشي طبيعي زي ما بيحصل في اي جوازة
هنا تدخل حسام فجاءة يردف ساخرا:
- طب بما ان الأجهزة الكهربائية على العروسة فأنا عايز بلايستيشن 5 الجديد
التفت خالد لحسام ينظر له شرزا يتوعد له، في حين صدم زيدان قدم حسام بعنف تأوه حسام يمسد ساقه ينظر لصديقه حانقا ضحك زيدان يحادث عمر سريعا:.

- بيهزر طبعا أنت عارف حسام دمه خفيف بس ساعات بتقلش منه، شربات يا حسام
قلب حسام عينيه ساخرا، ليقرر هو تولي دفة الحديث ويا ليته لم يفعل نظر لعمر يقول بجدية مفرطة:
- قبل الشقة والعفش والكلام دا كله، هنتجوز أمتي، أنا بقي نعمل شبكة وكتب وفرح في ليلة واحدة ويا ريت بكرة
رفع عمر حاجبيه ينظر لحسام مستهجنا ما يقول ليلكزه خالد بمرفقه في صدره يهمس له حانقا:
- اخرس بدل ما اقل منك قدام الناس.

زفر حسام أنفاسه غاضبا، لما يعامله أبيه بتلك الطريقة، هو العريس هنا ويجب أن يتولي هو تحديد ميعاد زفافه ليردف قائلا من جديد في حدة:
- انتوا كدة كدة مش هترضوا تخلوني اخرج معاها غير لما اكتب عليها، فيها ايه لو عملنا الشبكة والفرح مع بعض، مش هتحصل حاجة يعني، نخليها في اجازة نص السنة.

تجهم وجه عمر ينظر لذلك الفتي الارعن كم يرغب في أن يصفعه على فمه ليتوقف عن تلك التراهات التي يقولها، كاد خالد أن يتحدث حين بادر زيدان يقول في هدوء مقنع:
- بصراحة أنا مع حسام في اللي بيقوله، طالما المبدئ موجود يبقي ما فيش داعي للتأخير، يعني على ما تيجي اجازة نص السنة، تكون الشقة جهزت ودي مسؤولية حسام وحضرتك يا خالي بما إنك والد العروسة وخالد باشا طبعا، كان على الهدوم أو الفرش، فدي مسؤولية لينا.

بنتك يا خالي وماما طبعا مش هتتأخر ومدام تالا وسارين، وفي خدامين كتير في الفيلا ممكن يساعدوا، القاعة حسام اللي هيحجزها ويتفق عليها، وإن كان على فستان الفرح تقدر سارين تجيبه بعد الامتحانات، الموضوع بسيط جدااا
ما إن انهي زيدان كلامه اندفع حسام يعانق صديقه بقوة يتمتم فرحا:
- حبيبي يا أبو الصحاب، **** يخليك للغلابة.

لم يقتنع عمر تماما بما قال زيدان فأخبرهم بأنه بحاجة لوقت أكثر لمشارة ابنته وسيعطيهم رده، نزلت العائلة إلى أسفل ليجدوا سيارة زيدان تقف هناك، فالسيارة الاخري مقعد السائق مبتل بفعل ملابس حسام، جلس زيدان خلف المقود جواره خالد ولينا في الخلف في المنتصف بين والدتها وحسام، التفت خالد لزيدان يحادثه متهكما:
- ايه يا واد العقل دا، دا أنا اقتنعت
ضحك زيدان يرفع يده يؤدي التحية لخالد يتمتم ضاحكا:.

- تلميذك يا باشا
كاذب، كاذب، كاذب، رددتها لينا داخل نفسها مئات المرات تلميذ فاشل تعلم كل شئ من والدها الا قواعد العشق...
- ايوة يعني تفتكروا عمي عمر هيوافق ولا لاء..
غمغم بها حسام قلقا لينظر له الجميع شرزا بعد ما فعله بالاعلي، خالد على وشك أن يلقيه من السيارة:
- إنت تخرس خالص بدل ما ارميك من العربية، ايه اللي أنت هببته فوق دا
قلب حسام عينيه بملل يردف ساخرا:.

- أنا عملت ايه يعني مش هو اللي عملي فيها أبو العروسة وأنا هجهز بنتي بنفسي، هي مش الأجهزة الكهربائية على العروسة بردوا
شد خالد على أسنانه يطحن قبضته التفت بجسده إلى حسام يصيح فيه محتدا:
- تقوم قايلهم عايز بلايستيشن 5 يا ابن ال...
ضحك حسام ساخرا دون أن يرد، في حين انفجر الجميع في الضحك، التفت خالد لزيدان يسأله ساخرا:
- وأنت يا سي زيدان ياللي عاملي فيها أشيك شاب في مصر، فين ست انجليكا اختفت فين.

انثني جانب فم زيدان بابتسامة صغيرة رفع كتفيه لأعلي يغمغم في سخرية مريرة:
- طبعا أشيك شاب في مصر، أنت ما تعرفش قيمة التيشرت دا، وإن كان على أنجليكا فهي سافرت روسيا بس هترجع قريب...
الشقراء غادرت دعت في قلبها إلا تعود من جديد سيرة الشقراء كفيلة بأنها تصيبها بالغثيان، لا هي حقا تشعر بالغثيان بالفعل، يبدو أن الكعكة المحترقة ترغب فئ الخروج من بين امعائها، صاحت متألمة تردف سريعا:
- زيدان وقف العربية بسرعة.

وضعت يدها على فمها، ليوقف زيدان السيارة سريعا اندفعت بجسدها خارجا ترتمي أرضا تتقئ بعنف، هرع الجميع إليها، امسك حسام بها جيدا حتى لا تسقط أرضا، يحاول مساعدتها في تنظيم تنفسها حتى لا تختنق، اخرجت كل ما في جوفها لترتمي برأسها على صدر حسام تنظر لهم مجهدة، ابتسمت لوالدتها في إجهاد تطمئنها بصوت هامس أنها بخير، ليحملها حسام إلى السيارة من جديد، استندت على صدره تتنفس بعنف، لينا تمسح على شعرها برفق، قاد هو السيارة بهدوء تلك الكلمة خوفا عليها ينظر لها من خلال المرآة بين حين وآخر يتذكر صيحتها بأسمه وكأنه كانت تستنجد به، أو هكذا صور له قلبه المتعب.

في صباح اليوم التالي، تقف في شرفة غرفتها في منزل عمها تنظر للسماء هي تحب الطيور خاصة الحمام تحب النظر إليها وهي تطير ترفرف في فضاء سرمدي من الحرية لن ينتهي أبدا، حرية لن تحصل عليها هي ابدا، هي لا تريد حرية اختيار طعام او ملابس، او اي جامعة تختار، هي تريد حرية الروح من قيد العادة، سجن المألوف، قبضان العادات التي تسجن خلفها طير الحمام تمنعه من التحليق بعيدا كما يريد، تنهدت تزفر أنفاسها اليوم سيعودون جميعا هي ووالديها إلى أسيوط من جديد، انتهت زيارتها القصيرة، خرجت من غرفتها لازال الوقت باكر ولكنها استيقظت على اي حال، حين خرجت لصالون المنزل رأت ياسمين زوجة عمها تضع الإفطار على الطاولة ابتسمت لها، قبل ان يصدح فجاءة صوت رنين هاتف المنزل، من بات يطلب هاتف المنزل في تلك الأيام توجهت ياسمين إلى الهاتف، ما إن وضعت السماعة على اذنيها لحظات فقط وشخصت عينيها فزعا تصرخ باسم ولدها، صرخات فزعة مذعورة، غيث اصطدمت سيارة في حادث، هو الآن في المستشفى، أسرع الجميع إلى عنوان المستشفى، هي ووالدها وفارس وجوري وياسمين يركضون في طرقات المستشفي يبحثون عن رقم الغرفة، التي ما أن وصلوها هرع فارس إلى الطبيب يسأله فزعا:.

- طمني ابني عامل ايه، قالولي جاي في حادثة عربية
ربت الطبيب على كتف فارس يبتسم شبه ابتسامة يغمغم في هدوء جاد:
- واضح أن أستاذ غيث مش متعود على السواقة في مصر، بعد الأشعة طلع عنده ضلعين مكسورين للأسف وكدمات ما وصلش الباقي منها لكسور الحمد ***.

لم تنتظر ياسمين أكثر اندفعت إلى غرفة غيث تهرول ناحية فراشه وقفت أمام فراشه تنظر لجزعه العاري الملتف بشاش طبي، كدمات متفرقة تعلو جسده يبدو أن الحادث حقا كان عنيفا ليؤذيه لتلك الدرجة، فاضت دموع عينيها اقتربت منه تربت على خصلات شعره تهمس باسمه بحرقة:
- غيث، غيث، رد على ماما يا حبيبي.

دخل فارس خلفها بصحبة رشيد وصبا وجوري، اقترب من زوجته يربت على كتفها برفق ينظر لوالده بالكاد يسيطر على دموع عينيه يحاول طمئنه نفسه قبلها:
- ما تخافيش يا ياسمين الدكتور بيقول هيبقي كويس، ****، بإذنك **** هيبقي كويس.

وقفت صبا هناك بعيدا تنظر له رغما عنها انسابت دموعها بحرقة وضعت يدها على فمها تنظر لحالته المذرية، وعقلها يذهب لتفسير واحد فقط أن مراد هو من فعل ذلك، هو من حاول قتله بعد ما فعله، توترت حدقتيها تنظر لغيث لتعاود النظر لوالدها، هل تخبر والدها بأمر مراد، أم تكتفي بالصمت وتترك ذلك الشيطان يحاول أن يقتل أخاها كما حاول قتل غيث، بالطبع هو من غيره سيفعل، ستخبر والدها وما يحدث، هي المخطئة في البداية وعليها أن تدفع ثمن خطئها الآن!

تقف في المطبخ تدندن بلحن أغنية ايطالية تحبها تلتف حول نفسها كفراشة بين حديقة أزهار، سعيدة كلمة قليلة للغاية عما تشعر به في تلك اللحظات تكاد تطير فيها من الفرح، قلبها يتراقص مع انغام الموسيقي، هي وادهم والعشق ثالثهما، قيس وليلى ولا مكان لجني الشعر هنا، فقصائد قيس فاضت كنهر عذب في قلب ليلي روته لتزهر جنة عشقهم الخالدة، ابتسمت سعيدة تنظر للطعام الذي أعدته بيديها لزوجها الحبيب النائم، صوت دقات هاتف أدهم، خرجت من المطبخ سريعا هناك ملقي على الأريكة التقطته لتري اسم والدها فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها لتسمع صوت أبيها الحاد:.

- جري ايه يا عم أدهم أنت هتفضل عايش في دور العريس كتير، الشغل متعطل وأنت ولا هنا
ضحكت عاليا تحادثه والدها مبتسمة في حبور:
- أنا مايا يا بابا أدهم لسه نايم
ابتسم حمزة ما أن سمع صوت ابنته ليبادر قائلا:
- حبيبة بابا وحشاني و****، روحي صحي عريس الغفلة وقوليله متعطل بسببه، لو ما جاش هاجي أنا اعلقه.

ضحكت مايا من جديد تحادث والدها لدقائق قبل أن تغلق معه الخط، تحركت ناحية غرفة نومهما اقتربت من الفراش حيث يغط أدهم في نوم عميق كطفل برئ!، جلست جوار رأسه مدت يدها برفق تربت على خده تحادثه بهمس خافت:
- أدهم، أدهم اصحي يا أدهم، أدهم اصحي عشان الشغل
تململ في نومته يتأثب ناعسا فتح عينيه قليلا لترتسم ابتسامة سعيدة على ثغره امسك كف يدها يقبلها يتمتم ناعسا:.

- صباح العسل، بذمتك في حد يصحي من النوم يلاقي العسل دا كله قدامه
ابتسمت خجلة! تسبل عينيها برقة جذبت يدها من يده تغمغم بخفوت رقيق:
- على فكرة انا بتكسف، قوم يلا عشان تروح الشركة، أنا هروح احط الفطار على السفرة.

رفع حاجبيه ينظر في اثرها مدهوشا من تلك التي تخجل؟!، مايا، حرك رأسه يبتسم في حالمية شديدة، أيام كالجنة قضاها معها، ولكن لما يجب أن تدق الساعة الثانية عشر بتلك السرعة، لما يجب أن ينتهي حلم الأمير سريعا ويضطر إلى الذهاب لعمله!

أمام عمارة سكنية كبيرة حديثة الطراز لافتة كبيرة خط على سطحها ( قاسم رشوان، طبيب نفسي ) وقفت سيارته أمام عيادة الطبيب ينظر للافتة لحظات طويلة يزفر أنفاسه حانقا لا لن يذهب ولكنه يحتاج إلى أن يذهب، لن يفعل، ولكنه بحاجة للحديث بحاجة لذلك، حسم قراره، ليقرر الصعود لأعلي لا مجال للتراجع الآن، ما إن صعد إلى أعلي وقفت سيارة لينا هي الاخري نزلت من سيارتها لتلمح عينيها سيارة زيدان تقف أسفل عيادة قاسم، زيدان هنا، ماذا يفعل، ولما جاء لقاسم من الأساس، هناك حلقة مفقودة، ستعرفها الآن، أخذتها طريقها سريعا لأعلي تبحث عنه هو أولا!

الفصل مئة وخمسة عشر

دخل من باب العيادة المفتوح يضع نظاراته السوداء الكبيرة علها تخفي القليل من ملامح وجهه يخشي أن يراه أحد يعرفه في تلك الأثناء تحديدا، خطي لداخل العيادة من الجيد لا يوجد سوي رجل وامرأة والمساعدة الخاصة بقاسم تجلس على مكتب راقي من الزجاج أمامها حاسب محمول، توجه تركيزها الكامل فيه، اقترب من مكتبها يدق بأصابعه بخفة على الزجاج نظرت الفتاة له كانت على وشك أن تقول شيئا ليبادر هو قائلا في خمول:.

- أنا عندي ميعاد مع دكتور قاسم، خالد زيدان
حركت الفتاة رأسها بالإيجاب توجه انظارها صوب شاشة الحاسوب، لحظات ورفعت وجهها إليه تتمتم بابتسامة لبقة:
- ايوة فعلا، بس دكتور قاسم بيعتذر أنه مضطر يتأخر نص ساعة، ممكن حضرتك تستناه
تنهد زيدان ضجرا نصف ساعة كاملة قد يحدث فيها العجائب، لا يستبعد أن يجد العائلة كلها هنا الآن، نظر لساعة يده ليعاود النظر للفتاة يغمغم بهدوء:
- ينفع استناه في المكتب؟

بدت الفتاة مترددة لا تعرف أتوافق أم لا، حركت رأسها إيجابا بعد لحظات، تطمأن نفسها أن العيادة كاملة مزودة بكاميرات مراقبة، تحرك زيدان صوب غرفة قاسم دخل إليها ليغلق الباب خلفه، في تلك اللحظة تحديدا دخلت لينا سريعا إلى العيادة تنظر هنا وهناك تبحث بعينيها عنه أين هو، رأت سيارته بالأسفل بالطبع هنا، تحركت ناحية مكتب مساعدة قاسم تحادثها مبتسمة:
- هو دكتور قاسم جه، عندي ميعاد معاه بعد ساعة.

حركت الفتاة رأسها نفيا نظرت للينا تردف مبتسمة:
- لسه يا آنسة لينا، دكتور قاسم هيتأخر نص ساعة، ولسه في كشف قبل حضرتك كمان
إذا هو من سبقها، هو هنا ولكن أين، تعلقت عينيها بباب غرفة قاسم المغلقة، ربما هو في الداخل من يعرف عادت تنظر للفتاة من جديد تسألها مبتسمة:
- هو في حد جوه في مكتب دكتور قاسم.

نظرت المساعدة للينا للحظات قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب لتعاود لينا سؤالها عن هويتها فما كان من الفتاة الا وجهت انظارها للحاسب تحادث لينا بنبرة رتيبة هادئة:
- ما اقدرش اقول لحضرتك دي خصوصيات المرضي، دكتور قاسم يمنع دا تماما
زفرت لينا أنفاسها حانقة توجهت إلى أحد المقاعد تجلس عليها تنظر لباب الغرفة المغلق تتمني لو كانت عينيها تري خلف الابواب المغلقة ربما كانت تعرف أن كان هو حقا أم لا...

خلف الباب المغلق على مقعد أسود وثير من الجلد جلس زيدان عليه يخفي وجهه بين كفيه يزفر أنفاسه بعنف يشعر وكأن بركان من نار يشتعل داخله، قبضة عنيفة من جمر تعتصر صدره، يكرهها، لا يريد حتى أن يراها ولكن لما، لما ذلك الشعور القاسي بالذنب، ذنب لم يرتكبه ولكنه حقا يشعر وكأنه هو الجاني، تنهد حانقا من نفسه، يعود برأسه للخلف يستند إلى ظهر المقعد يتذكر ما قاله له خالد بالأمس.

Flash back
حين وصلت السيارة اخيرا، عينيه حقا كانت قد تعبت من محاولته لاختلاس النظرات إليها، لما لازال يقلق عليها بعد كل ما فعلت، ما إن اوقف السيارة نزل حسام يحمل شقيقته يصعد بها لغرفتها خلفهما لينا والدتهم، تنهد ينظر لها وهي تبتعد سيذهب مباشرة لغرفته يقضي ليلته فيها وفي الصباح سيغادر ما أن خطي للداخل سمع صوت خالد يحادثه:
- زيدان، حصلني على المكتب.

ماذا يريد خاله الآن، تحرك خلفه إلى غرفة المكتب يغلق الباب عليهم، جلس على المقعد المقابل لخالد، هما الإثنين والصمت ثالثهم، يجلس خالد أمام زيدان هادئا يتفحص قسمات وجهه بنظرات هادئة للحظات طويلة، في حين بدأت قسمات وجه زيدان تتشنج قليلا ذلك الأسلوب الذي يستخدمه خالد يعرفه زيدان جيدا، الهدوء المستفز للأعصاب، ذلك الهدوء الذي يجعل من يجلس أمامه فب حالة بشعة من التوتر لا يتوقع رد فعله القادم، حين طال الصمت من ناحية خالد حمحم زيدان يتمتم في هدوء:.

- في حاجة يا خالي
في هدوء تام حرك خالد رأسه بالإيجاب فقط إيماءة واحدة فقط، وزفرة قوية خرجت من بين شفتي يتمتم فجاءة دون مقدمات:
- مش ناوي تسامح ولدتك بقي، حالتها النفسية بشعة، اومال لو ما كنتش شغال في مكافحة المخدرات وبنشوف كل يوم بلاوي، ابن بيتقل أمه وأب بيقتل عياله، أمك ما كنتش واعية لأي بتحصل حواليها، افهم.

حرك زيدان رأسه نفيا بعنف، بدأ هدوءه يتراجع شيئا فشئ يحل مكانه الغضب، إحساس بشع بالقهر والألم يطحن صدره يفتت قلبه، كور قبضته يشد عليها بعنف، تسارعت أنفاسه، يشيح بوجهه بعيدا يتمتم بعنف:
- مش ذنبي، ما تطلبش مني اني اسامحها هي السبب هي اللي دخلته الأول في حياتنا، هي السبب في كل اللي حصلي، جاي بمنتهي البساطة تطلب مني اسامحها، لو على جثتي مش هيحصل
هب من مكانه فجاءة يود مغادرة المكان بأكمله.

حين سمع صوت خالد يأمره بأن يتوقف، توقف في منتصف الغرفة قرب الباب، يتنفس بعنف يطحن أسنانه بقوة، قام خالد يتوجه إليه وقف أمامه يمسك ذراعيه بين كفيه بقوة يحادثه منفعلا:.

- إنت عمرك ما كنت قاسي يا زيدان، ما تحاولش تعيش في شخصية مش بتاعتك، أنت لحد دلوقتي مستعد تسامح لينا بس بتكابر، دي أمك، غصب عنك أمك، لوجين اتظلمت زيها زيك، من أول يوم وهو بيحطلها الزفت دا في الأكل والعصير، رماها سنين في السجن بتتعذب من احساسها بالندم والقهر، لو أنت اتذيت زمان فربنا عوضك بعد كدة، انما هي عايشة عمرها كله في اذي سنين وسنين، من حقها عليك أنك تسامحها كفاية عند يا زيدان.

التفت برأسه ينظر لخالد الواقف أمامه، احمرت مقلتيه لا يعرف أهو الغضب أم محاولة يائسة لكبح دموع عينيه الحارقة، علت أنفاسه ليعلو صوته بعدها يصيح محتدا:.

- عند، أنت فاكر الموضوع عند، أنت سامع نفسك يا خالي، افرض معايا لو ما كنتش هربت وعرفت اوصلك، كنت هكمل في العذاب دا لحد أمتي، جوزها بعت واحد مجنون يغتصب *** صغير، جوزها اللي هي دخلته حياتنا بإيديها، لو كنت فضلت في الوحل دا كنت اكيد اتجننت، كنت بقيت يا مريض، يا سفاح، مالهاش حل تالت، خليها تبعد عن حياتي ما تجيش دلوقتي تعيش في دور المظلومة صدقني أنا لو شوفتها بتموت قدام عينيا مش هيتهز فيا جفن، عن إذنك يا خالي أنا طالع أنام.

نزع ذراعيه من كفي خالد تاركا إياه ينظر في أثره في صدمة مما قال، في حين أخذ زيدان طريقه إلى غرفته، حين فتحها توجه مباشرة إلى شرفة غرفته يقف فيها يتنفس بعنف، يشعر بجسده يشتعل من الغضب والألم، هواء الليل العنيف لم يطفئ ولو قبس صغير من نيرانه المتأججة، لا يعرف لما حتى نظر ناحية شرفة غرفتها إلا أنه حين فعل رآها تجلس أرضا على أرضية الغرفة الرخامية الباردة، تنظر إلى الحديقة، تحركت رأسها تنظر إليه رأت نظرات عينيه الحزينة المعذبة، كان يتشاجر مع والده سمعت صوت شجارهما الحاد، نظرت له بتعاطف، وكأنها تحنو عليه بنظرة ضعيفة من عينيها، فلم يفعل شيئا سوي أنه ترك الشرفة وغادر من المنزل بأكمله يهرب بعيدا.

Back
فتح عينيه فجاءة على صوت هادئ رخيم يأتي من أمامه يتمتم:
- إنت نايم ولا إيه
فتح عينيه يتعدل في جلسته حين رأي قاسم يجلس أمامه يبتسم ابتسامة هادئة، كيف دخل ولم يشعر حتى به، ومنذ متي وهو هنا، ابتسم قاسم يجيب عن أسئلته التي لم يطرحها:
- واضح أنك متعمق جدا في التفكير لدرجة أنك ما سمعتنيش وأنا بفتح الباب، أنا بقالي عشر دقايق قاعد قدامك.

لم يبتسم فقط رفع كفيه يمسح وجهه، خلل أصابعه في خصلات شعره يزفر أنفاسه المختنقة، للحظات طويلة ظل صامتا وقاسم ينظر له في هدوء، مال زيدان بجذعه قليلا يستند بمرفقيه على كفيه تنهد يتمتم بحرقة:.

- مش قادر اسامحها، كل ما بشوفها بفتكر كل اللي حصل زمان، هي ما عملتش حاجة غير أنها اذتني، بحاول افتكر اي ذكرى حلوة بينا، ولو ذكري واحد تخلي قلبي يسامح مش لاقي، قبل موت والدي **** يرحمه كانت حياتي كلها معاه هو، كنت متعلق بيه أوي، بعد موته، كنت *** مش فاهم يعني ايه موت، كنت بقعد كل يوم استناه على الكرسي اللي قدام باب الشقة زي ما كنت بعمل، بس ما كنش بيجي، ما كنتش فاهم ايه اللي بيحصل، كنت بشوفها دايما بتعيط وحزينة، وخداني على طول في حضنها تقولي أنت العوض بعده، لحد ما هو دخل حياتنا، ما بقتش بشوفها، شهور وأنا عايشة مع دادة في البيت وهي بتخرج الصبح وما بترجعش غير بليل وأنا نايم، لحد فجاءة ما لقيتها بتقولي دا هيبقي بابا، هي اللي باعتني، مش هقدر دلوقتي اسامح.

- طب انت جايلي ليه دلوقتي، تتمتم بها قاسم بصوت هادئ للغاية ليرفع زيدان وجهه المجهد ينظر لقاسم للحظات طويلة قبل أن يحرك رأسه بالنفي ابتسم يغمغم ساخرا:
- مش عارف، رغم كل اللي عملته فيا الا اني حاسس بالذنب، أنا مش عارف أنا ليه حاسس بالذنب وأنا المجني عليها منها، اعمل ايه عشان اخلص من الشعور دا، أنا مش هسامحها عمري ما هعمل كدة...

تحرك قاسم من مكانه متوجها ناحية مقعد بجوار فراش أسود اللون من الجلد الوثير ما يطلق بالمصطلح المعروف ( شيزلونج )، اشار لزيدان ليجلس عليه فحرك الأخير رأسه بالنفي، يتمتم محتدا:
- أنا مش مريض نفسي، أنا جاي عايز اجابة لسؤال واحد، أنا ليه عندي إحساس بالذنب ناحيتها بس، وما تحاولش تقولي والدتك وسامحها والكلام المحفوظ دا عشان مش هيحصل
ابتسم قاسم في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب ليفاجئه بسؤال لم يكن يتوقعه ابدا:.

- تفتكر لو والدك كان لسه عايش كان الوضع هيبقي عامل ازاي.

صمت زيدان ينظر لقاسم يعقد جبينه ماذا يقصد، وعن اي وضع يتحدث حياته بالطبع كانت ستتغير إلى الأفضل، كان على الأقل والده سيمنع ذلك الشيطان من اقتحام حياتهم من ايذائه من تخريب علاقته بوالدته، والدته!، هل كانت علاقته ستكون أفضل بوالدته حقا، لم يكن سيكرهها ولما كان سيفعل، إن كان يعيش في أسرة صغيرة سعيدة، لم يكن سيعتبر لينا زوجة خاله والدته قلبا وقالبا، ربما كان سيحب فتاة أخري غير لينا، لا هو قد تعلق بها منذ أن رآها ****، الكثير كان سيتغير فقط لو كان والده حيا، تنهد يزفر أنفاسه لا يجد ما يجيب به أو لكثرة الاجابة المتزاحمة في عقله لا يرغب في نطقها، حرك رأسه نفيا يتمتم بابتسامة ساخرة:.

- ما كنتش هتعذب من وأنا *** صغير
- ليه مش قادر تتجاوز اللي حصل في طفولتك رغم أنه مر سنين، ابتسم قاسم ينطق جملته في هدوء مستفز للأعصاب
لتحتقن أنفاس زيدان يصيح محتدا:
- عشان اللي حصل ما يتنسيش مثلا
علت ابتسامة هادئة خبيثة شفتي قاسم، وضع ساقا فوق اخري يرفع حاجبيه في دهشة مصطنعة يتمتم ببراءة:.

- في مثل زمان بيقولك على قد الغلاوة بيكون الوجع، يعني لو والدتك مش غالية عندك ما كنش اللي حصل منها هيأثر فيك اوي كدة، كنت هتتجاوز الموضوع عادي، ولا أنا بيتهيئلي
احتدت عيني زيدان ليهب واقفا ينظر لقاسم نظرات حادة غاضبة في حين ابتسم قاسم في براءة يردف:.

- يعني كزيدان باشا الحديدي، مقدم الشرطة، الأول على دفعته أربع سنين، صاحب الأرقام في رياضيات كتير، حدث زي اللي حصل زمان ما يأثرش فيه، الا لو زي ما قولتلك على قد الغلاوة بيكون الوجع...
زفر زيدان أنفاسه حانقا ينظر لقاسم محتدا قبل أن يصيح فيه:
- أو يمكن على قد البشاعة بيكون الألم، اللي حص
قاطعه قاسم يقول بنبرة هادئة واثقة وهو ينظر لعينيه مباشرة:.

- اللي حصلك كله أنا عارفة، خالد حكالي من سنين كان خايف لتدخل في حالة نفسية، اللي حصلك أنت تجاوزته من سنين، لسه اللي مأثر فيك هي والدتك واللي حصل منها، زي ما قولتلك على قد الغلاوو بيكون الوجع يا زيدان
كم اراد في تلك اللحظة أن ينقض على ذلك الطبيب المستفز ويلكمه في وجهه حتى يتوقف عن الثرثرة، ولكن فقط كبر سن الرجل هو من منعه، تنفس حانقا ليتوجه إلى باب الغرفة يود فتحه حين سمع قاسم يغمغم مبتسما:.

- على فكرة لينا بنت خالك قاعدة برة لو مش عايزها تشوفك ممكن تخرج من الباب دا
التفت زيدان لقاسم ليراه يشير لباب جانبي، دون كلمة أخري توجه إليه خرج منه يصفع الباب خلفه، في حين ابتسم قاسم يحرك رأسه يتمتم ياسا:
- عنيد زي خاله...

قام قاسم توجه ناحية مكتبه يحادث مساعدته من الهاتف الصغير على سطح المكتب، لحظات تلاها صوت دقات ومقبض الباب يدور، دخلت لينا، لم تنظر ناحية قاسم حتى بل دارت بعينيها في المكان بالكامل تبحث عنه، توسعت عينيها في دهشة كانت على أتم يقين أنه هنا أين ذهب، الشئ الوحيد الذي يثبت حقا أنه كان هنا رائحة عطره التي لا تزال عالقة في الغرفة، اجفلت على صوت قاسم يحادثها:.

- لو ما عملتيش اللي قولتلك عليه واتصارحتي مع زيدان، لفي خدي فلوسك وروحي
تنهدت لينا حانقة تبتسم ساخرة دخلت إلى الغرفة تغلق الباب توجهت إلى المقعد المجاور لمكتب قاسم ذلك المقعد الذي كان يجلس عليه زيدان قبل قليل، ما إن جلست عليه شعرت به وكأنه لا يزال هنا حقا، تحركت برأسها ناحية قاسم تتمتم يأسة:.

- حاولت صدقني بس هو رافض تماما، مش حابب يتكلم معايا، بيعاملني برسيمة بشعة، شايف دايما اني ظلمته، ليه مش قادر يشوف أن أنا مظلومة زيي زيه، إن أنا كنت ضحية لعبة قذرة من شيطان
اقترب قاسم يستند بمرفقيه إلى سطح المكتب ابتسم يتمتم في هدوء قاسي:
- عارفة فين المشكلة، أنك متأكدة أنك مظلومة ودا حقيقي، بس مش راضية تعترفي أنك بردوا ظالمة
توسعت عيني لينا في دهشة اشارت بيدها إلى نفسها تتمتم مصعوقة:
- أنا؟!

ابتسم قاسم ساخرا يحرك رأسه إيجابا في هدوء تام، نهض من مكانه ليتحرك يجلس على المقعد المقابل لها يتمتم في هدوء تام:.

- خلينا تتناقش في موضوع أنتي بتهربي من الكلام فيه من ساعة ما بدأنا جلساتنا، أنا معاكي مظلومة وضحية لعبة كبيرة، لعبة بشعة، بس انتي في جزء في الحكاية دي ظالمة، خلينا نتخيل أن زيدان ما كنش اتجوزك هو الآن، وانتي عارفة بعد ما اتجوزتي انتي وزيدان، زيدان كان متاعب معايا يوم بيوم حالتك بالظبط، انتي كنتي عايشة جوا صندوق ازازا وبدون أي مكابرة زيدان هو السبب في خروجك منه، تخيلي بقي بحالتك النفسية دي كنتي اتجوزتي معاذ أو نائل، كان زمانك دلوقتي محجوزة في مستشفي نفسية بتعاني من بدايات جنون وهستريا وهلاوس.

تسارعت أنفاسها بعنف نعم هي تعرف ذلك، لما يعاود قاسم فتح دفاتر ذكريات جاهدت لاغلاقها، اغمضت عينيها تتمتم محتدة:
- عارفة كل دا...
عاد قاسم يبتسم من جديد ينظر لها في هدوء تام يكمل ما كان يكون:.

- بعد الحادثة اللي حصلتلك من زيدان، كنتي مجروحة منه، ودا حقك، اللي حصل مش هين، بس جرحك منه خلاكي دايما عايزة تجرحيه، كنتي بتدوسي على نقط ضعفه بكلامك وافعالك، عايزة تاخدي تارك منه زي ما اذاكي تأذيه، ودا اللي انتي عملتيه فعلا، اذيتيه، أنا بكلمك بصراحة، أنا لازم اكلمك بصراحة، أنتي اذيتيه وجدااا، أنا عارف أنك ندمانة وانكوا انتوا الإتنين ضحية لعبة، بس المشكلة أن على قد الغلاوة بيكون الوجع، لما حبيتي زيدان واتوجعتي منه كنتي عايزة بس توجعيه بنفس مقدار حبك ليه توجعيه، ما كنتيش عاملة حساب المستقبل، كنتي فاكرة لحد يوم كتب كتابك زي ما حكتيلي، أنه هيجي يخطفك من بينهم زي ما خالد عمل زمان مع لينا، لما ما حصلش دا عقلك صورلك أنه خلاص نسيكي، انتوا الإتنين محتاجين مصارحة حرة، إن شاء **** تصرخوا في وش بعض، ما تجليش تاني غير لما تكوني اتكلمتي معاه، اتفضلي.

تنهدت تزفر أنفاسها حائرة كلام قاسم صحيح ولكنها حقا كانت تكابر، خرجت من العيادة إلى أسفل حيث سيارتها، استقلتها وغادرت بينما كان يجلس هو بعيدا في سيارته لم يلمح سوي طيفها وهي تغادر.

في الحارة، تحديدا في الدكان الصغير التابع لمنيرة والذي يعمل فيه مراد، وقف مراد ينظر بابتسامة واسعة إلى ذلك الدكان الآخر الذي بات يبرق من نظافته بعد أن عمل فيه أياما، لم يذهب تعبه سدي، يفكر في جعل ذلك الجزء خاص بالاجبان والمخلل والالبان والبيض واللحم المجفف، سيحتاج إلى بعض المساعدة المالية، مِنْ مَنْ لا يعرف ولكنه سيتدبر الأمر، جلس على مقعد صغير أمام الدكان يحتسي كوب شاي من القهوة الصغيرة المقابلة له، حين وقعت عينيها تخرج من باب عمارتهم السكنية، وضع الكوب أرضا ليتحرك ناحيتها يسألها متعجبا:.

- أنتي رايحة فين
اخفضت رأسها تشد أصابعها حول محفظة النقود الصغيرة فئ يدها تتمتم بصوت خفيض مرتبك خجول:
- ههجيب طلبات من السوق، أنا سايبة ملك نايمة مع الست منيرة...

تنهد حائرا جزء بداخله يرفض نزولها، خوفا عليها من أن يضايقها أحدهم ولو بكلمة وجزء آخر يريدها الا تخشي احدا تتحرك تثبت لهم أنها لم تفعل شئ خاطي هي ليست الجانية، تركها واقفة مكانها ليتحرك ناحية الدكان جذب الباب الحديدي الخفيف من أعلي حتى المنتصف، ليتوجه إليها انتفضت فجاءة كمن لدغها عقرب حين شعرت بكف يده يمسك بكفها يحدثها متوترا:
- هاجي معاكي، عشان ما تشليش حاجات تقيلة هبقي اشيلها أنا.

ابتسمت مرتبكة تحرك رأسها بالإيجاب في لمحة خاطفة سارت جواره تشعر بالارتباك يرجف جسدها، تشعر بأن أنظار الجميع مسلطة عليهما، سارت معه إلى السوق الشعبي في منطقتهم وقفت عند بائع الطماطم تمسك بحقيبة بيضاء من البلاستيك تنتقي من بينهم الأفضل تضعها داخل الحقيبة ومراد يقف جوارها يراقب ما تفعل في صمت، لاحت على شفتيه ابتسامة حين تذكر قديما كان يذهب مع جدته وهي تنتقي الخضروات كان يحب الطماطم خضراء اللون التي لم تنضج بعد ويضعها في الحقيبة التي تنتقي فيها جدته فتصيح منيرة فيه:.

- بس يا موكوس يا اهبل بتنقي الطماطم الخضرا.

خرجت من بين شفتيه ضحكة ساخرة خفيفة لم يستطع إخفائها، ها هو يقف يراقب روحية، رأي مقعد من الخشب داخل المحل بعيد قليلا عنها، بعد مجهود اليوم يحتاج حقا للراحة قليلا توجه يجلس عليه ينتظرها إلى أن تنتهي، اخفض رأسه لأسفل يراقب سرب النمل وهو يحمل بقايا الحبوب الصغيرة ويختفي بها بين الشقوق، ليتسأل في نفسه هل حقا النمل راضي عن تلك الفتات التي يأخذها من بقايا البشر، وإن كانت الاجابة نعم إذا لما لا يرضي البشر!، خرج من شروده العميق على صوت شهقة قوية مفزوعة يعرف صاحبتها جيدا، هرول ناحيتها ليجدها تنظر هناك عينيها متسعة حتى آخرها وكأنها رأت الموت وجهها شاحب كالموتي، جسدها يرتجف بعنف وكأنها تصعق، عينيها مثبتة على نقطة واحدة فقط، توجه برأسه تلقائيا ناحية ما تنظر ليري رجل ضخم الجثة علامات الإجرام واضحة للغاية على قسمات وجهه المقززة، ينظر ناحية روحية بابتسامة خبيثة مقززة، ذلك الرجل الذي يخطو ناحيتهم يسير وكأنه الملك، هنا بدأت روحية تحرك رأسها تتمسك بملابس مراد بفزع تحاول الاحتماء به وهو الآن لا يفهم ما يحدث، فقط جملة واحدة أوضحت الحقيقة كاملة جملة بالكاد خرجت من بين شفتيها:.

- ااابعده عني، هيدبحني تاني، سيد، ابعده عني
الآن فقط فهم ذلك الجلنف من تجرأ واغتصب براءة زوجته قبل أن تكون، صرخت روحية بفزع حين اقترب الرجل منهم ليقبض مراد على يدها يمنعها من الهروب، الفزع كان كالموت ينهش جسدها خاصة وهي تسمع نبرة صوته التي لن تنساها ابدااا:
- هو أنت الشاري الجديد، بقولك ايه سيبها وخد عرقها، صدقيني هكيفك على الآخر بحتة بني هتعليلك مزاجك أووووي.

ابتسم مراد في هدوء تام ينظر لذلك الواقف أمامه، قبل أن يحرك رأسه موافقا ما يقول، أبعد روحية عنه قليلا ليراها قد فقدت وعيها من شدة الفزع، ارتجف نابضه قلقا ليسمع ضحكة خشنة قادمة من ذلك الرجل يتمتم ساخرا:
- يا عم ما تصدقش دا شغل اونطة، ها قولت ايه، خلينا اخدها وامشي.

والعجيب في الأمر أن لا أحد اهتم الجميع ينظر لهم نظرات استنكار واشمئزاز ولا أحد يعلق، تحرك مراد بروحية يضعها على المقعد يربت على وجهها بعنف كان لا يرغب في تلك اللحظة سوي في جعلها تستيقظ، حين فتحت عينيها شهقت من الفزع في حين ابتسم هو يحادثها بخفوت:
- ما تغمضيش عينيكي، أنا لسه هجبلك حقك
تحرك مراد للخارج يقف أمام ذلك الجلمود الضخم يبتسم تلك الابتسامة الخبيثة التي عرفها قديما يتمتم في مكر الثعالب:.

- نتفق بقي على السعر على ما تفوق أنا دافع كتير وحتة حشيش مش كفاية، زغلل عينيا، تعالا بس بعيد شوية عن الناس
ابتسم ذلك الرجل لتظهر أسنانه الصفراء المقززة يحرك رأسه بالإيجاب، تحرك بصحبة مراد ناحية محل لحام الحديد في أحد جانبي الشارع، اقترب مراد من صاحب المحل يصافحه مبتسما:
- ازيك يا عم صالح بقولك ب**** عليك، ماسورة الماية عندنا في البيت اتكسرت عايز بس ماسورة جامدة وأنا هلحمها بمعرفتي...

ابتسم صالح يغمغم سريعا:
- عندي طلبك حاجة كدة ما يكسرهاش لا شاكوش ولا مربزة، ثواني اجبهالك
تحرك صالح لداخل المحل في حين عاد مراد ينظر للرجل يحادثه بابتسامة مقززة اجاد رسمها:
- ها اخلص هتدفع كام، عايز اروح اديك سامع مسورة الماية مكسورة ومبهدلة الدنيا
ابتسم الأخير في خبث يحك بأصباعيه السبابة والابهام ذقنه الحليق الذي تزينه ندبه قوية يتشدق مستمتعا:.

- عشان خاطر عيون الغزال هديك باكوين وحتة بني، ولا اقولك فرش كامل، بنت الايه تستاهل وأنت اكيد مجرب
ابتسم مراد في تقزز يحرك رأسه بالإيجاب عاد صالح بعد لحظات يمسك في يده ماسورة في طول ذراع تقريبا، أعطاها لمراد يسأله:
- شوف دي تنفع كدة، لو عايز اقصرهالك شوية
توسعت ابتسامة مراد ينظر لقطعة الحديد فئ يده يتشدق مستمتعا، عينيه تلمع بلهيب قاتم:
- زي الفل يا عم صالح هبعتلك الفلوس.

التفت برأسه ناحية ذلك الجلنف الواقف أمامه نظر للقطعة في يده على حين وقبل أن يعي أحد ما يحدث كان يهبط بها على صدر ذلك الواقف أمامه ضربه عنيفة جعلت الأخير يصرخ من الألم في حين تعالت الصيحات والهمهات من حوله، وقف مراد ينظر لذلك الملقي أرضا ليصرخ بعنف:
- ورحمة أمي اللي ما أعرف هي عايشة ولا ميتة لهدفعك تمن اللي عملته فيها غالي يا ابن ال...

امسك قطعة الحديد بكفيه، يهبط بها بعزم ما فيه من قوة على جسد الملقي أرضا يصرخ ويتلوي من الألم، يستجديه أن يرحمه، ومراد يصرخ فيه ينعته بأبشع أنواع السباب...

في حين كانت تقف روحية هناك تستند بيدها على الحائط تراقبه وهو يتلوي من الألم كما كانت هي، يصرخ ويتسغيث كما فعلت هي، لن ينجده أحد كما لن ينجدها، تعلقت عينيها بمراد وهو يصرخ فيه يديه تنزلان بعنف تقسم أنها تسمع صوت عظام ذلك القذر تتفت تحت وقعة ضرباته الغاضبة...
تطوع أحد المارة يصيح في مراد:
- خلاص يا مراد هتموته هو عمل ايه لكل دا.

نظر مراد للقائل بوجه أحمر يتصبب عرقا يلهث بعنف ينظر لجموع الناس ليصيح فيهم:
- اللي هيقرب مني هرقده جنبه
توجه مراد بعينيه إلى ذلك الملقي أرضا تخرج الدماء من وجهه جسده عبارة عن لوحة زرقاء، ليرفع قدمه يضع حذائه على صدره يزمجر بعنف غاضبا:
- كلب باعها لكلب، نهشتوا فيها وسيبتوها مرمية جثة، قدام كلاب ما بيرحموش ما يصدقوا ينهشوا في لحم الغلبان.

ركله بعنف في صدره لينظر للجمع أمامه باشمئزاز بصق أرضا يصيح متقززا:
- انتوا زيكوا زيوا ما فرقتوش عن الكلب اللي نهش لحمها حاجة...
توجه بانظاره ناحية روحية يصيح بعلو صوته:
- يشهد **** أن مراتي أشرف ست في الدنيا، وأنا مش خابيها ولا خايف من عارها زي ما بسمعكوا تقولوا، أنا هحط جزمتها في بوق اللي يتكلم عليها كلمة واحدة...

توجه مراد ناحية ذلك الملقي أرضا يجذبه بعنف ليوقفه على قدميه رغما عنه، صفعه بقوة، قبض على تلابيب ملابسه يجره خلفه بعنف إلى أن وصل به إلى محل الجزارة المنطقة بالكامل كانت تشاهد ما يفعل حتى المعلم زكريا صاحب محل الجزارة امسك مراد الخطاف الحديد الذي يعلق عليه الرجل قطع اللحم ينظر لزكريا:
- يستحمل دا يا معلم
- ايوة يا هندسة دا متين...
صاح في صبيانه يكمل ما يقول:
- ايدكوا معاه ياواد أنت وهو.

وما هي إلا لحظات وكان ذلك البرعي معلق بالكعس رأسه لأسفل وقدميه لأعلي ليتف حولهما سلاسل من حديد معلقة في خطاف على باب محل الجزار، اقترب مراد منه صفعه على وجهه يحادثه مبتسما فئ تشفي:
- شكلك حلو اوي وأنت متعلق زي الخروف كدة.

عند ذلك الحد وفاض به الغيظ بل ويزيد ظ وقف ذلك الشاب النحيل ينظر لما يفعل الرجل بسيده، خاف من التدخل في البداية ولكن لا يكفي ويزيد، اقترب منه وسط جموع الناس وعلى حين غرة كانت ماديته تعرف طريقها لصدر مراد، وسط صرخات الناس دوي صوت صافرات سيارة الشرطة!

بإذن **** تعالا في حفل توقيع في مكتبة إبداع بوك ستور في 10 شارع هدي شعراوي في وسط البلد جوار مطعم كوك دور بمناسبة انتهاء الطبعة الأولي وصدور الطبعة الثانية يوم الإثنين القادم الساعة 3 العصر.

لو جاي مترو انزل محطة محمد نجيب واخرج اتجاه هدي شعراوي هتمشي 100 متر هتلاقي وزارة الاوقاف في وشك خلي وزارة الاوقاف يمينك وادخل الشارع اللي في وشك واللي على ناصيته الشمال صيدلية العزبي هو دا شارع هدي شعراوي إبداع رقم 10 على الشمال قبل مطعم كوك دور
مستنياكوا يا عيلة.


الفصل مئة وستة عشر

غرفة صغيرة في أحدي المستشفيات الحكومية على فراش طبي أبيض صغير يضطجع بجسده للخلف عينيه زائغة بالكاد يري ظلال تتحرك هنا وهناك أضواء تسطع وتختفي، أصوات بعيدة يحاول عقله جاهدا ترجمة ما يحدث، شيئا فشئ بدأت الإشارات المتعرجة تستقيم، بدأ عقله يستوعب ما يُقال حوله من أحاديث
- الحرج ما كنش عميق، خيطناه ونقالناله دم
- هيفوق امتي
- دقايق يا أفندم ويفوق وتقدر تستجوبه.

عند تلك النقطة بدأ يفتح عينيه شيئا فشئ، بدأت الظلال تصيح أكثر وضوحا، أول ما رآه رجلين أحدهم يرتدي مئزر أبيض بالطبع هو الطبيب ورجل آخر من ذلك المسدس المعلق في طوقه بالطبع سيكون ضابط شرطة، سمع ذلك الطبيب يحادث الضابط أولا قبل أن يحادثه:
- أهو فاق مراد، أستاذ مراد حضرتك سامعني.

حرك مراد رأسه بالإيجاب فقط لمرة واحدة قبل أن يري ذلك الضابط يجذب مقعد يجلس بالقرب من فراشه استأذن الطبيب وغادر بعد فحص بسيط أجراه على مراد، في حين جلس الضابط على المقعد المجاور له نظر له يردف في هدوء:
- قادر تتكلم
حرك مراد رأسه بالإيجاب ابتلع لعابه الجاف تبحث عينيه عنها في جميع أركان الغرفة قبل أن تثبت على الضابط الجالس على المقعد يسأله بصوت خفيض ضعيف:.

- ايوة، أنا مراتي كانت معايا كنت سامع صوتها، هي راحت فين
- الست اللي كانت معاك مستنية برة، إنت بقالك حوالي ساعتين مغمي عليك
أردف بها الضابط بنبرة هادئة فاترة، لحظات صمت تلاها حمحمة خشنة صادرة من الضابط يردف بعدها:
- الولد اللي ضربك بالسكينة اتقبض عليه، وانت كمان مقبوض عليك، بتهمة الشروع في قتل بيومي عوض **** أنت ضربت الراجل لحد ما كنت هتموته، ايه الدافع ورا اللي أنت عملته دا.

ارتسمت ابتسامة باهتة على شفتي مراد لا فائدة من قول الحقيقة سوي مزيد من الإهانة لروحية وهي لاقت من الإهانة ما يكفي ويزيد من أناس انتزعت الرحمة من صدورهم، عاد ينظر للضابط قبل أن ينطق بحرف واحد سمعوا دقات على باب الغرفة إذن الضابط للطارق بالدخول، انفتح الباب ليظهر من خلفه دخل إلى الغرفة يبتسم في هدوء تقدم ناحية فراش مراد التي توسعت عينيه في دهشة ما أن رآه، مد يده يخرج بطاقته الشخصية من جيب سترته أعطاها للضابط، ليقف الأخير يصافحه يتمتم مبتسما:.

- خالد باشا، اهلا وسهلا يا افندم
أخذ خالد البطاقة منه من جديد يضعها في جيب سترته نظر لمراد لمحة خاطفة ليعاود النظر للضابط يتمتم مبتسما:
- ممكن تسبني اتكلم معاه عشر دقايق فقط
وافق الضابط دون جدال ليستأذن يخرج من الغرفة يجذب الباب خلفه، توجه خالد إلى مقعد الضابط جلس عليه ينظر لمراد للحظات قبل أن يضحك بخفة يردف بعدها:.

- إنت عارف أنا جاي بلفة عاملة ازاي، مراتك كلمت جدتك فجدتك كلمت أدهم أخوك، وادهم كلم حمزة وحمزة كلمني، وأنا كلمت مراتك من عند أدهم عشان أعرف روحتوا انهي قسم واديني جيت، ايه يا ابني قالولي عدمت الراجل العافية، عمل إيه
اختفت الابتسامة الصغيرة التي ارتسمت على شفتي مراد وجمت قسمات وجهه يغمغم بخفوت مجهد:
- خناقة عادية زي اللي بتحصل في اي شارع.

رفع خالد حاجبيه مستنكرا ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه همهم وكأنها حقا مقتنع بالأمر ليردف مستهجنا:
- خناقة عادية تخليك تضرب اللي قدامك بماسورة ماية وتعلقه على باب جزار، أنت عنيف اوي في الخناقات يا مراد
تهرب بعينيه بعيدا عن حدقتي خالد يشعر به يخترق عقله بنظرات زفر بحنق يشيح بوجهه في الاتجاه الآخر يتمتم:
- أنا اللي عندي قولته خناقة عادية في شارع هو استفزني.

لم تتغير ابتسامة خالد الساخرة جل ما فعله أنه عاد بظهره إلى ظهر المقعد يتمتم في هدوء ساخر:
- مراد أنا لو عايز أعرف تاريخ حياتك كله هجيبه وأنا قاعد مكاني بمكالمة تليفون، أنا هنا عشان أساعدك، فالافضل تبدأ تساعد نفسك...
حرك مراد رأسه ناحية خالد ليري الأخير في حدقتيه نظرة مرتبكة متوترة يخشي قول شئ ليلقي القنبلة التي نطقها بهدوء تام:
- بسبب روحية مش كدا.

اتسعت حدقتي مراد قليلا ينظر لخالد مدهوشا في حين ابتسم الأخير في هدوء يحادثه بترفق:
- يعني كلامي صح، صدقني أنا هنا عشان اساعدك، أنت بس احكيلي.

تردد الأخير للحظات قبل أن يزفر أنفاسه مستسلما يقص له ما يعرفه عن روحية تلك الحكاية التي سمعها من جدته انتهاءً برؤية روحية لذلك المغتصب الدنئ هو فقط كان يأخذ حق زوجته لم يخطي في شئ لولا ما حدث لكان قتله، انتهي مراد من سراد ماي يقول ليرفع عينيه يواجه حدقتي الجالس أمامه يسأله متعجبا:
- بس إنت عرفت منين أدهم اللي قالك
حرك الأخير رأسه نفيا رفع كتفيه يتمتم ببساطة:.

- ابدا مراتك واقفة برة عمالة تعيط وتقول أنا السبب، اتأذي بسببي، مش صعبة تستنج
إن الموضوع ليه علاقة بيها...
حرك مراد رأسه بالإيجاب صمت للحظات قبل أن ينظر لخالد يسأله مرتبكا:
- إنت مصدقني
ارتسمت ابتسامة بسيطة على شفتي خالد يغمغم في هدوء:
- وايه اللي هيخليني اكذبك، رغم تاريخك الحافل بالمصايب، بس إنت واد جدع وبتتغير.

شخصت عيني مراد في ذهول ممتزج بفزع كيف عرف ذلك الرجل قريب شقيقه بماضيه من أخبره، لم يدع السؤال يداعب عقله كثيرا توجهت مقلتيه لخالد حين قام من مكانه يربت على كتفه السليم يردف مبتسما وهو يغلق زر حلته الاوسط:
- حمد *** على سلامتك يا مراد، عن إذنك.

هكذا فقط لم يفعل شيئا، لم ينطق بكلمة أخري فقط غادر إلى خارج الغرفة يجذب الباب خلفه، ظن أن الضابط هو من سيعود ليكمل تحقيقه معه ولكن من دخل كانت روحية بصحبة أدهم شقيقه، اقترب أدهم منه يهرول يسأله مذعورا عن حاله في حين روحية تقف بعيدا تنظر له نادمة تضع فوق عاتقها ذنب ما حدث له، أما هو فكان عينيه هناك عند باب الغرفة المفتوح يبصر ذلك الرجل يقف يحادث الضابط، قبل أن يغادر كلاهما!

على صعيد آخر في المستشفى التي يقطن بها غيث ساعات الانتظار تأكل القلوب كالوحش الضاري يهنش بلا رحمة تجلس هي بصحبة أبيها وعمها في على مقاعد الإنتظار خارج الغرفة الجميع أعينهم معلقة بباب الغرفة المغلقة، أما هي فتنقل عينيها بين باب الغرفة ووالدها تريد أن تخبره، ولكنها أجبن من أن تفعل، كلما حاولت استجماع شجاعتها الضائعة تضيع من جديد ولا تقدر على النطق بحرف، تتوقع أسوء ما قد يحدث أن أخبرت والدها بما بحدث لها من مراد، ولكن غيث ما حدث له ذنب يطوق عنقها يخنقها بلا رحمة، بعد طول صراع استجمعت فتات شجاعتها قامت ناحية أبيها ستخبره فجاءة دون ترتيب، وقفت أمامه تنظر له، ليعقد رشيد جبينه في عجب من فعلتها حين فتحت فمها فجاءهم صوت باب الغرفة يُفتح فجاءة وجوري الصغيرة تصرخ فرحة:.

- غيث فتح عينيه، غيث صحي...
الجمت الفرحة لسانها اندفع الجميع يركض لداخل الغرفة ومن ضمنهم هي عادا فارس الذي ذهب مسرعا ليحضر الطبيب، الجميع يقف في ترقب ينظر للطبيب وهو يفحص غيث، قبل أن يبتسم الاخير يردف :
- حمد *** على السلامة...

تحركت عيني غيث المجهدة التعبة تنظر لوجوه الحاضرين أمامه توقفت حدقتيه عندها يري دموعها التي تغرق وجهها، ارتسمت ابتسامة شاحبة على شفتيه كأنه يطمأنها بأنه بخير لم يحدث لم مكروة لم يصيبه سوءً رغم تلك الألم البشعة التي تطحن عظامه، اقتربت ياسمين تعانق ولدها برفق خوفا من ايذائه الجميع يلتف حوله عداها هي تقف هناك تشاهد فقط في صمت قطعته حين صاحت فجاءة وهي تبكي:
- أنا آسفة أنا السبب في اللي حصلك، أنا آسفة.

شهقت ياسمين بعنف تنظر لصبا في ذهول مما قالت في حين توجهت أعين الدهشة الممتزجة بالاستنكار ناحية صبا، نظرات تتلقاها من أبيها وعمها، أما غيث فكان ينظر لها مذعورا ماذا تقول تلك الحمقاء، وسبب ماذا ما حدث له كان حادث، الجميع سيظن بها السوء من كلماتها تلك، كلماتها التي زادتها سوءً حين صرخت بحرقة تكمل:
- أنا هقولهم على الحقيقة اللي أنت مخبيها.

لحظة وبدأ عقله يعي ما تقول، توسعت عينيه ينظر لها مدهوشا تلك البلهاء ستفسد الأمر، عليه أن يتصرف سريعا فضحك بالكاد ضحكة صغيرة للغاية خرجت من بين شفتيه ضحكة جعلت الجميع ينظر اليه ليسعل هو بخفة يغمغم في مرح باهت:.

- صبا طريقتك دي هتخليهم يفتكروا اننا متجوزين عرفي ومعانا عيلين والحكاية كلها أنك نسيتي موبايلك في العربية، واتصلتي بيه الصبح فأنا للأسف رديت وأنا سايق وأنا مش متعود على السواقة في مصر فحصل اللي حصل، للاسف موبايلك ضاع في الحادثة يا صبا
توسعت مقلتيها تنظر له في دهشة مما يقول في حين ارتخت نظرات الواقفين، نظر فارس لها يغمغم مبتسما:
- دا مش ذنبك يا بنتي دا مقدر ومكتوب، والحمد *** قدر ولطف.

نظرت صبا لغيث ليرميها بنظرة حادة تطلب منها أن تغلق فهما فما ستفعله هو الغباء بعينه.

على صعيد آخر في أحد أقسام الشرطة التابعة للحي الذي يسكن فيه مراد في مكتب الضابط المسؤول عن التحقيقات يجلس الضابط الذي كان عند مراد قبل قليل خلف مكتبه أمامه لوحة من الخشب نُقش على سطحها، كرم ظافر، في حين يجلس امامه على المقعد المجاور لمكتبه ذلك الذي يضع ساقا فوق أخري ينظر لباب الغرفة ينتظر حضور ذلك الوغد فلديه درس قاسي سيلقنه إياه، دقات على باب الغرفة دخل ذلك البرعي يسنده اثنين من العساكر بعد ما فعله به مراد، اشار لهم خالد أن يضعوه على المقعد المقابل له، ما إن خرجا نظر خالد لكرم يحادثه:.

- سيبني معاه شوية يا كرم
حرك الأخير رأسه بالإيجاب خرج من الغرفة يجذب الباب يغلقه ابتسم خالد في هدوء تام يلتقط ملف أسود اللون من فوق سطح المكتب فتحه يقرأ ما فيه بابتسامة ساخرة:
- برعي عوض **** مرعي، اسم موسيقي هايل، سبقة ضرب، وسبقتين حشيش، ما شاء ****، واخرهم ******، واللي لسه ما اتحاسبتش عليها
توسعت عيني فزعا حرك نفيا بصعوبة يهدر بصوت منفعل متألم:.

- ما حصلش يا باشا، وكتاب **** ما حصل، دا هو اللي ضربني في الشارع من غير سبب
وضع خالد من يده اضطجع يجلس بارتياح يضع ينزل ساقه من فوق الاخري استند بمرفقه الايمن على سطح المكتب يستند بذقنه على كفه يتمتم ساخرا:
- ضربك دا أنت حيطة قدامي أهو، وبعدين تقرير الطب الشرعي اثبت وقعة الاغتصاب على المجني عليها حورية إبراهيم وهي عرفتك واعترفت عليك.

ابتسم خالد ساخرا حين رأي انكماش قسمات وجه الأخير في فزع، هو بالطبع لم يكن ليعرض تلك الفتاة التي لا يعرفها للطب الشرعي خاصة بعد مرور سنوات على حادث الاغتصاب ولكن الأحمق الذي أمامه لا يعرف ذلك، توترت عيني ذلك البرعي يهتف فزعا:.

- يا باشا و**** أنا ماليش دعوة، أنا ههفهم جنابك الحكاية أنا كان ليا مبلغ كبير عند سيد أخوها، ومش راضي يدهولي، روحلته اطالبه بيه، قالي عندك اختي خدها مكان فلوسك، اخوها هو اللي ادهالي
بدأ يشعر بالغضب، غضب كلمة ضئيلة عن تلك النيران التي بدأت تضرم بين خلاياه، تتأجج في صدره، تفور في عقله، انتفض من مكانه يقبض على فك ذلك البرعي يصيح عاليا:.

- وأنا في سوق العبيد يا، ، بتشتريها والقذر التاني باعها ليك، كلب باعها لكلب، ورحمة ابويا يا برعي الكلب ما هتخرج منها غير ب25 سنة إشغال شاقة
توسعت عيني برعي فزعا قبضة ذلك الرجل تفتت ما بقي له من عظام سليمة غير مهشمة، نفض خالد يده بعيدا عن فك ذلك البرعي، وقف أمامه يبتسم في تشفي يغمغم ساخرا:.

- هو أنا ما قولتلكش مش لما عرفت أنك ليك سابقة حشيش بعت الظابط اللي كان قاعد دلوقتي فتش الخرابة اللي أنت عايش فيها وجاب عليه واطيه ولقي كمية حشيش محترمة لا حقيقي صنف فاخر مش موجود في السوق، واتحرز وراح المعمل الجنائي يعني هتشرف خلف الأسوار مش اقل من 25 سنة تحت وصايتي أنا، سلام يا برعي، غدا ألقاك
رفع يده يلوح لذلك البرعي ساخرا قبل أن يخرج من الغرفة.

هناك في المستشفى الحكومي التي بها مراد تحديدا في غرفته، تحرك أدهم من جوار شقيقه يردف مبتسما:
- أنا هنزل الكافتريا اجبلك عصير وبالمرة أكلم جدتك دي هتتجنن عليك وأنا مش راضي اقولها على اسم المستشفى.

ابتسم مراد ينظر لأخيه ممتنا غادر أدهم ليتحرك مراد بعينيه ناحية روحية التي تجلس على مقعد بعيد تنظر له تبكي في صمت، مد يده يربت على طرف الفراش الفارغ يحثها بعينيه أن تقترب منه، قامت تتحرك بخطي مرتجفة تجلس على حافة فراشه ترفع بيدها بين فنية وأخري تمسح دموعها التي تتمرد وتسقط حزنا عليه!، انتفض جسدها حين مد يده يمسح دموعها يسألها بصوت خفيض شاحب:
- أنتي بتعيطي ليه يا روحية، أنا كويس ما تخافيش.

حركت رأسها نفيا بعنف ترفض تماما النظر اليه سالت دموعها بعنف تغمغم بحرقة:
- كنت هتموت مكاني أنا آسفة، آسفة أوي
مد يده يمسك ذقنها برفق رفع وجهها إليه ينظر لعينيها الحمراء نظراتها الكسيرة دموع عينيها الغزيرة ارتمست ابتسامة حزينة على شفتيه تنهد يخرج كل ما يجيش في قلبه:.

- أنا اللي آسف يا روحية، كنت إنسان بشع والحمد *** أن شري ما طالكيش، آسف على كل لحظة ضايقتك فيها، آسف على اللي اضطريتي تعيشيه لوحدك بعد الحيوان دا عمله فيكي، أنا لو ما كنتش ضربته كنت هبقي آسف ليكي أنك ما اتجوزتيش راجل يجبلك حقك من اللي اذاكي...
ترك ذقنها ليمسك كف يدها يقربه من فمه يطبع على سطحه قبلة حانية ارجفت جسده قبلها حين نظرت له بعينيها الحزينة الناعسة ليهمس هو في شغف:.

- تقبلي تسامحيني يا روحية، ونبدأ صفحة جديدة من اول السطر، أنا وانتي وملك، وعهد عليا قدام **** أني هتقي **** فيكي في كل لحظة جاية في حياتي، قولتي ايه.

صمتت تنظر له دون كلام ينطقه اللسان بل فاضت به العين عرفه القلب، شعرت به الروح، حركت رأسها بالإيجاب توافق بخجل ما يقول ليجذبها بذراعه السليمة يحاول معانقتها، ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تغمض عينيها في عناقه، عناق لم يستمر سوي لحظات مع دقات الباب انتفضت بعيدا عنه، دقة أخري وفتح الطارق الباب اطل خالد بوجهه من خلف الباب المغلق ينظر لمراد وروحية يبتسم في هدوء، خطي للداخل يغمغم مبتسما:.

- اعذرني على المقاطعة
حرك مراد رأسه بالنفي سريعا يغمغم مرتبكا:
- لا لا طبعا يا باشا اتفضل اتفضل
جذب خالد أحد المقاعد يجلس جوار فراش مراد ربت على ساقه نظر لروحية ليعاود النظر لمراد يردف في هدوء:.

- كان نفسي و**** احبسه في قضية روحية بس للأسف عدي مدة طويلة على الحادثة وما يقدرش الطب الشرعي يثبت أن حصلها ******، بس الحمار طلع بيتاجر في الحشيش واتظبط في بيته كمية ترميه في ابو زعبل باقي عمره، أما بالنسبة لقضيتك، أنت مواطن شريف شوفت واحد معاه حشيش بيتاجر بيه حاولت تمسكه هرب منك قمت ضربه، ما فيش قضية، حابب تروح بيتكوا دلوقتي ولا تستني شوية في المستشفي.

نظر مراد لروحية يبتسم مد يده يمسك كف يدها يشد عليه عاد ينظر لخالد يردف:
- هروح.

بعد مدة قصيرة وإنهاء جميع إجراءات المشفي وإحضار الدواء اللازم في سيارة خالد يقودها متوجها إلى الحارة، خالد خلف المقود أدهم جواره بالخلف روحية ومراد، مراد الذي يختلس النظرات لروحية بين حين وآخر كأنه مراهق عاشق، اعترف لمحبوبته توا بعشقها لها، وصلت السيارة اخيرا إلى الحارة نزل أدهم سريعا يفتح الباب الخلفي يسند جسد مراد، يجذبه من السيارة ما لم يتوقعه تماما.

التفاف بعض الرجال من الحي ناحية مراد يهنئونه على ما فعل، شكرهم مراد بابتسامة شاحبة ليتوجه به أدهم لاقرب شقة، شقة منيرة فتحت منيرة الباب لتطلق زغرودة عالية ما أن رأته انسابت دموعها تغمغم فرحة:
- حمد *** على سلامتك يا ابني، حمد *** على سلامتك يا حبيبي...

دخل أدهم يسند مراد إلى حيث غرفته، وضعه على الفراش برفق يخلع له حذائه ابتسم مراد ينظر لأخيه الصغير، وجود أدهم في حياته صنع فارقا وكأنه المعجزة، دخل خالد في تلك اللحظات إلى الغرفة وقف أمام مراد يحادثه مبتسما:
- أنا كدة عملت اللي عليا، قوم أنت وشد حيلك عشان أنا محتاج محاسبين في الشركة أنت مش خريج تجارة بردوا.

اتسعت ابتسامة مراد المذهولة يحرك رأسه سريعا بالإيجاب ليضحك خالد بخفة ربت على كتفه يحادثه مبتسما:
- في انتظارك يا مراد، عن اذنكوا، ابقي كلم حمزة يا أدهم طمنه..

انتهت محاضراتها اخيرااا ذلك المحاضر السخيف ظل يشرح ما يقارب الثلاث ساعات رأسها تشعر به كرة ضخمة مرتدة تصطدم بتجويف هيكل دماغها، ارتمت بجسدها على أقرب مقعد في استراحة الطلاب تنظر للأوراق في يدها، شهادة مريضة وشهادة اعتذار عن عدم دخولها الامتحانات الفترة الماضية لأنها كانت مريضة، مريضة كلمة قليلة عما كانت فيه، حملت ملف الأوراق في يدها، تتجه به ناحية مكتب شهاب عميد الكلية التي تدرس فيها استاذنت من المساعدة، توجهت إلى مكتبه دقت الباب لتتوسع عينيها في ذهول للحظات حين رأته، ماذا يفعل زيدان في مكتب شهاب عميد الكلية، كانت تبحث عنه صباحا في عيادة قاسم تراه الآن في مكتب العميد، حمحمت في ارتباك حين سمعت العميد يحادثها:.

- اتفضلي يا آنسة لينا
نظر زيدان لقاسم يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا ليحمحم الأخير الأخير يردف متوترا:
- قصدي يا مدام، يا استاذة، اقعدي
جلست لينا على المقعد المقابل لزيدان الفضول يقتلها لتعرف لما هو هنا، هل جاء لأجلها، ولما قد يفعل ذلك، حمحمت هي مرتبكة تمد يدها بملف الأوراق ناحية شهاب تردف مبتسمة:
- حضرتك دي شهادة مريضة واوراق اعتذار رسمية عن الامتحان اللي فات...

امسك شهاب الاوراق يتفحصها عدة لحظات قبل أن يومآ برأسه يردف في هدوء:
- تمام يا آنسة، يا أستاذة، هتواصل مع الدكاترة ونشوف امتي الوقت لاعادة الإمتحان تاني، صحيح انتي طبعا تعرفي زيدان باشا الحديدي، مش عارف بعرفكوا على بعض ليه
ضحك بخفة ضحكة سمجة ليعاود ما كان يقول:
- طبعا عارفة أنه جاي هنا عشان يقدم أوراق لطالبة جديدة جاية من روسيا تدرس عندنا، اسمها انجليكا، تعرفيها!


الفصل مئة وسبعة عشر

بهت وجهها تنقل أنظارها بين ذلك المدعو شهاب عميد الجامعة وزيدان نظرات مدهوشة يملئها الغيظ زيدان سيحضر الشقراء هنا تدرس معها في نفس الجامعة لما لا يحضرها إلى بيتهم ويعطيها غرفته أن كان يهمه امرها لتلك الدرجة، شدت كفها تغرز أظافرها بعنف في كف يدها، تتنفس بعنف لن تظهر غيظها أمام اي من كان ابدا رسمت إبتسامة صفراء على شفتيها تغمغم:
- و****، **** يوفقها، عن إذنك حضرتك عشان اتاخرت.

قامت سريعا تخرج من غرفة المكتب دون أن تنظر إليه مرة أخري جذبت الباب تصفعه خلفها لينظر زيدان إلى شهاب يرفع حاجبه الأيسر يغمغم ساخرا:
- و**** بتجود من عندك يا شهاب
ضحك شهاب ضحكة سمجة سخيفة تحرك من مكانه يجلس على المقعد حيث كانت تجلس لينا ضحك يغمغم ساخرا:
- **** يا جدع قولت اتصرف عايزني اقولها أنك جاي توصي عليها في الجامعة، وبعدين أنا مش غريب يا زوز، دا احنا أصحاب من اعدادي يا جدع.

ضحك زيدان ساخرا يحرك رأسه نفيا ياسا ذلك الأحمق صديقه الآخر، صحيح أنهما لا يلتقيان كثيرا ولكن يبقي شهاب صديقه الوفي الذي لن يخونه ابداا، نهض زيدان من مكانه يغلق زر حلته الاوسط نظر لشاب يغمغم ساخرا:
- بذمتك في عميد كلية كداب، دا أنت عميد على ما تفرج، أنا ماشي وزي ما وصيتك، هي كانت تعبانة الفترة اللي فاتت، ما تخليش الدكاترة تحط امتحانات صعبة
غمز شهاب له بطرف عينيه يغمغم عابثا:.

- الحب الحب الشوق الشوق بلوبيف بلوبيف
صدمه زيدان على كتفه بقوة يضحك رغما عنه قبل أن يخرج من مكتب شهاب، يتوجه إلى أسفل يأخذ طريقه إلى حيث صف سيارته في المرآب الملحق بالجامعة، ما إن دخل إلى المرآب سمع صوته الذي يعرفه جيدا تردف متذمرة:
- يعني يا عم عبده مش عارف تشيك على البنزين هنروح ازاي دلوقتي
بنزين سيارتها قد فرغ من الشخص السئ الدنئ الذي قد يفعل بها ذلك، اقترب أكثر ليسمع صوت السائق يحادثها:.

- و**** يا بنتي ما خدت بالي، خلاص حصل خير نكلم الباشا وهو هيبعت عربية تانية
وقفت جوار سيارة والدها تعقد ذراعيها أمام صدرها تتأفف حانقة من ذلك الموقف الذي حدث قبل قليل الشقراء ستأتي للجامعة ستقلتها قبل أن تفعل، لتتصل بوالدها أو لتأخذ سيارة اجري، نظرت في ساعة يدها انها الخامسة تقريبا، مدت يدها إلى حقيبتها لتخرج هاتفها، لتسمع صوته في تلك اللحظات يأتي من خلفها يغمغم في هدوء:
- تعالوا أنا هوصلكوا.

نظرت خلفها سريعا تنظر له حانقة تضيق عينيها في غيظ اشاحت بوجهها في الاتجاه الآخر ترفع رأسها لأعلي قليلا تغمغم بإيباء:
- لاء شكرا، اتفضل أنت، مش عايزين نعطلك على الوفد الروسي
ارتسمت ابتسامة صغيرة عابثة على شفتيه، لا ينكر ولكنه حقا اشتاق لمشاكستهم سويا، خرجت من بين شفتيه ضحكة خفيفة ليراها تنظر له حانقة تصيح محتدة:
- ممكن اعرف أنا قولت ايه ضحك حضرتك.

ابتسم في مكر تلك المرة يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم بابتسامة صفراء مستفزة:
- مين قالك أن أنا بضحك عليكي الا لو انتي شايفة نفسك بتضحكي
اشتعلت أنفاسها غيظا تنظر له غاضبة في حين لم تتغير ابتسامته الماكرة نظر لعبده ليعاود النظر إليها يغمغم في هدوء جاف:
- هتفضلي واقفة كدة ساعة وزيادة على ما خالي يبعت عربية تانية، هتركبي اوصلك ولا هتفضلي واقفة.

فتحت فمها تريد أن تعترض، قبل ان تفعل ذلك نظرت للسائق ذلك الرجل الذي تجاوز الخمسين من عمره منذ الصباح وهو معها وبالطبع يريد العودة لبيتن اخذته الشفقة به نظرت له تغمغم على مضض:
- يلا بينا يا عم عبده، انت معايا من بدري يادوب تروح.

توجهت إلى سيارة زيدان فتحت بابها الخلفي تجلس هناك تصفع الباب خلفها توجه السائق خلف المقود وزيدان جواره تنطلق السيارة إلى منزل والدها، تنهدت تخرج هاتفها من حقيبتها فتحته تحادث سهيلة اطمأنت على حالها بصحبة جاسر والصغير ايضا بخير، لترتمي برأسها إلى ظهر الأريكة تنظر لسقف السيارة، تزفر أنفاسها بحرقة وكأنها تختنق حين تتنفس، اعتدلت في جلستها تنظر من خلال نافذة السيارة إلى الطريق كورنيش النيل في ذلك الوقت يبدو اكتر من رائع حركة المياة تحت قرص الشمس وقت الغروب وكأنه ينزف يلون مياة النيل العذبة بعذوبة قطرات دماء الشمس، لفت انتباهها **** صغيرة من ***** الشوارع تتحرك بين الناس تحمل عدة ازهار في يدها تدور بها عل أحدهم يشتري منها، حال الطفلة البائس الحزين جعلتها تشعر بغصة تخنق قلبها، كم أن الحياة غريبة ميزانها المحسوب الدقيق يصعب فهمه، فهي في سيارة فارهة ذاهبة لمنزل والدها الفخم في جامعة خاصة، تملك ما قد تحلم به اي فتاة الا أن شعورها بالبؤس لا يقل عن تلك الفتاة الصغيرة وربما الصغيرة اشد فرحا منها، نظرت للسائق تغمغم فجأة:.

- وقف العربية يا عم عبده
استجاب السائق لطلبها أوقف السيارة على جانب الطريق لتفتح بابها تنزل منها سريعا تراقبها عيني زيدان قلقا عليها ماذا تفعل الآن، تحركت سريعا هي ناحية تلك الفتاة انثنت قليلا تحادثها بشبح ابتسامة باهتة:
- ممكن اخد الورد.

- هتدفعي كام، غمغمت بها الفتاة بعفوية جعلت دمعات لينا تتساقط رغما عنها هي حتى لا تعرف لما تبكي، فتحت حقيبتها تخرج النقود التي بها جميعا تعطيهم للفتاة لتتسع عيني الفتاة في دهشة التقطت الأموال من لينا تحتضنهم بقوة حتى انها اسقطت الأزهار من يدها صرخت فرحة تركض بعيدا:
- هجيب الدوااااا لمامااااا.

راقبتها لينا وهي تركض بعيدا والابتسامة تشق وجهها الصغير، مسحت دموعها انحنت لتلتقط الأزهار الساقطة أرضا لتري يده امتدت من العدم تلتقط الأزهار اعطاها لها، وقفت تنظر له للحظات وهو يمد يده لها بالازهار، الصغيرة وجدت سعادتها ببضع ورقات نقدية، أما هي فحتي سعادتها لا تعرف أين تجدها، أخذت الأزهار منه تحركت ناحية السيارة حين اشتمت رائحة زكية وصوت بائع الدرة يصدح في المكان:.

- حمام يا درة، احلي من الحمام يا درة، الدرة المشوي.

التفتت برأسها تبصر بائع حبات الذرة المشوية يقترب منهم، اشتهته ولكنها اعطت نقودها أجمع للفتاة لا يهم غدا في طريق عودتها ستبتاع بعضها، القت نظرة خاطفة على البائع لتتحرك لسيارة زيدان تمسك بالازهار، جلست مكانها تغلق الباب، كانت تظنه خلفها ولكنه لم يأتي ظلت السيارة واقفة، أين ذهب، اطلت برأسها تبحث عنه لتراه يقف عند بائع الذرة، اعطاها الرجل عدة حقائب من البلاستيك بها حبات الذرة ملتفة حول وريقاتها الخضراء يبدو أن زيدان اعطي للرجل نقودا كثيرة من تلك الإبتسامة الواسعة التي تظهر على شفتي البائع، عاد للسيارة يجلس مكانه لتغزو تلك الرائحة الذكية السيارة بالكامل، ابتلعت لعابها تنظر بعيدا، اعطي زيدان للسائق أحدي الحقائب يحادثه مبتسما:.

- خد يا عم عبده
شكره السائق مبتسما، ليلتفت زيدان برأسه ناحيته يمد يده لها بحبة مشوية يحادثها في هدوء:
- من غير عند ولا حساسيات أنا عارف أنك بتحبي الدرة المشوي، اتفضلي
ترددت بقبولها للحظات قبل أن تمد يدها تأخذها منه تشكره بصوت خفيض بكلمة.

« شكرا» فقط لم تزد عليها حرفا واحد، انشغلت ما بقي في الطريق بأكل حبة الذرة في يدها تنظر من نافذة السيارة، تتنهد بين حين وآخر حائرة تكره تلك الفقاعة الوردية التي يلقيها فيها بمعاملته تلك ورغم ذلك هي لا ترغب في غيرها!

في مفترق الطريق في الوقت التي كانت فيه سيارة زيدان تشق طريقها إلى منزل خالد، عند الجانب سيارة أخري تشق طريقها في الإتجاه المعاكس، سيارة تحوي شخصين فقط، عثمان جواره سارين تنظر لذلك الواجم جوارها لم ينطق بحرف واحد منذ أن خرجا من منزل والدها، كان عازمة على الحديث معه أمس ولكنها حقا انشغلت في الحديث مع شقيقتها حتى سرقها الوقت ونامت، ارتسمت ضحكة صغيرة على شفتيها والدها بالكاد تركها تذهب معه بعد الغداء، كان يريد منها أن تبقي هي فقط لأسبوع او اثنين، ولكن عثمان رفض تماما، وها هي تجلس جوار زوجها الغاضب، حين التفتت برأسها تنظر له رأت كورنيش النيل هناك على ناحيته، تنهدت تردف سريعا بابتسامة صغيرة:.

- عثمان ممكن نقف شوية على الكورنيش.

زفر دون كلام حرك رأسه بالإيجاب، التف بالسيارة عند اول مخرج يوقفها عند جانب الطريق، نزل منها هو اولا فتحت الباب تنزل بعده اقتربت منه ليمسك كف يدها ابتسمت حين فعل ذلك تحرك بها ناحية مقعدين متجاورين من البلاستيك جوار سيارة لبيع مشروب شعبي « حمص الشام » طلب لهما كوبين، جلس يوجه انظاره لمياة النيل، في حين تختلس هي النظرات له بين حين وآخر لا تعرف بما تبدأ كلامها ولكن عليها أن تبدأ تنهدت تتمتم بنبرة خافتة:.

- عثمان أنت زعلان مني
التفت برأسه ناحيتها للحظات قبل أن يعاود النظر أمامه ابتسم يردف ساخرا:
- وأنا هزعل ليه يعني أنتي عملتي حاجة تزعل
زفر حانقة من طريقته الساخرة لا شئ أسوء من سخرية عثمان حتى قبل أن تتزوجه كان مشهور في العائلة أنه الفتي الساخر، بسخريته اللاذعة، وعلاقته المتعددة ولكن ذلك كان قبل الزواج قبل الحادثة، عادت تنظر له من جديد تردف متذمرة:.

- عثمان بطل طريقتك دي انا عارفة انك زعلان، بسبب اللي حصل، أنا فعلا مش عارفة أنا ايه اللي خلاني انهرت في العياط كدة، بس اصرارك انك ترجع قريب للسباقات مخوفني يا عثمان، وانت مش راضي تسمعني، أنا عارفة أن في بينا عهد اننا ما نطلعش مشاكلنا برانا، بس ما قدرتش كنت محتاجة حد يطمني، حد يقولي انتي غلطانة هو مش هيحصله حاجة، إنت فاهمني.

ظل ينظر لمياة النيل يتأمل حركتها الهادئة يتنفس بعمق، قبل إن يحرك رأسه إليها تنهد يردف في هدوء:
- المرة الوحيدة اللي بابا مد ايده فيها على ماما وضربها بالقلم كانت بسبب أنهم دخلوا ناس غريبة في مشاكلهم، انا لما قولتلك نخلي ما حدش يعرف بمشاكلنا عشان احافظ عليكي وعلى كرامتنا وعلى علاقتنا، جوازنا مستحيل هيفشل يا سارين، مش هسمح لحد يتدخل في حياتنا...

حركت رأسها بالإيجاب ربما هو محق المشاكل بينهم مهما وصلت سوءها هما قادرين معا على حلها، في أغلب الأحيان الاستعانة بالاقارب يؤدي لتضحم المشاكل دون داعي يذكر، فيصبح قبس النار الصغير حريق مشتعل لا يمكن إطفاءه، مدت يدها تمسك كف ابتسمت تردف بخفوت رقيق:
- لسه زعلان مني يا عثعث
خرجت ضحكة صغيرة من بين شفتيه رغما نظر لها للحظات يبتسم ليحرك رأسه نفيا توسعت ابتسامتها تشد يده تردف بحماس:.

- اخيرا يا عم يلا بقي قوم نروح سنيما، وبعدين تعزمني على العشا وبعدين
مد يده يضعها على فمها يوفق سيل ثرثتها الا متناهي ضحك يردف ساخرا:
- بس يا ماما راديو، احنا هنروح سينما بس وهنرجع البيت على طول عندك محاضرات بكرة بدري
أزاح يده لتضحك ويشاركها في الضحك قام يجذب يدها يشدها نظر في ساعة يده يغمغم في مرح:
- يلا يا بنتي يا دوب نلحق حفلة ستة.

هناك على صعيد آخر في الطريق يبدو حكايانا اليوم في الطريق سيارة رشيد التي تأخذ طريقها عائدة إلى أسيوط بعد أن اطمئنوا جميعا على حال غيث، الطبيب قال إن وضعه مستقر فقط يحتاج لبعض الوقت إلى أن تُجبر كسوره، استندت برأسها إلى زجاج النافذة المغلقة جوارها تنظر للخارج الطرقات الأرصفة اعمدة الإنارة الأشجار اشعة الشمس وهي تنسحب رويدا رويدا، اغمضت عينيها تتذكر ما حدث بينهما قبل رحيلها
Flash.

مرت ساعة تقريبا منذ أن برر هو سبب اندفاعها وكلامها الغير مفهوم بالنسبة لهم، لتخرج من الغرفة تجلس على مقعد صغير أمامها، تنظر أرضا تفكر ضائعة لما يكذب، لم يدعها تقل لهم الحقيقة، ليأخذوا بثأره ممن فعل ذلك، سمعت صوت باب الغرفة يُفتح ليخرج عمها بصحبة والدها وقف فارس أمام أخيه يحادثه:.

- رشيد أنا مش صغير، وأنا عارف أنك لازم تسافر شغل العيلة كله أنت اللي شايله، صدقني ما فيهاش لا زعل ولا إحراج، سافر يا رشيد وطمني اول ما توصل انكوا وصلتوا بالسلامة
ابتسم رشيد لأخيه يربت على ذراعه يحادثه:
- هخش اسلم على الواد غيث قبل ما امشي، بإذن **** **** يتم شفاه على خير
تحرك والدها وعمها من جديد لداخل الغرفة، لحظات فقط ورأت جوري الصغيرة تخرج من الغرفة توجهت إليها سريعا تشد يدها بعنف تجذبها لتقوم:.

- صبا قومي يا صبا، غيث عاوز يتكلم معاكي
عقدت جبينها في دهشة فيما يريد أن يتحدث استسلمت ليد جوري التي تجذبها لداخل الغرفة، دخلت تنظر أرضا في توتر، نظرت ناحية والدها نظرة خاطفة لتري انزعاج حدقتيه تري لما هو غاضب، لحظة فقط وتحركت ياسمين ومعها جوري وفارس ورشيد إلى خارج الغرفة يغلقون الباب عليهم، توسعت عينيها في دهشة كيف حدث ذلك، هي وهو فقط بمفردها، نظرت ناحيته حين غمغم بصوت خفيض ضاحك:.

- اقعدي يا صبا، عمي لما قولتله عايز اتكلم مع صبا لوحدنا دقيقتين بصلي بصة التار ولا العار لولا أن جسمي مدغدغ كان فرغ فيا مسدسه
ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيها تجلس على اقرب مقعد قابلها، كورت كفيها تفركهما في توتر، بينما هو صمت للحظات ولكن صمته لن يطول كثيرا تنهد يهمس بصوت حاني متعب ضعيف:.

- صبا، أنا عارف أنك زعلتي من آخر كلام قولته ليكي صدقيني أنا ما كنش قصدي الومك، أنا عارف أنك ما تغلطيش وإنك متربية احسن تربية، أنا بس كنت بحاول افوقك عشان ما الشيطان ما يدقش بابك تاني، أنتي غالية أوي يا صبا، عند والدك ووالدتك وجاسر تحديدا، ما حدش يستاهل قلبك غير اللي هيحافظ عليه، اللي عمره ما هيستغلك ابدا، ولا يضحك عليكي باسم الحب، صبا بصيلي.

ادمعت عينيها مع كلماتها التي ينطقها حرفا يليه الآخر إلى أن وصل لجملته الأخيرة رفعت رأسها اليه ليصطدم بدموعها التي تلمع في حدقتيها، ابتسم يردف ما كان يقول:
- عايز اشوفك لآخر مرة، عايزك توعديني، أنك تنجحي يا صبا، انجحي في دراستك في حياتك في شغلك، لو اتعودتي على النجاح هيبقي طريقك يا صبا، اوعديني
حركت رأسها بالإيجاب دون مقاومة دون تردد فقط أيدت ما يقول في هدوء تام، حافظ على ابتسامته الهادئة يردف:.

- خلي بالك من نفسك...
ابتسمت ابتسامة صغيرة تتحرك من مكانها لخارج الغرفة التفتت له قبل أن تخرج لتراه يبتسم لها، ادارت المقبض وخرجت، لم تسمع تلك الجملة الخافتة التي نطقها ما أن رحلت:
- هستناكي يا صبا
Back.

عادت من شرودها يعلو ثغرها ابتسامة صغيرة تحرك رأسها بالإيجاب حين تذكرت وعده الذي قطعه معها ستنجح كما وعدته، ستحافظ بكل ما تملك من قوة على ذلك القلب النابض طريقها من الآن فصاعدا سيكون فقط طريق النجاح وربمل تلتقي به مرة أخري في حكاية جديدة بعد سنوات.

اخيرا الزحام المروري بسبب حادث على الطريق كان بشع اخيرا وقفت السيارة في حديقة منزل والدها نزلت منها اولا تتجه إلى الداخل مباشرة رأت حسام يجلس على الأريكة يربع ساقيه يمسك في يده لوح شوكولاتة مغلف ينظر له بابتسامة بلهاء واسعة، عقدت جبينها في عجب لما ينظر حسام للوح في يده وكأنه فاز بجائزة العالم، تحركت تجلس جواره تسأله في عجب:
- حسام أنت بتبص للشوكولاتة كدة ليه إنت اول مرة في حياتك تشوف شوكولاتة.

حرك رأسه نفيا ببطئ شديد تلك الابتسامة الواسعة لا تفارق ثغره، حرك رأسه ناحيتها تنهد بحرارة يردف بولة:
- سارة جابتلي الشوكولاتة دي هدية، هييييح جابتها ليا أنا، عشاني، قالتلي دي ليك، يا نهار ابيض على العسل، وخدودها شبه المربي حمرا وهي مكسوفة، بحبها يا جماعة، هتجوزها امتي، حاجة كدة بسكوتة سكر محلي محطوط عليه كريمة هييييح.

توسعت عيني لينا في دهشة من حالة الهيام المفرطة التي اصابت حسام من أجل شوكولاتة فقط، مدت يدها تتحسس جبينه تردف ساخرة:
- مش سخن يعني كل دا عشان شوكولاتية يا حسام اومال لو كانت جابتلك ساعة كنت كتبت عليها وقتي
تاهت عينيه في وله تنهد بحرارة يهمس في شغف عاشق:
- و**** لو ما جابت حاجة خالص لسه عايز اكتب عليها وقتي، ما تجوزوهالي بقي يا جماعة.

تغيرت ملامحه العاشقة الرومانسية في لحظة إلى ملامح اشمئزاز ممتزجة بقرف يغمغم ساخرا:
- وبعدين انتي ايه فهمك في الرومانسية يا برعي اصلا، يا بنتي دا انتي جعفر عايش معانا في البيت
توسعت عينيها تنظر له بغيظ كادت أن تخنقه بوسادة الأريكة المجاورة له حين انفتح باب المنزل ظهر خالد لتنظر للينا لحسام تبتسم في وعيد، قامت من مكانها تتجه ناحية والدها تتمتم بمسكنة حزينة:.

- بابا تعالا شوفك ابنك قليل الأدب عمال يتريق عليا ويشتم فيا...
نظرت لحسام تشير بيدها إلى عنقها كأنه سكين تصيح فيه حانقة:
- اضربه يا بابا قليل الأدب اللي أبوه ما ربهوش دا
انفجر حسام ضاحكا في حين توسعت عيني لينا فزعا حين أدركت ما نطقت به للتو، في اللحظة التالية كان خالج يقبض تلابيب ملابسها من الخلف يحركها في يدها بخفة يصيح حانقا:
- أبوه دا اللي هو ابوكي، هو فعلا ما أعرفش لا يربيه ولا يربيكي...

دفعها بعيدا عنها لتقف مكانها ترتب ملابسها تنظر لأعلي بإيباء في اللحظة التالية دخل زيدان يحمل في يده تلك الحقائب التي بها حبات الذرة، وضعها على الطاولة أمام حسام ليمد حسام يده يستكشف ما امامه أخرج أحدي الحبات يغمغم في سعادة:
-ايه دا درة مشوي، بتفكرني بأيام هموت وانساها.

ضحك الجميع التفوا جميعا في غرفة الصالون جاءت لينا زوجة خالد بعد لحظات تحضر أحدي كعكعاتها الناحجة اخيراا، وضعتها امامهم معها أكواب عصير، مال حسام على إذن لينا يهمس لها في غيظ طفولي:
- هو ليه لما زيدان بيكون موجود أمك بتعاملنا على أنها مرات أبونا، بصي مدياله أكبر حتة في الكيكة ازاي
وضعت لينا يدها على فمها تخفي ضحكاتها من كلام حسام، في حين حمحمت لينا تنظر لحسام مبتسمة تردف:.

- أنا عندي فكرة حلوة، خالد قالي أن هو اشتري شقة لحسام وهيبداوا تجيهزها، طب ايه رايكوا لو حسام وسارة يقعدوا معانا هنا في الفيلا، و الشقة تجهز طبعا، وفي وقت ما يحب يروحوها هي موجودة، دا مجرد اقتراح، ايه رأيك يا حسام
رفع الأخير كتفيه ببساطة يغمغم مبتسما:
- أنا عن نفسي ما عنديش مانع بس القرار، قرار سارة وعمي عمر طبعا، ممكن يرفض حاجة زي دي.

ابتسمت لينا في هدوء تحرك رأسها بالإيجاب سارة لن ترفض ابدا ذلك وربما عمر يوافق، نظرت لخالد تطلب منه إن يحادث عمر يخبره بالامر ليحرك رأسه بالإيجاب ينظر لها مستفهما لا يفهم سبب اقتراحها ذاك، الا أنه ابتسم يوافقها، في واقع الامر من ينظر للصورة من الخارح سيظن زوجة الأب لا ترغب في أن يحصل ابن زوجها على منزل خاص به، ولكن تلك ليست لينا، في الحقيقة ترغب في وجود حسام جوار خالد اطول وقت ممكن، خالد لم يعرف بوجود ابن له سوي من قريب، لا يريدهما أن يبتعدا بتلك السرعة، وجود حسام وسارة معهم في المنزل سيكون أكثر من جيد، على صعيد آخر نظر خالد لزيدان قلقا ليبتسم له الأخير في هدوء يطمئنه.

تحرك خالد ناحية غرفة مكتبه، ليقوم زيدان خلفه مباشرة ما أن دخل أغلق الباب عليهما اقترب من خالد يتمتم مبتسما:
- إنت قلقان ليه يا خالي هي أول مرة
ارتسمت ابتسامة مرتعشة على شفتي خالد اقترب من زيدان يمسك بذراعيه بين كفيه يحادثه قلقا:
- لاء مش اول مرة بس فعلا المرة دي العملية خطيرة والمكان صعب، زيدان أنت فعلا جاهز...
ابتسم زيدان في هدوء رفع يده يؤدي التحية له يغمغم ضاحكا:.

- دايما جاهز يا باشا، ما تقلقش لو رجعت يبقي عمر الشقي بقي، لو ما رجعتش فأنا أبويا وحشني اوي بصراحة ما هصدق اروحله
شد خالد على أسنانه بعنف يشد على ذراعي زيدان يحادثه محتدا غاضبا:
- ما تقولش كدة أنت هترجع بالسلامة، أول ما ترجع هرميك أنت والهبلة اللي أنا مخلفها دي في بيت واحد ياكش تولعوا في بعض بس ابقي خلصت من همكوا
ضحك زيدان دون أن يعقب على ما قال خالد، رفع خالد كفيه يحتضن وجهه بهما يحادثه قلقا:.

- اجهز عشان هتتحرك قريب
حرك زيدان رأسه بالإيجاب في هدوء تام ينظر بعيدا في الفراغ احتدت عينيه يغمغم شاردا:
- في مشوار مهم اوووي لازم اعمله قبل ما اطلع العملية دي، لازم انهي الحكاية، يمكن ما ارجعش!

الفصل مئة وثمانية عشر

مر يومين على آخر مشهد حدث مر بعدها يومين في هدوء تام، ذلك الهدوء القلق المحمل بغبار العاصفة القادمة تعلن عن نفسها برتابة مخيفة، في سيارته يقطع الطريق إلى وجهته عينيه مرتكزة على الطريق يده تشد على المقود في حين ذهنه شارد يسبح في بوتقة حارة من الحيرة لا يعرف حتى إن كان ما سيفعله صحيحا أم لا هو فقط يريد أن ينتهي من تلك الحيرة للأبد ربما لن يحالفه الخط ويعد من تلك المخاطرة حيا، وربما فعل، وقف بالسيارة أمام بوابة المنزل الكبير المغلق مد يده يدق الزامور يتأفف حانقا، لحظات وجاء حارس البوابة فتحها على مصراعيها لتدخل سيارته اوقفها بعيدا جوار البوابة، نزل منها يزيح نظاراته السوداء...

لتظهر عينيه الزرقاء في تلك اللحظة وهو يقف بعيدا جوار سيارته ينظر لتلك الجالسة هناك على مقعد بعيد في الحديقة عينيها شاردة في الفراغ دموعها تهبط بين حين وآخر، لترفع كف يدها المرتجف تحاول مسح دموعها التي سرعان ما تهبط من جديد ما أن رآها شعر بألم حاد في صدره وكأن خنجر يغترس في قلبه بعنف، تحرك ناحيتها بخطي ثقيلة يجر قديمه جرا ناحيتها كم يرغب في أن يعد إلى سيارته يهرب منها، وقف فجاءة في منتصف الطريق، وقف ينظر لها والغضب يأكل قلبه، في لحظة استدار يرغب في الرحيل حين سمع صوت طائش يعرف صاحبه جيداا يصيح باسمه:.

- زيدااان أنت هنا
امتعضت قسمات وجهه ينظر ناحية مصدر الصوت ليزفر حانقا فراس ابن خاله ذلك الفتي الطائش في الثانوية العامة، فراس النسخة المصغرة عن خاله محمد في الشكل فقط، أما الطباع فالارجح ورثها من من لا يعرف، تنهد يزفر أنفاسه حانقا حين اقترب فراس منه يرتدي سروال من الجينز ممزقة و( تيشرت) ابيض عليه جمجمة سوداء، نظر زيدان للسروال باشمئزاز يحادث فراس:.

- ايه القرف اللي أنت لابسه دا، هو اي حاجة طالعة موضة نمشي وراها من غير عقل، شكلك شبه المتسولين على الأقل المتسول ليه عذره مش هو اختار لبسه، انما أنت عذرك ايه أنها الموضة
قلب فراس عينيه في ملل ألن تنتهي تلك المحاضرات التي يسمعها يوميا من والده والآن يأتي ضحك، ضحك فراس في سماجة يديه في جيبي سرواله يتمتم في زهو:.

- أنا حر يا زيدان، وبعدين أنا مش عيل صغير، لما اوصل لسنك كدة هبقي اقضيها قمصان غامقة وبناطيل بدل، مش كل ما حد يشوفني يسمعني محاضرة عن اللبس...
- فراس وبعدين معاك اتفضل على أوضتك ما شوفتش خلقتك براها النهاردة
صدح صوت محمد الغاضب يأتي من خلفهم ابتسم فراس لزيدان في اصفرار يلوح لزيدان يودعه ساخرا قبل أن يعود إدراجه إلى الداخل اقترب محمد من زيدان وقف أمامه يبتسم يتمتم في حرج:.

- منور يا زيدان، معلش فراس بيه هيجنني و****.

ابتسم زيدان في هدوء ساخر حين كان في مثل عمر فراس لم تستهويه اي من تلك الموضة التي يفعلها الشباب أجمع كان يحاول أن يسابق العمر والزمن ليكبر بأي شكل وياليته لم يفعل، تحركت عينيه ينظر ناحيتها ليراها هناك لا تزال جالسة مكانها تنظر ناحية في لهفة، تشد يديها على ذراعي المقعد كأنها تحاول أن تتحرك، عقد جبينه متعجبا نظر ناحية خاله الذي كست الدموع عينيه اختقنت نبرته يغمغم في خفوت حزين:.

- يوم فرح أدهم، لما أنت خرجت من الفيلا ولوجين حاولت تتكلم معاك وأنت زعقت فيها ومشيت وقولتلها أنك عمرك ما هتسامحها، لما روحنا فضلت تعيط لحد ما نامت، الصبح لما روحت اصحيها اكتشفت الكارثة لوجين مش قادرة تحرك رجليها، الدكتورة حالة نفسية زعل شديد، مع الوقت ونفسيتها تتحسن هترجع تمشي تاني، زيدان أنا عارف أنها غلطت في حقك كتير اوووي بس سامحها يا إبني، هي مش عايزة اي حاجة في الدنيا دلوقتي غير أنك تسامحها.

وقفت عاجزا عن فهم ما يقول خاله صدمة بشعة سقطت فوق رأسه شخصت عينيه ينظر لها مصعوقا والدته باتت قعيدة، عاجزة، لا تقدر حتى على الحركة لتأتي إليه وهو يقف مكانه كالصنم متجمد، أتي لهنا ليخبرها أنه حقا لن يقدر على سامحها، ولكنها ستظل والدته مسؤولة بالكامل منه، ظل يحفظ في تلك الكلمات أياما عدة لتتلاشي جميعها حين رآها بحالتها تلك، عاجزة عن الحركة ملامح وجهها تصرخ اشتياقا إليه، لم يكن يدري أن دموع تجمعت في مقلتيه إلا حين شعر بها تغطي وجهه تحركت قدميه ناحيتها، المسافة بينهما ليس بذلك الطول ولكنه يشعر بها دهرا لا ينتهي ابداا، كلما تقدم هو امتدت بهم الأرض لتباعد بينهما من جديد، وصل أخيرا بعد رحلة طويلة من السير بالقرب منها يقف أمامها مباشرة ينظر لحالتها دون كلام، فقط عينيه الحمراء التي بالكاد تكبح دموعه هي من تصرخ بألمه، رفعت يديها الإثنين تمدهم ناحيته تدعوه لها، في حين وقف هو ثابتا قدميه تأبي الحراك خطوة واحدة في حين تمرد مقلتيه تسكب الدمع انهارا، رفع يده قليلا ناحيتها اقتربت المسافة بينهما مدت لوجين يدها بالكاد لامست أصابع يده، قبضت عليها تجذبه إليها بقوتها الواهية الضعيفة ليتحرك ناحيتها ارتمي بين أحضانها على حين غرة هو حتى لا يعرف كيف فعل ذلك، فقط أغمض عينيه واسكت عقله العاصي وقلبه المتعب وروحه الحزينة الممزقة صمتت الأصوات جميعا حين بات بين ذراعي والدته التي ألقت نفسها من فوق الكرسي ارضا تعانقه بقوة تشدد على عناقه تحكم ذراعيها حوله وكأنه سيهرب وكأن ما يحدث فقط حلم تراه علا صوت نشيجها تتوسله باكية:.

- سامحني يا ابني، سامحني، أنا آسفة يا حبيبي، حقك عليا، ياريت في ايدي ارجع الزمن و**** ما كنت دخلت الشيطان دا حياتنا، سنين وأنا بتعذب ببعدك عني، بس كنت بقوله اكيد حاله أحسن مع خالد، معتز كان ما بيعملش حاجة غير أنه بيذلني عشان يديني الزفت دا اللي خلاني ادمنته، وفي الآخر رماني في السجن سنين وأنا هو قدامك بقيت عاجزة مشلولة، سامحني يا ابني مش عشان خاطري حتى عشان خاطر زيدان **** يرحمه أنا عارفة أنه أغلي عندك من الدنيا كلها.

ظل صامتا فقط تتساقط دموعه يستمع إلى كلماتها التي تنزل على قلبه كحمم من نار مستعرة تأكله ذلك الشيطان سيمزق ما بقي منه، في حين عادت لوجين تنتحب من جديد، فتح عينيه يبتعد عن أحضانها، مدت يدها تمسك كف سريعا قبل أن يغادر، بينما ظل هو يفترش الأرض جوارها، رفع وجهه إليها ينظر لعينيها الغائرة من البكاء وجهها الشاحب، والحرب بين قلب متعب يريد السماح، وعقل ثائر يرفض ذلك، صراع لم يحسمه سوي جملة واحدة تذكرها في تلك اللحظة.

( على قد الغلاوة بيكون الوجع ) اذا ذلك الشعور المؤلم الذي يطحن قلبه يخبره صراحة أن والدته أغلي لدي قلبه مما يدرك عقله، رفع كفيه يحاوط وجهها بهما، يهمس بصوت مختنق:
- نفسي اسامحك أوي بس مش قادر، نفسي انسي اللي حصل صدقيني حاولت كتير، بس برجع افتكر كل مشهد كل لحظة، عارف أنه غصب عنك ما كنتيش في وعيك بس أنا كنت.

صمت في تلك اللحظة يعقد جبينه فجأة في دهشة توسعت حدقتيه، نفس الحلقة التي دارت بينه وبين والدته، دارت بينه وبين لينا، ولكن في حلقتهم هو من لم يكن واعي وهي لم تقدر على سماحه، هو يحاول نيل سماحها وهي ترفض كما فعل هو مع والدته، الحلقة تتشابك باخري وهو بين هذه وذاك يلتف في دوائر مفرغة أحدهما فيها جاني والاخري مجني عليه، عاد ينظر لوالدته يري خبو لمعة عينيها من الحسرة، مال برأسه يقبل جبينها، امسك كف يدها بين كفه يشدد عليه يحادثها بشبح ابتسامة:.

- أنا ما بكرهيش، أنا بس موجوع أوي، أنا مسافر مأمورية شهر بالكتير وهرجع عايز اللاقي أحسن من كدة لما اجي، عايز الاقيكي مستنياني لما اجي
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي لوجين تحرك رأسها بالإيجاب بلا توقف عادت تعانقه بتلهف من جديد، قام هو من مكانه يحملها بين ذراعيه أعادها إلى مقعدها يربت بيده على كفها يهمس في خفوت حائر:
- خلي بالك من نفسك، عن اذنك.

انتظرت أن تستمع إلى تلك الكلمة التي انتظرتها على أحر من الجمر ولكنه لم يقولها ولكن لا يهم ما حدث الآن أكثر من كافي لقلبها الحزين ليعود للحياة من جديد، تحرك زيدان ناحية سيارته ليستوقفه محمد يحادثه قلقلا:
- زيدان، خلي بالك من نفسك يا إبني
ابتسم زيدان في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب توجه ناحية سيارته من جديد في حين توجه محمد ناحية لوجين ابتسمت الأخيرة تصيح من سعادتها:.

- زيدان هيسامحني، شوفته لما قالي لما ارجع عايز اللاقيكي مستنياني
غامت عيني محمد قلقا نظر لها يحاول رسم ابتسامة على شفتيه تنهد يهمس في نفسه بخفوت:
- **** بس هو يرجع بالسلامة، استرها ****.

بعد عدة ساعات في منزل خالد السويسي، في غرفة الجلوس تجلس لينا ابنه خالد جوار اخيها على الاريكة هي تنظر لحاسوبها المحمول تذاكر أحدي محاضراتها الهامة أما حسام فيقرأ في معجم طبي غريب الشكل في الأغلب ليضع إمتحان للطلاب قريبا، أما لينا والدتها تجلس امامهم على الاريكة جوار زوجها تمسك بهاتفها تتصفحه تحادث شمس شقيقتها على أحدي مواقع التواصل الاجتماعي، أما خالد فعينيه معلقة بساعة الحائط ينظر لها بين لحظة واخري، هاتقه يدق كل دقيقة وأخري ليستأذن يتوجه إلى غرفة مكتبه يغلق الباب عليه بضع دقائق ليخرج من جديد، قاطع ذلك الصمت صوت رنين جرس المنزل هب خالد واقفا سريعا ليظر له الجميع مندهشا اقتربت أحدي الخادمات تفتح الباب ليظهر زيدان من خلفه، بملابسه العادية يضع حقيبة ملابس صغيرة في السيارة خارجا، يبتسم في هدوء تام، توجه إلى الداخل وقبل أن ينطق أحدهم بحرف قبض خالد على كف يده يجذبه معه إلى غرفة المكتب يغلق عليهم الباب وقف يتنفس بعنف يحاول أن يهدئ نظر ناحية زيدان يحاول رسم ابتسامة على شفتيه اقترب منه يغمغم متفاخرا به:.

- محمد قالي على اللي أنت عملته، لوجين من ساعتها وهي ابتسامتها مش بتفارق وشها بعد ما كانت رافضة تاخد الدوا رافضة العلاج كله، عمالة تقول لمحمد عايزة اخف بسرعة عشان لما زيدان يجي يلاقيني مستنياه
صمت للحظات يلتقط أنفاسه المسلوبة قلقا على ذلك الواقف امامه أدمعت عينيه رغم رفضه لذلك اختنق صوته يحادث زيدان راجيا:
- ارجع عشانها يا ابني...

ابتسم زيدان رغما عنه خاله ما يظهر أنه قاسي جلمود القلب لا يقلق نادرا ما تظهر تلك الدموع التي يراها في عينيه الآن ولكنه يعرف دائما أنه يخشي عليه كما لو كان ولده من صلبه، عاد يضحك من جديد حين سمع خالد يغمغم محتدا:
- بتضحك على ايه يا حيوان
ضم زيدان دفتي شفتيه يحرك رأسه نفيا في حين تنهد خالد حانقا يزفر أنفاسه قلقا، اقترب من زيدان يمسك بكتفيه بين كفيه بقوة يحادثه في حزم:.

- إنت هتخلي بالك من نفسك كويس وتبطل شغل المجانين اللي بتعمله في كل عملية دا، أول واحد بيرمي نفسه في النار، لو حصلك حاجة يا زيدان هقتلك
ضحك الأخير عاليا حقا خالد وكلماته الحانية التي لا مثيل لها، في اللحظة التالية جذب خالد زيدان اليه يعانقه بقوة يربت على ظهره برفق تنهد يهمس قلقا:
- خلي بالك على نفسك يا ابني، يلا عشان ما تتأخرش.

ابتسم زيدان مرة أخري في هدوء، رفع يده يؤدي التحية لخالد، قبل أن يخرج من الغرفة، توجه مباشرة ناحية لينا جلس جوارها على الأريكة مد يده أمسك كف يدها يقبله، نظرت هي في عينيه تلك النظرة تعرفها انقبض قلبها خوفا تصيح فيه:
- إنت طالع عملية صح.

حرك رأسه إيجابا لينقبض قلب تلك الجالسة هناك خوفا، رأت المشهد عشرات المرات بكاء والدتها حين تعلم أنه سيذهب، محاولاته الفاشلة لتهدئتها، ولكنها في السابق لم تكن حقا تهتم زيدان كان مشكلتها الكبري التي ترغب في التخلص منها، أما الآن فتشعر بوخز قوي في تلك العضلة النابضة، وهي تراه يقبل رأس والدتها توجه ناحية حسام يعانقه بقوة، لما تشعر به يودعهم دون عودة!، هدر نابضها بعنف حين اقترب منها مد يده ناحيتها يود مصافحتها رفعت وجهها تنظر لعينيه مدت يدها تضعها داخل كفه تهمس له بصوت خفيض قلق:.

- خلي بالك من نفسك
ابتسم دون كلام، يحرك رأسه بالإيجاب، إلى باب المنزل توجه، لتسمع صوت والدها يصيح باسمه من نبرة صوت والدها شعرت حقا بالذعر خاصة حين عانقه والدها بقوة يوصيه جيدا، ورحل، زيارة قصيرة ورحل بعدها، نظرت لوالدها في تلك اللحظة لتري تشتت حدقتيه لما تشعر به قلق خائف منذ متي ووالدها يقلق لتلك الدرجة ويبدو أنها ليست الوحيدة التي لاحظت فقد هدر صوت والدتها يبادر قبلا:.

- مالك يا خالد، أول مرة أحس أنك قلقان كدة، دايما كنت بتتريق عليا وتقولي هيرجع بطلي عياط دا زي القط بسبع أرواح
نظرت سريعا لوالدها تنتظر إجابته على أحر من الجمر عله يطمأنها ولكن ما حدث أصاب الجميع بالفزع، فجاءة صاح خالد عاليا:
- عشان المرة دي مش زي كل مرة، المرة دي الموضوع كبير، ادعي بس انه يرجع حتى لو متصاب
وقع كلامه على الجميع وقع الصدمة، هدر قلبها خوفا، هل يمكن الا يعد حقا؟!

مر شهر لا أحد يعرف حتى كيف مر، الايام متشابهة بشكل مخيف وتيرة الحزن والقلق والخوف تسيطر على الجميع، في خلال ذلك الشهر، الجميع كان حرفيا يغرق نفسه في العمل في الدراسة في اي شئ كان يجعل الوقت يمر دون تفكير، ادت لينا اختباراتها الفائتة بسبب مرضها، وعادت تستذكر السنة الجديدة، حسام لم يعد حتى يبتسم عينيه دائما شاردة يخشي بين لحظة واخري أن يأتي خبر لن يتحمله قلبه ابداا، في الجامعة يقوم بإعطاء محاضراته ويغادر في صمت مخيف، حتى سارة لم يعد يتحدث إليها، خالد سيجن جميع الاتصالات بينه وبين فريق زيدان انقطعت لا يعرف حتى أين هم، يحاول جاهدا الوصول لأي معلومة طفيفة ليطمأن عليه لينا زوجته لا تتوقف عن الدعاء له في كل، شهر مر ثقيلا على الجميع، أيام تجذب أيام، ربما يحدث شئ سعيد فيها ولما لا.

في مستشفي الحياة، تحرك حسام من غرفة مكتبه إلى حضانة الأطفال بصحبة طبيب الأطفال المختص بحالة الصغير أحمد *** سهيلة وجاسر، بعد فحص دقيق من الطبيب اخيرا سمح للطفل بالخروج من « الحضانة »، حمل حسام الصغير بين يديه ينظر لوجنتيه الحمراء يبتسم رغم قلبه الحزين الخائف، نظر لجاسر الذي يقف خارجا ليراه ينظر للصغير في لهفة، تحرك حسام يحمل الصغير إلى خارج الغرفة اقترب منه يعطيه له بحذر يرسم ابتسامة زائفة على شفتيه يردف:.

- اتفضل يا سيدي جبتلك ابنك اهو مش ناوي تسميه حسام بقي
أدمعت عيني جاسر حين حمل الصغير بين يديه يستشعر به **** قطعه صغيرة منه لا يصدق أنه يحمله، بعد صبر طويل ها هو بين أحضانه، شعور لذيذ يدغدغ جسده يرجف خلاياه ضم الصغير لاحضانه برفق شديد، انهمرت دموع عينيه رفع وجهه لحسام يحادثه ممتنا:
- أنا مش عارف اشكرك ازاي يا حسام، بجد شكرا.

ابتسم الأخير أو زيف ابتسامة، توجه جاسر إلى غرفة سهيلة بالطبع ستكون نائمة في ذلك الوقت، فتح باب الغرفة بهدوء يتبعه حسام يحمل فراش صغير للطفل وضعه جوار فراش سهيلة بحذر ليضع جاسر الطفل في فراشه ينسحبان من الغرفة في هدوء تام يغلق جاسر الباب خلفه، نظر حسام لجاسر يتمتم ساخرا:
- دقني اهي هتفتحها مناحة، أنت متجوز انثي البومة، هي ولينا ما يفرقوش عن بعض حاجة.

ضحك جاسر عاليا كور قبضة يصدم حسام في ذراعه يردف ساخرا:
- مالكش دعوة يا حقود إنت، المهم ما تنساش بكرة بليل مستنيكوا
ابتسم حسام يحرك رأسه بالإيجاب قبل أن يستأذن ويغادر غدا مساءا حفل خاص بمناسبة خروج الصغير من الحضانة اخيرا وعودتهم للبيت، اختفت الابتسامة من على شفتيه يتنهد قلقا يدعو في قلبه أن يعود زيدان سالما فقط سالما.

على صعيد آخر في غرفة سهيلة كانت تغط في النوم بعد أن قضت الليل بأكمله تنظر لصغيرها من خارج غرفة الحضانة تتلمس الزجاج بيديها تبكي رغما عنها، يهدئ قلبها حين تعلم أنه قريبا سيصبح بين ذراعيه تناهي إلى اسماعها صوت بكاء *** رضيع، ظنته حلما فهي دائما ما تحلم به وسيختفي حين تفتح عينيها، ولكن الصوت لم يختفي فتحت مقلتيها تنظر لسقف الحجرة بالطبع حلم توسعت عينيها في دهشة حين استمعت إلى الصوت من جديد ليس حلما حقا، التفتت برأسها ناحية مصدر الصوت لتجد فراش لطفل صغير يجاور فراشها ماذا كيف يحدث ذلك، قامت سريعا تهرول ناحيته لتشهق بعنف وضعت يدها على فمها تنساب دموعها في لحظة تنظر لطفلها لا تصدق أنه هنا تراه أمام عينيها، مدت يديها المرتجفة تحمله برفق من فراشه تتأكد من انها لا تحلم تاوهت بعنف حين ضمته لاحضانه شهقت في البكاء حين شعرت أن ساقيها لم تعد لها القدرة على حملها توجهت سريعا صوب الفراش جلست عليه تضم الصغير لصدرها تبكي بعنف تحادثه وكأنه حقا سيفهما:.

- ابني، يا حبيبي، أنا مش مصدقة أن أنا اخيرا وخداك في حضني، كنت هموت وأنا واقفة بعيد مش عارفة امد إيدي اخدك في حضني، الحمد *** يا رب الحمد ***
ابعدت الصغير عنها تنظر له تبكي بلا توقف، لتسمع صوت جاسر يغمغم ضاحكا:
- حسام كان عنده حق لما قالي هتقلبها مناحة
لم تلتفت لما قال بل رفعت رأسها له تنقل انظارها بينه وبين طفلها الصغير تغمغم بتلهف:
- أحمد يا جاسر، أحمد اهو، أحمد في حضني.

اقترب جاسر منها جلس جوارها يلف ذراعيه حول كتفها يقربها من صدره ابتسم حين نظر للصغير ليرفع وجهها ينظر لسهيلة قبل جبينها يهمس لها بحنو:
- وانتوا الاتنين في حضني **** يخليكوا ليا وما يحرمني منكوا ابداا.

في الجامعة وصل حسام بعد الموعد المقرر للمحاضرة بعشر دقائق تقريبا توجه سريعا إلى مقر غرفة المحاضرات الخاصة بمادته دخل لتهدئ الضوضاء السائدة بين الطلاب، وضع حقيبته على المكتب دون كلمة واحدة يخرج جهاز الحاسب الخاص به، توجه إلى اللوح يخط عليه بالقلم العريض عنوان محاضراتهم الجميع من تغير استاذهم المفاجئ، بدأ حسام في الشرح دون كلمة واحدة يحاول إشعال عقله القلق، يتحرك هنا وهناك تتابعه عيني سارة القلقة ما به حسام، يأتي بعد موعد المحاضرة يغادر قبل الجميع ماذا حدث لما يبدو وجهه شاحب عينيه منطفاءة لم يعد حتى يبتسم، انتهت المحاضرة سريعا، بدأ الطلاب في الرحيل في حين لم يفعل هو ذلك بل توجه إلى مقعده الخاص جلس عليه يخفي وجهه بين راحتيه، ظلت هي تجلس في مكانها تراقب الطلاب إلى أن خرجوا جميعا من الغرفة قامت تتحرك ناحيته وقفت أمام مكتبه تنظر له للحظات همست تسأله متوترة:.

- إنت كويس
رفع وجهه لها ينظر لعينيها كطفل صغير مشتت خائف، حرك رأسه بالنفي تنهد بحرقة يخرج أنفاسه المثقلة التي تقتله خوفا يهمس لها بحرقة:
- لا، أنا خايف اوي على زيدان، لو حصله حاجة، بعد الشر، يا رب لاء، دا صاحبي واخويا وأبويا لو حصله حاجة أنا مش قادر حتى أتخيل...
أدمعت عينيها تستمع إلى نبرة صوته الحزينة تشتت حدقتيه، انقباض كفيه، تقسم أنه على وشك أن يبكي، حاولت التخفيف عنه ولو ببضع كلمات فهمست له:.

- هيبقي كويس صدقني، أنت بس ادعيله وما تفكرش في الحاجات الوحشة دي
ارتسمت شبح ابتسامة باهتة للغاية على شفتيه يحرك رأسه بالإيجاب، لترتسم لطفية رقيقة للغاية على شفتيها تغمغم في خفوت خجول:
- على فكرة عمو خالد عازمنا بكرة عندكوا على الغدا، جاسر كان كلم بابا عشان حفلة خروج أحمد من المستشفي، فعمو خالد كلم بابا بعده وعزمنا على الغدا وبعدين نروح كلنا الحفلة.

خبر سعيد لم يدخل سوي شعاع فرح صغير على قلبه الملكوم، قام من مكانه يحمل حقيبته على كتفه اشار لها تتقدمه يحدثها مبتسما:
- تعالي اوصلك
توردت وجنتيها خجلا تحرك رأسها نفيا بعنف نظرت أرضا تهمس بصوت خفيض مرتبك:
- لاء ما ينفعش، لو حد شافنا هيفهمنا غلط، وبعدين بابا قالي ما اركبش معاك العربية عشان أنت قليل الأدب.

توسعت عينيه في دهشة يرفع حاجبيه مستنكرا من أين جاء عمه العزيز بتلك المعلومة الكاذبة فقط يعود زيدان ويطمأن عليه وسيريه كم هو قليل الحياء، رفعت سارة رأسها تبتسم له في رقة لطيفة قبل أن ترفع كفها تلوح له وداعا توجهت إلى سيارة والدها في حين وقف حسام يراقبها بعينيه إلى أن غادرت السيارة ليعقد جبينه يغمغم في نفسه حانقا:.

- بقي أنا قليل الأدب، ورحمة أمي لوريك يا عمي حسام قليل الأدب، **** ترجع بالسلامة يا زيدان...
توجه إلى سيارته يعود سريعا إلى منزل والده ربما يكن زيدان قد عاد.

على الأريكة في غرفة المعيشة تجلس أمامها الطاولة الصغيرة تضع عليها عدة كتب وحاسبها المحمول، هل تذاكر لا بالطبع تختلس النظرات إلى باب المنزل، قلقة عليه بشكل يثير غيظها من نفسها، لما تأخر كل ذلك الوقت بما لم يعد إلى الآن، هل تري أصابه مكروه تتمني الا يحدث ذلك، زفرت حانقة توجه انظارها للكتاب أمامها ستذاكر، وربما لا صدح صوت والدتها تناديهم:
- يا لينا يا خالد يلا الغدا جاهز هو حسام فين، حد يكلمه.

التقطت هاتفها للاتصال له لتجده يدخل من باب المنزل القي حقيبته على اقرب مقعد نظرت لينا تتمتم ساخرة:
- كويس أنك جيت كنت لسه هضيع رصيدي عليك
رمقها حسام بنظرات مشمئزة قبل أن يتوجه صوب غرفة الطعام يحادثها:
- معفنة بقي هنعمل إيه
التف اربعتهم حول الطاولة، نظرت لينا لخالد تسأله قلقة:
- ما فيش اي معلومات عن زيدان.

تنهد الأخير قلقا يحرك رأسه نفيا، هو يملك كافة المعلومات تم القبض على العصابة المسلحة وضبط كافة الأسلحة والمواد المخدرة سقوط سبع شهداء من عناصر الشرطة، ستة منهم يعلم هويتهم والسابع هويته مجهولة له، وما يزيد القلق في قلبه، إنه لا يعرف حتى أين زيدان، تنهد بحرقة يمسح وجهه بكف يده، يهمس في قلبه راجيا:
- **** ما يكونش هو السابع، **** رجعه بالسلامة.

- صحيح أحمد ابن سهيلة وجاسر خرج النهاردة من الحضانة بس هيخرجوا بكرة من المستشفى
غمغم بها حسام بنبرة هادئة عله يخفف من خدة التوتر السائدة ليبتسم الجميع سعيدا خبر جيد في خضم ما يحدث...
عطره!، لما تشم رائحة عطره، ربما فقط يهئ لها، ليس من المنطقي أن تشتم رائحة عطره ابداا، خيال هو فقط خيال، خيال، خيال يتحدث!
على حين غرة سمعت صوته هو يغمغم بنبرة مرح عابثة:
- ما فيش حمد *** على السلامة يا زيزو ولا إيه.

صرخت لينا زوجة خالد باسمه في سعادة تهرول ناحيته تضمه إلى أحضانها بقوة تبكي بلا توقف في حين توسعت ابتسامة زيدان يضم والدته لاحضانه، قام خالد خلفها يجذبها بعيدا عنه يحادثها حانقا:
- و**** اقتله
ضحكت لينا بقوة رفعت يديها تمسح دموعها المنسكبة من مقلتيها تنظر لصغيرها في سعادة اخيرا عاد، في حين اندفع حسام كالسهم يعانقه بقوة يصيح كالمجانين:.

- زيزو يا زيزو يا زيزو، أخيرا يا أخي حرام عليك وقعت قلبي كنت هموت من الخوف عليك **** ياخدك
ضحك زيدان عاليا يعانق صديقه بقوة كم اشتاق لذلك الابلة، ابتعد عنه بعد عناق حاد، يبحث عنها بعينيه ليراها تجلس هناك رأت ابتسامة عينيها الجميلة شعر بالسعادة تطفو في حدقتيها، احقا هي سعيدة بعودته، التفت برأسه ناحية خالد ليبتسم له يغمغم في هدوء:
- كنت واثق أنك هترجع، حمد *** على سلامتك.

لحظات من الصمت ليفتح خالد ذراعيه أقترب زيدان يرتمي بين أحضان أبيه شدد خالد على عناقه يصدمه على رأسه بقوة تنهد يهمس بارتياح:
- حرام عليك يا اخي وقعت قلبي، دا أنا هنقلك مكافحة الآداب بعد اللي حصل دا
ضحك الجميع، لتجذب لينا زيدان من بين أحضان خالد تجلسه في المنتصف بينها وبين لينا الاخري تملئ صحنه بالطعام تغمغم بتلهف:.

- إنت اكيد واقع من الجوع الحمد *** يا رب أنك رجعت بالسلامة، أنا مش عايزة الطبق بس يخلص أنا عايزة الترابيزة كلها تخلص...
حمل حسام طبقه بين أحضانه ينظر لهم حانقا يغمغم في غيظ طفولي:
- اللي هيجي جنب طبقي هعوره...
تعالت ضحكات الجميع وبدأ حسام في المشاغبة من جديد يبدو أن بعودة صديقه عاد هو للحياة من جديد.

في حين التفت زيدان للينا الجالسة جواره تواصل بصري قصير بينهما كان اكفي من ألف حوار لم ينطقه اللسان ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تهمس له:
- حمد *** على السلامة
ابتسم هو الآخر يهمس في خفوت:
- **** يسلمك، شكرا.

ساعات قضوها حسام لم يتواني عن رسم الضحكات على شفاه الجميع لينا تصر على إطعام زيدان كل أصناف الطعام في المنزل، حين حل الليل صعد الجميع إلى غرفهم، توجهت هي إلى غرفتها تخرج إلى الشرفة وقفت فيها تبتسم رغما عنها شردت عينيها في الفراغ، البيت الكئيب الصامت امتلئ بالضحكات فقط لعودته، حسام الذي لم يتوقف عن الضحك، والديها وكأن الحياة عادت لهما، بعودته، زيدان لم يكن فقط ابن صديق خالد الذي تربي معهم منذ أن كان طفلا بل هو جزء من كيان كل فرد، حتى هي؟!، هل هو جزء من كيانها هي الاخري، ربما نعم وربما لا التفتت برأسها ناحية شرفة غرفته التي صارت بعيدة عنها لتراه يقف فيها، ينظر ناحيتها!، توترت حدقتيها، تقبض على سور شرفتها تذكرت كلمات قاسم في تلك اللحظة يحتاجون إلى مصارحة أخيرة، تهربت مقلتيها عدة لحظات قبل أن تعود إليه تحادثه بصوت هادئ فالجو هادئ في ذلك الوقت على اي حال:.

- زيدان أنا عايزة اتكلم معاك، بس مش هنا، اي مكان برة الفيلا...
عقد جبينه للحظات قبل ان يومئ رأسه بالإيجاب يتمتم في هدوء:
- هستناكي في العربية!


الفصل مئة وتسعة عشر

يجلس في سيارته يدق بأصابعه على أطراف المقود ينتظرها في ظلام الليل، عقله يفكر فيما تريده أن تتحدث معه، الشهر المنصرم كان الأصعب في حياته، بحياته لم يخض عملية بتلك الصعوبة يحمد **** أنها مرت اخيرا على خير، غدا سيذهب لرؤية والدته، لحظات أخري ورأها تخرج من باب المنزل تتوجه ناحيته تنهد بحرقة يتأوه في نفسه كيف يمكن أن تكون بكل ذلك الجمال، ام هي فقط سحرت عينيه ليراها أجمل نساء الارض، تنهد يمسح وجهه بكف يده حين اقتربت تمشي بخيلاء خطي ناعمة واثقة، ابتلع لعابه الجاف دقاته تهدر بعنف، مدت يدها تفتح باب السيارة الآخر جلست جواره تغلق الباب...

لت صامتة للحظات قبل أن تلتفت له رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تردف في هدوء:
- ممكن نروح اي مكان هادي يكون مريح للأعصاب.

قطب ما بين حاجبيه للحظات قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب دون أن ينطق بحرف ادار محرك السيارة، يخرج بها من المنزل، فتح له الحراس البوابة رغم تعجبهم مما يروا توا، تحركت السيارة تخرج من تلك الأحياء الراقية تبتعد اكثر فأكثر فأكثر، هو وهي والصمت يحلق بينهما لا كلام حتىحتى الأنفاس خاقتة، الدقات فقط هنا هي الصاخبة الهادرة، تفرك يديها متوترة تستجمع شتات نفسها حان وقت مصارحتهم الأخيرة، بعدها أما ستضع نقطة النهاية في علاقتهم الغريبة تلك، او او الكلمة البداية في ورقة بيضاء جديدة في دفتر لم تمسسه يد، انتبهت حين توقفت السيارة عند ضفاف النيل في منطقة فارغة تماما من البشر، تقسم أنها فارغة من الحياة وبجوارها يجري نبع الحياة، التفتت له حين سمعته يغمغم في هدوء:.

- وصلنا.

حركت رأسها بالإيجاب نسيم الهواء التي لفح جسدها تستشعر به كبلسم عذب يتخلل لروحها جعلها تخلع سترتها تضعها في السيارة لتبقي بقميص أبيض اللون ذو أكمام طويلة وسروال أسود، نزلت من السيارة ليلحق بها، توجهت ناحية مياة النيل وقفت أمامها تبتسم في هدوء نسمات الهواء تداعب خصلات شعرها بحنو، اغمضت عينيها تتنفس بعنف تستعد للقادم.، لحظات طويلة ودخلت في حالة لطيفة من الاسترخاء حتىحتى نسيت لما هي هنا من الأساس، اجفلت تفتح عينيها حين سمعت صوته يتمتم من خلفها:.

- قولتلي عايزة تتكلمي في حاجة، ايه هي، زي ما انتي شايفة الوقت متأخر وخالي هيقلق عليكي
التفتت له بجسدها تنظر لعينيه مباشرة تصوب حدقتيها نحو مقلتيه، كم بدت زرقاء عينيه لامعة وهي تتلألأ تحت ضوء القمر، تنفست بعمق تردف في خفوت حزين:
- مين اللي وصلنا لهنا.

رفع حاجبه الأيسر مستهجنا المعني الخفي في جملتها أحقا لا تعلم من أوصلهم لتلك النقطة، أم أنها فقط تكابر ولا تريد الاعتراف، صدقا من اوصلهم لتلك النقطة هي أم هو أم كلاهما معا كانا ضحية لشيطان خرج من الجحيم، ظل ينظر لوجهها دون رد للحظات طويلة قبل أن يبتسم يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم ساخرا:
- مش عارف تفتكري انتي مين، أنا ولا أنتي.

رفعت يديها تزيح خصلاتها الثائرة بفعل الهواء خلف اذنيها ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيها تغمغم بانفعال طفيف:
- وليه ما تقولش احنا الاتنين سوا، أنت بعندك ومكابرتك
توسعت عينيه في ذهول قاطعها قبل أن تكمل يصيح منفعلا:
- عندي أنا؟!، أنا حرفيا ما بكنتش بعمل حاجة في حياتي غير أني بجري وراكي كل اللي أنا عايزه بس هو حبك، لكن أنتي ما حبتنيش يا لينا، انتي ما صدقتي تخلصي مني جريتي اتجوزتي غيري.

حسنا يبدو أن الهدوء لن ينفع مع ذلك القطار المشتعل امامها أحمر وجهها من الغضب ليعلو صوتها هي الأخري تصيح فيه:
- أنا كنت بخااف منك افهم دا، هو عيشني سنين في وهم أنك أنت اللي حاولت تأذيني، كل ما كنت بكبر وبفهم اكتر إنت كنت هتعمل فيا وأنا صغيرة كنت بكرهك ما كنتش اعرف أن دا مش أنت، أنا كنت **** صغيرة.

صمتت للحظات تلتقط أنفاسها المسلوبة من أثر صياحها الحاد، تحركت ناحيته خطوة واحدة تحرك يديها بانفعال حين اردفت تصيح فيه بحرقة:.

- كنت بترعب لما بشوفك، وما حدش مصدق أنك حاولت تأذيني، معاذ او نائل أو الشيطان دا عرف يضحك على مشاعري لما دخلت الجامعة، عرف يطمني في الوقت اللي كلكوا عايزيني فيه مبسوطة من وجهة نظركوا انتوا، أنا ما حبتوش، أنا حبيت إحساس الأمان اللي كنت بدور عليه ومش لاقيااااه، اتخطبنا واتجوزنا...
صمتت مرة أخري تلهث بعنف بينما هو صامت واجم يستمع فقط إلىإلى ما تقول لترتسم ابتسامة كسيرة ذبيحة على شفتيها تهمس:.

- لما كنت بتحضني او ايدك بتبطبط على رأسي لما ايدك كان بتلمسني كنت بحس إن في حاجة غلط مش دي نفس الايد اللي كانت عايزة تغتصبني، كنت في حيرة ودوامة مش عارفة اخرج بحاول وبحاول وبحاول، وكانت أكتر لحظة مخيفة في حياتي لما حسيت أن قلبي دق ليك، قلبي بدأ يحبك غصب عني، رغم كل الصراع اللي كنت فيه، الا أني حبيتك، حبيت طيبتك وحنيتك حبيت معاملتك، حسيت بالأمان والحب رسمت أحلام كتير اوووي حلوة بينا، تخيلت حياتنا بيتنا تخيلت حاجات كتييير حلوة، كل دا اتدمر اتهد باللي أنت عملته فيا.

هاجت مشاعره منذ بداية اعترافها له بحبها ومشاعره كاعصار هائج تتخبط داخل قلبه تصدم جدران صدره بعنف عله يحررها وتذهب إليها فقط تتطوقها إلىإلى الأبد ولكن مع جملتها الأخيرة هاج اعصار غضبه يشعل عروق جسده يصيح محتدا:
- كانت لعبة وانتي عارفة كدة كويس، ما كنتش عارف ولا حاسس أنا بعمل ايه، تفتكري أنا ممكن اعمل كدة لييه، ليه ادمر حبي ليكي بعد ما وصلت ليه أخيرا، قولتلك بدل المرة ألف ما كنتش في وعي
- بس أنا كنت.

صرخت بها بأعلي ما تملك من جهد صرختها اسكتته رفعت تدق على قلبها بعنف انسابت دموعها تصيح بحرقة:
- أنا كنت يا زيدان، أنا اللي رجعت تاني لنفس خوف الطفلة الصغيرة اللي مستنية حد يجي ينقذها، المرة دي ما حدش جه!
المرة دي الجرح كان أضعاف، كنت ببصلك وأنا مش مصدقة زيدان ما يأذنيش زيدان ما يعملش فيا كدة، قهرت قلبي، وجعت روحي، وطلعت أنت بردوا المظلوم عشان ما كنتش في وعيك.

اقترب منها في تلك اللحظة امسك بذراعيها بين كفيه يهزها بعنف يصرخ بحرقة:
- وذليت نفسي ليكي بدل المرة ألف قولتلك شوفي ايه يرضيكي عشان تسامحيني وأنا اعمله استحملت كل كلامك عشان عارف وحاسس بوجعك، بس انتي ما اكتفتيش بدا يا لينا، ما حستيش أنك وجعتيني كفاية قررتي تدوسي على كرامتي ورجولتي وانتي تعرفي اللي اسمه معاذ ولا نائل وبتخرجي معاه وبتدافعي عنه في كل كلمة.

نزعت نفسها من بين ذراعيه بعنف عادت خطوتين للخلف اشهرت سبابتها أمام وجهه اشتعلت دماء غضبها تصرخ بها:.

- إنت مالكش اي حق تحاسبني على دا، بعد كل اللي عملته، أنا عارفة اني كنت بوجعك بكلامي بس كنت عايزة اخد حقي منك، أنت بقي عملت ايه زيدااان باشا الحديدي اللي كل ساعة بحال شوية سامحيني وشوية هطلبك في بيت الطاعة، وهاخد ابني منك وهسيبك متعلقة، أنت اللي رمتني بايديك ليه، كنت محتاجة حد يقولي انتي ضحية انتي مظلومة انتي صح، بابا وماما حتىحتى حسام، كله بيواسي فيا وشايفك أنت المظلوم، وأنا المفروض ارجعلك لانك اتظلمت، أنت ما صدقت طلقتني وفجاءة لقيت معاك البت الملزقة اللي اسمها أنجليكا.

صمتت تنظر له تري ردة فعله على ما قالت فما كان منه إلا أن ضحك، تلك الضحكة المشبعة بالسخرية المريرة اقترب منها أكثر وأكثر حتىحتى بات لا يفصلهم فاصلة تسمح حتىحتى بمرور الهواء لفحت أنفاسه المستعرة وجهها حين اردف يقول منفعلا:
- أنجليكا، أنا عمري ما كان بيني وبين أنجليكا اي مشاعر، دايما كنت بقول دي ضيفة، متضايقة من وجود أنجليكا عارفة شعور كان ايه لما عرفت أنك اتجوزتي.

رفعت وجهها تنظر لعينيه لتري رياح عاصفة هوجاء من الألم تكتسح حدقتيه الحمراء رفع يده يشير إلىإلى مياه النيل خلفها يصرخ فيها:.

- نار مولعة في جسمي كله في سيخ حديد في قلبي بيحرق مش عارف اخرجه، عقلي هيشت مش قادر يستوعب أنك خلاص ما بقاش ينفع تكوني من حقي، أنك دلوقتي في حضن واحد غيري، جيت هنا فضلت رامي نفسي في الماية ساعات، فضلت اصرخ زي المجنون، مش عارف اعمل ايه متقيد بنار بتحرق قلبي، ما بقاش ليا اي حق اني اروح اجيبك من بيته هو جوزك
انهمرت دموع مقلتيها بعنف تحرك رأسها نفيا بعنف في كلا الجانبين، ارتفعت شهقاتها تهمس بحرقة:.

- كنت مستنياك فضلت مستنياك، مستنية اللحظة اللي هتيجي فيها وتمنع الجوازة دي، بس ما جتش يا زيدان، لما روحت معاه كنت بدور عليك مستنية الاقيك جاي تاخدني، أنا عيشت مع مجنون مريض بيديني حبوب هلوسة عشان اشوف حاجات ما حصلتش، كل اللي كان بيعمله دا عشان ينتقم من بابا، وأنا اللي دفعت التمن...

بعد تلك العاصفة العنيفة التي لفت المكان هدأ الثري وتوقفت الصرخات وعم الهدوء المكان هدوء لا يسمع فيه سوي صوت الأنفاس العالية، دموعها تسيل في صمت حدقتيها تتفادئ النظر لعينيه كم تكره رؤيته لها بذلك الضعف، رفعت يدها سريعا تمسح دموعها تنتظر ردة فعله بعد تلك المصارحة العنيفة، لكنه ظل صامتا للحظات طويلة قبل أن يهمس باختناق:
- مش انتي لوحدك اللي دفعتي التمن يا لينا، يلا نروح.

هكذا فقط يريدهما ان يعودا بتلك البساطة بعد كل ما قيل منهما، نظرت له محتدة تشعر بنيران تشتعل بين اوردتها التفتت توجه انظارها لمياه النيل، دون سابق إنذار اندفعت إليها تهرول لداخل المياة توسعت عينيه فزعا ليهرول خلفها يحاول اللحاق بها يصيح فيها:
- انتي رايحة فين يا مجنونة لينا استني هتغرقي
سمعها تصيح حانقة تندفع للداخل حتىحتى لا يلحق
بها:
- مالكش دعوة بيا، خلاص كل اللي بينا خلص.

تنهد حانقا من تلك الحمقاء مد يديه يحاول الامساك بتلابيب ملابسها من الخلف قبض عليها ليجذبها إليه توسعت عينيه فزعا تزامنا مع صدور صرخة لينا الفزعة ما لم يكن يتوقعه تماما أن ذلك القميص الذي ترتديه قماشه يتمزق بتلك البساطة بين يديه ام هو من جذبها بعنف زائد، مد يده مرة اخري يمسك بذراعها يجذبها منه ليمتزق ذراع القميص في يده بسهولة ليصيح فيها:
- انتي لابسه قميص مقطع يلا نخرج من الماية هتغرقي.

نظرت له حانقة تتمسك بما بقي من قميصها اندفعت للداخل كانت تظن أن الأرض لا تزال تحت قدميها خطوة اخري وصرخت حين شعرت بالمياة تلفها من جميع الجوانب، سب الأخير عنادها حانقا ليندفع خلفها حانقا وصل إليها ليلف ذراعه حولها يحاول أن يخرج جسدها الشبه يغرق من الماء نظر لها لاهثا يصيح فيها:
- بطلي بقي جنان هتغرقي.

نظرت لوجهه بالكاد تراه من عتمة الليل تتنفس بعنف نظراتها إليه مزيج من الألم والأمل، ابتعد عنها بفاصل بسيط يسمح له بخلع قميصه ليعطيه لها بعد أن تمزق قميصها، مدت يده لها بالقميص، مدت يدها تأخذ قيمصه المبتل من يده ما أن ارتدته، شعرت بشئ يجذبها لأسفل في لمحة شهقت بعنف تشعر بأنفاسها تتلاشي في حين صرخ زيدان باسمها بالكاد أمسك بأصابع يدها قبل أن تختفي تماما تحت الماء يجذبها بعنف لم تمر سوي لحظات لما تغلق عينيها لما فقدت الوعي!

بصعوبة سبح بها إلىإلى الخارج وضعها ارضا يربت على وجنتها بعنف يغمغم متلهفا قلقا:
- لينا، لينا فوقي يا لينا، لينا ردي عليا
سعلت بعنف تخرج المياة من فمها اقترب برأسه منها ينظر لعينيها يغمغم بلهفة لم يستطع عناد قلبه إخفائها أبدا:
- لينا انتي كويسة ردي عليا يا حبيبتي، لينا.

فتحت عينيها قليلا كادت أن تبتسم في خبث فهي من نزلت بجسدها لتري ما سيفعل، رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تبتسم في خمول تنهد هو بارتياح رغما عنه ابتسم هو الآخر لحظة فقط نسيا فيها الدنيا ابتسامة صافية من القلب، قبل أن يسمعوا صوت حاد يتمتم بلغظة:
- ليلتكوا سودا، في الشارع وقالع يا بجاحتك يا أخي.

نظر زيدان خلفه سريعا ليري عسكري شرطة يقف خلفه وهناك على مرمي بصره سيارة شرطة نزل منها الضابط ومعه ثلاث عساكر، اقترب الضابط اكتر لتتضح ملامحه زفر زيدان حانقا يعود بانظاره إلىإلى لينا امسك بيدها لتقف، وضعهما الآن لاي من كان سيقول انهما ماجنان خاصة وهو بدون قميص وهي ترتدي قميصه فوق ملابسها الممزقة، وقفت لينا خلف زيدان تنظر لذلك الذي يقترب منهم، وقف أمام زيدان ينظر له ساخرا قبل أن يضحك بسماجة:.

- لالالا مش معقول زيدان باشا الحديدي يتمسك بوضع مخل في الطريق العام، وجنب النيل يا راجل، اخس
تنهد زيدان حانقا ينظر للرجل الواقف أمامه نظرات حانقة غاضبة ليصيح ساخرا:
- سيف السخيف عاش من شافك، بقولك ايه سيف ما تعشيش في الدور دي مراتي
رفع ذلك الواقف حاجبيه في سخرية يتمتم دس يديه في جيبي سرواله يتمتم ساخرا:.

- لا و**** وهي لو مراتك هتيجي بيها هنا ليه، بس تصدق المكان لطيف في حتة مقطوعة مداري فاضي، يعني ولا من شاف ولا من دري
- سييف
صاح بها زيدان في حدة ليقترب منه كمش بيده على تلابيب ملابس الواقف امامه ينظر لحدقتيه بشرر متطاير من عينيه يغمغم غاضبا:
- ما تزودهاش يا سيف إنت مش قدي لو ناسي افكرك لما كنت بكومك زي الشوال أيام الكلية.

ارتسمت ابتسامة سمجة صفراء على شفتي سيف ينظر لزيدان ساخرا مال برأسه على إذن زيدان يغمغم متشفيا:
- دا كان زمان واحنا عيال في الكلية دلوقتي إنت مقبوض عليك بفعل فاضح والعساكر واحتراما بس للزمالة القديمة هسيبك تيجي ورايا القسم بعربيتك ومش هخليك تركب البوكس
ابتعد سيف عن زيدان ينظر لأحد العساكر يامره:
- معاه في العربية.

وقف زيدان للحظات ينظر لسيف نظرات غاضبة يأكلها الشرر، تنفس بعنف توجه ناحية لينا يقبض على كف يدها يجذبه معه إلىإلى سيارته ليتحرك أحد العساكر معهم فتح زيدان الباب الخلفي جلست لينا ليغلق عليها الباب، جلس خلف المقود وجواره العسكري، يتحرك بسيارته خلف سيارة الشرطة متجهين إلىإلى قسم الشرطة، نظرت لينا له في هلع، كيف تنقلب الموازين في لحظة، في حين التقط زيدان هاتفه من جيب سترته يتصل برقم حسام مرة تليها اخري واخري إلىإلى أن سمع صوته الناعس يغمغم في خمول:.

- ايوة في طلق ولا مجرد وجع بيروح ويجي
شتمه زيدان بغيظ يصيح فيه محتدا:
- طلق ايه يا متخلف اصحي كدة وفوقلي أنا ولينا مقبوض علينا ورايحين القسم
انتفض حسام من فراشه ينظر للهاتف في يده يتأكد من أن ما يحادثه زيدان وقعت عينيه على ساعة الحائط ليردف مذهولا:
- إنت اتجننت يا زيدان أنت مش طلعت تنام قدامئ دي تخاريف الساعة 2 بليل
سمع شتيمة أخري من زيدان موجهة له ليسمعه بعدها يصيح غاضبا:.

- مش وقت غبائك احنا طالعين على قسم (، ) اتصرف وهاتلي قسيمة الجواز القديمة وما تقولش لخالي.

اغلق بعدها الخط في وجه زيدان نظر حسام للهاتف في ذهول ليخرج من الغرفة سريعا ربما يحلم او ما حدث مجرد تهيؤات ليس أكثر، توجه سريعا إلىإلى غرفة زيدان فتح بابها بعنف، لتشخص عينيه في ذهول حين وجد غرفته فارغة، ركض سريعا صوب غرفة شقيقته لا أحد، إذا لم يكن يحلم، أخذ طريقه يركض إلىإلى غرفة والده يدق الباب بعنف يصيح فيه:
- يا بابا، يا بابا، افتح بسرعة.

لحظات وظهر خالد من خلف الباب المغلق شعره مبعثر عينيه حمراء من أثر النوم قسمات وجهه تصرخ بغضبه نظر لحسام يصيح فيه:
- في ايه يا حيوان حد يهبب اللي أنت بتهببه دا بعد نص الليل
- زيدان كلمني وقالي أن هو مقبوض عليه هو ولينا ورايحين قسم (، ) أنا افتكرته حلم بس مالقتهمش في اوضهم، صاح بها حسام بهلع بأحرف مبعثرة من القلق.

شخصت عيني خالد في ذهول متزج بغضب اعمي، ماذا يفعل زيدان بصحبة ابنته خارج البيت في تلك الساعة وأي قضية قد زجا نفسيهما فيها ليلقي القبض عليهما بعد منتصف الليل نظر لحسام يصيح متوعدا:
- عشر ثواني واللاقيك مستنيني في العربية تحت لحد ما أغير هدومي
حرك حسام رأسه بالإيجاب سريعا يركض صوب غرفته ليبدل ملابسه توسعت عينيه فزعا يتمتم مع نفسه:
- يا نهار ابيض دا قالي ما تقولش لخالي.

في قسم الشرطة في غرفة الضابط المسؤول عن التحقيق جلست لينا على أريكة بعيدة تضم سترتها تتدفئ بها بعد أن اعطت زيدان قميصه، تنظر ناحية زيدان الذي يقف امام الضابط، ليس ذلك الفتي الذي ألقي القبض عليهم ولكن رجل آخر يبدو أكبر سنا من زيدان حتىحتى سمعته يقول لزيدان:
- يا زيدان باشا أنا بس عايزك تهدي، وكل حاجة هتتحل احنا بس محتاجين القسيمة عشان ننهي المحضر...

جلس زيدان على المقعد المجاور للضابط يدعو في نفسه أن يأتي حسام في اسرع وقت ممكن، دقائق طويلة مرت ما حدث حقا أشبه بفيلم لا يستوعبه عقل، دقائق تجر أخري إلىإلى أن سمعوا دقات على باب الغرفة تنهد زيدان بارتياح اخيرا اتي حسام، سمح الضابط للطارق بالدخول لينفتح المقبض، ظهر من خلفه من جعل عيني لينا تشخص فزعا، في حين تمتم زيدان في نفسه:
- روحنا في داهية أنا ما موتش في العملية هيدفني بالحيا.

دخل خالد إلىإلى الغرفة توجه مباشرة إلىإلى الضابط يصافحه بابتسامة صغيرة مقتضبة:
- خالد السويسي
ابتسم الضابط يصافحه بحرارة، اشار له إلىإلى المقعد يغمغم بترحاب حار:
- أهلا وسهلا يا باشا اتفضل استريح
جلس خالد على المقعد المقابل لزيدان ينظر إليه يتفحصه بنظراته ملابسه المبتلة حدقتيه التي تتهرب من النظر اليه ساقه اليسري التي يحركها بعنف، لف رأسه ناحية الضابط يسأله مبتسما:.

- خير يا حضرة الظابط اقدر اعرف العيال دول مقبوض عليهم في ايه
تنحنح الضابط ينظر لزيدان قبل أن يوجه عينيه ناحية خالد حمحم يردف متوترا يشعر بالشفقة على الشاب والفتاة:
- هو واضح أن الموضوع فيه سوء تفاهم ليس أكثر اا...
قاطعه خالد قبل أن يكمل يسأله بنبرة حادة جازمة:
- أنا بسأل حضرتك هما مقبوض عليهم في ايه، ايه نوع القضية اللي جايين فيها.

ابتلع الضابط لعابه مرتبكا اختطف للفتاة الجالسة بعيدا نظرات حزينة مشفقة تنهد يهمس:
- هو يعني في ظابط اسمه سيف شغال معانا هنا بيقول يعني أنه شاف زيدان مع المدام بتاعته في وضع مش كويس في حتة مقطوعة
احتدت عيني خالد قتمت قسمات وجهه فارت دمائه تغلي في عروقه، كور قبضته يشد عليها بعنف يشد على أسنانه في تلك اللحظة تحديدا سيردي كلاهما صريعا برصاصتين فقط من مسدسه نظر للضابط الجالس يحادثه بشبح ابتسامة سوداء:.

- ممكن تسيبني معاهم لوحدنا عشر دقايق!

الفصل مئة وعشرون

صمت، صمت مخيف، ذلك الصمت الذي يسبق عاصفة هوجاء مباشرة، لا يُسمع في الغرفة بأكملها سوي صوت الصمت، خالد لا زال يجلس مكانه في هدوء تام لم يتحرك حركة واحدة لولا يده المنقبضة عروقه النافرة لظننت انه في أكثر حالاته استرخاءً، تحركت عيني زيدان ناحية لينا ليراها تنظر إلى والدها في ارتباك واضح، أي مبرر ستقوله له وهل سيصدقه من الأساس، شهقت مرتجفة حين وقف والدها فجاءة نظر للحظات لزيدان الواقف أمامه قبل أن يلتفت إليها أشار له يعينه أن تتقدم ابتلعت لعابها تشعر بقدميها تهتز كالهلام، والدها في الأساس عنيف، وبعد ما سمعه الآن على أقل تقدير سيسلخهم احياء دون أن تأخذه بهم لا رحمة ولا شفقة، تقدمت بخطي مرتجفة تقف بعيدة عن زيدان تنظر لوالدها مرتبكة، ستشرح له الأمر هي لم تخطئ الموضوع من بدايته خاطئ وهو يجب أن يعلم، تنفست بعنف تلتقط أنفاسها المسلوبة تهمس بصوت خفيض متوتر:.

- بابا صدقني الموضوع مش زي ما أنت فاهم، في سوء تفاهم في الموضوع.

ارتسمت ابتسامة قاتمة على شفتي خالد يحرك رأسه بالنفي ببطئ، ينقل حدقتيه بينهما، نظراته أكثر سوداء من عتمة الليل، شهقت فجاءة على حين غرة حين دوي صوت صفعة عنيفة نزلت من يد والدها على وجه زيدان، ظل الأخير يقف في مكانه بثبات غريب، وجهه يكاد يكون متوهج من تلك الصفعة، فتحت فمها تريد أن تخبره أن ما يفعله غير صائب ولكنها صمتت تماما حين دوت صوت الصفعة من جديد تلك المرة على وجهها هي!

شعرت بألم بشع يطحن عظام فكها حرارة لاهبة تخرج من وجهها، امتلئت حدقتيها بالدموع أحمر وجهها من الألم والغضب تصيح في والدها:
- حكمت وضربت من غير ما تسمع مننا كالعادة يا بابا، أنا وهو ما عملناش حاجة غلط
ابتسم خالد في هدوء مخيف اقترب من ابنته وقف أمامه يدس يربت على خدها الاخر يتمتم ساخرا:.

- لا يا حبيبة بابا القلم اللي نزل على وشك انتي والبيه عشان خرجتوا زي الحرامية من غير أذني، أنا لو شاكك واحد في المية انكوا عملتوا حاجة غلط كنت ضربتكوا بالنار في وسط القسم
صمت للحظات قبل ان يزفر أنفاسه محتدا يصيح فيهم:
- اترزعوا وفهموني اللي حصل أنا على ثانية وهنزل فيكوا ضرب انتوا الإتنين.

ابتلعت لينا لعابها بارتجاف جلست على المقعد المجاور لمقعد زيدان، جلس زيدان جوارها وخالد أمامهم يرميهم بنظرات قاتلة حادة سوداء تكاد تقسم أن والدها على وشك دفنهم أحياء بالكاد يمسك بزمام غضبه، كاد زيدان أن يتحدث حين سبقيته لينا تتمتم في خفوت:
- دكتور قاسم قالي لازم نتكلم أنا وزيدان، لازم كل واحد يخرج اللي في قلبه، فطلبت من زيدان اننا نتكلم في اي مكان بعيد البيت، بس دا اللي حصل.

رفع خالد حاجبيه مستهجنا ما تقول ارتسمت ابتسامة ساخرة على شفتيه يتمتم متهكما:
- بس دا اللي حصل اتقبض عليكوا عشان واقفين تتكلموا في الشارع، كان زمان مصر كلها مقبوض عليها...
تجنبت لينا النظر إلى والدها تفرك يديها متوترة لتسمع صوت زيدان يتمتم في نبرة هادئة:
- خالي إنت عارف وواثق أن أنا مستحيل اخون امانتك صح ولا لاء، اللي لينا قالته دا هو اللي حصل، لينا في موجة انفعالها وأنا بنتكلم طلعت تجري ناحية الماية.

لم يكن لديه حل آخر سوي أن يخبره بما حدث فعلا حتى وإن كان احتمال تصديق خالد لما سيقول ضعيفا ولكنها تبقي الحقيقة، ما إن انهي زيدان قص ما حدث على خالد ضحك الأخير ضحكة عالية فارغة من المرح ضحكة متهكمة ساخرة يردف بعدها مستهجنا:.

- يعني أنت عايزني اصدق أنها طلعت تجري ناحية الماية وأنت وراها جيت تشدها هدومها اتقطعت في ايدك فروحت يديها قميصك وكانت هتغرق فجاءة لوحدها فروحت شايلها من الماية وخرجت بيها وحاولت تفوقها، هوب دخل البوليس في آخر الفيلم وأنت بتحاول تفوقها، قصة هايلة تنفع سيناريو لفيلم كوميدي.

تنهد زيدان حانقا من سخرية خالد وعدم تصديقه لهم، ذلك الأحمق حسام سيدق عنقه ما أن يراع ألم يخبره الا يقول لخاله، ليتفاجئ به أمامهم دون سابق انذار، صبرا يا أحمق سانزع رقبتك، زفر زيدان بعنف من جديد يتمتم محتدا:
- و**** دا اللي حصل، أنا ما قربتش من بنتك، لما لقيت الوضع هيتفهم غلط بسبب الزفت اللي اسمه سيف قولت لحسام يجيبلي قسيمة جوازي بلينا وكنت هحل الموضوع وخلاص.

عاد خالد يستند بظهره إلى ظهر المقعد يستند بمرفقه على سطح الطاولة، همهم في هدوء غاضب، هو أكثر من يعرف أن زيدان لن يخون ثقته ولينا بالطبع لن تفعل، ربما هي فرصة جديدة لهما دون تدخل منه، زفر أنفاسه بعنف يمسح وجهه بكف يده يتمتم حانقا:.

- ماشي هخليني ورا الكداب، دلوقتي يا زيدان باشا ما فكرتش إن لما يتكشف على قسيمة الجواز هيظهر أن بعدها قسيمة طلاق وقسيمة جواز تانية للهانم باسم واحد تاني، وعلى ما نثبت أن الجواز التاني باطل هتكونوا لبستوا قضية زنا جنب القضية اللي جايين بيها والبيه هيتشال من الخدمة وسمعة العيلة هتبقي في الأرض، عشان البهوات ما بيفكروش.

عم الصمت المكان للحظات حاولت لينا اختلاس النظر ناحية زيدان تري ردة فعل على ما يقول والدها لتراه هادئ متجهم قسمات وجهه تعبر عن غضبه الذي بالكاد يحبسه، وقف والدها امامهم يردف بصوت حاد غاضب:
- سنين ورا سنين واسم عيلة السويسي ما ينفعش يبقي عليه غبار حتى، يجي البهوات في لحظة يرموه في الأرض، انتوا متخلين خبر زي دا لو اتعرف هيحصل ايه...

ومرة أخري يعم الصمت لا أحد فيهم ينطق بحرف فقط صوت أنفاس والدها الغاضبة هي من تسمع في المكان بأكمله، في اللحظة التالية أخرج خالد هاتفه من جيب سترته يطلب رقم ما، وضعه على اذنيها لتسمعه يحادث صديقه:
- ايوة يا محمد فاكر المأذون اللي قولتلي أنه معرفتك، ايوة هو دا، تجيبه وتيجي حالا على العنوان اللي هبعتهولك، لما تيجي هفهمك يا محمد ما تتأخرش.

توسعت حدقتيها في ذهول مأذون هل سيعقد والدها قرانها على زيدان من جديد وهنا في قسم الشرطة، قبل أن تنطق بحرف خرج والدها من الغرفة، التفت برأسها ناحية زيدان تنظر له في ذهول، لتظل تعابير وجه الأخير غامضة تماما..

في الخارج سأل خالد على مكتب ذلك المدعو سيف دق الباب ودخل ليطالع مأمور القسم الذي كان يحادثه قبل قليل في المكتب بصحبة سيف، طلب خالد من مأمور القسم بهدوء إن يحادث سيف بمفردهما لدقائق، ما إن خرج الرجل توجه خالد بخطئ سريعة غاضبة ناحية سيف دون كلمة أخري كان يقبض على تلابيب ملابسه بيمناه فقط احتدت عينيه يهمس له محتدا:.

- زمان كنت بقول شباب بقي وبيهزورا وهزارهم رخم، سيف وزيدان بيتخانقوا ضربوا بعض، عملوا مشكلة، كنت بقول طيش شباب، انما ما توصلش يا سيف بيه، أنك تجيب بنتي على القسم، بنت خالد السويسي ما تدخلش القسم في قضية، لو لسانك طلع برة بوقك ونطق كلمة واحدة عن اللي حصل النهاردة هزعل أوي وأنا زعلي وحش اوي.

حرك سيف رأسه بالإيجاب عدة مرات سريعا ليدفعه خالد بعيدا عنه يرميه بنظرة قاتلة قبل أن يخرج من الغرفة صافعا الباب خلفه، توجه ناحية المأمور مباشرة تنهد يردف يأسا:.

- اللي حصل من أوله لآخره سوء تفاهم، لينا وزيدان في بينهم مشاكل بقالهم مدة وواضح أن المشاكل زادت اوي خلت لينا نزلت من عربية زيدان ناحية الماية، زيدان كان بيحاول ينقذها ليس أكثر فاتفهم الوضع غلط، بعد اللي حصل هما مصرين إصرار تام على الطلاق أنا حتى بعت جبت المأذون هنا، أنا بعتذر عن الإزعاج اللي حصل دا، طيش بقي
ابتسم المأمور في توتر يغمغم سريعا:.

- أنا كنت متأكد أن الموضوع فيه حاجة غلط، **** يهديهم ويوفقم للأحسن، واعتبر يا باشا ما فيش محضر اتعمل اصلا
ابتسم خالد ابتسامة صغيرة تحمل كل معاني الانتصار، عاد ينظر للمأمور حمحم يردف في هدوء حزين باهت:
- أستأذنك معلش تسيبلي اوضة مكتبك لحد ما يمشي المأذون
وافق الرجل دون اعتراض بالطبع، توجه خالد ناحية زيدان الذي ينظر له مذهولا تتمتم في دهشة ما أن رأي والده:.

- بابا أنا مش فاهم حاجة ايه الكلام الغريب اللي حضرتك قولته للظابط دا
رفع خالد سبابته امام شفتيه يهمس في هدوء:
- هششش..

داخل غرفة المكتب تحركت لينا من مقعدها تجوب الغرفة ذهابا وإيابا تتنفس بعنف ما حدث قد حدث، نزولها في المياة كان الخطي الوحيد الذي اتركبته ولكن ماذا تفعل مع ذلك القطب البارد الذي يجلس أمامها، بعد مصارحة عنيفة كلهيب البركان يخبرها بهدوء كالثلج أن عليهم الذهاب، توجهت تقف أمامه تهمس بصوت حاد مرتبك في الآن ذاته:
- إنت موافق على اللي هيحصل دا.

رفع وجهه لها ينظر لوجهها في صمت نظرات هادئة هل يخبرها بأن قلبه يصرخ فرحا وعقله يصرخ غضبا في الآن ذاته، استند بمرفقيه إلى فخذيه يغمغم في هدوء:
- عندك حل تاني، لو ما كنتيش عندتي وجريتي على الماية من الأول ما كناش وصلنا لهنا، أنا مش هضحي لا بسمعة العيلة ولا اني اشوف خالي مكسور لو حصل فضيحة ولا بشغلي اللي بقالي سنين ببني فيه.

لما لم يذكرها في حديثه لما لم يقل أنه لا زال يحبها يرغب بشدة أن يعودا كما كانا سابقا، تنهدت بعنف تحرك رأسها رفعت رأسها قليلا تهمس بإيباء:
- أنا كمان مش هضحي بسمعة العيلة، بسبب غلطة اتعملت من غير قصد، لو كان على جوازنا فاحنا ممكن الصبح نتطلق وكأن شيئا لم يكن
ابتسم في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب ولسان حاله يتمتم ساخرا:
- في أحلامك الوردية!

لم تمر سوي دقائق ودخل خالد ومعه محمد وحسام الذي رماه زيذان بنظرة قاتلة ما أن رآه يتوعد له والمأذون الذي لم يكن يرتدي لا ثوب ولا قفطان فقط قميص وسروال وحقيبة صغيرة بها دفتره الخاص، جلس المأذون على سطح أريكة بعيدة في الغرفة ليجلس خالد على أحد جانبيه نظر لزيدان بعينيه لينتهد الأخير تحرك يجلس على الاتجاه الآخر وضع يده في يد زيدان، تحركت عيني زيدان ناحية لينا ينظر لها تلاقت أعينهم للحظات قبل أن يدير وجهه ناحية خالد والمأذون يردد خلف الرجل بهدوء ظاهر وقلبه يطرق طبول الحرب يتذكر قديما حين كان في موقف مشابة كانت سعادته حينها لا توصف، كان يطير بين غيمات العشق فاخيرا بعد طول صراع فاز بقلبها باتت زوجته، أما الآن لا ينكر كونه سعيد، سعادة يشوبها ألم وخوف من القادم بعد كل ما مرا به، بات يخشي السعادة، خط توقيعه على الورقة ليوقع محمد وحسام كشاهدين على عقد القران، تقدمت هي امسكت القلم تخط اسمها على سطح الورقة في ارتجاف واضح تركت القلم تنظر له ها هي عادت من جديد، ليست تلك الضعيفة التائهة ولا هو بات ذلك العاشق الولة، كلاهما تغير.

خرج محمد بصحبة المأذون اولا بعد أن هنئهم، في حين ظل الأربعة في الغرفة كل منهم يغرق فب بوتقة الخاصة من التفكير، تحرك خالد أولهم ناحية باب الغرفة نظر لهم يتمتم بكلمة واحدة:
- يلا.

خرجوا جميعا من القسم بعد الثالثة ليلا، كت تشعر بالتعب لا ترغب في تلك اللحظة سوي في فراشها تحط برأسها على وسادتها وتهرب بعيدا، تحركت ناحية سيارة والدها ما أن مرت من أمامه أمسك بذراعها نظرت له تقطب جبينها ليرفع هو حاجبيه يتمتم ساخرا:
- انتي رايحة فين، على جوزك يا حبيبتي مش عايز اشوف خلقتك لا انتي ولا هو تاني.

شخصت عينيها في ذهول كانت تظنه يمزح ولكن تلك النظرة في عيني والدها لا تقول أنه يمزح ابداا، والدها لا يريدها، نظرت ناحية حسام في ذهول كأنه ترجوه بعينيها أن يفعل شيئا ليحمحم الأخير سريعا يحاول قول شئ ما:
- بابا...
ولكنه لم يكمل رفع خالد كف يشير لحسام أن يصمت تماما، تنحنح الأخير ينظر لشقيقته، في حين تقدم زيدان في تلك اللحظة امسك بذراع لينا الآخر يجذبها من يد خالد وجه ابتسامة صفراء له يغمغم في هدوء:.

- تصبح على خير يا خالي
في اللحظة التالية كان يجذب لينا معه فتح باب سيارته يدخلها فيها، جلس جوارها خلف المقود لم ينتظر لثانية أخري أدار محرك السيارة وغادر، نظر حسام لوالده سريعا يعاتبه على ما فعل يتمتم:
- ليه يا بابا، كنت سيبها تيجي معانا
دلف خالد إلى سيارته يجلس على المقعد المجاور للسائق تنهد حسام ياسا يجلس جواره، ادار محرك السيارة قبل أن ينطلق بها سمع صوت والده يتمتم ياسا:.

- هو عنيد وهي أعند منه، كل واحد مصدق أنه مظلوم مش عايز يعترف أنه ظالم، هما بس اللي يقدروا يداوا جروح بعض، أنا كنت لسه بفكر في حل يجمعهم، واهو الحل جه لوحده، بكر الصبح تاخد شنطة هدوم لينا وكتب الجامعة بتاعتها وتروح تدهالها
حرك حسام رأسه بالإيجاب ربما والده محق وربما لا، فقط الأيام هي من ستحكم.

في الطريق الآخر على المقعد المجاور لمقعد زيدان في السيارة هنا كانت البداية حين طلبت منه الذهاب لمكان هادئ ليتحدثا لينتهي بهم الأمر متزوجان، وها هما في طريقهما إلى منزله، رحلة العودة إلى نقطة البداية، تعبت حقا من التفكير استندت برأسها إلى المقعد تغمض عينيها وما هي الا لحظات وغفت، غطت في نوما عميق كقاع البحر تهبط فيها بارداتها، اختلس هو النظر إليها في تلك اللحظة لترتسم ابتسامة صغيرة للغاية على شفتيه، وذلك الاحمق القابع في قفصه الصدري يقيم حفلة راقصة بالداخل حفلة تذاع فيها موسيقي عالية موسيقي من جملة واحدة تتكرر ( welcome back my nuts ).

صباح يوم جديد لا تزال السابعة صباحا، لم يكن يتصور يوما أن السابعة صباحا ستكون موعد استيقاظه ولكنها الحياة، الحياة التي تعطي للجوكر فرصة أخري لينضم لفريق العدالة فان فشل فلا لوم على ما يفعله ( باتمان) به، فتح ذلك المدد عاي فراشه عينيه في هدوء اول ما وقعت عينيه عليه كانت هي ترقد جواره، لا زال يشعر بالسعادة تدق قلبه في كل مرة يراها ترقد جواره، صحيح أن ذلك الحاجز بينهما لم يكسر إلى الآن ولكن ما يحدث بينهم في تحسن مستمر يكفي أنها باتت تقضي ليلتها جواره تنام بأمان دون خوف، ابتسم يمد يده يزيح خصلة صغيرة تدلت على وجهها يتذكر ما حدث قبل شهر من الآن.

Flash back.

متسطح على فراشه بعد أن ذهب الجميع عينيه شاردة في الفراغ البعيد، رفع يده يتحسس ذلك الجرح الذي يعلو كتفه، ذلك الجرح الذي يشهد على موقف نبيل له كرجل ليس كوغد خسيس خائن، ربما بما فعل استطاع أن يرد لروحية ولو جزء صغير للغاية من حقها المسلوب، ذلك الوغد سيتعفن خلف القضبان، ارتسمت إبتسامة حزينة متحسرة على شفتيه يا ليته لم يكن ذلك الشيطان، يشتاق لجاسر صديقه رفيق دربه، جاسر الذي لم يعطيه سوي الغدر والخيانة حتى شقيقته الصغيرة التي لا ذنب لها لم تسلم منه، أدمعت عينيه في تلك اللحظة شعور الندم يتغلل خلاياه لا يرغب في تلك اللحظة سوي أن يهرول يقبل يديه يطلب منه السماح يبكي ندما على ما اقترفه في حقه، اجفل على صوت الباب يُفتح ليجد منيرة جدته تدخل للغرفة تحمل صينية طعام متوسطة الحجم ابتسامة كبيرة تغطي ثغرها اقتربت منه تضع صينية الطعام جواره على الفراش، ليتحرك هو بعينيه ناحية باب الغرفة المفتوح يبحث عنها أين اختفت فجاءة ليسمع جدته تغمغم ضاحكة:.

- عينيك قلبت الدنيا عليها، روحية دخلت تنيم ملك، وقولت أنا اجي ااكلك بإيدي.

التفت برأسه ناحية جدته يبتسم لها أصرت على إطعامه كما لو كان طفلا في السابعة من عمره، مرت بعض الوقت لم يشعر بنفسه سوي وهو يغط في النوم، نوم هادئ تتخلله هي صورتها ابتسامة ضحكة عينيها الخجولة، في تلك المرحلة التي تتوسط النوم واليقظة شعر بيد ناعمة توضع على جبهته كان يظنه حلما ففتح عينيه سريعا ليراها تقف بالقرب منه تبسط راحتها على جبهته، راقبتها عينيه وهي تتنهد بارتياح تغمغم بصوت خفيض:.

- الحمد *** مش سخن، اومال كان بيخترف وهو نايم ليه
تحركت خطوة واحدة للخلف لتشهق بعنف حين رأته ينظر لها يبتسم فقط، تلعثمت واحمرت وجنتيها عادت بضع خطوات للخلف تفرك يديها في توتر ظاهر، ليسمع صوتها المرتبك تغمغم في ارتباك:
- إنت كنت بتخترف وأنا افتكرتك سخن، أنا آسفة صحيتك.

توسعت ابتسامته دون أن ينطق بحرف، ربت على الجزء الفارغ جواره على الفراش يدعوها بعينيه، تسارعت دقات قلبها تتحرك ناحيته بخطي متوترة جلست على طرف الفراش، لينتفض جسدها حين شعرت به يمد يده يمسك كف يدها رفعه لفمه يقبله برفق يهمس لها بصوت اجش من أثر النعاس:
- ما فيش واحدة بتعتذر لجوزها عشان كانت خايفة عليه.

ابتسمت خجلة تحرك رأسها على استحياء، تحركت عينيه ينظر لساعة الحائط ليراها تجاوزت الثانية عشر، عاد ينظر لها بمقلتيه يهمس في خفوت حاني:
- مش هتنامي الساعة عدت 12
سحبت يدها من يده لتتحرك وقفت جوار فراشه ابتسمت تردف في خفوت:
- أنا كنت هنام، بس قولت اشوفك لتكون محتاج حاجة...

وصمتت تنظر له بترقب كأنها تسأله أن يرغب في شئ، في حين اطال هو النظر إليها تقف كحورية سرقها من اعماق لؤلؤة بيضاء نقية كانت تختبئ بداخلها وهو الصياد الذي فاز بكنزه الثمين، بشرتها السمراء عينيها السوداء تلك الحفرة الصغيرة التي تعلو وجنتها اليمني فقط حين تبتسم، فستان بيتي رقيق من اللون الابيض منقوش بخطوط صفراء، رفع وجهه إليها يسألها:.

- انتي هتنامي فين سرير منيرة مش هياخدك انتي وهي وملك والشقة ما فيهاش غير أوضتين نوم
حمحمت بخفوت ترتجف من التوتر رفعت يديها تشير للصالة الظاهرة من باب الغرفة المفتوح تهمس في توتر:
- أنا هنام على الكنبة الكبيرة، كبيرة اوي شبه الشرير
رفع حاجبيه يسخر مما تقول حقا! أريكة جدته التي بالكاد ستحوي جسدها باتت الآن أكبر من الفراش، ربت على الجزء الفارغ جواره من الفراش يغمغم مترفقا بها:.

- تعالي نامي هنا يا روحية، السرير كان بياخدني انا وأدهم وانتي أرفع من أدهم بمراحل...
توسعت حدقتيها رمشت باهدابها عدة مرات متتالية لتنفي برأسها ما يفكر فيه حتى كيف يخبرها ذلك الوقح أن تنام جواره هكذا ببساطة لا لا بالطبع لن يحدث حركت رأسها بالنفي سريعا، لتسمع يزفر أنفاسه بحدة، توترت نظراتها حين همس هو فئ اصرار:.

- بصي يا روحية انتي قدامك حل من اتنين يا تيجي تنامي هنا جنبي، يا تيجي تنامي هنا بردوا على السرير وأنا هقوم أنام برة على الكنبة، أنا مش هسيبك نايمة على الكنبة
قال ما قال ليضعها بين شقي الرحي جميع الحلول ليست في صالحها لن تنام جواره ولن تدعه ينام خارجا وهو جريح، زفرت أنفاسها تحاول ايجاد مبرر ليتركها لتهمس سريعا بتلعثم:
- عشاان الجرح بس ما يتعكبش.

لم يرد فقط ظل ينظر لها يبتسم في هدوء ساخر، زفرت أنفاسها لا حل آخر أمامها، تركت باب الغرفة مفتوحا وهو لم يعترض، تحركت بخطي متوترة يقسم انها قضت أكثر من عشر دقائق في بضع خطوات، إلى أن وصلت للجانب الآخر في الفراش نظرت له للحظات في توتر قبل أن تتسطح على الطرف تماما تاركة مسافة شاسعة بينهما ابتسم ولم يعقب فحين تغط في النوم تلقائيا سيثور جسدها على تلك المساحة الضيقة التي تسجنه فيها
Back.

اجفل من شروده ينظر لها مبتسما، ليلة تليها أخري اعتدت على النوم جواره، مع الاحتفاظ بالمسافة الكافية بينهما، تلك المسافة التي تجعل منيرة على وشك أن تضربهما معا بخفها المنزلي، فهي ترغب بحفيد آخر في اقرب وقت ممكن، انتصف جالسا يحرك عظامه المتيبسة من أثر النوم، لازال أثر الجرح لم يختفي حتى وإن قلت آلامه، اليوم سيذهب لتلك الشركة التي يمتلكها شقيق والد أدهم بالتبني لا يذكر تماما ما هو اسمه، ولكن حقا ذلك الرجل ساعده كثيرا في الثأر لزوجته، تحرك من الفراش يتوجه إلى مرحاض المنزل، اغتسل وتوضأ تحرك إلى غرفته من جديد يفترش سجادة الصلاة يصلي ركعتين، ما إن انهي صلاته رآها هناك تجلس على الفراش يبدو أنها استيقظت قبل قليل نظر السعادة التي رآها في عينيها حين رأته يصلي اثلجت قلبه، قام من مكانه توجه ناحيتها مباشرة دني برأسه يقبل جبينها يغمغم لها بخفوت:.

- ادعيلي **** يوفقني النهاردة يا روحية
رفعت عينيها له وابتسمت ابتسامة رقيقة صادقة تهمس من خلجات قلبها بصدق:
-. **** يوفقك!

مرت عدة ساعات انها الثانية عشر ظهرا الآن في مستشفي الحياة في غرفة سهيلة والرضيع بصحبة جاسر الذي يحمل حقيبة ملابسهم في حين تحمل سهيلة الرضيع بين أحضانها، توجهوا معا إلى السيارة جلست سهيلة جوار جاسر انطلق بهم الأخير إلى منزل والدها، طوال الطريق وسهيلة لم تزح عينيها عن الرضيع النائم بين أحضانها، تنظر له هو فقط إلى أن سمعت جاسر يتمتم مستاءا:
- سهيلة على فكرة ما ينفعش كدة الواد دا خدك مني خالص...

ضحكت بخفة دون أن ترفع رأسها وتنظر لجاسر حتى مما جعله حقا يشعر بالضيق، ليس من **** بالطبع هو لن يغار من الطفل ولكن من تعلق سهيلة الشبه مرضي بالرضيع يخشي أن يؤثر ذلك سلبا عليهم في المستقبل، وصلت السيارة اخيرا إلى منزل عز الدين بعد ترحاب حار اصطحب جاسر سهيلة إلى غرفتها بالاعلي حيث وضع فراش الصغير فيها، اقترب جاسر من سهيلة يريد اخذ الصغير ليضعه في فراشه لتبتعد الأخيرة خطوة للخلف تهز رأسها بالنفي تغمغم بتلهف:.

- لاء سيبه في حضني
تنهد جاسر في ضيق ليقترب مرة أخري اخذ الصغير من بين ذراعيها وضعه في فراشه يدثره بغطاءه الناعم الصغير قبل جبينه قبل أن يلتفت بجسده ناحية سهيلة يقف حاجزا بينها وبين فراش الصغير اقترب منها يمسك بذراعيها بين كفيه لتنظر له في عجب مما يفعل تنهد يحاول أن يهدئ يحدثها برفق:.

- سهيلة حبيبتي أحمد معانا في حضنك، مش هيبعد عنك، أحمد بخير، أنا قلقان عليكي أنتي، أنتي اللي فيه دا تعلق مرضي، ودا هيأثر على نفسية الولد قدام، مش هيعرف يعتمد على نفسه في حاجة، كل حاجة ليها حدود يا سهيلة من دلوقتي، مش عايزك تخافي أنا جنبك انتي وأحمد وعمري ما هبعد عنكوا ابداا.

أدمعت عيني سهيلة ما بها باتت تبكي بكثرة في الآونة الأخيرة، تحرك رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري تحاول الاقتناع بكلمات جاسر، رغما عنها تحركت برأسها تحاول اختلاس النظرات للطفل ليتنهد جاسر يآسا، مد يده برفق يمسك ذقنها يحركها ناحيته نظر لعينيها مباشرة يغمغم في خفوت حاني:.

- سهيلة بعد كل اللي حصل وكل اللي قبلناه سوا، في حاجة مهمة عايز اقولها، أنا بحبك يا سهيلة حتى لو سمعتيها مني قبل كدة، حقيقي أنا بحبك اووووي، وأسف اوووي على اللي حصلك بسببي، كنتي لوحدك دنيتي اللي فاتت، دلوقتي انتي وأحمد دنيتي اللي جاية..

انهي كلامه ليطوقها بذراعيه يحتضنها يشدد على عناقها ينتفس عبيرها وكم اشتاق له، ابعدها عنه بعد دقائق طويلة يكوب وجهها بين كفيه يري ابتسامتها الجميلة ليبتسم هو الآخر مال يقبل رأسها يهمس لها بجوار اذنيها بصوت خفيض عابث:
- سمعتي حكاية الطباخ الغلبان اللي بيحب القلقاس من زمان!

أنها الواحدة الظهيرة في يوم صيفي حار، الجو شديد الحرارة تشعر بجسدها يكاد ينصهر، الحر الشديد هو ما اوقظها، انتصفت جالسة تفرك مقلتيها بكفيها تتأثب ناعسة، لحظات فقط وتوسعت حدقتيها في ذهول، قفزت من الفراش تنظر حولها في ذهول أين هي ومتي جاءت إلى هنا ماذا حدث بالأمس آخر ما تتذكره أنها نامت في سيارة زيدان والآن هي في غرفة نوم على فراش، نظرت حولها تلك الغرفة لم ترها قبلا، لم تكمث في منزل سابقا سوي ليلة واحدة على اقصي تقدير، لم تري سوي الغرفة التي مكثت فيها قبلا، هل هي غرفة اخري في منزله هي حملها وهي نائمة كالجثة لم تشعر بشئ، نظرت حولها لتجد حقائب كثيرة تحوي ملابسها جوار باب الغرفة من الداخل وكتب الجامعة والحاسب الخاص بها، عقدت جبينها تزم شفتيها والدها يطردها نهائيا، توجهت إلى دولاب الملابس تفتحه بعنف بالطبع فارغ وهي لن تحتاج لضب ملابسها، توسعت حدقتيها تفغر فاههها بدهشة، تلك الملابس الموضوعة بعناية جميعها تخصها هي كيف ومتي، تحركت ناحية حقائب ملابسها تفتحهم جميعا لا تزال الملابس بداخلهم، التفت برأسها ناحية الدولاب اذا كيف يوجد الكثير من ملابسها هنا، لحظات فقط وبدأت تعي الأمر زيدان لم يتخلص من ملابسها التي وضعتها والدتها في دولابها قبل زواجهم، تلك الملابس هنا منذ أشهر طويلة وكأنها تنتظر صاحبتها إلى أن تأتي من جديد، بالطبع سيغطيهم التراب تحركت تمسك قطعة ملابسه لا ذرة غبار واحدة عليها الملابس نظيفة معطرة بعطرها هي، امسكت القطعة في يدها تعود بها إلى الفراش تنظر للفراغ لما يحتفظ بثابها، لما لم يحاول التخلص منها، لم الثياب تبدو وكأنها موضوعة اليوم فقط، تنهدت حائرة قلبها يكاد ينفجر من شدة تخبطه بين الرفض والقبول، تحركت ناحية المرحاض اغتسلت وبدلت ثيابها مشطت خصلات شعرها تعقده كجديلة تحركت لخارج الغرفة، ذلك هو منزل زيدان الكبير الذي يتوسط الصحراء، ولكن تلك الغرفة التي خرجت منها توا ليست غرفتها السابقة تحركت سلم البيت الطويل تنزر عبر درجاته تسمع صوت ضحكات زيدان تصدح على ما يضحك لذلك القدر، نزلت لأسفل تتبع مصدر الصوت دخلت إلى المطبخ من حيث يصدر الصوت لتتوسع حدقتيها في ذهول حين رأت حسام وكدمة زرقاء ضخمة تعلو فكه من فعل به هذا، في حين زيدان يقف يضحك متشفيا على منظره، تقدمت إلى المطبخ تسأله فزعة:.

- حسام ايه اللي عمل فيك كدة
نظر حسام ناحية زيدان غاضبا يتمتم في غيظ:
- جوزك يا اختي لسه بقوله صباح الخير، لقيت ايده بتسلم على وشي
لم تهتم بما قال بعدها فقط كلمته الاولي هي ما جذبت انتباهها ناحية ذلك الذي يقف هناك ينظر لحسام متشفيا، تعلو ثغره ابتسامة كبيرة وكأنه لم يكن يبتسم قبلا، اجفلت على صوت حسام يحادثها ساخرا:.

- ابوكي بيقولك مش عايز اشوف خلقتكوا تاني، وعازمكوا النهاردة على الغدا، ما تفهميش ازاي ابوكي دا هيجبلي شلل *****
ضحكت لينا بخفة على ما يقول حسام، اقترب الأخير منها يعانقها بحنان يهمس لها بصوت خفيض لن يسمعه غيرها:
- على الطلاق من بنت عمك اللي لسه ما اتجوزتهاش زيدان بيحبك اوي، وانتي كمان بتحبيه ادوا نفسكوا فرصة بقي هتموتوا من كتر العند.

ابتسمت شاردة تحرك رأسها بالإيجاب ليتبعد عنها يقرص وجنتها يغمغم ضاحكا وهو يشير للطاولة:
- كان نفسي اقعد افطر معاكوا و**** من غير ما تقولي بس ورايا شغل ولسه هروح اجيب البت سارة، مستنيكوا الساعة 3.

ضحكت لينا على ما يقول في حين عانقها زيدان من جديد يودعهم قبل أن يغادر، وحل الصمت، كل منهما يقف عند أحد جوانب الطاولة يختلس النظرات إلى الآخر ظنا منه أن الآخر لا يراه، جذبت لينا مقعد الطاولة الصغير تجلس فوقه تنظر لطاولة الطعام بلا شهية، لأول مرة لا تشعر بالجوع حقا، ثواني قليلة وسمعت صوت مقعده جذبه هو الآخر يجلس مقابلا لها، هو وهي والصمت تفكر في كتابة قصيدة طويلة عن ذلك الصمت الدائر بينهما في اي وقت، تنهدت بقوة ترفع وجهها إليه كان ينظر اليها ليتهرب بنظراته بعيدا، فابتسمت هي، قررت هي كسر الصمت تهمس بنبرة خافتة:.

- شكرا.

لم يفهم على اي شئ تشكره، ولكنها حرك رأسه بالإيجاب دون أن ينطق بكلمة، مدت يدها تلتقط معلقة صغيرة تقلب بها كوب الشاي امامها بحركة رتيبة منتظمة مملة نظرت ناحية زيدان لتراه غاضبا ابتسمت بعبث حين تذكرت زيدان تلك الأصوات، ظلت تقلب الكوب امامها مرة. تليها أخري وأخري إلى أن شعرت بالمعلقة تؤخذ من بين يديها في حركة خاطفة، ضيقت عينيها تنظر له حانقة، لترفع الكوب إلى فمها ترتشف منه بصوت عالي مزعج، لا تتوقف تريده أن ينفجر، نظر هو إليها يبتسم في هدوء يتمتم برتابة:.

- على فكرة حسام تف في الشاي بتاعك.

توسعت حدقتيها من الفزع تبصق ما في فمها القت الكوب من يدها ليقع أرضا يتحطم إلى قطع، نظرت له سريعا عرفت من ابتسامته المتشفية أنه كان يكذب، تحركت حانقة إلى قطع الزجاج تجمعهم نظرت له حانقة وهي تفعل لتجرح أحدي القطع الحادة إصبعها، اندفع إليها يمسك كف يدها ينظر لجرح أصبعها النازف، جذب يدها برفق لتتحرك معه تحت الماء وضع اصبعها للحظات قبل أن يخرج محرمة ورقية من جيبه يلفها حول اصبعها، تركها وتحرك ناحية المكنسة اليدوية يجمع بها قطع الزجاج يلقيها في السلة، التفت لها في تلك اللحظة يشير بيديه إلى محيط المنزل يغمغم في هدوء:.

- البيت بيتك طبعا، أنا هطلع اغير هدومي نروح لخالي
تحرك يريد الخروج من المطبخ لتلحق به تصيح باسمه وقف لتقف أمامه تنظر له مباشرة تسأله في حدة:
- وبعدين بعد ما البيت بيتي، هنفضل نتجاهل بعض، أنا وأنت والصمت، احنا اتجوزنا امبارح بسبب المشكلة اللي حصلت، لو أنا تقيلة اوي كدة على قلبك اتفضل طلقني دلوقتي.

كانت تريد أغضابه بكلامها لتعرف هل ذلك الوتين النابض لا يزال لا يعشق سواها، لتراه يقترب منها خطوة تليها أخري كانت تظنه قادما إليها ولكنها تخطاها ناحية باب المنزل فتحه على اتساعه يشير لها للخارج توسعت حدقتيها في ذهول، يهينها لن تبقي لحظة واحدة معه حتى لو دهست قلبها تحت كعب حذائها الغالي تحركت ناحية باب المنزل بخطي سريعة تريد أن تخرج منه لتسمع صوته يغلق بعنف والمفتاح يتحرك في القفل يوصد غلقه جيدا، شهقت بعنف ما يحدث في لحظات قليلة شعرت بظهرها يرتطم بالباب المغلق خلفها وهو مباشرة أمامها رأت نظرات عينيه تقتم بشراسة مخيفة، استند بذراعيه يحجزها عن الهرب لما تشعر بأنها في أحد أفلام الرعب القديمة، نظرت له في ذهول مما يفعل، هل جُن زيدان الآن ما به.

نظرت لوجهه لتراه يبتسم في هدوء تام لحظات قبل أن يخرج صوته يهمس بصوت مبحوح يملئه الشغف:
-...

قالها اييه، قالها اييييه يا حج إسماعيل رد يا حج اسماااعيل.

الفصل مئة وواحد وعشرون

هل جُن زيدان الآن ما به
نظرت لوجهه لتراه يبتسم في هدوء تام لحظات قبل أن يخرج صوته يهمس بصوت مبحوح يملئه الشغف:
- لسه عنيدة زي ما انتي يا حبة البندق.

توسعت عينيها في دهشة مما قال وقبل أن تنطق بحرف واحد كان يلحم ثورة مشاعره الهائجة، اصطدمت غيمات عشقه لترعد سماءه تصرخ بعشقه إلا محدود، وتنير ملقتيه ببرق الحب، التحمت ثورته مع حبات البندق يدمج عشقه بعشقها للحظات خارج حدود الزمان والمكان توقف العقل ونبض القلب وهدرت المشاعر تصرخ، اسند جبينه على جبينها يلهث من فيض عشق المتدفق يسري بين أوردته كأنه جرعة مخدر فاخرة يرغب في الحصول عليها بين لحظة واخري، رفعت مقلتيها المرتجفة من فيض مشاعره التي اغرقتها توا، تترعش أنفاسها في الخروج، لحظة اثنتين، ثلاثة قبل أن يتركها ويغادر إلى أعلي، وقفت تنظر له وهو يرحل في دهشة، ذلك الرجل جُن لم تكذب حين قالت أنه فعل، يقبلها قبل لحظات وكانت حياته اعتمدت على ذلك والآن يغادر في هدوء وكأن شيئا لم يكن، هي لا تفهم حقا ذلك الزيدان أعقد من دروس الفيزياء في الثانوية العامة، ارتسمت ابتسامة حالمة على شفتيها حين تذكرت ما حدث قبل قليل، لتعقد جبينها بعدها في غيظ تتمتم مع نفسها حانقة:.

- ايه قلة الأدب دي هو ازاي يبوسني، أنا هوريله قليل الأدب المنحرف.

وقفت في المطبخ في منزلها تشرف على تحضيرات الطعام كل شئ على اتم ما يرام، شردت عينيها فيما أخبرها به خالد بالأمس وكانت تظنه فقط يمزح لينا تزوجت من زيدان في قسم الشرطة!، لما لا يحدث شي بشكل طبيعي في هذا البيت لما جميع أمورهم معقدة تحتاج إلى عالم فضاء ليفهمها ويساعدهم في حلهم، تنهدت تغمض عينيها تحاول أن تهدئ تبقي القليل وسيصل الجميع وستفهم من ابنتها كل شئ، فتحت عينيها فجاءة حين شعرت بيده تلتف حولها ورأسه تسقط على كتفها من الخلف وصوت أنفاسه الهادئة، نبرته العابثة حين همس يشاكسها:.

- دا الجمال عدي الكلام تبوسيني وتاخدي كام
توسعت عينيها في دهشة مما قال الوقح لن يتغير، الخادمات حولها يضخكن خجلات مما يفعل وهي تقف تتمني أن تنشق الأرض وتبتعلها من ذلك الموقف المحرج الذي يضعها فيه، فكت أسر يديه تدفعه بعيدا تهمس له حانقة:
- قليل الادب ومش هتتغير.

تحركت لخارج المطبخ تركته يقف مكانه ضيق عينيه ينظر في أثرها ليبتسم في عبث، لاحظ في اللحظة التالية أنه يقف بين حشد من الخادمات حمحم بخشونة ينفض غبار وهمي عن تلابيب قميصه يتمتم في حزم:
- شوفوا شغلوا كويس
قالها ليسرع لخارج المطبخ لتضحك الخادمات في أثره كل منهن تدلي بدلوها على ما حدث توا أمامهم
- الباشا مش بيكبر ابداا
- الناس الاغنيا ما بتكبرش يا حبيبتي
- بس أنا عمري ما شوفت راجل بيحب مراته بالشكل دا.

- الست رحمة **** يرحمها كانت بتقول عن حبهم أشعار
- بس الشهادة *** ناس محترمين **** يخليهم لبعض
- صحيح الهانم الصغيرة فين ما ظهرتش النهاردة خالص
- أنا سمعت الباشا بيكلم الدكتور حسام بيقوله يروح يوديلها شناطها بيت زيدان تقريبا كدة رجعوا لبعض
- و**** زيدان باشا دا طيب وبيحبها اوي
في خارج غرفة المطبخ تحركت لينا ناحية غرفة الطعام، تنظر بتمعن أن كان من شئ ناقص، وقفت تعقد ذراعيها أمام صدرها تغمغم مع نفسها:.

- كدا كل حاجة جاهزة فاضل شوية صغيرين والكل يوصل...
ابتسمت ياساءة تحرك رأسها نفيا حين شعرت به من جديد خلفها يعانقها يضم ظهرها لصدره يغمغم حانقا:
- هل ينفع أن أنا كخالد باشا السويسي امشي ألف وراكي البيت كله يا قاسية القلب انتي
ضحكت رغما عنها لتلتفت له تصبح مقابلة لوجهه مدت يدها تقرص وجنته بغيظ تحادثه حانقا:
- يعني هو ينفع التحرش في المطبخ قدام البنات...

ابتسم في زهو وكأنها اخبرته بأنه فعل شيئا عظيما لاعب حاجبيه عبثا ليغمغم ضاحكا:
- ما اتحرش بيكي عادي، هو في احلي من التحرش الحلال
انهي كلامه بغمزة عابثة من طرف عينيه اليسري لتضحك هي من جديد، صدمته على صدره بخفة تتغمغم ضاحكة:
- مش هتتغير عدي سنين طويلة، لسه بتشوفني حلوة يا خالد.

ابتسم لتخرج من بين شفتيه تنهيدة حارة تحرك بها للخلف ناحية طاولة الطعام قطبت جبينها تنظر له في عجب مد يده لها لتسمك بها صعدت على سطح الطاولة تنظر له تبتسم تشعر في تلك اللحظات أن الزمن عاد للوراء أعوام واعوام يقف أمامها يبتسم كما رأته اول مرة، تنهد يهمس بخفوت خفيض عاشق:.

- من اكتر من 20 سنة كنتي قاعدة انتي ولينا الصغيرة هنا وهي بتاكل شوكولاتة ومبهدلة الدنيا وأنا ماسك الكاميرا وبصوركوا، كنت باصص في الصورة عين عليها والتانية عليكي، لينا مش محتاج عشان اشوفك بيها، أنا بشوفك بقلبي، بحسي بيكي في كل
ذرة في روحي، أنا مش بشوفك جميلة، أنا بشوفك أجمل نساء الارض.

ابتسمت وادمعت عينيها في الآن ذاته لازالت كلمات عشقه واشعار غزله كغيمة وردية تترفع بها لأعالي السحاب، تؤجرحها بنعومة على خفقات قلب عاشق مجنون يعشقها بل يذوب بها عشقها، هي وانفاسه سيان يموت أن ابتعدت عنه كما تموت السمكة أن اخرجوها من الماء، أحيانا كثيرة تتأكد من أنها تلك السمكة الصغيرة التي تسبح داخل محيط واسع، محيط من العشق لا نهاية له ولا بداية، رفعت ذراعيها تطوق بها عنقه تغرز رأسها في صدره لحظات خارج حدود الزمان تشعر به يعانقها كما يعانق المريض الحياة يرفض ابتعادها عنه، ابتعدها عنه يعني احتضان الموت له، رفعت رأسها عن صدره تبتسم له كفتاة صغيرة عرفت العشق توا، ليميل هو برأسه يغمغم عابثا:.

- ما قولتليش بردوا تبوسيني وتاخدي كام
كورت قبضتها تصدمه على صدره ليرفع حاجبيه في غضب أجاد تزييفه شمر عن ساعديه يغمغم متوعدا:
- أنتي قد الضربة دي يا بنت الجبالي...
نظرت له متوجسة من ردة فعله للحظات قبل أن تصرخ من الضحك حين تحركت يديه يدغدغها بلا توقف وهي تضحك بقوة تتوسله أن يتوقف، هو تضحك بقوة حتى أدمعت عينيها وهو يضحك علب ضحكاتها، لحظات طويلة قبل أن يسمعوا صوت يغمغم متوترا:
- بابا.

التفت خالد خلفه ليجد حسام ومعه عمر وتالا وسارة الجميع يقف عند باب الغرفة، ينظر حسام لأبيه مدهوشا، في حين تخفض سارة رأسها أرضا احمرت وجنتيها خجلا حين مر طيف عابر في رأسها أنها وحسام بدلا من خالد ولينا، نظرت تالا لعمر ترفع حاجبيها في وعيد قاسي كأنه تخبره انظر ماذا يفعل اخيك الذي يكبرك بأعوام يا منعدم الرومانسية...

نظر خالد لهم للحظات ابتسم في اصفرار قبل أن يعاود النظر للينا جذب المفرش اسفلها بحركة خاطفة يضعه على رأسها المكشوف بدون حجاب، قبل جبينها يهمس لها:
- اطلعي البسي حجابك
ابتسمت خجلة لينزلها من فوق سطح الطاولة تحركت تهرول للخارج دون أن تلقي عليهم نظرة واحدة في حين التفت خالد إليهم تحديدا لحسام وعمر الذي ينظران له في دهشة ليصيح فيهم محتدا:.

- جري ايه يا حيوان أنت وهو بتبصولي كدة ليه، وبعدين مش تعملوا حد يدخل كدة، كاتوا الأرف، الكلام دا مش ليكي طبعا يا تالا انتي وسارة
ضحكت تالا تضع يدها على فمها تخفي ضحكاتها في حين خرج خالد من الغرفة يدعوهم في الجلوس في غرفة الصالون إلى أن يأتي البقية، وقف حسام وحيدا رفع كف يصدمه في الآخر يتمتم مدهوشا:
- هو في ايييه، الراجل دا فيه صحة عني ليه كدة، يا بختك يا حج.

تحرك حسام خلفهم دخل إلى غرفة الصالون عمر يجلس جوار زوجته على أريكة صغيرة وابيه يجلس على مقعد هناك بالقرب منه أمام سارة فتجلس على اريكة بعيدة عنهم قليلا بمفردها ارتسمت ابتسامة عابثة على شفتيه تحرك ناحيتها يجلس جوارها في براءة شديدة، التفت عمر له في تلك اللحظة يرميه بنظرة حانقة يحادثه محتدا:
- قوم ياض من جنبها، إنت شايفنا بقرون.

ابتسم حسام في براءة ليضجع بظهره إلى ظهر المقعد وضع سارة فوق اخري يغمغم في ثقة:
- و**** أنا قاعد في ملك الحكومة، مش في ملكك
نظر عمر ناحية اخيه غاضبا يخبره أن يتصرف فما كان من خالد الا أن انفجر ضاحكا نظر لرغم يغمغم من بين ضحكاته:
- هو قاعد في ملك الحكومة فعلا هو ما بيكذبش
نظر حسام لأبيه يكاد يقبله للمرة الأولي التي يشعر فيها أن والده ينتصر له أمام أحد ما، ليوجه انظاره ناحية عمه لاعب حاجبيه يغمغم عابثا:.

- وبعدين يا عمي أنا قليل الادب، مش أنا قليل الادب بردوا زي ما قولت لسارة ما تركبش معايا العربية عشان أنا قليل الأدب.

نظر عمر ناحية ابنته متفاجاءا الحمقاء اخبرته بما نصحه بها عنه كيف تفعل ذلك، وجهت سارة انظارها لأسفل تفرك يديها في ارتباك، في تلك اللحظة التقط خالد هاتقه عبث فيه بضع لحظات قبل أن يضعه في جيبه وتصل رسالة لهاتف حسام، شعر بحركة هاتفه في جيبه ليلتقطه قطب جبينه حين رأي رسالة من أبيه فتحها ليجد فيها:
- قوم من جنبها ولم الدور بدل ما اقوم اديك بالجزمة قدام الناس.

نظر حسام ناحية والده مغتاظا قبل أن يحمحم في ترفع قام من مكانه يحادثهم مغترا:
- أنا هقوم اشوف الاكل جهز ولا لسه.

على صعيد آخر في سيارة زيدان يجلس هو خلف المقود وهي جواره منذ أن حدث ما حدث وانفلت زمام مشاعره من بين يديه وهو صامت أكثر من ذي قبل، حين نزلت من اعلي بعد أن بدلت ثيابها، وجدته ينتظرها في السيارة جلست جواره ترتدي فستان زهري اللون فوقه سترة بيضاء، القليل من مستحضرات تنهدت حانقة مع الصمت المسطير على الأجواء فتحت حقيبة يدها تخرج أحمر الشفاه منها، ومرآة صغيرة، بدأت تضع أحمر الشفاه لتشرد عينيها تفكر فيما سيحدث هل ستستمر الحياة بينها في ذلك الصمت القاتل، هل عزف عن حبها إن كان ذلك صحيحا ما سر ما فعله قبل لحظات لم تعد تفهم شيئا، جل ما تعرفه انهم بحاجة لأن يتوقف ذلك الصمت وإلي الأبد، اجفلت من شرودها حين رأت يده تمتد ناحيتها يمسك محرمة ورقية في يده يعطيها لها، قطبت جبينها في عجب، نظرت لوجهها لتتوسع عينيها في دهشة بالغت كثيرا في وضع أحمر الشفاه، اغلقته تعيده لحقيبتها ومعه المرآة لتسمعه يغمغم في رتابة:.

- امسحي اللي على بوقك زودتيه أوي
قلبت عينيها من نبرته التي حقا تفقدها صوابها، تنهدت تلتقط منه المحمرة دون كلمة شكر واحدة تمسح شفتيها، رأته يقف في منتصف الطريق أمام محل كبير لبيع الحلوي غاب بضع دقائق ليعود ومعه علبة شوكولاتة فاخرة كادت أن تأخذها من بين يديه حين ابعدها عنها رفع حاجبيه الأيسر يغمغم في سماجة:
- دي مش بتاعتك، احنا رايحين زيارة طبيعي ناخد معانا هدية واحنا راجعين ابقي اجيبلك.

زفرت حانقة تضيق عينيها مغتاظة الوقح يحرجها بكلامه، وماذا سيضر أن اخذت قطعة واحدة من العلبة، دقائق أخري وهي تنظر للعبلة الموضوعة على الأريكة الخلفية نظرة الصياد المتربص بفريسته، وقف زيدان في محطة بنزين نزل من السيارة غاب لدقائق عدة، بسبب مشكلة في احدي أسطوانات البنزين في المحطة حين عاد رآها تمسح شفتيها بمحرمة قطب جبينه ينظر لها في شك، نظر ناحية العلبة ليجدها كما هي في مكانها، ابتسمت لينا ساخرة تشيح برأسها بعيدا عنه، اكملوا الطريق وصلت السيارة إلى حديقة منزل والدها نزلت هي اولا لينزل بعدها مال يأخذ علبة الحلوي ليقطب جبينه متعجبا العلبة كانت أثقل من ذلك ربما هو فقط يتوهم، اسرع في خطواته يلحق إلى أن صار جوارها عند باب المنزل لف ذراعه الآخر حول خصرها نظرت له متفاجئة في اللحظة التي فتح فيها حسام الباب، نظر لهم يبتسم في سعادة، بعد سلام حار دخلا معا ليسلم زيدان العلبة لحسام الذي فتحها بدوره، لحق بهم لغرفة الجلوس يمسك في يده العلبة قبض على مجموعة من الأوراق الصغيرة الفارغة في يده يحادث زيدان ساخرا:.

- ايه يا عم زيدان أنت جايب نص العلبة شوكولاتة والنص ااتاني
عض على شفتيه في غيظ ينظر للينا التي اشاحت برأسها بعيدا تنظر للثريا في السقف وكأنها تراها للمرة الأولي عادت ينظر لحسام ابتسم يغمغم في غيظ:
- في عرسة دخلت العربية لما كنت في البنزينة، كويس أني ما اتأخرتش أنا غبت عشر دقايق كلت نص العلبة لو كنت غبت دقيقتين كمان كانت كلتها بالعلبة.

رفعت كف يدها تحركه أمام وجهها بإيباء عله يجلب لها بعض الهواء في ذلك الجو الخانق هو بالطبع لا يتحدث عنها إطلاقا، هي لم تفعل شيئا، تحركت لينا تجلس جوار سارة، ليأتي حسام يجلس جوارها فباتت لينا في المنتصف بينه وبين سارة، مال حسام على إذن لينا يهمس لها عابثا:
- ازيك يا عرسة عاملة ايه
ضيقيت عينيها تشد على أسنانها بغيظ لتمد يدها تقرصه من ذراعه بعنف ليتأوه الأخير من الألم يهمس حانقا:.

- دي مخالب مش صوابع يخربيتك يا جعفر، **** يكون في عونه زيدان عايش مع جعفر في البيت
ابتسمت في وعيد لتتجه برأسها ناحية سارة ابتسمت من جديد تردف ببراءة:
- سوسو عارفة حسام لما كنا مسافرين عند أهل زيدان عمل ايه
توسعت عيني حسام في فزع لينتفض سريعا يكمم فمها بيده يهمس جوار اذنها في شر:
- قسما ب**** اقتلك، هحطلك سم في الاكل تموتي زي العرسة
عاد ينظر لسارة ضحك يغمغم في توتر:.

- هي قصدها اني وقعت من على الحصان، فظيعة لينا فضيحة، أنا هاخد اختي حبيبتي عشان وحشتني وهجيلك على طول
قام حسام يكمم فم لينا يجذبها لخارج الغرفة لينظر زيدان لخالد يحادثه مرتابا:
- تفتكر هيقتلها
ضحك الأخير ساخرا يحرك يديه بلا مبلاة:
- يلا يا عم خلينا نخلص.

قام زيدان من مكانه سريعا خرج من الغرفة يبحث عنهما ليجد حسام يطرح لينا أرضا على وشك أن يخنقها بوسادة الاريكة كاد أن يلحق بها ولكنه تجمد مكانه حين ضربت لينا حسام بساقها في بطنه بعنف ليسقط هو أرضا وتلتقط هي الوسادة ابتسمت في شر تحادثه بدراما مخيفة:
- يا اختي عليها ويا اختي علييها، يا اختتتي عليهااا، جت رجليها ما جت رجليها، جت رجليهااا.

توسعت عيني حسام في هلع يزحف بظهره للخلف، في حين يقف زيدان بعيدا يراقب يضع يده على فمه ليكتم صوت ضحكاته، لينا حقا تحسنت كثيرا عن ذي قبل، وذلك الأمر يسعده للغاية، خرج خالد من غرفة الصالون لتقع عينيه على ذلك المشهد توسعت حدقتيه يصيح فيهم:
- يا ولاد الكلب يا مجانين قوم يا حمار وأنتي يا ريا، روحي شوفي ماما فين عشان الغدا.

بعد قليل كان الجميع يلتف حول طاولة الطعام الرجال في ناحية والنساء في الأخري وخالد يترأس الطاولة، تحرك عمر برأسه ناحية خالد يسأله:
- صحيح اومال حمزة فين مختفي بقاله مدة
ضحك خالد ساخرا يحرك رأسه يغمغم في تهكم:
- العالم يحترق وأخوك حمزة لا يبالي، حمزة خد بدور والعيال وسافروا المالديف يصيفوا، وساب أدهم هنا يتسحل في الشغل لوحده.

حرك عمر رأسه هو الآخر حمزة هو حمزة يعش في عالمه الخاص يفعل ما يحلو له حتى لو اضطر أن يعكس التيار ليسير وفق إرادته هو، لينا الشريف تجلس جوار ابنتها تبتسم سعيدة راضية أخيرا جرت الأمور لصالحها هي وزيدان عادا من جديد ليبدآ حياة سعيدة خاصة بهما بعد فراق طووويل حقا طويل مزعج قاسي، درس لن ينسوه ابداا، نقلت لينا انظارها من ابنتها إلى زيدان رأته كيف يختلس النظرات ناحية لينا، طفلها العاشق لا يختلف كثيرا عن خالد اختفت ابتسامتها شيئا فشئ، حين تذكرت أمر لوجين، هل تري سامحها ولم يخبرها حتى لا يؤذي مشاعرها أم لم يسامحها، لا تعرف ولا رغبة في أن تعرف، نظرت ناحية حسام لتراه ينظر صوب سارة مباشرة عينيه تلمعان بشغف، الفتاة تكاد تنصهر خجلا منه، توجهت انظارها ناحية عمر تسأله:.

- صحيح يا عمر، ما عرفناش ردك موافق أنهم يتجوزوا في الاجازة ولا ايه
نظر عمر لتالا الجالسة جوار ابنتها لتحرك رأسها بالإيجاب تبتسم له عاد ينظر ناحية لينا وأخيه تنهد يغمغم على مضض:
- موافق وامري ***
هب حسام كمن لدغه عقرب حين نطق عمر تلك الكلمات اندفع ناحيتها يعانقه بالمقعد يصيح فرحا:
- يا حبيبي يا عمي روح يا رب تبقي ظابط
ضحك جميع الجالسين عليه ليتحرك زيدان يجذبه من مكانه يعيده إلى مقعده يحادثه ساخرا:.

- اقعد يا اهبل فضحتنا
جلس حسام مكانه يتنهد بحرارة ينظر لسارة نظرات عاشقة ولهة سعيدة على وشك أن يطلق زغرودة عالية من شدة سعادته ولكنه لا يعرف كيف يفعل ذلك، ابتسمت الجميع سعيدا، وجهت لينا انظارها ناحية عمر من جديد تردف في هدوء:.

- بما أننا قطعنا نص المسافة حسام عنده شقة كبيرة باسمه وقريب هتبقي جاهزة، ولو حابب يكتبها باسم سارة عشان تبقي مطمن اكتر، بس أنا لو ينفع يعني عايزة حسام وسارة يعيشوا معانا هنا في الفيلا، صدقني هيكون ليهم خصوصتيهم و
قاطعها عمر قبل أن تكمل ما تقول ليردف في ثبات هادئ:
- ما تبرريش يا لينا، أنا واثق من كل دا، وأنا يا ستي ما عنديش مانع يشوفوا هما حابيين يقعدوا فين، موافقة يا سارة.

ابتسمت سارة في سعادة هي حقا تحب زوجة عمها كثيرا، ابتسمت تحرك رأسها بالإيجاب لتتوسع ابتسامة لينا قامت تعانق سارة سعيدة بينما جلس خالد ينظر لها مبتسما في امتنان...
تلك اللحظات الصامت السعيدة قاطعها صوت صرخات قوية قادمة من ناحية المطبخ اندفع الجميع يركض للمطبخ ليروا أحدي الخادمات تصرخ من الألم تمسك ببطنها المنتفخ تلد بمنتهي البساطة اندفعت لينا ناحيتها تصيح فيها قلقة:.

- مش أنا قولتلك يا ورد تاخدي اجازة لحد ما تولدي، وهبعتلك مرتبك كامل...
اندفع حسام ناحيتها يصيح فيهم أن يخلو الطاولة الكبيرة في المطبخ حملها يضعها عليها، نظر للجميع يصيح فيهم:
- اطلعوا برة، زيدان بسرعة هات شنطتي على الكنبة برة.

اندفع زيدان يركض جلب حقيبة حسام ليخرجهم الأخير جميعا من المطبخ عادا لينا شقيقته التي أصرت أن تبقي لتساعده، وقفوا جميعا للخارج تدوي صرخات الفتاة من داخل المطبخ اقتربت لينا تشعر بالندم على حال تلك المسكينة لتحادثه بنبرة خافتة باكية نادمة:
- و**** يا خالد ما كنت أعرف انها هتولد أنا بقالي فترة بتحايل عليها تاخد اجازة وهبعتلها المرتب وهي بترفض.

ابتسم لها مترفقا يربت على رأسها برفق، دقائق طويلة إلى أن سمعوا صوت بكاء الرضيع يصدح من داخل الغرفة، خرجت لينا بعد لحظات تحمل في يدها *** صغير يلتف في قماش أبيض اللون، *** كالملائكة، خرج حسام بعدها يلهث بعنف جبينه متعرق، ملابسه ملطخة بالدماء، نظر لهم يغمغم متعبا:
- أنا الشغلانة دي هتجيب اجلي و****، هي كويسة انقلوها بس لاوضة تانية نضيفة وحد ينضف المطبخ.

وقد كان ما قال نقلوا الفتاة لاحدي الغرف وضعت لينا الرضيع بين أحضانها، اقتربت منها جلست جوارها تمسح بمحرمة ورقية حبيبات العرق التي تغطي وجهها فتحت الفتاة عينيها بوهن تهمس بصوت مبحوح متعب:
- أنا آسفة على اللي حصل
تنهدت لينا تحاول الابتسام مدت يدها تربت على يد الفتاة تعاتبها برفق:
- ليه يا ورد، أنا قولتلك يا بنتي اقعدي وهبعتلك مرتبك الحمد *** أن حسام كان هنا.

ادمعت عيني الفتاة انهمرت الدموع بعد لحظات تغطي وجهها تهمس بصوت مرتجف باكي:
- أمي كان بتشتغل خدامة عند ناس وجت فترة تعبت قالولها اقعدي وهنبعتلك مرتبك، لما قعدت ما بعتولهاش حاجة، راحت تشوف لقيتهم جابوا شغالة غيرها وطردوها، أنا خفت يحصلي زيها، أنا جوزي على قد حاله مش هيقدر على مصاريف الولادة لوحده.

أدمعت عيني لينا لتقترب منها تعانقها بحنو تمسح على رأسها برفق ابعدتها عنها تسمح دموع عينيها تحادثها مبتسمة:
- صوابعك مش زي بعضها يا ورد، خالد هيوصلك لحد البيت ولو شوفت وشك لحد ما تبقي كويسة هعلقك على باب الجنينة
ضحكت الفتاة خجلة تمسح دموعها، لتبتعد لينا عنها خلعت قلادة من الذهب تحاوط عنقها يتوسطها علامة النبض وضعتها حول عنق الصغير تردف مبتسمة:
- لسه جيالي هدية امبارح، واهي طلعت من نصيب ورد الصغيرة...

ابتسمت ورد للينا في امتنان، ساعدتها لينا لتجلس في سيارة خالد اعطتها حقيبتها تضعها جوارها، في حين قاد خالد السيارة يوصلها لمنزلها، في الطريق دق هاتف ورد من حقيبتها فتحتها لتخرج الهاتف لتتسع عينيها في ذهول حين وجدت مبلغ كبير من المال جوار الهاتف نظرت لخالد في دهشة تتمتم سريعا:
- يا باشا في فلوس في الشنطة مش بتاعتي يمكن بتاعت الهانم وقعت منها
ابتسم خالد ساخرا يحرك رأسه نفيا يغمغم في غموض:.

- يا ستي رزقك، ما حدش يقول للرزق لاء، اعتبريها نقطة المولود الجديد.

ها قد اسدل الليل استاره الجميع يتوجه لحفلة أحمد الصغير في منزل عز الدين والد سهيلة تحرك حسام بصحبة سارة وعمر وتالا، وقف زيدان بالأسفل ينتظر لينا التي اصطرت أن تبدل ثيابها بفستان يليق بالحفل، نزلت لينا زوجة خالد أولا ليبتسم زيدان باتساع ما أن رآها اقترب منها يقبل يدها ورأسها يحادثها بفرحة *** صغير:
- وحشتيني اوي ما عرفتش اتكلم معاكي النهاردة خالص...

ابتسمت لينا تربت على خده برفق، أمسكت كف يده تحادثه مبتسمة:
- وأنت كمان يا حبيبي وحشتني، خلي بالك من لينا يا زيدان، خالد رمي طوبتكوا خلاص، لو اتخانقتوا تاني هيضربكوا بالنار
ابتسم زيدان يحرك رأسه بالإيجاب ينظر حوله هنا وهناك يعاد ينظر للينا قطب جبنيه يسألها متعجبا:
- اومال خالي فين مش شايفه يعني
رفعت الأخيرة كتفيها كأنها تخبره أنها لا تعلم زفرت تتمتم حانقة:.

- خالك اختفي، من ساعة ما راح يوصل ورد وهو ما بيردش عليا، بقاله 3 ساعات برة.

لاعب زيدان حاجبيه عبثا كاد أن يقول شيئا ليضايق والدته كما يفعل دائما، الا أن توقفت عند شفتيه تجمدت ابتسامته ثبتت حدقتيه تسارعت أنفاسه ضرب قلبه انذار الحرب، حين رآها تنزل من اعلي درجات السلم، فستان أسود لامع كالحرير ينساب على جسدها، ذراعيه من الدانتيل الأسود الذي يخفي ذراعيها أسفله، شعرها يلتف كحلقة تنزل من بعض خصلات تلامس وجهها في حين هو لا يفعل، عينيها لم تكن تحتاج لذلك الكحل ليحدد جمالها فهي الأساس تسقطه صريعا من نظرة واحدة، ابتلع لعابه الجاف كالصحراء، يشعر بدمائه تتدفق بعنف بين خلاياه، لاحظت لينا الواقفة أمامه حالته التفتت برأسها تنظر خلفها لتبتسم حين رأت ابنتها وما اسعدها حقا نظرات زيدان التي تصرخ بعشقه لها، اقتربت لينا منهم تهمس بصوت رقيق ناعم:.

- أنا خلصت هو بابا لسه ما جاش
زمت لينا شفتيها تحرك رأسها بالنفي، امسكت يد لينا تدفعها برفق ناحية زيدان تحادثهم مبتسمة:
- روحوا انتوا وأنا هحصلكوا مع خالد، يلا يا لينا زمان سهيلة مستنياكي من بدري.

حركت الاخيرة رأسها بالإيجاب نظرت ناحية زيدان تبتسم في رقة ليبادلها بابتسامة صغيرة مد يده يمسك بكف يدها، توجه معها إلى سيارته لتقطب جبينها في عجب المسافة قصيرة للغاية لا تحتاج لسيارة، زادت دهشتها حين رأته يتحرك بسيارته بعيدا عن منزل والدها ومنزل سهيلة ينطلق بسرعة عالية إلى حيث هو فقط يعلم!

عودة للينا التي تقف في منتصف الصالة في منزلهم تحاول أن تحادث خالد، هاتفه مغلق بشكل آثار قلقها، ايقنت لينا أن هناك شيئا سئ تشعر به سيحدث، لم تمر أكثر من دقيقة وسمعت صوت الباب يُفتح نظرت له سريعا بلهفة لتجد خالد يدخل من الباب تستند على ذراعها أصابع سيدة عجوز هرمة، أصابع تعرفها لينا جيدا، مر الوقت كالدهر قبل أن تدخل زينب تتكا بيسراها على ذراع خالد أما اليمني فتمسك فيها عصا طبية تستند عليها، تنهدت لينا تنظر لخالد في دهشة حماتها العزيزة هنا يبدو أن الأيام القادمة لن تمر مرور الكرام.

وقفت سيارة الاجري الكبيرة تلك السيارات التي يطلق عليها اسم ( الميكروباص ) على بداية شارعهم نزل يحمل عدة حقائب سوداء في يده إلى داخل الشارع يتحرك لمح من بعيد ضوء محل جدته مضاء من في المحل؟!، سؤال تردد داخل رأسه اسرع في خطاه إلى داخل المحل ليجد منيرة جدته تعطي أحد الزبائن زجاجة زيت وتأخذ منه النقود ابتهجت ما أن رأته لتهرع إليه تسأله متلهفة:
- طمني عملت ايه اتقبلت.

ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب لتتوسع ابتسامتها رفعت يدها أمام فمها تطلق زغرودة عالية، اوقفها مراد سريعا يغمغم في نزق:
- بس يا منيرة الناس تقول علينا ايه
اشاحت منيرة يدها بلامبلاة تغمغم في سعادة:
- يا اخويا اللي يقول، يقول أهم حاجة أنت الحمد ***...
ابتسم مراد في رضا لم يعرفه قلبه منذ سنين تنهد براحة يغمغم سعيدا:.

- الحمد *** يا منيرة، الراجل صاحب الشركة دا شكله راجل طيب عارفة أنا شوفت شباب من هنا في الحتة بيشتغلوا في شركته االي عامل نظافة واللي ساعي واللي بتاع بوفية، واللي على مكتب، كل واحد وشهادته، دول صرفولي ألف جنية وقالولي هنخصهم من المكافاءة السنوية، فقولت اجيب شوية فاكهة وأنا جاي
ابتسمت منيرة في سعادة، اقتربت منه تحادثه بصوت خفيض ماكر:.

- طب وروحية ما جبتلهاش معاك حاجة تفرحها كدة بمناسبة أنك اتقبلت في الشغل
ابتسم مراد في حرج رفع يده يعبث في شعره جدته تتفتت في إحراجه دائما حمحم في ارتباك لتضحك منيرة بخفة تصدمه على صدره:
- يبقي جبت يا موكوس، أنا هطلع، اقول لروحية تاخد العشا وتسبقك على شقتكوا، ياكش تنحرر إنت بس شوية، وهات الفاكهة دي
التقطت منيرة منه الحقائب تصعد لأعلي ليضحك في اثرها يأسا جدته لن تتغير ابداا..

بدأ يلملم شتات المحل يدخل علب المقرمشات الموضوعة خارجا ليجذب الباب يغلق المحل يوصده بالقفل، اخذ طريقه حيث شقته بالأعلي، فتح باب الشقة بمفتاحه الخاص دخل ليجد صينية الطعام موضوعة على الطاولة في الصالة أين روحية بحث عنها بعينيه ليراها تخرج من غرفة نومها، ابتسمت خجلة ما أن راته اخفضت رأسها تتمتم بصوت خفيض خجول:
- حمد *** على السلامة، الحجة منيرة قالتلي أنك اتقبلت في الشغل، مبروك.

جدته ولسانه الذي لا يصمت لما لم تدع له الفرصة ليخبرها بتلك المفاجاءة تنهد حانقا ليقترب بخطواته منها وقفت بالقرب منها يفصلهم خطوة واحدة مد يده يرفع وجهها لاعلي ينظر لمقلتيها الناعسة صاحبة اللمعة الحزينة ابتسم يغمغم في خفوت حاني:
- **** يبارك فيكي، أنا جبتلك حاجة بسيطة **** تعجبك.

مد يده في جيب سرواله يخرج ( دبلة ) من الذهب الزائف ذلك الذهب اللامع الذي يطلقون عليه الذهب ( الصيني )، امسك يدها اليسري يلبسها الدبلة برفق يحادثها متوترا:
- هي مش دهب اصلي، بس بإذن **** مع اقرب مرتب هجبلك واحدة أصلي
أدمعت عينيها تنظر للخاتم لتلاحظ أنه يلبس شبيه له في يسراه هو الآخر من الفضة الرخيصة أيضا، رفعت عينيها له تهمس بصوت مبحوح باكي:
- شكرا، بجد شكرا، على كل حاجة عملتها ليا.

مد يده يمسح دموعها التي غطت وجهها انطفأت نظراته يهمس بخزي حزين:
- أنا ما عملتش حاجة يا روحية أنا بس بحاول اعوضك، عن الاذي اللي كنتي هتشوفيه بسببي، تعرفي أنا سعيد اووي اني شوفتك، وسعيد اكتر، اني ما عرفتش ااذيكي، سامحيني يا روحية، و**** أنا كنت بني آدم وحش أوي، بس اتعلمت وفوقت وبدعي **** أنه يسامحني في كل وقت، عايزك انتي كمان تسامحيني، ممكن تسامحيني يا روحية.

انهمرت دموعها بعنف ظلت تنظر له للحظات طويلة قبل أن تحرك رأسها بالإيجاب ابتهجت قسمات وجهه ليتقدم إليها يعانقها بقوة يغرزها بين اضلاعه، يعيدها إلى حيث خرجت منه قديما وعادت إليه الآن، ابعدها عنه قليلا يقبل قمة رأسها قبل أن يهمس في مرح عابث:
- ممكن معلش نجيب حفيد لمنيرة عشان هي فضحانئ في الحتة
ضحكت روحية في خجل لتدفعه في صدره بعيدا عنها هرولت بعيدا عنه ناحية غرفتها ليلحق بها يغمغم سريعا:.

- استني بس يا روحية هفهمك يا بنتي، منيرة هتديني بالشبشب ودي ما بترحمش
هرولت روحية إلى غرفتها ليلحق بها مراد انغلق الباب عليهم وهم فئ الداخل وبقيت صينية العشاء وحيدة في صالة المنزل!

وقفت سيارة زيدان في منطقة المقابر، مقابر العائلة تعرفها بالطبع، التفتت له تقطب جبنيها في عجب كادت أن تسأله ماذا يفعلان هنا حين فتح باب السيارة المجاور له نزل يلتف حول السيارة فتح بابها امسك يدها ينزلها للخارج، التفتت لها قبل أن تنطق بحرف يغمغم في هدوء:
- امشي معايا ما تخافيش.

ابتسمت في ارتعاش تحرك رأسها بالإيجاب هي لم تكن خائفة من الأساس من قال أنها خائفة هل لأنهم في المقابر ليلا ستخاف، إطلاقا هي مرتعدة فقط، تحركت تقبض على يد زيدان، تمشي خلفه تحسبا أن ظهر شبح يظهر له هو أولا، ظلت تسير خلف زيدان إلى أن وصلوا أمام أحد القبور رأت من خلال اعمدة الإنارة اسم زيدان الحديدي، قبر والده اذا، ترك زيدان يدها اقترب من قبر ابيه جلس على ركبتيه أمامه يحادثه:.

- مساء الخير يا بابا، فاكر لما قولتلك أن أنا عمري ما هرجع للينا تاني، بعد اللي عملته، بعد ما اتجوزت غيري، أنها خلاص كدة خرجت برة حياتي، هدوس على قلبي لو فكر يحن ليها تاني، أنا كنت كداب، أنا بحبها اوووي، لما بشوفها بحس اني بشوفها لأول مرة، نفس دقات القلب، اللي بتنفجر مع كل نظرة ليها، عارف كمان جوازها طلع باطل آه و**** ما خليتوش يلمسها، لسه مراتي أنا، أنا اتجوزتها تاني امبارح، أنا بحبها اوووي.

انهمرت دموعها لم تكن تدري انها تبكي الا الآن اقتربت منه تضع يدها على كتفه تنظر له تبتسم تمتزج ابتسامتها بالدموع نظرت ناحية قبر ابيه حمحمت تجلي غصتها المختنقة:.

- ازيك يا عمي، بابا دايما بيتكلم عنك بكل حاجة حلوة، دايما بيقولي يا بخته شهيد في الجنة، على فكرة أنا بحب ابنك أوي، بس كنت مشتته، مش عارفة أفكر مش عارفة اعمل ايه، كنت محتاجه بس هو مشي وسابني افتكرني ما بحبوش وأنا كنت مجروحة منه اووي، ما تقلقش عليه يا عمي، أنا هفضل معاه دايما...

وقف زيدان ينفض التراب عن ملابسه وقف يقرأ لأبيه الفاتحة لتفعل مثله نظر ناحية قبر أبيه للمرة الأخيرة يؤدي له التحية قبل أن يخرج من المقابر يجذب لينا معه اجلسها في سيارته، يدهس الدعاسات تحت قدميه بعنف لتنطلق السيارة بهما تشق غبار الطريق إلى منزله التفتت له تسأله مدهوشة:
- احنا رايحين فين
ارتسمت ابتسامة واسعة خبيثة على شفتيه يتمتم في عبث:
- البيت
توسعت حدقتيها تهمس له في دهشة:
- طب والحفلة.

اجابها بانفعال هو يركز انظاره على الطريق:
- في داهية الحفلة
رمشت بعينيها من جديد لتبتسم ابتسامة صغيرة تتمتم برقة:
- زمزوم
ضحك هو بقتامة ضحكة صغيرة عابثة، قبل أن يلتف برأسه يلاعبه حاجبيه عابثا يغمغم في شغف:
- زمزوم مين والناس نايمين!

العيلة دي مثال للأخلاق والأدب.

الفصل مئة واثنان وعشرون

في تلك الحديقة الواسعة الشبه مضاءة بأعمدة المارة تراصت بشكل متناغم مع الحديقة لتكن جزءً لا يتجزأ منها، هناك تقف وحيدة سيارة سوداء فارغة من الحياة، سيارة كانت تملئها الضحكات قبل دقائق فقط أما الآن هي والصمت فقط، من داخل المنزل القريب يعلو صوت موسيقي هادئة حالمة تتراقص الخطوات تلتف القلوب تتلاحم المشاعر، اضاءة خافتة موسيقي هادئة خطوات لا يسمع لها صدي وكأنها رفرفة الفراشة بين أحضان حبيبها تتمايل على أنغام الموسيقي، تستند برأسها على صدره وهو يطوقها بذراعيه، لحظات من السعادة هي حق لهم بعد طول عذاب، فراق، ألم، جاءت السعادة تلفهم بشباكها الناعمة، ترفرف بهم بين غيمات السحاب...

خرجت تنهيدة حارة قوية من بين شفتي زيدان يشدد على احتضان سعادته الماكثة بين ذراعيه يشعر بدقات قلبه تتقافز من الفرح، شعور لذيذ يدغدغ كيانه بالكامل، تحبه وهو يحبها وبعد طول صراع اخيرا عاد طيره الشارع ليحط على عش قلبه الملتاع شوقا إليه، امسك بذراعيها يبعدها عنه قليلا فقط القليل يوجه انظاره لمقلتيها ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيه تنهد يهمس ملتاعا:
- اخيرا!

بادلت ابتسامته بأخري واسعة رفعت يديها تحيط بها عنقه تنظر له في سعادة اشرقت مقلتيها حركت رأسها بالإيجاب تهمس بنبرة رقيقة غير مصطنعة:
- كنت محتاجة دا يا زيدان، كنت محتاجة لما نرجع ابقي رجعالك بكامل إرادتي، من غير خوف من غير حيرة، أنا عارفة أنك زعلان مني بسبب اللي اسمه معاذ او نائل، بس صدقني أنا عمري ما حبيته، أنا يوم ما قلبي دق كان ليك، ولما اتجرح منك بسبب الشيطان دا كان جرحه صعب اووي...

اختفت الإبتسامة من فوق ثغره شيئا فشئ الا أن باتت نبتة صغيرة حزينة تنمو فوق ثغره، نظر لمقلتيها للحظات قبل أن يجذبها من جديد يطحن عظامها داخل صدره تأوه يتمتم بحرقة:
- حاسس بنار في قلبي كل ما بفتكر أنك انجوزتيه يا لينا...
شعرت بحرقة قلبه تنبعث من بين خلجاته، لتشدد هي الاخري على عناقه، أغمضت مقلتيها بعنف تهمس بصوت خفيض متألم حزين:.

- احنا الاتنين اتلعب بينا يا زيدان، نفس حرقة قلبك دي أنا كنت بحس بيها وأنا بيجيلي كل يوم صور ليك أنت وانجليكا، لما سافرت مع حسام، جاتلي بعدها صورة ليكوا وهي مرمية في حضنك، كنت هتجنن من الوجع، ليه تاخدها معاك وأنت مسافر، سمعتك وأنت بتقولها أنك بتحبها، نفس حرقة قلبك كنت أنا بس بيها يا زيدان، زيدان.

همست باسمه في آخر جملة لها ليبعدها عنه ينظر لمقلتيها دون كلام، رفعت يدها تبسطها على وجهه تهمس له بصوت خفيض:
- أنا بحبك، بحبك أوي، ممكن ننسي اللي فات كله، حتى ما نتكلمش عنه ولا نفكر فيه
تنهد في هدوء يبتسم يحرك رأسه لها بالإيجاب توسعت ابتسامتها ارتمت بين أحضانه من جديد يشدد على عناقها يزرعها في صدره بقوة، يتمتم بحزم يخبر نفسه قبلها:.

- هننساه هنقفله، مش هنتكلم عنه تاني أبدا، هنبدأ صفحة جديدة من حياتنا مع بعض من النهاردة
حركت رأسها تؤيد ما يقول بين أحضانه، رفعت وجهها له تتمتم بابتسامة رقيقة ناعمة:
- أنا عايزة فرح يا زيدان، عايزة فرح كبير اوي، عايزة احس اني عروسة بجد...
ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب نظر لمقلتيها يتمتم بوله:
- تؤمري يا بندقة زيدان
ضحكت بخفة تنسل من بين ذراعيه تحركت بدلال حركات رشيقة ناحية باب الغرفة تتمتم مبتسمة في براءة:.

- طيب لحد ما نعمل فرح، هنعتبر نفسنا لسه بنتعرف على بعض، يعني احنا لحد دلوقتي لسه مخطوبين، فما ينفعش تلمسني تصبح على خير يا زيزو
توسعت مقلتيه في دهشة مما تقول تلك الماكرة التي تقف أمامه، في لحظة رآها تسرع الخطي لخارج غرفته هرول خلفها يحاول اللحاق بها يتمتم سريعا مذهولا:
- لينا انتي رايحة فين، خدي هنا، يعني ايه مخطوبين، دا أنا كاتب عليكي في القسم جواز ميري...

ضحكت هي عاليا قبل أن تفر إلى غرفتها توصد الباب عليها من الداخل بالمفتاح لتسمع صوت دقاته على باب الغرفة من الخارج يتمتم حانقا:
- لينا افتحي الباب وبطلي هزارك الرخم دا
سمع صوت ضحكاتها العالية تصدح من خلف الباب المغلق قبل أن يسمعها تهمس في دلال:
- روح نام يا زيزو.

قطب ما بين حاجبيه في غيظ، تلك الفتاة لن تتغير ابدا، ارتسمت ابتسامة خبيثة على شفتيه ينظر للفراغ يفكر بمكر، عاد ينظر لباب الغرفة المغلق تهدلت نبرته يهمس في هدوء حاني:
- ماشي يا لينا، تصبحي على خير
في داخل الغرفة التفت حول نفسها عدة مرات تبتسم سعيدة قلبها يتراقص من الفرح، وقفت تنظر لانعاكسها في المرآة، لم تشعر يوما بأنها سعيدة مشرقة بذلك القدر الآن، اكتمل فراغ روحها، رُمم الصدع.

الكبير التي احدثته الحياة بين جنبات قلبها الحزين او الذي كان يوما حزين، خلعت قرطيها وقلادتها، قطبت جبينها حين سمعت صوت كلب ينبح، اقتربت تتجه من مصدر الصوت القادم من شرفة الغرفة خرجت إلى الشرفة لتري ذلك الجرو الصغير الذي أحضرته معها من الواحة كبر عن ذي قبل، نظرت له ابتسمت وادمعت عينيها، تحركت ناحية باب الغرفة تفتح لتشخص عينيها ذهول حين رأت زيدان يقف أمامها مباشرة يبتسم في براءة ماكرة يتمتم في هدوء:.

- ايه رايك في المفاجأة دي
اقتربت منه تعانقه بقوة ابتسمت تشكره ممتنة:
شكرا بجد شكرا أنك دايما بتفتكر اصغر التفاصيل اللي بتفرحني
ابتسم سعيدا يكاد يقسم أنه اليوم عرف فعلا ما هي السعادة، دفن وجهه بين طيات شعرها الذي حلته من وثاقه، يتمتم ببحة خافتة عاشقة:
- أنا عمري ما انسي حاجة انتي بتحبيها ابدا يا لوليا القلب، وأم ياسين ووتين.

ضحكت برقة خافتة، قبل أن يحملها بين ذراعيه كالعروس يلتف بها حول نفسه لتتعالي ضحكاته تمتزج بخاصتها، يلتف القلب يعانق شطره الغائب، التفت ذراعيها حول عنقه تصرخ فيه ضاحكة بأن يتوقف، وقد توقف هو والزمن وصمتت الألسنة ورفعت رايات العشق وحان وقت بأن نقول عن اذا طلع الصباح فسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.

حفلة الصغير في منزل عز الدين كانت حقا رائعة المكان مزين بشكل جميل، سهيلة تجلس على احد المقاعد تحمل أحمد بين أحضانها كوردة صغيرة تحتضن بتلة اصغر، الحفلة بأكملها لا تهمها فقط ذلك الصغير بين أحضانها هو لها الدنيا وما فيها، لن يفهم احد ابدا شعور خوفها من فقدان طفلها الصغير، ولكن يكفي أنها تفهم، كانت ترفع رأسها بين حين وآخر تنظر إلى ارجاء الحفلة تبحث عن صديقتها، المكان مزدحم بأناس لا تعرف معظمهم، اقترب جاسر منهم يجلس على المقعد المجاور لها يغمغم مبتسما في مرح:.

- ايه يا سهيلة بتدوري على مين كدة
نظرت سهيلة ناحيته تبتسم قبل أن تردف في توتر:
- على لينا مش شيفاها خالص هي جت ولا لسه
ابتسم جاسر ساخرا يحرك رأسه بالنفي اقترب برأسه منها يغمغم في مكر:
- لا، بقالي شويتين بحاول اكلمهم أنا وحسام، في الآخر زيدان رد على حسام وقاله ما حدش يتصل بيا أنا عريس.

انهي كلامه بضحكة عالية لتتوسع عيني سهيلة في دهشة ممتزجة بفرحة، لينا وزيدان تصالحا أخيرا، كانت تظن أن طفلها سيدخل إلى المرحلة الإعدادية قبل أن يتصالحا، ابتسمت تغمغم فرحة:
- يعني لينا وزيدان اتصالحوا اخيرا
ابتسم جاسر يحرك رأسه بالإيجاب، لتبتهج قسمات وجه الأخيرة، مد جاسر يده يأخذ الصغير من بين أحضانها يحمله هو يقبل يديه الصغيرة نظر لها يطلق صفيرا طويلا يتمتم معجبا:
- بس ايه القمر دا، القلقاس احلو أوي.

ضحكت برقة تضع يدها على فمها تخفض رأسها للأسفل خجلة، لتسمعه يهمس من جديد:
- محضرلكوا انتي وأستاذ أحمد حتة مفاجاءة، هتعجبكوا اوووي.

ابتسمت في سعادة كادت أن تسأله بلهفة عن تلك المفاجأة ولكن قدوم حسام بصحبة سارة اوقفها ابتسمت ما أن رأتهم حسام كشقيق لها وتلك الابتسامة السعيدة التي تراها في عينيه قبل أن ترتسم على ثغره، وابتسامة سارة الخجولة الرقيقة تنبأ عن زوجين غاية في الروعة، اقتربا منهم ليمد حسام يده يحمل الصغير من بين ذراعي أبيه، يحادثه ضاحكا.
- ابو حميد العسل، دا أنت **** يكون في عونك لما تكبر، أمك دي بومة زي صاحبتها.

نظرت سهيلة له في غيظ مما قال، في حين صدمته سارة على ذراعه بخفة تهمس له بصوت خفيض معاتب:
- ما ينفعش تقول كدة سهيلة ممكن تزعل
ضحك هو عاليا بلامبلاة، في حين قامت سهيلة من مكانها وقفت جوار سارة تحادثها مبتسمة:
- لا يا حبيبتي ما تخافيش مش هزعل، أنا بس هقول لعمو خالد وهو هيعلقه من قفاه
قلب حسام عينيه في ملل من ثرثارة سهيلة نظر لها يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا يرفع دفتي قميصه يغمغم في زهو:.

- يا بومة هانم اللي ما تعرفهوش إن عمك خالد بيعملي ألف حساب
رفعت سهيلة حاجبيها في سخرية تحرك رأسها بالإيجاب نظرت خلف حسام مباشرة تتمتم مدهوشة:
- صحيح يا عمو الكلام اللي حسام بيقوله دا
توسعت عيني حسام في فزع ليقفز من مكانه ينظر خلفه سريعا، لا أحد الحمقاء كانت تخدعه نظر لها في غيظ لتتعالي ضحكاتهم جميعا، اقترب حسام منها سريعا يضع يده على فمها يتمتم:
- بس يخربيتك دا أنا سارقك من ورا ابوكي.

قام جاسر يأخذ الصغير من بين ذراعي حسام يعطيه لسهيلة، اقترب من حسام يسأله ضاحكا:
- وسرقتها ازاي يا ناصح
ابتسم حسام في مكر نظر حوله هنا وهناك قبل أن يقترب من جاسر يهمس له في زهو:.

- هقولك، عمي عمر اخيرا لف رأسه عنا وقام يكلم واحد ما اعرفوش، ومرات عمي بتتكلم مع واحدة و**** ما عارف هي مين من كتر المكياج، بيتكلموا عن مسحوق الغسيل ومين بيزيل على البقع ومين اقوي على التحدي وكلام كدة كله رغاوي، قومت قايم وشادد ايدها بسرعة قبل ما حد يشوفنا.

ضحك جاسر عاليا، حسام لن يتغير ابدا يكاد يشك أن ذلك الرجل الماثل أمامه طبيب ماهر ومحاضر في أحدي الجامعات أيضا، في حين توجهت عيني حسام ناحية سارة الواقفة جوار سهيلة أخذت منها الصغير تحمله هي بين ذراعيها في مشهد متناغم جعل دقات قلبه تتصارع، تنهد بحرارة يعبث في خصلات شعره يبتسم كمراهق عاشق.

على صعيد قريب منهم في منزل خالد السويسي، في غرفتها منذ مدة طويلة تجلس على سطح الفراش تحرك ساقها اليسري بعصبية تخلصت من حجابها تشعر بالاختناق، والدة زوجها هنا، لما جاءت بعد تلك المدة الطويلة، تعرقت يديها من القلق، يهدر نابضها بعنف، تنفي تلك الفكرة التي تطرق رأسها خالد لن يتزوج بالطبع ولديه ابن تجاوز الثلاثين من عمره إذا لما جاءت إلى هنا تتذكر قبل سنوات طوال آخر موقف جمع بينهما بعد وفاة والد خالد بعدة أشهر، كانت هنا في منزلهم، تلح على خالد أن يتزوج لينجب صبيا يحمل اسمه يكون سندا كما قالت لم تبالي انها كانت تقف أمامها تستمع لما يقولون وكالعادة رفض خالد فما كان منها إلا أن وقفت تصيح فيها غاضبة:.

- بقي كدة يا خالد طب اعمل حسابك بقي أن بيتك دا مش هدخله تاني لو ما سمعتش كلامي، بكرة تكبر وتعجز وتدور على حد يسندك ومش هتلاقي، خليك ماشي بشوارة الهانم
قالتها لترحل من بيتهم دون عودة من وقتها، رفعت لينا يديها تمسح ما سقط من عينيها من دموع غزيرة، انتهي الأمر وخالد كبر في السن لما عادت الآن، صوت الباب يُفتح ويغلق وخطواته هو تقترب جلس جوارها يغمغم مبتسما:.

- مش بتكبري ابدا يا لينا، نفس الحركات لما تزعلي تجري على اوضتك وتقفلي الباب
- هي جاية ليه، همست بها لينا بغصة مختنقة تقتل دقات قلبها ذعرا، رفعت وجهها تنظر لوجهه يغطي حدقتيها طبقة رقيقة شفاقة من الدموع، ليمد يده يمسح ما يتساقط من عينيها بلا توقف تنهد يهمس حزينا على حالها:
- دي أمي يا لينا، وقالتي أنا عايزة اجي اقعد عندك كام يوم ينفع اقولها انتي جاية ليه.

حركت رأسها بالنفي سريعا تخفض رأسها خرجت من بين شفتيها شهقة عالية لم تستطع ايقافها ليبتسم يحرك رأسه يآسا اقترب يضمها بين ذراعيه يغمغم ضاحكا:
- يا بنتي أنا أشعر أبّيض خلاص جواز ايه اللي هتجوزه، هو عشان حمزة اتجوز هتاخذي بذنبه.

ابتسمت ابتسامة خاوية من الحياة تحرك رأسها بالإيجاب ليتنهد هو على حالها سنوات مرت، يمكن حادث زواجه من شهد هو ما جعلها أكثر خوفا، قام من مكانه يجذب يدها لتقف هي الأخري تنظر له وكأنها عينيها دوامتين من الفراغ، تنهد يهمس لها بقلة حيلة:
- اعمل ايه طيب، هتفضلي خايفة لحد امتي يا لينا، لحد ما اموت
شهقت بعنف ما أن نطق تلك الكلمة لتحرك رأسها نفيا بقوة تصيح فيه محتدة:.

- بعد الشر عنك اوعي تقول كدة تاني، أنا مش خايفة أنك تتجوز، أنا بس موجوعة وحزينة من والدتك اللي كنت بعتبرها في يوم أمي، بقت ما بتكرهش حد قدي...
حرك رأسه نفيا بعنف امسك بذراعيها بين كفيه رفعت وجهها إليه ليبتسم هو يتمتم سريعا:.

- أمي ما بتكرهكيش يا لينا صدقيني، و**** بتحبك هي بس بتفكر من منظورها هي، شايفة من وجهه نظرها أني لازم يكون عندي ولد عشان كل الكلام الاهبل دا يشيل اسمي وسند، دا كله ما يفرقش معايا، صدقيني هي ما بتكرهيش...
تنهدت تشيح برأسها بعيدا عنه ابتعدت عنه تتمتم في خفوت جاف:
- أنا هنزل احضرلكوا العشا.

تركته وخرجت من الغرفة ليتنهد هو يآسا على حالها الحزين، تحرك ينزل لأسفل رأي والدته تجلس على الاريكة كم كبرت وكأن العمر وحشا غمرها نظاراتها الطبية، تلك التجاعيد التي تملئ وجهها ويديها، تستند بيديها على عصاها الطبية، ابتسم في هدوء تحرك يجلس جوارها:
- منورة و**** يا ماما
التفتت زينب برأسها ببطئ ناحية خالد ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تهمس له بتلهف:
- ابنك فين، عايزة اشوفه.

ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب اخرج هاتفه يطلب رقم حسام، اغلق معه الخط نظر لوالدته مبتسما:
- بيوصل عمه عمر عشان عربيتهم عطلت عشر دقايق وجاي
ابتسمت زينب في تلهف تحرك رأسها سريعا تكاد تتحرق شوقا لرؤية حفيدها مر بعض الوقت إلى أن سمعوا صوت الباب يُفتح وصوت حسام يتمتم في مرح:
- يا أهل الدار جالكم عنترة المغوار، فين عبلة بقي
ضحك خالد ساخرا قبل أن يصدح بصوته يستدعي حسام ليأتي إليهم:
- تعالا يا حمار.

لحظات ودخل من باب الغرفة تعلقت عيني زينب بذلك الشاب اليافع طويل القامة دقتت النظر لقسمات وجهه تكاد تقسم أنها تري صورة مصغرة من خالد حين كان شابا في مثل عمره مع بعض الاختلافات ادمعت عينيها تحمد **** في نفسها أن رزقك بكرها صبي كما كانت تدعو، نظر حسام لزينب يقطب جبينه متسفهما عن ماهيتها تحرك بمقلتيه ناحية خالد يسأله بعينيه عن من تكون، ابتسم الأخير يردف في هدوء:
- دي جدتك زينب يا حسام والدتي.

ابتسم حسام مبتهجا لم يكن يعرف أن لديه جدة، اقترب منها جلس جوارها امسك كفها يقبلها يغمغم مبتهجا:
- دا ايه القمر دا كله، اكيد كنتي مزة يا زوزو وانتي صغيرة
ضحكت زينب ليزجر خالد حسام يتمتم غاضبا:
- حسام وبعدين.

- سيبه يا خالد مالكش دعوة بيه ما تضايقوش ابدا، غمغمت بها زينب في حدة لتتوسع عيني خالد في ذهول في حين ابتسم حسام متشفيا اخيرا وجد من ينصره في ذلك البيت بعد زوجة أبيه، اقترب حسام من زينب يعانقها بقوة يلاعب حاجبيه لأبيه متشفيا يغمغم سعيدا:
- حبيبتي يا تيتا يا نصفاني، قوليلي مش جيبالي معاكي باكو بسكوت حتى.

ضحكت زينب عاليا ذلك الشاب لم يرث ملامح أبيه فقط بل أخذ كل شئ حتى خفة ظله، أبعدته عنها تفتح حقيبة يدها الكبيرة تخرج ما بها، تعطيه لها ليتمتم ضاحكا:
- عسلية يا زوزو دا انتي اللي عسلية و****
امسكت زينب باذنه بين أصابعها تشد عليها تردف ضاحكة
:
- يا واد اختشي دا أنا ستك، طالع قليل الادب زي أبوك بالظبط
تركت إذنه ليخفض صوته يغمغم ساخطا رفع يده يمسح على إذنه برفق حين قالت زينب في سعادة:.

- ابوك قالي أنك هتتجوز سارة بنت عمك عمر، جدع يا حسام بنات العيلة ما يروحوش لحد برة، بس بقولك ايه، تسع شهور والاقي اول عيل، عايزة اشوف ولادك
ابتسم حسام في زهو يعدل من تلابيب ملابسه بغرور نظر بجانب عينيه إلى ابيه الذي يجلس على الجانب الآخر من جدته يرميه بنظرات قاتلة حمحم يردف في خيلاء:
- تسعة كتير خمسة كفاية.

- ليه يا حبيبتي هتتجوز فار، غمغم بها خالد ساخرا لينفجر حسام في الضحك ومعه زينب، قاطع تلك الضحكات صوت حمحمة خافتة من عند باب الغرفة ومعها صوت لينا زوجة خالد تهمس في هدوء:
- العشا جاهز.

لاء أنا مش جعانة، أنا هقعد مع حسام، قوم ياض طلعني اوضتي، اردفت بها زينب تنظر لحسام ليهب الأخير يمسك بيدها لوح للينا زوجة ابيه يبتسم لها لتقابله لينا بابتسامة أخري باهتة صعدت زينب بصحبة حسام لأعلي، تحرك خالد ناحية لينا لف ذراعيه حول كتفيها يغمغم مبتسما:
- أنا واقع من الجوع، يلا نتعشي
ابتسمت له في هدوء تحرك رأسها بالإيجاب..

مضي الليل سريعا ليطل الصباح بنوره الساطع، تلك الأيام حقا حارة بشكل كبير، أشعة الشمس تتحداها الا تستيقظ على الرغم من أن الغرفة شبه باردة بفعل مكيف الهواء الا أن ضوء الشمس المنعكس على زجاج الغرفة اصر وبشدة على ايقاظه فتحت عينيها قليلا تتأفف من ذلك الضوء، رفعت الغطاء تغطي وجهها تحجب عنها أشعة الشمس مدت يدها تبحث عن زيدان النائم جوارها لتطلب منه إن يغلق الستائر لتشعر بفراغ بارد جوارها أين زيدان يبدو أن أستيقظ قبل فترة طويلة، فتحت عينيها تنظر للجزء الفارغ من الفراش لتقطب جبنيها تتثأب ناعسة، كادت أن تتحرك حين صدح رنين هاتفها يوفقها، مدت يدها تلتقطه من سطح الطاولة الصغيرة المجاورة للفراش أبصرت اسم سهيلة يضئ الشاشة اعتدلت قليلا فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها تهمس بصوت ناعس متحشرج من النوم:.

- صباح الخير يا سهيلة، معلش يا حبيبتي أنا كنت و**** عايزة اجي
قاطعتها سهيلة حين ضحكت بقوة تردف بخبث قبل أن تكمل لينا:
- يا ستي ولا يهمك، الزوز ابو عيون زرقا أهم بردوا، قوليلي بسرعة اتصالحتوا صح
ضحكت لينا رفعت يدها تمشط خصلات شعرها المبعثرة بأصابعها تنهدت تهمس سعيدة:
- ايوة اتصالحنا...
صاحت سهيلة في سعادة ما أن نطقت لينا تلك الجملة الصغيرة:.

- اخيراا يا بنتي، أنا عايزة ازغرط بس ما بعرفش، بجد أنا مبسوطة اووووي
ابتسمت سعيدة كم هي محظوظة حقا لامتلاكها صديقة رائعة مثل سهيلة، انتصفت جالسة على الفراش تسألها:
- قوليلي أحمد عامل ايه عايزة اشوفه اووي، وجاسر لسه زعلانة
ضحكت سهيلة في خجل تهمس بصوت خفيض حالم:
- أحمد بخير الحمد ***، انما اخوكي دا مش عارف ازعل منه، ابن اللذين عسل اووي...

صدحت ضحكات لينا العالية تملئ المكان أدمعت عينيها من الضحك تحادث سهيلة ساخرة:
- يلا يا واقعة، هحاول اخلي زيدان يجيبني عندكوا النهاردة عشان اشوف أحمد، سلام.

أغلقت الخط مع صديقتها تبتسم في سعادة، قامت من فراشها تتحرك لخارج الغرفة حافية القدمين ترتدي فستان بيتي رقيق من اللون الزهري الفاتح نزلت تبحث عنه هنا وهناك، وصلت لصالة المنزل لا أثر له، توجهت إلى المطبخ لا أثر له، وقفت في منتصف المطبخ تعقد جبينها في عجب أين ذهب زيدان، لحظات وشهقت بعنف حين شعرت باحدهم يلف ذراعه حول خصرها يحمل يلتف بها عدة لفات، قبل وجنتها بخفة يتمتم في خفوت عاشق:.

- صباح الفل على احلي عروسة
ابتسمت في رقة التفت له تسأله متعجبة:
- كنت فين يا زيدان التف برأسه يشير إلى ما يحمل فئ يده الاخري لتري علبة حلوي تلك الشوكولاتة التي التهمت نصفها بالأمس، اكبر حجما، داعب أنفها بأنفه يغمغم ضاحكا:
- جبتلك علبة شوكولاتة ليكي لوحدك بدل ما تاكلي بتاعت الناس وتفضحينا يا عرسة
زمت شفتيها تضربه على صدره بعنف ليتأوه متألما جعد جبينه يتمتم حانقا:
- بقي كدة ولا واحدة شوكولاتة.

قالها ليأخذ العلبة ويخرج من المطبخ توسعت عينيها تهرول خلفه تغمغم سريعا:
- استني يا زيزو وحياة مامتك هات العلبة.

اشاح بيده بلامبلاة يبتسم في خبث جلس على الاريكة يفتح العلبة ينظر لها في شماتة، فتح احدي الحبات كادت يضعها في فمها حين اختطتفها لينا بيد والاخري حملت العلبة كادت أن تهرب الا أنه قبض على رسغ يدها سريعا جذبها لتجلس جواره على الأريكة ضحك على منظرها وهي تأكل الحلوي بشراهة نظرت له بجانب عينيها ابتسمت بفمها الملطخ بالحلوي تتمتم في نزق:.

- بتضحك على ايه أنت شايف مهرج، وبعدين إنت ما تتكلمش معايا اصلا انا مخصماك
رفع حاجبه الأيسر ساخرا مد يده يلتقط محرمة ورقية يعطيها لها يتمتم ضاحكا:
- امسحي بس البهدلة على وشك دي، وبعدين مخصماني ليه دا أنا جايبلك أربعة كيلو شوكولاتة يا مفترية
اخذت منه المحرمة تمسح وجهها بإيباء تنظر له حانقة كمشت المحرمة تلقيها أرضا ليرفع حاجبيه ينظر لها في غيظ اشار للمحرمة يتمتم:
- قومي شيلي المنديل من على الأرض.

ارتسمت ابتسامة واسعة ماكرة على شفتيها امسكت بأوراق الحلوي الفارغة تتمتم باستمتاع:
- ايه دا أنت طلعت موسوس نضافة، اكيد اتعديت من ماما...
قالتها لتلقي الأوراق الفارغة من يدها بعنف لتتناثر في كل مكان في الغرفة توسعت حدقتيه في غيظ ينظر لاوراق الحلوي التي ملئت الغرفة، عض على شفتيه يتمتم حانقا:
- عارفة يا لينا يا بنت خالد السويسي لو ما قومتيش لميتي اللي عملتيه دا، هعمل إيه.

ابتسمت في دلال تزيح العلبة من امامها اقتربت منه تلف ذراعيها حول عنقه برقة تغمغم في دلال ناعم:
- هتعمل ايه
ابتلع لعابه يشعر بثباته يتداعي أمام ابتسامتها نظرات عينيها أن ظنت الخبيثة أن مقاومته ستضعف بحركاتها تلك فهي محقة!، اقترب برأسه يهمس جوار اذنيها بصوت خفيض حالم:
- هقوم اجيب حاجة مهمة وجاي.

ابتسمت في براءة تحرك رأسها بالإيجاب ليتحرك هو في حين امسكت هي العلبة تأكل من جديد لحظات مراته يقف أمامها يبتسم في براءة، توسعت عينيها حين رأته يحمل مكنسة التقط علبة الحلوي من يدها يعطيها المكسنة بدلا منها يتمتم مبتسما:
- اتفضلي مش عايز ورقة على الأرض، أنا جبت فطار جاهز معايا هحطه على الترابيزة في الجنينة على ما تخلصي.

عقدت ما بيت حاجبيها في غيظ تأففت تمسك المكنسة قلبت عينيها تقلده ساخرة سمعت صوته يأتي من بعيد يغمغم ضاحكا:
- نضفي كويس.

اشتعلت أنفاسها غضبا عازمة على الانتقام، انتهت من جمع الأوراق القتهم في سلة المهملات، توجهت بخطي غاضبة للحديقة رأته يقف يوليها ظهرها ينظر لسطح المسبح الكبير، ابتسمت في خبث الآن ستنال انتقامها، اقتربت تمشي على اطراف أصابعها اسرعت الخطي ناحيته تريد أن تدفعه فجاءة في اللحظة الفاصلة تنحي زيدان فجاءة لتشهق هي بعنف حين ألقت بنفسها داخل المسبح تسمع ضحكاته العالية رفعت وجهها تجمعت الدموع في مقلتيها تنظر له حزينة ليجثي هو على ركبتيه يحدثها بحنو:.

- هاتي ايدك اطلعك
ابتسمت في رقة تعطيه يدها ما أن امسكت كفه تغيرت ابتسامتها باخري خبيثة قبل أن تجذبه بقوتها كامل ليسقط هو الآخر في المسبح، ضحكت بقوة ترشقه بالمياة، ليضحك هو الآخر يلقي عليها المياة يلعبان وكأنهم فقط *****.

سيداتي آنساتي سادتي اهلا ومرحبا بكم في المبارة الربع نهائية لهذا العام للفروسية، قبل خط النهاية تقف الخيول شامخة كجلمود صخر حطه السيل من على كما وصفها امرؤ القيس، فوق صهوة جواده الاسود يستعد هو للفوز بالمبارة رفع يده يربت على رأس جواده بحنو يهمس له وكأنه حقا سيفهمه:
- مستعد يا باشا، الميدالية دي بتاعتنا.

شهق الخيل عاليا وكأنه يخبره لا تقلق نحن هنا للفوز تحركت عينيه ناحية سارين التي تجلس بين مدرجات الجمهور تنظر له قلقة وكأنه سيذهب للحرب لا مباراة خيل وستمر، ابتسم لها يبعث لها قبلة صغيرة فئ الهواء، ابتسمت سارين تلوح له بحرارة، تدعو في قلبها أن يمر الأمر دون سوء له، تبقي لحظات وتبدأ المبارة، استمعت هي في تلك اللحظات إلى صوت فتاتين يجلسان خلفها مباشرة يتحدثان عنها يسخران منها:.

- شوفتي الصياد قد ايه يجنن
- الصياد اللي كان كل أسبوع مع واحدة دلوقتي بقي الزوج المخلص
- وياريت بقي الزوج المخلص عشان ملكة جمال، دي حتة عيلة صغيرة حقيقي مش عارفة ايه عاجبه فيها في بنات كتير اوووي احلي منها، هي جنبهم ****
- اسكتي عشان هي قاعدة قدامنا بدل ما تسمعنا
التفت سارين تنظر لهما بعينين تغشاهما الدموع من الألم.

قبل أن يرفع الرجل يده يطلق طلقة البداية صدحت صوت صرخات عالية قادمة من مقاعد الجماهير صرخات يعرفها هو، جعلته يقفز من فوق صهوة جواده يهرع إليهم!

الفصل مئة وثلاثة وعشرون

على عشب الحديقة النضر الكثيف تمددت جواره بملابسها المبتلة، تنظر للسماء فوقها رأسها على صدره تحديدا على قميصه الذي يغرق في بحر من المياة، تتطلع إلى الغيمات فوقها بابتسامة صغيرة صافية، ابتسامة سرعان ما توترت قبل أن تختفي تماما ويكسو مقلتيها قلق من القادم، خرجت تنهيدة حائرة خائفة قلقة من بين شفتيها، لتشعر بيده تحط برفق فوق خصلات شعرها يهمس بصوت خفيض دافئ:
- مالك، قلقانة من إيه.

رفعت وجهها ناحيته لتقابل ابتسامته الدافئة تنظر للمعة عينيه الساحرة رسمت ابتسامة متوترة على شفتيها انزلت عينيها بعيدا عنه تهمس له قلقة:
- خايفة، خايفة احلم ببكرة، واخطط الحلم الجميل، ويتدمر تاني...
بسط اصبعيه السبابة والابهام أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه لتنظر ناحيته ابتسم يشدد على احتضانها بيده الأخري يردف:
- مش هسمح بأن دا يحصل ابدا يا لينا، إنا خسرتك مرة مش هخسرك تاني أبدا...

ابتسمت تريح رأسها على صدره من جديد تبتسم في هدوء تشعر بشعور ناعم لطيف يدغدغ حواسها أجمع، تنهدت من جديد تهمس في حماس سعيد:
- هيكون عندنا بيبي يا زيدان صح، بيبي جميل وحنين وعينيه زرقا زيك.

ختمت كلامها بضحكة صغيرة ليضحك هو الآخر بخفة يحرك رأسه بالإيجاب يؤكد على ما تقول، بالطبع لم يصبح لديهم *** واحد فقط بل ***** يفكر في إنجاب عشرة ***** يريد عدد كبير منهم يملئوا حياته حتى لا يشعر أحدهم أنه وحيدا كما شعر دوما، سيضع قاعدته الأولي بينهم الحب لن يفرق بينهم ولو بمثال ذرة حتى لا يكرهوا بعضهم البعض كما كره اعمامه أبيه لأن والدهم كان يفضله عليهم، ابتسم لها من جديد يشدد على احتضانها يتمتم سعيدا:.

- هيكون عندنا احلي ***** في الدنيا مش عشان عينيا الزرقا عشان هيبقوا منك انتي
رفعت وجهها إليه من جديد تبتسم سعيدة رفعت يدها تتلمس بها قسمات وجهه، ليقبل باطن يدها ابتعدت عنه تستند بكفيها على العشب جلست جواره تعقد ساقيها ليضحك بخفة عليها، ابتسمت هي تعيد خصلاتها المبللة خلف اذنيها تنحنحت تهمس له:
- ممكن اطلب منك 3 طلبات.

رفع حاجبيه ليضحك من جديد أدمعت عينيه من الضحك ليسعل بخفة استند بكفه على العشب ليعتدل جالسا يغمغم من بين ضحكاته:
- الأميرة ياسمين تؤمر ومصباح علاء الدين ينفذ.

فهمت الآن لما كان يضحك وهي صغيرة كانت دائما ما تقول له أن هو جني المصباح وعليه تحقيق جميع رغباتها ضحكت حين تذكرت ما كانت تلقبه به قديما وهي **** ( زمزوم جني المصباح ) وكم كان يغضب من ذلك اللقب، حين نظرت لوجهه تمنت في تلك اللحظة لو يعد الزمن للوراء حين كانت **** في العاشرة، كانت لتوافق حتما أن تذهب مع والدها في سيارته لم يكن ليحدث كل ما حدث، تنهدت تهمس له بصدق:.

- عارف يا زيدان لو يرجع بيا الزمن لورا في يوم الحادثة، كنت هخلي بابا يوصلني، ما كنتش هركب أتوبيس المدرسة، ما كنش هيحصل كل اللي حصل
ابتسم دون كلام فقط حرك رأسه لمرة واحدة تنهدت من جديد قبل أن ترسم ابتسامة مشاكسة على شفتيها عقدت ذراعيها أمام صدرها تردف في مرح:
- دلوقتي ال3 طلبات، أنا عايزة اروح اشوف سهيلة وأحمد النهاردة ممكن.

لم تختفي ابتسامته لم يتحدث فقط اومأ موافقا لتفك عقدة يديها تصفق بحماس، نظرت له للحظات قبل أن تهمس من جديد:
- ممكن تسامح مامتك زيدان صدقني هي ضحية زيها زيك، قبل ما تسافر لما روحتلها هي كلمتني قد ايه كانت فرحانة اوووي أنك روحتيلها، زيدان عشان خاطري سامحها ..

أدمعت عيني الأخير حين مر أمام عينيه آخر لقاء لهما، رغم كل ما فعلت يشتاق لأن يلقي بنفسه بين ذراعيها من جديد، ظل صامتا للحظات قبل أن يحرك رأسه بالإيجاب يعطيها موافقة صامتة على ما تقول لتتوسع ابتسامتها تحركت ناحيته سريعا تعانقه تلف ذراعيها حول عنقه تتمتم سعيدة:
- شكرا بجد شكرا
رفع وجهها لها يبتسم في توسع رفع يده يمسح على خصلات شعرها افترب من اذنها يهمس لها في هدوء:
- فاضل طلب.

توترت ابتسامتها قبل أن تختفي شيئا فشئ إلى أن اندثرت تماما إلى أن اختفت تماما ابتعدت بوجهها عنه تنظر لمقلتيه الزرقاء الصافية تعرف أن بعد لحظات فقط وسيهدر موج عينيه غاضبا أثر ما ستقول ابتلعت لعابها تهمس بصوت خفيض متوتر:
- عايزة اشوف نائل يا زيدان!

الواحدة ظهرا منذ متي وهي تتأخر في نومها إلى ذلك القدر، ربما هو الحزن الذي جذبها رغما عنها إلى دوامة من النعاس لا نهاية لها، دوامة تهرب منها من الواقع، دوامة كانت تريدها أن تستمر أكثر ولكنها استيقظت، استيقظت على صوت همس باسمها الصوت مألوف بدرجة كبيرة ولكنها لم تسمعه ينطق اسمها بذلك القدر الفائض من الحنان منذ مدة طوووويلة لم تعد تحسبها، كشفت جفنيها.

عن زرقاء عينيها الحمراء من أثر النوم، لحظات فقط وتوسعت حدقتيها حين رأت زينب والدة خالد تجلس جوارها على الفراش تنظر لوجهها تبتسم لها!، هناك رائحة طعام ذكية في الغرفة، رائحة تحبها، استندت بيديها على الفراش انتصفت جالسة تنظر لزينب في ذهول عقد لسانها للحظات خاصة حين أبصرت صينية طعام جوارها على الفراش ماذا يحدث هنا؟!، أهي تحلم، أم يُهي لها بالكاد خرجت الأحرف من بين شفتيها تسألها بجفاء:.

- هو حضرتك بتعملي ايه في اوضتي..
فما كان من تلك الجالسة جوارها الا أن ابتسمت إبتسامة صغيرة دافئة رفعت يدها تربت به على رأس لينا تردف في هدوء:.

- ابدا يا ستي أنا لقيتك متأخرة في النوم رغم أنه مش عوايدك خالد دايما بيقولي أنك بتصحي بدري جداا، بس كان شكلك تعبان اوي وانتي نايمة، الواد خالد فطر وراح شغله بيقول عنده إجتماع مهم في الإدارة، وحسام قاعد تحت بيحب في سارة **** عمر يقفشه، عملتك البيض بالبسطرمة من وانتي صغيرة بتحبي أنا اعملهالك، دا أنا عملتك سندوتشات منه يوم صبحيتك على الواد خالد.

توسعت عيني لينا في ذهول يزداد شيئا فشئ ما بها زينب تتكلم معها بود!، تعاملها كما كانت قديما، قبل أن يحدث لها تلك الحادثة، ارتجف جسدها من محاولاتها اليائسة لكبح دموعها قبضت على كفيها تتمتم في خفوت مختنق :
- طيب شكرا لحضرتك.

من جديد ارتجف جسدها حين شعرت بيد زينب تمسح على شعرها برفق كما كانت تفعل، انسابت دموع عينيها رغما عنها اشتاقت حقا لوالدتها في تلك اللحظة أرادت فقط ان ترتمي بين ذراعيها وتبكي، ولكن أين هي والدتها، انهمرت دموعها يرتجف جسدها بعنف وكأنه كهرباء تغزوه حين سمعت زينب تهتف في حنو:
- في بنت بتشكر مامتها بردوا عشان عملتلها الاكل اللي بتحبه.

وكانت القشة التي قسمت ظهر البعير كما يقولون التفت للينا بوجهها ناحية زينب في لحظة نظرت لها بأعين حمراء تنساب منها الدموع، قبل أن تصيح بحرقة:.

- أنا مش بنتك، أنتي مش ماما، ما فيش أم هتعمل في بنتها كدة، هتعيشها طول عمرها بذنب هي مالهاش ذنب فيه، ما فيش أم هتخلي جوز بنتها يقهرها، وانتي عارفة أن بجواز خالد عليا زي ما كنتي عاوزة منه كان هيموتني مش بس هيقهرني، أنتي مش أم أنتي حما، وحما قاسية أوي يا زينب هانم.

قالت ماقالت جاءت لتنتفض من مكانها ترغب في الفرار من الغرفة حين شعرت بيد زينب تمسك بكف يدها ترفض تركها، نظرت لها في حدة لتبصر نظرات عيني الأخيرة الحزينة، دموعها التي نزلت من عينيها بغزارة، ابعدت زينب نظرات عينيها الطبية تنظر للينا في ألم ممتزج بندم تهمس لها:.

- أنا مش قاسية يا لينا، ما تقوليش كدة يا بنتي، دا أنا شيلتك في حضني قبل ما أمك نفسها تشيلك، من حضني لحضن الواد خالد اتربيتي معانا، كنتي ضحكة البيت كله، خالد من بعد فراقك اتدمر وبقي واحد تاني، وما صدقت رجع زي الأول، أنا أم يا لينا، ام خايفة على ابنها، خايفة لما يكبر ما يقليش اللي يسنده، زي ما أنا دلوقتي بتسند عليه، أنا مش عايزة اقهرك يا بنتي و****، أنا بس كنت عايزة ليه سند في الدنيا، أنا حتى قولتله اتجوز ولما تخلف طلقها وخلي لينا هي اللي تربي الطفل لكنه بردوا رفض.

قاطعتها لينا قبل أن تكمل ما تقول تردف متهكمة:
-ودي مش قسوة لما تحرمي أم من ابنها تبقي مش قسوة، على العموم يا زينب هانم، خالد بقي عنده السند ما تقلقيش، حسام **** يخليه ليه، **** عوضه وبعتله السند اللي أنتي عوزاه، وعرفت أنا كويس اوووي قيمتي عندك يا ماما زينب.

انهت كلامها بابتسامة حزينة ساخرة نزعت يدها من يد زينب تنظر لها بجفاء، لتخفض زينب رأسها تحركها إيجابا مدت يدها تزيح الشرشف الصغير من فوق صينية الطعام نظرت للينا تحادثها بخفوت حاني:
- طب كلي ورحمة فريدة يا لينا لتاكلي.

انهمرت دموع لينا بعنف اشاحت بوجهها بعيدا جذبت زينب صينية الطعام تضعها أمامها، اقتطعت لقمة من الخبز تصنع بها شطيرة صغيرة من البيض الممتزجة بذلك اللحم المجفف، مدتها للينا تضعها في كف يدها، قربتها لينا من فمها فقط قطمة واحدة إعادتها لذكري قديمة سعيدة
« - ماما زينب فين سندويتشات لوليتا
- أحلي سندويتشات لاحلي لوليتا، اجري يلا اقعدي على الكنبة على ما اجبلك الشاي باللبن.

- ماما زينب احلي ماما في الدنيا »
شهقة بكاء عنيفة خرجت من بين شفتي لينا جعلتها تلقي اللقمة من يدها على صينية الطعام تجهش في البكاء، جذبتها زينب إليها لترتمي لينا بين أحضانها تتمسك بها تبكي بعنف في حين بدأت زينب تمسح على رأسها تهمس لها نادمة:
- حقك عليا يا بنتي، سامحيني يا حبيبتي، أنا آسفة.

في الأسفل يجلس حسام على أحدي الارائك يربع ساقيه، ينظر لشاشة هاتفه يحادث سارة من خلال برنامج ( واتساب ) يبعث لها بأشكال غريبة مضحكة، اليوم لا عمل له لا حالات طارئة في المشفي، جدول محاضراته فارغ لن يذهب للجامعة، اليوم فقط للراحة، ولها هي، ثبتت عينيه على شاشة هاتفه يرسل لها:
- ياااه يا سارة مش قادر اصدق أنها كلها شهرين وهنتجوز اكاد من الفرحة اطير.

انتظر للحظات بتلهف إجابتها عن الرسالة لتختفي ابتسامته يرفع حاجبه الأيسر مستهجنا حين رآها تبعث له بكلمة واحدة:
- اها
حرك أصابعه على لوح المفاتيح بغيظ يرسل لها:
- ايه اها دي يا سارة بقالك ساعة بتكبي وفي الآخر اها، يا بنتي لاغيني مش كدة، قوليلي بحبك يا سمسم، مش مصدقة امتي الوقت يعدي يا حس قلبي، مش اهااا
بعث الرسالة لها ينظر لسطح الشاشة حانقا خاصة حين تأخرت في الرد على رسالته بعد دقائق وصله منها:.

- حسام أنت تسمع عن حاجة اسمها خجل، يبخلي البنات تتكسف تعبر عن اللي هي عايزة تقوله في حين انك بحج وقليل الادب زي ما بابا قال عنك
توسعت حدقتيه حين قرأ ما بعثت الماكرة تستغل فرصة انهما فقط يتحدثان بالرسائل لتقل ما كانت ستخشي قوله أمامه وجها لوجه، جز على أسنانه، ابتسم لها متوعدا يبعث لها:
- ابقي سلمي لي على الخجل وانتي بتاخدي صفر في إمتحانات الشهر الجاي.

بعثث له ( ايموجي يلطم خديه ) لتتعالي ضحكاته يحرك سبابته وابهامه على ذقنه مستمتعا بدأ بتسجيل مقطع صوتي ليبعثه لها يخبره فيه حالما:
- بس لو قولتيلي بحبك يا حوسو مش هديكي صفر
انتظر لحظات على أحر من الجمر أن يستمع إلى تلك الرسالة التي ستسرلها وبالفعل بعثت له بواحدة بدأ يسمعها سريعا: -.

- على فكرة بقي اللي بتقوله دا منافي لشرف المهنة أنك تستقصد طالبة عندك وتديها صفر، كدة ظلم يا دكتور، وعلى فكرة بقي أنا، أنا، أنا بحبك.

همست بآخر كلمة بصوت خفيض للغاية تتمني أن لا يسمعه وكيف هو لا يفعل التقطت اذنيه ما قالت كما يلتقط القمر الصناعي الإشارات، تنهد بحرقة يحتضن الهاتف بقوة يكاد يرقص من الفرح، سمع صوت ضحكات قادمة من خلفه نظر حلفه سريعا ليجد لينا زوجة أبيه تمسك بيد زينب جدته تساعدها على النزول برفق على درجات السلم كلتاهما يضحكان مما جعله يبتسم رغما عنه يبدو أن السعادة دقت بابهم أخيرا بعد طول شقاء.

سيارة مسرعة تشق الطريق إلى وجهتها سيارة سوداء فاخرة يظهر على اريكتها الخلفية كأس من الذهب يلمع جواره باقة أزهار وميدالية ذهبية للمتسابق الأول ومن غيره يمكن أن يكون...
على المقاعد الامامية تجلس سارين غاضبة تشيح بوجهها بعيدا ناحية نافذة السيارة تعقد ذراعيها أمام صدرها في غيظ في حين يجلس عثمان خلف المقود نظر لها بجاني عينيه ليضحك رغما عنه يردف مدهوشا:.

- طب انتي زعلانة ليه أنا مش فاهم انتي مش ضربتيهم وأنا خليت مدير النادي يطردهم زعلانة ليه بقي
Flash back.

ركض عثمان مذعورا ناحية صوت الصراخ، صوت صياح سارين الغاضب يأتي من هناك، تحرك يركض بعنف يشق جموع الجماهير إلى أن وصل اليها توسعت عينيه في دهشة حين رآها تمسك فتاة من شعرها تجذبه بعنف في حين هناك أخري ملقاة أرضا تمسك بيدها المكدومة أثر أسنان سارين العنيفة، انتفض ناحيتها يجذبها بعيدا عنهم ادخلها إلى غرفة ملابسه يصيح فيها مذهولا:
- ساااارين في اي، انتي بتعملي كدا ليه.

انهمرت الدموع من عينيها بعنف نظرت له بقهر تصرخ فيه بحرقة:
- كانوا بيتريقوا عليا يا عثمان قالولي عني كلام وحش اوي...
أنهت كلامها لترتمي بين أحضانه تجهش في البكاء، رفع يديه يمسح على حجابها ينظر للفراغ في هدوء حاد، ابعدها عنه امسك بيديها يبتسم لها مترفقا:
- وحياة غلاوتك لهجبلك حقك
قبل جبينها ليمسك يمسح دموعها امسك بكف يدها يجذبها معه للخارج وجد مدير النادي يقف أمامه ليصيح فيه عثمان:.

- أنا عثمان الصياد، يعني ايه شوية عاهرات يتريقوا على مراتي، لو ما طلعوش برة النادي دلوقتي حالا مش هلعب المباراة والغوها بقي.

ارتبك الرجل لا يعرف ما يفعل عثمان ذلك المتعجرف المغرور لن يتغير المسابقة تشارك فيها بلدان عربية وهو الممثل الوحيد لمصر فيها، حمحم الرجل مرتبكا يحرك رأسه بالإيجاب سريعا، في حين امسك عثمان بيد سارين يمشي بها مرفوع الرأس توجه بها ناحية مقاعد كبار الزوار، اجلسها على احد المقاعد مال يقبل جبينها يهمس جوار إذنها مترفقا:.

- كان المفروض تسمعي كلامي لما قولتلك اقعدي في Vip، مش عايز اشوف دمعة واحدة هروح اكسب المسابقة واجي
طبع قبلة خاطفة على وجنتها لتحمر وجنتيها خجلا، نظرت خلفها لتجد بعيدا ذلك الرجل مدير النادي يصطحب الفتاتين للخارج، لتبتسم في تشفي، عادت تنظر ناحية عثمان تدعو في قلبها مع بداية السباق أن يمر دون أن يصاب
Back
التفتت سارين برأسها ناحية عثمان تجمعت الدموع في حدقتيها تهمس باختناق:.

- دي قالت عليا وحشة وطفلة يا عثمان، هو أنا وحشة بجد توسعت عينيه يحرك رأسه نفيا بعنف، أوقف سيارته على جانب الطريق التف بجسده لها يخرج مرائتها التي تضعها في حقيبتها يرفعها أمام وجهها يردف منفعلا:.

- بصي لنفسك في المراية وقوليلي دا منظر واحدة وحشة، مالك يا سارين مش كلمة مالهاش لازمة من واحدة غيرانة منك هتهز ثقتك في نفسك، انتي حلوة عشان انتي سارين بكل براءتها وعفويتها واصرارها، سارين الجريئة اللي ما بتخافش، سارين اللي فضلت جنب الشيطان لحد ما حولته لملاك...

نظرت له مدهوشة من انفعاله، نقلت عينيها تنظر لانعاكسها في المراءة، دائما ما كانت تحب تنظر لانعاكس صورتها، تري نفسها جميلة هي حقا كذلك، جميلة الشكل والجوهر، نظرت ناحية عثمان من جديد لتندفع ناحيته تحتضنه بقوة تهمس مبتسمة في سعادة:
- شكرا يا عثعث
ضحك بملئ شدقيه عن ذلك الاسم الغريب التي لا تتوقف عن إطلاقه عليه مهما بدا غاضبا منه، شدد على عناقها يهمس لها عابثا:.

- لاء احنا نروح مطعم نتغدي، وبعدين نروح عشان احكيلك حكاية أبو قردان اللي غرق من زمان
ضحكت هي الاخري تصدمه على صدره بخفة ابتعدت عنه تشيح بوجهها خجلة تلك المرة ليضحك هو!

خرجت من باب الجامعة تنظر حولها هنا وهناك اشارت بيدها إلى سيارة أجري، لتقف أمامها املت السائق عنوان الشركة، ليأخذها لهناك في الطريق نظرت بفخر إلى مشروعها الذي اعطاها عليه المحاضر درجة امتياز، لوحة للغروب ينزف على أشلاء قلب حزين منثور على رمال تقتم ألوانها شيئا فشئ من عتمة الليل، وموج البحر الهادر يتحرك عكس التيار لوحة حزينة، لا تعبر عن حالتها فهي في أوج حالاتها سعادة، وقفت السيارة أمام الشركة لتنزل منها اعطت السائق نقوده، لتأخذ لوحتها، تخطو إلى داخل الشركة مباشرة إلى مكتب زوجها الحبيب، توجهت بابتسامة واسعة سعيدة إلى مكتبه، وقفت أمام مكتب المساعدة لتجده فارغا قطبت ما بين حاجبيها تبلع لعابها قلقا نظرت ناحية غرفة مكتب زوجها المغلقة، تتذكر جميع الأفلام التي شاهدتها حين تغيب المساعدة وتأتي الزوجة مفاجأة لزوجها، تكتشف خيانة زوجها مع مساعدته، توسعت مقلتيها في صدمة، اقتربت سريعا من مكتب أدهم تدخله فجاءة، تنظر لهم شرزا على وشك أن تلقي وابل من السباب في وجوهم ليصفر وجهها حرجا حين رأت سيدة اربعينية ***** تقف أمام مكتب أدهم تمسك بمجموعة من الملفات، نظر أدهم ناحية مايا متفاجاءً من وجودها ومما فعلت في آن واحد، نظر ناحية المساعدة يحادثها مبتسما:.

- اتفضلي انتي يا مدام زينة
ابتسمت السيدة في هدوء تتحرك للخارج، تجذب الباب خلفها في حين وقفت مايا مكانها تنظر لادهم تبتسم كقطة بلهاء، ضحك أدهم عاليا تحرك من مكانه متوجها إليه، شردت عينيها تنظر له حالمة سروال من الجينز اسود قميص من اللون الابيض يزيح اكمام حتى منتصف ذراعه، الساعة السوداء في يده رابطة عنقه المبعثرة لما يبدو وسيما حتى وهو يعمل، وقف أدهم أمامها مباشرة يردف مبتسما:.

- أنا مش هسألك ايه اللي جابك لأن دي أحلي مفاجاءة اني اشوفك، بس ايه دخلة مباحث الفراخ اللي وصلهم معلومة أن في ديك عريان في عشة الطيور دي
ضحكت رغما عنها وضعت اللوحة من يدها جانبا لتتحرك ناحية مكتبه جلست على المقعد المجاور لمكتبه تمسك خنجر أثري يوضع كشكل جمالي على مكتب والدها التقطته بين يديها تفتحه نظرت لادهم تتمتم مبتسمة في هدوء برئ:.

- ابدا اصلي ما لقيتش السكرتيرة برة، وفي كل الأفلام اللي شوفتها البطلة لما بتروح للبطل الشغل بتاعت مفاجأة بتلاقيه بيخونها مع السكرتيرة، فقولت اقفشك وانت بتخوني
ضحك رغما عنه مجنونة تزوج بها ولكنها مجنونة يعشقها بكل تفاصيلها المجنونة، اقترب منها أكثر فأكثر فأكثر مال بجزعه ناحيتها، غمزها بطرف عينيه يهمس لها في خبث:.

- طب افرضي دخلتي لقتيني بخونك مع السكرتيرة كنتي هتعملي زي البطلة وتطلعي تجري وتعيطي والشغل دا
ابتسمت ساخرة تحرك رأسها نفيا بعنف، أزاحت غمد الخنجر ليظهر نصله الحاد، قربته من عنق أدهم تبتسم في هدوء خبيث:
- دول ستات يا قلبي، شايف الخنجر دا كنت هدبه في قلبه واقطع بيه رقابتك
ابتلع لعابه رفع يده يتحسس عنقه توترت حدقتيه ابتسم في بلاهة يردف متوترا:.

- منورة يا ميوش، منورة يا قلبي هطلبلك عصير يروق دمك. أنا اخونك بردوا يا ميوش هو أنا بحب في الدنيا قدك، هروح اجبلك العصير بنفسي
فر من الغرفة سريعا لتتعالي ضحكات مايا تنظر في أثره مبتسمة، كم تحب أدهم!

في منطقة مهجورة حقا مهجورة مصنع قديم كان تابعا لشركات السويسي للغزل والنسيج التي امتلكها محمود السويسي، مصنع متطرف في الصحاري البعيدة، وقفت سيارته السوداء أمام المصنع مباشرة، نزل هو أولا وتركها في السيارة خطي للداخل يضئ الاضواء المغلقة، دخل إلى جوف حجرة مهجورة سوداء ينظر لذلك المقيد الملقي أرضا عظامه تقريبا مهمشة بالكامل وجهه لا يُري من الكدمات، ابتسم الواقف في هدوء ساخر يتمتم متهكما:.

- اتمني تكون اقامتك عندنا نالت رضاك يا معاذ ولا نائل
بالكاد رفع ذلك الملقي رأسه ينظر للواقف أمامه نظرات سوداء غاضبة حادة سعل بعنف ليبصق الدماء من فمه رفع عينيه لنائل من جديد يتمتم محتدا:
- لعبتها صح اوووي يا زيدان، مجرد ما ماما اعترفت اني ماليش دخل بأي حاجة وافقت وشهدت معاها اني ماليش دخل عشان تخرجني، وتجبني هنا
تعالت ضحكات زيدان العالية ينظر لنائل متشفيا دس يديه في جيبي سرواله يتمتم ساخرا:.

- لا أحب الشماتة ولكن يعجبني الزمن حين يدور، واديك تحت جزمتي تاني يا نائل
اشتعلت عيني نائل غضبا تهدجت أنفاسه ليضحك هو الآخر يتمتم ساخرا يرغب فقط في الانتقام من ذلك الواقف امامه حتى ولو بالكلمات:
- كدة أنت بتنتقم، قولي صحيح هي لينا سامحتك ولا هتفضل تلف وراها طول عمرك، قد ايه أنت غبي عشان فاكر انها بتحبك، هي حبتني أنا، ودا اللي مجننك رغم كل دا، هي حبتني أنا.

-أنا حبيتك إنت ليه حد قالك اني مجنونة عشان أحب شاذ.

تمتمت لينا بها بقوة ليدوي صوت دقات كعب حذائها العالي، جحظت عيني نائل في صدمة حين رآها تدخل إلى الغرفة حيث هدوء تسير بثقة لم يعهدها منها قبلا رأسها مرفوع شامخ لأعلي، ابتسامة ساخرة واثقة تعلو ثغرها، كيف، كان على أتم يقين أنها ستجن مما فعله بها، لم يكن يتوقع في أسوء الحالات أن يراها بحالتها تلك، وكأنها أخري لا يعرفها، توجهت لينا وقفت جوار زيدان جذبت يده تلفها حول خصرها، سلطت عينيها على ذلك الشيطان الملقي أرضا ذلك الشيطان الذي دمر حياتها منذ طفولتها، خسرن بسببه كل شئ، والآن هو ملقي أمامها وكأنه شئ بالي رخيص تستطيع أن تهدسه بكعب حذائها الرفيع، ابتسمت في تشفي تنظر لحالته تتمتم ساخرة:.

- تؤتؤتؤ ايه يا نائل اللي عمل فيك كدة، دا واضح أن زيدان ايده جامدة اوي، أصله راجل مش لمؤخذة
ابتسم زيدان معجبا بما قالت في حين ابتسم معاذ ساخرا ضحك بعلو صوته نظر ناحيتها يتمتم في تهكم:
- لو ايديا مش مربوطة كنت سقفتلك، حقيقي ابهرتيني يا لينا، كنت متوقع أنك في مستشفي المجانين بتلطمي، بعد كل اللي عملته فيكي.

ابعدت يد زيدان عنها اقتربت شيئا فشئ من ذلك الملقي أرضا نزلت ناحيته تقبض على فكه باصابعها تغرز اظافرها في وجهه ابتسمت تردف في ثقة:
- أنا لينا بنت خالد السويسي، مش حتة حشرة زيك ادوسها بكعب جزمتي، تدخلني مستشفي المجانين، فاكر خالد السويسي اللي قتل ابوك
اشتعلت عيني نائل غضبا ينظؤ لها محتدا ليصيح غاضبا في حين تعالت ضحكاتها هي اعتدلت واقفة تتحرك امامه تنفش يديها باشمئزاز، عادت تنظر له تتمتم ساخرة:.

- مش أنا عرفت الحكاية كلها ماما حكتهالي، حكاية جميلة حقيقي، أبوك حاول يخطف ماما، بس بابا وصله، وضربه علقة ماما بتحكي بيها لحد دلوقتي، استني بقي وأحسن جزء في الحكاية، قام مطلع مسدسه وبيو بيو بيو
انهت كلامتها لتضحك بعلو صوتها ضحكات عالية متشفية في حين زمجر نائل غاضبا يحاول تحرير نفسه، اقتربت لينا منه من جديد امتعضت ملامحها حزنا عليه تتمتم في اسي شامت:.

- تؤتؤتؤ يا حرام، معلش، باي يا نائل حقيقي محتاجة اغسل عينيا بماية نار عشان شوفتك تاني.

قالت ما قالت لتسرع خطاها إلى خارج الغرفة وقفت خارج المصنع بالكامل تلهث بعنف لا تصدق أنها رأته، لا تصدق أنها لم تخف، لا تصدق أنها قالت ما قالت، شعرت بجسدها يرتجف بعنف، مر سريعا أمام عينيها ما فعله بها لتهبط دموعها بعنف تغرق وجهها رأت زيدان يخرج من المصنع بعد أن ابرح ذلك الشيطان ضربا لتهرع إليه تختبئ بين أحضانه تهمس بصوت خفيض مرتعش:
- أنا ما خوفتش منه يا زيدان، أنا انتصرت عليه صح.

ابتسم يشدد على عناقها يحرك رأسها بالإيجاب يهمس لها متفاخرا بها:
- انتصرتي يا لينا، انتصرتي.

الفصل مئة وأربعة وعشرون

جلست في سيارته تعيد رأسها للخلف تتنفس بعمق تلتقط انفاسها الضائعة تحاول ان تٌهدي من ضربات قلبها المتسارعة
قبضت بيدها على زجاجة العصير تقربها من فمها ترتشف منها القليل نجحت واجهت شيطان خوفها دون ان تخافه ارتسم ما يشبه شبح ابتسامة صغيرة على شفتيها
تتنهد بقوة تحاول تنظيط انفاسها المبعثرة اخيرا ابتسمت ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتيها هزمته لم يعد لشبح الماضي وجود بعد الان هي من انتصرت رغم كل ما فعله.

التفتت برأسها تنظر لزيدان الجالس جوارها تبتسم له ممتنة سعيدة تشكره بعينيها على ما قدمه ولا يزال يقدمه لها تشكره على صبره في عشقها إلى ان وصلا معا إلى النهاية
ربما هي ليست النهاية الوردية كما في كل الحكايات ولكنها على الاقل النهاية السعيدة، اجفلت من شرودها المبعثر على صوته القلق يسألها:
- لينا انتي كويسة
ابتسمت تحرك رأسها بالايجاب، ليمد يده ناحيتها يمسد برفق على خصلات شعرها يردف مبتسما:.

-تحبي نروح ولا لسه عايزة تروحي عند سهيلة
اعتدلت في جلستها تبتسم في حماس لتهمس لتردف سريعا:
- لاء طبعا نروح عند سهيلة انا هموت واشوف احمد
ابتسم لها يحرك رأسه بالايجاب دفع زجاجة عصير اخري اليها قبل ان يدير محرك السيارة يأخذ طريقه إلى منزل جاسر وسهيلة.

على صعيد آخر في سيارة ادهم المتجهة إلى مطار القاهرة الدولي وقفت السيارة امام باحة المطار الخارجية لينزل منها بصحبة مايا أمسك يدها يتوجهان سريعا إلى صالة استقبال الركاب يسرعان الخطي، الطائرة قد وصلت قبل دقائق من الآن وها هما قد تأخرا.

وقفت مايا جواره تنظر حولها هنا وهناك تبحث عن والدها بتلهف إلى ان رأته يتقدم لداخل القاعة صاحت باسمه كطفلة صغيرة لتركض ناحيته ترتمي بين أحضانه، ضحك حمزة عاليا مما فعلت ليضمها لاحضانه أكثر أشتاق لابنته الصغيرة التي لن تكبر في ناظره ابدا، ابعدها عنها قليلا يقبل رأسها احتضن وجهها بين كفيه يسألها مبتسما:
- عاملة ايه يا مايا وحشتيني اوي يا حبيبتي جيبالك معايا هدايا كتير اوووي.

ادمعت عيني مايا تنظر لوالدها في شوق لتعاود الارتماء بين ذراعيه من جديد تحتضنه بقوة هي أيضا اشتاقت له وبقوة تلك الحية زوجته الجديدة اخذته منها، منذ شهر تقريبا وهما خارج البلاد لأجل عيون زوجته المصون خرج صوتها ضعيف باكي:
- وأنت كمان يا بابا وحشتني اووي، أنا مش عايزة هدايا، أنا عيزاك أنت
ابعدها حمزة عن احضانه يقبل قمة رأسها، لف ذراعه حول كتفيها يهمس لها بخفوت حاني :.

- يا حبيبتي أنا دايما معاكي هو أنا عندي اغلي منك يا ميوش...
نظرت مايا ناحية بدور التي تقف جوار حمزة تبدو سعيدة تري سعادتها بوضوح على قسمات وجهها المشرقة لمعة عينيها توهج وجنتيها، غص قلب مايا غضبا تلك السيدة تحاول سرقة ابيها منها، اقتربت بدور منها تبتسم في توسع تحادثها بتلهف:
- ازيك يا مايا عاملة ايه يا عروسة وحشاني أوي و****.

مدت مايا يدها تصافحها بابتسامة صغيرة متكلفة صفراء، جعلت ابتسامة بدور تتوتر شئ فشئ إلى ان اختفت لتحمحم في حرج من رد فعل مايا البارد الجاف، قطب حمزة ما بين حاجبيه ينظر لمايا متعجبا مما فعلت، اقترب أدهم منهم في تلك اللحظة يبتسم في توسع يغمغم في مرح:
- سيبتك تسلمي دوري أنا بقي
اقترب أدهم من حمزة يعانقه بقوة ليربت حمزة على ظهره يغمغم له مبتسما:
- اخبارك ايه يا ابن حمزة، واخبار الشركة.

ابتعد عن أبيه يردف مبتسما:
- تمام الحمد *** كله زي الفل، سافرت إنت يا عمنا وقولت عدولي وانا اتسحلت هنا
ضحك حمزة عاليا ليصدم أدهم على ذراعه بخفة يحادثه مبتسما في ثقة:
- غصب عن عينك تتسحل عشان أنا انبسط، يلا مش هنفضل واقفين هنا طول النهار، نطلع على البيت واعمل حسابك بايتين معانا النهاردة
رفع أدهم كأنه يؤدي التحية لحمزة ابتسم يغمغم في ثبات ممتزج بمرح:.

- تمام أوامر معاليك يا افندم، هجيب الشنط واخلص الورق وانتوا استنوني في العربية
ضحك حمزة يلف يمناه حول كتف مايا ويسراه يمسك بها كف بدور خالد الصغير يتحرك امامهم يقفز في خطاه يتوجهون جميعا إلى سيارة ادهم في الخارج.

بعد غروب الشمس بقليل وقفت سيارة زيدان أمام منزل عز الدين والد سهيلة، نزلت لينا سريعا من السيارة تساعد زيدان في حمل حقائب الهدايا والألعاب الصغيرة التي جلبوها للصغير، ارتسمت ابتسامة صغيرة على ثغر زيدان وهو يراها تتحرك بتلهف أمامه تحمل ألعاب الصغير التي كانت تبتاعهم بحماس وسعادة يغرقان قسمات وجهها، تحرك بصحبتها إلى أن وصلا إلى باب المنزل بدأت لينا تقرع الجرس بشكل متواصل مزعج، جذب يدها من على الجرس يصيح فيها مدهوشا:.

- بس يا لينا انتي عيلة صغيرة
قبل أن تردف بحرف انفتح باب المنزل فجاءة ليطل وجه جاسر الغاضب يصيح حانقا:
- ايييه في ايييه حد يرن الجرس كدة يا حمارة
اشارت لينا ناحية زيدان سريعا شهقت عاليا تصيح مذهولة:
- أنا رنيت الجرس، دا زيدان، حتى هو اللي واقف عنده.

توسعت عيني زيدان في دهشة، تلك الطفلة الماكرة منذ أن كانت صغيرة وكانت تلصق جميع المصائب وتلصقها به ودوما لم يكن يصدقها أحد!، امسك جاسر بأذن لينا يشد عليها بخفة يوبخها ساخرا:
- يا بت بطلي كذب بقي هتتسخطي سحلية...
دفعته لينا في صدره بعنف رمته بنظرة سوداء قاتلة قبل أن تخطو لداخل المنزل تصيح بعلو صوتها:
- سهيلة أنتي فين
ضرب جاسر كف فوق آخر نظر لزيدان مشفقا يواسيه:
- **** يكون في عونك يا ابني على البلوة دي.

ابتسم زيدان في هدوء تقدم من جاسر ليركله بقدمه في ساقه بعنف تأوه جاسر متألما ينظر لزيدان متألما في حين ابتسم الأخير يتمتم في هدوء:
- على **** تمد ايدك عليها تاني
توسعت عيني جاسر في ذهول أعطاه زيدان الحقائب ليعدل من تلابيب ملابسه في زهو أعطاه نظرة ساخرة قبل أن يتحرك للداخل هو الآخر، مسد جاسر ساقه المكدومة بيده بخفة يتمتم ساخرا:
- ما جمع الا ما وفق فعلا.

دخل زيدان إلى غرفة الصالون يبحث بعينيه عنها رآها تقف هناك قرب الشرفة الكبيرة المطلة على الجزء الآخر من الحديقة، خطفت أنفاسه ابتسامتها الواسعة لمعة عينيها المتوهجة وهي تحمل الصغير بين ذراعيها تضمه لاحضانها تتنفس عبيره البرئ تقبل يديه الصغيرة، مشهد رائع سحر لبه، اوجع قلبه نزل بعينيه إلى بطن لينا المسطحة ليشعر بالاختناق، لو كان صغيره حي الآن، فقط لو كان، اخرج هاتفه يلتقط لها عدة صور سريعة وهي تحمل الصغير وهي تضحك ومقطع فيديو قصير وهي تلتف به حول نفسها، زيارتهم لبيت سهيلة كانت طويلة الا أنها مرت سريعا ذلك الصغير أحمد خطف قلبه وقلبها معا، انهيها زيارتهم بقبلة صغيرة زرعتها لينا على خد الصغير لتعانق سهيلة بقوة تودعها، توجهوا لمنزل والدها صف زيدان سيارته في الحديقة ليجد سيارة خالد تصتف جواره، نزل خالد من سيارته ابتسم ما أن رآهم، اقتربت لينا منه تعانقه بقوة ليلف ذراعيه حولها يشدد على عناقها، ابعدها عنه يحتضن وجهها بين كفيه ابتسم يتمتم بفخر:.

- لينا بنت خالد السويسي، خلت ابوها فخور اوي ببنته
توسعت عينيها في دهشة متي عرف أبيها ما فعلت، لتضحك رغما عنها أبيها يعلم كل شئ يحدث لهم، عادت تعانقه من جديد تهمس بسعادة:
- لينا بنت خالد السويسي أسعد بنت في الدنيا عشان عندها أب زيك
ابتسم خالد سعيدا يقبل رأسها وضع يده في جيب سترته يخرج لها لوح الشوكولاتة التي تحبه اخذتها منه في سعادة ليبتسم هو يتمتم:.

- من وانتي عيلة صغيرة وأنا متعود كل يوم اجبلك شوكولاتة وأنا جاي من الشغل، لما ما بتنكيش في البيت بشهالك في درج المكتب بتاعك، هتلاقي فيه كتير، روحي خديهم
صفقت الأخيرة في حماس، لينا أمام الحلوي تعود **** صغيرة، تحركت بحماس لداخل البيت، اقترب زيدان من خالد ليتمتم الأخير وهو يبتسم :
- اخيرا الواحد خلص من همكوا كاتكوا الارف عيال تشل.

ضحك زيدان رغما عنه يحرك رأسه يآسا خاله لن يتغير ابداا، تحرك خالد بصحبة زيدان للداخل، لوحت لينا لزيدان تصيح فيه بتلهف أن يري ما معها من حلوي، اقترب زيدان يجلس جوارها تتعالي ضحكاته على مشهدها الظريف وهي تحتضن الواح الحلوي.

وقف خالد مكانه يعقد ذراعيه أمام صدره ينظر للصورة السعيدة أمامه، لينا وزيدان، حسام وجدته، الأحمق يلعب مع جدته على جهاز الكمبيوتر المحمول يعطيها احد الادرعة التي تستخدم في لعبة كرة القدم تتعالي ضحكات زينب على مشاكسات حسام لها، نظر حوله يبحث عنها متلفها ليراها تخرج من المطبخ توجهت ناحيته ليلف ذراعه حول خصرها يقربها لصدره يقبل جبينها، ابتسمت تريح رأسها على صدره، ليتنهد هو بقوة، توسعت ابتسامته يفكر بمكر، اعتقد انه الوقت المناسب لرحلة طويلة بعيدا عن تلك العائلة المجنونة.

على صعيد آخر في منزل حمزة السويسي، خرجت بدور من غرفتها صوب غرفة مايا ابنة زوجها تحمل معها عدة حقائب هدايا جلبتهم لها خصيصا، تحركت تمشي في الممر تتنهد قلقة مايا لا تحبها بالكاد تقبلها ربما اعتقدت انها قد سرقت والدها منها ولذلك لم تفعله أبدا، ابتسمت تشجع نفسها وقفت أمام غرفة مايا رفعت يدها تدق بابها، سمعت صوتها يهتف من الداخل يأذن بالدخول، ادارت المقبض ودخلت لتري مايا تقف في منتصف الغرفة، على فراشها حقائب الهدايا التي جلبها حمزة لها، تخرج مايا منها الملابس وتقف أمام مراءتها تجربها، التفتت مايا اليها تمسك بفستان أسود طويل، نظرت لها تقطب ما بين حاجبيها في ضيق القت بالفستان على الفراش عقدت ساعديها امام صدرها ابتسمت باصفرار.

تسألها بنزق:
- نعم، خير
ارتبكت بدور من معاملة مايا ابتلعت لعابها ارتجف قلبها تزعزع ثباتها لتتنفس بعنف تحاول أن تهدئ، ابتسمت في هدوء تقترب منها اكثر رفعت حقائب الهدايا أمامها تغمغم مبتسمة في حنو:
- أنا جبتلك معايا دول **** يعجبوكي.

ظلت مايا تقف أمامها لم تبدي رد فعل واحد على ما قالت بدور، فقط تنظر لها في سخرية، وضعت بدور الحقائب على الفراش لتقترب منها وقفت أمامها مباشرة وعلى حين غرة عانقتها بقوة، توسعت عيني مايا في دهشة مما فعلت، تنظر لبدور في ذهول في حين بدأت تحادثها بدور بصوت خفيض حاني:
- أنا مش عايزة أسرق باباكي منك يا مايا زي ما انتي فاكرة صدقيني، أنا مريت بظروف بشعة اووي في حياتي ويمكن باباكي هو عوض **** ليا.

ابتعدت بدور عن مايا لتري الأخيرة انها كانت تبكي، تنهمر دموعها بعنف تغرق خديها نظرت لمايا في اسي تغمغم بقهر:
- صدقيني يا مايا، أنا مش قادرة اوصفلك حتى بشاعة اللي حصلي من جوزي الاولاني، اترددت وخوفت كتير قبل ما اقبل بعرض باباكي، خوفت ليبقي زيه، قولت هعيش لولادي بس، حب الولاد وتعلقهم بيه هو اللي شجعني اني اوافق...
مدت يديها تمسك بيدي مايا لتنظر مايا لها في شفقة ممتزجة بألم تنهدت تهمس بحرقة:.

- أنا مش عيزاكي تكرهيني يا مايا، يعلم **** أنا بحبك اووي، ودايما بحاول ابقي قريبة منك بس انتي بترفضي، انتي بتكرهيني يا مايا
ابتعدت مايا عنها خطوتين للخلف تنظر لها مباشرة في اسي تنهدت بقوة تهمس لها بخفوت حزين:
- أنا ما بكرهكيش، أنا بس مش متعودة حد يشاركني في بابا غير أنا وادهم بس، عندي إحساس دايم أنك جيتي عشان تسرقيه مني.
حركت بدور رأسها بالنفي سريعا تهمس لها بتلهف:.

- ابدا و**** يا مايا، وبكرة الايام تثبتلك اني عمري ما هبعده عنكوا ابداا، أنا بس نفسي نبقي أصحاب، مش هقولك اعتبريني زي مامتك، ينفع تعتبريني حتى صاحبتك أنا ما عنديش اصدقاء خالص في حياتي..
ابتلعت مايا لعابها تنظر لها ترددت للحظات قبل أن تتنهد تحرك رأسها بالإيجاب تبتسم في هدوء، لتسرع بدور في احتضانها من جديد تدمع عينيها من السعادة تهمس لها ممتنة:
- بجد أنا متشكرة اوي يا مايا، شكرا ليكي.

ابتسمت مايا في هدوء بدور زوجة أبيها ليست سيئة كما ظنتها، فتحت بدور حقائب التي ابتاعتها لها تريها إياها في سعادة ترتسم على قسمات وجهها
بينما في الأسفل تحديدا في مكتب حمزة، يجلس حمزة جوار أدهم امامهم الكثير والكثير من الأوراق، رفع أدهم وجه نظر لحمزة يتمتم مبتسما:
- بس يا باشا دي كل الصفقات والمعاملات االي حصلت في الشركة الفترة اللي فاتت، ايه رأيك سديت جامد مكانك.

ضحك حمزة بخفة يصدم أدهم على رأسه برفق يردف ضاحكا:
- طول عمرك سادد مكاني يا حمار مش جديدة اديني جيت اهو عشان ما تقعدش تولول سايبني مسحول في الشغل لوحدي
انكمشت ملامح ادهم في اسي يغمغم متحسرا على حاله:
- آه و**** اتسحلت وأنا عريس حسبي **** ونعم الوكيل
توسعت عيني حمزة في دهشة ليمد يده يقبض على تلابيب ملابس أدهم يرميه بنظرات حادة غاضبة يهمس متوعدا:
- بتحسبن على مين يلا.

شخصت عيني أدهم من الصدمة زلت لسانه الصغيرة، ستؤدي إلى أن يزل عنقه من فوق رأسه، ابتلع لعابه يهمس مرتبكا:
- ففففي الشغل طبعا يا باشا، أنا اقدر بردوا
ضحك حمزة ساخرا يدفعه بعيدا عنه ليعود لمقعده من جديد، لحظات صمت قبل أن يلتقت حمزة برأسه من جديد له يسأله مبتسما:
- صحيح أخبار جدتك واخوك ايه
ارتسمت ابتسامة هادئة مطمئنة على شفتي أدهم يردف مبتسما:.

- الحمد ***، مراد **** هداه أنت عارف دا ما بقاش بيفوت فرض، ودلوقتي شغال في شركة عمي خالد...
صمت للحظات قبل أن يضحك بخفة يردف من بين ضحكاته:
- أما جدتي بقي لسه زي ما هي اي حد ببضايقها بالشبشب، مراد ما بقاش عنده وقت يقف في المحل قعدنا ساعتين أنا وهو نتحايل عليها انها تبطل تقف في المحل وهنجيب عامل يقف فيه، وهي رافضة رفض تام، آخر ما زهقت مننا قلعت شبشبها وقالت اللي هينطق هديله بالشبشب على بوقه.

انفجر حمزة في الضحك على ما قال، نظر لادهم يتمتم من بين ضحكاته:
- و**** جدتك دي ست عسل، **** يخليهالك
توقفت ضحكات ادهم لتبقس ابتسامة كبيرة تزين ثغره حين مد يده يمسك بكف حمزة يقبله يهمس له بصدق:
- ويخليك لينا يا بابا وما يحرمنا منك ابداا
ادمعت عيني حمزة، ليعانق أدهم بقوة يربت على رأسه وظهره يهمس له في مرح حاني:
- بس ياض بقي إنت عارف إن دمعتي قريبة وقلبي رهيف.

بعد قليل جذبهم من الداخل صوت ضحكات مايا وبدور نظر ادهم وحمزة كل منهما للآخر في عجب، قبل أن يتحركا للخارج، ليروا خالد الصغير ابن بدور يجلس على ارض المطبخ يضع صحن كبير فوق رأسه يدق على احد الاواني كأنه عازف طبول بمعلقتين من الخشب، مشهده جعل الجميع يضحك، عادا حمزة الذي توجه بانظاره ناحية مايا وبدور التي تقفان جوار بعضهما البعض في مشهد رائع يشبه أم وابنتها لترتسم على ثغره ابتسامة كبيرة يتنهد بارتياح.

في صباح اليوم التالي تحديدا في مستشفي الحياة، نظرت لينا في ساعة يدها لتجدها قد تجاوزت الثالثة عصرا، حملت حقيبتها تستعد للرحيل، خرجت من باب المستشفى حيث سيارتها بالخارج، توسعت عينيها في دهشة حين رأت سيارة خالد تصف بالخارج، خالد هنا، نزل هو من السيارة في اللحظة التالية توجه ناحيتها مبتسما يغمغم مبتهجا:
- وحشتيني، سيبي العربية السواق هيروحها وتعالي اوصلك.

ابتسمت سريعا تحرك رأسها بالإيجاب لتتحرك بصحبته إلى سيارته جلست على المقعد المجاور له ليدير هو محرك السيارة ابتسم يسألها يثبت انظاره على الطريق:
- ما سامحتيهاش مش كدة
ابتسمت في هدوء فهمت عن من يتحدث فتنهدت تردف ببساطة:
- السماح مش بالسهولة دي يا خالد، واللي هي عملته فيا ما يتنسيش...
تبدلت ابتسامته باخري حزينة ليمد يده امسك بكف يدها يقبله يهمس لها مترفقا:
- حقك عليا.

ابتسمت في هدوء تسحب يدها من يده تخللها في خصلات شعره، نظرت ناحية الطريق لمحة خاطفة لتقطب ما بين حاجبيها في دهشة، دقتت النظر للطريق ليس طريق عودتهم بأي حال من الاحوال التفتت له تسأله مدهوشة:
- خالد احنا رايحين فين دا مش طريق البيت
ابتسم تلك الابتسامة الماكرة التي تعرفها جيداا، حرك رأسه بالإيجاب التفت لها يغمزها بطرف عينيه ابتسم يهمس في خبث:
- هخطفك.

توسعت عينيها في اندهاش بما يهذئ ذلك الرجل عن اي اختطاف يتحدث هو، التفتت بجسدها ترمش بعينيها في ذهول تنظر له في دهشة تصيح فيه:
- خالد أنت بتتكلم بجد ولا بتهزر، خالد وقف العربية وفهمني
قلب عينيه في ملل لما لا تجاريه فقط، ماذا سيحدث ان اختطفها وكأنها لم يفعلها قبلا مرارا وتكرارا، اوقف سيارته على جانب الطريق التفت له بجسده ابتسم يردف في هدوء:.

- حبيبي انتي متعصبة ليه، هي اول مرة اخطفك، نبعد شوية عن مشاكل العيلة بنت المجانين دي، أنا وانتي وشالية الساحل
غمزها بطرف عينيه في نهاية كلامه لتتوسع عينيها في دهشة، لا يمزح كانت تظنه يمزح، كيف ستستافر هكذا فجاءة، هي حتى لا تملك ملابس سوي التي ترتديها، حركت رأسها بالنفي تصيح فيه:.

- ما تهزرش يا خالد يعني ايه نسافر كدة فجاءة، حسام اللي فرحه بعد اقل من شهرين، ولينا وزيدان، ومامتك وشغلي، دا أنا حتى ما عييش هدوم يا خالد
انتظرها إلى ان توقفت عن الصياح، ليقترب منها يكوب وجهها بين كفيه يحادثها مبتسما:.

- خلصتي صريخ، شنط هدومك فئ العربية دي أول حاجة، لينا ومعاها زيدان وخلاص مشكلتهم اتحلت، حسام كدة كدة هيقعد معانا في الفيلا، أنا سلمت الموضوع لمهندس ديكور هفتح الحناج الشرقي ليه، وامي معاها حسام والممرضين والخدم وحمزة وعمر وياسمين قريبين، الشهرين الجايين بتوعي أنا وانتي وبسس.

شهرين!، ردتتهم في نفسها بدهشة سيبتعدون عن البيت شهرين، ابتسمت رغم دهشتها، حقا اشتاقت لمفاجاءت خالد الغريبة وها هي على وشك خوض مغامرة منها، ابتسمت تهمس له ضاحكة:
- إنت مجنون و**** العظيم مجنون يا قلبي
اسند جبينه على جبينها يتنفس عبيرها بشغف يهمس لها بخفوت عاشق:.

- أنا عاشق يا قلبي، فاكرة الكلام اللي قولتهولك زمان، لا تلوموا عاشقا ولا تنعتوه بالجنون، فلو أصابك العشق مثله لقضيت الليالي تهذي كالمحموم، فما فائدة العشق أن لم يتحلي بالجنون، فالعشق داءً وأنا بمعشوقتي مجنون.

ادمعت عينيها تحرك رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري كأنها تخبره أنا لن أنسي ابدا كل همسة تخرج من قلبك يعرفها القلب قبل العقل، ارتمت بين أحضانه ليحاوطها بذراعيه لحظات طويلة من الصمت قبل أن يهمس لها بصوت خفيض عابث:
- ابعدي يا بسبوسة بدل ما نتقفش فعل فاضخ زي بنتك الهبلة والواد زيدان يشمت فينا.

ضحكت لينا بخفة ابتعدت عنه تصدمه في صدره برفق ليغمزها بطرف عينيه يتمتم عابثا: ّ- كلها ساعات يا قلبي ونوصل لعشنا السعيد
ضحكت عاليا تحرك رأسها يأسة من تصرفات خالد التي لن تتغير أبدا...

على صعيد آخر في جامعة لينا، انهت يومها الدراسي خرجت تستقل سيارتها متوجهة إلى مقر عمل زيدان، استعانت بالقمر الصناعي لتذكر طريق عمله، حين وصلت إليه ابتسمت في توسع تكافئ نفسها على انجازها الرائع، نزلت من السيارة متجهة للداخل تبحث عن مكتبه سألت أحد العساكر عن مكتبه ليدلها عليه، حاولت أن تدخل ليوقفها العسكري على باب غرفته اخبرته بهويتها، ليدخل هو إلى الغرفة وقفت تنتظر خارجا لحظات فقط ورأته يهرع إلى خارج الغرفة وقف امامها يسألها قلقا:.

- أنتي كويسة حصلك حاجة، ابتسمت في خفة تحرك رأسها بالنفي ليتنهد بارتياح، امسك كفها يجذبها معه لداخل الغرفة، يغلق الباب عليهم، ترك كفها ليحاوط وجهها بكفيه نظر لمقلتيها يهمس لها قلقا:
- وقعت قلبي في رجليا لما عرفت أنك برة، انتي كويسة بجد، المفروض لسه عندك محاضرة.

ابتسمت تشعر حقا بالسعادة حين تراه قلقا عليها، ذلك الشعور اللذيذ الذي يداعب خلايا قلبها برفق، رفعت يدها تزيح كفيه لتحاوط عنقه بذراعيها ابتسمت تهمس له:
- المحاضرة اتلغت قولت اعملك مفاجأة، وحشتني.

ما إن نطقت جملتها حتى عاد يلحم ثورة مشاعره الهائجة، عادت غيمات عشقه لترعد سماءه تصرخ بعشقه إلا محدود، وتنير ملقتيه ببرق الحب، التحمت ثورته مع حبات البندق يدمج عشقه بعشقها للحظات خارج حدود الزمان والمكان، ابعدته عنها تصدمه في صدره تنهره حانقة:
- ولو حد داخل يا زيدان باشا المنحرف أنت
ضحك عابثا على ما قالت، ليمسك بكف يدها يتوجه بها إلى الأريكة في مكتبه تركها تجلس عليها وقف امامها يتمتم مبتسما:.

- هجبلك عصير مش هتأخر.

تحرك لخارج المكتب سريعا ظلت تتابعه بعينيها، نظرت حولها إلى غرفة مكتبه، تحركت من مكانها إلى كرسي مكتبه الذي يجلس عليه، جلست فوقه تنظر لاسمه المنقوش على لوح من الخشب موضوع فوق المكتب حملته بين يديها تنظر له تبتسم تتنهد حالمة، التقطت هاتفه الموضوع فوق سطح المكتب، بالطبع تعرف رقمه السري فتحته تعبث فيه بضع لحظات، قبل ان يدق الهاتف في يدها ويظهر اسم انجليكا مكتوب مكتوب بالعربية وجواره قلب باللون الأحمر وعلامة اللانهاية استشاطت مقلتيها غضبا، من الاسم فقط تنفست بعنف فتحت الخط تضع الهاتف على اذنها لتسمع الحية الشقراء تصيح فرحة:.

- zedan How are you، l miss you so much، zedane , do you hear me، hello، zedane.

زفاف رائع بكل ما تعنيه الكلمة من معني الموسيقي الضحكات الصور، يتلقون المباركات السعيدة من الجميع كل ذلك لا يهم، ما يهمه حقا أنها باتت اخيرا وبعد طول انتظار زوجته!، الكلمة فقك طارت مع انغام قلبه إلى لا نهائية العشق، لا يصدق متي انتهي ذلك الزفاف، ليحملها بين ذراعيه يتوجه بها إلى غرفتهم في منزل والده حيث أولي ليالي عشقهم، ما إن دخل إلى الغرفة انزلها أرضا ليقبل جبينها كوب وجهها بين كفيه تلمع عينيها عشقا يهمس لها بشغف:.

- اخيرا بقيتي مراتي اخيرا، بحبك اوي يا سارة.

ابتسمت له في خجل تخفض رأسها لأسفل تحرك رأسها بالإيجاب، لفها بذراعيها يعانقها بقوة يغرزها داخل صدره يدخلها دوامة عشقه للمرة الأولى، وبعد أن كان ما كان وسكتت شهرزاد عن الكلام الذي لا يقال اضطجع حسام بجسده على الفراش يبتسن سعيدا اليوم تزوج من اختارها قلبه، يشعر أنه يعيش في حلم وردي سعيد حانت منه التفاتة خاطفة إلى فراشه ليقطب جبينه في عجب، ابتعد عن فراشه ينظر لسطحه النظيف ليقطب جبينه متعجبا مدهوشا أين، أين هي، أين تلك القطرات الثمينة المقدسة، انتفض يزيح الغطاء كاملا ينظر لسطح الفراش كاملا في صدمة، لا شئ التفت خلفه على صوت الباب ليجد زوجته تخرج من المرحاض توا تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة، اتجه ناحيتها يقبض على رسغ يدها جذبها ناحية الفراش يشير بيده إلى سطحه يتمتم محتدا:.

- ايه دا يا سارة هانم؟!
نظرت له مذعورة لتنظر لما يشير أدمعت عينيها تحرك رأسها نفيا هي حقا لا تعلم، شهقت في ذعر حين قبض بأصابعه على ذراعيها يهزها بعنف يصرخ فيها بجنون:
- يعني ايييييه، كنت بقول جوزها اللي هيلبس المشاريب اتاريني أنا اللي هلبس المشاريب، أنا هقتلك هموتك.

حركت رأسها نفيا تبكي مذعورة تريد فقط فرصة لاخباره ولكنه رفض حتى الإستماع دفعها هو ناحية الفراش يقبض بيديه على عنقها عينيه سوداء لا يري فيها سوي العذاب، يقسم على الثأر لشرفه بإزهاق روحها.



25-12-2021 04:07 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [237]
 صورة زهرة الصبار الشخصية
زهرة الصبار
عضو فضي
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
أنثى

الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
offline

look/images/icons/i1.gif
رواية أسير عينيها

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وخمسة وعشرون

- هقتلك يا سارة، أنا هموتك، هقتلك، هقتلك
حسام حسام أنت يا ياض رد عليا.

شهق بعنف وكأنه كان يغرق في بحر من الافكار السوداء كاد يموت غرقا فيها لولا أن انقذه أحدهم قبل لحظة النهاية ابتلع لعاه الجاف ارتجف جسده لينظر لشاشة التلفاز أمامه، كان يشاهد احدي الافلام العربية القديمة، مشهد زفاف وقتل العروس لأنها آثمة كما ظنوا بها الظنون، لا يعرف ماذا حدث بعدها هل نام وما رآه كان حلم لا يتذكر أنه غفي ربما هي هلاوس احلام يقظة تأثر فيها بلقطات ذلك الفيلم الغريب، تسارعت أنفاسه يلهث بعنف وضع يده علي صدره يشعر بدقات قلبه تتضارب داخل قفصه الصدري، حلم كان يحلم او ربما يهذي، تنفس بعمق يحاول أن يهدئ التفت برأسه جواره حين سمع جدته تهمس له قلقة:.

- مالك يا حسام أنت كويس يا ابني، اكلم أبوك
ابتسم لها في شحوب يحرك رأسه بالنفي سريعا، امسك كف يدها يقبله يهمس لها في هدوء زائف:
- لا ما فيش داعي أنا بخير الحمد ***، هطلع اخد دش حاسس اني غرقان في عرقي.

قبل رأسها، قبل ان يتحرك لأعلي حيث غرفته، مر في طريقة علي الجناح الشرقي والاصوات المزعجة القادمة منه نتيجة هدم الحوائط الفاصلة بين غرفه ابتلع لعابه مرتبكا حين تذكر أن كاد يخنقها بيديه، ليتوجه إلي غرفته سريعا يبحث عن هاتفه، طلب رقم زيدان مرة واخري واخري دون رد، القي الهاتف علي الفراش بعنف يتحرك في الغرفة بغير هدي يشد بيديه علي خصلات شعره وقف فجاءة في منتصف الغرفة يتنفس بعنف يحادث نفسه حانقا:.

- ما تهدي كدة يا حسام في ايه دا حلم هلاوس من الفيلم المتخلف اللي كنت بشوفه، ايوة صح بعد فيلم سوبر مان حلمت أن أنا بطير بالفانلة الحمالات، حلم هلاوس حلم مالهوش معني، أنا هروح لزيدان...
توجه سريعا الي المرحاض ليغتسل ويبدل ثيابه متوجها إلي منزل صديقه.

- لينا استني يا لينا يا لينا.

همس بها زيدان حانقا يحاول اللحاق بزوجته التي يكاد يقسم أنها لو اشتركت في مسابقة العدو لفازتها فقط وهي تمشي، منظره أمام الجميع بائس وهو يحاول اللحاق بزوجته المصون التي اندفعت لخارج المكتب ما أن رأت اسم انجيلكا علي سطح الشاشة، أسرع في خطاه ليمسك برسغ يدها حاولت نزع يدها من يده كادت أن تصيح فيه أن يتركها لولا تلك الأعين التي تنظر لهم في استنكار لذلك شدت علي أسنانها تهمس له بصوت خفيض غاضب:.

- سيبني احسنلك بدل ما اعملك فضحية في القسم
اقترب منها أكثر حتي سحق تلك المسافة الضئيلة التي ينتفس منها الهواء، نظر حوله سريعا ليعاود النظر إليها يهمس لها حانقا:
- يا لينا ما ينفعش اللي بتعمليه دا، مجرياني وراكي في القسم، هفهمك كل حاجة و**** بس تعالي معايا المكتب.

ضيقت حدقتيها ترميه بنظرات حادة غاضبة تنهش الغيرة حدقتيها الحية لازالت تسعي خلفه ستريهما معا من هي ابنة عائلة السويسي، نزعت يدها من يده بعنف ترفع رأسها لأعلي في إباء تحركت عائدة إلي غرفة مكتبه، ليتنهد تعبا يهمس في نفسه:
- مجنونة قسما ب****.

تحرك عائدا لغرفة مكتبه دخل إليها ليراها تقف في منتصف الغرفة تحرك ساقها اليسري بسرعة تعبر عن غضبها تكتف ذراعيها أمام صدرها تنظر له وكأنه وغد دنئ حاول سرقة حقيبتها الجديدة، ابتسم ساخرا ليتحرك إليها أمسك ذراعيها بين كفيه بهدوء يحادثها:
- يا لينا يا حبيبتي مش أنا اللي مسجل اسمها علي الموبايل ومخدتش بالي خالص من حكاية القلب دي صدقيني.

فكت عقدة ذراعيها تبعد يديه عنها اقتربت منه تضيق عينيها شرزا قبضت علي تلابيب ملابسه تهمس له حانقة:
- دي حاطة قلب أحمر وعلامة لا نهاية، حب للأبد يا زيدان باشا.

رفع حاجبه الأيسر ينظر لكف يدها الذي يقبض علي تلابيب ملابسه مستهجنا ما تفعل ارتفع جانب فمه بابتسامة خبيثة ليتحرك للامام وهي تقبض علي تلابيب قميصه توترت حدقتيها للحظات مما فعل قبل أن تحمحم بعنف تحاول إستعادة ثباتها الغاضب نظرت لحدقتيه الماكرة حين مال برأسه يهمس لها جوار اذنها متوعدا:
- سيبي القميص بدل ما نتمسك فعل فاضح جوا القسم.

احمرت عينيها غضبا هل هذا وقت وقاحته لا ابدا هي غاضبة وستظل كذلك تركت قميصه بعنف تحركت لتغادر المكان تتمتم حانقة:
- أنا غلطانة اني سمعت كلامك وجيت معاك المكتب...
تحرك سريعا يلحق بها قبل أن تغادر امسك برسغ يدها يجذبها إليه التفتت له تنظر لحدقتيه في غيظ في حين صاح هو حانقا:.

- لينا بطلي شغل العيال دا واسمعيني المفروض يبقي في بينا ثقة اكتر من كدة، أنا حلفتلك أن مش أنا اللي سجلت اسمها وماخدتش بالي اصلا من موضوع العلامة والقلب، اعمل ايه تاني عشان تصدقي.

صمت ينتفس بعنف، نظرت لوجهه تعلم أنه صادق ولما سيكذب من الأساس ولكن ما يغضبها حقا أن تلك الحية لازالت علي اتصال به إلي الآن، لما، ألم ينتهي كل شئ، وتبدد خلافهما للأبد لما لا تزال الحية تتواصل معه، توجهت ناحية مكتبه تمسك بهاتفه اشهرته أمام وجهه علي اسم انجيلكا تصيح في غيظ:.

- ماشي أنا مصدقاك مش أنت اللي مسجل الاسم، ممكن أعرف بقي ليه ست انجليكا هانم لسه بتتصل بيك لحد دلوقتي، أنا مراتك ومن حقي اعرف جوزي بيكلم الهانم دي ليييه
زفر أنفاسه حانقا من عنادها اقترب منها يقف أمامها من جديد رفع سبابته امام وجهه عقد ما بين حاجبيه يتمتم محتدا:
- وطي صوتك يا لينا احنا بتناقش مش بنتخانق...
صمت يتنهد بعمق قبل أن يردف في هدوء:.

- أنا وانجليكا بقالنا فعلا شهور ما بنتكلمش من ساعة ما رجعت روسيا وأنا ما حاولتش اتواصل بيها بأي شكل من الأشكال وما اعرفش حتي هي متصلة بيا دلوقتي ليه...
اولاها ظهره يدس يديه في جيبي سرواله يغمغم في سخرية:
- المفروض يبقي في ما بينا ثقة عن كدة يا لينا، مش معاملة الزوج الخاين اللي اتقفش
بالجرم المشهود.

زفرت أنفاسها في غيظ ماذا تقول له كدت أن اتميز غظيا فقط من رؤية اسمها صوتها المائع وهي تصيح باسمك يشعل دماء الغيرة في عروقي يدفعني لتمزيق عنقها ونزع لسانها من مكانها لتتوقف عن نطق اسمك، تنهدت قبل أن تتحرك ناحيته التفت حول مكتبه لتصل إليه وقفت أمامه مباشرة تنظر إليه فحين تحاشي هو النظر إليها، ابتسمت في خبث لتضع رأسها علي صدره تهمس له في هدوء ناعم:
- أنا بغير عليك يا زيدان ومن حقي اغير علي جوزي.

رفع حاجبيه في سخرية ابتسم في خواء يحادثها:
- دي مش غيرة يا لينا دي قلة ثقة، في فرق كبير اوي بينهم
تنهدت حانقة من عناده رفعت رأسها له تنظر لقسمات وجهه الغاضبة عينيه التي ترفض النظر إليها أنفاسه الحادة المتسارعة كانت علي وشك قول شئ حين انفتح الباب فجاءة ودخل حسام! منه توسعت عيني حسام ما أن رآهم ليصيح غاضبا:.

- يا نهار ابوكوا أسود دا التار ولا العار بقي، قولت تيجوا القسم وتتمسكوا فيه، بدل ما تتقفشوا برة ومشوار وعطلة
ابتسم زيدان ساخرا في حين انتفضت لينا بعيدا عن زيدان تنظر لاخيها حانقة اقتربت منه ابتسمت تردف في استفزاز ساخر:
- مالكش دعوة يا حقود وبعدين إنت ازاي تدخل من غير ما تخبط علي الباب وفين العسكري اللي واقف برة.

اغتاظ حسام منها ليخطو تجاهها امسكها من تلابيب ملابسها من الخلف يحركها للأمام وللخلف يتمتم في غيظ:
- يا بجحة يا شبر ونص، لو انتي مرات الواد دا بقالك سنة بالكتير فأنا صاحبه من خمس سنين كل اللي في القسم هنا يعرفوني، يعني أنا ارميكي برة لو عايز
اطاحها ناحية زيدان ليمسك بها الأخير سريعا قبل أن تسقط التقت أعينهم للحظات اسبلت جفنيها تنظر له برقة قبل ان يشيح بوجهه عنها ينظر لحسام يحادثه حانقا:.

- حسام بطل هزار البوابين بتاعك دا
اشار حسام بسبابته ناحية لينا باشمئزاز يتمتم بترفع:
- طلع السحلية دي برة عشان عاوزك في كلمتين لوحدنا.

توسعت عيني لينا في غيظ احمرت حدقتيها غضبا كادت أن تخلع حذائها ذو الكعب الرفيع وتدق رأسه به، الا انها تذكرت انها ترتدي اليوم حذاء أرضي دون كعب مناسب للذهاب للجامعة فمن سترتدي حذاء طو كعب رفيع وهي في طريقها للجامعة، كورت قبضتها في غيظ تتوعد له فئ نفسها، سمعت في تلك اللحظة صوت زيدان يحادثه:
- خد اختك واستنوني في العربية هودي الملف دا لخالي محمد واجي.

تحرك هو أولا يجذب سترته وهاتقه ظلت للحظات تقف تنظر في اثره غاضبة منه ومن نفسها، تحرك حسام ناحيتها يحادثها:
- يلا يا لينا.

التفتت له تبتسم في خبث حركت يدها علي رقبتها وكأنها تتوعده بالقتل توجست نظراته مما فعلت خاصة حين تحركت تمشي أمامه في هدوء تام وكأنها لم تفعل شيئا توجه حسام لسيارته في حين انتظرت هي زوجها العزيز الغاضب في سيارته، لحظات ورأته يتوجه إلي السيارة، استقل المقعد المجاور لها ادار محرك السيارة ليتمتم بجملة واحدة قبل أن يغادرا:
- علي فكرة خالي خد اجازة وخد ماما وسافروا الساحل.

توسعت عيني لينا في دهشة تبتسم رغما عنها والدها لن يتغير ابدااا.

بعد طريق طويل وصلت سيارتهم أخيرا إلي منزل الساحل، ذلك المنزل الصغير الذي جمع خيوط عشقهم منذ عودتها إليه من جديد أوقف السيارة ينظر لوجهها وهي نائمة يبتسم، قلبه يخفق بعنف، سنوات مرت بسرعة البرق لما يجب أن يركض العمر بتلك السرعة، تنهد يمسح بكفه علي حجابها، نزل من السيارة ينزل الحقائب يدخلهم إلي البيت، أضاء المنزل المظلم ليعود إليها من جديد يمسح علي وجهها برفق يحادثها هامسا:.

- لينا، اصحي يا حبيبتي، لينا
اطلت عليه بينوبع مياة عشقه تبتسم له ناعسة تثأبت تسأله بصوت متحشرج ناعس:
- وصلنا؟

حرك رأسه بالإيجاب يبتسم لها، لتقبل وجنته فتحت الباب المجاور لها تنزل من السيارة كادت ان تدخل الي المنزل حين جذب عينيها مشهد غروب الشمس وهي تسقط علي موج البحر عادت إدراجها وقفت علي رمال الشط خلعت حذائها تستشعر موج البحر يداعب قدميها، نظرت حولها لا أحد من الجيد أن المكان فارغ الآن مدت يدها تنزع حجاب رأسها تسدل خصلات شعرها لتبتسم تنظر لضوء الشمس عند غروبها لتمسك بخصلة حمراء من شعرها تشبه شمس الغروب، اجفلت حين شعرت به يلف ذراعه حول كتفيها اسندت رأسها الي صدره ينظران معا لغروب الشمس، تنهدت تهمس له:.

- شكرا أنك موجود في حياتي يا خالد
ابتسم لها يشدد من احتضانها لصدره هي تنظر لها تنهد بحرارة يهمس لها:
- شكرا انك كل حياتي يا لينا.

التفتت له ليصبح وجهها مقابلا له ينظر لعينيها وتغوص في مقلتيه تسبح معه بين أمواج العشق وشمس الغروب تلون امواجهم بلهب القلب النابض عشقا حتي النهاية، ابتعدت عنه تتحرك ناحية المياة التي لامست ركبتيها انحنت قليلا تنظر له تبتسم في براءة لتقذفه فجاءة بالماء صدحت ضحكاته العالية ليتحرك إليها يحملها بين ذراعيه فجاءة يردف من بين ضحكاته المتشفية:
- بترمي عليا ماية دا أنا هعملك طعم اصطاد بيه السمك.

ضحكت عاليا تتعلق بعنقه هنا بين امواج ضحكاتهم لا نهاية لها.

حين وقفت السيارة في حديقة منزل زيدان نزل منها دون كلمة واحدة، استشاطت غضبا من تجاهله، نزلت تلحق بهم لتجد شقيقها يقترب منه همس له ببضع كلمات لم تسمعها في حين حرك زيدان رأسه بالإيجاب نظر ناحية لينا يحادثها في هدوء جاف:
- حضرلينا العشا علي ما اتكلم مع حسام
رفعت حاجبها الأيسر مستهجنة ما يقول كتفت ذراعيها أمام صدرها تتمتم ساخرة:
- امرك يا سي السيد.

التفت ترحل غاضبة في حين ابتسم زيدان يأسا، امسك بيد حسام دخل معه إلي حجرة مكتبه، تهاوي حسام علي اول أريكة قابلته يخفي وجهه بين كفيه نظر زيدان له قلقا جلس جواره يربت علي ساقه يسأله:
- مالك يا ابني فيك، احكيلي.

رفع حسام وجهه ينظر لصديقه بأعين شاردة خائفة متوترة تنهد بعنف يزفر أنفاسه الجاثمة علي قلبه تتغلغل فيه كالنيران حين تأكل اللحم الحي، عاد يزفر مرة واخري واخري وكأنه يحاول أن يهدئ، ابتلع لعابه يغمغم فجاءة:
- هحكيلك بس ما تقاطعنيش
حرك زيدان رأسه ليبدأ حسام يسرد عليه ما رآه في حلمه او في هلوسته، هو حقا لا يعرف ماذا حل به، انهي كلامه ينظر لصديقه متوترا في حين ضحك زيدان رغما عنه يردف بذهول من بين ضحكاته:.

- حسام أنت بتهزر صح كل اللي أنت فيه دا، بسبب تخاريف حلم من فيلم عربي قديم
هنا هب حسام واقفا يفرك يديه تارة يجذب بها خصلات شعره تارة بتحرك بلا هدي في انحاء الغرفة تارة وقف فجاءة ينظر ناحية زيدان لينفجر صائحا يخرج ما يجيش بقلبه من قلق:.

- يا زيدان افهمني وبطل ضحك، أنا خايف، خايف علي سارة مني، أنت عارف اني بعاني من النوبات اللي بتجيلي، مش عارف ليه أنا حلمت الحلم دا ولا افتكرت الموقف دا أنا كنت نسيته تماما، أنا واثق أن سارة ما تغلطش، مش كدة يا زيدان سارة ما تغلطش الغلطة دي صح.

تفهم زيدان خوف صديقه في تلك اللحظة كم شعر بالندم لأنه استعان به هو تحديدا لو كان فقط يعلم بأنه سيكون هو زوجها لما استعان به أبدا، هو من ادخل الشك لقلب صديقه دون قصد منه ابداا، وقف اقترب من حسام وضع يده علي كتفه يحادثه برفق:.

- اهدا يا حسام، الموضوع مش اكتر من حلم هلاوس بيحاول الشيطان يزرعها في عقلك، عشان ينكد عليك فرحتك، أنت واثق قبلي أن سارة شخصية حساسة وبريئة وبيور ما تعملش غلطة زي دي أبدا، ما تخليش الشيطان يلعب بعقلك يا صاحبي...

تنهد حسام بعنف يمسح وجهه بكفي يده يحرك رأسه بالإيجاب دون توقف يؤكد علي كل كلمة قالها صديقه يطرد بها وساوس شيطان اقتحم عقله ليؤرق نومه ويزرع الشك في قلبه، في اللحظة التالية كانت تفتح لينا باب غرفة المكتب بعنف نظرت لهما معا تضيق عينيها تحاول أن تعرف فيما كانا يتحدثان رسمت ابتسامة صفراء علي شفتيها تغمغم ساخرة:
- العشا يا سي زيدان.

ضحك حسام رغما عنه في حين ابتسم زيدان ساخرا، ربت علي ظهر حسام الواقف جواره يحثه علي التحرك معه لغرفة الطعام اخفض صوته يهمس له ساخرا:
- خد بالك هتلاقيها حاطلنا سم في الأكل.

توسعت عيني حسام في توجس لا يستبعد أن تفعل شقيقته المجنونة ذلك توجهوا جميعا إلي غرفة الطعام قبل أن يصل زيدان اتاه اتصال من محمد وقف في صالة المنزل يجيبه، تقدم حسام لصالة الطعام لمح لينا تضع شيئا علي المعكرونة التي في طبقه هو!، عض شفتيه متوعدا لها، دخل إلي الغرفة في هدوء كأنه لم يري شيئا، ابتسمت لينا له ببراءة خبيثة جلس في مقعده كادت أن تجلس حين شهقت فجاءة تتمتم:
- نسيت السلطة.

هرولت لخارج الغرفة ابتسم حسام في خبث لا يقل عنها مثقال ذرة أبدل طبقها بطبقه، لحظات والتف الجميع حول المائدة ابتسمت لينا في انتصار تغمغم بخيلاء:
- باستا بالوايت صوص واستيك بالمشروم صوص وسيزر سلاد
ابتسم حسام ساخرا يعدل ما تقول بطريقته:
- مكرونة ناية ببشاميل خفيف ما يبتلعبش ولحمة نص سوا عليعا مشروم محروق، وطبق سلطة عليه صدر فرخة بايتة.

ختم كلامه بابتسامة كبيرة صفراء مستفزة لتطحن لينا أسنانها في غيظ تنظر له بتشفي الآن فقط ستنتقم من شقيقها الاحمق علي إهانته وسخريته منها، جلست تأكل من طبقها باستمتاع تختلس النظرات إليه بين لحظة واخري تنتظر إلي أن تظهر علامات الألم علي وجهه، لكن بدلا من ذلك بدأت تشعر هي بألم غريب غير مبرر يطحن امعائها نظرت ناحية شقيقها لتري ابتسامته المتشفية غمزها بطرف عينيه يهمس لها ساخرا:
- تعيشي وتاخدي غيرها.

سبته لينا بغيظ لتهرول إلي خارج الغرفة إلي المرحاض قطب زيدان جبينه قلقا نظر لحسام يسأله:
- هو في ايه، ايه اللي حصل
تحرك حسام من مكانه يمسك بطبق الطعام الموضوع أمام لينا توجه به إلي سلة المهملات في يلقي ما فيه داخلها نظر لزيدان يتمتم ضاحكا في تشفي:.

- لينا هانم كانت حطالي ملين في الأكل فأنا بدلت طبقي بطبقها، وضع الطبق علي الطاولة من جديد اخرج قلمه من جيب سترته يبحث عن ورقة صغيرة إلي أن وجد واحدة خط عليها اسم نوع دواء معين أعطاه لزيدان يغمغم مبتسما:
- اتصل بأي صيدلية خليهم يجبولك البرشام دا ليها، أنا ماشي يا صاحبي سلام.

رحل حسام في هدوء تام وكأنه لم يحدث كارثة، سريعا كان يطلب حسام اقرب صيدلية له يخبرهم باسم الدواء، صعد لأعلي يبحث عنها دخل الي غرفتهم ما ان خط داخلها رآها تخرج من باب المرحاض وجهها شاحب تمسك تبسط يدها علي معدتها هرول إليها سريعا لترتمي علي صدره تأن من الألم، مسح علي رأسها بخفة يهمس لها قلقا:
- دقايق والعلاج هيجي، حد يعمل الجنان دا بردوا يا لينا.

تأوهت من جديد من ألم امعائها الطاحنة، شدت علي أسنانها تهمس له في غيظ:
- كنت عايزة انتقم منه عشان اتريق عليا. في القسم وفضل يمطوح فيا ولا كأني لعبة وكان هيوقعني.

ضحك زيدان يأسا يمسح علي شعرها برفق كاد أن يقول شيئا الا أنها دفعته تسرع للمرحاض من جديد، في تلك اللحظات دق جرس الباب نزل زيدان سريعا يأخذ الدواء من عامل التوصيل التابع للصيديلة صعد إليها ليراها تخرج من المرحاض مرة أخري، قدم لها قرصين وبعض الماء، ارتشفتهم بوهن لتسقط علي صدره من جديد دقائق وشعر بأنفاسها تنتظم، لينا نامت وهي واقفة تسند رأسها علي صدره، حملها برفق يتوجه بها الي الفراش وضعها يجذب الغطاء يدثرها به في الصيف!، تسطح جوارها يشتم حسام في سره كلما تشنجت قسمات وجهها من الألم.

لما تمر الأيام السعيدة بسرعة الضوء سرعة فقط تحسبها ولا تشعر بها تلفك بالكامل تغرقك داخل امواجها، يقال أن العقل البشري يتمتع بقدرة مذهلة علي الاحتفاظ بالذكريات السيئة بكافة تفاصيلها المزعجة وتبقي ذكرياتنا السعيدة ومضة صغيرة تظهر في فلاش كاميرا قديمة لصورة فتاة تضحك، قناة ذات أعين زرقاء وشعر أشقر يحمل ألوان الشمس من شروقها إلي الغروب، علي شط البحر الهادئ امامهم جلست لينا تفرد ساقيها امامها في حين يتسطح خالد علي الرمال الرطبة يضع رأسه علي قدميها تخلل خصلات شعره بأصابعها خرجت تنهيدة حارة من بين شفتيها تهمس له مبتسمة:.

- الأيام بتجري بسرعة أوي فاضل أسبوع علي فرح سارة وحسام، لازم نرجع يا خالد ما ينفعش نرجع ليلة الفرح...
ابتسم يحرك رأسه بالإيجاب يوافقها علي ما تقول ليغمغم مبتسما في هدوء:
- بكرة يا حبيبتي هنرجع.

زفرت بارتياح اخيرا وافق علي العودة رغم أن الأيام الماضية كانت حقا لا تنسي تقسم أنها من أسعد أيام حياتها، ارتسمت ابتسامة حنين علي شفتيها حين مر أمام عينيها ذكري قديمة للغاية خرجت ضحكة مرحة من بين شفتيها فجاءة ليقطب ما بين حاجبيه يتمتم مبتسما:
- ضحكيني معاكي طيب
حركت رأسها تتمتم مبتسمة:
- فاكر لما كنا بنسافر زمان المصيف وما كنتش بترضي تخليني آكل في الطريق.

ارتسمت علي شفتيه هو الآخر ابتسامة حنين حين مرت تلك الذكري أمام عينيه همهم يردف مبتسما:
- ايوة عشان كنتي بترجعي وبتتصفي في الطريق، كنتي **** مقرفة، بترجعي عليا أنا بس، دا أنا كنت بسافر بأعفن هدوم عندي بسببك
انفجرت في الضحك حتي أدمعت عينيها من الضحك ليعتدل هو جالسا جوارها يشاركها في الضحك، لتردف من جديد من بين ضحكاتها:.

- طب فاكر مرة واحنا صغيرين لما خرجت من باب المدرسة وما لقتكش وجت ست غريبة قالتلي انتي بتدوري علي مين، قولتلها اسمك قالتلي ايوة ايوة دا مستنيكي علي اول الشارع تعالي معايا.

عض علي شفتيها غاضبا حين مرت أمام عينيه تلك الذكري الحمقاء كانت ستذهب ببساطة مع احدي خاطفي الأطفال لولا أنه رآها مصادفة صاح باسمها لتتركها السيدة وتركض قبل أن يلحق بها، نظر للينا التي تجلس جواره تضحك ليمد يده يمسك بطرف اذنها يتمتم في غيظ:
- قايلك بدل المرة عشرة ما نروحش مع اي حد يقولك تعالي اوديكي لماما، لو ما كنتش شوفتك ساعتها يا عالم كان هيحصل ايه.

ضحكت تبعد اذنها عن يده كانت **** صغيرة بلهاء سهل خداعها، هدأت من سيل ضحكاتها قليلا تحاول التقاط أنفاسها صمتت للحظات قبل أن تصفق بيديها حين تذكرت احدي ذكرياتها من جديد لتتمتم في حماس:
- طب فاكر لما عمو محمود ضربك عشان كنت ساقط في الامتحان وزورت امضته علي الشهادة
ضيق عينيه ينظر لها شرزا مسح وجهه بكف يده يردف حانقا:
- ما خلاص يا لينا ايه حقيبة الذكريات العرة اللي فتحتيها فجاءة دي.

ضحكت علي غيظه لتمد يديها تقرص خديه بأصابعها تبتسم في براءة تردف وكأنها تحادث *** رضيع:
- حبيبي يا ناس بيتضايق من ذكرياتنا السعيدة
- سعيدة دي تبقي خالتك
غمغم بها في برود يبتسم في براءة، لتضيق حدقتيها تنظر له مغتاظة توسعت ابتسامة الخبيثة حان وقته هو ليتولي دفة الذكريات ابعد يدها عن وجهه يتمتم في خبث:.

- طب فاكرة لما كانت بتقع سنانك وتحطيها تحت المخدة قال ايه ال جنية الاسنان هتيجي تاخدهم وتديكي فلوس، وكنتي بتكتبيلها علي ورقة ( خدي سنة الجاموسة وهاتي فلوس اجيب عروسة ) يا جاموسة
ختم كلامه بضحكة عالية صدحت من فمه اهتزت لها احباله الصوتية بالكامل في حين أحمر وجهها هي غيظا تحاول الا تضحك علي ما كانت تفعل وهي صغيرة كورت يدها تصدمه علي ذراعه بعنف تصيح فيه:
- بس يا خااااالد.

هدأت ضحكاته يضع يده قرب فمه كأنه يخبرها ها أنا توقفت عن الضحك، صمت للحظات أخري قبل أن تتسع ابتسامته يردف ساخرا:
- طب فاكرة لما كنا مسافرين كلنا في أسوان وفضلتي واقفة ساعة تعيطي عشان عايزة تلوني جدران المعبد بألوان خشب، ولا لما كنا بنشتري هدوم وفجاءة اختفيني وقلبنا عليكي الدنيا وفريدة تصوت وامي تعيط وفي الآخر ونلاقيكي قاعدة في محل الكشري اللي قدام محل الهدوم بتضربي كشري عادي ولا بتعزمي عليا كمان.

صااااحت من الغيظ من سيل ذكرياتها المقززة، اندفعت ناحيته تضع كفيها سويا علي فمه تصيح فيه حانقة:
- بس خلاص بسسس، ما فيش ذكريات تاني تتقال وبعدين الكشري كان ريحته حلوة وانتوا عمالين تقولولي لما نخلص شرا هدوم نبقي نروح ناكل.

صدحت ضحكات خالد العالية ليسقط علي ظهره أرضا يضحك بعلو صوته حتي بدأ يسعل توقف عن الضحك يحاول تنظيم أنفاسه نظر لها وهي تجلس جوارها تكتف ذراعيها غاضبة خصلات شعرها تتطاير حوله دعاها إلي أحضانه مبتسما جذب يدها برفق لتسقط رأسها علي صدره ابتسمت تغمض عينيها في راحة في حين تنهد هو بعمق يهمس لها:
- كل ذكري من الذكريات دي كانت نفس عيشت عليه في غيابك يا لينا، **** ما يحرمني منك ابداا.

دعت بالمثل لتغرق رأسها في صدره يشاهدان الشروق وهو يضئ بنوره علي المكان يشرق بشمس عشق جديدة.

الفصل مئة وستة وعشرون

شهرين اختفي فيهما عن الانظار، شهرين ترك الجامعة حين عاد صادق من مؤتمره الطبي، ليصل له في تلك الاثناء دعوة لحضور مؤتمر طبي في لندن، كان فرصة رائعة ليهرب بها من تلك الوساوس التي تؤرق عقله منذ ذلك الحلم الأخير، سافر طوال فترة غيابه كان يطمئن عليها بمكالمات قصيرة لا تتعدي بضع دقائق، اليوم عاد يحمل الكثير والكثير من الهدايا للجميع ولها هي تحديدا، حين خرج من المطار خلع نظراته السوداء يبحث عن سيارة أجري ليري زيدان يقف في انتظاره خارجا ابتسم حسام في حبور أسرع كل منهما للآخر يتعانقان بقوة ربت زيدان علي ظهر بقوة يهمس له:.

- حمد *** علي سلامتك يا صاحبي، طالت غيبتك شهرين يا جدع كويس أنك رجعت قبل الفرح، هنعمل فرح من غير عريس
ضحك حسام بخفة يحرك رأسه بالإيجاب بدأ هو وزيدان يضعان الحقائب في صندوق سيارة زيدان الذي هتف مدهوشا:
- ايه يا عم كل دي شنط، أنت كنت في لندن مش في العراق مش جايب معاك بقي تليفزيون ملون في الشنط دي كلها.

بعد لحظات استقل حسام المقعد المجاور لزيدان ادار الاخير محرك السيارة ينطلق بها، القي نظرة خاطفة علي ذلك الجالس جواره عينيه شاردة ينظر للطرقات والشوارع التفت ناحية زيدان يتنهد بعمق، ظن زيدان في تلك اللحظة أنه سيقول شيئا هاما الا ان حسام أردف قائلا:
- مصر قبل شهرين هي هي مصر بعد شهرين الكلب اللي واقف جنب الشجرة هناك دا واقف بقاله شهرين.

ضحك زيدان عاليا يحرك رأسه يأسا اشتاق لصديقه المجنون حقا لم يكن عليه أن يعتقد أن حسام صاحب العقل الشبه خرب سيقول شيئا جادا، ابتسم زيدان يتمتم في هدوء:
- واحشني هزارك و****، كويس أن مؤتمر لندن شغل وقتك بدل ما كنت هتجنن من التفكير في الهلاوس.

تنهد حسام بارتياح يحرك رأسه بالإيجاب نعم تلك الدعوة جاءت له في وقتها الصحيح، كان عليه أن يشغل عقله في اي شئ كان لتتوقف تلك الهلاوس عن الظهور في رأسه لتؤرق ليله ونهاره تنهد يتمتم بارتياح:
- ايوة فعلا حقيقي كنت محتاج انغمس في عالم جديد وأنت عارف صاحبك حظه عسل لما روحت هناك المستشفي اللي تابع ليها المؤتمر دكتور الناس عمل حادثة وجاله كسر في دراعه أنا مسمي 6 بنات سارة و4 لينا و 3 صبيان حسام.

تعالت ضحكات زيدان يحرك رأسه يآسا الحالات الطارئة تطارد حسام أينما ذهب، توقفت السيارة في أحدي إشارات المرور المزدحمة، التفت زيدان ناحية صديقه يسأله:
- كنت بتكلم سارة وأنت مسافر
تنهد حسام بعمق يحرك رأسه بالإيجاب مد يده يعبث في محرمة ورقية يمزق اطرافها بين يديه التفت برأسه ناحية زيدان زفر يتمتم في هدوء:.

- ايوة بس كانت مكالمات قصيرة ما تتعداش دقيقتين آخر مرة كانت بتقولي عايزة اقولك حاجة مهمة بس ساعتها كان عندي حالة ولادة مستعجلة فقفلت من غير ما أسمعها حاولت اتصل بيها بعدها ما كنتش بترد، بس أنا بطمن عليها من صادق، ومن عمي عمر، هي عندها امتحان النهاردة هيخلص بعد ساعة
ابتسم زيدان يربت علي كتف صديقه يحادثه بتعقل:
- طب حلو اعملها مفاجأة وهاتلها هدية اكيد وحشتك بقالك شهرين ما شوفتهاش..

نالت الفكرة استحسان حسام توسعت ابتسامته يحرك رأسه بالإيجاب في حماس، فتحت الاشارة ليدير زيدان محرك السيارة من جديد ينطلق الي حيث منزل خاله، شردت عينيه لتلوح علي ثغره ابتسامة صغيرة ما أن مر طيفها أمام عينيه، اجفل علي جملة حسام:
- صحيح إنت عامل ايه أنت ولينا، خصوصا بعد اتصال انجليكا
ابتسم زيدان في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب:.

- الحمد ***، انجليكا ما اتصلتش تاني وأنا ما حاولتش اتصل بيها بصراحة، لينا بقالها شهر مسحولة في الفاينل كل ليلة تقعد تندب أنها مش عايزة تكمل تعليهما وانها عايزة تتعلم طريقة عمل اللوبيا افيد لها
تعالت ضحكات حسام يضرب كف فوق آخر يغمغم ساخرا:
- والست مالهاش غير بيتها وجوزها وكيان وكرير ايه بس دي عايزة تخلف كمال وكريم مش كدة.

ما أن انهي حسام كلامه اختفت إبتسامة زيدان فجاءة يشعر بغصة مؤلمة تنخر في قلبه، *** صغير، لينا باتت لا ترغب في اي شئ سوي أن تنجب *** صغير، يعوضهما عن رضيعهما الذي قُتل غدرا، اوصل حسام إلي بيت خاله، ليتوجه بعدها إلي عمله دخل حسام الي بيت أبيه بعد عناق حار مع جدته، توجه سريعا لأعلي في طريقه اختطف النظر ناحية الجناح الشرقي، وقف ينظر له للحظات يبلع لعابه مرتبكا، خطي تجاهه إلي أن اقترب من ذلك الباب الكبير، أمسك المقبض الفاخر الجديد فتحه ضوء الشمس المطل من الستائر البيضاء سمح له برؤية الجناح كاملا، رائع كلمة قليلة لا تفي بالوصف، التناغم المذهل في الألوان بين الأثاث والبساط علي الأرض وألوان الحوائط، سرير كبير ودولاب ضخم وغرفة ملابس ومرحاض وطاولة وكرسيين جوار الشرفة.

ومكتب في احدي جوانبها واريكتان وطاولة قصيرة الإقدام، الوضع اشبه بشقة صغيرة في جناح، خطي داخل الغرفة يفتح الدولاب ليجد ملابس سارة اصتفت بشكل منظم تأخذ مكانه، دولاب الملابس ينتظر ملابسه لتكتمل الصورة، تنهد بعمق يبتسم في هدوء مد يده يلتقط « بلوزة » بيضاء من ملابسها قربها من أنفها يحاول إيجاد رائحتها فيها، بالفعل وجد ذلك العطر الهادئ التي تستخدمه دائما يغرق الملابس، اعاد القطعة مكانها ليخرج من الغرفة بدل ثيابه يأخذ حقائب الهدايا الخاصة بعمه عمر تحديدا وبها هي علي وجه الخصوص، توجه إلي سيارته، إلي جامعتها، ليس من الصعب أن يدخل وقد كان محاضرا فيها قبل فترة قصيرة حين دخل إلي ساحة الجامعة اقترب الطلاب منه يرحبون به بحرارة في حين وقفت هي بعيد بين مجموعة صغيرة من الفتيات ما أن وقعت عينيها عليه بدأت دقات قلبها تتسارع بعنف رجفة قوية تعصف بجسدها حين استمعت لصوت ضحكاته القوية، الحبيب الغائب عاد، بعد طول غياب غاضبة منه، لا تعرف هي فقط حزينة من جفاءه التي لا تعرف له سببا، مكالمته لها الفترة الماضية لم تكن سوي من قبيل الواجب مكالمت جافة لا تتعدي بضع جمل باهتة ويسرع في إغلاق الخط، اجفلت علي صوت احدي الفتيات تغمغم حانقة:.

- يا رتني كنت ولد شايفة دكتور حسام بيهزر مع الولاد عادي ازاي
لترد فتاة أخري تؤيد ما تقول صديقتها:
- فعلا دكتور حسام متحفظ جداا في تعامله مع البنات
تنهدت فتاة أخري بولة تهمس بحالمية:
- يا بخت اللي هيتجوزها، يعني دكتور ومحاضر ومؤدب وعسل ودمه خفيف.

- ومز، نطقت بها احدي الفتيات بمرح لينفجروا جميعا في الضحك، تحرك حسام من بين جمع الشبان يتوجه إليهم فصمتت الفتيات عن الضحك ينظرون لبعضهن البعض في ترقب لما يأتي ناحيتهم، اقترب حسام يقف علي بعد خطوات منهم ابتسم يحمحم في هدوء مردفا بتهذيب:
- صباح الخير يا دكاترة اتمني تكونوا حليتوا كويس في الامتحان. سارة.

نادي اسمها لتتوسع أعين الفتيات في دهشة حين همس باسمها نظروا جميعا إليها في دهشة في حين خفضت هي رأسها سريعا أرضا توسعت عينيها في ذهول تقبض كفيها من التوتر تشعر بريقها يجف كالصحراء لتسمعه يحادثها:
- يلا يا سارة عشان اوصلك
حركت رأسها بالإيجاب سريعا تحركت ناحيته ترغب في الركض بعيدا، ما إن اقتربت منه سمعت احدي الفتيات تسأله مذهولة:
- هو حضرتك تعرف سارة يا دكتور حسام.

ابتسم في هدوء أمسك كف يدها في يده يحرك رأسه بالإيجاب يتمتم مبتسما:
- طبعا سارة بنت عمي وخطيبتي وكلها كام يوم وتبقي مراتي
نظر ناحيتها في حين أنها كانت تنظر أرضا ليردف مبتسما:
- ما تنسيش تعزمي زمايلك علي الفرح يا سارة
حركت رأسها بالإيجاب سريعا، تحركت بصحبته إلي حيث توجد سيارته، حاولت إفلات يدها من يده تهمس بارتباك:
- أنا هروح في عربية بابا.

شد علي يدها برفق يستمر في جذبها معه إلي أن وصلا إلي سيارته فتح بابها ينظر لها يبتسم في هدوء تنهدت قلقة تصعد إلي السيارة، أغلق الباب عليها، ليلتف حول السيارة جلس جوارها يدير المحرك يتمتم مبتسما:
- أنا كدة كدة جاي عندكوا واتصلت بعمي عمر واستأذنته اني اوصلك.

شعرت بقليل من الارتياح يعلم والدها بالأمر اذا لن يغضب منها ولكنها لا تزال غاضبة من ذلك الجالس جوارها كتفت ذراعيها تشيح بوجهها ناحية النافذة القي نظرة خاطفة عليها ليبتسم يسألها:
- انتي زعلانة ولا ايه
نظرت له بجانب عينيها لتعاود النظر الي النافذة لحظات صمت قبل أن تبتسم تغمغم ساخرة:
- ليه هو أنت عملت حاجة تزعل.

ضحك عاليا يحرك رأسه نفيا، ما عرفه عن سارة في الفترة الماضية أنها شخصية حساسة خجولة قليلة الكلام مع الغرباء، لكن ما أن تعتاد عليك وتخرج من حيز الغريب إلي شخص مألوف تعتاد عليه تتصرف بطبيعتها المرحة المحببة إليه، أوقف السيارة علي جانب الطريق ابتسم حين لم تتوتر كعادتها سابقا، تنهد يمسك بكف يدها لتنزع يدها من يده بعنف ضحك بخفة يمسك كفها من جديد لتلتفت له برأسها ترميه بنظرة حادة غاضبة تحادثه حانقة:.

- سيب ايدي يا حسام، أنا مش عايزة اتكلم معاك اصلا، متشكرة اوي علي المكالمة الدقيقة ونص كل أسبوع مرة
تهدلت نبرتها تردف بخفوت حزين:
- دا أنا حتي كنت عايزة اقولك اني...
صمتت تقطم ما كانت ستقول لتشيح بوجهها بعيدا عنه تتمتم بجفاء:
- مش مهم إنت كدة كدة مش فارق معاك تعرف.

ابتسم يشعر بالإحراج مما فعل ولكنه كان معذور كان منشغل في الكثير من الجراحات العاجلة التي وقعت فوق كاهله دون رغبة منه حتي تنهد بقوة يحتضن كفها بين كفيه يهمس لها بترفق:.

- صدقيني يا سارة أنا من يوم ما سافرت وأنا مسحول حرفيا ما بين المؤتمر وشغل وعمليات اليوم اللي كلمتك فيه وقولتيلي عايزة اقولك حاجة مهمة في نفس اللحظة جات ممرضة بتصرخ أن في حالة عنجها نزيف حاد ما كنش عندي وقت ابرر انتي عارفة في شغلنا اللحظة بتفرق، حاولت اكلمك بعد كدة بس انتي ما كنتيش بتردي عليا يا سارة.

لم تلين نظراتها لم يرضي قلبها طريقته الجافة الفترة الفائتة أثناء حديثهما معا لا مبرر لها ما الذي أخطأت فيه ليحادثها بتلك الطريقة زفرت حانقة تتمتم في ضيق:
- ماشي كنت مستعجل، وحالة خطيرة، ممكن أعرف بقي سبب طريقة كلامك معايا الفترة اللي فاتت أنت حتي ما قولتليش أنك مسافر هو أنا مش المفروض خطيبتك.

مد يده يمسك طرف ذقنها يدير وجهها إليه ما أن نظرت له حرك رأسه بالنفي لتتوسع عينيها في دهشة، ليبتسم في هدوء حاني يهمس لها بشغف:
- انتي مش خطيبتي بس انتي خطيبتي وحبيبتي ومراتي اللي بحلم باليوم اللي هيجمعني بيها تحت سقف واقف، كنت مشغول يا سارة ومتوتر من زحمة الشغل اعذريني لو حسيتي في جفاء في كلامي غير مقصود.

تسارعت دقات قلبها والخجل كموج بحر عالي يغرق أنفاسها، ارتجفت تشعر بالدماء تفر من بين خلاياها يديها باردة كالثلج تتعرق كالنار، سحبت يدها من يده تفرك كفيها من التوتر بالكاد خرج صوتها من بين دفتي شفتيها تهمس له بارتباك:
- أنا عايزة أروح.

ابتسم في هدوء قبل أن يطرق الشيطان عقله يحثه لفكرة غبية شيطانية مخيفة، اقترب منها برأسه أكثر فأكثر لاحظ انكماشها بعيدا وتوسع حدقتيها خوفا، كادت أن تصرخ فيه، لكنه باغتة بقبلة علي وجنتها شخصت عينيها من فعلته لترفع كف يدها دون تردد تصفعه علي وجهه بعنف تصرخ فيه مرتعشة:
- أنت قليل الأدب ومش متربي.

ارتسمت ابتسامة هادئة علي شفتيه يشعر بقلبه يرقص فرحا، تدارك الأمر سريعا حين رآها تحاول الهبوط من السيارة وقد فتحت الباب المجاور لها بالفعل ليمد يده يغلقه سريعا أدار محرك السيارة يتحرك من جديد ليعيقها عن النزول، التفت لها برأسه ينظر ناحيتها نظرة خاطفة ابتلع لعابه يغمغم لها نادما:
- سارة أنا آسف، أنا مش عارف أنا عملت كدة ازاي، دا من حبي وشوقي ليكي.

حركت رأسها نفيا بعنف تمنع دموع عينيها بصعوبة احمرت حدقتيها من محاولاتها البائسة لردع دموعها لحظات صمت تتنفس بعنف قبل أن تصرخ فيه بحرقة:
- دا مش حب وشوق يا حسام دي قلة أدب، ازاي تفكر حتي أنك تعمل كدة يا دكتور يا محترم ياللي البنات كانت لسه بتحكي بأخلاقك.

انهمرت دموع عينيها تصاحب صراخها الحزين، شعر بالاشمئزاز حقا من أفكاره العقيمة التي أوصلتهم لهنا، بكائها صوتها الحزين الممزق، أحمق ما كان من المفترض ابدا أن يفعل ذلك وقد التقوا بعد غياب طويل
لم يعرف ماذا يفعل الآن خاصة وهي تبكي جواره في صمت مخيف، ابتلع لعابه يهمس لها حزينا علي حالها:
- خلاص بقي يا سرسورة حقك عليا أنا آسف، دي بوسة اخوية عفيفة، طب **** اموت لو زعلتك تاني.

ابتسم في مكر سمع الي تلك الجملة مصادفة من والده وهو يحادث زوجته فما كان من لينا زوجة أبيه الا سارعت تصيح كعادتها:
- بعد الشر عنك اوعي تقول كدة تاني
انتظر هو الآخر عله يستمع إلي جملة مشابهة منها من سارة الا أن الأخيرة رفعت يدها تمسح دموعها بعنف تتمتم:
- ياااارب
توسعت عينيه في دهشة لم يكن ذلك الرد الذي ينتظره تماما، شد علي أسنانه ليمد يده يمسك برباط شعرها الكبير يصيح مغتاظا:
- بتدعي عليا يا بنت المستخبي.

ابتسمت سارة في اصفرار تتمتم ساخرة:
- أنت اللي بتدعي علي نفسك وأنا بأمن وراك وسيب التوكة والا و**** هقول لبابا علي اللي أنت عملته
ابتلع لعابه مرتبكا ليس خوفا عمر أن علم بما فعل علي الارجح سيلغي زفافهم سيقدم له فرصة إلغاء الزفاف علي طبق من ذهب حمحم في هدوء يغمغم حانقا:
- ماشي يا سارة...

وضعت يدها علي فمها تضحك شامتة علي غيظه اوصلها لبيتها ليعطيها الحقائب وجلس مع العائلة نصف ساعة علي الأكثر، اوصلته سارة الي باب المنزل وهو يغادر ليلتفت لها قطب ما بين حاجبيه يسألها متذكرا:
- صحيح حاجة ايه اللي كنت عاوزة تقوليلي عليها في التليفون
ابتسمت في رقة تحرك رأسها بالنفي تغمغم بخفوت:
- لاء خلاص مش هقولك هتعرف ساعتها لوحدك اعتبرها مفاجأة.

ابتسم متوترا يحرك رأسه بالإيجاب ودعها ليغادر وعقله يدور في محور فكرة واحدة ما تلك المفاجأة التي تحضرها سارة له!

علي صعيد آخر بعد عدة ساعات طويلة خرج زيدان من عمله اخيرا استقل سيارته عائدا للبيت، توجه اولا الي احد المطاعم اشتري بعض الأطعمة الجاهزة ومن ثم توجه مباشرة الي البيت دخل يبحث عنها، رأي مجموعة من الكتب علي سطح الطاولة في الصالة ولا أثر لها في الطابق السفلي بأكمله، خلع سترة حلته يلقيها علي أحد المقاعد وضع الطعام علي الطاولة في المطبخ تحرك لأعلي يبحث عنها توجه إلي غرفتهم فتح بابها ليرلها تجلس علي حافة الفراش تخفي وجهها بين كتفيها تقبض علي شئ صغير في كف يدها لم يعرف ما هو، اقترب منها يهمس باسمها، رفعت وجهها إليه لتتوسع عينيه فزعا حين رأي سيول الدموع العنيفة التي تغرق وجهها هرع إليها يسألها مذعورا:.

- مالك يا لوليا بتعيطي ليه يا حبيبتي، فيكي ايه ردي عليا
مدت العصا البيضاء الصغيرة ناحيته يديها ترتعش قطب جبينه ينظر للخط الأحمر الوحيد الذي يتوسط سطح شاشة شفافة قطب جبينه ينظر لها لتخرج شهقة قوية من بين شفتيها تغمغم بغصة مختنقة باكية:
- أنا مش حامل يا زيدان، الاختبار بيقول أن أنا مش حامل.

تنهد بارتياح بعد ان كاد يظن أن مصيبة قد حدثت اقترب يجلس جوارها جذب رأسها يضعها علي صدره يمسح علي خصلات شعرها برفق ابتسم يردف ضاحكا:.

- يا شيخة حرام عليكي صرعيتني وبتفكري في الخلفة دا انتي تنسيها بعد الخضة دي، وبعدين يا عبيطة احنا متجوزين بقالنا شهرين ونص أرنبة انتي، لسه يا قلبي قدامنا وقت طويل اوووي علي ما نبدأ نقلق من موضوع الخلفة دا، ولا انتي بتدوري علي اي حجة بقي عشان ما تذاكريش لامتحان بكرة يا فاشلة
ابتعدت عن صدره بعنف تنظر له حانقة طوقت خصرها بيديها تتشدق ساخرة:.

- هي مين دي اللي فاشلة علي الاقل أنا كنت علمي علوم وجبت 94 في المية صحيح ودخلت طب خاص بس بردوا جبت مجموع كبير مش أنت يا ابو كلية بتاخد من خمسين في المية
نظر لها يبتسم في هدوء مد يده يزيح خصلة تدلي فوق جبهتها برفق يعيدها خلف اذنيها اقترب من اذنها يغمغم ساخرا:
- وأنا في ثانوية عامة كنت بردوا علمي علوم أنا جبت 98,8
توسعت حدقتيها شهقت بعنف تتمتم في ذهول:
- 98,8 ليييه بتنافس ديتول.

ضحك ملئ شدقيه يعدل من تلابيب ملابسه في زهو يتمتم بغرور:
- عرفتي بقي مين فينا الفاشل يا فاشلة...
قلبت عينيها تقلده بصوت خفيض ساخر، التفتت له لتراه يتسطح علي الفراش ينظر لها يبتسم وضعت رأسها علي صدره تهمس له بصوت خفيض متوتر:
- تفتكر هيبقي عندنا بيبي يا زيدان.

رفعت وجهها تنظر لعينيه ليبتسم لها في هدوء يحرك رأسه بالإيجاب تنهدت تزفر أنفاسها القلقة عادت تضع رأسها علي صدره من جديد لتبتسم في حماس غداا ستعد له مفاجأة رائعة بالطبع ستعجبه، اجفلت علي جملته التي قالها في هدوء تام:
- علي فكرة احنا هنعمل فرحنا مع فرح حسام وسارة بعد اسبوع
توسعت عينيها للحظات من الدهشة قبل أن تتحول الدهشة إلي سعادة ارتمت عليه تعانقه بقوة ليضحك عاليا يطوقها بذراعيه يردف مبتسما:.

- كنت عايز اعمهالك مفاجأة بس قولت بلاش عشان يبقي عندك الوقت تشتري الفستان اللي تحبيه وحجزت شهر عسل كمان في مكان هتحبيه اوووي
ابتعدت عنه قليلا تنظر لوجهه بأعين دامعة انسابت دمعات بسيطة علي خديها رفعت كفيها تحاوط وجهها بهما تهمس له بشغف:
- أنا بحبك أوي يا خالد!
قطب ما بين حاجبيه يبتسم في عجب خالد! لم يسمع منها ذلك الاسم ابدا، لم يعد يسمعه حتي نسي من الأساس أنه إسمه، ضحك في عجب يهمس لها:.

- خالد!، مش عارف مستغرب الاسم ليه، ما اتعودتش عليه، لاء قولي زيدان
جلست امامه تطوق عنقه بذراعيها تنظر لعينيه مباشرة خفضت صوتها حتي بات هامسا ببحة لطيفة تهمس له:
- بس دا اسمك، خالد زيدان الحديدي ولا إيه
ابتلع لعابه مرتبكا يشعر بذبذبات غريبة ترجف قلبه توترت حدقتيه تسارعت أنفاسه خاصة حين ابتسمت تهمس بدلال:
- يا لودي.

انفجرت تلك المضخة التي تسكن في صدره تحديدا في جانب صدره الأيسر تسارعت أنفاسه كلماته تدفع الدماء بعنف لداخل خلاياه العاشقة لهثت أنفاسه يهمس لها:
- بعشقك يا قلب خالد زيدان الحديدي.

وها قد انقضت الليلة بسعادة عارمة علي العشاق، في اليوم التالي تحديدا قرب الرابعة عصرا خرج زيدان يركض من عمله متجها صوب سيارته يقودها بسرعة البرق الي منزله بعد أن وصله اتصال من لينا تصيح فيه وهي تلهث:
- الحقني يا زيدااان، بسرعة يا زيدان، تعالا البيت.

احمرت عينيه يضغط علي دعاسات البنزين تحت قدميه بعنف قلبه يكاد يتوقف من الذعر ما أصابها، اليوم كان امتحانها النهائي ربما لم تتوقف فيه ظلت تبكي الا أن انهارت متعبة، الكثير من الافكار السيئة تخترق عقله تمزق قلبه اخيرا وصل بعد صراع مع الطريق ظن انه لن ينتهي ابدا، ركض يفتح باب منزله بمفتاحه ما كاد يدخل تصمنت ساقيه وقف مدهوشا ينظر للواقفة أمامه وكأنه تمثال نحتوه من حجر صوان، هناك أمامه مباشرة تقف لينا جوار والدته! أمامهم طاولة كبيرة عليها كعكعة تتوسطها صورته اليوم يوم ميلاده الثالث والثلاثون، نقل انظاره بين لينا ووالدته التي تقف علي قدميها! جوار لينا تبتسم له تغرق الدموع وجهها، تحركت بخطي مرتعشة وكأنها تتعلم المشي توا تمد كفيها أمامها لا ترغب فقط سوي في الوصول إليه، في حين وقف هو مكانه لم يأتِ بحركة واحدة ينظر لوالدته مشفقا علي حالها، قلبه لازال حزينا ارتعش جسده وكأن كهرباء أصابته حين ارتمت بين ذراعيه تبكي وتجهش في بكاء حارق يغمر قلبه ألما تتوسله من بين دموعها:.

- سامحني يا ابني، سامحني قبل ما أموت، أبوس أيدك سامحني.

كادت أن تمسك يده لتقبلها لينزع يده من يدها سريعا يطوقها بذراعيه أغمض عينيه تنساب دموعه في صمت لحظات طويلة من الصمت لينا تنظر لهما تراقب بحذر ما سيفعل، تدعو في قلبها الا يكون رد فعله غير الذي تتمناه، رأته وهو يبعد والدته عنه ليتنفض قلبها تنظر له بقلق اختفي تماما حين مال علي رأس أمه يقبلها، لم يشعر بالكلمة تخرج من قلبه وهو يقولها ولكن أمام حالتها ورجائها لم يكن يملك سوي أن ينطقها بابتسامة باهتة:.

- مسامحك يا ماما...
شهقت لوجين فرحة تعانقه بعنف تقبل وجهه ورأسه تغمغم من بين دموعها المتسارعة:
- الحمد *** **** الحمد ***...
ابعدها عنه للمرة الثانية يسمح دموعها بكفيه امسك بكف يدها يتحرك معها برفق إلي أن وصل جوار لينا وقف في المنتصف بينها وبين والدته ينظر لها يبتسم سعيدا، ليقبل جبينها، نظر للعكعكة الكبيرة أمامه كاد علي وشك أن ينحي ليطفئ الشموع حين سمع صوت يعرفه جيدا يردف ضاحكا:.

- اوعوا تكونوا طفيتوا الحج يعلقك
أردف بها حسام ضاحكا وهو يدخل من باب المنزل ليدخل بعده خالد ومعه لينا، توسعت ابتسامة زيدان ما أن رأي والدته ليهرول إليها يقبل يديها ورأسها يغمغم سعيدا:
- حمد *** علي السلامة يا ماما
ادمعت عيني لينا رفعت يدها تكوب بها وجه زيدان تهمس له في حنو:
- كل سنة وأنت طيب يا زيزو.

ضحك زيدان عاليا أستغل فرصة بأن خالد انشغل مع ابنته وشقيقته للحظة ليندفع يعانق والدته رغما عن أنف الجميع يضمها بين ذراعيه بقوة يهمس لها:
- **** يخليكي ليا يا ماما وما يحرمني منك ابدا.

أدمعت عيني لينا تربت علي ظهره كانت تظن أن بمسامحة زيدان لوالدته ربما ينساها ولكنها كانت مخطئة وهي سعيدة لأنها كانت مخطئة، تأوه زيدان متألما في اللحظة التالية حين سقط كف خالد علي رقبته من الخلف بعنف قبض علي تلابيب ملابسه يبعده عن لينا قصرا يزمجر غاضبا:
- هو أنا مش قولت يا كلب ما تحضنهاش و**** اضربك بالنار وأرمل البت...

ضحكت لينا عاليا تمسح علي رقبة زيدان بخفة، التفوا جميعا حول الطاولة ينشدون احدي اغاني اعياد الميلاد ليسارع حسام باطفاء الشموع قبل زيدان صدحت ضحكات الجميع داخل منزل زيدان، بعد أن عرفوا اخيرا معني السعادة التي لاتزال في بدايتها فقط.

الفصل مئة وسبعة وعشرون

خرج من غرفة والدته يجذب الباب خلفه وقف يمسك بمقبض الباب المغلق في داخل تلك الغرفة تمكث السيدة التي انجبته والتي يجب أن تبقي جواره أن يحاول تناسي الماضي هو يعرف أنه لن يستطيع، فحرجه الغائر مما فعلت لن يندمل أبدا، ولكنها والدته أولا وآخرا سيراعها ويتكفل بكل ما تحتاجه، سيظهر أمامها الحب التي تريد حتى لو لم يقتنع قلبه به، تنهد بقوة لتلوح ابتسامة صغيرة على ثغره، دس يده في جيب سرواله يخرج مفاتيح سيارته الجديدة هدية خاله بالرغم من رفضه الشديد إلا أن خالد أصر على أن يأخذها، تحرك ناحية غرفة نومه هو ولينا فتح الباب يبحث عنها ليست في الغرفة، صوت المياة المندفع من المرحاض يخبره أنها بالداخل دخل إلى غرفته يوصد الباب خلع سترة حلته يلقيها على أحد المقاعد، اقترب يتلمس هدية لينا والدته بابتسامة عذبة، مصحف صغير، ابتسم حين تذكر ما قالت وهي تعطيه له:.

- طبعا خالك بتاع مظاهر فجبلك عربية، اما أنا قولت اجيبلك كتاب **** يحفظك ما تشيلوش من العربية ابدا يا زيدان، ماشي يا ابني.

تنهد بعمق يبتسم باتساع كلمة ( ابني ) التي تخرج من فم لينا زوجة خاله تثلج صدره تشعره دائما بالفخر، فتح ازرار قميصه يرتمي على الفراش نظر لسقف الحجرة ليضحك رغما عنه مال بجسده يلتقط الحقيبة الورقية من جانب الفراش اخرج ما بها لينفجر ضاحكا هدية حسام يجب أن تكون مميزة مثله انفجر ضاحكا حين اخبره وهو يعطيه الهدية:.

- ترنج اديدس من التوحيد والنور ب125 جنية بس ايه عظمة، وجبتلك شبشب بدل ما تمشي حافي في البيت، بصراحة أنا ما جبتوش هو جاي هدية مع الترنج.

ضحك رغم عنه يمسك بالخف الأسود من البلاستيك الخفيف ذلك الذي يصدر صوتا مزعجا حين تتحرك به، وضع حقيبة الهدية مكانها ليثني ذراعيه خلف رأسه ينظر لسقف الحجرة يبتسم حفل عيد ميلاده الصغير حقا أسعده، هي من رتبت له دون علمه، نظر ناحية باب المرحاض حين سمع صوته يُفتح خرجت هي من المرحاض تجفف خصلات شعرها بمنشفة صغيرة ابتسمت ما أن رأته لتمتم بخفوت:
- كويس أنك لسه صاحي، فاضل هديتي..

القت المنشفة من يدها على أحد المقاعد لتتوجه لدولاب ملابسها ذلك الرف الفارغ يجثم فوقه مربع كبير الحجم ملتف بورق هدايا، ربما هو إطار لصورة ما ولكن كبير، تحركت ناحيته تبتسم اعتدل جالسا ينظر لذلك الشئ في هدوء بالطبع صورة له او لهما مثلا، يأخذه الفضول حقا ليعرف أي صورة يحوي ذلك البرواز صعدت جواره على الفراش وقفت على ركبيتها اقتربت منه تلثم خده بقبلة صغيرة تهمس له بخفوت ناعم:.

- كل سنة وأنت طيب، اتفضل، **** تعجبك
رفع كف يدها يلثمه بقبلة طويلة، تلاقت عينيه بمقليتها ليتنهد يهمس لها بخفوت عاشق:
- كفاية اللي عملتيه النهاردة **** يخليكي ليا يا حبيبتي.

راقبته بحماس وهو يوجه أنظاره للإطار دقات قلبها تتسارع بعنف وهو يزيح الاوراق التي تغلفه، يبتسم في هدوء، ضحك ساخرا من نفسه فما قابله لم يكن سوي ظهر الاطار الفارغ، امسكه يلفه، تجمدت يديه تسارعت دقاته حين وقعت عينيه على اللوحة المرسومة على سطح الإطار، تحركت مقلتيه تتفحص اللوحة بنهم شديد وكأنها تأكلها أدمعت عينيه انسابت قطرات دموعه رغما عنه تلك اللوحة له وهو في عمره الآن بصحبة والده الذي بان على ملامحه التقدم في العمر، يقف جواره يضع يده على كتفه قريبا منه وكأنه يحتضنه، خرجت من بين شفتيه شهقة مكتومة يعانق اللوحة بقوة وكأنه يعانق أبيه، لم يكن ابدا يتصور أن هديتها ستكن أجمل ما رأت عينه يوما، التفت لها يسألها بصوت مبحوح أعين دامعة:.

- ازاي عملتي كدة ازاي
مدت يدها تمسح على خصلات شعره برفق أدمعت عينيها هي الأخري مع بكائه بالكاد رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تجيبه:
- واحدة زميلتي في الكلية عندها الموهبة دي وعندها جاليري صغير، روحلتها واديتها صورتك وصورة والدك، وهي حاولت تكبره في السن شوية، عجبتك.

قام من مكانه يحمل اللوحة اقترب من المكتب المقابل لفراشهم ازاح ما علىه ليضع اللوحة فوقه عينيه لا تنزحان عن صورة أبيه وهو يحتضنه، لا يعرف كم مر من الوقت وهو يقف أمام اللوحة لم يجفل سوي على يد لينا التي وُضعت على كتفه برفق، التف لها وفي لحظة كان يعتصرها بين ذراعيه تأوه بعنف يغمغم لها ممتنا:
- متشكر، متشكر أوي يا لينا، دي أحسن هدية جاتلي في حياتي كلها، بجد مش عارف أشكرك ازاي.

عانقته هي الأخري تبتسم سعيدة تكفي فرحة عينيه التي رأتها لتجعلها حقا سعيدة لانها اسعدته، ابتعدت عنه بخفة تبتسم في رقة اقتربت من هاتفها تعبث به لحظة فقط قبل أن يصدح صوت أغنية هادئة ذات إيقاع ناعم ساحر، اقترب هو منها تلك المرة أمسك يدها يجذبها ناحيته برفق ضحكت بخفة تضع يدها على كتفه والأخري تختبئ بين أصابع كفه، يتحركان على أنغام الموسيقي تتحدث الأعين وتصمت الألسنة، قيدته بقيد عشقها، لتكتشف في النهاية أنها قيدت قلبه معه دون أن تدري في قيد خاص، لن يعرفه سوي العشاق المكبلة قلوبهم فللعشق قيوده الخاصة!

الأيام التالية كان إيقاعها سريع حقا سريع الجميع مشغول في ترتيباب زفاف حسام وسارة وزيدان ولينا، فساتين الزفاف، القاعة الموسيقي، حجز شهر العسل الخاص بالعروسين، أيام تتسابق بسرعة البرق، إلى أن اصبحنا هنا في منزل خالد السويسي، في اليوم الموعود يوم زفاف أولاده لينا وحسام وحتى زيدان، ولده وإن لم يكن من دمه، في صباح هذا اليوم جاءت لينا بصحبة زيدان إلى منزل والدها لتستعد فيه لزفافهم الثاني!، انقسم المتواجدين في البيت إلى قسمين لينا مع ابنتها وعاملة احدي بيوت الجمال تلك التي يطلقون علىها ( markup artist) في غرفة ابنتها.

وزيدان وحسام في غرفة الأخير كل منهما يستعد لزفافه، ولكن أين خالد...
في المقابر، تحديدا أمام قبر قديم حط على لوحه الجرانيتي اسم
( سما خالد محمود السويسي )، وقف هو أمام قبر ابنته يبتسم في هدوء مسح بيده على اسمها برفق يحادثها مترفقا:
- عاملة ايه يا سما معلش يا حبيبة بابا عارف اني انشغلت عنك الفترة اللي فاتت، بس مش هتحصل تاني، عارفة النهاردة فرح اختك، اخيرا بعد عذاب...

ظل صامتا للحظات ينظر لقبر ابنته احمرت مقلتيه ولم يستطع كبح دموعه انهارت تغرق وجهه شد على كفه يحادثها بصوت خفيض مختنق:
- كان نفسي تبقي عايشة يا بنتي، كان نفسي اشوفك عروسة واسلمك بايدي لعريسك، وأشوف عيالك، مر سنين يا سما وحرقة قلبي علىكي ما بتروحش ولا حتى بتقل، **** يصبرني على بعدك لحد ما اقابلك...

قرأ الفاتحة ليتحرك لخارج المكان بأكمله بخطي سريعة توجه إلى سيارته يستقلها متوجها إلى منزله هناك حيث ينتظره الجميع ارتسمت ابتسامة حزينة على شفتيه يتذكر الماضي البعيد يتذكر حين نطقت ابنته الصغيرة كلمة ( بابا ) لأول مرة بأحرف متلعثمة، حين كانت **** تحبو يلاعبها، حين بدأت تتعلم المشئ وتمسك بيده، تركض ناحيته ما أن تراه، وضع يده في جيب سترته يخرج قطعة حلوي منها تلك القطعة التي لم يتوقف عن إحضارها كل يوم تقريبا منذ أن كانت ****، والآن الطفلة أصبحت عروس للمرة الثانية، لما يشعر أنها ستتزوج للمرة الأولي، لما يشعر بالخوف من ابتعادها عنه من جديد، تنهد يبتسم أوقف السيارة في حديقة المنزل نزل منها يتوجه مباشرة ناحية غرفة حسام **** البكر عضده الذي سيستند علىه حين يهرم ويأخذه الكبر، رفع يده يدق الباب اليوم زفاف الفتي لا بأس من احترامه قليلا إلى أن ينتهي الزفاف، توجه حسام يفتح باب غرفته لتشخص عينيه في ذهول يتمتم مدهوشا:.

- بابا أنت من امتي وأنت بتخبط على الباب، دي علامة أنا هموت ولا ايه، هموت قبل ما اتجوز آه يا حوستي السودا يا أنا يا أمه
ضحك خالد ساخرا رفع يده يصفع رقبة حسام من الخلف دفعه بعيدا عن الباب ليخطو لداخل الغرفة يردف متهكما:
- أنا غلطان اني قولت احترمك يوم فرحك يا حيوان
تقلصت قسمات وجه حسام في غيظ رفع يده يمسح على رقبته من الخلف برفق يهمس ساخطا:
- ايه الأب دا بس هو مخلفني عشان يضربني بالقفا.

ضحك زيدان الواقف أمام المرآة يتأكد من ضبط رابطة عنقه بالشكل الصحيح، التفت ناحية خالد اقترب منه ليعانقه الأخير يربت على ظهره ابعده عنه بعد لحظات امسك ذراعيه بين كفيه يحادثه:
- لينا في عينيك يا زيدان
ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتي زيدان حرك رأسه بالإيجاب يتمتم في ثقة:
- لينا في قلبي يا خالي ما تقلقش علىها ابداا.

ابتسم خالد يربت على رأس زيدان، في حين نظر زيدان لحسام ليعاود النظر لخالد شعر في تلك اللحظة أنه يجب حقا أن ينسحب من الغرفة يترك المجال فارغا للابن وأبيه وهذا ما فعله حمحم يردف مبتسما:
- عن اذنكوا هأكد حجز الفندق.

خرج من الغرفة يغلق الباب خلفه، في تلك اللحظة التفت خالد ينظر لولده حسام الذي لم يكمل ارتداء حلته بعد، تبقي رابطة العنق وسترة الحلة، توجه خالد يجلس فوق فراش حسام ربت بيده على الجزء الفارغ جواره ينظر لولده يبتسم، ارتبك حسام لا يعرف لما ولكنه حقا ارتبك، تقدم يجلس جوار والده، لحظات طويلة من الصمت قبل أن تخرج تنهيدة طويلة من بين شفتي خالد نظر لولده يحادثه مبتسما:.

- تعرف، أنا عيشت عمري كله أهرب من الماضي، بس لو أعرف أن الماضي دا فيه أنت كنت دورت علىه بدل ما هربت منه...
مد يده يربت على كتف حسام ليلتف الأخير ينظر لأبيه، توسعت حدقتيه في دهشة هل تلك دموع التي يراها في عيني والدها، تنهد خالد من جديد يربت على كتف صغيره يتمتم ضاحكا:.

- اوعي ياض تكون فاكر معاملتي ليك استهانة او تقليل منك، أنا بعاملك على أنك صاحبي مش ابني، أنا مستعد افرشلك الأرض تحت رجلك فلوس، احققلك كل اللي تحلم بس فيه، دا أنت ابني من صلبي، سندي بعد ما أعجز، لما أعجز بقي أنا لسه في عز شبابي
ضحك حسام بخفة ينظر لأبيه لا يعرف لما ولكنه وجد الدموع تتجمع في مقلتيه هو الآخر خاصة حين احتضن خالد وجهه بين كفيه يكمل ما كان يقول:.

- عارف من اول مرة شوفتك فيها في عيد ميلاد لينا، وأنا حاسس أني اعرفك، قلبي بيتجنن لما بيشوفك، خصوصا لما شوفت لهفتك على اختك لما زيدان جابك تعالجها، كلامك حركات وشك، قلة ادبك، اللي واقف قدامي دا أنا عارفه، دا أنا وأنا صغير شوية، كنت حاسس و**** أنك ابني من قبل ما اقابل والدتك **** يرحمها، عارف لما اتأكدت كنت طاير من الفرحة، إبني، ابني أنا، **** عوضني لاء ودكتور ما شاء **** قد الدنيا، لما تبقي أب هتحس بالفرحة اللي أنا بقولك علىها دي، وخصوصا دلوقتي وأنا شايفه عريس زي القمر، **** يحفظك يا ابني.

انهمرت الدموع تغرق وجه حسام ليندفع يحتضن أبيه يبكي بين أحضانه بعنف يتمسك به كطفل صغير رأي أبيه بعد طول غياب، للحظات طووويلة جميلة، أبعد خالد حسام عنه مد يده يمسح دموعه عن وجهه يحادثه ضاحكا:
- ولد وبعدين في عريس يعيط بردوا، يلا يا دكتور يا حيلوة ياللي بتلبس ليسنز أنت قوم كمل لبسك...

خرجت ضحكة خافتة من فم حسام قبل أن يقبل يد والده ربت خالد على رأسه تحرك حسام ناحية مرأه الزينة ليمسك خالد بسترة حلته يساعده في ارتدائها، اخرج من جيب حلته رابطة عنق سوداء فاخرة، امكسها يطوق بها عنق حسام يعقدها له بهدوء يعدل من تلابيب ملابسه، التف حسام ينظر لانعكاس صورته في المرآة بصحبة والده، الآن فقط لاحظ ذلك الشبه الغريب الذي يتحدث عنه الناس وكأنه لم يكن يراه قبلا، ابتسم يعانق خالد بقوة ليضحك الأخير عاليا، دقات على باب الغرفة دخل زيدان يقطب جبينه ينظر لخالد في عجب يحادثه:.

- خالي أنا كلمت الفندق ااكد الحجز قالولي أن الحجز اتلغي وإن حضرتك اللي لغيته
ابتسم خالد في هدوء دس يديه في جيبي سرواله يحرك رأسه بالإيجاب التوي جانب فمه بما يشبه ابتسامة ماكرة يتمتم ببراءة خبيثة:
- ايوة فعلا أنا لغيته ولغيت الحجز بتاع حسام وحجزت تلت سويتات هايلين في قرية سياحية في دهب تبع واحد صاحبي المكان هناك خيال
قطب حسام ما بين حاجبيه ينظر لحسام رفع كف يده يعد علىه يتمتم مدهوشا:.

- أنا وسارة سويت وزيدان ولينا سويت، التالت دا لمين يا بابا
ارتسمت ابتسامة كبيرة على شفتي خالد رفع رأسه لأعلى يغمغم في خيلاء:
- ليا
توسعت أعين الرجلين ينظران لبعضهما البعض في دهشة ليصحيان معا من وقع صدمة ما حدث:
- ليك ازاي يعني
احتدت عيني خالد ينظر لهما في ازدراء كتف ذراعيه أمام صدره يصيح منفعلا:.

- هو ايه اللي ليك ازاي يا حيوان منك ليه هو أنا ماليش نفسك زيكوا اطلع شهر عسل ولا ايه، دا أنا مطلعوا على حسابي يا كلاب
اندفع حسام يصيح مذهولا:
- أنت مش لسه راجع من شهرين عسل باصص في الأسبوعين بتوع الغلابة يخربيت الذل يا جدع
رفع خالد يده يحرك سبابته وإبهامه على ذقنه الملتحية، ابتسم في وعيد قاتم اقترب من حسام يقبض على تلابيب ملابسه يهمس لها متوعدا:.

- ما تخلنيش أعلم علىك زي ما عملت قبل كدة يوم ما كنت رايح تودي الملازم لسارة، هوديك الفرح وشك ألوان، كل عيش يا دك ماشي يا حبيب أبوك
شد حسام على أسنانه يكاد يطحنهم من الغيظ دفعه خالد بعيدا عنه ليتمتم بصوت خفيض مغتاظ يعبر عن ضيقه:
- ايه الراجل دا، بيتحول في ثانية
انتفض حين سمع خالد يردف متوعدا:
- بتبرطم تقول ايه يا حيوان.

ارتسمت إبتسامة كبيرة بلهاء على شفتي اشار لنفسه ببراءة يحرك رأسه نفيا سريعا يغمغم ضاحكا:
- أنا!، بدعيلك يا بابا يا حبيبي
رماه خالد بنظرة ساخرة متهكمة قبل أن يتركهم ويخرج من الغرفة، اغلق الباب خلفه رغم ذلك سمع صوت حسام الغاضب وهو يصيح في زيدان:
- ابقي قابلني لو عرفنا نشوفهم عارف فيلم عادل إمام لما كان رايح جاي ساحب بنته في ايده بكرة هتشوفه لايف وخالك رايح جاي ساحبهم كلهم في ايده.

ابتسم خالد في خبث يحرك رأسه بالإيجاب صدقا لم تكن تلك الفكرة خطرت على رأسه قط ولكن لما لاء!

تحرك ناحية غرفة ابنته، دق بابها يخبرهم أنه هو، لحظات قبل أن تفتح لينا زوجته باب الغرفة اطلق صفيرا طويلا يعبر عن سحره بذلك الفستان الفضي الرقيق الذي ترتديه وحجاب رأسها المتناغم للغاية مع لون الفستان، نظر لوجهها المزين بمستحضرات التجميل ليزفر حانقا، لما تضع تلك الاشياء الملونة على وجهها اليوم زفاق ابنتهم لن يزعجها على اي حال، امسك بكف يدها ليجعلها تلتف حول نفسها بخفة لتضحك برقة على ما يفعل، في حين تصارعت دقات قلبه للفوز بمعركة العشق اللامحدود، اوقفها يحتضن وجهها بين كفيه يتنفس بعمق ينظر لزرقاء عينيها يهمس لها بصوت خفيض اجش حاني:.

- قالوا جُن الفتي وقع في عشق للجميلة
جُن المسكين يظن أنه للجميلة عاشقا
لم يعرف العشق ولا حتى زاره
فلو انكوي بنار الفؤاد لفر هاربا
فصاح الفتي و**** اني للجميلة عاشقا
لو العشق نار يقتل القلوب، فقلبي للعشق قتيلا، وروحي لها فداءً، وجسدي لها درعا من كل داء
صدقوا حين قالوا
جًن الفتي فوقع في عشق الجميلة
فلو لم يُجن الفتي لما عرفتم حكاية الجميلة.

ابتسمت تدمع عينيها لترتمي بين أحضانه تلف ذراعيها حول عنقه تهمس له بصوت خفيض مرتجف:
- حرام علىك يا أخي، هحبك اكتر من كدة إيه...
ضحك عاليا ليبعدها عنه يلثم جبينها بقبلة صغيرة ابتسم في اتساع يهمس جوار إذنها بصوت شغوف عاشق:
- حبيني قد حبي ليكي هتلاقي نفسك في فراغ واسع كل ما يتملئ عشق بيوسع اكتر واكتر لحد ما لا نهاية مالوش حدود الدنيا كلها ما تكفيهوش.

حركت رأسها بالإيجاب تبتسم ليمد يده يمسح دموعها أمسكت بيده تجذبه معها لداخل الغرفة، حين دخل وقف خلف ابنته على بعد مسافة قريبة منها يري انعكاس صورتها في المرآة الكبيرة أمامه لم تكن خائفة لم تكن ترتجف كزفافها الأول، رأي ابتسامتها الواسعة التي تغزو ثغرها، لمعة عينيها السعيدة، جعلت دقات قلبه تتصارع خاصة وهو يراها في فستان زفافها الأبيض، تلتف حول نفسها، تضحك من سعادتها، التفتت له سريعا ما أن رأت انعكاسه في المرآة هرولت ناحيته ترتمي بين أحضانه ليحتضنها بقوة يقبل قمة رأسها يمسح على خصلات شعرها، ابعدها عنه قليلا يبتسم في اتساع يحادثها سعيدا:.

- العرايس احلوت عن زمان يا لينا
ضحكت ابنته عاليا، تعاود احتضانه من جديد، أغمض عينيه لا يعرف لما ولكنه يشعر حقا أنه يرغب في البكاء بكثرة اليوم، يكاد يضحك ساخرا على حاله منذ متي وهو يبكي بتلك البساطة، أبعد ابنته عنه يقبل رأسها ويديها يهمس لها مبتسما:.

- احلي عروس في الوجود، خلي بالك من نفسك ونبطل جنان بقي، أنا واثق أن زيدان ما يزعلكيش بس لو شيطانه وزه وعمل اي حاجة زعلتك، تقوليلي على طول وأنا هكسر دماغه
ابتسمت تؤمأ له بالموافقة، تحرك ليغادر ليتركها تكمل تجهيز حالها، ليشعر بكف يدها يتشبث بيده، ذكرته تلك الحركة حين كانت تتشبث بكفه وهي صغيرة تنفس بعمق حتى لا يبكي التفت له يبتسم لتبادر هي تغمغم سريعا:.

- بابا أنا كنت عروسة قبل كدة وكنت أنت وماما حواليا دايما، والمرة دي هنعمل الفرح في قاعة، ممكن إنت وماما تخليكوا مع حسام النهاردة، زيدان قالي أنه متفق مع صاحبه هيسوق العربية بتاعتنا
ابتسم سعيدا لينا في ليلة زفافها تفكر بشقيقها حرك رأسه بالإيجاب اقترب يقبل جبينها ينظر لها متفاخرا يغمغم:
- **** ما يحرمكوا من بعض ولا يحرمني منكوا.

تحرك من غرفى ابنته إلى غرفته هو ينظر إلى الحلة المقلعة هناك، توجه إلى المرحاض اغتسل ارتدي سروال الحلة وقميصها وقف أمام المراءة يعقد رابطة عنقه، يرتدي حلته، رفع المشط يمشط خصلات شعره التي امتزج بها الشيب ليأكل معظم خصلاته السوداء، امسك زجاجة العطر الخاصة به بضع رشات صغيرة على عنقه ورسغي يده، وأطراف حلته، تحرك يقف أمام صورة زفافه هو ولينا لتلوح على ثغره ابتسامة صغيرة يتذكر ليلة زفافهم الثاني يبدو أن ابنته ورثت كل شئ منه.

Flash back
دخل بها إلى غرفتهم ينزلها أرضا برفق توسعت عينيها مدهوشة تنظر للغرفة المزينة الورود التي تملئ كل مكان في الحجرة، قطع الحلوي التي اصطفت في على شكل اسمها على الفراش، البالونات الملونة هنا وهناك، التفتت له تدمع عينيها تهمس بصوت خفيض مبحوح:
- أنا بحبك أوي بحبك أوي أوي
اشار لها لباب المرحاض اقترب يمسك طرف ذقنها بين اصبعيه السبابة والابهام يردف مبتسم في هيام:.

- أنا بقي بعشقك فوق عشق العاشقين عشقا، ادخلي الحمام غيري هدومك يلا.

هرعت سريعا إلى مرحاض غرفتهم رأت تأخذ منامة بيضاء اللون خرجت من المرحاض لتسمع صوت الموسيقي الهادئة تلتف في كل مكان في عرفتهم ابتسمت في تلك اللحظة لم تكن تريد أن ترقص على أنغام تلك الموسيقي الهادئة حركت رأسها بالنفي لتغلقها قطب جبينه ينظر لها متعجبا، لتمسك بكف يده، تلتقط هاتفها خرجت من الغرفة ومن المنزل بأكمله تقف في الحديقة تلامس أصابعها العارية العشب الندي اسفلها، سعيدة تشعر بالحماس والانطلاق، بدأت تعبث في هاتفها ليصدح صوت اغنية انجليزية مزعجة وبدأت هي تتقافز حوله تتحرك سعيدة اقتربت منه تمسك بيده تحادثه ضاحكة:.

- ارقص معايا
نظر لها في ذهول يبتسم في عجب حرك رأسه نفيا ضحك يغمغم:
- ما بعرفش و****، دا أنا اتعملت السلو عشانك، تيجي نرقص تحطيب
تعالت ضحكاتها تشق سكون الليل لتشهق بقوة حين حملها بين ذراعيه يلتف بها حول نفسه في الحديقة يصرخ بحبها وتتعالي ضحكاتها
اجفل على حركة يد وضعت على كتفه ليخرج من شروده نظر خلفه ليجد لينا تقف هناك خرجت من أفكاره لتتجسد أمامه، لف ذراعه حول كتفيها يقبل جبينها ليسمعها تهمس له:.

- يلا يا خالد الولاد خلصوا ويا دوب نلحق نجيب سارة من الكوافير ونروح القاعة
ابتسم يمسك بيدها يخرج بها من غرفته ليجد لينا تتأبط ذراع زيدان ينزلان لأسفل، القي زيدان مفاتيح سيارته على شهاب صديقه ليسبقه يدير محرك السيارة، نزل خلفهم لينا وخالد وحسام، إلى سيارة الأخير المزينة، نظر الأخير لهما في دهشة يتمتم متعجبا:
- هو انتوا هتيجوا معايا اومال مين هيروح مع لينا
ضحك خالد يصدم حسام على رأسه بخفة يغمغم ساخرا:.

- اركب يا حمار ومالكش دعوة
زفر حسام مغتاظا استقل وحيدا الأريكة الخلفية جلس خالد خلف المقود ولينا جواره انطلقت السيارات إلى مركز التجميل حيث توجد سارة وتالا ومعهم سارين.

في مركز التجميل وقفت سارة تنظر لانعكاس صورتها في المراءة لتبتسم تتورد وجنتيها من السعادة تشعر بقلبها يكاد يقفز خارج صدرها، اليوم ستتزوج حسام، اليوم ستصبح زوجته، سعيدة تكاد تطير ولكنها خائفة من القادم من المستقبل هل تري ستنجح حياتهم الزوجية ام سيصبحون نسخة مقلدة من أبويها ومشاكلهم التي لا تنتهي أبدا، زفرت بقوة تحاول أن تهدأ اقتربت سارين من شقيقتها تعانقها بقوة تبتسم لها سعيدة:.

- قمر يا سارة احلي من القمر حسام هينبهر لما يشوفك بالحجاب
ابتسمت خجلة تنظر لشقيقتها بسعادة ممتزجة بامتنان تشكرها:
- أنتي السبب يا سيرو انتي اللي حببتيني فيه من كلامك عنه، عشان كدة قررت ألبسه بداية من يوم الفرح ومش هقلعه تاني أبدا
ابتسمت سارين تعانق شقيقتها من جديد التفتت الفتاتين تنظران ناحية تالا التي تنظر لهما في سعادة تبكي في صمت اقتربت منهم تضع يدها خلف ظهرها احتضنت طفلتيها تردف باكية:.

- اتخطفتوا بدري اووي، **** يسعدكوا ****، سارة وانتي يا سارين ما تغلطوش غلطتي أبدا، ما فيش واحدة فيكوا تحاول تبعد جوزها عن البيت او عن تربية الأطفال لما تخلفوا، اوعوا تعملوا كدة، ماشي يا حبايبي
ابتسمت الفتاتين يحركان رأسهما بالإيجاب لتقبل تالا رأس كل منهما، لحظات قبل أن يسمعا صوتا مألوفا يغمغم ضاحكا:
- العروسة البسوبسة خلصت العريس واقف بيدخن برة.

نظرت سارة ناحية لينا زوجة عمها لتتوسع عيني الأخيرة في سعادة اقتربت منها تعانقها بقوة احتضنت وجهها بين كفيها تحادثها سعيدة:
- زي القمر يا حبيبتي مبروك على الجواز وعلى الحجاب
في الخارج يقف عثمان أمام سيارته ينتظر زوجته خرج حسام من السيارة هو الآخر ينظر لساعة يده يتأفف حانقا لما تأخرت كل ذلك الوقت، اقترب منه يغمغم ضاحكا:
- ما تتهد يا عم زمانها جاية دلوقتي، اقولك ادخلك هاتها.

قلب حسام عينيه في ملل عثمان وخفة دمه التي تكاد تقتله من الضحك، سمع صوت زغرودة عالية ليعتدل في وقفته حين انفتح الباب توسعت حدقتيه نبض قلبه هو دائما ينبض بما أنه طبيب فعلميا يتراوح عدد دقات قلب الإنسان ما بين ستين لمئة دقة في الدقيقة إذا لما يشعر أنه يدق للمرة الاولي يتعرف على نبضه الآن، يضخ دماء مختلفة كراته الحمراء والبيضاء امتزجت بكرات اخري تحمل صورتها تصرخ باسمها تسري بين أوردته تطبع جسدخ بعشقها من قلبه لعلقه لجوا روحه، ها هي تقف هناك كملاك بل أجمل ملاك يرتدي حجاب أبيض اللون تخفي بها شعرها تحجبه عن أعين من ليس لهم حق في رؤيته، أدمعت عينيه ينظر لها سعيدا يكاد يصرخ من فرحته ما كاد يقترب منها شعر بيد تقبض على كتفه نظر خلفه ليجد عثمان الذي ابتسم يسأله متعجبا:.

- هو صحيح هو أنت ليه ما دخلتش جوا وسارة اديتك ضهرها وقعدت تلف حواليها وتنبهر لما تشوفها ولا كأنك تعرفها قبل كدة
زفر حسام حانقا يجذب يده من يد عثمان يغمغم في غيظ:
- يا عم أبعد أنا على أخري، سيبني أشوف ليلتلي
ضحك عثمان عاليا في حين اقترب حسام سريعا من سارة وقف أمامها يخترزها بنظراته أمسك كف يدها المرتجف خجلا يرفعه إلى فمه يلثمه بقبلة حانية يهمس لها:.

- مبروك يا حبيبتي، هتصدقيني لو قولتلك أنك أجمل ما رأت عيني
انخفضت برأسها أرضا تحمر وجنتيها خجلا أراد بشدة أن يعانقها، ما كاد يقترب خطوة واحدة توسعت عينيه حين رأي عمر أمامه لا يعرف حتى متي جاء بتلك السرعة وقف عمر أمام حسام ينظر له ساخرا يردف:
- ما تاخدها وتروح ويولع الفرح بالمأذون بالمعازيم.

زفر حسام حانقا ينظر لعمر متوعدا تبقي فقط أقل القليل وتصبح زوجته، امسك بكفها يتحرك بها إلى سيارة والده تتبعهم زغاريد السيدات العالية، توجه الجميع إلى سيارتهم، نصف ساعة فقط ووصلوا إلى قاعة الزفاف، في غرفة صغيرة تسبق القاعة على أريكة جلس حسام وعمر وبينهما، ينظر حسام لعمر يبتسم في تشفي ليرميه الأخير بنظرات حانقة غاضبة، وضع كفه في كف عمر، القي على ابنته نظرة اخيرة يبتسم لها قبل أن يردد خلف المأذون جاء الدور على حسام الذي كان يتعجل نطق الكلمات إلى أن اردف المأذون معترضا:.

- ما ينفعش كدة يا استاذ حسام براحة عشان ما تنساش حاجة
زفر يحرك ساقه اليسري متوترا يومأ بالإيجاب، عاد من جديد يردد خلف المأذون إلى أن صدحت الجملة المعتادة:
- بارك **** لكما وبارك علىكما وجمع بينكما في خير
تعالت الزغاريد في كل مكان وقع حسام وسارة ووقع خالد وزيدان شهود على العقد، انتفض حسام من مكانه هرول ناحية سارة يعانقها بقوة التف بها حول نفسها يصيح منتصرا:
- اتجوزتك اخيراااا.

تعالت ضحكات الجميع دقت الطبول وبدأت موسيقي استقبال العروسين دخل زيدان بصحبة لينا، اولا وتلاه حسام الذي يكاد يرقص من الفرح ولما يكاد تبقي القليل فقط وسيرقص من الفرح، جلست كل عروس جوار زوجها لحظتين فقط وتعالت صوت احدي الأغاني الشعبية المزعجة انفتح باب قاعة الزفاف على مصرعيه ليدخل اصدقاء زيدان وحسام ومعهم جاسر وغيث إلى القاعة يرقصون بحركات غريبة على أنغام الموسيقي الصاخبة اقترب شهاب صديق زيدان يشد زيدان قصرا بينهم، في حين هب حسام سريعا خلع سترة حلته يلقيها جوار سارة ليغوص بين جمع الشباب.

الكاميرات لا تتوقف عن التصوير، على أقرب طاولة من العروسين جلس كل من خالد ولينا وعمر وتالا وسارين، فعثمان معهم في جمع الشباب المكتز، نظر خالد لحسام باشمئزاز ليعاود النظر للينا يغمغم حانقا:
- سرسجي حقير ايه الأرف اللي بيسمعوه دا، دا منظر دكتور بذمتك
ضحكت لينا بخفة تربت على يد زوجها:
- يا خالد فرحه سيبه يفرح وبعد شهر العسل ربيه
ابتسم في خبث يحرك رأسه بالإيجاب لما بعد شهر العسل، سيريه العجائب من الغد.

في تلك اللحظات دخلت عائلة حمزة بعد أن صافحوا العروسين توجهت مايا وسارين وسهيلة التي تحمل أحمد الصغير إلى لينا وسارة يلتقطون الصور يضحكون على ما يفعل ذلك الجمع الذي اختفي أدهم بينهم حمل الشباب زيدان يقفذونه لأعلى، حاولوا حمل حسام ليصيح فيهم:
- لااااا أنا شوفت فيلم بابا هتسيبوني اقع وأنا مش مستغني عن الفقرة الخامسة والسادسة والقطنية
حملوه قصرا يقذونه لأعلى ليصيح فيهم خائفا:.

- بس ياض منك ليه، نزلوني يلا، ضهري لو جراله حاجة هنفخكوا
اخيرا انزلوه أرضا، اقترب زيدان يجلس جوار لينا يمسح حبات العرق المتساقطة من وجهه بمنديل صغير، هرع حسام يجلس سارة نظر لعمر في تحدي ساخر ليقترب من سارة يحتضنها يلاعب حاجبيه عابثا ينظر لعمر متشفيا...
نظر عمر لتالا في غيظ يحادثها حانقا:
- شايفة الحيوان بيغظني.

حاولت تالا بالكاد رسم إبتسامة صغيرة على شفتيها تربت على يد عمر تهدئه، تشعر بألم بشع يزداد سواءا ربما هي فقط تتوهم لن تضع حملها اليوم تحديدا، ألم وسيزول بعد قليل...

على طاولة قريبة منهم جلس جاسر ومعه سهيلة التي تحمل الصغير، جوارهم عثمان وسارين، يلتقطون أنفاسهم، نظرت سهيلة لجاسر تبتسم سعيدة حين تذكرت ما فعله لأجلها الفترة الماضية او كادت تستعيد شريط ذكريات قريب حين صدح صوت منظم الحفل يشعل الأجواء من جديد:
- اصدقاء العروستين ممكن تقفوا وراهم ونشوف مين هتاخد بوكية الورد.

أخذ جاسر الصغير من سهيلة يشير لها بالذهاب لتلحق بها سارين وباقي الفتيات وقفت لينا مجاورة لسارة تضحكان وخلفهما جمع من الفتيات، بداءتا يعدان مع بعضهما البعض بهدوء:
- واحد، اتنين، تلاتة.

القيا باقتي الورد سويا التفت كل منهما تري من امسكت باقتها، باقة سارة وقعت في يد شقيقتها، نظرت لينا عن كثب تبحث عن من امسكت بباقة الورود الخاصة بها لتختفي ابتسامتها شيئا فشئ حين رأت تلك الشقراء الملونة تقف أمامها تمسك بباقة الورود تبتسم في اتساع، الشقراء هنا، نظرت سريعا ناحية زيدان الذي لم تقل دهشته عنها، تحرك من مكانه ناحية باب قاعة الزفاف لتمسك لينا بطيات فستانها تلحق به، بدأت الهمهات تعلو من كل مكان، عن سبب ما يحدث، تحرك خالد هو الآخر يخرج من القاعة عند الباب رأي انجليكا يقف جوارها شاب طويل القامة عينيه زرقاء تشبه عيني زيدان لحد كبير شعره أشقر أبيض البشرة شاب وسيم ملامحه ليس مصرية ولا بعربية على الاطلاق، اقترب منهم أكثر زيدان يقف أمام إنجيلكا جواره لينا التي تناظر انجليكا بشراسة:.

- أنتي اللي جابك هنا
اشار لها زيدان ان تهدئ في حين ابتسمت انجليكا في هدوء عادت خطوتين تقف جوار الشاب امسكت بذراعه تنظر لزيدان في حين تجاهلت لينا تماما تتمتم مبتسمة:.

- زيدان دا ماكس اللي هكتلك انه، هو مش بيأرف اربي، بس أنا كملته أنك كتير، هو جاي اشان يشكرك، لما رجأت روسيا، أنا وماكس اتصالهنا، هو آلي أنه بيهبني كتير وندمان اننا سبنا بأض، بس أنا كنت زآلانة منه كتير، هو أمل هاجات هلوة كتير اشان يصالح أنا، أنا وماكس اتجوزنا الأسبوع اللي فات.

توسعت ابتسامة زيدان يشعر حقا بالسعادة لها تلك الصغيرة تزوجت عادت لحبيبها أخيرا، في حين انجليكا يدها على بطنها المسطح تهمس سعيدة:
- أنا كمان هامل في شهر
قطبت لينا ما بين حاجبيها مدهوشة كيف تحمل في شهر وقد تزوجا قبل أسبوعين فقط شهقت تنظر لهما باشمئزاز تهمس بصوت خفيض:
- يا قلالات الأدب...
في حين بالكاد منع خالد ضحكته يتذكر ذلك الفيلم القديم تكرر جملة واحدة في رأسه:.

- كريستين حامل، انتوا عندكوا بتجيبوا العيل الأول وبعدين تتجوزا تفوا على دا نظام
عند تلك النقطة لم يستطع أن يظل صامتا فانفجر ضاحكا ليلفت انظارهم إليه توسعت ابتسامة انجليكا لتقترب منه سريعا تعانقه بقوة تتمتم سعيدة:
- امو هالد أنت وهشت أنا كتير اوووي
حمحم مرتبكا من الموقف قبل أن يأتي بأي رد فعل سمع صوت شهقة عالية التفت خلفه سريعا ليري لينا زوجته تقف تنظر له عينيها تكاد تشتعل غضبا.

الفصل مئة وثمانية وعشرون

- خالد
صاحت بها لينا محتدة، ليلقي عليها خالد نظرة قلقة عاود النظر لانجليكا يبعدها عنه ابتسم يتمتم في حسرة مضحكة:
- ابعدي يا بنتي دا أنا قد ابوكي
ابتعدت انجيلكا خطوة واحدة للخلف تنظر لخالد تعقد ما بين حاجبيها لا تفهم لما هو قلق في حين اندفعت لينا بسرعة مذهلة ناحية زوجها وقفت أمامها عينيها تقدح شررا وغيظا عاد خالد خطوة واحدة للخلف يرفع كفيه وكأنه يستسلم، اشار لانجليكا سريعا يتمتم سريعا:.

- هي و**** اللي حضتني، دي قد بنتي يا حبيبتي
وقفت أمامه ترميه بنظرات غيظ تكاد تحرقه حتى هو لم يكد يصدق أن نظرات لينا الغاضبة يمكن أن تقلقه لتلك الدرجة كادت أن تشهر سبابتها أمام جهه ولكن الجمع الواقف خارجا يحدق فيهم جعلها تقترب منه، وكأنها تنفض الغبار عن سترة حلته ابتسمت تهمس له بصوت خفيض حانق هو فقط من سمعه:
- قد بنتك قد اختك ما تفرقش معايا صبرك عليا لما نروح يا خالد يا سويسي.

رفعت حاجبيه مندهشا ينظر لها في ذهول القصيرة تهدده، حمحم بخشونة يبتسم في خبث، انتظري إلى أن ينتهي الزفاف يا قصيرة، امسك بيدها يقترب منهم، نظرت انجليكا لهما بأسف تهمس بصوت خفيض:
- أنا آسفة لو آملت هاجة وهشة، عمو هالد بيهبك كتير صدقيني، أنا بس مش شوفته من كتير.

نظرت لينا لها مشفقة تبدو كطفلة صغيرة وهي تتحدث بتلك العربية المهشمة التي تخرج من بين شفتيها، ابتعدت عن خالد تقترب من انجليكا ربتت علي رأسها برفق تحادثها:
- عاملة زي الاطفال يا انجليكا عفوية اوي، وعفويتك بتتفهم غلط...
في تلك اللحظات اقترب ماكس منها ينظر لها قلقا يحادثها بالروسية إن كانت هناك مشكلة لتحرك رأسها بالنفي، اشارت لزيدان تعرفه عليه، ليبتسم ماكس في حبور مد يده يصافح زيدان يشكره بالانجليزية:.

- thank you، I am really grateful for what you did for her in my absence، Ang is like a baby، she told me everything you did and I
really thank yo
( أشكرك أنا حقا ممتن لما فعلته لها في غيابي، انج كالأطفال، هي اخبرتني بكل ما فعلته وأنا حقا اشكرك ).

ابتسم زيدان في هدوء يصافح ذلك الماكس الواقف أمامه هو من البداية يعرف أن انجذاب له لأن عينيه تشبه عيني ماكس لكنه لم يتوقع أن الشبه في الأعين سيكون حقا بتلك الدرجة المرعبة، تنهد يردف في هدوء:
- no need to thank me، I just did my duty، take care of her، she really loves you.

ابتسم ماكس يعده أنه لن يتخلي عنها مجددا، انتقل بنظره ناحية لينا التي تقف جوار زيدان بفستان زفافها ابتسم لها اقترب منها يود معانقتها ظنا منه أنه هكذا سيصافحها!، ما كاد يقترب خطوة واحدة منها رأي ذلك الرجل يقف أمامه عينيه تحترق من الغضب، نظر له مدهوشا قبل أن ينطق بحرف واحد وجد زيدان يزمجر فيه:
- what were you about to do.

توسعت عيني ماكس يرمش عدة مرات قبل أن يرفع كتفيه لاعلي يتمتم متعجبا من غضب ذلك الواقف:
- why you look angry، I am just hugging the bride
توسعت عيني لينا في دهشة ذلك الأحمق كان يريد أن يحتضنها، زيدان كان ليقتله إن فعل ويولد الطفل يتيما، جذب زيدان لينا يخفيها بالكامل خلف ظهره يصيح محتدا:
- you can t do that، she s a red line، l don t let you go near.

قطب ماكس جبينه مندهشا من حالة الهجوم المبالغ فيها الذي تحدث أمامه ليسأله مدهوشا:
- why
تنهد زيدان بقوة قبل أن تنثني شفتيه بابتسامة صغيرة يتمتم بقوة:
- because she is my wife, my lover , my soul and my blood، l will not allow you to come near.

توسعت عيني لينا تنظر لزيدان في هيام تكاد تقسم أن دقات قلبها تكاد تصرخ من سعادتها، في حين لاحت ابتسامة صغيرة علي شفتي خالد، ذاك الشبل نشأ علي يدي هذا الأسد، حاوط خالد ذراعي لينا زوجته الواقفة جواره يحثهم علي الرحيل:
- يلا يا جماعة اتاخرنا والمعازيم زمانهم بيسألوا اختفوا فين...

ابتسم ماكس يصافح زيدان من جديد يفصح له عن مدي إعجابه بغيرته علي زوجته، تحرك الجميع، لمح زيدان بطرف عينيه ذلك الذي يتقدم ناحيتهم يدخل من باب القاعة من الخارج طلب من لينا أن تسبقه في حين وقف هو وحيدا ضحك عاليا ما أن اقترب الفتي منه سردد ضاحكا:
- صديق الغردقة القديم كنت هولع فيك لو ما جتش
تعالت ضحكات باسل ليقترب منه يعانقه بقوة يربت علي ظهره يتمتم مبتهجا:.

- ألف مبروك يا صاحبي وأنا اقدر بردوا ما اجييش...
ابتعد زيدان عن صديقه بعد لحظات ينظر له مبتسما تحركا ليدخلا معا حين حمحم باسل يردف سريعا قبل أن يدخلا إلى قاعة الزفاف من جديد:
- زيدان في حاجة عايز اقولك عليها قبل ما ندخل القاعة
وقف زيدان ينظر لباسل قطب ما بين حاجبيه لما يبدو متوترا قلقا لتلك الدرجة حمحم باسل يتفادي النظر لعيني زيدان يتمتم بصوت خفيض متوتر:.

- بصراحة يا زيدان عشان ما ابقاش مخبي عنك حاجة، أنا واحد من تلاميذ خالد باشا خالك، هو اللي حجزلك شقتك جنبي لما جيت الغردقة، وكلمني ووصاني اني ما اسيبكش ابدا عشان حالتك النفسية كانت سيئة وقتها...
ارتسمت ابتسامة صغيرة علي شفتي زيدان، خاله دائما هنا حوله يخبره أنه قلق عليه حتى وإن لم يكن متواجدا يسعي بكل الطرق لحمايته، التخفيف عنه في أحلك الأوقات، مد يده يربت علي كتف باسل يحادثه مبتسما:.

- كنت حاسس و**** يا باسل اصل الرزالة دي مش طبيعية
ضحك باسل بخفة، يحرك رأسه بالإيجاب، كمش زيدان ما بين حاجبيه يتمتم فجاءة:
- يعني انجليكا تبع خالي؟!
حرك باسل رأسه بالنفي سريعا، الفتاة ليس لها دخل إطلاقا، ليردف متلهفا:
- لالا ابدا، معرفتك بانجليكا وكل اللي حصل بينكوا بعد كدة لا خالد باشا ولا أنا لينا علاقة بيه.

تنهد زيدان في ارتياح، كان حقا سيبدو احمقا أن كان خاله يتلاعب به بتلك الفتاة طوال تلك الفترة، عاد بصحبة باسل إلى داخل الغرفة توجه ناحية لينا يجلس جوارها، ليضحك بخفة حين رأي انجليكا تتحرك ناحية باسل تحتضنه تلك الفتاة حقا غريبة بشكل لا يُنسي، توجه بعينيه ناحية لينا ليراها تنظر إلى الفراغ، استطاع أن يري غطاء شفاف من الدموع يغشي حدقتيها، لينتفض قلبه قلقا امسك كف يدها يسألها مذعورا:.

- مالك يا لينا، انتي كويسة، ردي عليا يا حبيبتي، تحبي نروح طيب.

التفتت له رغم غطاء الدموع التي جعل الرؤية أمامها مشوشة بالكامل الا أن ملامح القلق التي ارتسمت علي وجهه رأتها بوضوح تااام، كيف كانت عمياء لتلك الدرجة كيف هربت من عشقه وكيف لا زال يعشقها لتلك الدرجة لم ينقص عشقه مقدار ذرة، لم تشعر بنفسها الا وهي تلقي بنفسها بين أحضانه وهو كالعادة تلاقها بين ذراعيه يشدد علي عناقها لا يهم من حوله وكيف ينظرون له لا أحد يعشق بقلبه هو، كانت تود بشدة أن تبكي بحرقة بين ذراعيه، لكن الموقف كان ليصبح كارثيا، فقط ظلت بين أحضانه تسمعه صوته يسألها قلقا يلح عليها أن تطمئن قلبه الخائف عليها، ظلت هي تتمسك بيه تخفي وجهها بالكامل داخل صدره تستشعر دقات قلبه العنيفة، لم تجفل سوي علي صوت حمحمة والدها القوية انتفضت تبتعد عن أحضان زيدان، رماها خالد بنظرة غير راضية تماما عما فعلت ليهمس يعاتبها:.

- ما ينفعش كدة يا لينا، هيقولوا العروسة بتتحرش بالعريس...
ابتسمت لينا خجلة تخفض انظارها ارضا، امسك زيدان كف يدها يشدد علي عناقه بين أصابعه يحادث والدها مبتسما في هدوء:
- ما حصلش حاجة يا خالي، لينا بس داخت، ما حصلش مصيبة يعني لما سندت رأسها في حضني دي مراتي...

ابتسم خالد زيدان اليوم حقا يبهره بتصرفاته هو دائما يبهره ولكنه الجرعة اليوم زائدة، جذب يد لوجين الواقفة جواره تنظر لولدها تغرق عينيها الدموع قام زيدان من مكانه يتمني فقط لو يتخلص من تلك الغصة التي تخنقه حين يراها، تنهد بعمق هي والدته أولا واخرا حتى لو لم يرضي قلبه لا يهم، اقترب منها يقبل جبينها ويديها سمع شهقتها المتتابعة لتهمس له فرحة:.

- مبروك يا حبيبي ألف مبروك يا ابني **** يسعدك يا ابني، مسامحني بجد يا زيدان.

ابتسم أجبر شفتيه علي الابتسام رغما عنها يحرك رأسه بالإيجاب في هدوء تام، في اللحظة التالية اختفت ابتسامته فجاءة حين رأي كيف تنظر لينا زوجة خاله له، للحظات شعر بالخيانة وكأنه يخون والدته التي ربته، نغز مؤلم صدع بقلبه، قاطع تواصله البصري مع لينا صوت منظم الحفل يدعو العروسين لأول رقصة لهما سويا، في لحظات بدأت موسيقي هادئة تغزو القاعة من كل مكان، أمسك خالد بيد لوجين يعود بها إلى الطاولة، التفتت زيدان للينا امسك بكف يدها يجذبها معه إلى ساحة الرقص، ليفعل حسام المثل، ولكن الفارق بين العروسين كان كالسماء والأرض، سارة بالكاد لامست أطراف اصابعها سترة حلة زيدان جسدها ينتفض تنظر أرضا وجنتيها ستنفجران الآن من الخجل، أما لينا فتلف ذراعيها حوا عنق زيدان تستند برأسها علي صدره كلتا ذراعيه يحاوطنها، اقترب زيدان برأسه من لينا يهمس لها جوار اذنها بصوت خفيض قلق:.

- مالك يا لينا، في حاجة حصلت ضايقتك
حركت رأسها بالنفي عدة مرات تنهدت بحرقة تريح رأسها علي صدره تهمس له بخفوت متوتر:
- أنا بس افتكرت حاجة وحشة
رفع يده يمسح علي شعرها برفق يشعر بها تغرق رأسها في صدره وكأنها تود أن تختفي داخله ابتسم في هدوء يحادثها برفق:
- انسي يا لينا، مش عايزك تفتكري اي حاجة وحشة تاني ابدا سواء كنت جنبك أو لاء
أدمعت عينيها تحرك رأسها بالإيجاب لا تعرف حقا كيف تشكره...

جوارهم مباشرة حسام الذي يحاول أن يلقي نظرة واحدة علي وجه زوجته الخجول من بداية الزفاف وهي تتحاشي النظر إليه، والآن شقيقته ترمي حرفيا بين ذراعي زيدان وهو بالكاد يمسك أطراف أصابعها، تنهد حانقا ورغم ذلك ابتسم في اتساع، زوجته اخيرا زوجته، الكلمة فقط تجعل دقات قلبه تتصارع، ملاك نقي بحجاب أبيض أمامه له هو فقط، لا سعادة يمكن أن تفوق سعادته الآن وهي بين ذراعيه تقريبا، أصبحت له اخيرا بعد طول صراع فكرة أنها ستعيش معه تحت سقف واحد سيتشاركان معا نفس الغرفة تطيح الباقي من ثباته الواهي يود أن يصرخ معبرا عن فرحته ولكن والده في الغالب سيعبر عن غضبه هو الآخر وينتهي به الليلة جريحا في العناية المركزة، حمحم بخفة يهمس باسمها يحاول جذب انتباهها له:.

- سارة، سارة بصيلي طيب، يا بنتي مش كدة أنا زي جوزك
سمع صوت ضحكة خافتة للغاية تخرج من شفتيها، ليبتسم عابثا علي حين غرة احكم إمساك اطراف أصابعها ليجذبها لصدره شهقت مذعورة رفعت وجهها تنظر له بأعين جاحظة مما فعل في حين ابتسم هو بهيام ينظر لقسمات وجهها الجميلة التي تخبئه عنه، جميلته الساحرة، انثتي جانب فمه بابتسامة خبيثة يهمس لها بمكر:.

- بقالي ساعة ونص بقولك بصيلي، بتداري عينيك ليه لما بتيجي في عينيا، هااا، ردي بسرعة، قبل ما بابا يجي يعلقني.

ضحكت سارة خجلة تحاول دفعه بعيدا قليلا، التفتت برأسها سريعا تنظر ناحية والدها لتراه ينظر لحسام في غيظ علي وشك أن يهرول إليهم ويخلع قلبه من مكانه، في اللحظة التالية تأوه حسام متألما حين لكزه خالد بمرفقه في ظهره بعنف، التفت حسام خلفه ليجد والده يمسك بيد زوجته كأي زوجين علي ساحة الرقص، ابتسم خالد في هدوء يهمس له خلف تلك الابتسامة الهادئة:.

- قسما ب**** يا ابن الكلب أنت والحيوانة اختك لو ما لميتوا نفسكوا ما هيفرق معايا الفرح وهتلاقي الحزام نازل علي وشك إنت وهي.

حمحم حسام مرتبكا يحرك رأسه بالإيجاب سريعا، كرامته باتت قاب قوسين أو أدنى من أن تصبح ممسحة للارضيات أن أغضب والده من جديد، عاد يرقص مع سارة علي طريقة التلامس عن بعد، قام كل زوج في اللحظة التالية يصطحب زوجته يشاركون في الرقص أدهم ومعه مايا، عثمان ومعه سارين، حمزة ومعه بدور، محمد ومعه رانيا، جاسر ومعه سهيلة، وماكس ومعه انجيلكا وفارس وياسمين.

، علي طاولة باسل وغيث وشهاب وبعض الشباب العُذاب تنهد باسل بحرقة ينظر لساحة الرقص يهمس في نفسه:
- مش كانت مني جت معايا بدل ما أنا قاعد كدة
نظر للمقعد الفارغ جواره ليتمتم ساخرا:
- ما اتبقاش غيري أنا والمروحة.

ضحك الشباب عاليا، في حين كان غيث يراقب في هدوء بالكاد ابتسامة صغيرة تعرف طريقها لشفتيه، ينظر للعروسين يرسم عقله صورة مشابهة له هو وصبا!، تنهد بحرقة يغرز أصابعه في خصلات شعره سينتظر حتى يحين الوقت المناسب
علي الطاولة القريبة منهم يجلس عمر جوار تالا ينظر لعثمان وحسام حانقا ارتشف كوب العصير دفعة واحدة يعاود النظر لهم بحدة كن جديد وكأنهم ألد اعدائه نظر لتالا يهمس لها مغتاظا:.

- سرقوا البنات مني أنا كان عقلي فين وأنا بوافق علي الجوازات دي، أنا عايز بناتي.

ضحكت تالا عاليا لتشرع بألم بشع ضمت شفتيها بقوة تحاول الا تصرخ تتنفس بعنف لحظات وهدأ الألم لتحمد **** في نفسها أنه انتهي اخيرا، لن تلد في حفل زفاف ابنتها ابدا لن يحدث، نظرت تالا للوجين وزينب التان يجلسان متجاورتين بتابعن ما يحدث في صمت عيني لوجين تزرف الدموع بلا توقف تراقب طفلها وهو يتزوج، في حين تبتسم زينب سعيدة وكأنها امتلكت الدنيا عينيها مثبتة علي حسام...

علي ساحة الرقص، كل عروس تتمايل مع زوجها، بالقرب منهم كان هناك حمزة ومعه مايا تتمايل معه في خجل تبتسم في توتر، ترفع عينيها بين حين وآخر تختلس النظرات إلى زوجها، تشعر بدقاتها تتقافز وكعادتها دائما ما تجري مقارنات عقيمة في رأسها، إن كانت لا تزال زوجة أسامة علي الأرجح كان ستظل جالسة تتابع زوجها وهو ينظر لكل سيدة في الزفاف بأعين لامعة نظرات مقززة، في حين يتجاهلها هي تماما، وإن طلبت منه الرقص سيسخر منها بأحدي كلماته اللاذعة، أما الآن حمزة هو من جذبها من يدها مصرا أن تراقصه، لم يخجل ولم يدعها تخجل، حمزة كان ولا يزال حالة خاصة لا يهتم بالمجتمع والعادات يمشي حسب تياره هو حتى وإن خالف الجميع، تنهدت بقوة تهمس له ممتنة:.

- شكرا يا حمزة، شكرا على كل اللي عملته عشاني أنا والولاد، بجد شكرا أوي
بسط يده أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه التقت عينيها بغابات عينيه، اه من عينيه لحن غريب موسيقي بطعم الزيتون الأخضر في طوره الأول أخضر قاني تشرق الشمس من خلف أوراقه، تثاقلت أنفاسها حين ابتسم يهمس لها:.

- شكرا علي ايه يا بدور، شكرا ليكي انتي رغم عدم المنطق في علاقتنا دي، الا أنك لسه مكملة فيها، انتي عارفة كان دايما عندي هاجس أني هموت لوحدي وما حدش هيحس بيا، مش هلاقي حوليا لما أدهم ومايا يتجوزوا، وجودك جنبي انتي والولاد دي أحسن حاجة ممكن تحصلي، شكرا ليكي يا بدور مش ليا ابداا.

أدمعت عينيها لأول مرة هي من تبادر وضعت رأسها علي صدره تغمض عينيها في راحة تغمر كيانها، كيف يمكن لرجل أن يكن بمثل تلك الروعة والهدوء التعقل، علي الرغم من أنه تؤام خالد والدها الروحي الا أن خالد دائما مندفع عصبي تخشي غضبه، أما حمزة لا، حمزة حتى غضبه هادئ يتصرف بتعقل في أحلك الظروف، لا تصدق ما يشعر به قلبها تعني أنها تعلم أن زيجتهم مبنية علي الاحتياج اولا واخرا، احتياجه لشخص ما يؤنسه، واحتياجها لأب لأطفالها وسند لها بعد ما فعله زوجها السابق، ولكنها قلبه المتعب من الصدمات القديمة بدأ يتعافي ويحبه! أيضا.

بالقرب منهم حيث الثعلب الهادئ يراقص زوجته الجميلة رانيا، نظر محمد لعيني زوجته مبتسما يحادثها مشتاقا:
- بقالنا كتير ما خرجناش، أنا دايما مشغول في شغلي وانتي في رسالة الدكتوراة وشغل البيت ورعايتك لوالدي حقيقي مش عارف اشكرك ازاي علي كل اللي بتعمليه يا رانيا
حركت رأسها بالنفي بسطت كفها علي خده تنظر لعينيه تهمس مبتسمة:.

- ما تشكرنيش يا محمد، أنت أحلي زوج في الدنيا، أحن راجل في الوجود، جدع وصاحب صاحبه، شايل ناس كتير علي كتافك، أنا يا دوب بحاول أساعد علي قدي
قبل باطن يدها التي تبسطها علي وجهه يهمس التمعت عينيه يهمس لها بصوت خفيض حالم عاشق:
- تعرفي أن أنا بحبك أوي، يا زوجة الصبا والشباب والعجز
ضحكت رانيا بخفة تعانق محمد بقوة تهمس له برنات خفيضة تمطر عشقا:
- وأنا بحبك أوي يا ثعلبي الهادئ العجوز.

ضحك محمد عاليا يشدد علي احتضان رانيا يتمايل معها علي أنغام الموسيقي، بالقرب منهم عند أدهم ومايا، تنهد أدهم يآسا ينظر لزوجته العابسة، تلوي شفتيها بشكل مضحك حقا، لا يصدق حقا أنها غاضبة منه لانها تريده أن يقيم لها زفاف آخر مثل لينا ابنه عمها، ابتسم أدهم يغمغم في مكر برئ:
- حاضر مايا هعملك فرح تاني زي لينا...
توسعت ابتسامتها تنظر له فرحة، سرعان نا اختفت الابتسامة وجحظت مقلتيها حين اكمل قائلا بأسف:.

- بس للأسف لازم اطلقك، وبعدين ارجع اردك عشان نتجوز من اول وجديد واعملك فرح تاني زي لينا
شخصت مقلتيها أكثر، تنظر له مدهوشة، كيف نسيت أن لينا وزيدان انفصلا وبعد عذاب طويل عادا من جديد لذلك يقيم لها زيدان حفل زفاف ثاني، لا لا لا لن تبتعد عن أدهم لن تتحمل نصف المعاناة التي تحملتها لينا ابدا لن تقدر علي ذلك من الأساس، حركت رأسها نفيا سريعا ابتسمت تتمتم ببلاهة:.

- مين قالك أن أنا عايزة فرح تاني، هو في احلي من فرحنا بردوا، ما قولتليش ايه رأيك في فستاني
ضحك أدهم عاليا بملئ شدقيه انخفض برأسه يلصق جبينه بجبين زوجته المجنونة التي لم يعشق أحد بقدرها، يهمس لها عابثا:.

- قمر، انتي كلك علي بعضك سكر محلي محطوط عليه كريمة، ياااه بتفكريني باللذي مضي كنتي بتلبسي كل فستان والتاني وتدخلي الأوضة عندي تفضلي تلفي زي الفراشة، ايه رأيك يا أدهم في الفستان، حلو يا أدهم الفستان، دا من باريس، دا من مش عارف ايه، كنت ببقي هتجنن بسببك انتي وفساتينك يا حتشبسوت.

ضحكت مايا عاليا تداعب خصلات شعره بأصابعها إلى الآن لم يخبرها ما هي حكاية حتشبسوت تلك، استشفت أن كلمة حتشبسوت ترتبط عند أدهم بأشياء أخري لا علاقة لها بحكاية حتشبسوت الحقيقية، نظرت له بامتعاض تغمغم حانقة:
- علي فكرة إنت لحد دلوقتي ما قولتليش حكاية حتشبسوت دي...
ارتسمت ابتسامة ماكرة لئيمة علي شفتيه دني برأسه جوار اذنها يهمس لها عابثا:
- عيوني يا ام حتشبسوت، نروح التابوت وأنا هحكيلك حكاية حتشبسوت...

ضحكت من جديد تتمايل معه علي أنغام الموسيقي، بالقرب منهم كثيرا حيث، عشق الجاسر لقلقاسته، سهيلة وجاسر يتحركون في تناغم خاص بهم، توجهت عيني سهيلة تنظر ناحية ابنها المستقر علي قدمي والدها تنهدت بارتياح طفلها بخير، عادت تنظر لجاسر لتراه يبتسم لها تلك الابتسامة التي حرفيا تسلب لبها تبعثر شتات نفسها بنعومة لم تقاومها أبدا، ارتسمت إبتسامة ناعمة سعيدة علي شفتيها تتذكر ما فعله قبل بضعة أشهر
Flash back.

يوم عادي كباقي الأيام استيقظت صباحا علي بكاء طفلها الصغير لتحمله بين ذراعيها تنظر له سعيدة وكأنها تحمل سعادة الدنيا كلها بين يديها، اطمعته وبدلت ثيابه بأخري نظيفة، اخذته تنزل لأسفل جلست مع والدها اليوم بطوله، جاسر مختفي بشكل مخيف مقلق، أين هو، حاولت الاتصالت به مرارا وتكرارا بلا فائدة، إلى أن هبطت الشمس وحل الليل سمعت صوت سيارته يقف في الحديقة، اعطت الصغير لوالدها لتهرول للخارج ارتمت بين أحضانه ما أن رأته تصيح بلوعة:.

- كنت فين يا جاسر طول النهار بحاول اتصل بيك من بدري، حرام عليك يا أخي، رعبتني عليك
ابتسم لها في عبث تلك الابتسامة تعرفها جاسر يخطط لشئ، لذلك ابتعدت عنه قليلا تنظر له بترقب رفعت حاجبها تشهر سبابتها تردف سريعا:
- المفاجأة اللي قولتلي بتحضرها من كام يوم صح.

توسعت ابتسامته يحرك رأسه بالإيجاب زوجته الذكية كما يحب ذكائه توجه معها للداخل ودع والدها، في حين بدلت هي ثيابها وثياب الصغير جلست جواره في السيارة يتوجهان حيث المجهول، لا تعرف أين تذهب ولا تهتم هي تثق به ثقة عمياء، لن يؤذيها، وجهت انظارها طوال الطريق إلى صغيرتها النائم علي قدميها إلى أن وقفت السيارة في تلك اللحظة فقط رفعت وجهها، لتري أن سيارة وقفت في باحة مطعم كبير، رفعت رأسها سريعا تنظر للافتة المطعم، مطعم الحورية هنا في القاهرة كيف، هل باع مطعمه الآخر، وقبل أن تسأل حتى اجاب جاسر عن أسئلة توقع أنها ستسألها:.

- ما بعتش مطعم إسكندرية، بس اشتريت المطعم دا شريك فيه أنا وبابا هنا في القاهرة عشان ابقي جنب شغل العيلة، مطعم إسكندرية بيديره استاذ تهامي راجل محترم أعرفه من سنين، شايفة العمارة اللي قدام المطعم دي
اشار لها لعمارة سكنية علي الناحية الاخري من المطعم، نظرت لما يشير لتحرك رأسها بالإيجاب ليبتسم هو يتمتم:
- شقتنا هنا، مش عايزة تطلعي تشوفيها.

توسعت حدقتيها في دهشة منزلهما، منذ بداية زواجها وهي لم يكن لها بيت لهما سوي الشقة الصغيرة في الإسكندرية بعد ذلك عند والده ثم عند والدها، لا تصدق تكاد تطير من الفرحة ادمعت عينيها تحرك رأسها سريعا بالإيجاب، نزلت من السيارة تلحق به إلى اعلي توجها معا إلى المصعد دقات قلبها تتصارع شوقا لرؤية منزلهما، وقف المصعد في الطابق الخامس، انفتح بابه ليمسك جاسر بيدها برفق تحركا معا إلى باب المنزل دس به المفتاح فتحه يتقدم للداخل بضع خطوات يضئ إنارة المنزل، ارتجفت ساقي سهيلة حين أبصرت صالة منزلها الواسعة بألوانها المتناغمة، تقدمت للداخل اعطت الصغير لأبيه تتحرك تتفحص الغرف الشقة لم تكن كبيرة كمنزل والدها ولكنها لم تكن صغيرة ابدا، صالة واسعة غرفة لاستقبال الضيوف، مطبخ كبير له بالطبع، وغرفة نوم لهما وغرفتين للأطفال وغرفتين للضيوف وحمامين، المكان كامل حتى ثيابها موضوعة في دولاب ملابسهم، ضمت كفيها لصدرها تنظر لمنزلهم تبكي من السعادة، في حين كان هو يراقب سعادتها بابتسامة كبيرة واسعة، كم يعشق رؤيتها سعيدة، التفتت له تزقزق فرحة:.

- دا بيتنا أنا وأنت يا جاسر، حلو اوي بجد، أحلي مما كنت أتخيل...
اقترب منها يحمل الصغير، علي أحد ذراعيه ليلف ذراعه الآخر حول كتفيها قبل قمة رأسها يتمتم مبتسما:
- من النهاردة دا بيتنا أنا وانتي وأحمد، يكون في علمك أنا قدمت شهادة مرضية في الجامعة وعمي خالد ساعدني، بس هتعيدي سنة خامسة من الاول، مش مهم، المهم أنك مش هتسيبي دراستك يا سهيلة ماشي.

ابتسمت له تحرك رأسها بالإيجاب لازال هناك ترم ثاني واجازة طويلة قبل أن تعود لدراستها من جديد...
امسك بكف يدها يجذبها معه إلى شرفة المنزل دخلت إليها ليشير إلى المطعم أمامها موقع المنزل استراتيجي حقا يمسح لها برؤية واجهة المطعم كاملا ابتسمت سعيدة لسعادته، اخيرا استطاع جاسر أن يحقق حلمه ويرضي والده في آن واحد
Back
اجفلت من شرودها السعيد علي صوته يهمس جوار اذنها عابثا:
- قلقاستي الحلوة سرحانة في اي.

ابتسمت ترفع وجهها إليه لتلتحم مقلتيها بمقلتيه تنهدت تهمس له:
- في الطباخ الغلبان اللي بيحب القلقاس من زمان.

ضحك جاسر عاليا جملته المميزة كم يحبها وهي تطنقها، كم يحب في كل حالتها من الأساس، لا يصدق حتى أنه احبها هكذا فجاءة حين تزوجها كانت مشاعره ناحيتها لا تتعدي المسؤولية فهي صديقة شقيقته التي تربت معهم أولا واخرا، وكان أحمق لم يكن يعرف أن ذلك الخوف وشعوره المتواصل بالمسئولية ليس سوي نبتة صغيرة لشجرة عشقهما التي طرحت اولي ثمارها، احمد الصغير.

هناك واخيرا النهاية حيث البداية عند خالد ومعه لينا، تعجبت لينا حقا من صمت خالد منذ متي وخالد يراقصها بذلك الصمت دائما ما كان يشاكسها بكلماته يغازلها بأشعاره لكنه الآن صامتا بشكل غريب فقط يبتسم لها، تراه يختلس النظر إلى ساعة يده بين لحظة وأخري، نظرت له متعجبة كانت علي وشك أن تسأله عما به حين اظلمت القاعة فجاءة وبدأت الهمهات من الجميع عن سر ما يحدث، شعرت به يبتعد عنها ليصدح بصوته يهدئ الجميع:.

- اهدوا يا جماعة أكيد في عطل...

قبل أن يقدم أحدهم علي أن يضئ مصباح هاتفه انُيرت شاشة كبيرة تتوسط الحائط المقابل لهم بدأت تعرض مقاطع فيديو لها وهي **** صغيرة، هي هناك تحاول المشي تتجه ناحية ذلك الفتي الذي يفتح ذراعيه لها يحثها علي التقدم، وهي تضحك ووالدتها تقف هناك تنظر لها بأعين دامعة، وصوت والده الذي يمسك الكاميرا يحادثه، ومطقع آخر لها وهي تحاول ركوب الدراجة وهو يقف بعيدا يصورها تلوح هي له، والارجوحة في منزلهم وهو يدفعها ووالدتهم تصورها، تضحك لا شئ يغلب في تلك المقاطع بقدر ضحكاتها البريئة، أدمعت عينيها تخرج ضحكة خافتة من بين شفتيها، تقف بزيها المدرسي وذلك ( الكولون ) التي كانت تكرهه تكشر وجهها لأنهم ايقظوها باكرا، مقاطع عدة لم ترها قبلا، من أين حصل عليها، ومن ثم مقاطع من زفافهم الأول والثاني، صور لها وهي تحمل الصغير وهو بجانبهم وصور لهم جميعا في وجود زيدان، الكثير والكثير من المقاطع، دقات قلبها لم تتعد تتحمل دموعها تنهمر بلا توقف، لحظات وانطفئت الشاشة ليظهر هو يمسك في يده مكبر صوت حمحم بصوت قوي يردف متسألا:.

- هو البتاع دا شغال، شكله شغال، اااه اقول ايه بس، و**** الكلام خلص، وعشقي ليها ما خلصش، زي النهاردة مش هقولكوا من كام سنة طبعا مالكوش دعوة أساسا، اتولدت أجمل واحن واحلي بنوتة في الدنيا، زي النهاردة وأنا عيل عنده خمس سنين كنت شايل علي ايدي لفة صغيرة فيها حاجة أنا مش فاهمها كل اللي عارفة أن عينيها كانت حلوة اووي
ضحك البعض علي ما قال خالد ليحمحم بقوة ينهرهم غاضبا:.

- بس يا حيوان منك ليه، عيال ناقصة رباية صحيح...
في حين اقترب هو منها إلى أن وقف أمامها مباشرة يري دموعها المراقة بعنف تغرق خديها بعنف، تنظر له مذهولة لم تتذكر يوم ميلادها وهو لم ينساه أبدا، رمي المكبر من يده بعيدا لا يهم، لا أحد يهم هنا غيرها، احتضن وجهها بين كفيه يهتف بانفعال صادق:.

- أنا بحبك، بحبك لدرجة ما بقتش قادر اوصفها، بحبك بشكل مؤلم، كل ذرة في روحي بتحبك، عشانك مستعد اعمل اي حاجة في الدنيا، عشان انتي بالنسبة لي كل الدنيا، عمر ما حد قدر ينافسك ابدا، حتى عيالي، انا روحي ودي مش مجرد كلمة انتي فعلا روحي يا لينا...
انهي كلامه ليعتصرها بين ذراعيه بعنف وتشبثت هي بأحضانه تخبره بحرقة كم تعشقه هي الاخري، في حين تعالت الصيحات وعلا صوت التصفيق من كل مكان...

اخيرا انتهي الزفاف وبدأ الجمع بالرحيل، في الخارج احتضنت لينا والديها تودعهم ما تعرفه أنهم سيقضون الليلة في أحدي الفنادق قبل السفر غدا، اقتربت لينا تحتضن والدها ليتقدم زيدان من والدته لينا، عانقها رغم أنه يعرف أن خاله سيقتله، عانقها بقوة يهمس لها بصوت خفيض صادق:
- عمر ما في حد في الدنيا هياخد مكانك في قلبي يا ماما حتى لو كان مين صدقيني انتي اغلي عندي من حياتي.

أدمعت عيني لينا فرحا تشدد علي عناق صغيرها قبل أن تشهق بعنف تشعر بيد خالد تجذبها بعيدا عنه ينظر لزيدان غاضبا ابتسم يتمتم في هدوء مخيف:
- تاخد مراتك وتمشي قبل ما ادفنك مكانك يلا يا حبيب خالك غور في داهية.

ضحك زيدان يمسك بيد لينا يودعهم متوجها مع زوجته إلى سيارتهم، ودعت سارين شقيقتها قبل أن تتوجه لسيارة زوجها، احتضن عمر ابنته لأول مرة يشعر بأنه علي وشك البكاء ولما علي وشك أدمعت عينيه حقا يعانق ابنته يقبل رأسها يهمس لها بصوت مبحوح:
- خلي بالك من نفسك يا سرسورة، ماشي يا حبيبة بابا.

حركت سارة رأسها بالإيجاب سريعا تمسح دموعها المتساقطة اقتربت لتعانق والدتها لتطلق تالا صرخة عالية لم تستطع احتمال الألم من ذلك اندفع الجميع إليها ليتلاقها عمر بين ذراعيه قبل أن تسقط أرضا صاح حسام منفعلا:
- أنا كنت عارف إن الليلة دي مش هتعدي سالكة، جااسر وصل دكتورة لينا وسارة البيت، شيل مراتك يا عمي وورايا بسرعة
أدمعت عيني سارة تحاول اللحاق بوالدتها ليصيح حسام فيها غاضبا:.

- هتيجي فين بالفستان علي البيت يا سارة يلا يا جاسر خدهم.

حرك جاسر رأسه بالإيجاب سريعا حقا يشفق علي ذلك الحسام، إن تبرئ حسام من العائلة سيعطيه كامل العذر الرجل حرفيا يلاقي الأمرين معهم، خلع حسام رابطة عنقه يستقل سيارة الزفاف جواره أبيه وبالخلف تالا التي تبكي من الألم تنظر لابنتها نادمة حزينة لكنها حقا لم تستطع التحمل أكثر، شق حسام بهم الطريق متوجها إلى مشفي الحياة، في حين اصطحب جاسر سارة ولينا مع سهيلة ووالدها في سيارته، عائدا بهم إلى البيت، ارتمت سارة بين أحضان لينا تبكي قلقا علي والدتها والأخيرة تحاول جاهدة طمئنتها:.

- ماما هتبقي كويسة يا سارة ما تخافيش هيبقي عندك أخ ولا اختت صغننة زي أحمد كدة...
ربتت سهيلة الجالسة جوارها علي رأسها تحاول تهدئتها هي الأخري وصل جاسر أمام منزل عز الدين، نظر الأخير له راجيا يحادثه:
- بقولك ايه يا جاسر ما تكسفش طلبي وتخلي سهيلة تبات معايا النهاردة وحشتني هي والواد أحمد اووي
لم يكن جاسر أبدا يرفض طلب حماه العجوز الرجل مريض بالقلب، ابتسم لها يحرك رأسه بالإيجاب يتمتم في هدوء:.

- اكيد يا عمي ما فييش مشكلة
التفتت برأسه لسهيلة يحادثها مبتسما:
- أنا هرجع المطعم لأن في حسابات مهمة لازم تتقفل قبل السنة الجديدة وهجيلكوا الصبك
اومأت سهيلة بالايجاب ودعت سارة ولينا لتنزل بصحبة والدها، أكمل جاسر طريقه إلى منزل خالد، اوصلهم لداخل حديقة المنزل، نظر لعمته يحادثها قلقا:
- تحبوا أفضل معاكوا لحد ما يجيوا..
ابتسمت لينا له تحرك رأسها بالنفي ربتت علي كتفه تحادثه:.

- لا يا حبيبي ما تقلقش روح شوف شغلك..
نزلت لينا تصطحب سارة معها للداخل لوحت لجاسر قبل أن يغادر، دخلتا معا إلى المنزل ارتمت لينا علي الأريكة تجذب سارة تجلسها جوارها تضمها بين ذراعيها تحادثها برفق:
- ماما هتبقي كويسة يا حبيبتي ما تخافيش، بطلي عياط بقي في عروسة تعيط يوم فرحها بردوا...

في المستشفي تخلص حسام من حلة زفافه الفاخرة يرتدي ذلك الزي الازرق المخصص لهم، تحرك يهرول لغرفة العمليات حين اخبرته الطبيبة المساعدة له أن المشيمة انفصلت حالة تالا حجرة كيف استطاعت تحمل ذلك الألم كل تلك المدة، اوقفه عمر قبل أن يدخل إلى غرفة العمليات رأي في عيني عمه الكثير من الكلمات التي يعجز لسانه عن تجميعها من خوفه، ليربت علي كتفه يطمأنه:.

- ما تقلقش يا عمي، مراتك في ايد امينة لاء هي في ايد حسام بصراحة
مزحة سخيفة اراد بها التخفيف عن عمه، اكمل طريقه إلى غرفة العمليات وقعت عينيه علي والده يقف ينظر له بفخر، تلك النظرات جعلت صدره ينتفخ وكأنه محارب شجاع في معركة ما، غاب حسام خلف باب غرفة العمليات في حين تحرك عمر يزرع الممر ذهابا وايابا يستمع إلى صوت صرخات تالا تشق قلبه بلا رحمة، اقترب خالد منه يحاول التخفيف عنه:.

- اهدي يا عمر هتبقي كويسة، صدقيني كلها شوية ومحروس هيوصل
أنهمرت دموع عمر يحتضن أخيه كطفل صغير يختبئ بين أحضان والده، ليربت خالد علي ظهره يحاول تهدئته وصرخات تالا لا تتوقف.

أخذ جاسر الطريق عائدا إلى مطعمه نظر لساعة يده الواحدة والنصف ليلا عليه أن يصل في أسرع وقت لم تعد له القدرة علي القيادة لميل آخر يشعر بالتعب ودوار خفيف اوقف السيارة في منطقة فارغة نزل منها يقف جوارها لم يتناول الطعام اليوم لما قد نسي ذلك، حتى فئ الزفاف، الوضع كان كارثي البوفية كما يقولون عنه كان مزدحم بشكل لا يوصف، جلس علي أحد الحجارة الكبيرة جوار شاطئ النيل، يشعر برأسه يلتف، أحمق يا جاسر، حاول القيام حين رأي رجلين يتحركان ناحيته خطاهم المترنحة تخبره بأنه حقا في ورطة خاصة في حالته تلك، اقترب الرجلين منه ليفتح أحدهم مادية أمام وجهه يحادثه ساخرا:.

- قلب ياض نفسك وهات كل اللي معاك يا حيلتها
احتدت عيني جاسر حين ذكر اسم والدته كان علي وشك لكمة حين سمع صوت يعرفه تقريبا الرؤية أمامه كانت بدأت تختفي شيئا فشئ ولكن الصوت حقا مألوف، كل ما رآه رجل يقف هناك يحمل مادية نصلها يلمع يزمجر في شراسة مخيفة:
- أنا بقول تخلعوا قبل ما اضحي بيكوا بدل الخرفان وانتوا عارفين العيد كبير قرب...

هيئة الفتي المخيفة ونصل ماديته الحاد أمام سكرهم الواضح جعلهم يتراجعون هاربين، حاول جاسر القيام ينظر لذلك الرجل يريد شكره ما أن تحرك خطوة واحدة زاد الدوار وتشوشت رؤيته كاد أن يسقط أرضا حين شعر باحدهم يمسك به قبل أن يقع آخر ما سمعه صوت مألوف يعرفه يهمس له:
- مش هسيبك تقع تاني يا صاحبي!

ساعة كاملة من القلق تحرق أوصال ذلك الواقف خارجا، قلق تبدد فجاءة مع صوت صرخات الطفل، توسعت عيني عمر في دهشة في حين اندفع خالد يعانقه بقوة يردف ضاحكا:
- ألف ألف مبروك يا ابو محروس
تحرك عمر يهرول إلى باب غرفة العمليات في لحظة خروج حسام يحمل رضيعين كل واحد علي ذراع نظر لعمر يغمغم بامتعاض:
- علي فكرة مش طبيعي ابدا أن كل خلفتك تؤام، أنا كدة هعلي عليك ازاي، اجيب هاترك.

ضحك خالد عاليا ينزر لوالده في سخرية، توقفت دقات عمر عن الخفقان في اللحظة التي وقعت عينيه فيها علي طفليه، انهمرت دموعه بعنف يلتقط احدهم من بين ذراعي حسام يعانق برفق يشتم رائحته البريئة، يكبر جوار إذنه، نظر عمر لخالد يطلب منه أن يفعل المثل، اخذ خالد الطفل الآخر يشعر بدقات قلبه تتسارع افتقد ذلك الشعور حقا، شعور أن تحمل نطفة صغيرة من دمك بين يديك شعور جميل لا يوصف قبل رأس الصغير يهمس بالاذان جوار إذنه، قاطع تلك اللحظات صوت حسام وهو يغمغم:.

- طيب بما اني الدكتور اللي ولدهم واللي ليلة فرحه اتضربت، فأنا من حقي أن واحد منهم يتسمي حسام، والتاني حسامين عادي يعني
ضحك خالد وعمر، لينظر الأخير لحسام يسأله قلقا:
- تالا كويسة طمني عليها
حرك حسام رأسه بالإيجاب يطمأن عمه إن زوجته علي خير ما يرام فقط نائمة، في غرفة أخري، عاد ينظر للطفلين يتمتم بامتعاض:
- ها هتسموه حسام صح
ضحك خالد يحرك رأسه ياسا في حين نظر عمر للصغير الذي يحمله خالد يتمتم مبتسما:.

- اللي أبوك شايله هسميه محمود علي اسم ابويا **** يرحمه، أما بقي دا فللاسف مضطر هسميه حسام
توسعت ابتسامة حسام يحتضن عمر يغمغم منتصرا:
- يا حبيبي يا عمي روح اللهي تبقي ظابط
مرت ساعة اطمأنا فيها علي الطفلين وتركا عمر مع زوجته، ليخرج حسام بصحبة خالد إلى البيت ادار حسام محرك سيارته ينطلق بها ب بسرعة البرق، في حين ينظر له خالد ساخرا يتمتم متهكما:
- لا كدة ماشي براحة شد شوية واقلبنا.

تنهد حسام حانقا لما لا ينتهي ذلك الطريق، اخيرا بعد طول صراع وصلت السيارة إلى منزل والده نزل منها سريعا وخلفه والده، حين دخل إلى صالة المنزل بدأ يبحث بعينيه عنها في كل مكان نظرة لزوجة أبيه يتمتم متوجسا:
- اومال سارة فين
تجاهلت لينا ما قال تسأله قلقة:
- طمني تالا عملت ايه
اقترب منها خطوة اخري يعيد سؤاله من جديد:
-سارة فين يا دكتورة
زفرت لينا حانقة لما لا يجبب ذلك الفتي عن سؤالها، تنهدت تردف سريعا:.

- سارة نامت من بدري، المهم تالا طمني عليها
توسعت عيني حسام في دهشة يكاد يصدم رأسه في الحائط في حين انفجر خالد في الضحك ينظر لحسام شامتا يردف من بين ضحكاته:
- أحسن عشان تبقي تزعقلها تاني، تعيش وتاخد غيرها يا دكتور.

الفصل مئة وتسعة وعشرون

ما بين ضحكات خالد الشامتة ونظرات لينا المتعجبة من قسمات وجه حسام المتنشجة غضبا وحسرة، رفع حسام رأسه لأعلي يصيح مقهورا:
- أنا مبتلي، أنا ايييه، مبتلي، كان يوم ما طلعتوش شمس لما قررت ابقي دكتور نسا
شد على أسنانه يطحنها بعنف يلقي سترة حلته فوق كتفه صعد لأعلي يغمغم بكلمات عديدة مبعثرة تعبر عن غضبه وقهره، في حين نظرت لينا لخالد تسأله عن سبب غضب ذلك الفتي:
- هو ماله حسام متعصب ليه كدة.

ضحك خالد عاليا حتى بانت نواجزه لف ذراعه حول كتفي زوجته يحرك رأسه يتمتم ضاحكا:
- لا يا قلبي ما تاخديش في بالك تعالي مطلع يلا اوضتنا.

حركت رأسها بالإيجاب تحركت بصحبته إلى حيث عرفتهم، بينما في غرفة حسام دخل حسام إلى الغرفة ليجد الغرفة تعم في الظلام وضوء خافت فقط يأتي من شرفة الغرفة الشبه مفتوحة، أضاء إنارة الغرفة لتقع عينيه على عروسه التي تنام باريحيه على التخت بأكمله بفستان زفافها، فقط تخلصت من حجاب رأسها ليسترسل شعرها الأسود المصفف، تنهد يشد على أسنانه غيظا، اقترب من الفراش يبحث عن جزء صغير فارغ يجلس حتى فيه فستانها يحتل ثلثي الفراش، جلس اخيرا في مساحة صغيرة للغاية، مد يده يربت على وجنتها بخفة يحاول إيقاظها:.

- سارة، سارة اصحي يا سارة، اصحي مش عايزة تطمني على ماما طيب، سارة انتي كدة مش نايمة انتي كدة في غيبوبة...
اولته ظهرها تهمهم بصوت ناعس:
- بس بقي يا سارين بطلي رخامة..

أغمض عينيه متحسرا، سارين تظنه سارين شقيقتها، زفر أنفاسه حانقا، حين فتح عينيه من جديد، مسح على شعرها برفق قبل أن يتحرك من مكانه صوب المرحاض بدل حلة عرسه الكارثي ب (بيجامة) زرقاء من القطن، توجه إلى الفراش يزيح القليل قماش الفستان يبحث عن مكان فارغ للنوم، استلقي على ظهره ينظر لسقف الحجرة يتنهد حانقا بين حين وآخر، شعر بها تتقلب في نومها ليصبح وجهها مقابلا له، نام على جانبه الأيمن ينظر لها يبتسم في عشق جارف، مد يده يداعب خصلات شعرها تنهد يهمس لها بعشق:.

- زي القمر، احلي من القمر كمان، ينفع المقلب دا يا سرسورة، بس مش مهم فداكي، أنا اصلا مش مصدق أن أنا وانتي اتجوزنا أخيرا، عديت ال30 وأول مرة أعرف يعني ايه حب لما شوفتك، اه و**** أنا كنت فاكر أن قلبي باظ من الركنة، بس طلع شغال..

صمت للحظات ينظر لها يبتسم قبل أن تلمع عينيه بفكرة ماكرة، جذب هاتفه سريعا يبحث بين الأرقام إلى أن وصل لرقم عمه الحبيب، يحاول الإتصال به مرة تليها أخري وأخري وأخري إلى أن اجاب الأخير بصوت ناعس قلق:
- في ايه يا حسام بتتصل دلوقتي ليه، سارة كويسة
ارتسمت ابتسامة واسعة متشفية خبيثة على شفتي حسام قبل أن يردف ساخرا:
- آه يا عمي ما تقلقش أنا بس كنت متصل بيك اقولك حاجة مهمة اووي.

- حاجة ايه يا حسام خير يا ابني قلقتني
غمغم بها عمر بصوت متلهف خائف مذعور، لتشق ابتسامة كبيرة شفتي حسام ضحك يغمغم شامتا:
- أنا حاضن بنتك دلوقتي يا عمي سلام.

قالها وأغلق الخط سريعا قبل أن يلقي عليه عمر وابل من السباب لن ينتهي قريبا، ضحك عاليا متمنينا أن تستيقظ سارة على صوت ضحكاته ولكن دون فائدة كان وكأنه ينفخ في بوق أجوف سارة نائمة كالقتلي جواره، ارتمي بجسده على الفراش مجدد، جذبها بجفة ليضمها لاحضانه وهو نائم يغمغم مذهولا:
- دي مش نايمة دي مقتولة!

على صعيد آخر قريب من غرفته في غرفة أبيه تحديدا تجلس لينا فوق الفراش أمامها شاشة التلفاز تعرض مقطع الفيديو ذاك مرارا وتكرارا تنظر لكل تفصيلة فيه تنهمر دموعها، غص قلبها لحظات حقدا على والدها، لو لم يكن ابعدها منذ البداية لما حدث كل ما حدث، كانت ستتغير حياتها تماما، ولكنه القدر لا يمكن تغييره او الندم عليه الآن، في تلك اللحظات دخل خالد من الغرفة يضحك عاليا ويبدو وكأنه سمع أكثر نكتة مضحكة في العالم وقبل أن تسأله عما يضحك بادر هو يغمغم من بين ضحكاته:.

- حسام المتخلف بيكلم عمر ويقوله أنا حاضن بنتك، عمر بيكلمني وهو على أخري، عيل سافل طالع لأبوه
ضحكت لينا بخفة رفعت يديها تمسح ما سقط من دموعها أمسك خالد جهاز التحكم يغلق شاشة التلفاز، ليتوجه إلى دولاب ملابسه يخرج صندوق كبير توجه يجلس جوارها يربع ساقيه تنهد ينظر لها مبتسما يتمتم:.

- أنا جبتلك كل الهدايا اللي ممكن تبقي كريتيف، مش لاقي حاجة جديدة شوفت عيال السوشيال ميديا بيجبوا صناديق زي دي قولت يمكن يعجبك
خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتيها، رفعت يمناها تبسطها على خده زفرت أنفاسها بهدوء ترسم ابتسامة عاشقة على شفتيها لمعت عينيها تتمتم بولة:
- أنت هديتي يا خالد كفاية اللي عملته عشاني النهاردة، بجد مش قادرة اوصفلك فرحتي بالفيديوهات والصور دي عاملة ازاي، **** يخليك ليا.

ابتسم كلماتها تعود بهما بالزمن لسنوات وسنوات، عشق بدأ من الصفر ويستمر حتى الممات، قبل باطن كفها الموضوع على وجهه يهمس لها بشغف:
- ويخليكي ليا يا حبيبتي، افتحي يلا هديتك
حركت رأسها بالإيجاب تفتح الصندوق الكبير تغوص بيديها بين الكور الصغيرة الملونة تبحث عن هديتها داخلهم، تخرج هدية تليها أخري
ألوح الشكولاتة السويسرية التي تحب، زجاجات عطر يلتصق على سطح كل زجاجة منهم ورقة صغيرة كتب عليها بيده.

( ما يتحطش برة البيت ) ضحكت تكمل بحثها داخل مثلث برمودا، لتلتقط رفيعة تلك العلب تعرفها علب الحلي، بالتأكيد داخلها قلادة فتحتها لتبصر داخلها ورقة صغيرة مكتوب فيها ( لا أنا علبة فاضية عادي ) ضحكت عاليا تنظر له تهز رأسها من أفعاله الغريبة، أمسكت يدها قلادة من الذهب يتوصها علامة النبض واسمه محفور داخل تلك النبضات يتجانس معاها يلتف حولها ورقة كتب عليها ( ايوة أنا اللي كنت جوا العلبة ).

ابتسمت تدمع عينيها، امسكت القلادة تضعها في علبتها، أخرجت العديد من الهدايا إلى أن شعرت بأنها تمسك شئ ثقيل في نهاية العلبة موضوع جذبته بكلتا يديها لتتوسع عينيها في دهشة حين رأت طبق من الحلوي الشرقية مغلف وضعته على قدميها تفتح خيوطه التي تغلفه لترفع حاجبيها حين رأت قطع الحلوي تتراص جوار بعضها البعض قبل أن تردف بحرق اقترب من اذنها يهمس ضاحكا:
- جبتلك بسبوسة يا احلي بسبوسة...

نظرت له للحظات قبل أن تنفجر في الضحك، قطعت قطعة حلوة صغيرة تضعها في فمه لينفجر هو الآخر في الضحك وعلبة الحلوي تراقبهم مدهوشة لا تعرف على ما يضحكان.

في صعيد آخر في أحدي الفنادق الفاخرة صاحبة النجوم الكثيرة في غرفة العروسين تتمايل لينا بين أحضان زيدان على أنغام الموسيقي الهادئة، ترمي نفسها بين ذراعيه تحاول طرد ذكريات الماضي التي هاجمتها فجاءة بعيدا، بعيدا للغاية، لن يحدث شيئا آخر، انتهي الشر، انتهي وللابد، اجفلت على صوت زيدان يسألها قلقا:
- مالك يا لوليا من ساعة ما كنا في الفرح وأنا حاسس أنك خايفة او قلقانة، في حد زعلك طيب...

حركت رأسها بالنفي دون أن ترفع رأسها عن صدرها ظل صامتا ينتظر منها إجابة، ليسمع تنهيدة قلقة متوترة خائفة للغاية خرجت من قلبها قبل شفتيها، شدت على عناقه تهمس بصوت خفيض مختنق:.

- افتكرت يا زيدان، واضح أن عمري ما هنسي أبدا، وأنت واقف قدامي ورافض أن ماكس يقرب مني، بتقوله أن أنا مراتك وحبيبتك وروحك مش هتسمح لحد ابدا يقرب مني، مر قدامي سنين عمري اللي عيشتها في كره وخوف منك بسببه، كان المفروض اكرهه واخاف منه هو، لعب بيا عيشني في ذعر من الناس كلها، قلبي بيتكوي لما بفتكر السجن الازاز اللي عيشت فيه سنين عمري بسببه...

توقف زيدان ليبعدها عنه قليلا فقط قليلا بسط يده أسفل ذقنها يرفع وجهها إليه يري دموعها المراقة بلا توقف، مسح دموعها يبتسم ابتسامة قاتمة سوداء غمزها بطرف عينيه يغمغم في وعيد قاسي:
- تيجي نعمل حاجة مختلفة ليلة فرحنا غيري هدومك، وتعالي معايا.

حين نظرت لعينيه فهمت ما يفكر فيه لم تكن لتفرض وقلبها يصرخ يكوي بنيران قهر لم تنطفئ ابدا، تحركت سريعا تبدل ثيابها، في حين نزع هو سترة حلته ورابطة عنقه التقط مفاتيح سيارته، أمسك بيدها ما أن انتهت ليجذبها معه إلى خارج الفندق، تحت نظرات الدهشة الموصبة ناحيتهم من قبل موظفين الاستقبال لماذا قد تخرج عروس بصحبة زوجها راكضة في ذلك الوقت، استقلت لينا السيارة جوار زيدان يشق طريق الليل إلى مخزن الصحراء، دقات قلبها تتصارع كلما اقتربوا أكثر وأكثر في جوف الليل وقفت سيارة زيدان امام المخزن الكبير، نزل أولا يفتح لها باب السيارة، امسك بكف يدها المرتعش يشد عليه برفق يصطحبها إلى الداخل أضاء الأنوار المغلقة لتقع عينيها على ذلك الشيطان الجالس فوق فراش قديم مهترئ ابتسامته الخبيثة التي احتلت ثغره ما أن رآها ارجفت قلبها عادت بعدها لذكريات قديمة وقف نائل بالكاد يخطو على قدميه فتح ذراعيه ضحك يغمغم ساخرا:.

- ايه دا لوليا حبيبة القلب هنا وحشتيني لا حقيقي وحشتيني
تسارعت أنفاسها تلك المرة غضبا، تشعر بالنيران تحرق خلاياها أجمع، يقف هنا على بعد خطوات منها يفصلهم باب من الحديد مد زيدان لها مفتاح الباب لتلتقطه منه فتحت القفل جذبت المزلاج الكبير وزيدان جواره يلصقها به خوفا عليها، ما إن دخلت إلى الغرفة تحرك نائل ناحيتهم يفتح ذراعيه على اتساعهما يغمغم ساخرا:
- حبيبة قلبي تعالي في حضن جوزك حبيبك.

كاد زيدان أن يهشم عظام وجهه حين أمسكت لينا بذراعه تنظر له تتوسله الا يفعل، هي من ستفعل، ضحك نائل عاليا حين امسكت لينا بذراع زيدان ليغمغم متشفيا:
- شوفت، شوفت لسه بتحبني أنا...

ارتسمت ابتسامة سوداء مخيفة على شفتي لينا تحرك رأسها بالإيجاب تقدمت ناحية نائل إلى أن صارت بالقرب منه تنظر له كارهه وكأنها تري شيطان من الجحيم في حين أنه كان يبتسم ذلك الفتي مختل مريض نفسي، رفعت يدها لتنزل على وجهه بعنف صفعة قوية تلتها اخري واخري واخري تصرخ فيه بشراسة:
- أنا هموتك، هقتلك، هاخد حقي منك...

لم يستطع نائل المقاومة خاصة وأن جسده بالكاد يحمله سقط أرضا تخرج الدماء من فمه وأنفه، يسعل الدماء بعنف، داست لينا بكعب حذائها على اصابع يسراه ليصرخ من الألم، بدأت تركله بقدميها تصرخ بحرقة:
- حس بكل لحظة عذاب أنا عيشتها بسببك، موت أنت شيطان، شيطان لازم يموت
بعنف تركله في بطنه صدره رقبته وجهه بحذائها الضخم اختارته خصيصا والأخير يصيح من الألم، سالت دمائه بعنف من وجهه زاغت عينيه يهمس لها بصوت ضعيف:.

- ارحميني
هنا تأجتت نيرانها المشتعلة احمرت عينيها نفرت عروقها تصرخ فيه بقهر:
- وأنت ما رحمتنيش لييه وأنت عيشتني عمري كله في عذاب وأنت بتقتل ابني وأنا بتدمر حياتي...
وضعت حذائها فوق صدره تضغط عليه بعنف ابتسمت تغمغم في قوة:
- أنا مش هقتلك الموت رحمة ليك، صدقني هتشوف عذاب سنين عمري اللي عذبتهالي.

ركلته للمرة الأخيرة ليصيح من الألم يغمض عينيه فاقدا للوعي، وقفت هي تلهث بعنف تتنفس بصعوبة دقاتها تتصارع تشعر وكأنها كانت تحترق جوار النار وسقطت في نهر بارد نيران غضبها هدأت انطفأت مؤقتا، نظرت له باشمئزاز قبل أن تبصق عليه، التفتت ناحية زيدان تبتسم في ارتياح، ليبتسم هو مد يده لها لتقترب منه سريعا تضع رأسها على صدره لف ذراعيه حولها يسألها:
- أحسن؟

حركت رأسها بالإيجاب سريعا تتنهد بارتياح ليبعدها عنه قبل جبينها ابتسم يهمس جوار اذنها:
- طب يلا نرجع الفندق، ما كملناش رقصتنا
ابتسمت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب تتحرك بصحبته إلى الخارج دون أن تلقي نظرة واحدة على ذلك الملقي أرضا، فلا أحد ينظر للقمامة بعد أن يُلقيها.

كان يجلس على ضفاف النيل، باتت تلك عادته منذ أشهر ما أن ينهي عمله، يذهب للنيل يجلس هناك ينظر لسطحه يتنهد بين حين وآخر يتذكر ماضيه بالكامل منذ أن كان طفلا لم يعرف معني الحنان إلى أن بات رجل لا يملك لا قلب لا ضمير لا شئ فقط حقد وكره على الجميع المجتمع الناس حتى الاصدقاء، او بمعني ادق الصديق لم يكن له يوما سوي صديق واحد تآمر بشتي الطرق ليدمره وهو لم يلاقي منه شرا أبدا، كلما تذكر ما فعله به، وكاد يفعله بشقيقته يشعر بنيران بشعة تحرق صدره في تلك الليلة تحديدا اطال الجلوس مر الوقت دون أن يشعر لم تكن من عادته أن يتأخر ولا يعلم لما تأخر لذلك الحد، مرت صورة جاسر أمام عينيه لتدمع مقلتيه رفع وجهه ينظر للسماء يتنهد بحرقة يهمس راجيا:.

- يااارب.

رفع يديه يمسح دموعه قام من مكانه، يتحرك يود المغادرة حين رأي ضوء سيارة تقف بعيدا، نزل منها جاسر!، توسعت عينيه في دهشة ماذا يفعل جاسر هنا ولما يبدو مريضا يترنح في مشيته وقف يراقب صديق العمر لم يشعر بدموعه التي أغرقت خديه ينظر له بحسرة، في تلك اللحظة رأي رجلين من ملامحهم علم أنهم سكاري، كان عليه أن يتدخل الحمقي هربوا كالكلاب الضالة اقترب جاسر منه يريد شكره رآه كيف ترنح كان على وشك أن يسقط، في حين اندفع مراد يسنده سريعا، شد جسده يعيده إلى سيارته بجلسه على المقعد المجاور للسائق، جلس جواره ادار المفتاح الذي تركه جاسر عالقا في السيارة، يبحث عن أقرب مستشفي إلى أن أن وصل إلى إحداها، نزل سريعا يصيح في الممرضين خائفا:.

- بسرعة ب**** عليكوا اغمي عليه فجاءة
تحرك الممرضين ومعهم مراد يضعون جاسر على سرير متنقل إلى أحدي غرف الطوارئ، وقف مراد خارجا قلبه يتفتت من الخوف كان أحمق غبي حاقد أعماه حقده وطعن صديقه، عض أنامله ندما مر الوقت بطيئا مخيفا إلى أن خرج طبيب شاب من الغرفة هرع مراد إليه يسأله مذعورا:
- طمني يا دكتور جاسر ماله
ابتسم الطبيب في هدوء يردف:
- ما تقلقش دا هبوط مش أكتر، أنا علقتله محلول شوية وهيفوق.

شكر الطبيب مرارا وتكرارا قبل أو يتوجه إلى غرفة جاسر رآه وهو مسطح على الفراش ملامح وجهه مجهدة يغمض عينيه نائما، محلول موصل بعرق يده، جذب مقعد يجلس جواره امسك بكف يده ينظر له للحظات قبل أن ينفجر باكيا يتمتم بحرقة نادما:.

- سامحني يا جاسر سامحني يا صاحبي، أنا آسف، كنت شيطان اذيتك كتير اووي وحاولت ااذي اختك الصغيرة وهي مالهاش ذنب، ما كانش في قلبي غير الحقد والكره والطمع، بس و**** أنا اتغيرت عارف اتغيرت ازاي كنت في الحبس مرمي، بخطط ازاي لما اخرج انتقم منك، على اللي عملته، كان مكاني جنب الباب بتاع الحجز كنت ساند على رأسي بحاول أنام سمعت صوت عسكري من برة عمال يقول طول ما هو واقف او قاعد أنا مش عارف ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) وكان عمال يكررها كتير لدرجة اني بدأت اكررها وراه من غير ما احس، لساني بيقولها وأنا مش دريان، لحد ما بدأت أحس بيها، ( لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين ) ايوة أنا فعلا ظالم حاقد مؤذي، اذيت ناس كتير واتجبرت على ناس أكتر، عارف لما تحس أنها رسالة بفرصة تانية، لسان فضل يقولها لوحده ومن غير أحس دموعي بدأت تنزل، بيمر قدام عينيا كل اللي عملته في حياتي، كنت واثق أن واحد زيي مالوش توبة، رغم كدة فضلت ارددها كتير، لحد ما سمعت آذان الفجر كانت أول مرة في حياتي ادعي يا جاسر، أول مرة ادعي، بعدها بكام يوم جيت إنت وادهم وخرجتوني، نن بعدها توبت و**** العظيم توبت وبدعي **** ليل مع نهار يقبل توبتي، ونفسي تسامحني يا صاحبي.

رفع مراد وجهه ينظر لجاسر النائم ما أن انهي حديثه دموعه النادمة تغرق وجهه توسعت حدقتيه حين رأي جاسر ينظر له، نظرات فارغة لا حياة فيها، نظرات صماء، نزع جاسر يده من يد مراد بوهن شديد، اشاح بوجهه في الإتجاه الآخر يحادثه بصوت خفيض متعب:.

- امشي اطلع برة، أنا حذرتك لو شوفتك تاني هموتك، امشي من هنا، ما تطلبش حاجة مستحيل هتاخدها، أنا عمري ما هسامحك، لما يتغدر بك من حد بيكرهه، بتبقي متوقع دا، إنما لما يبقي صاحب عمرك هو اللي يطعن بتموت ألف مرة من الوجع والقهر، امشي يا مراد، امشي من هنا، أنا اللي آسف بس مش هقدر اسامح ولا انسي.

اخفض مراد رأسه أرضا تنهمر دموعه بعنف، ماذا كان يتوقع أن يأخذه جاسر بين أحضانه يخبره بأنه سامحه بعد أخطائه البشعة، تنهد بحرقة يحرك رأسه بالإيجاب رفع رأسه للمرة الأخيرة يهمس بصوت مختنق من البكاء:
- ممكن اسألك سؤال، هو ممكن يجي يوم وتسامحني
أدمعت عيني جاسر لا يعرف حتى لما وشعر حقا بالغضب من نفسه حين شعر بالدموع تتجمع في مقلتيه مشفقا على حال ذلك الذي كان يوما صديقه، حبس أنفاسه يتمتم بصوت جاف بارد:.

- يمكن مين عارف
ارتسمت ابتسامة أمل كبيرة على شفتي مراد يحرك رأسه بالإيجاب رفع يديه يمسح دموعه بعنف يهمس ممتنا:
- شكرا يا جاسر، أنا هستني اليوم دا حتى لو كان آخر يوم في عمري عن إذنك، خلي بالك من نفسك.

قام من مكانه يتحرك لخارج الغرفة التفت برأسه ينظر ناحية جاسر الذي يشيح بوجهه ينفر من رؤيته، أغمض عينيه ندما كم يتمني ان يذهب إليه يعانقه يطلب منه السماح ولكنه سينتظر فبعض الأخطاء لا تغتفر بسهولة ابدا، حرك المقبض ليخرج من الغرفة يأخذ طريقه مشيا عائدا لبيته، مرت عدة دقائق على جاسر قبل أن يشعر بأنه أفضل حالا، انتصف جالسا يضغط على الزر المجاور له يستدعي الممرضة، التي جاءت سريعا سألها عما حدث لتخبره بالتفاصيل كاملة مدي خوف وهلع صديقه عليه حين جلبه، حتى أنه دفع حساب المشفي قبل ان يرحل، تركته وخرجت ليبقي جاسر ينظر للمقعد الفارغ الذي كان يجلس مراد على سطحه تنهد بحرقة يتمتم مع نفسه:.

- ما كنتش بس صاحبي يا مراد، كنت اخويا ودراعي اليمين وعكازي، مش سهل انسي اللي عملته يا صاحب عمري...

في صباح اليون التالي يوم الجمعة يوم العطلة، في غرفة حسام حيث ينام العروسين في هدوء، انزعجت سارة من أشعة الشمس التي صدمت وجهها فجاءة لتفتح لتعقد جبينها فتحت مقلتيها بقدر بسيط سرعان ما توسعت عينيها فزعا حين رأت حسام أمامها مباشرة صرخت مذعورة لينتفض الأخير من مكانه يصيح مفزوعا هو الآخر:
- ايه في ايه مين مات، مين اتقتل، حصل ايه
لم يكد يعي صدمته الأولي وجدها تصرخ فيه مذعورة تدفعه بعيدا عنها:.

- أنت قليل الأدب ومش متربي، بابا هيقتلك، أنت ازاااي نايم جنبي، ياباااابااا، الحقووووني
امسك ذراعيها التي لا تتوقف عن ضربه يصيح فيها محتدا:
- بسسس ايه سارينة وفتحت، يخربيت الجواز على اللي عايز يتجوز، أنتي مجنونة يا سارة، احنا اتنيلنا اتجوزنا امبارح، بصي على الفستان اللي انتي لابساه كدة.

اخفضت رأسها سريعا تنظر لفستان زفافها الأبيض لتتوسع عينيها في دهشة، صحيح كيف نسيت أنهما قد تزوجا بالأمس، اخفضت رأسها في حرج احمرت وجنتيها خجلا، ليصدح في تلك اللحظات صوت دقات عالية على باب غرفتهم وصوت خالد يحادث حسام محتدا:
- حسام، أنت يا حيوان اوعي تكون بتضربها...

ترك ذراعيها ينظر لها حانقا، جذبت بصوتها الرنان والده وطبعا ظن أن ولده الاحمق يضرب عروسه، تنهد يزفر أنفاسه تحرك يفتح الباب ليبصر والده بصحبة زوجته التي بادرت تصيح فيه محتدة:
- في اي يا حسام إنت بتضربها عشان نامت امبارح لا أنت مش طبيعي
توسعت عيني في دهشة انظروا من بات الوغد الدنئ الآن اشار لنفسه مذهولا يحرك رأسه نفيا بعنف ليصيح فيهم محتدا:.

- ايييه في ايييه حد قالكوا اننا دراكولا، سارة هانم نسيت اننا متجوزين أول ما شافتني نايم جنبها رقعت بالصوت، ولا كأنها شافت حرامي جاي يسرق أعضائها
أصفر وجه لينا حرجا من ظنها السئ بالفتي ولكنها فقط ارتعبت من صرخات سارة، تقدمت سارة من الباب تمسك طيات فستان زفافها بين يديها وقفت خلف حسام ابتسمت متوترة تتمتم في حرج:
- أنا آسفة أنا اللي عملت المشكلة دي، بس الوضع جديد عليا وكنت صاحية مش مركزة.

ابتسمت لينا في اتساع ما أن رأتها لتقترب منها تعانقها بقوة تغمغم في حبور:
- صباح الفل يا عروسة، ولا يهمك يا حبيبتي، يلا اجهزوا انتوا وحسام، عشان ساعة وهنسافر زيدان ولينا جايين في السكة
نظر حسام بطرف عينيه إلى خالد رأي ابتسامة الأخيرة المتشفية، اقترب خالد من حسام وقف جواره مباشرة يهمس له بصوت خفيض ساخر متشفي:
- دا أنا همسكها عليك زلة العمر كله، عارف هخليك تعملي عجين الفلاحة.

نظر حسام لسارة حاقدا الحمقاء والده سيجعله عبدا بلا أجر بسببها، انسحبت لينا تجذب خالد من الغرفة نظر الأخير لحسام يبتسم له متشفيا، ليصيح الأخير متحسرا:
- أنا مبتلي ومني *** عشان بقيت دكتور نسا، ياريتني كنت دخلت صنايع.

مرت ساعة نصف تقريبا قبل أن تتحرك الثلاث سيارات في طريقهم للقرية السياحية الشهيرة، مرت بضع ساعات إلى أن وصلت السيارات، استقبلهم صديق خالد يعطي لكل واحد منهم مفتاح غرفته تحرك الشابين أمامه قبل أن يتوجه كل منهما لجناحه سمعوا صوت خالد يردف:
- أنت رايح فين يا باشا منك ليه، هنروح نتغدي الأول أنا حاجز ترابيزة في مطعم هايل
حرك زيدان رأسه بالنفي تثأب يتمتم ناعسا:
- لا يا خالي خليها بعدين أنا تعبان وعايز أنام.

فعل حسام المثل تماما يغمغم سريعا:
- ايوة أنا كمان عايز أنام
نظر خالد لحسام يرفع حاجبه الأيسر ابتسم يغمغم متوعدا:
- بتقول حاجة يا حسام
شد حسام على اسنانه كور قبضته يطحنها تنهد يتمتم بحسرة:
- جعان، أنا جعان، يلا نروح نتغدي وحسبي **** ونعم الوكيل.



25-12-2021 04:10 صباحا
مشاهدة مشاركة منفردة [242]
 صورة زهرة الصبار الشخصية
زهرة الصبار
عضو فضي
تاريخ الإنضمام : 01-11-2021
رقم العضوية : 116
المشاركات : 6453
الجنس :
أنثى

الدعوات : 2
قوة السمعة : 10
offline

look/images/icons/i1.gif
رواية أسير عينيها

رواية أسير عينيها الجزء الرابع للكاتبة دينا جمال الفصل مئة وثلاثون

توجهوا جميعا إلى ذلك المطعم الذي اختاره خالد وأجبرهم للذهاب إليه، جلس حسام حانقا يتململ في جلسته بين حين وآخر يزفر أنفاسه حانقا، يختلس النظرات لزوجته الحبيبة بين حين وآخر ليراها منشغلة للغاية في الحديث مع شقيقته وزوجة أبيه، في حين زيدان يناقش مع والده عدة أمور خاصة بالعمل، لم يعد يحتمل الوضع أكثر تأفف بقوة يهتف حانقا:
- هو أنا عاطف قاعد معاكوا ولا ايه، أنا حاسس اني شفاف في القعدة.

توجهت أنظار الجميع إليه الموقف لم يكن مضحك شعر خالد من نظرات حسام أنه حقا غاضب، قام من مكانه يتحرك للخارج أشار له بعينيه أن يتبعه، زفر حسام أنفاسه مختنقا يوجه نظرة خاطفة ناحية سارة قبل أن يتحرك يلحق بأبيه، نظر الجميع إليه مدهوشا منذ متي وحسام الفتي الغاضب، نظرت لينا لزيدان تسأله متعجبة:
- ماله حسام شكله متضايق.

رفع زيدان كتفيه لأعلي كأنها يخبرها أنه حقا لا يعلم بينما توسعت ابتسامته الداخلية حسام يسير وفق الخطة كما رسمها تماما، لف ذراعه حول كتفي لينا يحادثها مبتسما:
- هتلاقي في حاجة مضيقاه دلوقتي نعرف
في حين توجهت أنظار سارة ناحية باب المطعم الذي خرج منه حسام توا، اضطربت حدقتيها قلقا هل تري هو غاضب منها، تنهدت بارتباك هي حقا لا تعلم...

في الخارج جلس خالد على طاولة صغيرة أمام المطعم ملحقة به ليجلس حسام أمامه يتحاشي النظر لوالده بأي شكل كان، يحرك ساقه اليسري بعنف يبدو متوترا قلقا غاضبا من شئ ما، حمحم خالد يجذب انتباهه يحادثه مترفقا:
- مالك يا حسام شكلك متضايق، لو الكلام اللي أنا قولته الصبح مضايقك فأنت اكيد عارف إن أنا بهزر.

حرك حسام رأسه بالإيجاب زفر بقوة يحاول أن يقول شيئا يجد عذرا ولكن لا شئ حين يآس عاد يزفر من جديد يتمتم باختناق:
- مش عارف يا بابا حاسس أن أنا مخنوق متضايق، وفرحان مش عارف حاسس أن أنا متلغبط
ارتسمت ابتسامة هادئة على شفتي خالد ليمد يده يربت على كتف حسام برفق يحادثه مبتسما:.

- أنا مش هقولك ليه يا ابني وايه االي حصل وكل الهري، ساعات بتحس أنك مخنوق وأنت حتى مش عارف ليه، بس أنت لسه عريس يمكن الضغط الفترة اللي فاتت، أنا بس مش عايزك تشيل هم وأعرف أن أنا دايما معاك وفي ضهرك
ارتسمت ابتسامة صغيرة على شفتي حسام يحرك رأسه بالإيجاب، ليمد خالد يده يربت على رقبته بعنف أبوي يحادثه ساخرا:.

- ما تفك بقي ياض، دا أنت يكفيك فخرا أنك إبن خالد السويسي، دا أنت المفروض تمشي فرحان طول عمرك عشان أنا أبوك.

تعالت ضحكات حسام يحرك رأسه بالإيجاب يصدق على كلمات والده، عادا معا المطعم ليعاود كل منهما الجلوس إلى مقعده، نظر الجميع في دهشة إلى حسام التي تغزو ابتسامة واسعة شفتيه، غمز زيدان لحسام خفية كأنه يخبره أن كل شئ يسير حسب الخطة المتفق عليها، لتتوسع ابتسامة حسام لف ذراعه حول كتفي سارة يقربها منه يهمس لها بصوت خفيض عابث:
- اخيرا هنطلع شهر العسل، يا سعدية يا سوسو.

قطبت سارة ما بين حاجبيها تنظر لحسام مدهوشة هم أساسا في شهر العسل ماذا يقصد حسام بكلامه، في ذلك الغداء اللطيف تصرف الجميع بتلقائية، حتى لا يشك أي منهم في الآخر، اكثر مشهد عبثي حدث حين ازاح خالد أكمام قميصه للخلف بشكل عشوائي، يخلي الأسماك عن اشواكها، يضعها في طبق لينا التي تنظر له محرجة مما يفعل، لم تعد تلك الطفلة ابتسامة ابنتها الخبيثة التي توجهها إليها تجعلها تود أن تنشق الأرض وتبتلعها، خالد منشغل في حديثه مع زيدان وحسام ويديه تعمل بسلاسة على اخلاء الأسماك من الشوك ووضع الكثير منها في طبقها والبعض الآخر في فمها، أمام الجميع دون أن يهتم! ومنذ متي وهو يهتم، خالد هو خالد لن يتغير ابدااا، انتهي الغداء الكارثي اخيرا، توجهت لينا إلى سيارة خالد ستحبس نفسها في غرفتها إلى أن ينتهي شهر العسل، نظر حسام لزيدان كل منهما للآخر ليحرك كل منهم رأسه بالإيجاب وكأنه فهم على الآخر، توجه الجميع إلى سيارتهم، قبل أن يدير خالد محرك السيارة شقت سيارتي حسام وزيدان الطريق في الإتجاه المعاكس لاتجاههم، قطبت لينا ما بين حاجبيها تنظر لما يحدث مدهوشة نظرت لخالد تتمتم في ذهول:.

- هو في ايه؟!
في حين ابتسم خالد في خبث يحرك رأسه متستمعا الحمقي سيتمتع كثيرا بما سيفعله بهم
على الطريق تشق سيارات الشباب الغبار بسرعة البرق، نظرت لينا ناحية زيدان سريعا تسأله مدهوشة:
- زيدان في اي إنت بتجري كدة ليه وبعدين احنا مش هنرجع القرية
حرك رأسه بالنفي بعنف يبتسم باستمتاع حقيقي انتفخ صدره يعتد بانتصاره يتمتم بزهو:
- قرية مين لا طبعا، دا أنا والواد حسام اتشقلبنا لحد ما عرفنا نخلع من ابوكي...

سألته بعينيها قبل أن تفعل بشفتيها ليجيب هو سؤالها قبل أن تقوله:
- فاكرة في المطعم لما حسام كان شكله متضايق
حركت رأسها بالإيجاب لتتسع ابتسامته يكمل:
- أنت عارفة ابوكي ما حدش يقدر يقوله لاء، اتفقنا أنا وحسام أنه يعمل متضايق لما يروح المطعم عشان اخرج ابوكي منه، فاكرة لما قومت اعمل تليفون كنت بأكد الحجز، لما ادينا الشنط لعمال الفندق عشان يحطوها في الأوض اديناهم شنط فاضية...

توسعت عيني لينا في دهشة لم تستطع أن تخفي تلك الابتسامة الواسعة من ثغرها مساكين حقا والدها سيطحن عظام الجميع!
في سيارة حسام رفع كفيه لأعلي يتنهد بارتياح يغمغم بتلهف:
- الحمد *** **** الحرية أخيرا، دا كان هيبقي شهر عسل أسود
نظر بجانب عينيه ليجد سارة تنظر له مدهوشة لا تفهم ما يحدث، ليضحك بخفة سيخبرها كل شئ حين يصلوا أن وصلوا؟!

في اللحظة التالية رن هاتف حسام برقم والده حمحم يفتح الخط بعد لحظات ليجد أن المكالمة ثلاثية بينه وبين والده وزيدان، صمت قصير للغاية قطعه ضحكات خالد الساخرة وهو يتشدق مستمعا:.

- مبروم على مبروم ما يرولش يا بهوات، انتوا فاكرني صدقت الفيلم الهابط اللي عمله حسام باشا، ابقي خلي بالك بعد كدة يا زيدان عشان انعاكاسك وأنت بتغمز لحسام كان ظاهرلي في الشباك، آه نسيت اقولكوا يا حبايب، الشنط اللي معاكوا هي اللي فاضية، في كمين عند الكيلو 200 أنا اللي مبلغ عنكوا، انكوا معاكوا مخدرات، لاء ومش كدة وبس خالد السويسي بيضحي أنا حاططلكوا كيسين دقيق في العربيات على ما بيثبتوا بقي أنه دقيق تكونوا بيتوا ليلتين تلاتة على البرش، سلام يا حبايب بابا هبقي اجي القسم أخد لينا وسارة.

وأغلق الخط ليخرج من المكالمة في حين شحب وجه حسام فرت الحياة منه رفع وجه للسماء يغمغم بحرقة:
- أنا مبتلي، لف يا باشا وأرجع، واستحمل بقي اللي هيجرلنا!

إنه الجمعة صحيح يوم عطلته أخيرا له كامل الحق في أن يأخذ قسط راحة طوويل ولكنها حقا قلقة عليه، في الليلة الماضية عاد قرب الفجر ملامحه حزينة مجهدة تعبة، حين حاولت الاطمئنان عليه أخبرها أنه فقط مجهد من العمل، باتت تعرفه حين يكذب وهو كان يكذب، توجه إلى غرفة النوم ومن وقتها وهو نائم وكأنه يهرب في النوم من شئ ما، حتى صلاة الجمعة حاولت إيقاظه ولكنه لم يستجب سوي بهمهات متعبة لم يفتح مقلتيه حتى، نظرت لساعة الحائط الصغيرة اقتربت صلاة العصر وهو إلى الآن لم يستيقظ، نظرت لملك الصغيرة التي تؤرجحها على ساقيها برفق ابتسمت لها، حين تراها تشعر بقلبها يدق بعنف تلك الفتاة ابنتها تشعر بها في كل جزء من روحها، حملتها برفق بين ذراعيها تحادثها مبتسمة:.

- تعالي نروح نصحي بابا عشان يلحق يصلي الضهر قبل ما العصر يأذن
تحركت بصحبة الصغيرة، دخلت إلى غرفة نومهم لتري مراد نائما على ظهره ملامح وجهه منقبضة وكأنه يصارع كابوس بشع جبينه يغرق في العرق، اقتربت منه قلقة لتراه يحرك رأسه بالنفي بعنف يتمتم بهذيان:
- سامحني يا جاسر، سامحني يا صاحبي، لاء ما تمشيش، جاسر سامحني يا جاسر.

حركت روحية برفق تمسح على شعر مراد وهو نائم ليتوقف عن هذيانه وضعت الصغيرة جالسة فوق صدره تمسك بها برفق حتى لا تقع تعالت زقزقات الصغيرة حين رأت والدها، لتندفع بجسدها الصغير إليه سقطت نائمة على صدره يسيل اللعاب من فمها يغرق وجهه، لتضحك روحية عليهم بخفة، مدت ملك يدها تجذب شعر ذقن والدها تحاول خلعه تقريبا، لم تجد منه استجابة ايضا لتصيح عالي لم يفهم منه حرف واحد ولكنها تبدو غاضبة من تجاهل والدها، فتحت مراد مقلتيه في تلك اللحظات ينظر لصغيرته التي ابتسمت ما أن أستيقظ تحاول أن تضع أصابعها في عينه ليهب جالسا يحملها بين ذراعيه كشر قسمات وجهه يحادثها حانقا:.

- ريالة وهريتي وشي وعمالة تشدي في دقني وتزعقي فيا، ودلوقتي عايزة تدخلي صوابعك في عيني
بدأت الصغيرة تصيح بلغة غريبة مضحكة لتتعالي ضحكات مراد حملها بين كفيه يقذفها لأعلي قليلا لتتعالي ضحكات الصغيرة ايضا في حين شهقت روحية مذعورة اندفعت ناحيتهم تأخذ الصغيرة منه تتمتم مذعورة:
- لا يا مراد ما تعملش كدة أنا شوفت دكتور في التليفزيون بيقول أن الحركة دي خطر جداا على الأطفال...

ابتسم ارتسمت ابتسامة كبيرة واسعة على شفتيه، لم يكن يظن أبدا في أسعد أحلامه أن يحظي بزوجة وطفلة ومنزل سعيد دافئ جميل، أحلامه أجمع كانت تتمحور حوله هو فقط الآن فقط عرف سعادة الحلم وسط الأسرة، أحلامه الآن تختلف تماما عن سابقها، يحلم كيف يجعل الجميع سعداء كيف يرتقي في عمله، يجمع النقود لشراء منزل أوسع في منطقة أخرى غير هذه يحلم بالكثير ويعزم على تحقيق أحلامه أجمع، هو يثق أن المولي عز وجل سيساعده، فأحلامه الآن نبيلة شريفة سيسعي إليها بكل السبل الحلال الممكنة، توجهت عينيه ينظر لروحية وهي تبدل الحفاض الخاص بالصغيرة، تضعها على الفراش، رفعت عينيها تنظر له لتري عينيه اللامعة، نظراته الهادئة رغم ذلك رأت غيوم الحزن تختبئ خلف مقلتيه، أرادت حقا أن تسأله ما به الا أنها تراجعت تحادثه سريعا:.

- مراد العصر قرب يأذن وأنت لسه ما صلتش الضهر
توسعت حدقتيه ليقفز من مكانه يهرول ناحية المرحاض، توضأ يفترش سجادة الصلاة أدي صلاة الضهر، حين انتهي اغتسل يبدل ثيابه وقفت خلفه وهو يمشط خصلات شعره يرش بعض من عطره، رفعت يدها تضعها على كتفه لتتحرك مقلتيه ينظر لها من خلال سطخ المراءة ابتسم لها لتتنهد تهمس قلقة:
- مالك يا مراد من ساعة ما جيت امبارح وأنت شكلك متضايق، زعلان، حصل حاجة.

أغمض عينيه يحرك رأسه بالنفي وضع الفرشاة من يده التفت لها يرسم ابتسامة على ثغره يردف بمرح باهت:
- ابدا منفوخ في الشغل بس، أنا هلحق العصر في الجامع وهروح المحل شوية، عايزة حاجة اجبهالك وأنا جاي
لم تقتنع بإجابته ولكنها ابتسمت تحرك رأسها بالنفي تنهدت تهمس له بخفوت:
- عايزة سلامتك
ابتسم يتحرك للخارج وقف عند باب الغرفة التفت لها ينادي باسمها التفتت له لتتوسع ابتسامته يردف:.

- عايز صينية بطاطس بالفراخ من ايديكي الحلوين دول بتعمليها قمر زيك.

أخجلها أحمرت وجنتيها تحرك رأسها بالإيجاب ليلوح لها وداعا، أخذ طريقه لأسفل، في حين جلست هي على حافة الفراش تفكر في حاله منذ أن قابلته اول مرة في المخبز وتشاجرا إلى أن انتهي بهما الأمر في منزل واحد، لن تنكر مراد مساوئه كثيرة معها ولكنها حقا يحاول بجد أن يعوضها عن كل ما فات، مدت يدها تداعب خاتم زوجها من الذهب الأصلي صدق مراد حين توفرت معه النقود أخذها إلى اقرب محل لبيع الذهب الأصلي واشتراه لها اسمها محفور على إطار الخاتم من الداخل، ارتسمت ابتسامة صغيرة باهتة على شفتيها كانت تظن قديما أن نهايتها الحتمي الانتحار من قسوة ما تلاقي من لطمات الحياة، لم يعرف قلبها معني السعادة قبلا، حقا لم تعرف مسبقا معني الضحكات سوي بضحكات الصغيرة ملك، معني الحنان سوي بحنان السيدة منيرة لها، معني الحب!، قلبها يدق بشكل غريب حين تري مراد حين يغازلها بكلامه حين يمتدح أي شء تفعله، هل تري أحبته، تنهدت بقوة ترفع رأسها لأعلي لتقع عينيها على ورقة النتيجة التي تخبرها ما اليوم الذي هم فيه، قطبت ما بين حاجبيها تعد على أصابع يدها لتتوسع عينيها في دهشة تنفي برأسها فغرت فاهها، هرعت إلى المرحاض تمسك اختبار الحمل الهدية التث جلبتها لها منيرة مع ابتسامة واسعة:.

- جبتلك البتاع اللي بيعرفوا منه هي حامل ولا لاء، يومين والاقيكي بتقوليلي أنا حامل
مرت دقائق تنظر لسطح الشاشة بترقب لحظة تليها أخري إلى أن تلون السطح بخطين من اللون الأحمر، وضعت يدها اليسري على فمها تكبح شهقتها، في حين بسطت اليمني على بطنها، هل حقا ينمو الآن بين احشائها ***، طفلها هي ومراد.

في المستشفى، في غرفة تالا، استيقظت أخيرا رغم أنها خاضت ألم المخاض من قبل تعرفه جيدا، الا أنه حقا بشع مؤلم يحرق الروح يفتت الجسد، كم حاولت أن تظل صامدة حتى لا تُفسد زفاف ابنتها ولكن للأسف انتهي بها الأمر تنهار من الألم تتمزق من شدته تصرخ من أعماق روحها، حين فتحت عينيها عملت انها حقا نامت فترة طويلة للغاية، تحركت رأسها تبحث عن طفليها زوجها، لا أحد، تأوهت متألمة استندت بكفيها على سطح الفراش اعتدلت جالسة في لحظة دخول عمر وهو يحمل الطفلين، ابتسمت وهو ايضا، أدمعت عينيها حين سمعته يغمغم فرحا:.

- ماما اللي في غيبوبة صحيت أهي...
ضحكت متألمة ليتحرك عمر بالأطفال ناحيتها أخذت أحد الأطفال منه تضمه لصدرها بحنو، تنظر لعينيه البنية الشبيهه بعيني والده نظرت للطفل بين ذراعي عمر، عينيه سوداء كعينيها هي، رقص قلبها فرحا كل ذرة فيها تصرخ من سعادتها ألم المخاض اختفي أمام أمواج سعادتها الهادرة، انهمرت دموع الفرح من مقلتيها نظرت لعمر تسأله بصوت مبحوح باكي:
- سميتهم ايه يا عمر.

مد يده الحرة يمسح ما سقط على وجهها من دموع يزيح خصلاتها خلف اذنيها يتمتم مبتسما:
- اللي على دراعك سميته محمود على اسم أبويا، أما الأستاذ دا سميته حسام، جوز بنتك كان هيتشل لو ما سمتهوش على اسمه.

ضحكت تالا بخفة، تحرك رأسها بالإيجاب على الرغم من أنها كانت لا تطيق ذلك الفتي في بداية تعارفهم ولكنه حقا أثبت العكس بمواقفه، بحبه الكبير لابنتهم، نظرت لعمر حين سمعته يحادثها، حين رفعت وجهها رأت ابتسامته الكبيرة عينيه اللامعة هناك تري دمعات في مقلتيه ليتحدث بصوت خفيض متوتر:.

- نفس فرحتي بسارة وسارين لما اتولدوا، كان نفسي يبقي ليا ذكريات معاهم وهما *****، الحمد *** مش هنفكر في اللي فات، رجلي على رجلك في كل لحظة من هنا وجاي، مش هتبعديني عنهم هما كمان يا تالا صح
انهمرت دموعها تحرك رأسها بالنفي بعنف تخبره كم هي آسفة نادمة وضعت الصغير على قدميها لترتمي بين أحضان زوجها تشدد عري عناقه شهقت باكية تغمغم بصوت مختنق:
- سامحني يا عمر، أنا آسفة، أنا.

قاطعها حين أبعدها عنه وضع كف على فمها برفق يحرك رأسه بالنفي يردف مبتسما:
- ما تتأسفيش يا تالا، أنا اللي المفروض اتأسف، أنا غلطت وغلطي أنا أكبر، بس خلاص دا كله ماضي مش هيرجع تاني، من النهاردة حياتنا هتبقي زي الضفيرة مترابطة عشان ولادنا سارة وسارين وحسام ومحمود، أنا فرحان أوي يا تالا فرحان لدرجة أن أنا عايز اصرخ من فرحتي.

قبل أن يردف بحرف سمعا دقات على باب الغرفة، ربما الممرضة ما أن سمع للطارق حتى صدح صوت غاضب حانق يصيح مغتاظا:
- لاء دا مش عدل يعني ايه يسمي حسام على اسم جوز سارة وما يسميش عثمان على اسمي
صاح بها عثمان مغتاظا وهو يدخل إلى غرفة تالا في المشفي يحمل باقة ورد وعدة علب هدايا، وسارين تلحق به تحمل حقيبة ملابس لوالدتها والصغار، قام عمر ما أن رأي ابنته فتح عثمان ذراعيه حين رأي عمر يقترب منه يغمغم مبتسما:.

- عمي حبيبي بالأحضان يا أبو العيال
تجاوزه عمر وكأنه غير موجود من الأساس مما أعطاه شعور بأنه هواء لا يُري، اقترب عمر من ابنته يعانقها بقوة يتمتم سعيدا:
- حبيبة قلب بابا من جوا منورة الدنيا يا سيرو، تعالي يا حبيبتي شوفي إخواتك
امسك كف يدها يجذبه معه إلى فراش والدتها ليعطيها حسام الصغير تحمله بين ذراعيها بحرص، ليكتف عثمان ذراعيه أمام صدره يغمغم ساخرا:
- هذه لوحة، هو أنا شفاف ولا ايه.

ضحكت تالا بخفة أشارت له بأن يقترب ليضع ما في يده على طاولة صغيرة، اقترب منهم لتعطيه تالا الصغير يحمله بين ذراعيه تحادثه:
- عقبال ما اشوف عيالكوا إنت وسارين يا حبيبي
نينيننيني، سخر منهم عمر لينفجر الجميع في الضحك، اقترب عثمان من سارين وهو يحمل الصغير وقف جواره ينظر للرضيع في يدها ابتسم يغمغم لها عابثا:
- عقبالنا يا قمر...

احمرت وجنتي سارين خجلا ليحمحم عمر في خشونة اقترب يمسك بيد ابنته يجلسها جوار والدتها يحادثها مبتسما:
- تعالي اقعدي يا حبيبتي عشان رجلك على ما توجعكيش...
ابتسم عثمان في مكر ليتحرك يجلس جوار عمر اعطي الصغير لوالدته يحتضن عمر يقبله يغمغم ضاحكا:
- وأنا كمان يا عمي عايز اقعد جنبك، يا عمي يا حبيبي يا جد العيال.

مسح عمر خده بعنف ينظر لعثمان متقززا، في حين يبتسم عثمان كطفل صغير عابث، لحظات وتعالت ضحكات الجميع، من مشاكسات عثمان وعمر التي لا تنتهي.

وصلت السيارتين أخيرا بعد طريق طويل هو قصير في الحقيقة ولكن كل منهم كان يقود على أقل سرعة عل الليل يحل قبل أن يصلوا، توقفت السارتين في المرآب الخاص بالقرية السياحة نزل كل منهم يمسك بيد زوجته يلتف كل منهم حوله وكأنه لص محترف على وشك أن يُقبض عليه، تحركا إلى صالة استقبال القرية ليتنفسوا الصعداء حين لم يجدوا خالد في انتظارهم جذب كل منهم يد زوجته يجذبها خلفه سريعا إلى عرفتهم ليتصنموا فجاءة حين خرج خالد من المصعد أمامهم يبتسم في خبث ما أن رآهم، اشار لهم يأصباعيه السبابة والابهام أن يلحقوا به، لينظر كل منهما للآخر في هلع، تحركا خلف خالد تلك غرفة حسام الذي يقف أمامه رجلين ضخام الجثة يحرسان الباب، اقترب خالد يمسك يد ابنته في أحدي كفيه وسارة في الكف الآخر، اشار للحارسين ليفتحا الباب ادخلهم خالد إلى الغرفة يغلق الباب عليهم نظر للحارسين يحادثهم آمرا:.

- لا حد يدخل ولا يخرج مفهوم
التفت خالد ناحية زيدان وحسام يشير لهم من جديد أن يتبعاه إلى حيث غرفة زيدان لا يوجد حارسين هنا، دخل خالد اولا يجلس على أقرب مقعد قابله يضع ساقا فوق أخري انثنني جانب فمه بابتسامة ساخرة يردف متهكما:.

- بتستغفلوني دا أنا خالد السويسي، أنا أغفل بلد منكوا، عقابا ليك يا كلب أنت وهو على اللي عملتوه هتقعدوا هنا وشكوا في وش بعض ولما يجيلي مزاج ابقي رجع لكل واحد مراته، ما تحاولوش تروحوا اوضتهم أنا مدي الجارد أمر أنهم يضربوا الأول وبعدين يسألوا...

توسعت عيني حسام فزعا كاد أن يصرخ أن ما يحدث ظلم، وافتراء إلا أن زيدان شد على يده يخبره أن لا يتحدث، القي خالد عليهم نظرة اخيرة شامتة قبل أن يخرج من عرفتهم صافعا الباب خلفه، ليصرخ حسام في غيظ:
- لاء بقي دا ظلم وافتراااا، اييييه أنا عايز مراتي و**** اصورلكوا قتيل هنا
ابتسم زيدان ساخرا يلقي بجسده على الفراش يتابع فقرات حسام الفلكورية وهو يصرخ كالهنود الحمر.

في الحارة جلس مراد على مقعد صغير داخل المحل تشرد عينيه في الفراغ، يتذكر كلام أمام المسجد:
- بص يا ابني من كلامك أن صاحبك مش عايز
يسامحك واضح انك اذيته أوي، ادعي **** ان يصفي من ناحيتك وحاول مرة واتنين وعشرة، والأهم أنك تاخد من اللي حصل عبرة وما تأذيش حد تاني يا ابني اذية العباد مش سهلة، كسر الخواطر بشع يا إبني **** يصلح حالك.

تنهد بحرقة يحرك برأسه بالإيجاب سيحاول مرارا وتكرارا إلى أن ينال سماح صديقه، خرج من شروده وابتسامة واسعة تعرف طريقها لثغره حين رأي سيارة أخيه تقف أمام منزلهم، أدهم هنا بعد غياب طويل قام من مكانه يخرج من المحل خرج أدهم من سيارته توجه ناحية يعانقه بقوة يردف ضاحكا:
- أبو ملك الغالي واحشني يا جدع و****
ضحك مراد يصدم أدهم على رأسه بخفة يردف حانقا:
- بقي يا ندل شهر كامل ما نشوفش خلقتك.

ابتعد أدهم عن مراد يمسد رأسه برفق كشم ملامحه كطفل صغير غاضب يتمتم ضاحكا:
- يا جدع برستيجي قدام مراتي مش كدة، وبعدين ما أنت عارف سحلة الشغل، كان عندنا صفقة ويا دوب خلصت الأربع قضيت الخميس كله نوم وقولت اقوم اجيلكوا النهاردة، قولي اخبار جدتي وروحية وملك ايه
ابتسم مراد يربت على كتف يغمغم:
- **** يعينيك، كلهم كويسين يا حبيبي، تعالا يلا نطلع.

حرك مراد رأسه بالإيجاب ليتوجه ناحية السيارة يحمل عدة حقائب طُبع عليها اسم محل مشهور رفعهم في وجه مراد يردف ضاحكا:
- بما اني جيت على فجاءة قول نتغدي كلنا سوا جايبلك شوية كفتة انما ايه خيال
أعطي الحقائب لمراد ليضحك الأخير يردف ساخرا:
- كل أنت يا مراد الكفتة بتاعتك أنا هاكل صينية البطاطس بالفراخ اللي مراتي عملاها
توسعت عيني ادهم قليلا ليضحك مراد على منظره أخذ طريقه لأعلي يردف ضاحكا:.

- هات منيرة ومراتك وحصلني يالا
صاح أدهم سريعا قبل أن يغيب مراد عن انظاره:
- مررراد على **** تيجي جنب صينية البطاطس أنا بقولك أهو
ضحكت مايا بمرح حقيقي على ذلك المشهد الغريب بين أدهم وشقيقته حمل أدهم علب الحلوي من السيارة ليمسك بيدها يصعدان إلى منزل جدته.

في الأعلي في منزل مراد، فتح باب المنزل بمفتاحه الخاص، لترتطم في أنفه رائحة طعامها الشهي وضع الحقائب من يده على الطاولة، يتحرك ناحية المطبخ ليراها تخرج صينية الدجاج المميزة حمحم بخفة حتى لا يُفزعها، التفتت له تبتسم في ارتباك تغمغم متوترة:
- حمد *** على السلامة أنا خلاص خلصت الأكل خمس دقايق وهحطه.

ابتسم لها يحرك رأسه بالإيجاب اقترب منها أكثر فأكثر كل خطوة منه للأمام تتبعها خطوة منها إلى الخلف إلى أن ارتطم ظهرها بحافة حوض المطبخ، نظرت له متوترة خجلة في حين كان هو يبتسم في عبث، اقترب خطوة أخري لتغمض عينيها خجلا شعرت به يرفع يده لأعلي، نظرت لما يفعل لتجده يلتقط عدة صحون من أعلي نزل بأنظاره إليها يغمغم مبتسما:.

- أدهم ومراته تحت، وهيطلعوا دلوقتي مع منيرة هنتغدي كلنا سوا روحي إنت غيري هدومك وأنا هحط الأكل.

حركت رأسها بالإيجاب سريعا لتهرع إلى خارج المطبخ دخلت إلى غرفتهم وضعت يدها على قلبها تلهث بعنف ذلك المراد يعبث على أوتار قلبها ببراعة عازف محترف، وضعت يدها على بطنها تبتسم كانت ستخبره بعد الغداء عليها الآن الإنتظار قليلا، توجهت سريعا تبدل ثيابها بجلباب بيتي من اللون الأصفر الداكن وحجاب أبيض به ورود صفراء، بدلت ثياب الصغيرة ايضا لفستان وردي جميل، خرجت من الغرفة تحمل الصغيرة على ذراعها لتري مراد قد صف الطعام على الطاولة بنظام جميل، ابتسمت سمعا صوت دقات الباب ليتوجه مراد يفتحه يحتضن شقيقه من جديد دخل مراد بصحبة زوجته ومنيرة، اطلق أدهم صفيرا طويلا يعبر عن إعجابه حين نظر لطاولة الطعام يردف مبتسما:.

- ايش ايش ايش، دا الجمال عدي الكلام عن صينية الفراخ ايه العظمة دي
ضحك مراد عاليا يلف ذراعه حول كتفي روحية يغمغم في زهو:
- ما تعرفش أنت تعمل صينية البطاطس دي عمايل ايدين روحية
ابتعدت روحية خجلة عن مراد اقتربت من مايا تعانقها بقوة لتأخذ منها مايا الصغيرة تداعبها بين أحضانها بعد سلام قصير التف الجميع حول مائدة الطعام الصغيرة، نظرت مايا لروحية تردف مبتسمة:.

- لاء حقيقي فعلا صينية البطاطس حلوة اوي ممكن تبقي تقوليلي بتعمليها ازاي
ابتسمت روحية في ود تحرك رأسها بالإيجاب سريعا...
نظر أدهم لصديقه ابتسم يشاكسه:
- ما تاكل يا أبو ملك، اكلتك قلت خالص كلت نص الأكل بس
ضحك مراد عاليا يلاعب حاجبيه عبثا يغيظ شقيقه كأنهم *****، لتردف منيرة في تلك اللحظة توجه حديثها لادهم:
- طب هو وبقي أبو ملك، أنت بقي مش ناوي تبقي أبو حمزة ولا مبلط في الخط كتير و**** بالشبشب على وشك.

غص أدهم في طعامه في حين انفجر مراد ضاحكا ينظر لشقيقه شامتا ليذق قليلا مما تفعله منيرة به، احمرت اذني أدهم حانقا يحادث جدته:
- يا تيتا برستيجي قدام المدام بقي في الأرض خالص
نظرت منيرة له ساخرة لتتوجه برأسها ناحية مايا تحادثها في تهكم:
- بت يا مايا ابقي هاتي البتاع دا اللي اسمه برستيجه من الأرض وحطيه في كيس وادهوله.

لم يستطع اي منهم كبح ضحكاته حتى أدهم نفسه انفجر ضاحكا على كلمات جدته، سهرة سعيدة ضاحكة لن يشوبها شئ.

في المطعم الخاص بجاسر القابع أمام منزله هو وسهيلة في غرفة المكتب يجلس جاسر على سطح مقعده يستند برأسه إلى ظهر المقعد يغمض عينيه ظهور مراد من جديد في حياته أعاده لذكريات قديمة لهما وهم أصدقاء حقا أصدقاء، قبل أن يملئ الحقد قلب مراد، قبل ان يعميه الطمع ليطعن صديقه في قلبه بلا رحمة، تنهد بقوة يمسح وجهه يرغب بشدة في أن يسامح مراد ولكن عقله وقلبه يرفضان رفضا قاطعا ليس بعد كل ما فعله لا مستحيل، إن توقف الأمر عليه كان سيسامحه، ولكن إقحام شقيقته الصغيرة محاولة الإعتداء عليها وتدنيس شرفها وشرفه لالا لن يسامحه إطلاقا، تنهد بعنف يزفر أنفاسه اعتدل جالسا حين سمع دقات على باب المكتب دخلت سهيلة تدفع برفق جعلة للرضع يرقد فيها طفلهم الصغير، ابتسم ما أن رآهم قام من مكانه يتوجه لسهيلة يعانقها بقوة يستند بجسده الخائر القوي على روحها علها تُعينه، رفعت سهيلة يديها تضم رأس جاسر إليها تسأله قلقة:.

- مالك يا جاسر، أنا واثقة أن في حاجة متضايقاك من ساعة ما جيت تاخدني من عند بابا الصبح وأنا حاسة أنك متغير، مالك يا حبيبي فضفضلي.

زفر أنفاسه المختنقة يحرك رأسه بالإيجاب هو حقا بحاجة لأن يخرج ما يجثم على صدره تنهد بعنف امسك بيدها يجذبها معه لتجلس على الأريكة الكبيرة في غرفة مكتبه وضع رأسه على قدميها يخبرها بكل ما فعله به مراد وهي فقط تسمع، شعرت بأنه يبكي وهو يتحدث ولم تُعقب تريده أن يخرج كل ما يجيش يصدره يزعجه إلى أن انتهي أخبرها بما فعله به صديق العمر كاملا انتهاءً بما حدث له الليلة الماضية رفع وجهه ينظر لها ليراها تبكي في صمت تضع يدها على فمها، اعتدل جالسا لترتمي بين ذراعيه تشهق في البكاء تعاتبه:.

- حرام عليك اغمي عليك إمبارح في الشارع وكان في ناس عايزة تأذيك
توسعت عينيه في ذهول حقا بعد كل ما قاله لم يلفت انتباهها سوي تلك الجملة فقط يكاد يجب منها قلقاسته الحمقاء، ابتسم يحرك رأسه يأسا يمسح على حجابها برفق، لحظات إلى أن هدأت لتبتعد عنه تمسح وجهها بكفيها حمحمت تحادثه مترفقة:.

- أنا عارفة أن اللي عمله فيك صعب، صعب أوي يا جاسر، بس أنا واخده بالي أنك عمال تقول على موافق حلوة بينكوا إنت مش ناسيه يا جاسر، أنت بس موجوع أوي من خيانته، لو مش عايز تسامحه دا حقك، بس أنا عارفة أنك من جواك عايز كدة، مش لازم حتى دلوقتي يا جاسر، بكرة الأيام تثبتلك هو فعلا ندمان وعايزك تسامحه ولا بيقول اي كلام وخلاص.

ابتسم، زوجته العاقلة، سهيلة حقا ابهرته بكلامها، توسعت ابتسامته يحرك رأسه بالإيجاب جذبها لأحضانه يشدد على عناقه يهمس لها بصوت خفيض شغوف محب:
- بحبك يا أحلي قلقاسة في عمري، بحبك يا أم أحمد
ضحكت بخفة تشدد على عناقه تهمس له بخفوته خجول:.

- جاسر أنت أول وآخر حب في حياتي من وأنا عيلة صغيرة في ثانوي بتحب أخو صاحبتها بينها وبين نفسها، كنت فاكرة أنه حب مراهقة بس ما كنش كدة ابدا، كل ما يتقدملي عريس اشوفك أنت مكانه، ما كنتش هقدر اتجوز واحد وأنا قلبي متعلق بيك
ابتعدت عنه لتندمج حدقتيها بمقلتيه ينظر لينابيع دموعها التي هطلت فجاءة تشهق في بكاء خافت:.

- كانت اسوء لحظات حياتي لما لقيت نفسي مجبرة اني اتجوز واحد تاني بسبب جدي كنت هموت حرفيا، فكرت اموت نفسي ساعتها، ليلتها فضلت اصلي وادعي **** كتتير، أنت مش متخيل فرحتي لما لقيتك أنت العريس، فاكر انا فضلت اعيط إزاي، كنت حاسة اني بحلم
مدت يدها تمسح دموعها المتساقطة رسمت ابتسامة صغيرة على شفتيها تضحك بخفة:
- كنت بتغاظ منك جداا بما بتقعد تقولي أنا زي اخوكي وانتي زي لينا، كنت غبي اوي يا جاسر.

ضحكت ليشاركها في الضحك لف ذراعه حول كتفيها يقبل قمة رأسها التحمت مقلتيها بعينيه يهمس لها بصوت خفيض عاشق:
- بحبك يا سهيلة
فاض العشق من حدقتيها ابتسمت في اتساع تحرك رأسها بالإيجاب تهمس له:
- بحبك يا جاسر
أصدر الصغير صوت عالي معترض كأنه يخبرهم الا تروني أنا هنا، ضحك جاسر يتحرك يلتقط الصغير من فراشه يقبل وجنته الحمراء يحادثه ضاحكا:
- لاء مش بنحبك يا استاذ احمد يا مزعج.

في اللحظة التالية تبللت ثياب جاسر من حفاض الصغير توسعت عيني جاسر هلعا في حين انفجرت سهيلة في الضحك.

في منزل حمزة السويسي
على الأريكة تجلس بدور على ساقيها سيلا الصغيرة تطعمها بخليط الأطفال والكبار معا ذلك الذي يدعي ( سيرلاك )، في حين أن خالد الصغير يمسك بطائرة لعبة يتحرك بها هنا وهناك يصيح بحماس طفولي:
- أنا طياار، لما اكبر هبقي طياار، فوووف.

ضحكت بدور تراقب حماس صغيرها نظرت للساعة اقتربت من الثامنة أين حمزة للآن ألم تنتهي صفقتهم الرابحة يوم الاربعاء أين هو لما تأخر، عدة دقائق وسمعت صوت الباب ها هو عاد، اندفع خالد إليه ما أن رآه ليضحك حمزة بخفة يحمله على ذراعه يداعب خصلات شعره يحادثه مبتسما:
- محضرلك حتة مفاجأة يا أستاذ خالد، اطلع مع الدادة هتغيرلك هدومك وانزلي بسرعة.

صفق الصغير بحماس يهرول لأعلي يلحق بمربيته، تملصت سيلا من بين ذراعي بدور تنزل لأسفل تتحرك بخطي متعثرة ناحية حمزة الذي اقترب كثيرا لتصل إليه يحثها أن تقترب إلى أن وصلت اليه حملها بين ذراعيه يقبل وجنتها المنتفخة يردف بحنو:
- حبيبة قلبي يا سيلا.

ابتسمت بدور بدورها تتحرك ناحيته قطبت جبينها تنظر لما يحدث بعض الخادمات يتحركن إلى الخارج، علب حلوي كثيرة تدخل إلى البيت، على طاولة الطعام كعكعة عيد ميلاد كبيرة عليها صورة خالد الصغير والكثير من الحلوي تلتف حولها شهقت بدور متفاجاءة تضع يدها على فمها أدمعت عينيها حين سمعت حمزة يتمتم بحنو:
- النهاردة عيد ميلاد خالد الصغير تم ست سنين ومع بداية الدراسة هقدمله في مدرسة انترناشونال هايلة.

نظرت بدور له متفاجاءة تذكر عيد طفلها والده نفسه لم يكن يذكر يوم ميلاد صغيرهم لم يقيم له حفل واحد منذ ولادته، انهمرت الدموع من عينيها تهمس له ممتنة:
- أنا متشكرة أوي يا حمزة متشكرة اوي أوي على كل اللي بتعمله عشاني أنت والولاد
ابتسم يحرك رأسه اقترب منها خطوتين يمسح بيده دموع عينيها يحادثها مبتسما:
- لحد امتي هفضل اقولك ما ينفعش تشكريني على حاجة بعملها لمراتي، وولادي دا واجبي، حقكوا عليا، ماشي يا بدور.

حركت رأسها بالإيجاب سريعا تنظر له ممتنة في اللحظة التالية صدح صوت خالد الصغير وهو ينزل راكضا على درجات السلم يصيح من سعادته نظرت له بدور لتراه يرتدي حلة طيار صغيرة على مقاسه، حتى تلك اللفتة الصغيرة لم يغفل عنها، الصغير دائما يحلم بأن يصبح طيار فاشتري به حلة طيار في عيد ميلاده، اندفع الصغير يركض ناحية حمزة يعانق ساقه يصيح فرحا:
- أنا بحبك يا بابا، بحبك اووي.

ارجفت الكلمة قلبها فرحة صغيرها كل ما يحدث حقا اسعدها بشكل لا يوصف ها هي تقف على رأس الطاولة جواره بينهما الصغير الذي يقف على أحد المقاعد يغنون معا أغاني عيد الميلاد، عينيها معلقتين بذلك الذي يقف على الجانب الآخر بالقرب منها، لم تندم حين وافقت على الزواج منه لأجل أطفالها ما فعله لأجلها هي وأطفالها حقا لا يكفيه سنوات شكر
اقترب حمزة من الصغير يقبل جبينه يحادثه مبتسما:.

- شايف بدلة الطيار دي، لازم تخليها هدف قدامك، توصل لحلمك، تبقي احسن وأشهر طيار، مدني بقي ولا حربي، أسمع كلامي كويس يا خالد، خليك فاكره، ماشي يا حبيبي
ابتسم الصغير يحرك رأسه بالإيجاب ليبعثر حمزة خصلات شعره يقبل رأسه حان وقت حلوي عيد الميلاد!

عودة إلى منزل مراد، في السمر الجميع هنا يجلسون على الأرائك روحية ومايا ومنيرة سويا، وادهم ومراد، تتحدث النساء عن أحدث وصفات الطعام التي أعدها الشيف الماهر في التلفاز بالأمس في حين يتحدث مراد وادهم في أمور شتي، مبارة كرة القدم، المصارعة الحرة، البورصة، نظر مراد للساعة يحادث أخيه:
- بقولك ايه العشا اذنت بقالها شوية تعالا ننزل نصلي، ونتمشي شوية.

أيد أدهم فكرة أخيه ليتوجهوا لأسفل، ما إن أغلق مراد باب المنزل التفتت روحية لهم تنظر لهما في تردد للحظات تنهدت تهمس مرتبكة:
- ففي حاجة حصلت
توجهت نظرات الفضول والترقب ناحيتها من مايا ومنيرة ابتلعت روحية لعابها الجاف فركت يديها في ارتباك تهمس متوترة:
- اا، اأنا، أنا حامل
شهقت منيرة متفاجاءة سرعان ما شقت ابتسامة واسعة شفتيها لتطلق زغرودة عالية في حين عانقتها مايا تهنئها سعيدة:.

- مبروك يا رورو ألف مبروك، حبيبتي أنتي طيبة وتستاهلي كل حاجة حلوة في الدنيا
لكزت منيرة مايا بمرفقها في ذراعها لتتأوه الأخيرة تنظر لجدة زوجها في حيت امتصت الأخيرة شفتيها تتمتم حانقة:
- وانتي يا موكوسة مش ناوية انتي كمان تستاهلي كل حاجة حلوة في الدنيا...
ضحكت مايا بخفة تمسد ذراعها بكف يدها الآخر، زمت شفتيها ترفع كتفيها تبرئ ذمتها:.

- أدهم مش راضي بيقولي انتي فاضلك سنة وتخلصي ما جاتش على السنة دي، اضربيه هو أنا ماليش دعوة
احتدت عيني منيرة تمسك بخفها المنزلي ستلقن حفيدها الاحمق درسا لن ينساه أبدا ما أن تراه، قامت تمسك بيد مايا تجذبها معها، :
- طب تعالي ننزل شقتي، بت يا روحية، روحي كدة اتشيكي والبسي عباية حلوة عشان لما مراد يجي تقوليله الخبر في وشه على طول.

ابتسمت روحية خجلة تخفض رأسها أرضا جذبت منيرة مايا رغما عنها معها لأسفل لتلوح الأخيرة لروحية قبل أن تغادر قصرا بصحبة جدة زوجها العجوز الوقحة، تريد من احفادها أن يحضروا لها أحفاد ألم تكتفي باحفادها فقط...

على صعيد آخر بعيد كتيرا في القرية السياحية، لازال حسام ينوح يلتف حول نفسه يصيح أن ما يحدث ظلم جائر وأنه يريد زوجته الآن، صاح زيدان به ما أن طفح به الكيل:
- ما تهمد بقي يا حسام صدعتني كفاية ولولة يا إبني جبتلي السكر
وقف حسام أمامه ينظر إليه بأعين حمراء غاضبة ليصيح هو الآخر:
- ما هو اللي أيده في الماية، بقولك إيه أنا هنفجر، أنا عايز مراتي دلوقتي، عايز اخش دنيا يا ناااااااااس.

ضحك زيدان ساخرا ليحاول الاتصال بوالدته مرة أخري اخيرا أجابت ليغمغم متلهفا:
- انتي فين يا ماما بقالي خمس ساعات بحاول اتصل بيكي
تثأبت لينا ناعسة تحاث زيدان بحنو:
- معلش يا حبيبي كنت نايمة والموبايل صامت، خير يا زيزو، أنت كويس يا حبيبي
زفر زيدان أنفاسه في ضيق يحرك رأسه بالنفي كأنها ستراه مثلا يحاول اللعب على أوتار حنان الأم داخلها:.

- لا يا ماما مش كويس خالص عجبك اللي خالي عمله دا، دا شهر عسلنا يا ماما، الواد حسام بدأ يتصرف تصرفات غريبة، أنا خايف يتحرش بيا
صاح حسام حانقا، فاض به الكيل:
- دا هيحصل لو ما رجعتلويش مراتي
توسعت عيني زيدان في ذهول ليقلب حسام عينيه ساخرا يهمس له بأنه فقط يجاريه حتى يؤثرا على لينا، حمحم زيدان يحادث والدته قلقا:
- سامعة يا ماما، ب**** عليكي خلي خالي يرجع لكل واحد مراته بقي.

لحظات صمت قليلة تبعها صوت لينا وهي تغمغم في ثقة:
- حاضر يا حبيبي سيبها عليا، سلام عشان خالك هيخرج من الحمام دلوقتي، الحق أكلمه
اغلق زيدان الخط مع لينا ينظر لحسام يبتسم في ثقة:
- ربع ساعة بالكتير وهتبقي في أوضتك ولينا هتيجيلي
رفع حسام كفيه لأعلي يدعو أن تنجح زوجة والده في إقناع أبيه...

في غرفة خالد ولينا، خرج خالد من المرحاض يجفف خصلات شعره بمنشفة صغيرة ابتسمت لينا في نعومة اقتربت منه ترفع يدها تجفف هي خصلات شعره بالمنشفة الصغيرة، رفع وجهه لها وابتسم في عشق كعادته أبعدت المنشفة بعيدا تطوق رقبته بذراعيها تبتسم له ابتسامة ناعمة تردف بدلال:
- حبيبي خلاص بقي كفاية على حسام وزيدان، رجع لكل واحد مراته، هما عيال وبيلعبوا...

حرك رأسه بالنفي، لتشب على أطراف أصابعها تطبع قبلة صغيرة على وجنته تهمس له متدللة:
- طب وعشان خاطر لينا حبيبتك، ما تنكدش عليهم في شهر العسل يا لودي، يلا بقي عشان خاطري يا حبيبي، و**** ازعل أنا كدة ماليش خاطر عندك
طوقها بذراعيه يقربها منه أكثر ينظر بمقلتيها تنهد يهمس بولة:
- انتي عارفة انتي ليكي خاطر عندي ولا لاء، وعارف أنك بتدلعي عليا عشان خاطر ولاد الكلب دول، بس عشان خاطر عيونك هعملك اللي انتي عيزاه.

ابتسمت سعيدة تعانقه بقوة، حادث الحارسين بأن يبتعدوا عن الغرفة، في حين حادثت لينا زيدان تخبره أن خالد وافق، ليهرع الشابين إلى غرفة حسام تقدم حسام ليدخل فمن فئ الداخل شقيقته وزوجته، اقترب من غرفة النوم ليجد لينا وسارة يناما في هدوء تام وكأن شيئا لم يكن عض على شفتيه يغمغم حانقا:
- نايمين ولا على بالهم واحنا هنتشل هناك.

تقدم ناحية شقيقته يحملها بين ذراعيه وللعجيب لم تستيقظ، ولكنه لم يتعجب فلينا نومها اتقل من حجارة الجبل، تحرك بها ناحية زيدان الذي ينتظره خارجا ليدفعها إليه دون أن ينطق بحرف اغلق الباب في وجهه ليتنهد زيدان حانقا يشتم حسام في نفسه، ابتسم في توسع حين نظر للينا النائمة بين ذراعيه، من الجيد أنها نائمة بملابس السفر والا كان الوضع كارثي الآن، تحرك بها إلى غرفتهم.

في غرفة حسام دخل إلى الغرفة منها إلى غرفة النوم الملحقة بها رأي زوجته أخيرا استيقظت تجلس على الفراش تفرك مقلتيها ناعسة توسعت عينيها تنظر له مدهوشة ما أن رأته تسأله بصوت متحشرج ناعس:
- ايه دا اومال لينا فين.

ارتسمت ابتسامة واسعة عابثة على شفتي حسام دخل إلى الغرفة يغلق الباب خلفه، تقدم من سارة التي تحركت سريعا من الفراش تتوجه ناحية المرحاض تغلق الباب عليها وقف حسام للحظات ينظر لباب المرحاض المغلق ليبتسم في خبث، توجه ناحية باب الغرفة يفتحه يردف بصوت عالي:
- أنا هطلب العشا يا سارة.

اغلق الباب ليتوجه على أطراف أصابعه يقف جوار باب المرحاض مرت عدة لحظات قبل أن تفتح سارة باب المرحاض فيختفي حسام خلفه، اطلت سارة برأسها تبحث عنه لتتنهد بارتياح حين لم تراه، ما كادت تتقدم خطوتين حين شعرت بأحدهم يحتضنها، وصوته العابث يدوي جوار أذنيها:
- مفاجأة مش كدة، بتهربي مني يا سوسو.

تنفست الصعداء للحظات تشير لنفسها ببراءة تحرك رأسها بالنفي كأنها تقول ببراءة شديدة أنا لا أفعل، في حين توسعت ابتسامة حسام يردف ساخرا:
- ايوة ايوة مش انتي خالص يا بريئة، بصي أنا هقولك كلمة واحدة
التفت إليه تنظر له بفضول لتتوسع ابتسامته غمزها بطرف عينيه يغمغم في خبث عابث:
- لسه الإنسان جوا العالم طماع واناني، طماع واناني وشهواني، ايه علاقة الكلام دا باللي احنا فيه مش عارف.

ضحكت سارة عاليا لتشهق متفاجاءة حين حملها بغتة بين ذراعيه يغمغم عابثا:
- عارفة الفرق بين ال DNA وال RNA!

في غرفة لينا وزيدان، توجه زيدان يضع زوجته برفق على الفراش توجه إلى المرحاض يبدل ثيابه، لتفتح لينا عينيها تبتسم في عبث، قامت سريعا تأخذ حقيبة ثيابها إلى الغرفة الاخري، بدلت ثيابها إلى فستان من اللون الاسود اللامع تسدل خصلات شعرها، ها هو العشاء اتي، وضعت ملمع للشفاه تحدد عينيها كل ذلك في لحظات سريعة قبل أن يخرج، إلى مشغل الموسيقي وضعت أسطوانة لاغنية فرنسية يحبها، خرج زيدان من المرحاض ينظر لها وللغرفة مذهولا ينظر لساعة الحائط لم يغب في الحمام سوي خمس عشر دقيقة كيف استطاعت أن تفعل كل ذلك بتلك السرعة، تقدمت لينا ناحيته تبسط كفها إليه تهمس له مبتسمة:.

- ممكن ترقص معايا
ضحك بخفة يشد يدها إليه يقربها منه يتحرك معها على أنغام الموسيقي ينظر لحدقتيها مباشرة يتمتم عابثا:
- الموسيقي اللي بحبها وفستان أسود ومكياج وعشا، لحقتي عملتي كل ده في ربع ساعة يا سوسة
ضحكت بخفة ترفع رأسها لأعلي قليلا في غرور أنثي لتتعالي ضحكاته يرفع يده يبسطها على وجنتها ابتسم يهمس لها سعيدا:.

- عارفة يا لينا لما بشوفك بتتصرفي بحرية بانطلاق كدة بفرح أوي، بجد بفرح بحيوتك وروحك المتمردة بفرح بتلقائيتك وجنانك، أحسن ألف مرة من الصندوق بتاع زمان، عاملة زي الطير الشارد مالوش دعوة بالسرب بيطير على راحته، بيرجع يفرد جناحه على صدري، عشه جوا قلبي...

توسعت ابتسامتها تنظر له في عشق يمتزج بامتنان لتترك يديه تلتف حول نفسها أمامه يتطاير حولها فستانها الاسود يتناغم مع حركاتها تتعالي ضحكاتها السعيدة في حين ينظر هو لها يبتسم دقات قلبه تتضارب تصرخ بعشقها.

الفصل مئة وواحد وثلاثون والأخير

عشق، كلمة من ثلاثة أحرف، كل حرف منهم كقيد يسلب الروح يقيد الجسد يسري في الدماء كالمخدر لتعش أبد الدهر مجذوب للعشق
فالعين...
عين القلب التي تري دون عينين تعرف الحبيب دون رؤياه
والشين
هو شق الروح الآخر الذي يصل بك للكمال
والقاف...
قيثارة الروح تعزق أنغام القلب، أنغام لا يعرفها سوي قلب عاشق متيم، أنغام تسحر الروح تسلب العقل، تقيد القلب باغلال العشق السرمدي إلى لا نهاية الجنون.

في الحارة، بعد سهرة طويلة قضاها الأشقاء على أحدي القهاوي الشعبية يشاهدان أحد مباريات كرة القدم الإنجليزية، تحرك مراد بصحبة أدهم إلى حيث منزل جدتهم العجوز، يصعدان لأعلي تسبقهم ضحكاتهم العالية وقف أدهم أمام منزل جدته التفت لأخيه يحادثه ضاحكا:
- يلا يا عم تصبح على خير.

التفت ليدخل للمنزل حين شعر بيد مراد توضع على كتفه برفق، التفت برأسه أخيه تلك المرة ينظر لأخيه يبتسم يسأله بعينيه عما يريد، ليري ابتسامة صغيرة ممتنة تتكون على شفتي مراد، امسك بكتف أدهم يدير جسده إليه علت الدهشة قسمات وجه أدهم، حين احتضن مراد وجهه بين كفيه ينظر له يبتسم لحظات صمت غير مفهومة على الاطلاق قبل أن يسمع صوت أخيه يهمس:.

- كنت عايز اقولك كلمتين بقالي مدة، لما عرفت أن أنا عندي أخ اتضايقت، حقيقي اتضايقت أوي، بس في حاجة جوايا كدة كانت سعيدة، لما جيت وشوفتك صحيح كنت متضايق منك ومش طايقك بس ما كنتش كارهك، كنت كاره أنك شايف نفسك أحسن مني
تنهد للحظات لتضطرب حدقتيه يتحاشي النظر لأخيه بلع لعابه الجاف يهمس متوترا:
- أنا كنت بكره أي حد أحسن مني، بس مش دا اللي أنا عاوز اقولهولك.

رفع وجهه ينظر لوجه أخيه علا ثغره ابتسامة واسعة يردف ضاحكا:
- ساعات كان بيبقي هاين عليا أكسر عضمك كنت مستفز أوي يا أدهم، وكل شوية أنا تربية حمزة السويسي، أنا تربية حمزة السويسي...
اختفت ضحكاته فقط إبتسامة صغيرة بقيت على ثغره حين اردف متنهدا:.

- يمكن لو كنت أنا كمان اتربيت وسط عيلة ما كنتش بقيت أسوء من الشيطان لما كبرت، بس الحمد *** هو نصيب و**** بيدي كل واحد فرصة تانية، انا ما كنتش هاخد فرصتي التانية، لولا وجودك يا أدهم، لولا أنك خليت جاسر يخرجني من السجن، أنا عارف إن جاسر كان مستحيل يعمل كدة لولا وجودك، أنا بس كنت عايز اقولك أنا حقيقي مبسوط لوجودك في حياتي، يمكن دي الحاجة الوحيدة العدلة اللي عملها أبوك، شكرا يا أدهم شكرا لكل اللي عملته عشاني.

لم تدمع عيني أدهم بل انهمرت دموعه دفعه واحدة يحضتن أخيه بقوة يلقي بنفسه بين ذراعيه كما يلقي الطفل بنفسه بين ذراعي والده، انتحب يردف من بين شهقاته:
- أنا اللي متشكر لوجودك في حياتي يا مراد ما حدش فينا ملاك يا أخويا، كلنا بنعمل مصايب، أنا نفسي عملت بلاوي والحمد *** فوقت وبعدت عن كل القرف اللي كنت بعمله، **** يخليك ليا يا اخويا وما يحرمني منك أبدا.

شدد مراد على عناق أدهم للحظات قبل أن يبعده عنه ربت على وجهه بخفة يحادثه مبتسما:
- اعمل حسابك اننا هنتلم اللمة دي كل جمعة هنخليها عادة لولادنا بعد كدة ماشي يا أدهم.

ابتسم أدهم يحرك رأسه بالإيجاب سريعا يحتضن أخيه يودعه وقف ينظر له وهو يصعد إلى شقته ليبتسم تحرك ناحية باب الشقة يدس يده في جيب سرواله أخرج المفتاح يفتح به قفل الباب، دخل ليجد منيرة تجلس على اريكتها المفضلة في الصالة تشاهد أحد المسلسلات العربية القديمة، ابتسم ينظر لها يغمغم في مرح:
- ايه دا عبد الغفور البرعي أنا نقطة ضعفي فرح سنية هو جه ولا لسه.

ضحكت منيرة رغما عنها قبل أن تخفي ضحكاتها ترتدي قناع القسوة اشار له يقترب منها، ليتحرك جلس جوارها يبحث بعينيه عن زوجته:
- ايه دا اومال مايا فين
تأوه فجاءة متألما حين شعر بيد جدته تقبض على إذنه بعنف تحادثه حانقة:
- مايا بتكلم أبوها يا حبيب ستك، بقي يا حيوان أنت اللي قايل للبت ما فيش خلفة غير بعد ما تخلص كليتها دا أنا هنسل شبشي على جتتك.

انتزع نفسا ينتفض بعيدا، وقف أمام جدته يمسد إذنه براحة يده ضحك رغما عنه يتمتم من بين ضحكاته:.

- اهدي بس يا جدتي، وبعدين فيها اي يعني لما نأجل الخلفة شوية عشان مصلحة مايا ومصلحة الطفل، مايا مولودة في بوقها دهب لسه مش متعودة انها تشيل مسؤولية، أنا عارف أنها بتحاول تبقي زوجة وتدير مسؤولية البيت لوحدها، بس يبقي حرام عليا اما اشيلها جنب مسؤولية البيت والدراسة مسؤولية *** صغير، كفاية عليها دلوقتي لحد ما تخلص دراستها ووعد عليا اصدرلك كل تسع شهور عيل.

ابتسمت منيرة تنظر لحفيدها مفتخرة بطريقة تفكيره لم يبدي رغباته الشخصية على حساب زوجته على عكس الكثير من الرجال تفعل، سرعان ما اخفت ابتسامتها مصت شفتيها تتمتم ساخرة:
- اما نشوف يا موكوس
ضحك أدهم بخفة اقترب يقبل جبين جدته لتربت على شعره بحنو يهمس لها:
- **** يخليكي لينا ولا يحرمنا من حنيتك
ابتسمت منيرة تعانقه للحظات قبل أن تدفعه بعيدا عنها بخفة تمسح دموعها سريعا قبل أن يراها تغمغم عابسة:.

- ايوة كل بعقلي حلاوة يا ابن وحيد، يلا خش نام تصبح على خير يا حبيبي
قبل جبينها ويديها يبتسم لها، تحرك ناحية غرفة نومه دق بابها لتصيح منيرة فيه مغتاظة:
- بتخبط على الباب قبل ما تخش على مراتك يا أهبل.

ما إن التفت لها وجد أحدي فردتي خفها تطير ناحيته لتلتصق في وجهه مباشرة، زم شفتيه يمسد وجهه متألما، اعاد الخف لجدته ليهرول سريعا ناحية غرفته يختبئ خلف بابها قبل أن تطير فردة الخف الأخري إليه، دخل إلى الغرفة يضحك على حدث، ليتفاجئ حين رأي مايا تندفع إليه تعانقه بقوة لاحت ابتسامة عاشقة على شفتيه يشدد على احتضانها حين سمعها تهمس له:
- أنا بحبك أوي يا أدهم حقيقي بحبك أوي.

ابتسم يرفع وجهها ليقابل عينيها رأي بريق دموعها يتلألأ في حدقتيها ليقطب ما بين حاجييه يسألها قلقا:
- أنتي عارفة أنا بحبك قد ايه، انتي كويسة مالك
ابتسمت بخفة ترفع كفيها تمسح دموعها العالقة بمقلتيها تحرك رأسها بالإيجاب تنهدت تريح رأسها على صدره من جديد تهمس في سعادة:
- أنا سمعت الكلام اللي قولته لجدتك، وحقيقي مش متخيل أنا شيفاك ازاي دلوقتي، إنت أحسن راجل في الدنيا يا أدهم.

ضحك بخفة يبعثر خصلات شعرها تنهد بارتياح يعاود ضمها بين ذراعيه:
- يا شيخة خضتيني، وبعدين أنا مش أحسن راجل في الدنيا ولا حاجة، أنا متجوز احلي بنوتة في الدنيا...
رفعت وجهها عن صدره ثبتت مقلتيها على حدقتيه تبتسم في توسع تنهدت بنعومة تسأله:
- أنت حبتني امتي يا أدهم.

لاحت ابتسامة حنين على شفتيه وكأنه يتذكر متي دق قلبه لها للمرة الأولى، عاد ينظر إليها امسك بيدها يجذبها معه إلى الفراش جلس واجلسها جواره، رفع كتفيه لأعلي كأنه يقول لها لا أعلم:.

- مش عارف صدقيني، كل اللي أنا كنت عارفة أنك مش أختي، أنا كنت كبير لما بابا اتبناني، كنت عارف إن دا مش والدي وإن أنتي مش أختي، كان دايما كلام بابا، أدهم خلي بالك من اختك، اتعودت من وأنا صغير أني أخلي بالك منك يوم عن يوم كنتي بتكبري أكتر، وبدأ شعوري يتغير من مجرد حماية لدقات غريبة كدة مش فاهمها، مسؤولية خوف حماية غيرة شوق لو بعدتي دقايق كل دا مالوش معني تاني غير الحب، أنا غلطت أنا عارف، وبحمد **** دايما أني ما اذتكيش، ما كنتش هسامح نفسي أبدا يا مايا لو كنت أنا اللي اذيتك...

ما ان أنهى كلامه اندفعت تعانقه بعنف ليسقط على ظهره لتتعالى ضحكاته يضمها لأحضانه أكثر فأكثر رفع وجهها ينظر لمقلتيها يسألها بصوت خفيض نادم:
- أنتي كرهيتيني يا مايا، يعني بسبب اللي كنت عايز اعمله كرهتيني حتى لو دقايق
ابتسمت له تحرك رأسها بالنفي دون تردد مدت يدها تداعب لحيته النامية:.

- أنا عمري ما كرهتك يا أدهم آه كنت زعلانة منك جداا، بسبب اللي كنت عاوز تعمله، على قد ما حقيقي كنت فرحانة، انك بتحبني وما قدرتش تأذيني...
نظر لمقلتيها يردف فجاءة دون مقدمات:
- وإن كنت اذيتك يا مايا كنتي ممكن تسامحيني
وعكس ما توقع ردود كثيرة إلا انها ضحكت بخفة تحرك رأسها بالنفي تردف من بين ضحكاتها:
- ما كنش هينفع أصلا، كان زمان بابا عملك شاروما يا قلبي.

حمحم في حرج لحظات قبل أن ينفجر ضاحكا هو الآخر يحرك رأسه بالإيجاب حمزة لم يكن سيتواني عن تعذيبه حيا وتشريح جثته ميتا أن كان مس ابنته بسوء، اختفت ضحكاته شيئا فشئ إلا أن باتت ابتسامة كبيرة تزين شفتيه امسك يمناها يشبك أصابعها بأصابعه تنهد يهمس لها مبتسما:
- رغم كل العذاب اللي مرينا بيه عشان نتجمع، إلا اني بمجرد ما بصحي من النوم اشوفك نايمة جنبي، بحس إن أنا أسعد راجل في الدنيا.

تلألأت الدموع في حدقتيها حين دفنت رأسها في صدره تخبره كم تحبه، في حين ابتسم هو عابثا يهمس لها:
- بقولك ايه ما تيجي في التابوت ونجيب حتشبسوت عشان منيرة ما تديناش بالشبشب
ضحكت لتتعالي ضحكاته المرحة ويده تسلل بخفة إلى زر الإضاءة!

صعد مراد إلى شقته يدندن بلحن أغنية قديمة
حين دخل وقف مكانه ينظر لتلك الشمعات التي تضئ الطاولة تأخذ شكل غريب، ليقطب ما بين حاحبيه يهمس في نفسه قلقا:
- هي روحية بتحضر أرواح ولا ايه.

تحرك ناحية الشموع، ليجد شئ أبيض صغير يظهر من بينهم مد يده يلتقطه يرفعه أمام عينيه ينظر بتمعن إلى سطح شاشته لتتوسع عينيه في ذهول، دهشة، فرحة جمدت جسده تحرك برأسه هنا وهناك يبحث عن روحية يظن فقط أنها مزحة، حين سمع صوت أحد أبواب الغرف يُفتح رآها تخرج، ترتدي فستان بيتي بسيط رقيق من اللون الوردي شعرها الأسود الطويل يسترسل بسلاسة حرا طليقا، لأول مرة يراها تضع تلك الأشياء الملونة في وجهها، جر ساقيه إليها جرا يقبض على ذلك في يده حين اقترب منها رفعه أمام وجهها يحرك رأسه بالإيجاب يسألها متلهفا:.

- البتاع دا صح يا روحية مش مقلب صح، أنتي حامل بجد.

توردت وجنتيها خجلا انخفضت برأسها على استحياء تحركها بالإيجاب، لتشهق خجلة حين عانقها بقوة للحظات فقط قبل أن يركض إلى المرحاض!، توسعت عينيها في دهشة لما ركض إلى المرحاض هل يعقل أنه يبكي بالداخل، لحظات أخري ورأته يهرول إلى غرفتهم افترش سجادة الصلاة يصلي شكرا *** ما أن سجد أرضا انفجر باكيا يستغفر يشكر **** على فضله، من أنعم عليه من حال إلى حال وشتان بينهما، انهي صلاته يرفع وجهها لها يبتسم وتهبط دموعه تحرك إليها وقف أمامها يحتضن وجهها بين كفيه مال برأسه يلثم جبينها بقبلة طويلة، ابتعد ينظر لها وهي لا تحيد بملقتيها عنه رأت نظراته تضطرب قلقا قبل أن يهمس لها بكلمة واحدة:.

- ملك يا روحية
لتفهم قلقه هو خائف من أن تفرق في المعاملة بين ابنته وابنتها او ابنها القادم، حركت رأسها بالنفي تعاتبه سريعا:
- اوعي تفكر في يوم يا مراد أني ممكن افرق بينها وبين المولود اللي جاي، ملك بنتي العوض اللي **** بعته ليا عشان يكون سلوي ليا في عز وجعي، و**** يا مراد أنا بحس بيها لو جعانة او فرحانة زي ما تكون من دمي، أنا عمري ما هفرق بينهم أبدا.

زفر أنفاسه بارتياح ليضمها إليه يسحبها لصدره يلفها بذراعيه ابتسم يهمس سعيدا:
- ريحتي قلبي، مبروك يا روحية مبروك يا انقي واجمل واحلي ست في الدنيا، أنا **** راضي عني أنه رزقني بيكي
شردت عينيه لتخرج من بين شفتيه ضحكة عالية جعلتها تبتعد عن أحضانه تسأله في عجب:
- بتضحك على إيه
عاد يضحك من جديد حتى أدمعت عينيه نظر لها يردف من بين ضحكاته:.

- افتكرت أول مرة شوفتك فيها في الفرن، كان أقوى قصف جبهة اتعرضتله في حياتي يا روحية، لسه بدور على بقايا جبهتي من ساعتها
ضحكت هي الأخري عاليا تحرك رأسها بالإيجاب تتمتم متشفية:
- أحسن تستاهل عشان كنت رخم أوي وقليل الأدب
تجهمت قسمات وجهه فجاءة شمر عن ساعديه لتتوتر نظراته اختفت ضحكاتها تنظر به قلقة في حين أشهر هو سبابته أمام وجهها يتمتم حانقا:.

- لاء لو سمحتي ما اسمحلكيش، أنا قليل الأدب مش رخم، ما حدش قال عني رخم قبل كدة
تنفست الصعداء ظنت أنه غضب حقا تحركت ناحية باب الغرفة بهدوء امسكت بالمقبض قبل أن تخرج التفتت له تهمس باسمه حين نظر إليها ابتسمت في عبث تخرج له طرف لسانها:
- يا رخم يا رخم، طب يا رخم يا رخم يا رخم يا رخم
قالتها ضاحكة لتهرول للخارج في حين تعالت ضحكاته تحرك يهرول خلفها يصيح حانقا كطفل صغير:.

- روووحية خدي هنا، هو مين دا اللي رخم، استني يا بت، أنا اللي غلطان عشان سمعت كلام الاستاذة بتاعت دلع البنوتة دلع هاتلها اللي في قلبك كرع!
تقلصت ملامحها وقف في منتصف الصالة تنظر
له باشمئزاز تتمتم بقرف:
- ايه القرف دا يا مراد، اكيد ما حدش قال كدة خالص
شهقت متفاجئة حين رأته أمامها يحملها بين ذراعيه بخفة المخادع كان يخدعها لتتوقف وقد نال منها كورت قبضتها تضربه على صدره تهمس له حانقة:.

- عشان تصدقني أنك رخم وقليل الأدب
تعالت ضحكاته وهو يتحرك إلى غرفتهم يردفف يصحح جملتها:
- قولتلك أنا قليل الأدب بس مش رخم..
آخر ما قاله قبل أن يختفي بها خلف باب غرفتهم يصفع الباب في وجوه الجميع!

على صعيد الثالثة ليلا الجميع نيام في ذلك الوقت، في غرفة حسام وسارة، تملمت الأخيرة في نومها، بالكاد فتحت مقلتيها يغلبها النعاس بشدة، صوت خفيض يقرأ القرآن تسمعه بين الوعي واللاوعي يتسلل إلى رأسها فتحت مقلتيها تلك المرة تنفض النوم، انتصفت جالسة تبحث عن مصدر الصوت لا أحد حتى حسام لم يكن في الغرفة قامت من مكانها تتحرك لخارج غرفتهم رأت حسام يقف هناك يفترش سجادة الصلاة يصلي، نظرت للساعة الثالثة ليلا، الفجر لم يؤذن بعد، جلست على أحد المقاعد تنتظره إلى أن ينتهي، مرت عدة دقائق قبل أن يفرغ من صلاته التفت لها يبتسم في اتساع لتظهر غمازتي وجهه في حين ابتسمت هي خجلة تهمس له بصوت مرتبك:.

- تقبل ****
قامت يطوي سجادة الصلاة يضعها جانبا جلس مجاورا لها يغمغم مبتسما:
- منا ومنكم، أنتي ايه اللي مصحيكي دلوقتي، دلوقتي اقولك مسائية مباركة بما أن الصبح لسه ما طلعش
ابتسمت على استحياء احمرت وجنتيها خجلا، تفرك كفيها بتوتر، حمحمت مرتبكة تزيح خصلاتها خلف أذنيها تهمس له بتلعثم:.

- اا، أنا، صصحيت على صوتك وأنت بتقرا قرآن حقيقي صوتك مميز وحلو أوي، أنا ما كنتش أعرف أنك بتصلي، قصدي يعني ما شوفتكش قبل كدة بتصلي
ضحك بخفة يلف ذراعه حول كتفيها يقربه منه أكثر يردف ضاحكا:
- أنتي لحقتي تشوفيني، وبعدين حد قالك أن أنا من كفار قريش أنا الحمد *** بصلي دايما، بقولك ايه تيجي ننزل نتمشي على البحر
توسعت عينيها في دهشة ابتسمت تتمتم في ذهول:
- هو ينفع عادي.

ضحك عاليا يقرص مقدمة أنفها بخفة يردف مبتسما:
- أكيد ينفع، احنا مش عرسان وفي شهر العسل نعمل اللي احنا عايزينه يلا قومي البسي.

ابتسمت في حماس لتهرول إلى الغرفة تبدل ثيابها في حين اكتفي هو بتدبيل سرواله المنزلي بآخر من خامة الجينز، وبقي بال«تيشرت» الأسود، خرجت له بعد عدة دقائق تتهادي بفستان من اللون الكشمير الهادئ وحجاب أبيض وحقيبة صغيرة، أمسك بيدها يتحركان للخارج لشاطئ البحر يسيران متجاورين تتشابك أصابعه بأصابعها اشار لها إلى بقعة فارغة يحادثها مبتسما:
- تعالي نقعد.

جلست جواره على الرمال ليضع رأسها على كتفه ابتسمت في هدوء تشعر بهواء البحر المحمل برائحته المميزة يضرب جسدها، يداعب وجهها لحظات الصمت الهادئة لم يقطعها سوي جملته حين قال:
- سارة عايز اسألك في سؤال
ضحكت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب تنتظر أن تسمع سؤاله العجيب والذي بالتأكيد سيكون أكثر من مضحك ولكنه لم يكن ذلك تماما، تجمدت ابتسامتها شحب وجهها حين سألتها بهدوء تام:
- ليه عملت نفسك نايمة يوم فرحنا!

شخصت حدقتيها مدهوشة لتبتعد برأسها عن كتفه تنظر له مصدومة تتمتم:
- أنت عرفت إزاي
كان رده ضحكة عالية التفت بجسده ليصبح مقابلا لها يغمغم لها ضاحكا:
- احلي حاجة فيكي يا سارة أنك صريحة حتى ما حاولتيش تكذبي، بتعترفي من قبل القلم
لم تضحك فقط ظلت تنظر له مصدومة عينيه متسعة ابتسم هو في رفق يقرص وجنتها بخفة:.

- أنتي ناسية أن أنا دكتور، حتى لو مش دكتور، اي حد ممكن يلاحظ أن نفسك ما كنش منتظم وانتي نايمة، دقات قلبك لما قربت مسكت إيدك كانت سريعة عن العادي، وايدك متلجة، ممكن اعرف ليه عملتي نفسك نايمة، أنا عديتها وما رضتش اضايقك بس اعتقد من حقي أعرف
اخفضت رأسها تنظر للرمال أرضا بلعت لعابها الجاف تهمس بصوت خفيض متوتر حزين:.

- أنا كنت متضايقة منك، عشان زعقلتي يوم فرحي قدام الناس، ما راعتش أبدا أن دي ماما وأنا اكيد هبقي قلقانة عليها، ورفضت اني اروح معاكوا لاء وكمان زعقتلي قدام كل اللي واقفين، فقولت و**** لانكد عليك زي ما نكدت عليا
توسعت عينيه مع جملتها الأخيرة لينفجر في الضحك بعدها بلحظات، جميع من في هذه العائلة مصاب بانفصام يكاد يقسم بذلك، رفع وجهها عن الأرض ينظر لحدقتيها يبتسم في هدوء:.

- ولو أني مش غلطان بس أنا آسف اني زعقتلك، كنتي هتيجي معايا ازاي يا سارة المستشفي بفستان فرحك، ما كنش منطقي أبدا، أني اسمحلك تيجي معايا، لما زعقت، زعقت من الموقف اللي كنا فيه، خلينا نتفق على قاعدة نمشي عليها في حياتنا يا سارة
نظرت له باهتمان تنتظر ما سيقول ليبتسم يردف في هدوء:.

- ما حدش فينا يخبي على التاني اي حاجة مضيقاه، سواء من الطرف التاني او من الحياة عموما، أنا بحب فيكي صراحتك في العموم يا سارة، ما تخبيش عليا أنا، ما تخبيش عليا حاجة يا سارة وتقرري تتصرفي من دماغك على أنه عقاب ليا عشان المرة الجاية هيبقي ليا رد فعل مختلف
قطبت ما بين حاجبيها تنظر له قلقة ماذا يقصد برد فعل مختلف، هل سيضربها؟!، لم يستطع لسانها أن يُخفي سؤال تبادر إلى ذهنها:
- هتضربني يعني؟!

ضحك حسام عاليا يحرك رأسه يآسا يتمتم ساخرا:
- نبطل فرجة على أفلام وقراية روايات هابطة، اولا أنا دكتور، أنا بقول أنا دكتور في كل جملة عادي المهندس مش أحسن مني، ما فيش دكتور بيضرب يا ماما، ثانيا ودا الأهم أنا ما اتربتش على اني أمد ايدي على واحدة ست أبدا، اقوم أمد ايدي على مراتي.

ابتسمت في حبور رده الهادئ ازال توترها بالكامل من جملته السابقة ولكن بقي السؤال يدور في حلقات عقلها، ماذا يقصد برد فعل مختلف، ويبدو أن حسام فهم فيما تفكر ابتسم يردف في هدوء:.

- التجاهل يا سارة، صدقيني التجاهل أسوء شعور ممكن يمر على واحدة ست، أنا عارف الستات كويس، دا أنا عايش بينهم بقالي سنين، التجاهل اللي يحولها من بطلة الفيلم لكومبارس صامت ما حدش بيبص عليه، المرة الجاية اللي هتقرري فيها من نفسك أنك تخبي عليا حاجة او تعملي اللي عملتيه دا تاني، هخليكي تلفي حوالين نفسك عشان اكلمك كلمة واحدة.

ضيقت عينيها تنظر له حانقة الماكر يعرف كيف يضايقها حقا بهدوء الخبيث، ابتسمت في اصفرار تحرك رأسها بالإيجاب ليشبك يده في يدها يحادثها مبتسما:
- تعالي يلا نشوف مطعم فاتح دلوقتي اكاد من فرط الجوع أذوب.

ضحكت بخفة توافقه الرأي تشعر بالجوع حقا هي الأخري، تحركا سويا إلى أقرب مطعم، دفع الباب الزجاج ليدخلا سويا، نظر النادل لهما في اندهاش نادرا ما يأتي أحد الآن لتناول الطعام، تحرك ناحيتهم التقط حسام منه قائمة الطعام يطلب له ولسارة الطعام، حين رحل النادل، نظر حسام لسارة يخرج من جيب سرواله علبة زرقاء صغيرة مخملية اللون، فتحها يخرج منها خاتم له ماسة زرقاء صغيرة مد يده يجذب كف يدها يلبسها الخاتم برفق، قبل كف يدها يردف مبتسما:.

- عادة عند ذكور عيلة السويسي تقريبا اللي اخترعها الحج، الخاتم اللي ماسة زرقا، دا ذوق الدكتورة لينا **** يكون عجبك
نظرت للخاتم في يدها يغزو شفتيها ابتسامة كبيرة سعيدة حركت رأسها بالإيجاب تهمس في سعادة:
- حلو أوي يا حسام بجد جميل حقيقي، بس هو أنت ليه بتقول لطنط لينا، دكتورة لينا ليه مش بتقولها يا ماما.

تقلصت ابتسامة حسام شيئا فشئ إلى أن باتت صغيرة باهتة للحظات شعرت أنها رأت دموع تتجمع في ملقتيه اختنق صوته يردف:
- واقولها يا ماما، هي مش أمي، هي مرات أبويا، والدتي **** يرحمها كان أجمل واحن ست في الدنيا، ما فيش اي واحدة تانية تقدر تاخد مكانها في قلبي، آه مرات أبويا حنينة وطيبة في معاملتها، بس عمرها ابدا ما هتبقي مكان أمي.

اضطربت حدقتيها حزنا مدت يدها سريعا تمسك بكف يده تضغط عليه بخفة رفع عينيه ينظر لمقلتيها لتهمس له معتذرة:
- حسام أنا آسفة لو كلامك زعلك و**** ما كانش قصدي
امسك كفها يلثمه بقبلة صغيرة ابتسم يحرك رأسه بالنفي رفع يده يزيح نظاراته الطبية يسمح تلك الدموع التي تجمعت في مقلتيه، حين آتي النادل بالطعام، توسعت عيني سارة باندهاش تصيح فيه:
- ايه كل الأكل دا يا حسام...
ضحك بخفة يشمر عن ساعديه يتمتم ضاحكا:.

- عشا العرايس يا قلب حسام، يلا مدي ايدك.

قام من مكانه يحمل المقعد الخاص به يتحرك ليجلس جوارها يلصق مقعده بمقعدها، يمزق أحدي قطع الدجاج يدسها في فمها واخري في فمه يحشي فمها حتى بدأت تموء من كثرة الطعام عاجزة عن الكلام التفت لها برأسه لينفجر ضاحكا، اخرج هاتفه سريعا يلتقط لها صورة بفمها المنتفخ، بصعوبة بلعت ما في فمها حين أرادت أن تصرخ فيه وجدت قطع الدجاج تملئ فمها من جديد نظرت له تكاد تبكي في حين لا يتوقف هو عن الضحك، داخل المطعم ضحكاته لا نهاية لها.

حين بدأ الفجر يسطع بنوره على المكان على شاطئ البحر نسيم الفجر العليل، تقف أمام شاطئ البحر تتطاير خصلات شعرها خلفها تنسجم مع الهواء كأنهما جزء من كل، كل منهما يكمل الآخر، لاحت ابتسامة راضية هادئة على شفتيها، تشعر بروحها حرة جسدها طليق، انكسرت كل قيود الماضي، لتقيد نفسها بملئ إرادتها بقيود العشق الحر، قيود خاصة تلف القلب تطير بالروح لأعلي حين لا حدود لا قيود، الآن هي شخصية مختلفة تماما عن سابقتها كسرت قيد الخوف من الشيطان وارتدت قيد العشق للحبيب، توسعت ابتسامتها حين شعرت بشطر روحها الآخر يقترب منها يلحم جسده بها حين عانقها يضم ظهرها لصدره يحاوطها بذراعيه، نظرت ليده التي تحاوط بطنها لتتوسع ابتسامتها أكثر هل يا تري علم، هل يشعر بطفله الصغير، هنا ينبت، سمعت همسه العاشق جوار اذنيها:.

- قلقتيني، صحيت ما لقتكيش...
لفت رأسها تنظر لقسمات وجهه تتفرس النظر إليها وضعت يدها على يده كأنها تخبر الصغير انظر هذا والدك وهو أكثر شخص حنون ورائع في الدنيا، تسارعت دقات قلبها حان الوقت لتخبره بما تخفيه، شبت على أطراف أصابعها قليلا لتقترب من أذنه تهمس له بصوت خفيض ناعم:
- أنا حامل.

ابتعدت ببطئ تنظر لردة فعله لتلوح على شفتيها ابتسامة صغيرة حين رأت عينيه الشاخصة في دهشة قسمات وجهه التي تصرخ تعبر عن صدمته، تحرك برأسه ناحيتها في لحظة ينظر لها لتبتسم دمعت عينيها تحرك رأسها بالإيجاب تحركت يديه على بطنها يتمتم متلعثما مذهولا:
- حح ححامل بجد، يعني ههنا، ابني هنا، انتي حامل بجد، بجد يا لينا.

انزلقت الدموع من مقلتيها تحرك رأسها بالإيجاب مرة تليها أخري وأخري وأخري تؤكد له ما تقول، قطب ما بين حاجبيه يردف مندهشا:
- ازاي من اسبوعين بس كنتي بتعيطي عشان ما فيش حمل
ضحكت بخفة تحرك رأسها بالإيجاب التفتت له بجسدها تلف ذراعيها حول عنقه تردف مبتسمة:.

- ايوة فاكر، بصراحة خوفت ليكون حصلي مشكلة بعد الاجهاض، استنيت كام يوم وروحت أكشف عند دكتورة نسا، عملتلي تحليل دم، لقيتها بتقولي أنتي حامل، استغربت وقولتلها إزاي الاختبار كان سالبي، قالتلي أن الاختبار دي ساعات بتغلط وإن تحليل الدم هو الفايصل
- ليه خبيتي عليا من وقتها ليه ما قولتيش، تمتم بها مدهوشا ينظر لها معاتبا رفعت كفها تبسطها على وجنته برفق نظرت لحدقتيه تهمس بنعومة مبتسمة:.

- كنت عايزة اعمهالك مفاجأة، مبسوط؟
- مبسوط
كرر كلمتها بنبرة رخيمة مرتجفة قبل أن تدفع عينيه الدموع تهبط على وجهه بعنف انتشل جسدها بعنف يضمها لاحضانه يعتصرها داخل صدره سمعته يتأوه من عنف مشاعره، يديه تحاوطها بشدة وكأنها تريد إخفائها داخله، تلاشي بين يديه لتنبت من جديد بين روحه ودمه، أغرقت الدموع وجهه يتمتم بحرقة قلبه المشتعل من السعادة:.

- مبسوط نقطة في بحر ما توصفش سعادتي، عمري ما تخيلت أن الدنيا ممكن تضحكلي بعد كل اللي مريت بيه، دلوقتي أنتي حامل يا لينا...
خرجت من بين شفتيه صيحة عالية لم يستطع اخفائها ليحملها بين ذراعيه يلتف بها حول نفسه يصرخ من سعادته في حين تعلقت هي بعنقه بقوة تتعالي ضحكاتها.

في غرفة لينا وخالد، اغلقت لينا الخط مع ابنتها تسمح دموعها المتساقطة من شدة سعادتها ابنتها حامل، أخيرا السعادة عرفت طريقها لابنتها بعد طول عذاب، ستصبح جدة قريبا، يكاد قلبها يطير فرحا لسعادة ابنتها، تقدمت سريعا ناحية فراش خالد جلست جواره تهز جسده برفق تحاول إيقاظه:
- خالد، خالد، اصحي يا حبيبي
همهم ناعسا ليوليها ظهره جذب الغطاء يختفي خلفه يتمتم ناعسا:
- الصبح يا حبيبتي الصبح هعملك اللي أنتي عيزاه.

ضحكت بخفة لتمد يدها تزيح الغطاء عن وجهه مسدت خصلات شعره بأصابعها برفق اقتربت من رأسه تهمس جوار أذنيه:
- اصحي يا خالد لينا بنتك حامل
ما إن انهت جملتها فتح عينيه على اتساعهما هب جالسا ينظر لها محتدا ليصيح غاضبا:
- بنت الكلب بتستغفلني أنا هقتلها، الناس يقولوا عليا ايييه بنتي وطت راسي في الأرض
نظرت له مدهوشة في حين تسمر هو مكانه فجاءة يمسح وجهه بكفيه تنهد يهمس بارتياح:.

- دي متجوزة صحيح، حرام عليكي يا بنتي صرعتيني
نظرت لينا له للحظات مدهوشة قبل أن تنفجر في الضحك، عاد هو يجلس على الفراش اقترب يقرص وجنتها بخفة يتمتم حانقا:
- بتضحكي عليا يا اوزعة في حد يصحي حد من النوم كدة، قوم بنتك حامل، عايزة تجبيلي القلب يا ولية
عادت تضحك من جديد حتى أدمعت عينيها من الضحك في حين ينظر هو لضحكاتها يبتسم، لاحظت نظراته لتتوقف عن الضحك تنظر له تسأله مبتسمة:.

- بتصبلي كدة ليه، وبعدين ما قولتش اي حاجة ليه على خبر حمل لينا
توسعت ابتسامته يزيح خصلاتها المتدلية خلف أذنيها يتمتم بهمس سعيد:
- أكيد مبسوط وسعيد جداا، مبروك يا لوليتا هتبقي أحلي تيتا في الدنيا دي كلها
ضحكت عاليا تحرك رأسها يآسة يري سعادته من خلالها هي فَرِح بخبر حمل ابنته لأنه ستصبح جدة، احتضنت وجهه بين كفيها تنظر لمقلتيه تهمس بخفوت حاني:.

- يعني أنت مبسوط عشان أنا هبقي تيتا، كلامك مجنون زيك يا حبيبي
شعر هو في تلك اللحظة أنه في حاجة ماسة ليفيض لسانه بكلمات الغزل قبل يدها التي تحتضن وجهه يهمس بصوت خفيض حاني عاشق:
- معكي يبدأ الكلام، وبكي تنتهي، والسعادة من غير ضحكاتك لا تكون..
فرحتي بحمل لينا الضعف عشان هي بنتي ومن دمي وعشان فرحتك وانتي فرحتك هي أكبر سعادة ممكن تحصلي.

جذبته إليها ليضحك بخفة يرتمي بين أحضانها يطوقها بذراعيه يختبئ كل منهما في روح الآخر.

في دوامة العشق لا الأحبار تكفي ولا الأوراق تُشبع ولا الكلمات وحدها تعبر عن فيضان يُغرق القلوب، يسلب العقول، يسحر الألباب، العاقل هنا هو المجذوب
سحر خاص جمع زرقة السماء الصافية بصخور الأرض الصلبة منذ سنوات، وامطار السماء تروي الصخور بقطرات عشق لن يجف حتى مع كلمة النهاية، مع سرعة دقات القلب تتسارع أيام العشق تجري كومضات بالكاد تراها ولكن أبدا لن تنساها...
في المقابر الخاصة بعائلة السويسي.

جلس زيدان على ركبتيه أمام قبر أبيه اليوم ذكري وفاة أبيه مرت سنوات طوال منذ أن تركه ورحل للأبد وابدأ لم يغب عن قلبه لم تنساه عينيه، لاحت ابتسامة صغيرة راضية على شفتي زيدان يحادث أبيه مبتهجا:.

- وحشتني يا بابا وحشتني أوي، عايز اقولك خبر هيفرحك أوي لينا قربت تولد خلاص، هيبقي عندك حفيد ابسط يا عم، وماما حالتها بتتحسن أنا صحيح لسه مش قادر اصفي من ناحيتها بس هي والدتي، خالي لسه زي ما هو ما بيتغيرش و**** صدقني، تخيل لسه بيغير على ماما مني، أما لينا فعاملة زي الوردة بتفتح من أول وجديد جوا حضني، ما بقاش في مكان للحزن أو الألم، مش عايز اقولك بقي الواد حسام مسخرة، من يومين في واحد طلع يجري وراه في المستشفي عشان مراته ولدت بنت وهو كان عايز ولد وحسام يصرخ ويقوله وانا مالي...

صمت للحظات قبل أن يتنهد بحرقة دمعت عينيه يتمتم بحرقة:
- ما فيش حاجة ناقصة، ما فيش حاجة ناقصاني غيرك يا بابا، نفسي احضنك تاني ولو لمرة واحدة
- وأنا مش أبوك ولا ايه يا ابن الكلب...

توسعت عيني زيدان ينظر خلفه ليري خالد يقف خلفه يبدو أنه آتي لزيارة زيدان هو أيضا، خرجت ضحكة خفيفة من بين شفتي زيدان تحرك ينفض الغبار عن ملابسه اقترب من خالد وقف أمامه ليجذبه الأخير إلى أحضانه يربت على ظهره بخفة يردف في هدوء حاني:
- اعتقد أنك عارف وأنا مش محتاج اقولك أبدا أنك ابني وسندني ومعزتك من معزة لينا وحسام ويمكن زيادة شويتين تلاتة...

أدمعت عيني زيدان يشدد على احتضان خالد وعينيه معلقتان بقبر أبيه يشعر وكأنه يحتضنه هو، لحظات طويلة هادئة مثلجة للقلب لم يقطعها سوي صوت لينا الحانق:
- كنت عارفة و**** أنك بتحبه أكتر مني ماشي يا بابا.

التفت سريعا لمصدر ليجد لينا تقف هناك بفستانها البني بلون عينيها المنتفخ هاهي زوجته الحبيبة في شهرها التاسع حذاء رياضي أبيض مريح لقدميها، ارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيه في حين زمت هي شفتيها حانقة اقتربت من قبر أبيه تحادثه:
- شايف يا عمي، بابا بيحب ابنك أكتر مني، وابنك طول النهار في الشغل وجه على هنا وما اتصلش حتى يطمني عليه، وأنا زعلانة منه ومش هولد ومش هجيبله البيبي.

انفجر خالد في الضحك ينظر لابنته ساخرا يتمتم متهكما:
- هتخزينه جوا يعني
اشاحت بوجهها بعيدا غاضبة ليضحك خالد بخفة ربت على كتف زيدان يتمتم مبتسما:
- خد المجنونة مراتك واستنوني برة، عايز أبوك في كلمتين لوحدنا.

اقترب زيدان من لينا يمد كفه إليها لتتجاهل يده تحركت ناحية سيارة والدها التي أتت بها، ليتحرك زيدان يلحق بها جلست على الاريكة الخلفية تشيح بوجهها بعيدا عنه ليفتح الباب الآخر دلف إلى السيارة جلس جوارها يتمتم مبتسما:
- طب انتي زعلانة ليه طيب
التفتت إليه تنظر له حانقة لتصيح مغتاظة:.

- ما اتصلتش بيا ولا مرة النهاردة، والنهاردة سنوية باباك وما عرفتنيش، وأنا متغاظة منك ومش عارفة ليه، ابنك مش مبطل خبط في بطني ليل نهار
ضحك عاليا هرمونات الحمل تفعل بها الافاعيل، اقترب منها يحاوطها بذراعيه يحتضنها مسح على رأسها يتمتم مبتسما:
- طب يا ستي حقك عليا، حلو كدة.

ابتسمت في حبور هادي تريح رأسها على صدره لحظتين فقط قبل أن تشعر بألم بشع طرق فجاءة صرخت من الألم تشعر بدماء ربما تسري على قدميها ابتعد زيدان عنها مفزوعا ينظر لها يصيح مذعورا:
- مالك يا لينا
ابتعدت عنه تقبض على كفه بأظافرها تصرخ من بشاعة الألم:
- الحقني يا زيدان شكلي بولد، اااااااه.

في اللحظة التالية رأت والدها يهرول ناحية السيارة انسل زيدان من بين يديها ليقفز للمقعد الأمامي جلس والدها جوارها يحاول تهدئتها تمسكت بسترته تصرخ من الألم في حين زيدان يصارع الطريق، يحادثها بين حين وآخر فزعا:
- قربنا نوصل، قربنا
الألم لا يوصف بشع مؤلم جسدها بأكمله يحترق عظامها تتفتت، لم تنتبه أنها كانت تمسك كف والدها تغرز اظافرها فيه الا حين أن رأت قطرات الدماء تسيل من يده انهمرت دموعها تصرخ متألمة:.

- اااااه، أنا آسفة يا بابا
مد كف يده الآخر اليها يمسح على رأسها برفق يحادثها:
- آسفة على ايه يا عبيطة خدي ايديا الاتنين فداكي، بس انتي اهدي حاولي تتنفسي خلاص بصي قربنا نوصل.

في مستشفي الحياة تحديدا في الغرفة الخاصة بحسام تجلس سارة على مقعد أمامه طاولة صغيرة تستند بمرفقها على سطح الطاولة تزم شفتيها مغتاظة تنظر لكم الأوراق أمامها تبقي آخر امتحان وتنتهي من الترم الاول في سنتها الدراسية الثانية، تكاد تحترق غيظا من زوجها العزيز، رفعت وجهها عن الأوراق حين دلف حسام إلى الغرفة يمسك في يده ملف لأحدي المرضي، التي عانت من حالة إجهاض مؤخرا، رفع وجهه عن الأوراق أمامه ينظر لزوجته ابتسم في سماجة يتمتم:.

- ما بتذاكريش ليه
قلبت عينيها تتنهد بضجر القت الأوراق من يدها على سطح الطاولة تتمتم في غيظ:
- يا حسام زهقت، طب أريح شوية ولما نروح ابقي اكمل مذاكرة
ما إن انهت كلامها انفجر حسام في الضحك ينظر لها ساخرا دق بسبابته على سطح مكتبها الصغير يتمتم متهكما:.

- ااه لما نروح لاء ما بقتش باكل من الكلام دا، أول ما بنروح هقعد مع طنط لينا شوية هقعد مع عمو خالد شوية، بص يا حسام في فيلم كوري جديد هايل نزل، هروح اعمل كيكة مع طنط لينا، ابوكي يتصل عازمنا على الغدا، أو ابويا يتصل يعزم ابوكي على الغدا وفي الحالتين بتفضلي تلاعبي محمود وحسام طول الليل لحد ما تقعي نايمة زي القتيلة، أنا قدامي لسه ساعة وممكن اخليهم ساعتين تلاتة أربعة بس مش هتتحركي من هنا يا سارة قبل ما تخلصي المادة دي.

شدت على أسنانها تكور قبضتها للحظات قبل أن تبتسم في خبث تعزم على استخدام دلال الانثي داخلها علها تعلها تؤثر فيه، قامت من مكانها تسبل عينيها ببراءة شديدة اقتربت منه تلف ذراعيها حول عنقه تهمس بدلال ناعم:
- طب وعشان خاطري يا حوسو...
ارتسمت ابتسامة ناعسة ولهة على شفتيه فابتسمت داخليا ظنت أنه تأثر بها إلا أن ابتسامته اختفت سريعا فك ذراعيها من حول عنقه ابتسم في اصفرار يتمتم:.

- لاء بردوا واترزعي بقي كملي مذاكرتك...
تأففت حانقة قبل ان تلكمه في صدره بقوة من الغيظ عادت ترتمي على مقعدها تتمتم بالكثير
من الكلمات الحانقة الغاضبة تلتقط الأوراق بعنف تريد تمزيقها من غيظها في حين ابتسم حسام في هدوء كاد أن يتوجه لمقعده هو الآخر حين سمع دقات مهرولة على باب غرفته دخلت أحدي الممرضات تصيح سريعا:
- دكتور حسام بسرعة في حالة ولادة مستعجلة.

كالعادة نداء الواجب تحرك سريعا يركض لخارج المستشفي ويالدهشة حالة الوضع العاجلة كانت لشقيقته، توسعت عيني في ذهول للحظات وهو يري لينا مسطحة على سرير يهرول لغرفة العمليات خلفها تركض والدتها، اقترب خالد منه يصيح فيه:
- أنت واقف عندك كدة ليه ألحق أختك.

استعاد وعيه في تلك اللحظة ليركض ناحية غرفة التعقيم في تحرك خالد وزيدان يزرعان الممر أمام غرفة الجراحة كل منهما قلق، الدقائق تمر ببطئ رهيب، قبل أن يدوي صوت صراخ *** صغير، تصنم زيدان مكانه ينظر لباب غرفة الجراحة قلبه يتقافز داخله قفصه الصدري، هل ما سمعه صحيحا ****، **** هو، دقائق أخري من الصمت قبل أن يدوي صوت صراخ *** آخر عقد خالد جبينه ينظر لزيدان لما يبكي الطفل مرتين، أم أنهم طفلين!، لينا رفضت تماما أن تعرف ** المولود طوال فترة الحمل، أيعقل أنها كانت تحمل بتؤام، وكم يتمني ذلك، أجفل على حركة الباب وخروج لينا زوجة خاله تحمل طفلين كل منهما على أحد ذراعيها، الدهشة الجمت خالد وزيدان معا، ينظران للينا والطفلين في ذهول، خرجت ضحكات يحادث شخص ليس موجود معهم من الأساس:.

- طب كنت عارف منين بقي أنهم هيجيبوا تؤام يا عم زيدان
نظر زيدان لخاله يحرك رأسه بالنفي هو حقا لم يكن يعرف وخالد لم يكن يقصده هو، تحرك زيدان ناحية والدته يحمل الصغير الملتف في لفافة وردية اللون يقبل قمة رأسها رفع وجهه ينظر للينا حين قالت مبتسمة:
- اللي في ايدك دي بنوتة، ودا ولد، لينا جابت بنت وولد
أدمعت عيني زيدان يحمل **** الآخر على ذراعه ابتسامة كبيرة تأكل وجهه قبل جبين الفتي يهمس له بإذنه:
- ياسين.

وبالمثل قبل جبين الفتاة يهمس لها:
- وانتي وتين قلبي
ما كاد يحمل طفليه لدقيقة التقطهما خالد منه بهدوء تام نظر ناحية زوجته يحادثها مبتسما:
- تعالي نروح أوضة لينا يلا
نظر لزيدان ابتسم يتمتم ساخرا قبل أن يغادر:
- نفض لنفسك يا حبيب خالك
توسعت عيني زيدان في ذهول خاله أخذ أطفاله من بين يديه ورحل هكذا...

في غرفة لينا السويسي.

فتحت عينيها تتأوه من الألم، الذي خف لحد كبير بفعل المسكنات التي حقنها بها حسام بعد الوضع، التفتت برأسها تبحث عن طفليها في لحظة دخول والدتها الغرفة وخلفها والدها الذي يحمل الطفلين، ابتسمت بشحوب تحاول الاعتدال لتقترب لينا منها تسعادها برفق إلى أن جلست شبه منتصفة مدت يديها لوالدها تأخذ الطفلين تضمهما لصدرها برفق أدمعت عينيها تنظر لهما، قبل أن تتحرك بمقلتيها تبحث عنه أين زوجها، كادت أن تسأل عنه حين رأته يدخل من باب الغرفة اقترب من فراشها جلس جوارها يقبل جبينها تنهد يهمس بارتياح:.

- الحمد ***، الحمد *** أنك بخير، الواد حسام طمني وقالي أنك زي الفل
ابتسمت في شحوب تريح رأسها على صدره الآن فقط عملت لما تأخر في حين ابتسم خالد يتمتم ساخرا:
- أكياس جوافة قاعدين قدام اهاليكوا أنا مش فاهم أنا كنت فين وانتوا بتتربوا...
ضحك الجميع التقط زيدان الصغيرة من بين يدي لينا نظر للصبي على قدميها وللصغيرة على يديه يتمتم مبتسما:
- ياسين، ووتين.

أعجبت لينا زوجة خالد بالأسماء كثيرا في حين نظر خالد لهما باشمئزاز يتمتم حانقا:
- ايوة وما تسميهوش خالد ليه يعني يا ولاد الكلب
وللمرة الثانية تمتلئ الغرفة بالضحكات في حين اقتربت لينا من زوجها تردف ضاحكة:
- يا حبيبي ما زيدان اسمه خالد اصلا، فيسمي خالد بردوا، يبقي خالد خالد زيدان الحديدي، ياسين اسم جميل جداا.

ابتسم خالد في هدوء هو كان يمزح والجميع يعلم اقترب يأخذ حفيديه بين ذراعيه يقبل جبين كل منهم يتمتم مبتسما:
- مش هيفتحوا عينيهم بقي، عايز اعرف حد خد لون عينيا ولا لاء
في تلك اللحظات فتحت الصغيرة عينيها الزرقاء الواسعة الشبيهة لعيني والدها تنظر لخالد قبل أن تنفجر في البكاء، أخذته لينا زوجته منه سريعا تهدهدها ليغمغم هو ساخطا:.

- ماشي يا وتين يعني مش كفاية واخدة عينين ابوكي لاء وكمان بتعيطي لما تشوفيني ولا شوكولاتية يا جزمة، هو حبيب قلب جدو دا اللي هيطلع زيي
استيقظت الصغير على صوت بكاء صغيرته فتح مقلتيه ينظر لجده بعينيه الزرقاء هو الآخر ليغض خالد شفتيه غيظا يتمتم حانقا:
- حتى أنت يا ياسين، أنت ايه طابعهم بالكبرونة
في وسط الضحكات دق حسام الباب بشكل مرح متواصل دخل إلى الغرفة مبتهجا يتمتم سعيدا:.

- فين أم العيال، حبايب خالو، ما رضتش اخش بايدي فاضية جايبها بخمسة وتسعين جنية
القي حسام علبة من الحفضات لحديثي الولادة
ناحية زيدان، اقتربت سارة من لينا تعانقها تبارك لها، في حين صاح حسام معترضا:
- بما إني الدكتور اللي ولدت الهانم وخرمت ودني بصويتها وخال العيال في الوقت ذاته، فأنا من حقي أنك تسمي الولد على اسمي...
اعطي خالد الصغير لزيدان ليقترب من ولده امسك بتلابيب ملابسه يصيح مستهجنا:.

- أنت اي واحدة بتولدها بتسمي ابنها على اسمك، هنصحي بكرة الصبح نلاقي البلد كلها حسام، **** يخربيتك.

بعد مرور أسبوع في فيلا خالد السويسي
في الصالة الكبيرة طاولة طويلة يصتف على سطحها أنواع مختلفة من الطعام والحلوي وخصوصا تلك الحلوي الخاصة بسبوع المولود، المكان يكتز بالداخل السيارات تملئ الحديقة خارجا.

سارة تجلس جوار والدتها تحمل أحد اشقائها في حين تحمل والدتها الآخر سهيلة تجلس جوارهم تحمل أحمد الصغير على قدميها، وبدور ومعها سيلا، أما خالد الصغير يركض بين الجموع في حلة الطيار الجديدة التي اشتراها حمزة له بالأمس، أمام السيدات على الطاولة مجلة شهيرة على سطح غلافها صورة عثمان ومعه سارين وهما يحملان كأس فوزه ببطولة العالم لهذه السنة وبالخط العريض كُتب أسفل الصورة.

« الصياد العاشق يحتقل بصحبة زوجته بفوزه في بطولة العالم للفروسية، في أحدي المنتجعات السياحية في لبنان ».

توقفت سيارة أدهم بالخارج لينزل أدهم ومن جواره مراد الذي يحمل ملك الصغيرة بين ذراعيه في حين تحمل حورية ملاك ابنتها صاحبة الثلاثة أسابيع لينا وضعت حملها في نهاية شهرها التاسع أما روحية ففي بدايته، أمسك مراد بيد روحية يبتسم لها سعيدا ينظر لابنته الصغيرة، نزلت منيرة ومايا، بسطت مايا يدها على بطنها المسطح، لا تزال في بداية شهرها الثاني، منيرة جدعة أدهم كادت تطير من الفرح حين علمت بحملها...

تحركوا جميعا للداخل الاحاديث الضحكات تأتي من هنا وهناك، اقترب أدهم من حمزة يعانقه ليلتفت له الاخير يصيح مرحبا:
- اهلا اهلا بحابيب بابا، دا ايه المفاجأة القمر دي
ضحك أدهم يربت بيده على بطن مايا برفق يغمغم مبتهجا:
- ولسه في مفاجأة أحلي هتبقي جدو يا زوز مايا حامل في شهرين
انفرجت قسمات وجه حمزة فرحا أسرع يعانق ابنته أدمعت عينيه يبكي ويضحك من سعادته يصيح فرحا:.

- مبروك يا حبايبي ألف مبروك، ايوة كدة دي الأخبار اللي تفتح النفس...
الخادمات تتحرك هنا وهناك نزل زيدان تمسك بيده لينا تتهادي بصحبة لينا كل منهما يحمل أحد الصغيرين، الجميع حاضر تقريبا عادا خالد ولينا...

في غرفة المكتب جلس خالد على أحد الارائك ينفحص غلاف الصور الخاص بهم تروي شفتيه ابتسامة واسعة، ينظر لصورة لينا ابنته وهي **** صغيرة، والآن ها هي تقف خارجا تحمل صغيرتها، كم مرت سنوات العمر سريعا دون أن يشعر أخيرا، السعادة للجميع، اجفل على صوت لينا تحادثه بتلهف:
- خالد أنت قاعد هنا يلا عايزين يبدأوا السبوع.

رفع وجهه ينظر لزوجته لتتوسع ابتسامته يحرك رأسه بالإيجاب الآن فقط عرف كيف مر الدهر دون أن يشعر، فالسنوات في عينيها تمر لحظات، أسير هو منذ الطفولة إلى الكهولة، أسير عينيها، قيدته قديما والآن بلعنة عشقها فأصبح أمام الجميع عاشق مجنون، وكل من ينظر إلى أفعاله لا يقول سوي أن ما يفعله هو جنون عاشق، كانت لقلبه الخائف المتعب دواء وترياق، فكان عشقها ترياق، سقط مكبلا في قيودها هو من لف بيديه قيود عشقهما معا حول قلبها وروحه ليجمعهما معا قيود خاصة، فللعشق قيوده الخاصة، في حكايتهم يوجد بداية وابدأ لن توضع كلمة النهاية، فالعشق لا يموت بل يتجد مع كل نفس همسة دقة قلب، للعشق قوانين لا يعرفها سوي من وضعها ولم يضعها سوي مجنون الجميلة...

تحرك يشبك أصابعه بأصابعها رفع كفها يلثمه بقبلة حانية شغوفة طويلة، تحركا للخارج، يلتف الجميع حول تلك السيدة التي تدق الهون تحادث الصغيرين ليصيح خالد في وسط حديثهم:
- اسمعوا كلام جدو خالد يا واد انت وهي
لتصيح لينا معترضة هي الأخري:
- يا سلام واشمعنا أنا واسمعوا كلام تيتا.

تعالت ضحكات الجميع، بعد انتهاء فقرات السبوع وقف خالد يحمل ابنة ابنته يداعبها بوجهه حين اقترب منه خالد الصغير ابن بدور يشد سرواله يحادثه:
- جدو عايز اشيلها.

اشار خالد إليه إلى أقرب يخبره بأن يذهب ويجلس هناك، هرول الصغير سريعا ليقترب خالد منه يضع الصغيرة بحذر بين ذراعيه، توسعت عيني الصغير ينظر لتلك الصغيرة صاحبة الأعين الزرقاء الواسعة، يتسمك بها بحذر خوفا من أن تسقط، رفع رأسه يصيح بجملة عالية جعلت الجميع ينظر إليه:
- هو أنا ينفع لما أكبر اتجوزها
لحظات من الصمت المطبق قبل أن تتعالي صيحات الجميع بجملة واحدة:
- تاااااني.

تعالت ضحكاتهم جميعا ليقترب زيدان يأخذ ابنته من بين ذراعي الصغير يتمتم حانقا:
- هات ياض بنتي ياض خلاص شبطناها الحكاية دي، أنت يا ست لوليا، تعالي شوفي بنتك بتتجوز..
تحرك زيدان بعيدا يتحدث ساحظا يخفي ابنته بين أحضانها ينظر للصغير شرزا، في حين اقتربت لينا زوجة خالد منه تمسك بكفه تغمغم ضاحكة:
- تاني يا خالد، تاني
ضحك هو الآخر يلف ذراعه حول خصرها يقربها منه ابتسم في توسع يغمغم:
- وعاشر كمان...

قربها أكثر من صدره يهمس لها جوار اذنيها بعشق جارف:
- أهيم بكِ عشقا لم تكتب عنه الروايات!

------------------

كلمتين بقي بعد ما الرواية خلصت
انا تقريبا بكتب الرواية دي من تلت سنين بأجزائها المختلفة ... من بداية سرد ضعيف جداا ... لسرد الحمد *** تطور ولسه هيتطور اكتر ... رغم كل المشاكل وكل الانتقادات وكل الكلام المحبط السئ المؤذي نفسيا إلا أني راضية جداا عن الجزء الأخير بالذات عشان حاولت علي قد ما اقدر اعيشكوا فيه بكل تفاصيله ... شوفت أسئلة عن غيث وصبا ما ينفعش يا جماعة عشان انهي الرواية نهاية سعيدة اجوز عيلة عندها 15 سنة لا يجوز
جاسر ومراد بردوا جاسر محتاج سنين عشان يسامح مراد مش يوم وليلة
سارة وحسام ليه ما خلفوش مش لازم الكل يخلف فئ النهاية ... احنا حطينا لقطات علي حياة كل واحد فيهم.
تمت
نهاية الرواية
أرجوا أن تكون نالت إعجابكم

رواية أسير عينيها للكاتبة دينا جمال
 
C

cherifsalem

عنتيل زائر
غير متصل
جميله جدا
 

الميلفاوية الذين يشاهدون هذا الموضوع

مواضيع متشابهه المنتدى التاريخ
ا قصص غير جنسية 1 257
ا قصص غير جنسية 1 402
ا قصص غير جنسية 1 322
ا قصص غير جنسية 1 369
ا قصص غير جنسية 1 425
ا قصص غير جنسية 1 377
ا قصص غير جنسية 0 238
ا قصص غير جنسية 0 517
ا قصص غير جنسية 2 353
ا قصص غير جنسية 0 390

مواضيع متشابهه

أعلى أسفل